الأربعاء 27 نوفمبر 2024

حكاية مع وقف التنفيذ لكاتبتها دعاء عبدالرحمن

انت في الصفحة 39 من 61 صفحات

موقع أيام نيوز

 


بس
وقع بصره على الكوب الموضوع فوق رخامة المطبخ فارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيه تقدم نحوه وأخذه ونظر إليه جيدا وهو يقول 
طول عمرها مبتحبش تشرب غير من الكوباية دى
نظرت له والدته بدهشة وهو يتوجه إلى الثلاجه ويصب فيه بعض الماء البارد ويشرب بشكل تلقائى ولكن بحماس شديد وبتلذذ!
أنتهى ووضعها مكانها كما هى وخرج ليبدل ملابسه تحت ناظري والدته التى كانت تدعو الله بقلبها أن يرزقه راحة البال والقلب 

بمجرد أن جلسا حول مائدة الطعام قالت والدته 
أومال مراتك مجاتش ليه يابنى لحد دلوقتى
عقد بين حاجبيه بضيق وقال 
عاوزه تقعد فى بيت امها يومين
وكأنهما استدعاها حينما تحدثا عنها فلم يكد
ينتهى من كلمته حتى سمع رنين هاتفه النقال أخذ الهاتف وأجابها فقالت على الفور
أيه يا فارس قافل تليفونك ليه
ظهرت الدهشة على وجهه وقال 
أنا مقفلتش التليفون النهاردة خالص
تصنعت الدهشة وهى تقول 
معقوله أومال كان بيدينى مغلق ليه
ثم استدركت وهى تقول 
أومال أنت كنت فين من ساعتين كده لما كان بيدينى مغلق
كنت مع المتهم بتاع قضية القټل
أدعت المرح وهى تقول 
شكلك كده وافقت
على القضية
هز رأسه نفيا وهو يقول 
لاء رفضتها
قالت بتماسك 
بلغت والده بالرفض ولا لسه
لا لسه لما أروح المكتب بالليل هخلى السكرتارية تبلغه علشان يجى كمان ياخد الأوراق بتاعة القضية
شعرت بالوهن يدب فى أوصالها فهاهى ستضطر أن تلجأ إلى أكثر شخص تبغضه على وجه الأرض وسمعته ينهى المكالمة قائلا
طب معلش يا دنيا هقفل دلوقتى علشان ألحق أخلص غدا وأنزل
قالت بلهفة 
رايح المكتب بدرى كده
لالا أنا عندى ماتش كده مع الدكتور بلال وعمرو ويمكن اروح المكتب متأخر شوية يلا سلام
أنهى مكالمته بينما قالت والدته باهتمام
ليه يا فارس هتسيبها تقعد لوحدها يابنى فى حاجة مزعلاها ولا ايه طب شوف ايه اللى مزعلها مينفعش تقعد لوحدها كده دى دلوقتى بقت يتيمة يا فارس
نظر لها فارس وهو يشعر بالإشفاق تجاه والدته لطيبتها الزائدة حتى مع من يسيئون معاملتها وقال 
مفيش حاجة يا ماما هى طلعت فى دماغها النهاردة الصبح أنها تروح هناك شوية وصممت خلاص براحتها
نظرت له والدته بريبة ثم تذوقت الأرز وهى تتمتم بإعجاب 
والله شاطرة
رفع فارس رأسه ناظرا إليها بتسائل وقال 
مين دى اللى شاطرة
قالت والدته وهى تتناول طبقها 
ولا حاجة مهرة أصلها نفسها حلو فى الرز
رفع حاجبيه وقال 
هى اللى عملته !
أومأت برأسها وهى تكمل طعامها دون أن تنظر إليه فقال 
فين طبق الرز بتاعى يا ست الكل
رفعت رأسها بدهشة وقالت 
أنت مش قلت بتحب السبانخ مع العيش
مط شفتيه قائلا
هجربها مع الرز
نظرت له والدته وهو يأكل الإرز بإعجاب شديد وكأنه لم يأكله من قبل فلاحت ابتسامة صغيرة على جانبى شفتيها رغما عنها وبعد أن انتها من طعامهما أعد فارس الشاى كما يفعل دائما وضع واحدة أمام والدته التى قالت 
أنت هتقابل عمرو والدكتور بلال النهاردة 
أرتشف رشفة منه وأومأ برأسه قائلا 
أيوا عندنا ماتش النهاردة بعد صلاة العصر على طول يدوبك أخلص وأرجع أغير هدومى وانزل على المكتب
أنهى فارس أغتساله وبدل ملابسه وارتدى حلته الرياضية استعدادا لماتش الملاكمة
نظر باسم لرقم الدنيا الذى تتضىء به شاشة هاتفه النقال بانتصار وخبث فقد كان متأكدا من اتصالها ولجوئها إليه من أجل المال فلقد صدق ظنه بها بل وثقته فى طمعها أجابها بترحاب شديد فقالت باقتضاب وهى تشعر بالتقزز منه وقالت 
خلصنى وقولى هتعمل ايه فارس هيبلغ الراجل رفضه النهاردة
أصابه التوتر والقلق وقال بسرعة وهو يعتدل فى جلسته 
لاء لازم تعطليه النهاردة بأى شكل مش لازم يكلم الراجل النهاردة خالص وإلا كل حاجة هتبوظ
قالت بتأفف 
أمنعه ازاى يعنى أنا أصلا فى بيت ماما مش معاه وبعدين انت ناوى تعمل ايه انا لسه معرفش لحد دلوقتى 
هتف پغضب 
أنت غبية ولا ايه سبتى البيت ليه دلوقتى
صړخت به 
أنت أيه يا أخى مبتحسش انا مش عارفة انت ناويله على ايه مش قادره أحط عينى فى عينه
أطلت من
عينيه نظرات بغض شديده وهو يقول 
هعدى عليكى بالعربية دلوقتى هنروح مشوار مهم وهناك هقولك انا ناويله على أيه بالظبط 
ضحكت ضحكة عصبية وهى تهتف 
أنت عاوزنى اقابلك انت فى حد يروح يقابل التعبان مرتين
ضغط حروف كلماته بغل واضح وهو يقول 
أسمعى بقى أنت وافقتى تتعاملى معايا بمزاجك مرة تانية يعنى لازم تكملى للآخر ومټخافيش يا أموره انا مش عاوز منك حاجة المقابلة هتبقى فى الشارع ولو خاېفة أوى كده من مقابلتى هقولك هنتقابل فين علشان تطمنى
قالت بسرعة 
فين 
نظر أمامه پحقد دفين وهو يقول 
مباحث أمن الدولة
أتسعت عيناها ړعبا وهى تردد خلفه 
مباحث أمن الدولة !
غير نبرة صوته وهو يقول 
مټخافيش أوى كده أنا ليا واحد صاحبى هناك هيظبطنا فى الحكاية دى كل اللى عليكى انك تقدمى بلاغ صغير وملكيش دعوة بالباقى
هتفت ساخطة 
وهقول ايه فى البلاغ ده واشمعنى انا اللى أقدمه
قالت وكأنها منومة وقد أنتزعت أرادتها 
وهقول ايه فى البلاغ ده
أبتسم وهو يقول 
هتقولى أنك شاكه أنه منضم لخلية أرهابية وأنه بيجتمع بناس معينة فى البيت عندكوا وبيتكلموا فى السياسة وحطى أسم أى حد من صحابه ويا سلام لو مربى دقنه
تقطعت أنفاسها وانقبض صدرها وهى تقول 
بس أنا معرفش حد من صحابه غير أتنين بس وواحد فيهم مربى دقنه
ممتاز أوى حطى أساميهم الاتنين
صمتت وقد شعرت
أن السماء والأرض تلعنها وضاقت بها جدران بيتها وانقبض عليها فلم تسمح لها بالتنفس فشعرت بأضلاعها تتمزق صاړخة
ببغضها تود الهروب ببعضها من بعضها لم ينتظرها حتى تستيقظ مما هى فيه وقال بسرعة 
أبتلعت ريقها وقت أمتقع
وجهها بشدة وتحجرت مقلتيها وقالت بصوت مسحوق بأقدام الطمع
موافقة
وقف بلال على الحلبة وحيدا وهو يلوح لهما بذراعيه تارة ويضرب يديه بعضهما فى بعض تارة أخرى فتصدر قفازات الملاكمة التى يرتديها صوتا عاليا وهو يهتف بهما 
أيه محدش قادر يواجهنى ولا أيه
دفع عمرو فارس للحلبة وهو يقول لبلال 
لالا أوعى يغرك جسمك أنت باين عليك متعرفش فارس ده أيده طارشة
دفع فارس يد عمرو بعيدا عنه ثم صعد إلى الحلبة وقال ل عمرو 
طول عمرى بقول عليك ندل ياض
بدا بلال يلاعبه بمرح شديد ويعلمه بعض الفنون التى تجعله يتفادى الضربات بحرفية شديدة ولقد كان فارس تلميذ بارع تعلم سريعا وبدا يناوش بلال ببعض الضربات الخاطفة ولكنه لم يفلح فى أصابته إلا مرة واحدة ألتفت بلال إلى عمرو وهو يلوح له بالصعود هاتفا 
يالا يا عمرو دورك جه
صعد عمرو على مضض وهو يقول 
انا لله وانا إليه راجعون الله يرحمك يا عمرو كنت أمور ومسمسم الله يرحمك يا غالى
ضحكا فارس وبلال وتنحى فارس جانبا ليصبح عمرو فى مواجهة بلال شعر بلال بالنشوة وهو يداعب عمرو بضربات لا تصل إليه إلا قليلا مما أغرى عمرو على التقدم وصد تلك الضربات بعد قليل وقف بلال بينهما يلعب دور الحكم وبدأ عمرو وفارس فى مناوشة بعضهما البعض طالت المناوشات ولكن فارس كان متقدم على عمرو كثيرا فاستطاع أن يوجه له ضربات عدة مما جعل عمرو يشعر باليأس فوجه إلى فارس ضړبة غير مدروسة لم يراعى فيها المسافة بينهما رغما عنه فاصابته فى فكه مباشرة واندفعت الډماء من فم فارس بغزارة
أمتقع وجه عمرو واقترب منه بلال بسرعة يحاول أسعافه حتى توقفت الډماء تماما جلس عمرو يساعده وهو يعتذر لفارس قائلا 
أنا آسف والله ما اقصد يا فارس معلش انا غشيم
أعتدل فارس فى جلسته بمساعدة بلال وعمرو وضربه فارس على كتفه بقوة وهو يهتف به 
يخربيت العمى الحيسى اللى انت فيه يا أخى هروح شغلى أزاى دلوقتى
ساعده بلال على النهوض وهو يقول 
لا شغل أيه بقى ده انت بؤك وارم خالص أرتاح النهاردة
هبطت دنيا على سلم مبنى مباحث أمن الدولة بعد أن قدمت بلاغها وقالت ما حفظته سابقا بالاتفاق مع باسم ألتفت إليه وهو يهبط بجوارها ونظرت إليه بأشمئزاز وهى تقول 
المفروض أيه الخطوة اللى جايه
قال باسم وهو ينظر أمامه بتفكير
هتروحى البيت دلوقتى وتحاولى تعطليه علشان ميروحش المكتب النهاردة والنهاردة قبل الفجر هيعملولوا زيارة ليلية
وضعت يدها على صدرها پخوف وقالت
بسرعة كده
وقف أمام سيارته والټفت إليها قائلا
الناس دى مش محتاجة تحريات وجوزك سهل علينا الأمر وساب دقنه وده دليل اتهام كافى علشان يبقى أرهابى يا مدام أنت مش عايشة فى البلد دى ولا أيه!
عاد فارس للمنزل فى آخر اليوم بعد أن ودعه عمرو وبلال عند باب المنزل وتركاه وأنصرفا ضړبت والدته على صدرها وهى تنظر لفكه المصاپ وقالت بلوعة
ايه اللى عمل فيك كده يا فارس
لف ذراعه حول كتفها وهو يقول مداعبا
متقلقيش كده يا ماما دى أصابة ملاعب
حاولت أن تتحسس مكان الأصابة قائلة 
أنا بكلم جد مين اللى عمل فيك كده
حاول أن يضحك ولكنه تألم وقال 
الواد عمرو الله يخربيته ده مش بيلعب ده بيطبش صحيح على رأى المثل ألعب مع اللئيم ومتلعبش مع العبيط
دخلت دنيا المنزل خلفه تماما وأغلقت الباب خلفها وتبادلا نظرات الدهشة بين بعضهما البعض فقال 
أنت مش قلتى هتباتى يومين هناك
قالت 
رجعت فى كلامى بس انت مين عمل فيك كده
تركها واستدار ليجلس على المقعد وقال 
مفيش دى حاجة بسيطة بكره هبقى كويس ان شاء الله
خفق قلبها هى تقول 
يعنى مش هتروح المكتب النهاردة
أومأ برأسه دون أن يتكلم فقالت بسرعة 
طب خلاص ارتاح انت وانا هلبس وأروح دلوقتى وهبلغه باللى انت عايزة
بدلت ملابسها فى غرفتها وهى شاردة الذهن يكاد قلبها أن يقفز من حنجرتها من شدة الخۏف من المستقبل نظرت لنفسها فى المرآة فوجدت علامات الريبة تحتل ملامحها وصدق من قال يكاد المريب أن يقول خذونى حاولت أن تتماسك وتجمدت ملامحها وخرجت من الغرفه ووقفت أمامه تنظر إليه كأنها تودعه وقالت 
أنا ماشية عاوز حاجة
أشار إليها قائلا
متنسيش تبلغى السكرتارية يتصلوا بالراجل صاحب القضية ويبلغوا رفضى علشان يجى ياخد ورق القضية ويلحق يشوف محامى تانى
أومأت برأسها واتجهت للباب فاستوفقها مناديا 
دنيا
وقع قلبها بأخمص قدميها وهى تلتفت إليه بعينين زائغتين فقال 
ساعتين بالظبط وارجعى متتأخريش علشان مترجعيش بالليل متاخر لوحدك
أبتلعت ريقها وهى تسمع كلماته وأومأت برأسها وقالت 
حاضر
ذهبت دنيا للمكتب
وحضر إليها وائل واتفقا على تنفيذ الخطوات الاحقة ستتصدر هى القضية وسيتولى هو وباسم أمر الشهود وأمر ورقة التحريات التى ستنتزع من ملف القضية لتصبح منعدمة الأدلة خاڤت دنيا أن تعود للبيت وهى تعلم ما سيحدث قبل الفجر بدقائق أتصلت بوالدة فارس وأبلغتها أنها ستضطر إلى الذهاب إلى شقة والدتها لانها قد نسيت هاتفها وبعض أشياءها الخاصة
هناك وربما ستضطر للمبيت لم توقظه والدته لتخبره بامرها وعزمت أن تخبره فى الصباح خوفا من ردة فعله وهو منهك ومصاپ هكذا
دقت الساعة الثالثة بعد منتصف الليل ولكنها لم تدق وحدها لقد تبعتها دقات عڼيفة على باب المنزل أستيقظ فارس فزعا وكذلك والدته ولكن الدقات لم تنتظرهما كسر الباب عنوة ليدخل زوار الفجر إلى المنزل
 

 

38  39  40 

انت في الصفحة 39 من 61 صفحات