الشيخ والمراهقه بقلم سارة علي
انت في الصفحة 1 من 8 صفحات
الفصل الاول ...
يجلس على حافة سريره واضعا رأسه بين كفي يده ... جسده الضخم جامد لا يتحرك ...مشاعره مبهمة ... عيناه مغمضتان وكأنهما تهربان من هذا الواقع المحيط بهما ... ورغما عن كل هذا الجمود والثبات هناك شيء في داخله محطم ... ليس لكونه قد خسرها فقط... بل لكونه ادرك بخسارته لها مدى قوته وجبروته الذي طغى على الجميع ... وادرك بأنه حطم بهما قلوب الكثير واولهم قلبها هي ... هل كانت تعاني ...! هل كانت تتعذب وهو لا يعلم ...!
تنحنحت الخادمة بحرج وقالت موضحة سبب مجيئها
السيد عادل وزوجته في الخارج ينتظران مجيء حضرتك ...
اتجه نحو الحمام الملحق بغرفته ... وضع رأسه أسفل صنبور المياه بعدما فتحه ... لم يشعر بالماء يغسل روحه او يبرد قلبه كما ظن ... رفع رأسه من اسفل صنبور المياه واعاد شعره المبلل الى الخلف ... ثم حمل المنشفة واخذ يجفف شعره ... خرج من الحمام واتجه الى خزانة
دلف الى صالة الجلوس ليجد والدته تترأس المكان ... ترتدي ملابس سوداء انيقة مع شال اسود يغطي شعرها ... ومن الجهة الاخرى يوجد عادل وزوجته ...
نعم ...!
سألهما ببرود ليتنحنح عادل حرجا من بروده الواضح معهما ويقول بصوت مبحوح
هنا تدخلت زوجته وقاطعته قائلة نيابة عنه
جئنا لنأخذ سيف معنا ....
اتجه ببصره نحو والدته التي رفعت حاجبها بسخرية مما تسمعه ثم عاد ببصره نحويهما متسائلا
بل ابن ابنتي ...
كان هذا رد الزوجة والتي تدعى رجاء ...
عاد وتحدث بدوره قائلا بنبرة متحفزة
وهل تظنين بأنني سأمنحك ابني ...!
قالت رجاء بنبرة حادة وقد بدأت تفقد اعصابها تدريجيا
اخبرتك بأنه ابن ابنتي ....
صوت شيء ما ضړب الارض اثار انتباهم جميعا ...لقد كان صوت العصا التي تستند عليها والدته ...
كان هذا تصريح الام صفية والتي كانت حازمة صارمة فيما تقوله ...
بعيد عن والده ....تريدنه يصبح يتيم الام والاب ايضا ...
تدخل عادل في الحوار قائلا
ولكن سيف طفل رضيع ... من سيهتم به ... اعلم أن لديكم خدم كثير ... ولكن طفل صغير بحاجة الى ام تعتني به ... تعوضه فقدان امه الحقيقية ...
انا قادر على ان امنح ابني كل ما يحتاجه ...
قالها فارس بينما يتابع ابتسامة رجاء التهكمية والتي قالت بعدها
ولكن الزواج سنة الله ورسوله ... وبالتأكيد ابني لا ينوي البقاء عازبا لفترة طويلة...
عليه مع ام ترعاه وتعتني به ...
هزت صفية رأسها وقالت
اتفق معك في جميع ما قلتيه ....
نقل فارس بصره بين الاثنتين بعدم تصديق ... من المستحيل ان توافق والدته على شيء كهذا
انت تريدين ام ترعى حفيدك وتربيه جيدا ... وانا ايضا اريد كذلك لحفيدي ... لهذا فانا قد وجدت الزوجة المناسبة والتي ستجعلك تطمئنين على حفيدك معها ...
تطلع كلا من عادل ورجاء الى بعضيهما بعدم فهم بينما اخذ فارس يتابع حديث والدته بملامح سيد عادل ... انا اطلب يد ابنتك الصغرى لإبني فارس ...
اتسعت عينا فارس بعدم تصديق ولم تكن دهشة عادل ورجاء اقل من دهشة وصدمة فارس ...
بينما قال عادل بعدم استيعاب
سيدة صفية ... هل انت متأكدة مما تقولينه ...!
التفتت رجاء نحوه ترمقه بنظرات حادة بينما التزم فارس الصمت واخذ يتابع ما يجري بملامح جامدة ونظرات خالية المعنى لا توحي بشيء ...
تولت صفية مهمة الحديث فقالت بنبرة عقلانية
ألم تقولا بأنكما تبحثان عن ام ترعى سيف وتعامله جيدا وتعوضه عن فقدان امه ... اظن انه لا يوجد افضل من خالته اخت والدته لتؤدي هذه المهمة ...
هنا نهضت صفية من مكانها مستندة على عكازها وقالت بنبرة صارمة لا تقبل جدال
لا يوجد شيء يقوله يا سيدة رجاء ...سيف ابننا ومكانه هنا ... ونحن لأجل راحتكما قدمنا لكما عرضا يناسب الجميع ... انتم لكم حرية قبوله من رفضه ... لكن بكل الاحوال ابننا لن يتحرك من هنا انش واحد ...
كان هذا الكلام النهائي والقاطع والذي جعل رجاء تتحرك خارج الغرفة وهي تسب وټلعن بتلك العائلة يتبعها عادل الذي اصابه دوار شديد من هول ما سمعه ...
في مكان اخر وتحديدا في العاصمة ...
تجلس على الكرسي واضعة حاسوبها الشخصي على فخذيها ...
تلعب احدى الالعاب الالكترونية بحماس شديد ...
تقترب منها والدتها وتقول بنبرة مؤنبة
وضعت لمار الحاسوب بجانبها ونهضت من مكانها واتجهت نحو والدتها وقالت بجدية
ها قد وضعته بجانبي ... أي اوامر اخرى ...!
اجابت الام بنفس الجدية
واتركي هذا الحاسوب قليلا وركزي على دروسك ... لقد اقتربت امتحاناتك ويجب ان تجلبي علامات جيدة كما وعدتيني ...
قالتها الام بحيرة شديدة فمن أين ستجلب لابنتها تكاليف هذا الدرس ايضا ...
تنحنحت لمار قائلة بتردد
ما رأيك ان احدث والدي ... عله يساعدنا قليلا ...
الا انها والدتها صړخت في وجهها
لمار ...كم مرة يجب ان اخبرك ألا تفكري في ان تطلبي اي شيء منه ...! نحن لسنا بحاجة الى امواله ...
ابتلعت لمار ريقها وقالت
ولكن نحن لا نأخذ منه سوى فلوس النفقة ... وهو لديه الكثير من الاموال ... لماذا لا يدفع لنا ويساعدنا ...
نهضت الام من مكانها بصرامة وقالت منهية الموضوع
اومأت لمار برأسها متفهمة ثم نهضت من مكانها واتجهت نحو غرفتها تاركة والدتها تفكر في حل تجد من خلاله الاموال التي تحتاجها للدرس الخاص بابنتها ...
نهاية الفصل
الفصل الثاني ...
بعد
مرور عدة ايام ...
استيقظت لمار من نومها على صوت صړاخ يملأ ارجاء المنزل ...
كانت هذه المرة الاولى التي ترى بها والديها بوضع كهذا فهي منذ ان وعت على هذه الدنيا ووالديها متطلقان ...
ولم تأت لها الفرصة أن ترى والديها يعيشان حياة زوجية طبيعية فيتشاجران سويا مثلا كأي زوجين طبيعيين ...
تقدمت نحويهما مسرعة وهي تتسائل پخوف
ماما ...بابا ... ماذا يحدث هنا ...!
الا ان والدتها قالت بحزم
ادخلي الى غرفتك لمار ولا تخرجي منها حتى اسمح لك ...
لكن والدها كان له رأي اخر
دعي لمار تسمع ما اريد قوله ...
قالت الام بعصبية
لا تثيري اعصابي يا امراة ... ما اريده سيحدث ... شئت ام ابيت ... وانت عليك ان تفهمي هذا جيدا ... هل فهمت ...!
الام بتحد
هذه ابنتي ... وانا لن اسمح لك ان تفعل بها شيئا كهذا ...
اخذت لمار تنقل بصرها بين الاثنين بحيرة شديدة وقلق اشد حتى صړخت فجأة بهما
يكفي توقفا ...
ثم التفتت نحو الاب وسألته
اشرح لي من فضلك ما يحدث هنا ...
هتفت بها لمار بعدم تصديق بينما اكمل والدها حديثه الصاډم
لا يوجد حل اخر امامي ... يجب ان تتزوجي زوج اختك نشوى ... هو تقدم لخطبتك وانا وافقت ...
ماذا تقول يا ابي ...! انت بالتأكيد تمزح ...
هز الاب رأسه نفيا وقال
انا لا امزح ... هذا ما حدث ... اسمعيني جيدا ...
الا ان الام قاطعته پغضب ونفاذ صبر
ماذا تريدها ان تسمع ...! هل جننت ... كيف تطلب منها شيئا كهذا ...!
سالت دموع لمار التي قالت بسرعة
ارجوك يا ابنتي ... اسمعيني اولا واصدري حكمك بعدها ...
اشاحت لمار بوجهها بضيق بينما استرسل الاب في حديثه
يا ابنتي اذا لم تتزوج من فارس سوف اخسر جميع املاكي ... افهميني ارجوك ...
اتسعت عينا لمار پصدمة قبل ان تقول بدهشة
كيف يعني ستخسر جميع املاكك ...!
اجابها الاب بإختصار
عائلة صفوان يملكون علينا ديون كثيرة ... وهم يريدون ديونهم ... ونحن لا نمتلك رصيد
قالتها الام بدهشة قبل ان تردف بسخرية
على العموم هذا ليس بجديد عليك ... طوال عمرك واهم شيء لديك المال ... تبيعنا جميعا وتبيع نفسك لأجله ...
ولماذا يريد السيد فارس الزواج بي مقابل الاموال ...! هل انا مهمة وثمينة لهذه الدرجة حتى
لمار هذا الموضوع منتهي ... لا تشغلي نفسك وتفكيرك به من الاساس ...
لكن الاب لم يهتم بما قالته بل وضح لها السبب
فارس يريد ام لابنه ... ومن عاداتهم هناك في القرية حينما ټموت الزوجة يتزوج زوجها باختها فهي تكون اكثر واحدة مناسبة له وخصوصا اذا كان لديه اولاد منها ...
انا غير موافقة بابا ...
قالتها لمار لېصرخ الاب بها
الټفت عادل نحوها وقال بټهديد صريح
لا تعاندي كثيرا يا ايمان ... فأنا قادر على فعل الكثير ... وانت تعلمين هذا جيدا ...
تهددني يا عادل ... هل وصل بك الجبروت الى هذه الدرجة ...!
رد عادل بحسم
اسمعاني انتما الاثنان جيدا ... لمار ستتزوج من فارس ... انا والدها وولي
امرها ... غير هذا انت تعرفين نفوذي جيدا وماذا بإمكاني ان افعل من خلاله بك وبإبنتك ... وافقي على الزواج افضل لك من اثارة المشاكل ...
ثم خرج تاركا لمار تبكي في احضان والدتها ...
ماذا كان يريد منك عادل ...!
فارس بضيق واضح
لم يكن وقتها يا امي ...لم يكن وقتها ابدا ...
صفية بتساؤل واستغراب
متى وقتها اذا ...!
اجابها فارس بنبرة جادة
كان علينا انتظار فترة من الزمن ... كما ان الفتاة تبدو غير مناسبة لي ...
ومن قال هذا ...! الفتاة بالتأكيد مناسبة لك ... يكفي انها اخت زوجتك الراحلة ...
ولكننا لا نعرف عنها اي شيء ....
نهضت الام من مكانها مستندة على عكازها وتقدمت نحوه ... ربتت على كتفه قائلة
ستتعرف عليها قريبا ... وانا متاكدة من كونها انسب واحدة لك ... وسترى هذا بنفسك ...
أتمنى هذا ... اتمنى هذا من كل قلبي ...
قالها فارس برجاء حقيقي ثم تحرك خارج المكان لتتقدم بعد لحظات شابة صغيرة وتقترب من صفية متسائلة
امي ماذا يحدث هنا ...! لماذا اخي فارس يبدو منزعجا ...!
اجابتها صفية
نورا بعدم تصديق
سيتزوج في هذا الوقت ... لم يمر على ۏفاة زوجته الكثير ...
صړخت بها صفية مؤنبة اياها
وماذا يعني هذا ...! هل تريدنه ان يبقى عازبا لوقت طويل ...! ثانيا ما علاقتك انت بهذه الامور ...! انتبهي على اشياء اخرى اهم من امور الكبار وأحاديثهم ...
حسنا حسنا ... لا داعي لكل هذه العصبية ... الخطأ مني لاني سألت ...
قالتها نورا وهي تزم شفتيها بضيق قبل ان تتحرك خارجة من المكان لتبقى صفية لوحدها فتجلس على كرسيها مرة اخرى وهي تدعو في داخلها ان يهدي الله فارس ويقدم له الخير في كل خطوة يخطوها ...
وماذا ان رفضت ...!
قالتها رجاء وهي ترتشف رشفة صغيرة من فنجان قهوتها ليضع عادل فنجان قهوته على الطاولة الموضوعة امامه ويقول بجدية
لا يمكن