الإثنين 25 نوفمبر 2024

روايه بقلم ساره المصرى

انت في الصفحة 27 من 66 صفحات

موقع أيام نيوز


سوى أن تعتذر بعينيها فكلماتها في مثل هذا الموقف ستكون محض وقاحة من الجميع لم تتخيل أنه يحبها لتلك الدرجة 
لم تتخيل أنه تنازل عن كل شىء فقط ليبتعد عن جرحها له 
لم يكن بالضعف الذي تتخيله بل كانت هي ضعفه الذي خلعه عنه الان مع دبلتها ليبدأ كتابة صفحة جديدة من حياته 
وخزات الضمير المؤلمة قد تكالبت عليها تجاه زين الذي أفقدته حبيبته 

تجاه صوفيا التي عرضتها للامتهان 
تجاه ابيها الذي تلاعبت بكرامته 
وتجاه حسام الذي جعلها تفكر بأي منطق كانت ستفر منه دون أن تفكر مطلقا في كرامته كرجل 
نظرة أخيرة من زين أحړقتها نظرة رجل خسر حبيبته وللأبد حبيبته التى نبض لها قلبه من بين كل نساء الأرض وخسرها بسببها وماذا عن أمها لو علمت بعد عودتها ماذا بامكانها أن تضيف الى الامها ايضا 
عاد يوسف من المرحاض بعد أن انتهى من غسل يده الى ايلينا التي كانت على مائدتها تواصل تناول طعامها فى أفخم مطاعم مدريد 
جاء من خلفها ليراها تحاول العبث بهاتفه تنهد وهو يحاول أن يتجاوز هذا لازالت على وضعها بعدم الثقة به حتى وان ادعت العكس ماضيه لازال يقف عقبه بينهما 
مسح وجهه بيده وهو يحاول أن يقنع نفسه ان كل هذا سيتغير مع الوقت فالثقة مجرد بذرة تحتاج الى رعاية من الطرفين لتتشعب جذورها وتثبت اكثر في نفس كل منهما 
لف ذراعه حول كتفيها فانتفضت وهي تضع يدها على صدرها وتمسك الهاتف بيدها الأخرى ليمد أصابعه تجاه هاتفه هامسا في أذنها 
ايلينا 
انتفضت لترد في تلعثم 
أنا كنت 
قاطعها وهو يهمس مجددا لا يريدها أن تكذب 
كلمة السر ايلينا 
قالها وهو يكتب الحروف فى بطء ليفتح الهاتف أمامها قبل وجنتها بسرعة قبل ان يعود الى مكانه في الكرسى المقابل لها 
لاحظ توترها وهي تحاول أن تسوق أي مبرر لما يحدث فقال ليعفيها من الحرج 
هوا موبايلك فاصل ولا ايه عايزة تكلمي مين 
تنهدت لتجيبه بما تريده في صدق 
عايزة أكلم صوفيا موبايلها مقفول بقاله يومين ومش عارفة أوصلها قلقانة عليها أوي يا يوسف 
تناول الهاتف منها قائلا 
هاتي أكلم زين أكيد عارف مكانها 
قبضت على كفه وهي تناوله الهاتف لتسأله في دهشة 
أنت عارف اللي بين صوفيا وزين 
ابتسم وهو يرفع حاجبيه 
زين مقوم البيت كله حريقة بقاله كام شهر عشان خاطرها 
مالت اليه في ترقب 
وأنت يا يوسف رأيك زيهم 
مال بدوره اليها 
قبل ما أعرفك اه كان ممكن يكون رأيى زيهم بس من بعد ما عرفتك وعشت السعادة اللى مكنتش أتخيل اني أعشها شايف ان اللي بيتجوزو من غير حب بيفوتهم كتير 
وغمز بعينه وهو يتناول كفها ليقبل باطنه 
وأنا مش عايز أخويا يفوته حاجة 
رمقت نظراته الشغوفه بها فاحمرت وجنتيها وهمهت في خجل 
مش هتكلم زين 
اعتدل من جديد وهو يبتسم ويحتفظ بكفها فى يده قائلا 
هنكلم زين 
وضع الهاتف على أذنه ولحظات وتجهم وجهه تدريجيا وهو يقول في حذر 
تعبانة من امتى يا زين 
ارتعدت ايلينا وسحبت كفها من يده وانتفضت لتقف الى جواره في ترقب حتى أنهى مكالمته ليقف مواجها لها يخبرها في حزن 
للأسف صوفيا تعبت شوية ونقلوها المستشفى 
أمسكت بذراعه تسأله في خوف واضح 
امتى حصل الكلام ده وحالتها ايه 
ضمھا تحت ذراعه يطمأنها 
اهدى حبيبتي هيا كويسة 
نظرت له فى هلع ينفي تصديقها له 
أنا خاېفة عليها اوي يا يوسف 
ربت على وجنتها لتهدىء 
هتبقى كويسة ان شاء الله زين قال حاجة بسيطة 
رفعت رأسها اليه بعينين دامعتين ففهم ما تعنيه دون أن تنطق فهم خجلها فيما تريد طلبه فتنهد في عمق قائلا 
حاضر يا ايلينا هنسافر على أول طيارة 
أمسكت كفه تسأله في حب 
يعنى انتي مش متضايق ولا زعلان 
هز رأسه يجيبها في رقة 
من جهة زعلان فأنا زعلان ان احنا هنرجع ومكملناش اسبوعين 
أنا بحبك اوي يا يوسف ربنا يخليك ليا 
ويخليكى ليا يا اغلى من عمري كله 
في زين

اه من زين 
لماذا ظهر في حياتها من الأصل 
لم يكن سوى نسخة مكررة من غيره لقد غامرت بنفسها من اجل ان تنقذ شقيقته 
غامرت من أجله هو 
وفى تلك اللحظة تمنت لو لم تحبه بعدما كانت ترى ان حبه هو اجمل شىء حدث لها 
ألم يكن بمقدوره ان يكون اكثر رحمة 
الم يكن 
اخبارك ايه دلوقتى 
اخرجتها الطبيبة من افكارها فتمتمت 
احسن الحمد لله 
عقدت الطبيبة ساعديها وقالت في رفق 
لسة بتفكرى فى اللى حصل انا قولتلك لو حبيتى تقدمى بلاغ فى الراجل ده انا مستعدة اشهد معاكى 
اغمضت صوفيا عينيها فى الم 
مبقتش فارقة 
قالت الطبيبة وهي تميل اليها 
بس الراجل ده صعب اوى نفذ اللى عايزه ڠصب عن ابنه ومن وراه كمان 
التهمت اذن صوفيا الكلمات فاعتدلت بسرعة وهى تسألها في لهفة 
انتى قولتى ايه اللى عمل كدة ابو زين مش زين نفسه 
هزت الطبيبة كتفيها قائلة 
معرفش زين مين بس الشاب
اللى كان معاه كان هيصور قتيل ساعتها واضح ان ابوه اتصرف من وراه 
وضعت صوفيا جبينها بين كفيها وفركته فى قوة وهى تتمتم 
يعنى مش زين مش زين 
وعادت لتهمس فى خيبة امل 
طب ليه سابنى ومسألش عني من وقتها 
لم تملك الطبيبة اجابة هذه المرة فأغمضت صوفيا عينيها وهي ترتمي من جديد على وسادتها لتأخذ وضعها القديم مواصلة في رجاء 
من فضلك سيبينى لوحدى 
تركتها الطبيبة بناءا على رغبتها لتحاول أن تعادل افكارها من جديد بعد ما علمته 
هل لا زالت تسخط على زين 
ام انتقل هذا السخط على والده 
هل لم يعد مذنبا من وجهة نظرها 
أغمضت عينيها فى حزن فالان علمت انه من المحال ان تتقبلها هذه العائلة فهل عليها ان تفكر فى عرضه السابق بالابتعاد عنهم من جديد ولكن 
اوقفت افكارها تماما وهى تغطي رأسها بالوسادة لتحاول الهرب من كل شىء لن يمكنها اتخاذ قرار مناسب وهي في هذه الحالة لحظات و شعرت بباب الغرفة يفتح فظنته احدى الممرضات لتهتف فى تأفف 
قلت مش عاوزة 
وقطعت كلماتها ليتسع ثغرها وتنهمر دموعها فى حرارة هذا بالفعل كل ما كانت تحتاجه الان 
الفصل السابع عشر 
ارتمت صوفيا بسرعة بين ذراعي ايلينا وكأنها افتقدتها منذ مائة عام 
أخذت تتمتم بين دموعها 
سيبتينى لييه ايلينا سيبتينى ليه 
صوفيا حبيبة قلبي مالك 
تبكي النبذ الذى ستظل تعانيه عمرها بأكمله تبكي الذنب الذى تحاسب عليه دون أن ترتكبه 
مر يوسف بالحديقة قبل أن يدلف للقصر ليجد علي الصغير جالسا على احدى الطاولات وهو يتحسس بيده كتابا بطريقة برايل ابتسم كعادته حين يرى هذا الصغير الذي يذهله دوما رؤيته تبعث السعادة الى أي نفس مهما حملت من مشاق يكفيها نظرة الى هذا الملاك لتنفض عنها كل ما تختنق به من هموم خلع نظارته الشمسية وسار في اتجاهه ببطء وقف الى جواره للحظات يتبين ان كان سيكتشف وجوده أم لا ولم يخطأ ظنه اذ ابتسم علي وهو يقول في بساطة أهلا يا يوسف 
ضحك يوسف وهو يجذب مقعدا ليجلس امامه يسأله في حيرة 
لا بجد بقا قولي عرفت ازاي أنه أنا من غير ما اتكلم حتى 
هز علي كتفيه وهو يشرح له 
اولا بحس أن فيه حد جاي من صوت خطواته حتى لو هوا حاول يداريها فيه احساس بسيط ودني بتستقبله الخطوات بالنسبالي زي البصمة كل واحد فيكو ليه خطوة معينة وطبعا ريحة كل حد بتأكد البصمة دي 
رفع يوسف حاجبيه في ذهول هذا الطفل يخدعهم بالفعل هو رجل متنكر في زي وصوت طفل كيف لمن في عمر التاسعة أن يتحدث بهذا الأسلوب والمنطق بل أن يقضى جل وقته في قراءة كتب لا يستوعبها عقله هو الراشد 
قاطع علي أفكاره التي يعرفها جيدا ومل من تفكير غيره دوما به هكذا هل ينتظرون من طفل كفيف أن يحيا العمر ساخطا على حرمانه من حاسة حباه الله بعشرة أمامها انه يرسم العالم بذهنه هو بخياله البريء الذي لم يلوث بعد بأحقاد البشر 
قولي يا يوسف عامل ايه مع ايلينا 
ابتسم يوسف حين سمع اسمها منه كل منهما بالفعل يليق أن يكون أخا للاخر 
كويسين بس اضطرينا نرجع عشان تعب صوفيا 
ومال اليه يربت على كفه قائلا 
المهم دلوقتي طمني عليك عامل ايه مش محتاج أي حاجة 
رد علي في امتنان 
الحمد لله أنا بخير طول ما انتو بخير 
واصل يوسف في حنان 
علي انت عارف انا بعزك قد ايه ومش عشان انت أخو ايلينا ولا ابن عمو سمير الله يرحمه لو احتجت أي حاجة في أي وقت اطلبها مني أنا 
مد علي كفه ليربت على كف يوسف وهو يبتسم في ود 
اللي ممكن أطلبه منك انك تخلى بالك من ايلينا ايلينا بالنسبالي كل حاجة اختي وأمي وحبيبتي و 
قاطعه يوسف مازحا 
ايه يا حاج علي أنا كدة هغير 
وأردف في جدية 
ايلينا بقت حته مني يا علي بقت بالنسبالي كل حاجة اطمن 
تنهد الصغير وهو يضع كتابه على الطاولة 
ربنا يسعدكو 
وقفت ايتن فى تردد امام باب منزله 
تمد يدها الى جرس الباب ثم تعود فى منتصف الطريق 
تعبث فى خصلات شعرها الاسود 
تقضم اظافرها وهى تحاول ان تتخذ تلك الخطوة التى عزمت عليها واصبحت اكثر صعوبة حين دخلت حيز التنفيذ لم تتخيل للحظة ان حسام بامكانه التخلى عن كل شىء عن عمله ومكانته وعنها ايضا 
غرورها الذى صنعته من الأصل مشاعره الجياشة نحوها صور لها انه قد يتنازل عن اى شىء من اجلها وانه بسهولة سيصفح عنها ويتناسى كل ما حدث انقطعت حيرتها وحسام يفتح الباب فجأة 
انتفضت للخلف فى فزع بينما حافظ الثاني على توازنه رغم المفاجاة التى واجهته بدوره ربما صډمته الكبرى فيها افقدته اى شعور بالصدمة بعدها 
استند بكفه على الباب وهو يأخذ نفسا عميقا ليقول فى حدة 
خير يا ايتن اللى جابك هنا 
ازدردت ريقها تجيبه فى تلعثم 
هنتكلم على الباب 
نظر خلفه لحظات وعاد ينظر لها قائلا في حدة 
انا عايش لوحدى 
تنحنحت فى حرج لتجلي صوتها لم تعتده حادا هكذا من قبل 
حسام انا عاوزة اتكلم معاك لو سمحت 
عض على شفته السفلى وتنحى جانبا لتدخل وهو يقول باقتضاب 
اتفضلى 
راقبها وهى تدخل لتجلس على اول مقعد صادفها فى الصالون 
نظر الى الباب ليتركه مفتوحا ويقف الى جوار مقعد مقابل
 

26  27  28 

انت في الصفحة 27 من 66 صفحات