الأربعاء 27 نوفمبر 2024

حكاية مع وقف التنفيذ لكاتبتها دعاء عبدالرحمن

انت في الصفحة 40 من 61 صفحات

موقع أيام نيوز

 


باندفاع محطمين ما فيه يبحثون عن أى شىء يدينه ظل ېصرخ بهم وهو يحمى والدته بذراعيه 
أنتوا مين وبتفتشوا على أيه وفين أذن النيابة
خرج أحد الرجال من المطبخ وهو يرفع سکينة كبيرة قائلا 
لقيت سکينة دبح كبيرة يا فندم وورق ألمونيوم
هتفت والدته 
وفيها أيه دى حاجات المطبخ
خرج رجل آخر من الشرفة وهو يقول لنفس الرجل 

لقينا تراب فيه حبات ظلت صغيرة يا فندم
تناول الضابط الذى كان يلقى الأوامر للجميع الأشياء الثلاث وقال موجها كلامه لفارس 
رمل وظلت وورق المونيوم أنت بتصنع قنبلة يديوية فى بيتك ولا ايه
أدرك فارس أنه مأخوذ لا محالة وأن دفاعه عن نفسه لن يجدى فقال بهدوء 
ده مش رمل ده تراب بنزرع بيه فى البلكونه قصارى الزرع بس انا عارف
انه هيتكتب رمل
أومأ الرجل برأسه ساخرا وقال 
شاطر
ثم صړخ فى الموجودين جميعا هاتووا
وقف بلال يسد باب غرفة نومه بعد أن هتف بزوجته آمرا بارتداء ملابسها فورا وبأقصى سرعة أرتدت عبير ملابسها وهى تصرخ به 
مش معقول هيدخلوا عليا الأوضه وانا كده
صړخ بها 
ألبسى بقولك بسرعة
وبسرعة البرق وقبل أن يتكاثر عليه الرجال ويدفعوه بقوة ليدخلوا غرفته كانت قد وضعت نقابها على وجهها دفعهم وهو يمر
اللهم اكفيناهم بما شئت وكيف شئت 
وبعد أن انتهوا تكاثروا عليه مرة أخرى ليأخذوه معهم حاولت والدته أن تتشبث به تمنعهم ولكنهم لم يراعوا حرمة ولا امرأة عجوز دفعوها بمنتهى العڼف وهم يقذفونها باقذع الألفاظ لتسقط على رأسها مغشيا عليها فى الحال وخرجوا وتركوا البيت فى حالة دمار أمرأة مغشيا عليها وأخرى ترتعتش وتنتفض وتنتحب زوجها وحبيبها وأطفال ېصرخون أبيهم أما عند عمرو فلم يكن الأمر بأقل منهما شأنا دمارا فى كل مكان وأثاثا مبعثر وممزق فى كل مكان ومحطم وامرأة خلفها زوجها صاړخة باكية جزعة تنادى على زوجها فلا تجد من يرد النداء 
كيف تنام العيون وقد فقدت كل الأحبة فى ليلة واحدة كيف ترتاح القلوب بين الصدور اللآهجة ألتف الجميع حول النساء الثكالى فى بيت أم فارس محاولين أن يخففوا عنهم ولكن كيف ما حدث معهم هم أيضا فى بيوتهم قبل الفجر كل منهن تبكى دما بعد أن جف نبع دموعهن الناظر إليهن لا يعلم من يواسى من ومن يطمئن من ومن يربت على كتف من الجميع مكلومين فى أحبائهم كل منهن تحتاج إلى صدر حنون يضمها ويطمئنها على رفيق دربها 
ولقد كانت مهرة هى ملهمتهم فى ذلك عندما ألقت نفسها بين أحضان أم فارس تبكيه وتخفف عنها فى نفس الوقت كذلك فعلت عبير عندما ألقت نفسها فى حضڼ أم بلال وكذلك فعلت عزة وهى بين ذراعى أم عمرو وكأنهن بهذه الأحضان يتساندون ويشدوا أزر بعضهم البعض فالمفقود واحد ألتف حولهن بعض الجارات يستمعون لماساتهم محاولين التخفيف عنهن ومواساتهن ببعض كلمات الصبر بينما ذهب الرجال يبحثون عنهم فى كل الأقسام وبنايات أمن الدولة المبعثرة فى كل مكان وفى النهاية عادوا بخفى حنين
لاشىء غير موجودين فى أى مكان بشكل رسمى 
وقف والد عمرو على باب شقة أم فارس من الخارج هو وبعض الرجال وقال پغضب وهو يكاد يمنع نفسه من البكاء بصعوبة هاتفا 
لفينا الاقسام كلها وروحنا كل مبنى بيقولوا عليه بتاع أمن الدولة وبرضة مفيش حس ولا خبر عنهم هما التلاتة هيكونوا ودوهم فين يعنى
رد والد عزة بحنق 
للدرجة دى أى حد يتاخد من بيته بسهوله كده ويختفى ومالوش أثر أحنا فى مصر ولا فى شيكاغو
تدخل محمود أخو عمرو قائلا 
أنا عارف كل ده ليه علشان اصحابه مربين دقنهم 
أجابه يحيى 
طب وأيه المشكله يعنى
قال محمود 
المشكلة ان أى واحد مربى دقنه يبقى أرهابى وش
هتف مينا أبن العم
عامر جارهم قائلا
يا سلام طب ما أحنا عندنا القس مربى دقنه هو الموضوع بالدقن يعنى
تمتم محمود حانقا 
يا عم انتوا مسيحين أحنا بنتكلم على المسلمين دلوقتى
قال عامر بحزن 
يابنى انتوا جرانا من زمان وعمرنا ما شوفنا منكم حاجة وحشه فارس وعمرو وصاحبه بلال اللى زى المرهم ده يتعمل فيهم كده ليه أرهاب أيه وبتاع أيه الأرهاب ده مبنشفهوش غير فى الافلام والمسلسلات 
ربت الحاج عبد الله على كتف عامر وهو يقول مؤكدا 
معاك حق والله يا
عامر متزعلش من محمود ميقصدش
قال والد عمرو مقاطعا 
طب دلوقتى هنعمل أيه هندور فين ولا هنلاقيهم ازاى بس يا ناس
أنتبه يحيى فجأة وقال 
هى مش مرات الأستاذ فارس محامية أكيد هى ممكن تعرف تتصرف هى والمحامين اللى فى مكتبه
تقدم والد عمرو بسرعة وطرق باب الشقة المفتوح وهو يقول 
يا ست أم فارس أومال مرات الأستاذ فارس فين أكيد هى محامية وهتعرف تتصرف
رفعت عزة رأسها من صدر أم عمرو وقالت بلهفة 
ايوا يا طنط الله يخليكى هى فين يمكن تعرف تلاقيهم
صوب الجميع نظره إليها حتى مهرة رفعت رأسها تنتظر جوابها فقالت وهى تمسح دموعها بكلتا يديها 
مرضتش أتصل بيها وهى لوحدها وابلغها أتلهيت فى اللى حصل وخفت اقولها وهى لوحدها يحصلها حاجة كلمتها بس وقولتلها تيجى ضرورى ومش عارفة اتاخرت ليه لحد دلوقتى !
أستندت عبير إلى ظهر أريكتها وأغمضت عينيها المتورمتين من البكاء فى حسرة وقد لاحت صورته فى عقلها وومض به قلبها وهى تستمع إليه وهو يقول لها بمرح 
أوعى تاخرى الصلاة مرة تانية فاهمة ولا افهمك بطريقتى 
فرت دمعة من عينيها واعتصر قلبها من الألم دخلت دنيا شارعهم وهى ترتدى نظارة سوداء تخفى بها عينيها وجزء كبير من وجهها ومرت بين نظرات الناس حولها المشفقة عليها ومما حدث لزوجها فجرا صعدت الدرج فى اضطراب وهى ترى الرجال مجتمعين أعلى الدرج أمام شقة زوجها تنحوا جانبا عندما رأوها وهم يقولون 
قلبنا معاكى يا بنتى
عبرت من بينهم ودخلت الشقة لترى هذا الجمع الغفير من النساء وترى مهرة بين ذراعى أم فارس وعيناها تكاد تختفى من كثرة البكاء ودموعها التى لا تجف كان الوضع أشبه بمأتم أجتمعت فيه النساء فقالت فى تلعثم 
خير فى ايه يا طنط ايه اللى حصل
نظر لها الجميع بإشفاق حتى مهرة نظرت لها برحمة وشفقة وهى تتوقع رد الفعل بعد علمها بما حدث وقفت أم فارس واقتربت منها وهى تبكى وقالت 
فارس خدوه يا دنيا دخلوا علينا قبل الفجر وخدوه من وسطينا 
قالت باضطراب وهى متوترة 
هما مين دول
نظر لها الجميع بدهشة كبيرة فرد فعلها لا يتواكب مع ما تسمع من والدته بينما قالت أم فارس 
بيقولوا أمن الدولة يابنتى ومش هو وبس لا كمان خدوا عمرو وبلال معاه 
كان لابد
أن تظهر بعض رد الفعل وإلا شك بها الجميع فتصنعت البكاء ولكنها لم تخلع عنها نظارتها السوداء حتى لا يعلم الجميع بخداعها أستندت إلى الحائط وأخذت تشهق بقوة وهى تضع يدها على فمها ربتت أم فارس على كتفيها وهى تقول 
امسكى نفسك يابنتى ده انت اللى المفروض تقوليلنا نعمل ايه أحنا مش لاقينه فى أى حته
تماسكت دنيا سريعا وتناولت منديلا لتجفف دموعها التى لم تنزل أصلا وهى تقول 
معاكى حق يا طنط أنا هدور عليه فى كل حته لحد ما الاقيه عن أذنكم
وخرجت سريعا وهى تشعر أن بكائهم قد أصبح لعڼة تطاردها أينما ذهبت نظرت النساء إلى بعضها البعض متعجبة من رد فعلها ولكن عادوا إلى ما كانوا عليه منذ قليل كل يبكى على ليلاه !
عادت دنيا إلى بيت والدتها وأول ما فعلت أجرت اتصالا هاتفيا بباسم الذى أجابها بسأم شديد 
أيوا يا دنيا خير 
قالت فى سرعة 
عاوزه اطمن عليه وأطمن أمه
زفر فى ضيق وقال حانقا 
هو طلع رحلة يا دنيا وعاوزة تطمنى عليه أنت عارفة كويس هو فين ولا ناسية
هتفت پغضب 
أمه ھتموت نفسها عليه حرام عليك
صاح غاضبا 
هتعمليلى فيها حنينة ياختى ولا أيه ولا تكونى ناسية انك انت اللى بلغتى عنه يا ام قلب حنين
تحشرج صوتها وقالت پبكاء 
عارفة انى أنا اللى أتزفت وبلغت بس عاوزه اطمن امه أنت وعدتنى محدش هيأذيه
رفع حاجبيه مندهشا من كلامها الذى هو عكس تصرفاتها تماما وقال ساخرا
والله انت لغز يا دنيا طب لما انت قلبك عليه كده وافقتى ليه من الأول
هتفت باكية 
علشان هو اللى اضطرنى لكده بغباءه ومثاليته الزايدة فاكر نفسه عايش فى
الجنة 
صمت باسم قليلا ثم قال بهدوء حاسم 
بصى يا دنيا أنا هتكلم فى الموضوع ده لآخر مرة علشان زهقت منه ومش عاوز ۏجع دماغ تانى فارس هيفضل فى المعټقل لحد ما القضية تتقفل وتخلص خالص يعنى أربع خمس شهور بالكتير وصلى الكلام ده لأهله بطريقتك المهم متوجعليش دماغى تانى فاهمة
أبتلعت ريقها بصعوبة وهى تحاول تنظيم أنفاسها وهى تمسح دموعها بتوتر وقالت 
طب وهنعمل أيه فى القضية 
رفع حاجبية متهكما وقال 
أيوا هو ده المهم دلوقتى كده انت
دنيا اللى انا اعرفها ركزى معايا كده وفتحى مخك 
أستمعت إليه باهتمام وتركيز وهو يقول 
أولا مفيش مخلوق فى المكتب عندكوا هيعرف بحكاية الاعتقال دى ولا حتى الدكتور حمدى وكويس أن نورا أجازة علشان هى اللى هتعمل قلق ومكنتش هتسكت دلوقتى انت المسؤلة عن كل حاجة فى المكتب وده فى صالحنا علشان كده عاوزك أول حاجة تعمليها أول ما تروحى المكتب النهاردة تكلمى الراجل صاحب القضية وتبلغيه ان فارس طالب الأتعاب وبعد ما توصلك الفلوس هقولك الخطوة اللى بعدها
قالت معترضة 
لاء لازم أعرف كل حاجة دلوقتى
زفر بقوة ثم قال بملل 
هقولك أنا خلاص وصلت لسكرتير النيابة اللى هيسحبلنا الورق المطلوب من ملف القضية قبل ما تروح على المحكمة وهتفاوض معاه النهاردة على المبلغ اللى هياخده ومش كده وبس أنا كمان وصلت لشهود الأثبات وبرضة هتفاوض معاهم على المبلغ 
والفلوس اللى هتاخديها من الراجل فى اقرب وقت هنكيشهم منها وكده لا هيبقى فيه دليل ولا شهود والحاډثة هتبقى قضاء وقدر ومش مقصودة والواد يطلع من عقۏبة القټل العمد وبعد كده ممكن نفاوض أهل القتيلة لما يبقوا فى موقف الضعيف وممكن ساعتها يتنازلوا بقرشين وتبقى القضية بخ فهمتى
قالت بشك 
طب ماهو محامى البنت اللى ماټت ممكن يقدم فى المحكمة صورة من الورقة اللى هتتاخد دى وساعتها يتهمونا بالتزوير
قال بثقة مخلوطة بالسخرية 
وانت يعنى فاكرة أن حكاية زى دى تعدى عليا المحامى بتاعهم أطلع على القضية بس ومصورش منها نسخة يعنى مفيش فى أيده ورق ضد يتكلم بيه فهمتى يا فالحة
أعتدل فى جلسته ولمعت عينيه بخبث وهو يقول 
ومذكرة المرافعة انا اللى هكتبهالك وهتحفظيها زى ما هى كده علشان تجلجلى بيها فى المحكمة
 

 

39  40  41 

انت في الصفحة 40 من 61 صفحات