متاهه مشاعر بقلم نهى طلبه
يزيد من فراشه وهو يهتف
إيه!.. علياء عندك.. خليها تكلمني!
عندي فين يا عريس!!.. بقولك روحوا خلاص.. هيعدوا على دنيا في الأتيليه..
وقبل أن يكمل مازن جملته سمع صړاخ يزيد
دنيا!!.. دنيا دنيا!..
أنت اټجننت يا يزيد.. هو إيه اللي دنيا دنيا!
هتف يزيد پغضب
مازن.. ابعد علياء عن دنيا.. أنا مش فاهم أنت موافق ازاي أن نيرة تتقرب منها!
ما تتدخلش يا يزيد..
صړخ يزيد پغضب حارق
ما اتدخلش ازاي!.. بص أنت حر.. أنا ما يهمنيش غير علياء.. ابعدها عن دنيا.. وأنت حر مع خطيبتك..
أجابه مازن پغضب مماثل حاول التحكم فيه
ويا ترى العروسة سمعاك وأنت بتصرخ وبتقول أنه ما يهمكش غير عليا..
أجابه يزيد بنفس رده السابق
ما تدخلش يا مازن..
ماشي يا يزيد.. كنت محتاج حاجة تانية..
طيب هي شافت الشقة اللي أنت قلت لي عليها..
لأ..
زفر يزيد پغضب
ليه.. أنا مش فاهم إيه نوبة التمرد اللي جات لها دي.. أكيد كله من نيرة.. ما هي أصلها عايشة في دور حماتي!..
أنت غبي يا يزيد.. ليه بتسميه تمرد.. ببساطة هي عايزة تشوف الشقة معاك.. أظن ده حقها..
صمت يزيد للحظات ثم سأله بصوت هامس
وهي أخبارها إيه.. وحالتها.. نفسيتها عاملة إيه.. بټعيط ولا..
حيلك.. حيلك.. وأنا هعرف ده كله ازاي.. أنا بس عرفت موضوع الشقة من نيرة..
ماشي يا مازن.. بس أرجوك تاني أبعدها عن دنيا.. أنا مش ناقص تلعب في دماغها..
حاضر يا يزيد.. هحاول..
أغلق الخط مع يزيد وهو يفكر في قلقه من علاقة علياء بدنيا.. يدرك قلق يزيد من تلك العلاقة.. فدنيا بطبيعتها الودودة والمنفتحة قد تقص على علياء قصتها.. وذلك لن يكون في مصلحة يزيد على الاطلاق...
أنت يا منى مش حاسة أنا بټعذب وبتبهدل قد إيه.. وجاية تقترحي علي حل تعجيزي..
أنا يا حسن مش حاسة بيك!!.. ده اللي أنت شايفه.. اللي أنت حاسه
زفر بحنق
يا منى.. افهميني.. أنا ضهري بيتحني على لوحة الرسم 18 ساعة في اليوم.. وفي الآخر حتى مش اسمي اللي بيظهر على التصميم.. ده غير التصليحات اللي بعملها لباقي المهندسين في المكتب.. ونزولي المواقع.. وبعد ده كله صاحب المكتب بيرمي لي الفلوس كأنه بيعطيني حسنة..
وأنا مقدرة ده كله..
قاطعها قائلا پغضب
عارف أن الفلوس قليلة وأنه ناقصك كتير.. وعارف أني مقصر.. كفاية أني مش قادر أعملك بيت ليكي لوحدك.. يكون بتاعك.. بس أنا حاسس أني باحرت في بحر.. شغل ليل ونهار من غير فايدة.. بس اعمل ايه.. قولي الحل..
حاولت مقاطعته لكنه أكمل پغضب حاد
والحل مش السكن في أوضة فوق سطوح.. ده حل ما ينفعنيش.. وما تقوليش أني مرفه أو بدور على الحاجة السهلة.. لأني لو كنت كده كنت قبلت..
قطع كلماته فجأة وعاد ينفث أنفاسا غاضبة.. مما جعل منى تسأله بوجل
كنت قبلت إيه يا حسن.. أنت مخبي عني حاجة..
أشاح بوجهه عنها
ما فيش يا منى.. أنا اتأخرت ولازم أنزل الشغل..
هتفت به
حسن ما تهربش مني..
أنا ما بهربش.. بس اتأخرت.. الساعتين اللي ضيعتهم على حاجة مالهاش لازمة.. هعوضهم أربع ساعات في المكتب..
صړخت پغضب وصوتها يرتفع للمرة الأولى
لا مش هتنزل.. مش هتنزل إلا لما أعرف.. أنت مخبي عني إيه..
رد بحزم غاضب
صوتك عالي يا منى..
أيوه يا حسن.. لازم يعلى علشان تسمعني..
ارتفعت نبرة صوته قليلا
سامع.. وعارف وفاهم.. وبطحن في الصخر عشان أوفرلك..
قاطعته غاضبة
ما تقولش أوفرلك.. زي ما أكون باتعمد اطلب منك طلبات فوق طاقتك.. أنت اللي..
سكتت وأمسكت لسانها.. فقد أوشكت على اتهامه بانعدام المسئولية.. والدلال.. لكنه فهم ما كانت تنوي قوله..
فرمقها غاضبا
كان دوره ليسكت.. هو الآخر.. فهو كان على وشك إھانتها وإهانة المكان الذي يقيم به والدها.. ومن الألم البادي في عينيها.. أدرك أنها فهمت ما لم يقله.. فهمس معتذرا وهو يمد يده لها بتوسل
منى..
لكنها نفضت يده بعيدا وهي تخبره بجمود
أنت اتأخرت على شغلك يا حسن..
عاد يهمس
خلينا نتفاهم..
أجابت وهي على نفس جمودها
مع السلامة يا حسن..
تركها وخرج بسرعة ولأول مرة يتجاهل معانقتها قبل خروجه.. ابتسمت بحزن وهي تعود لواقعها.. فحسن مازال على عناده وغضبه ورفضه للخضوع للواقع نهائيا.. وهي.. رغم ذلك الهاجس الذي بدأ يراودها بأنه بدأ يمل.. ييأس.. يتسرب من بين يديها.. إلا أنها قررت ألا تبادر بمراضته تلك المرة.. ليس قبل أن يختار على أرض الواقع ماذا يريد بالفعل..
وصل يزيد ومعه ريناد إلى فيلا والدته التي استقبلته بشوق كبير.. وعتاب أكبر وهي تهمس له
ضحكت علي يا يزيد.. استغفلت أمك..
قاطعها يزيد بتوسل
ماما.. أرجوك.. مش وقته الكلام ده..
ربتت على كتفه
ماشي يا حبيبي.. هنأجل الكلام..
ثم عانقت ريناد وهي تسألها بمودة عن رأيها في مدريد.. وماذا رأت هناك.. وانخرطتا معا في حديث هامس سبب قلق متصاعد ليزيد وقبل أن يستفهم عما تتحدثا بشأنه.. دخل والده إلى الغرفة ورحب بريناد بجفاف.. والټفت إلى يزيد
عايزك في المكتب يا يزيد..
ثم خرج بسرعة مثلما دخل فلم يجد يزيد بدا من الذهاب خلفه.. بينما همست سهام لريناد
ما تقلقيش.. أنا أقنعت عصام.. وهو هيكلم يزيد.. وأول ما تبعدوا.. أنا هنفذ اللي اتفقنا عليه.. المهم هو كويس معاك
اومأت ريناد موافقة
أيوه.. هو كويس..
وأكملت بداخلها.. بس هو مش معاي..
دخل يزيد خلف والده إلى مكتبه.. ليفاجئه بسؤال سريع وصريح
أنت بتروح عند عليا المزرعة..
رد يزيد بصراحة
أيوه..
ليه..
رفع يزيد أحد حاجبيه ولم يجب بشيء.. خبط والده على المكتب بقوة وهتف به
ومش مكسوف من نفسك يا أخي.. يعني أنت اتجوزتها عشان كده.. عشان..
قاطعه يزيد بسرعة
علياء مراتي.. وما فيش حاجة تخليني اتكسف.. وجوازي بيها معلن.. وشقتها موجودة.. لسه بس تيجي تشوفها..
سأله والده
ومراتك..
ما أنا لسه بقول أنها مراتي.. هو أنا أنكرت..
رمقه أبوه بنظرة غامضة.. فاستدرك يزيد
آه حضرتك تقصد.. ريناد.. أنا فهمتها أن جوازي من علياء حقيقي ومستمر.. وتقريبا الوضع استقر..
لا طبعا.. الوضع مش مستقر ولا هيستقر.. بص يا بني.. عليا مراتك آه.. ومش هينفع يكون في تراجع.. بس البنت لسه صغيرة.. ومشاعرها بتغلبها.. ومش بتحكم عقلها.. ظهورك المستمر قدامها ووجودك جنبها.. والأكتر من كده معاملتك لها كزوجة.. مش في مصلحتها.. ولا مصلحتك.. ده غير أنك عقدت الوضع بإصرارك على جوازك من بنت خالتك.. وما فيش حد هيقدر يبني بيتين مع بعض وفي نفس الوقت..
يعني إيه يا بابا.. مش فاهم..
ابعد عن عليا.. سيب لها وقت تكبر فيه ومشاعرها تنضج.. وأنت ركز مع ريناد طالما تممت الجوازة..
هتف يزيد پغضب
أنا مش هطلق علياء.
وأنا ما قولتش تطلقها.. أنا بقول تبعد.. وتعطوا نفسكوا فرصة.. أنتوا التلاتة.. لأن الوضع كده استحالة يستقيم.. شوف.. أنا هفتح فرع جديد للشركة في دبي.. وبعد تفكير.. قررت أنك تسافر تباشر تأسيس الفرع من البداية..
أيوه يا بابا.. بس..
ما فيش بس.. ده حل كويس.. مؤقت على الأقل.. البنت وراها كلية لازم تشوف مستقبلها.. وأنت عندك زوجة ظلمتها في طريقك.. وده أفضل حل قدرت أتوصل له...
حاول يزيد مناقشة والده
أنا مش همنعها من كليتها.. وهعطيها كل الوقت اللي محتاجاه.. و..
قاطعه والده
أنت روحت لها المزرعة كام مرة بعد كتب كتابكوا..
احتقن وجه يزيد وأخفض عينيه حرجا.. فأكمل والده
ده قصدي.. أنت مش سايب لها فرصة أنها تتحكم في مشاعرها وتفكر في حياتها.. وأنت كمان محتاج أنك تهتم بريناد أكتر.. مش لازم تكرر مآساة قديمة..
رفع يزيد عينيه لوالده.. فتبادلا نظرات متفهمة لثوان.. أجاب يزيد بعدها
هفكر يا بابا.. أوعدك هفكر كويس.. عن إذنك...
أراحت علياء رأسها على للخلف وأغمضت عينيها لتسترخي على فراشها قليلا.. فالليلة سيعود يزيد من سفره.. صححت لنفسها وهي تبتسم بمرارة
هيرجع من شهر العسل..
سقطت دمعة على وجنتها تلتها أخرى وأخرى.. فهي أخيرا سمحت لنفسها بالتفكير به.. وبزواجه.. وسفره.. واتصالاته التي لا تنقطع ولكنها ترفض الاجابة عليه.. أو بمعنى أدق.. نيرة أجبرتها على رفض مكالماته بعدما سړقت منها هاتفها خفية.. ولم تمانع علياء كثيرا.. فهي مدركة لضعفها الشديد نحوه.. ولن تحتمل أن تكون معه على الهاتف بينما ريناد بجواره فعليا.. مدركة هي لمشاعر الغيرة التي تعصف بكيانها.. والتي تصور لها مشاهد ولقطات حية ليزيد مع ريناد.. تلك المشاعر التي تدفعها للبكاء كل ليلة حتى تسقط في نوم مرهق مليء بصور له معها هي.. صور تعذبها وتطحن مشاعرها بقسۏة.. فتستيقظ باكية ضعفها وحبها وقلبها الأحمق الذي ينتفض لكلمة منه.. ولولا انشغالها مع نيرة الفترة الماضية لجنت شوقا له وغيرة عليه..
اليوم فقط أعادت نيرة لها الهاتف لتفاجئ بكم المكالمات والرسائل التي أرسلها لها..
ابتسمت بهيام وهي تقرأ رسائله التي تشي بمدى افتقاده واشتياقه لها.. ثم ما لبثت أن قطبت حاجبيها پغضب.. هل معنى هذا أنه سيفتقد ريناد عندما يتواجد معها هي..
داعبت أناملها الدمعة الماسية المعلقة بعنقها.. وتذكرت جنون يزيد بها لتهمس لها برقة..
يا ترى وحشك زي ما وحشني.. وحشتني ابتسامته.. وضحكته وحشني حبه.. وقلبه وجنانه.. حتى الشيزوفيرنيا بتاعته وحشتني!..
ضحكت في صمت وهي تسترجع كلمات نيرة لها قبل أن تقلها إلى المزرعة..
البسي يا علياء وظبطي نفسك.. احنا اشترينا هدوم كتير حلوة اليومين اللي فاتوا.. احړقي مشاعره وولعيها.. وما تخليهوش يطول منك حاجة.. لوعيه شوية خليه يحس بقيمتك..
هزت رأسها في يأس وهي تعلم صعوبة اتباع نصيحة صديقتها.. فكيف تستطيع إلهاب مشاعره بينما مشاعرها هي تغلي في انتظار رؤيته من جديد..
نهضت من فراشها ببطء وأخذت تتأمل ثيابها الجديدة.. وبعد طول تفكير سحبت إحدى الغلالات الناعمة لترتديها ووقفت تتأمل صورتها المنعكسة في المرآة بذهول.. فأمامها كانت امرأة مغرية ترتدي غلالة شفافة بلون السماء ذات فتحة صدر واسعة وظهر عاري تماما.. غطته خصلاتها السوداء الطويلة.. بينما اتسعت عيناها پخوف وهي تحدث نفسها بحنق..
معقولة!.. ألبس حاجة زي دي!.. ده حتى قلته أحسن!..
وعلى الفور بدلت ثوب النوم المغري بمنامة قطنية قصيرة بيضاء اللون ذات حمالات رفيعة على الكتفيين ومطبوع عليها صورة كبيرة لتويتي.. استعرضت نفسها مرة أخرى في المرآة.. وهي تحدث نفسها..
ايوه كده.. دي علياء اللي أنا عارفاها..
عادت تستلقي على فراشها وهي تتساءل إذا كانت ستراه الليلة.. فما أن علمت بموعد عودته حتى أصرت على ترك فيلا نيرة والعودة إلى المزرعة..
هاجس خبيث تملكها لتعلم مدى لهفته لرؤيتها.. هل سيأتي للمزرعة على الفور أم سيرابط جوار زوجته الأخرى.. وإذا أتى كيف تستقبله.. هل تعبر عن شوق أم ڠضب.. احتضنت دمية محشوة على شكل تويتي وتاهت في وسط أفكارها لتسقط في نوم عميق فلم تشعر بسيارة يزيد عند وصوله وصعوده الدرج