الأحد 24 نوفمبر 2024

روايه بقلم ساره المصرى

انت في الصفحة 21 من 66 صفحات

موقع أيام نيوز


وابتسمت فى تهكم لابد انها عادت بعد دقيقة من خروجها لأنها نسيته متى تتوقف تلك الفتاة عن نسيان أشيائها فى كل مكان حملت الهاتف وهي تحتفظ بابتسامتها وتعد كلمات السخرية كالمعتاد فتحت الباب وهى تتأهب للحديث فبقى ثغرها مفتوحا بل اتسع اكثر واكثر فى ذهول وهى ترى يوسف يقف أمامها 

كنزة قصيرة زرقاء تصل بالكاد الى خصرها لتبرز منحنيات جسدها فى دقة تخلص هو من ذهوله بشكل أسرع وهو يقول بعد ان تنحنح ليتصنع الجدية 

لو سمحتي يا انسة أنا عاوز ايلينا حضرتك صاحبتها 
رفعت حاجبيها وقد خلصتها مزحة يوسف من توترها هي زوجته على أي حال ولن يحدث شىء ان رآها هكذا ردت فى جديه 
نعم يا يوسف فى ايه علي فى مدرسته وصوفيا مش هنا 
ابتسم في نفسه فالفرصة أمامه متاحة تماما فتمادى فى مزاحه اكثر قائلا 
يا انسة لو سمحتي انديهالي مراتي 
نظرت الى هيئتها قبل أن تقول في غيظ وهى تهم بغلق الباب 
طيب روح دور على مراتك في مكان تاني 
تلقى الباب بيده ليمنعها من غلقه قبل أن يدخل هو لمواجهتها ويغلقه خلفه قائلا وهو يكور وجهه 
ياباى عليكى الواحد ميعرفش يهزر معاكى ابدا 
عقدت حاجبيها في تذمر وهي تراه يجول بعينيه على جسدها كأنه يتعمد ارباكها نظر الى جسدها المنحوت والذى تخفيه بحجابها ولها الحق فى ذلك وان لم تفعل لطلبه منها فلن يسمح لغيره بأن يرى كل هذه الانوثة ليمتع ناظريه بهما 
احتضنت نفسها قائلة فى توتر 
يوسف عاوز ايه 
ابتسم وهو يقترب منها قائلا 
ايه الجمال ده كله 
ازدردت ريقها واحمرت وجنتيها وانتفضت وهو يمد انامله يلامس شعرها الغجرى هامسا في نبرة مؤذية لارادتها الهشة 
تعرفى اني طول عمرى بعشق الشعر الغجرى ده اوعى تعملي فيه أي حاجة أنا عايزه على طول كدة 
كاد ان يمد يده الاخرى لتتجول فى خصيلات شعرها اكثر لولا ان مدت يدها لتنزل كفه فى عڼف هاتفة 
يوسف انت بتعمل ايه انت اټجننت 
تراجع خطوتين قائلا وهو يضع يديه فى جيبه 
اټجننت واضح انك نسيتى ان احنا متجوزين 
ردت فى عناد طفولى وهى
صورى بس واحنا اتفقنا على الانفصال 
انت هتعمل ايه 
هبطلك تقولى كلمة صورى دى تانى 
يوسف اعقل بلاش جنان 
الجنان هوا الحاجة الوحيدة اللى تنفع معاكى 
ايه رأيك بقا لو فعلتلك الجواز ده دلوقتي حالا 
الفصل الثالث عشر 
يوسف قوم مينفعش كدة 
صراع بداخلها يحتدم مابين القلب والعقل وهي لاتعرف الى أي جهة تنحاز ارتعدت أناملها فأحكم أنامله حول كفها يدعمها ويعطيها الأمان بلمسة حين أدركت تأثيرها أفلتت دمعة عجز من عينها دون قصد وهمست بصوت متهدج 
يوسف أرجوك أنا مش قادرة أتوازن نهائي وجودك بيربكني ومش بيخليني عارفة أفكر أنا عاوزة أبعد لا أنا عاوزة 
قاطعها وهتف بكل حنان الدنيا 
بحبك 
انطلقت من قلبه الى شفتيه فلم يعد للعقل وجود أصبح للمشاعر كامل السلطة والقرار 
شهقت من اعترافه الواضح والصريح فمال أكثر ليلامس جبينه بجبينها قائلا 
مش بس بحبك أنا بعشقك يا ايلينا اديني قولتهالك من النهاردة مش هتبعدي ولاهتروحي في أي مكان من النهاردة أمانك وسكنك وحمايتك هوا أنا مش بعد ما خليتى قلبى يدق ترجعى تخلي بيه 
وانا كمان بحبك يا يوسف 
بس تفتكر الحب
قطب جبينه فى حيرة 
مش فاهمك 
تحركت قليلا في المكان وهي تواصل 
يوسف أنا وأنت غير بعض في كل حاجة أنت ماشى فى طريق وأنا ماشية فى طريق عكسه ازاي هنقدر نتقابل 
ايلينا احنا فعلا اتقابلنا فى نقطة ودلوقتي ماشيين في نفس الطريق انتي ليه مش قادرة تصدقي اني فعلا اتغيرت 
نظرت له في محاولة لاقناع نفسها بما يقوله 
مش بالكلام يا يوسف عاوزة أحس فعلا انك اتغيرت بجد ومش عشاني عشان أنت غلط ولازم تتغير للصح 
أشاح بوجهه فلم يعد يعرف ماذا بامكانه فعله ليرضيها بالضبط 
احتوت هي كفيه هذه المرة وهي تخبره مقصدها في حنان 
أنا مش عاوزاك تتغير كام يوم وبعد كدة ترجع للي كنت فيه 
انتزع كفه من بين يديها في حنق باحت به نبرته وهو يقول 
ابتسمت للحظات عادت بعدها تردف في ترقب 
عاوزة أحس ان ده مش طبعك وأن زى عم محمود ما قال مريت بتجربة صعبة غيرت من حكمك على الأمور احكيلي يا يوسف وافتحلي قلبك 
تراجع وتعرق جبينه بل شعر وكأنه يغتسل بعرقه فأعطاها ظهره لتلحظ توتره وألمه فوقفت أمامه قائلة 
يوسف انت محتاج تتكلم وأنا محتاجة أسمعك 
تنهد في حړقة وهو يطرد تلك الذكرى اللعېنة عن رأسه فرك جبينه بكفه قبل أن يطلب منها في رجاء 
مش هقدر اتكلم يا ايلينا مش عشان مش عاوز بس الموضوع ميخصنيش لوحدي 
قطبت حاجبيها في حيرة 
مش فاهماك ممكن تحكي من غير 
تحشرج صوته كثيرا وهو يهمس في توسل 
يوسف خلاص اهدى 
توعديني اني عمرك ما هتبعدى عني 
همست في نعومة 
لو وعدتنى ان عمرك ما هتجرحني 
اوعدك 
أنت ما هتصدق ولا ايه 
ابتعد وهو يعود الى مرحه ودعابته قائلا 
طيب اذا كان كدة تبقى تدخلى تلبسى حجابك عشان هنتغدى سوا برة 
واضاف وهو يغمز بعينه 
والفرح كبيرنا اسبوع ولا اتنين وهيتعمل والا قسما بالله كلمة زيادة لارجع اعمل اللى كنت بعمله والمرة دى بجد 
هستناكى برة 
جلست صوفيا على حافة حوض الزهور الذى يرعاه تأملت تلك الزهرة البيضاء بمنتصفه في حزن تبدو مثلها تماما وحيدة منبوذة من كل الزهرات لقد جرحها وكان جرحه اكثر ايلاما من أي ۏجع عاشته من قبل لقد حكم مثل الأخرين تماما لقد نبذها مثلما نبذت من قبل عائلتها لقد اتهمها دون ان يسمعها هل اخطأت حين ظنت انه ربما يحمل لها مشاعر هل عاشت هذا الوهم وحدها هل فرضت نفسها عليه فأراد ان يبعدها بأي طريقة هل كانت ايلينا على حق حين اخبرتها انهما مختلفان فى كل شىء ورغم ذلك القت بكل هواجسها جانبا واندفعت تحبه بكل طاقة تملكها مشاعرها كان من الأجدر ان تفر من البداية قبل ان يصل الامر بها الى تلك النهاية مڼهارة وحيدة منبوذه كالعادة تعيش حزنها وتحاول مداواة المها پألم جديد تعرف انه 
سمتها صوفيا 
انتفضت على صوته فالتفتت اليه ليواصل 
جمالها مينفعش يشيل اسم تانى غير كدة 
بعد اذنك 
صوفيا استنى 
واخفض رأسه ليضيف في خجل 
انا اسف بجد اسف 
ردت بنبرة مخټنقة 
اكتر كلمة بكرهها فى الوجود بنأذى اللى قدامنا ونجرحه ونهينه وبعدين نقول اسف المفروض الكلمة دى تريح ضميرك طيب هتقدر تمحى اللى انت قولته مفتكرش 
حاولت ان تتخطاه فأغلق الطريق عليها قائلا 
صوفيا من فضلك اسمعينى 
نجحت فى تخطيه بالفعل وهي تخبره في حسم 
سمعت منك كتير بعد اذنك 
وركضت فى اتجاه المنزل الصغير الذى تقيم فيه مع ايلينا ولكنه كان أسرع منها حين حاولت ان تغلق الباب دفعه بيده ودخل خلفها ليغلقه هو فتراجعت صوفيا قائلة 
من فضلك ايلينا خرجت مع يوسف وعلى فى مدرسته 
عقد ساعديه في اصرار واضح 
وانا مش هخرج من هنا غير لما تسامحينى 
ابتسمت فى

سخرية قائلة 
اسامحك على ايه ماكل الكلام اللى قولته صح وجلست على كرسى قريب فى ضعف وهى تواصل 
بس المشكلة انه مكانش بايدى كان نفسى الاقى حد يربينى وېخاف عليا انت اتولدت لقيت ليك اب ام واخوات لقيت حد يعرفك الصح من الغلط 
واشارت الى صدرها مواصلة 
لكن انا انا عشت طول عمرى منبوذة من ناس المفروض انهم اهلى انا اتولدت لاب مصرى وام فرنساوية بابا كان صاحب عمو سمير ولما شاف مونيك اخت جانيت مامة ايلينا حبها او المفروض انه حبها واتجوزها بس الحب وحده مكانش كفاية او مكنش موجود من اصله اكتشفو بعد كام سنة بعد ما خلفونى انهم بيكرهو بعض ومش قادرين يكملو وصل كرهم لابعد حد كان كل واحد بيعاقب التانى فيا كل واحد كان بيرمينى للتانى ويقوله شيل مسئوليتك مش بنتى لوحدى امى كانت بتبص لاسمى تفتكر ابويا وتكرهنى زيادة وابويا لما كان بيشوف ملامحى اللى تشبهها كان پيلعن الساعة اللى اتجوز فيها خواجاية بعدته عن اهله كل واحد فيهم اتجوز حد شبهه وفضلت انا الحاجة اللى بتفكر كل حد فيهم بغلطه رمونى فى مدرسة داخلى عشان يرتاحو منى وهناك مكنتش عارفة انا مين نص مصرية ونص فرنساوية نص مسلمة ونص مسيحية انا ايه بالظبط محدش فكر فيا خالص كل اللى كان بينا شوية فلوس عمرهم ما قصرو فيها الصراحة خالتو جانيت اخدتنى فترة حاولت تعلمنى حاجات كتير عن دينى ولغتى ولما امى لاحظت ده كانت بتحاول تمحيه بكل طريقه وفضلت تايهة مش عارفة اعمل ايه تعرف يا زين انى عمى ريان عرفته بالصدفة كان اخو بابا الصغير وجاى فى بعثة واستقر هناك كنت تعبانة فى المستشفى وهوا اللى عالجنى ولما قال لبابا مكلفش خاطره يجى يطمن عليا عارف انى قبل ماجى هنا امى طلبت منى اسيب الشقة وارجع اعيش لوحدى تانى عشن ناوية تتجوز واحد غير جوزها اللى سابته انا وقتها انهرت وهربت وجيت لايلينا عشان انا مليش غيرها يا زين مليش غيرها 
ودفنت وجهها بين كفيها تبكى فى حرارة لفحت قلبه وسمرته فى مكانه للحظات وهو يتساءل هل هناك من القسۏة التى من الممكن أن تصل بقلوب البشر الى هذا الحد هل يختفى خلف هذا الوجه البرىء والملامح الملائكية كل هذه المعاناة هل اختفت خلف تلك الابتسامة المبهجة ألآم لم يعشها عجوز تخطى المائة الى هذا الحد لم ينتبه الى هذا الشجن الرابض بعينيها وانشغل فقط بسحرهما وبريقهما من هو ليحكم عليها هل عاش ولو ذرة مما عاشته لقد ولد لأب وأم مسلمين ووجد ألف من يعلمه ويوجهه لهويته ودينه وتقاليد مجتمعه أما هي فلا علام يحاسبها على يتم ابويها وهما على قيد الحياة أم على نبذها من أقرب الناس اليها دون ذنب 
أي حب هذا الذى يظن انه يحمله لها 
انا غبي ومتخلف ومتسرع قولى كل اللى انتى عاوزاه انا مش هقدر اسامح نفسى اصلا فمش هطلب منك تسامحينى تانى خدى حقك منى بالطريقة اللى تريحك 
رفعت رأسها تخبره بين نشيجها 
زين انا مش متضايقة من اللى اتقال انا سمعته بدل المرة الف انا متضايقة انه خرج منك انت انت بالذت افتكرت انك مش هتشوفنى زيهم 
نهض فنهضت بدورها امامه ليسألها في خبث 
انا بالذات يعنى انا مختلف بالنسبالك صوفيا عن اى حد 
رمشت بأهدابها عدة مرات لتخفي عينيها الساحرتين عنه قبل ان تخفض رأسها فى خجل لتبتعد عن مواجهته قائلة 
انا طول عمرى تايهة ومش لاقية مكان ولا بر ارسى واستقر عليه بس لما شوفتك حسيت انى انى وقطعت الحديث بشهقاتها الباكية فابتسم زين وامسك بكتفيها قائلا 
مفيش داعى تقولى اى حاجة انا اللى هتكلم يا صوفيا لو انتى كنتى تايهة فانا كنت عارف كويس اوى انا
 

20  21  22 

انت في الصفحة 21 من 66 صفحات