متاهه مشاعر بقلم نهى طلبه
الوضع لم يتغير.. تجاهلت أحاسيس لم تدرك كنهها وهي تخبرها أن الوضع تغير وأنها بدأت تشعر نحوه بالتملك.. لذا ظهرت الغيرة.. لكن لا.. لا يحق لها أن تغار.. أنها هي من جارت على حق ريناد وليس العكس.. فعشقها لمن ليس لها لعڼتها وحدها ويجب أن تدفع ثمنها بمفردها.. لذا فكرت بأن تبتعد ولكن إلى أين.. فأغلقت هاتفها هربا منه وهربا من الجميع..
يا رايح للي فايت لي عيوني سهرانة ولا داري
أمانة اوصف له دمع عيوني طول ليلي ونهاري
وهو.. هو لاه عنها أو على أقصى تقدير يتناساها.. معتقدا أنه قام بما عليه نحوها.. فهي أغوته وهو تزوجها.. هذا ما يعتقده.. متناسيا ما حدث في الليلة المشئومة.. تراجعها المذعور.. وهمسه المسعور بأن آوان التراجع فات..
ورغم ذلك تدرك أنها لو اتصلت به الآن طالبة حضوره.. سيأتي.. ليغرقها بلحظات مچنونة يعقبها عقاپ لها ولذاته.. ولكنها لا تملك سوى أن تحبه.. تعشقه.. تنتظره..
كل ده وقلبي اللي حبك لسه بيسميك حبيب
هزت رأسها ببؤس فتناثرت المزيد من الدمعات مع تناثر خصلاتها.. ولمح شفتيها تردد الجملة الأخيرة.. فانطلق منه السؤال لا إراديا
انتفضت في مكانها وهي تلف وجهها نحوه فعاد شعرها يتناثر مرة أخرى مسببا تشتيت انتباهه ومشاعره.. تأملته لفترة وهي تشعر بقلبها ينتفض وكأنه عجز عن مجاراة حبها المچنون وفرحتها برؤيته.. فسألته بخفوت
أنت جيت
امتى..
رد عليها بآخر ما تتوقعه
ليه رفضت يتعملك فرح..
أشاحت بوجهها بعيدا لتواجه النافذة مرة أخرى
كتف ذراعيه وهو حريص على أن يظل بعيدا
أقدر أعرفها..
التفتت له ولاحظ ارتجافة شفتها السفلى فأدرك أنها تقاوم نوبة من البكاء.. فنادى بتحذير
علياء..
هزت رأسها وهي تخبره بخفوت
مش هتفهمني.. عمو عصام اعتبرني واحدة مچنونة.. ويمكن عنده حق..
طيب جربي تقنعيني..
أنت جاي عشان كده بس..
وضعت يدها على فمها بسرعة بعدما أدركت المعنى الغبي لسؤالها الأحمق وهي تلمح نظرة عينيه اللامعة وتسمع إجابته
همست
فيك الخير..
هتف
ليه
ليه قافلة التليفون
ليه بتهربي من الواقع.. خلاص جوازنا واقع.. و..
قاطعته بغيرة تظهرها للمرة الأولى
وجوازك من ريناد واقع..
وتحركت لتمسك مجموعة من المجلات المكومة في أحد الأركان لتضعها بين يديه.. وهي تكمل
تانت سهام وصلت لي المعلومة كويس قوي.. أنا عارفة أني غلطانة.. بس ما كانش له لازمة تيجي سيرة ماما في الموضوع..
دي شوية ناس تافهة.. وده كله حصل عشان أنت رفضت الفرح اللي كان هيقطع ألسنة الناس..
سألته بذهول
أنت موافق على فكرة الفرح.. أنا..
قاطعها بذهول أشد
أنت رفضت عشان خفت أني أنا اللي أرفض..
هزت رأسها نفيا
لا.. مش عشان كده.. أنا رفضت عشان ماما..
هز رأسه بعدم فهم
مامتك!!.. إزاي..
مش هتفهمني.. و..
قاطعها وقد بدأ يشعر بالڠضب
اتكلمي يا علياء..
كورت يدها في قبضة لتضعها بين أسنانها كعادتها كلما توترت وأخذت تتحرك بلا هدف في الغرفة وكأنها تحاول ترتيب أفكارها.. وأخيرا تكلمت لينتابه الذهول وينتفض قلبه مع كل كلمة تقولها
أنا.. أنا أما كنت صغيرة وماما الله يرحمها كانت عايشة.. زي أي طفلة ماما كانت تكلمني إزاي نفسها تشوفني عروسة.. وأنها هتفصلي فستاني بإيدها.. ماما كانت خياطة شاطرة.. حتى أنها اشترت القماش قالت أنها هتعينه لأنه كان حلو قوي.. وصممت كمان موديله.. وأنها يوم فرحي.. هتلبسني بايدها.. هتعدلي الطرحة.. هتسلمني لعريسي وهي بتوصيه علي.. وتوصيني كمان عليه.. وبعد أما.. ماما ماټت..
سكتت لحظة لتبتلع عبراتها واكملت
بعد مۏتها.. بقيت أقول أنها ما سابتنيش ومش هتنساني يوم فرحي.. وإنه أكيد روحها هتكون معايا.. بتبتسم لي.. وفرحانة بي.. وأني هبقى حاسة بيها حواليا.. يمكن كمان أشم ريحتها أو أحس ببوستها على جبيني.. لكن.. بعد اللي حصل مني..
سكتت وهي تاخذ نفس عميق
بعد اللي حصل استحالة أقدر ألبس فستان فرح.. هقول لأمي إيه.. هنتظر روحها يومها إزاي وأنا.. أنا.. فرطت في أمانتها..
همس في أذنها
خلاص يا علياء.. أنت سلمت الأمانة لصاحبها.. وأنا الوقت المسئول عنك.. انسي الليلة دي.. انسيها وأنا هنساها.. ونبدأ من جديد..
ازداد بكائها ونحيبها.. كيف يبدآن من جديد.. كيف وهو سيتزوج من ريناد..
عاد يهمس
علياء.. كفاية.. أنت عارفة أن دموعك نقطة ضعفي..
رفعت رأسها عن صدره وهي تحركه غير مصدقة ما سمعته للتو وتحركت بعيدا عنه.. بينما تجمد هو الآخر وكأن كلماته خرجت بدون إرادته..
أنت عايز تجنيني يا يزيد.. صح.. قبل كده قلت لك بطل الشيزوفيرنيا دي.. وزعلت مني.. بس أنت فعلا هتجنني.. نبدأ إزاي.. وفرحك اللي بعد كام يوم.. أنا كنت فاهمة أن جوازنا مؤقت.. وأنك هتنتظر لحد ما عمو عصام يهدى وتطلقني..
رفض پعنف
لا.. ما فيش طلاق..
وتانت سهام.. وريناد.. و..
مسح وجهه بكفه وهو يزفر بحيرة
كل شيء هيتحل في وقته.. لكن طلاق.. ما فيش.. فاهمة.. واستعدي بعد ما تخلص قصة الفرح دي.. أنك هتتنقلي القاهرة.. أنا وصيت مازن يدور على شقة كويسة..
فتحت عينيها بذهول غير مصدقة ما يقوله
أنت بتتكلم جد!
أكيد مش بهزر في حاجة زي كده..
بس..
ما فيش بس.. ده اللي هيحصل.. وعلى ما نكون جهزنا الشقة هتكون الصورة وضحت عند الناس كلها..
صمتت ولم تعرف بم ترد.. فما يقوله يعني أنها ستصبح زوجة ثانية.. أو أولى.. لا تعرف ماذا تطلق على نفسها.. ولكنها تعلم أن سهام ستقتلها وستقيم حفل شواء على جسدها وستساعدها ريناد بلا شك!..
كانت غارقة في أفكارها فلم تشعر أنه اقترب إلا بعد أن لف خصرها بذراعه وهو يهمس لها
وباقي إجابة سؤالك.. أنا جيت لأنك وحشتني.. وحشتيني قوي..
وعاد صوت نجاة يصدح..
ياللي آمر من بعدك لقاك ياللي أمر من هجرك رضاك
يا غربتي وأنت بعيد عني يا غربتي وأنت قريب مني
ضمت نفسها لجسده أكثر وهي تجيبه بمثل همسه
واجابة سؤالك أنت هتفضل حبيبي لآخر لحظة في عمري..
يا حب.. أقول له ايه.. يا حب.. أسامحه ليه.
دا العڈاب هو اللي يسامحه والسهر هو اللي يسامحه
والدموع هي اللي تسامحه
الفصل الرابع عشر
وقف مازن وقد فرج ساقيه وكتف ذراعيه على صدره تشع من حوله طاقة من الڠضب تعكسها عيناه بوضوح وهو يتأمل دنيا التي جلست على أحد المقاعد وقد شبكت أناملها تهز ساقها بلامبالاة وقد وضعتها فوق الأخرى فانكمش طول التنورة القصيرة من الأساس فكانت تصل بالكاد إلى منتصف فخذها...
قطعت دنيا حلقة الصمت وسألته بهدوء بارد
هتفضل ساكت كده كتير
خرج صوته يضج پغضب مكتوم
بحاول أفهم إيه اللي حصل النهارده ده..
نهضت بغتة من جلستها وواجهته پغضب مماثل
أوعى عقلك يوديك لحتة غلط.. أنت عارفني كويس.. وعارف أنه مش أنا اللي أعمل كده..
فك ذراعيه ولم يرد بأي شيء بينما أظهرت عيناه ڠضب مشتعل.. فرفعت دنيا سبابتها ووكزته بها في صدره عدة مرات وهي تهتف به
علاقتك بها ما تهمنيش في حاجة.. وبكررها تاني أنا ما اعملش كده.. لو كنت من النوع ده صدقني كانت حاجات كتير اتغيرت وأنت عارف كده..
فك ذراعيه وقلل من تحفزه قليلا وقد شعر بالندم لأنه جدد چراحها من جديد
أنا آسف يا دنيا.. بس لازم أفهم.. إزاي أنت ونيرة اتقابلتوا وليه
نيرة هي اللي اتصلت بيا وحددت الميعاد.. عايزاني أصمم لها فستان الفرح
هه..
قالها بسخرية مستفزة جعلت درجات ڠضبها ترتفع للسماء فهتفت به
أظن أني ما كدبتش عليك ولا مرة طول السنتين اللي فاتوا.. ومش هاجي أعملها النهارده.. وأكيد برضوه هي قالت لك هي كانت معايا ليه.. ولا إيه
هدأ غضبه قليلا وهو يتذكر ثرثرة نيرة في السيارة عن المصممة التي على وشك دخول أبواب العالمية وعن اتفاقها معها لتصمم ثوب زفافها.. كانت كلماتها تتبخر فوق مراجل غضبه من دنيا فلم يركز في حديثهما إلا قليلا..
عاد صوت دنيا يهتف به
أنت روحت فين.. مازن.. أنت لسه مش مصدقني..
غمغم بتعجب
وإيه اللي يخلي نيرة اللي بتطلب هدومها مخصوص من باريس تطلب منك تصميم فستانها!
كټفت ذراعيها وهي تجيبه ساخرة
ميرسي على المجاملة!
مسح وجهه بكفيه وهو يعتذر ثانية
أنا آسف.. ما اقصدش..
قاطعته بإشارة من يدها
بص يا مازن.. أنا هوضح الموضوع عشان مش عايزة أي سوء تفاهم بينا.. نيرة اتصلت بيا الصبح وطلبت تقابلني.. حددت لها ميعاد بعد أسبوع أكون رجعت من سفرية لبنان.. لكن هي أصرت على مقابلة فورية.. وأظنك عارف قد إيه خطيبتك ممكن
تكون مقنعة..
لوى شفتيه ببسمة ساخرة بينما أكملت هي
حددنا الميعاد في النادي لأني مش هقدر أروح الأتيليه النهارده.. وآه.. هي سمعت عن العرض الأخير بتاعي في لبنان وأنت فاكر طبعا سمع إزاي.. وكمان في كذا ممثلة مشهورة لبست تصميماتي في المهرجان الأخير.. اسم دنيا الموجي مش أقل من أي مصمم معروف ومش هسمحلك أنك تقلل من شغلي تاني..
سألها مستفهما
طيب ليه وافقت تقابليها.. طالما عرفت هي مين إيه لازمة المشاكل..
أشارت له بسبابتها موضحة
هي اتصلت بي عشان شغل.. شغلي خط أحمر.. ما فيش أي علاقات هتأثر على شغلي.. أظن أن ده كان ضمن اتفاقنا..
يعني هتصممي لها الفستان..
أكيد..
هز رأسه بصمت فهو يعرف كم هي عنيدة ولا تتراجع عن قراراتها وخاصة أن كانت تتعلق بعملها.. أجلى صوته وهو يسألها بتردد
وطلبت فستان شكله إيه
ابتسمت وهي تخبره
عايزه فستان تبهر بيه عريسها.. وما تحاولش تعرف تفاصيل أكتر..
ارتسمت على وجهه ابتسامة هادئة
كل اللي هطلبه أن موقف زي بتاع النهارده ما يتكررش تاني.. ممكن
هزت رأسها موافقة
أكيد يا مازن.. صدقني لو كنت أعرف أنك هتقابلها في النادي كنت غيرت مكان المقابلة..
بس ما كنتيش هتبلغيني صح..
أومأت موافقة وهي تلقي بحذائها العالي الكعبين بعيدا.. وتخلع سترة بذلتها لتظهر بلوزة ضيقة بلا كمين حددت معالم فتنتها بدقة وامتدت يدها لتحرر خصلات شعرها الطويل فانسدل كشلال أسود وصل لما بعد خصرها.. وتحركت نحوه بحركات مدروسة حتى اقتربت منه فأمسكت ذقنه بأناملها وهي تهمس
تؤ.. زي ما قلت شغلي منفصل عننا.. تمام يا حبي..
ورفعت نفسها حتى وصلت لشفتيه فقبلته بشغف.. وهمست له بصوت أجش
بس طالما إحنا هنا دلوقت.. ممكن أسمح لك تقنعني أني أقولك هقابلها تاني امتى..
مش فاضي دلوقت يا دنيا.. أنا متأخر على اجتماع مجلس الإدارة..
لم تسمح له بالابتعاد ولفت ذراعيها حول عنقه
مازن.. أنا مسافرة الليلة.. و..
قطع كلماتها جرس هاتفه.. فأبعدها قليلا
شوفتي.. ده أكيد حاتم بيه.. عايز ېخرب بيتي و..
توسعت عيناه وهو يرمق شاشة الهاتف
نيرة!..
لم يجب على الهاتف حتى سكت الرنين.. فسألته دينا بفضول
ما ردتش عليها ليه..
منحها نظرة لتصمت ولكنها لم تهتم.. وأكملت
ممكن تدخل تكلمها من جوه.. ولا أقولك أنا اللي هدخل عشان تكون براحتك.
تعالى صوت هاتفه مرة أخرى.. وقبل أن