حكاية مع وقف التنفيذ لكاتبتها دعاء عبدالرحمن
باندفاع محطمين ما فيه يبحثون عن أى شىء يدينه ظل ېصرخ بهم وهو يحمى والدته بذراعيه
أنتوا مين وبتفتشوا على أيه وفين أذن النيابة
خرج أحد الرجال من المطبخ وهو يرفع سکينة كبيرة قائلا
لقيت سکينة دبح كبيرة يا فندم وورق ألمونيوم
هتفت والدته
وفيها أيه دى حاجات المطبخ
خرج رجل آخر من الشرفة وهو يقول لنفس الرجل
تناول الضابط الذى كان يلقى الأوامر للجميع الأشياء الثلاث وقال موجها كلامه لفارس
رمل وظلت وورق المونيوم أنت بتصنع قنبلة يديوية فى بيتك ولا ايه
أدرك فارس أنه مأخوذ لا محالة وأن دفاعه عن نفسه لن يجدى فقال بهدوء
ده مش رمل ده تراب بنزرع بيه فى البلكونه قصارى الزرع بس انا عارف
أومأ الرجل برأسه ساخرا وقال
شاطر
ثم صړخ فى الموجودين جميعا هاتووا
وقف بلال يسد باب غرفة نومه بعد أن هتف بزوجته آمرا بارتداء ملابسها فورا وبأقصى سرعة أرتدت عبير ملابسها وهى تصرخ به
مش معقول هيدخلوا عليا الأوضه وانا كده
صړخ بها
ألبسى بقولك بسرعة
وبسرعة البرق وقبل أن يتكاثر عليه الرجال ويدفعوه بقوة ليدخلوا غرفته كانت قد وضعت نقابها على وجهها دفعهم وهو يمر
وبعد أن انتهوا تكاثروا عليه مرة أخرى ليأخذوه معهم حاولت والدته أن تتشبث به تمنعهم ولكنهم لم يراعوا حرمة ولا امرأة عجوز دفعوها بمنتهى العڼف وهم يقذفونها باقذع الألفاظ لتسقط على رأسها مغشيا عليها فى الحال وخرجوا وتركوا البيت فى حالة دمار أمرأة مغشيا عليها وأخرى ترتعتش وتنتفض وتنتحب زوجها وحبيبها وأطفال ېصرخون أبيهم أما عند عمرو فلم يكن الأمر بأقل منهما شأنا دمارا فى كل مكان وأثاثا مبعثر وممزق فى كل مكان ومحطم وامرأة خلفها زوجها صاړخة باكية جزعة تنادى على زوجها فلا تجد من يرد النداء
وقف والد عمرو على باب شقة أم فارس من الخارج هو وبعض الرجال وقال پغضب وهو يكاد يمنع نفسه من البكاء بصعوبة هاتفا
لفينا الاقسام كلها وروحنا كل مبنى بيقولوا عليه بتاع أمن الدولة وبرضة مفيش حس ولا خبر عنهم هما التلاتة هيكونوا ودوهم فين يعنى
رد والد عزة بحنق
للدرجة دى أى حد يتاخد من بيته بسهوله كده ويختفى ومالوش أثر أحنا فى مصر ولا فى شيكاغو
تدخل محمود أخو عمرو قائلا
أنا عارف كل ده ليه علشان اصحابه مربين دقنهم
أجابه يحيى
طب وأيه المشكله يعنى
قال محمود
المشكلة ان أى واحد مربى دقنه يبقى أرهابى وش
هتف مينا أبن العم
عامر جارهم قائلا
يا سلام طب ما أحنا عندنا القس مربى دقنه هو الموضوع بالدقن يعنى
تمتم محمود حانقا
يا عم انتوا مسيحين أحنا بنتكلم على المسلمين دلوقتى
قال عامر بحزن
يابنى انتوا جرانا من زمان وعمرنا ما شوفنا منكم حاجة وحشه فارس وعمرو وصاحبه بلال اللى زى المرهم ده يتعمل فيهم كده ليه أرهاب أيه وبتاع أيه الأرهاب ده مبنشفهوش غير فى الافلام والمسلسلات
ربت الحاج عبد الله على كتف عامر وهو يقول مؤكدا
معاك حق والله يا
عامر متزعلش من محمود ميقصدش
قال والد عمرو مقاطعا
طب دلوقتى هنعمل أيه هندور فين ولا هنلاقيهم ازاى بس يا ناس
أنتبه يحيى فجأة وقال
هى مش مرات الأستاذ فارس محامية أكيد هى ممكن تعرف تتصرف هى والمحامين اللى فى مكتبه
تقدم والد عمرو بسرعة وطرق باب الشقة المفتوح وهو يقول
يا ست أم فارس أومال مرات الأستاذ فارس فين أكيد هى محامية وهتعرف تتصرف
رفعت عزة رأسها من صدر أم عمرو وقالت بلهفة
ايوا يا طنط الله يخليكى هى فين يمكن تعرف تلاقيهم
صوب الجميع نظره إليها حتى مهرة رفعت رأسها تنتظر جوابها فقالت وهى تمسح دموعها بكلتا يديها
مرضتش أتصل بيها وهى لوحدها وابلغها أتلهيت فى اللى حصل وخفت اقولها وهى لوحدها يحصلها حاجة كلمتها بس وقولتلها تيجى ضرورى ومش عارفة اتاخرت ليه لحد دلوقتى !
أستندت عبير إلى ظهر أريكتها وأغمضت عينيها المتورمتين من البكاء فى حسرة وقد لاحت صورته فى عقلها وومض به قلبها وهى تستمع إليه وهو يقول لها بمرح
أوعى تاخرى الصلاة مرة تانية فاهمة ولا افهمك بطريقتى
فرت دمعة من عينيها واعتصر قلبها من الألم دخلت دنيا شارعهم وهى ترتدى نظارة سوداء تخفى بها عينيها وجزء كبير من وجهها ومرت بين نظرات الناس حولها المشفقة عليها ومما حدث لزوجها فجرا صعدت الدرج فى اضطراب وهى ترى الرجال مجتمعين أعلى الدرج أمام شقة زوجها تنحوا جانبا عندما رأوها وهم يقولون
قلبنا معاكى يا بنتى
عبرت من بينهم ودخلت الشقة لترى هذا الجمع الغفير من النساء وترى مهرة بين ذراعى أم فارس وعيناها تكاد تختفى من كثرة البكاء ودموعها التى لا تجف كان الوضع أشبه بمأتم أجتمعت فيه النساء فقالت فى تلعثم
خير فى ايه يا طنط ايه اللى حصل
نظر لها الجميع بإشفاق حتى مهرة نظرت لها برحمة وشفقة وهى تتوقع رد الفعل بعد علمها بما حدث وقفت أم فارس واقتربت منها وهى تبكى وقالت
فارس خدوه يا دنيا دخلوا علينا قبل الفجر وخدوه من وسطينا
قالت باضطراب وهى متوترة
هما مين دول
نظر لها الجميع بدهشة كبيرة فرد فعلها لا يتواكب مع ما تسمع من والدته بينما قالت أم فارس
بيقولوا أمن الدولة يابنتى ومش هو وبس لا كمان خدوا عمرو وبلال معاه
كان لابد
أن تظهر بعض رد الفعل وإلا شك بها الجميع فتصنعت البكاء ولكنها لم تخلع عنها نظارتها السوداء حتى لا يعلم الجميع بخداعها أستندت إلى الحائط وأخذت تشهق بقوة وهى تضع يدها على فمها ربتت أم فارس على كتفيها وهى تقول
امسكى نفسك يابنتى ده انت اللى المفروض تقوليلنا نعمل ايه أحنا مش لاقينه فى أى حته
تماسكت دنيا سريعا وتناولت منديلا لتجفف دموعها التى لم تنزل أصلا وهى تقول
معاكى حق يا طنط أنا هدور عليه فى كل حته لحد ما الاقيه عن أذنكم
وخرجت سريعا وهى تشعر أن بكائهم قد أصبح لعڼة تطاردها أينما ذهبت نظرت النساء إلى بعضها البعض متعجبة من رد فعلها ولكن عادوا إلى ما كانوا عليه منذ قليل كل يبكى على ليلاه !
عادت دنيا إلى بيت والدتها وأول ما فعلت أجرت اتصالا هاتفيا بباسم الذى أجابها بسأم شديد
أيوا يا دنيا خير
قالت فى سرعة
عاوزه اطمن عليه وأطمن أمه
زفر فى ضيق وقال حانقا
هو طلع رحلة يا دنيا وعاوزة تطمنى عليه أنت عارفة كويس هو فين ولا ناسية
هتفت پغضب
أمه ھتموت نفسها عليه حرام عليك
صاح غاضبا
هتعمليلى فيها حنينة ياختى ولا أيه ولا تكونى ناسية انك انت اللى بلغتى عنه يا ام قلب حنين
تحشرج صوتها وقالت پبكاء
عارفة انى أنا اللى أتزفت وبلغت بس عاوزه اطمن امه أنت وعدتنى محدش هيأذيه
رفع حاجبيه مندهشا من كلامها الذى هو عكس تصرفاتها تماما وقال ساخرا
والله انت لغز يا دنيا طب لما انت قلبك عليه كده وافقتى ليه من الأول
هتفت باكية
علشان هو اللى اضطرنى لكده بغباءه ومثاليته الزايدة فاكر نفسه عايش فى
الجنة
صمت باسم قليلا ثم قال بهدوء حاسم
بصى يا دنيا أنا هتكلم فى الموضوع ده لآخر مرة علشان زهقت منه ومش عاوز ۏجع دماغ تانى فارس هيفضل فى المعټقل لحد ما القضية تتقفل وتخلص خالص يعنى أربع خمس شهور بالكتير وصلى الكلام ده لأهله بطريقتك المهم متوجعليش دماغى تانى فاهمة
أبتلعت ريقها بصعوبة وهى تحاول تنظيم أنفاسها وهى تمسح دموعها بتوتر وقالت
طب وهنعمل أيه فى القضية
رفع حاجبية متهكما وقال
أيوا هو ده المهم دلوقتى كده انت
دنيا اللى انا اعرفها ركزى معايا كده وفتحى مخك
أستمعت إليه باهتمام وتركيز وهو يقول
أولا مفيش مخلوق فى المكتب عندكوا هيعرف بحكاية الاعتقال دى ولا حتى الدكتور حمدى وكويس أن نورا أجازة علشان هى اللى هتعمل قلق ومكنتش هتسكت دلوقتى انت المسؤلة عن كل حاجة فى المكتب وده فى صالحنا علشان كده عاوزك أول حاجة تعمليها أول ما تروحى المكتب النهاردة تكلمى الراجل صاحب القضية وتبلغيه ان فارس طالب الأتعاب وبعد ما توصلك الفلوس هقولك الخطوة اللى بعدها
قالت معترضة
لاء لازم أعرف كل حاجة دلوقتى
زفر بقوة ثم قال بملل
هقولك أنا خلاص وصلت لسكرتير النيابة اللى هيسحبلنا الورق المطلوب من ملف القضية قبل ما تروح على المحكمة وهتفاوض معاه النهاردة على المبلغ اللى هياخده ومش كده وبس أنا كمان وصلت لشهود الأثبات وبرضة هتفاوض معاهم على المبلغ
والفلوس اللى هتاخديها من الراجل فى اقرب وقت هنكيشهم منها وكده لا هيبقى فيه دليل ولا شهود والحاډثة هتبقى قضاء وقدر ومش مقصودة والواد يطلع من عقۏبة القټل العمد وبعد كده ممكن نفاوض أهل القتيلة لما يبقوا فى موقف الضعيف وممكن ساعتها يتنازلوا بقرشين وتبقى القضية بخ فهمتى
قالت بشك
طب ماهو محامى البنت اللى ماټت ممكن يقدم فى المحكمة صورة من الورقة اللى هتتاخد دى وساعتها يتهمونا بالتزوير
قال بثقة مخلوطة بالسخرية
وانت يعنى فاكرة أن حكاية زى دى تعدى عليا المحامى بتاعهم أطلع على القضية بس ومصورش منها نسخة يعنى مفيش فى أيده ورق ضد يتكلم بيه فهمتى يا فالحة
أعتدل فى جلسته ولمعت عينيه بخبث وهو يقول
ومذكرة المرافعة انا اللى هكتبهالك وهتحفظيها زى ما هى كده علشان تجلجلى بيها فى المحكمة