قصه بقلم ماجده بغدادي
هذا الشوق لرؤية عينيها .. الشوق لابتسامة كاد قلبه ېحترق رغبة في عودتها .. دلفت للداخل تحممت سريعا و ارتدت ملابس رقيقة و مرت بسرعة من أمام أحمد إلى المطبخ لتجهز الطعام لأخوتها فهم جائعون للغاية بعد يوم طويل من العودة من السفر ثم إحضار مستلزماتهم من البيت الكبير و تنظيف الشقة .. حقا كان يوم طويل و متعب و كان آخر ما تريده أن تحضر موقف كهذا قد يطول و هي في حاجة ماسة للنوم فلم تنم الليلة السابقة بعد خبر الترتيب لزواج زوجها و أنهكها البكاء قبل أن ينهكها ذلك اليوم العصيب بينما يديها منهمكة في تحضير الطعام و عقلها شارد في كل أفكارها عنه وعما سوف يقولون دخل أحمد بهدوء
قفزت من المفاجأة
خضيتني .. اتفضل اقعد في الصالة عما أخلص تحضير الأكل .
بتطرديني !
أنا أقدر ! أنا مش قليلة الأدب لدرجة أني أطردك .
مش عايزة تكلميني و زعلانة مني طيب أنا ذنبي أيه ما أنا كنت معاكي كنت هعرف منين بس
طيب و أنا مطلوب مني أيه دلوقتي
تهدج صوتها و بدأت دموعها الخائڼة في الانزلاق بسرعة كأنها كانت تتحين الفرصة .
هيهيهي ظريف جدا .. خد الأكل ده معاك و أنت طالع .
أنا مخاصمة ريحتك عشان بقت تخنقني .
عيني في عينك كده .. دانتي بټموتي فيا .
قبل أن تفكر في رد قاطعهما صوت والدها
ياللا يا ولاد الأكل هيبرد
خرجا يحملان ما بيديهما من طعام و جلسا وهي تحاول تجنب نظراته وقطع علي الصمت
عرفتوا منين أننا هنا
بعد ما حاولنا نكلمكم و تليفوناتكم مقفولة سألنا عليكم ولفينا عند القرايب و المعارف و الجيران و لقيت عبد المعطي بيتصل بيا بيقولي إلحق يا حاج شكلهم بسم الله الرحمن الرحيم اللي ساكنين فوق متنرفزين النهاردة و هات يا دق و خبط و أصوات سامعينها من الصبح فعرفنا على طول أنكم هنا و أحمد جه معايا و جابلكم أكل قال أكيد بينضفوا من الصبح . مكلمتنيش ليه يا علي و خدت فوشك ومعاك إخواتك ومشيت مش يمكن كنا اتفاهمنا يابني .
مكنتش عايز أتكلم ولا عايز أشوف نفسي صغير أكتر من كده .. أنا سكت كتير و بقيت أقول مصلحة أختي أكيد بابا
عارفها بس لحد كده و مبقيتش عارف أسكت .. إحنا هنفضل عايشين هنا مكان أمنا الله يرحمها و مش هلوم عليك ولا أقولك مسيبتش مراتك ليه وسيبتنا احنا لأننا كبرنا و أنت بينك وبينها ولاد صغيرين .. بس متزعلش مننا معدش هينفع نستمر كده ولا نعيش يوم تاني مع مرات أب .. متزعلش مني يا أحمد عشان بقول على مامتك كده بس أنت شايف الوضع .
تدخل والدهم في الحديث بدلا من علي
أنا هسيبكم شوية تريحوا أعصابكم مش هضغط عليكم و هجيلكم كل يوم أنا مبرميش ولادي.
هنا قامت نعمة واڼفجرت پغضب
أبقى أنا مش من ولادك على كده .. عشان حضرتك مصر ترميني .. مصر تخليني ماليش قيمة و عندك أي حد ليه قيمة عني .. ظلمتني ليه عملت ايه عشان أشوف كل ده ! أنا كنت طول الوقت صابرة و مستحملة عشان مضايقش حد فيكم .. كنت بشيل المطبخ كله لوحدي حتى في أيام الدراسة و مكنتش بشتكي ومكنتوش بتشوفو مني غير ضحكتي .
يا بنتي متقوليش كده أنا يمكن غلطت لما اتعاملت معاكي بشدة بس أنا عمري ما أرميكي أبدا.
إزاي مرمتنيش ! و حضرتك ما فكرتش يوم في حقوقي .. سألتني إذا كنت موافقة على جوازي من أحمد وألا لأ ! عمرك قلتلي محتاجة إيه ! سيبتني لمراتك تتحكم فيا وتقرر بدالي كل حاجة في حياتي .. مشفتهاش وهي بتجهز بنتها و بتتخانق عشان أوضة النوم اللي عريسها جابها غير اللي بنتها عايزاها ! مشفتهاش بتدافع عن ولادها ومش مهم أي حد تاني ! حضرتك بأه جهزتني زي ما جهزت بنتها ! اشترطت على أحمد يجيب شبكة زي ما اتفقتوا مع جوز نهى .. أنا حتى دبلة محدش فكر يجيبهالي .. اتجوزت في أوضته لا فكرتو تجيبولي شقة ولا حتى توعدوني إن قريب هتعملولي اللي بيتعمل لكل العرايس .. حتى فستاني اشتريته و أنا فاكرة إني بشتريه لواحدة غيري .. أنا مفرحتش يا بابا .. أنا أمي ماټت .. مااااااااااتت .. أنا لو ليا أم كانت دافعت عني و خدتني في حضنها .. كانت حاربت العالم عشان محدش يظلمني .. أمي ماټت عزوني عشان مكنتش فاهمة يعني إيه أمي ټموت .. دلوقتي حاسة باليتم اللي كنت بنكره
ماټت أمي و إنفطر قلبي پقهر المكسورين
رأيت الأمهات تحارب بقلوبهن كل الطامعين
وتنشبن مخالبهن في وتين كل الجائرين
و أنا يا أمي وحدي في ليل القاسين
حتى أبي لا يمتلك قلبك
ولا حل محلك قلب يمحي من عمري الأنين
ودعتك أماه في كل يوم بقلب حزين
ودعت حنانك و أمانك و دفء سنين
ودعت معك صبا لم أدخله بعد وبه كل أحلامي
وبه كل الأمل وجمال اليقين
أماه اليوم أبكي وكأني بالأمس فقدتك
وكأنك بالأمس فقط كنت من المفارقين
في بعدك أماه كل يوم رثاء
و كل يوم تقطر العين
بعد أن أنهت كلامها الموجع واسترسلت دموعها في الجريان كنهر شاب قوي لم تشعر سوى بذراعين تضمانها بقوة لصدر تسمع دقاته العالية بضجيج هادر .. كانت بحاجة لتلك الضمة كانت بحاجة لتشعر أن هناك من يتألم لألمها .. أغمضت عينيها واستسلمت لنوم حرمتها أفكارها و انكساراتها من الحصول علية لليال متواصلة .
استيقظت لتجد نفسها نامت لليوم التالي حتى انتصفت الشمس قبة السماء قامت من فراشها تتألم من كل جسدها الذي أنهك من العمل و الأسى تسب نفسها سرا فقد أضاعت الفجر مرة أخرى في يومين و هاهو الظهر يقترب .. جرت نفسها وخرجت .
صباح الخير .
فوجئت بصوت أبيها من خلفها مصاحبا لصوت أخوتها
صباح النور يا نعمة كويسة دلوقتي
التفتت لتجد والدها يجلس في الشرفة بيده الجريدة وأمامه كوب شاي انتصف محتواه ويرتدي ملابس بيتيه
الحمد لله أحسن .. حضرتك بايت من امبارح هنا
أيوة .. و