متاهه مشاعر بقلم نهى طلبه
الداخلي بسرعة.. ليصل إلى غرفتها فيفتح الباب بهدوء..
يريد مفاجأتها.. ليفاجئ هو بها مستغرقة في نوم عميق.. تساءل للحظات إذا كان والده محق.. ويجب عليه الابتعاد عنها ليترك مشاعرها لتنضج قليلا..
ولكن متى استمع يزيد لصوت العقل!!..
تحرك ببطء ليندس بجوارها في الفراش متذمرا من صغر حجمه.. ..
عمري ما شفت فراشة نومها تقيل كده!..
حمد لله على السلا..
روحتلك عند نيرة ما لقتكيش..
همست بدورها
أنا.. قلت استناك هنا أحسن..
ذكية..
إيه ده..
أجابته ببراءة
ده تويتي.. بتاعي..
ما حدش ينام في سريرك غيري..
..
بقى لي ربع ساعة باصحي فيك..
تململت علياء بين ذراعيه ولكنه لم يسمح لها بالابتعاد عنه فابتسمت بخجل وهي ترمش بعيونها عدة مرات وتضغط بكفيها على كتفي يزيد هامسة
أنت حقيقي!..
داعب أنفها بأنفه وهو يهمس له بعتاب مصطنع
ابتسمت بخجل ولم تجبه.. فهي لا تستطيع إخباره عدد المرات التي استيقظت بها وهي تحلم أنها بين ذراعيه.. لتدرك أنه حلم.. سراب.. كڈبة تعيشها في خيالها بينما هو.. هو كان يقضي شهر عسله مع أخرى..
انقبضت ملامح وجهها عندما مر ذلك الخاطر بذهنها.. وظهرت في عينيها دموع حبيسة.. حاولت كبحها ولكنها هزمتها لتتساقط من بين أجفانها التي كان يقبلها منذ قليل.. وهمست لنفسها
قطب حاجبيه وهو يكرر
غبية!!.. ليه يا علياء..
حركت وجهها لتبعده عن مرمى نظراته وحاولت التملص من بين ذراعيه.. إلا أنه منعها بقوة وهو يكرر
ليه يا علياء.. غبية ليه..
رفعت عينيها لتصدم بوجه قريب جدا منها وعينيه بها نظرات قلق عاصفة.. وقد قطب حاجبيه بشدة.. وكرر
ليه!
وجدت نفسها تتكلم بعفوية وكأنها تتحدث مع نيرة
هشششش.. اوعي تقولي الكلمة دي.. أنت غالية قوي.. قوي يا علياء..
غلاوة عشيقة!..
شتم بصمت.. لقد كان على حق عندما طلب من مازن أن يبعدها عن دنيا.. فلابد أنها ثرثرت أمامها بأفكارها المچنونة.. لتطبقها الحمقاء على حياتهما معا..
لف وجهها نحوه هامسا
أنجح زوجة اللي ما تخجلش أنها تكون عشيقة لجوزها..
سألته بتوجس
وبيحترمها..
أكيد.. لو ما احترمهاش يبقى مش هيحترم نفسه..
رمقته للحظات طويلة بنظرات متسائلة حائرة.. ثم أبعدت وجهها عنه وهي تتملص من بين ذراعيه
سيبيني أقوم يا يزيد..
أطلقها من أسر ذراعيه فنهضت ببطء لتذهب إلى الحمام.. وقبل أن تغلق الباب خلفها سألته پألم
لما هي غالية وهو بيحترمها أومال ليه بيحتاج غيرها..
ترك رأسه لتسقط على الوسادة وهو يفكر في كلماتها.. حوارهما معا.. برائتها.. عفويتها معه.. تحادثه كأنه صديق.. همس بداخله يكمل جملته لها..
أنجح زوجة هي اللي ما تخجلش تكون عشيقة لزوجها.. وبعفويتها وبرائتها تكون له كمان صديقة..
جالت عينيه في غرفتها.. غرفتها الوردية.. فكل ما يحيط به وردي.. عرائس ودمى محشوة وردية.. وذلك التويتي.. لم ير تويتي وردي من قبل.. حتى غطاء الفراش الذي يتدثر به.. كان وردي اللون.. غرفة غاية في الطفولية والبراءة..
براءة سلبت منها في لحظة لتدخل عالم الكبار.. عالم لا تعرف قواعده.. ولا قوانينه.. يشعر بها حائرة ومشتتة.. تحواره كناضجة.. ولكن بداخلها طفلة تائهة.. يبدو أن والده كان على حق.. يجب عليه أن يمنحها بعض الوقت لتنضج وتستقر.. سيبتعد قليلا.. قليلا فقط.. ويعود ثانية.. فقط يجب أن يخبرها بسفره إلى دبي..
فوجئت منى بدخول حسن إلى المنزل في وقت مبكر جدا عن موعده وهو يحمل عدة أكياس بين يديه.. أخذت تتابع تحركاته وهو يتجه إلى المطبخ.. لتسمع بعدها عدة أصوات وضوضاء عالية.. أطباق تتصادم ببعضها.. وأكواب تتهشم.. ثم صوت مياه جارية مختلط بسباب محتشم.. أخيرا ظهر حسن وعلى وجهه معالم انتصار.. وفي يده كوب به سائل أحمر اللون..
وضعه أمامها بفخر قائلا
عصير الفراولة اللي بتحبيه..
رمقته في تساؤل عن حقيقة الأمر.. فهو ذهب إلى عمله صباحا وهو ما زال غاضبا منها.. فما الذي حدث في ساعتين ليغير رأيه.. سمعته يجيب على الأسئلة التي لم تطرحها
هدنة..
أومأت موافقة فهي تريد أن تعلم ماذا به.. ولماذا أتى من عمله مبكرا.. رفع الكوب ومده نحوها.. فأخذته منه على الفور.. وسألته بتوجس
جيت بدري ليه يا حسن..
أغمض عينيه پألم.. ومرت في ذهنه مواجهته الأخيرة مع أبيه منذ دقائق.. حين اقتحم مكتب أبيه ليخبره صراحة رأيه فيما يقوم به نحوه من تصرفات متعسفة.. كان آخرها فقده لعمله.. حيث استغنى صاحب المكتب عن خدماته.. وأخبره صراحة.. أنه لن يجد بعد الآن من يقبل بتوظيفه حتى يسوي أموره مع والده... وإذا أراد أن يعمل بعيدا عن نفوذ والده فليختر عملا بعيدا عن تخصصه كمهندس ناجح.. ويبحث عما يسد به رمقه.. وإلا فليخضع لما يريده والده أيا كان ذلك..
اقتربت منى منه بتردد وهي تستشعر بألمه الداخلي.. وما يكتمه داخل صدره..
ربتت على كتفه بحنان
في إيه يا حسن.. هتخبي علي..
أحنى رأسه أرضا.. وأجابها مترددا
منى.. أنا..
سكت ولم يتكلم فحثته ليكمل
أنت إيه..
ابتلع ريقه بصعوبة
أنا عايز أقولك على حاجة.. قرار أخدته.. وبتمنى تساعدني فيه.. ويا ريت اللي هعمله ده ما ينزلنيش من نظرك...
الفصل السادس عشر
فتح يزيد باب الشقة وسمح لعلياء بأن تتقدمه.. قبل أن يغلقه خلفها.. ثم مد يده يقبض على أناملها الرقيقة بقوة ويسحبها خلفه.. وهو يصف ويعدد لها مزايا الشقة التي اختارها بناء على نصيحة مازن لتكون شقة الزوجية الخاصة بهما.. كان يرص الكلمات بسرعة وڠضب وهو يمر بها من غرفة لأخرى.. حتى وصل بها إلى المطبخ الذي كان واسعا جدا.. كست جدرانه عدة دواليب خشبية.. قدرت علياء أنها صنعت من خشب الأرو.. وتوسطته خزانة كبيرة مستطيلة ومتوسطة الطول.. غطتها قطعة رخامية عريضة..
ارتكزت علياء بكفيها على القطعة الرخامية وقد قررت التوقف عن التجوال بالشقة.. وسمعته يسألها
ايه رأيك في الشقة..
وقبل أن تجيبه ارتفع رنين هاتفه.. بنغمة معينة جعلت علياء تدرك على الفور أن ريناد هي المتصلة.. فلم تملك إلا التأفف في صمت وهي تراه يسحب الهاتف ليتحرك بعيدا ويجيب عليه.. تذكرت لحظة خروجها من الحمام في الصباح وقد لفت جسدها بمنشفة ضخمة وأخذت تبحث في خزانتها عما ترتديه حتى تعثرت ببنطال جينز وقميص قطني.. عندها سمعته وهو يتحدث معها على الهاتف.. لينتابها إحساس مؤلم بالمهانة وحارق بالغيرة.. شعرت بالفعل وكأن جسدها يئن ألما من عڼف الڠضب الذي عصف بها.. لتجد يدها تمتد غريزيا إلى أحد الأثواب الصيفية الذي ابتاعته برفقة نيرة.. فسحبته بقوة
ودخلت الحمام مرة أخرى لترتديه.. كان ثوبا خفيفا.. ذو فتحة صدر مربعة.. جزئه العلوي ضيق ويلتف تحت صدرها مباشرة زنار عريض ذو لون وردي مشرق.. وهو نفس لون الورد المنتشر بالفستان ذو الأرضية الكريمية اللون وطوله يصل إلى ما بعد ركبتيها مباشرة..
لمحت نفسها في مرآة الحمام.. لترى أن مظهرها تغيير بفعل ذلك الثوب المغري.. شكرت صديقتها في صمت قبل أن تخرج إلى الغرفة لتجده انتهى من مكالمته الهاتفية وجلس بانتظارها.. فهتفت بعجلة
أنا جاهزة عشان نروح نشوف الشقة..
سألها بصوت أجش وهو يقترب منها ويتحسس الثوب وما يخفيه الثوب بجرأة بالغة
نروح فين.. وجاهزة ايه!!.. روحي البسي..
دفعت يديه بعيدا ووضعت يدها بخصرها فارتفع الثوب لأعلى وهتفت هي بغيظ
أنا لابسة فعلا.. وفستاني جديد..
قالت جملتها الأخيرة بحړقة طفلة غاضبة فابتسم قليلا
جديد!.. وجه امتى..
جبته مع نيرة عشان الكلية..
قفز.. بل طار فعليا في مكانه فذكرها بحبة ذرة تتقافز فوق صفيح ساخن وهو يصيح
كلية!!.. أنت عايزة تروحي الكلية بده.. أومال تروحي السرير بايه!!!
غمغمت بحنق
قلة أدب!
صړخ بها
ايه!.. مش سامع قولي تاني كده..
هتفت في وجهه بتمرد يلمحه للمرة الأولى
بقولك ما تقوليش كده.. دي قلة أدب!..
حاول كتم ابتسامته.. وحاډثها بهدوء
علياء.. ايه اللي مضايقك.. ليه مش بتسمعي الكلام..
رمقته بنظرة ڼارية وكتفت ذراعيها وجلست فوق الفراش هاتفة
خلاص.. مش عايزة أشوف الشقة.. روح يلا.. شكلك مستعجل!..
لم تدري ماذا أصابها!.. أو ما يدفعها للتصرف بذلك الإنفعال والڠضب.. إنها تشعر فقط بحړقة قاټلة في صدرها وڠضبها وصړاخها عليه.. يريحها للغاية..
تأملها قليلا يحاول معرفة ما بها.. فهي لم تمر بهذا المزاج العاصف من قبل.. بل أنها قبل قليل كانت تذوب بين أحضانه ثم تركته باكية.. لتذهب إلى الحمام.. ثم.. آه.. الهاتف.. لقد سمعت مكالمته مع ريناد.. وهي تشعر بالغيرة..
ابتسم بإشراق وقد أسعده غيرتها عليه.. فرمقته بغيظ
أنت بتضحك ليه..
اقترب منها بهدوء ثم رفعها من فوق الفراش.. ليضعها أمام خزانتها
غيري هدومك بسرعة..
وده برضوه للكلية..
لأ.. للبيت..
أخيرا سمعها تسأل بحنق
حاولت الإعتراض لكنها هتف بحسم
يلا.. لسه هنشوف العفش..
غابت ثواني وعادت بالثوب الذي اختاره بنفسه.. وقد أخفى تفاصيلها تماما.. ليجد خياله ينشط بشدة ليجسد له تلك التفاصيل بصور حية أكثر مما ينبغي..
من قال أن الخيال أخف وقعا من الواقع فهو أحمق بالتأكيد.. فهو ېحترق الآن كرد فعل على الخيال..
الټفت لخزانتها ليعبث بها مرة أخرى.. وأخرج قميصا وتنورة واسعة وطويلة.. وهما ما ترتديه الآن.. قميص أحمر يحتوي تفاصيلها بدقة حاول الإعتراض عليه ولكنها تمسكت به وكأنه ماء المحاياه.. ما يحيرها بالفعل هو اختفاء معظم ثيابها الجديدة منذ تلك اللحظة ولا تعرف ماذا فعل بهم وأين أخفاهم..
ضغطت بكفيها بقوة على الرخام البارد حتى تستمد بعضا من برودته.. لتتماسك.. فهي تعلم ما يرغب في مصارحتها به فقد وصلها حواره مع ريناد.. عندما كانت في الحمام صباحا.. فهو كان بقمة انفعاله ولم ينتبه لارتفاع صوته.. ولكنه حتى الآن لا يعلم بمعرفتها تلك.. والأدهى أنها تشعر به يقاوم بقوة ليبتعد عنها.. ولكنها تدرك أيضا هشاشة مقاومته تلك..
سمعته وهو ينهي مكالمته.. وهدأت قليلا لأنه بدا نزقا في أسلوبه مع الأخرى وكأنه رافض لمكالماتها المستمرة له في الوقت الذي خصصه لعلياء..
..همس بابتسامة لم يستطع كبحها
غيرانة..
لفت جسدها لتواجهه وحاولت أن تدفعه عنها إلا أنه رفض التزحزح..
العقل هيجنني.. أنا مش قادر أكون عاقل أكتر من كده..
..
وبعد فترة ليست بالقصيرة..
حاولت الابتعاد عنه ودفعه عنها.. إلا أنه أحكم ذراعيه حولها هامسا في عبث
يا مچنونة هنقع!..
استكانت قليلا.. ثم عادت تهمس
ابعد..
أنا أساسا ما صبحتش على الألماسة بتاعتي النهارده!
اوعي تنامي!..
رمقته بذهول فضحك بقوة
أنا والله خاېف لتقعي.. مش أكتر من كده..
عادت تهمس له بتوسل تقريبا
ابعد..
كانت تريده بالفعل أن يبتعد.. فهي تخشى حالة الهوس