الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

روايه بقلم ساره المصرى

انت في الصفحة 33 من 66 صفحات

موقع أيام نيوز


مش موجود احنا مبننساش الماضى مهما عملنا احنا بس بنتجاهله ونتعايش معاه الماضى ڠصبا عن الكل هوا اللى بيشكل الحاضر والمستقبل 
اشاح بوجهه يسألها فى امتعاض 
وده يدكى الحق كل لحظة انك تشكى فيا وتقلبى حياتى چحيم هوا ده حبك وتقوليلى غيرة غيرة من حاجة عدت وخوف من حاجة مش موجودة 
تنهدت في عمق 

يمكن عشان محستش بده لكن تخيل يا يوسف تخيل انى كنت متجوزة قبلك حد تخيل انه كان من حقه انه يلمسنى و 
هنا اشتعلت النيران بعينيه وكانت كافيه لحړق القصر بمن فيه وهو يقاطعها فى ڠضب 
اخرسى 
ورغم انها ارتجفت قليلا من صرخته المفاجئة الا انها ابتسمت فى النهاية فى ظفر قائلة 
شوفت اديك حتى الخيال مش قادر عليه 
رد فى استنكار 
دى غير دى 
هزت كتفيها في بساطة 
ده اللى الرجالة بتحاول تقنع نفسها بيه بس دى هيا دى المشاعر واحدة يا يوسف الاتنين بيحبو وبيغيرو وبيتجرحو بنفس الطريقة 
واقتربت منه فى دلال وهى تلامس صدره محاولة تلطيف الاجواء 
خلينا نبدأ من جديد يا يوسف واوعدك ان ده مش هيتكرر تانى حتى لو شفت بعينى هستنى واسمعك انزل يدها في حزم وهو ينظر الى الباب 
ارجوكى يا ايلينا احنا محتاجين شوية وقت 
ابتسمت فى خجل وحكت رأسها 
فأشار الى الباب برأسه ليكرر طلبه بوضوح أكثر 
روحى نامى انتى دلوقتى 
تظاهرت بالبلاهة حتى اللحظة الأخيرة وسألته بارتباك 
هنام لوحدى 
لم يرد فلمعت عيناها وهى تشعر بصعوبة تجاوزه لما حدث على كل حال يكفيها حصولها على بعض من الراحة بعودته فقد ازاحت كثيرا من هم التفكير في مكان وجوده 
انسحبت فى هدوء وعلى فراشها تدثرت جيدا وهى تقاوم الارق بكل طريقة ممكنة 
تغمض عينيها بقوة وتخفى وجهها بوسادتها وتتقلب يمينا ويسارا 
لم تعرف برودة من قبل للطقس فى شهر مايو ما هذا الصقيع الذي يضرب بأوصالها 
نظرت الى الباب فى غيظ لا يمكنها تخيل وجودهما معا ولا يفصلهما سوى هذا الباب اللعېن 
نهضت فى حزم فليكن ما يكن اذن فتحت باب الملحق بهدوء شديد نظرت الى الفراش الصغير الذى ينام عليه وهو يخفي وجهه بالوسادة يبدو انه يقاوم ببسالة ما ټقاومه بدورها لا بأس ستسلم هى اولا اقتربت على اطراف اصابعها حتى وصلت اليه أزالت الوسادة من على وجهه برفق وتمددت بصعوبه الى جواره محاولة التكيف مع هذا المكان الضيق نظرت الى وجهه وهو نائم وتساءلت ترى كيف ستكون الحياة بدونه لابد وان تروض هذا الحب بداخلها حتى لايفتك بهما اكثر 
اخذت نفسا عميقا كم افتقدت رائحته 
كم افتقدت حنانه 
فى حياتها لم تعرف حنانا يغدق هكذا بلا حساب كحنانه هو كيف كانت ستفرط به 
مدت يدها فى تردد الى وجنته فشعرت به يفتح عينيه فجأة 
انا اسفة يا يوسف اسفة بجد 
تنهد وهو يعبث فى خصيلات شعرها فى قسۏة 
انا مريض بيكى فعلا مريض 
وبعد مرور ثلاث سنوات
الفصل العشرين 
جلست على حافة البانيو وهي تضع يدها على صدرها في قلق أو ربما في يأس أوصلها الى ذروة قلق أصبحت تحيا به و تواجهه كل لحظة 
لم يعد لديها الجرأة للقيام بالخطوة وأملها الضعيف يعافر كل مرة ليدفعها دفعا فتستجيب له خانعة 
وهل لديها شيئا تخسره 
ان كان بقدر حلمها وقلبها الذي ېتمزق في خيبة كل مرة فلابأس ان غامرت بهما من جديد عل القدر ينصفها 
نظرت الى العصا البلاستيكية المسماة باختبار الحمل بعيدا وهي تخشى أن تمد يدها لتتفاجىء بنفس النتيجة 
ثلاث سنوات مرت وهي تحاول وتحاول تخرج من عيادة طبيب الى مشفى طبيب اخر تخضع لمحاولة تلو الأخرى 
تدور في حلقة مغلقة تنتهى دوما بابتسامة سمجة وكلمة خلى املك فى ربنا كبير 
هى ايمانها بالله لاحدود له ولكنها فى النهاية أنثى وتتمنى هذا الطفل بغريزة الأم الفطرية التي زرعها الخالق بها 
تريد هذا الطفل من يوسف بالذات 
تتمنى أن يوثق وجوده حبهما للابد 
ترغب فى ان تجرب احساس جنينها وهو ينمو ويتكون فى رحمها 
تتمنى ان ترى ملامحها ويوسف وقد امتزجا في ملامح انسان واحد 
يوسف 
حبيبها وزوجها 
لم يتركها للحظة فى رحلتها تلك
تحمل كثيرا عصبيتها وحزنها ونوبات بكائها المستمرة بعد كل نتيجة سلبية لاختبار حمل 
كان بالمرصاد لكل من يحاول مضايقتها او التلويح لها بالأمر حتى أنه أخذ عهدا على أمه بعدم فتح الأمر مطلقا معها 
نظرت الى العصا من جديد وهى تتذكر اخر مرة جلست فيها بهذه الطريقة منذ عدة أشهر وقد حبست نفسها فى المرحاض بينما أخذ يوسف يطرق الباب پجنون وهو يهتف 
ايلينا لو مفتحتيش الباب أنا هكسره 
ارتجفت ونهضت لتفتح الباب ليتفاجىء بعينيها المتورمتين ووجها الذابل الذي سحبت منه الډماء فاختفت نضارته كادت ان تسقط فضمھا بسرعة اليه حتى أجلسها على طرف الفراش لتخبره في ألم وهي تمسح دموعها 
سلبي يا يوسف سلبي زي كل مرة 
مسح على شعرها في حنان كأن الأمر لايعنيه 
ولا يهمك العمر كله لسة قدامنا 
حررت صوتها بصعوبة من بين نحيبها 
أنا باخد العلاج في مواعيده وبنفذ كل الدكاترة بيقولوه ازاي لحد دلوقتي مفيش حمل 
وصمتت قليلا لتشهق مواصلة 
استغفر الله العظيم 
رفع وجهها واحتضنه بين كفيه هامسا في حب أصبح يغدقها عليها بلا حساب عله يخدر ألم خيبة أملها 
انتي عندي أهم من أي حاجة ايه عايزة تجيبيلي عزول يشاركنى فيكي أنا مش عاوز عيال خالص يا ستي 
انتزعت وجهها من بين كفيه في عڼف واضح اعتاد عليه في الفترة الاخيرة 
يعنى

ايه مش عايز عيال انت ازاي مش فارق معاك كدة 
تلك الحمقاء 
ألا تعرف أنه يحتاج هذا الطفل أكثر منها 
ألا تعرف انه لا يريد ان يسكن ابناءه رحما غير رحمها هي 
ربت على كتفها قائلا 
اهدى بس يا حبيبتى اهدى 
هتفت وهي تنهض في حدة 
طبعا لازم ميكونش فارق معاك ما المشكلة مش من عندك انت لسة عندك الفرصة لكن انا 
وقطعت كلماتها وهي تشهق بالبكاء مجددا فنهض محاولا تمالك اعصابه من اتهامها السخيف 
انا فرصتي الوحيدة معاكي انتي ولو عيالي مش منك مش عايز عيال خالص فهمتي ولا اقول تاني ثانيا احنا لسة صغيرين معجزناش والدكاترة قالو لو العلاج مجبش نتيجة هنلجأ للحقن المجهري وده فرص نجاحه عالية فليه الزعل ما اهو قدامك زين وسمر بقالهم سنتين هما كمان مشوفتش حد فيهم متأثر ولا حاجة 
قطبت حاجبيها في تفكير 
زين هذا لم يكلف خاطره حتى بعرض زوجته على طبيب 
بل تشعر احيانا انه سعيد بهذا الوضع كأنه عقاپ مناسب لنفسه جراء تخليه عن صوفيا 
ثلاث سنوات مرت تقريبا دون حتى ان تراه يبتسم وعلى النقيض كان يوسف معها بكل صبره واحتوائه يرافقها من عيادة طبيب الى اخر متحملا معها فشل كل المحاولات ومايتبعه من نوبات حزن واحباط لها كيف له ان يكون رائعا هكذا 
لقد ظلمته كثيرا وقست عليه ومنعت عنه حبها وحنانها وهى تدور فى فلك واحد تبحث فيه عن رباط قوى يجمعها به ولديها رباط لاسبيل لها الى الفكاك منه ابدا 
تنهدت فى عمق وهى تنظر اليه هامسة في حنان يحمل كثيرا من الاعتذار 
يوسف انا بحبك اوى سامحنى ارجوك 
ابتسم وهو يميل اليها في خبث 
انتى واخدة بالك بتنطقى اسمى ازاى 
اخفضت رأسها فى خجل فقهقه عاليا وهو يجذبها اليه قائلا في عبث 
انتى اللى جبتيه لنفسك 
انتفضت على صوت دقات الباب لتعود من افكارها وجملته السابقة تتكرر 
افتحى يا ايلينا بدل ما اكسر الباب 
مررت يدها فى شعرها في عڼف لاتريد لهذا المشهد ان يتكرر من جديد فرغم انتهائه المرة الماضية بجرعات حنان زائدة تلقتها بسخاء بين ذراعيه الا أن خيبة الامل التى اعترتها وقتها ليست على استعداد لتذوق مرارتها من جديد 
نهضت فى تثاقل لتفتح الباب وحين رآها هتف فى قلق 
تانى يا ايلينا احنا مش قولنا متعمليهوش غير لما اجى 
نظر الى وجهها الذابل فتوقع ان تكون النتيجة ككل مرة ولكنها لحقته بهمسها القلق 
انا مبصتش فيه 
ونظرت تجاهه بسرعة لتتجاوزه جالسة على الفراش فى تهالك 
بالفعل لن يمكنها تكرار التجربة من جديد 
لن يمكنها رؤية نفس النتيجة ككل مرة 
لن يمكنها ان تشعر بعجزها القاټل كل يوم 
لحظات وعاد اليها جلس على طرف الفراش الى جوارها فلم ترفع رأسها اليه 
شعرت به يمسح على شعرها فى حنان وهو يطبع قبلة حانية عليه 
ابتسمت فى سخرية اذن النتيجة كالمعتاد فرد الفعل المشفق المتعاطف كما هو والموقف يتكرر بحذافيره وبذات القبلة المواسية 
حاولت كبح دموعها وعدم اعادة المشهد الدرامى بكل تفاصيله 
يوسف انا بجد تعبت ومش هروح لاى دكتور تانى كلهم بيكدبو عليا عشان ياخدو فلوس وخلاص 
رفع رأسها اليه وقال بابتسامة 
تعبتى ازاى بقا ده احنا لسة فى اول الطريق 
نهضت فى تعب لتواصل 
انا بجد تعبت ومش قادرة اكمل والحرية ليك فى اللى جاى انا مش هلومك فى حاجة لو عايز وازدردت غصة مؤلمة فى حلقها تحاول ان تنطق بالعبارة بصعوبة وبصوت متقطع اخرجتها 
لو عايز تتجوز من حقك 
اشاح بوجهه للحظات قبل ان يتنهد فى عمق ويواجهها من جديد قائلا 
انا فعلا هتجوز 
وقبل ان ترسم اى انفعال على وجهها سارع يخبرها في سعادة بالغة 
عشان انتى هتنشغلى بالبيبى اللى فى بطنك ده وهتنسينى 
مبروك يا احلى مامى فى الدنيا 
انتزعت نفسها من بين ذراعيه وعلامات ذهولها لم تختفى بعد تشبثت بكتفيه لتقاوم عدم احساسها بالأرض تحت قدميها اغمضت عينيها بقوة وفتحتهما لتتأكد أنها ليست قيد أحلامها المستمرة تلعثم صوتها وهي تسأل في حذر 
انت قولت ايه 
واضافت وهى تضع يدها على صدرها تقاوم تنفسها السريع 
انت مش بتهزر يا يوسف صح 
وهتفت وهى تضع كفيها على بطنها في رفق 
انا فعلا حامل 
هز رأسه وهو يلتقط كفيها ويقبلهما فى حنان لمعت عيناه لسعادتها لابتسامتها الحبيبة الى قلبه التي عادت غير مشوبة بحزن او احباط 
ايوة يا حبيبتى مظبوط انتى حامل 
مررت يدها فى شعرها وهى تجىء وتذهب فى عشوائية قائلة فى ارتباك 
لا انا مش مصدقة 
هرعت الى المرحاض من جديد لتبحث عن اختبار الحمل نظرت اليه بحدقتين اتسعتا كأنها ارادت احتوائه بداخلهما لتصدق 
اخذته بين يديها وخرجت اليه من جديد وهى تضحك پبكاء وتبكى بضحك وتصرخ 
انا حامل يا يوسف انا حامل اخيرا هشيل ابنك جوايا 
بدأت بالقفز كالأطفال فهرع اليها ممسكا كتفيها في قلق 
اهدى بس اهدى انتى كنتى حامل يا حبيبتى بس بعد عرض الايروبكس ده الله اعلم 
احتضنته بقوة وهى تردد 
بحبك يا يوسف بحبك بحبك 
انحنى ليحملها برفق وضعها على الفراش فى هدوء وقال متصنعا الجدية 
يلا بقا نستعد للحبتين بتوع الافلام متتحركيش من مكانك خالص واللى انت عايزاه هيجيلك
 

32  33  34 

انت في الصفحة 33 من 66 صفحات