روايه للكاتبه دعاء عبدالرحمن
الفصل الأول إلى العاشر
أعتدل جاسر في جلسته في اهتمام وهو يتفحص ملامح ابنه الأصغر ثم يقول في هدوء بتقول أيه يا علي. كرر كلامك تانى كده عاوز اتأكد!
علي بتلعثم بقول يا بابا بعد أذن حضرتك يعنى عاوز أتجوز أحلام بنت خالتى
ظهرت ملامح خيبة الأمل على وجه جاسر وهو يقول بدهشة أحلام بنت سميحة!
جفف علي عرقا وهميا براحته اليمنى وهو يومىء مؤكدا أيوه يا بابا. بنت خالتى سميحة.
وقف جاسر پغضب وانفعال هاتفا وهي دى بقى الزوجة الصالحة اللى انت بتتمناها
أجاب علي بارتباك يا بابا والله أحلام بنت كويسة. وخالتى سميحة اتغيرت خالص
أبتلع علي غصته وقلبه يخفق بقوة وهو يرى انفعال والده ونظراته الغاضبة الموجهة نحوه وقال مدافعا.
يا بابا والله احلفك ده كان زمان. خالتى بقت حاجة تانية. دى حتى عملت عمرة السنة اللى فاتت وأحلام بنت مؤدبة جدا
ايوه يا حسين. تعالى عندى هنا حالا وهات معاك أخوك ابراهيم. مش عاوز أسئلة. تكونوا عندى هنا في لمح البصر.
أغلق الهاتف في حدة وكأنه قبض قلب ابنه علي في يديه عوضا عن سماعة الهاتف فبدأ جبينه يتصبب عرقا وأحمر وجهه وتمنى لو أنه لم يكن أعرب عن رغبته في الزواج تركه جاسر واقفا متصلبا مكانه وخرج في انفعال وسرعة إلى بهو المنزل الواسع ووقف ينتظر ولديه الأكبر. لم يمر وقت طويل حتى حضرا مسرعين وأقبل حسين الأبن الأكبرعلى والده في سرعة وأخيه إبراهيم في أثره وهو يقول لاهثا
أشار جاسر إليهما أن يلحقا به للداخل حيث ينتظرهم علي أخيهم الأصغر وهما ينظران إليه بتساؤل وهو متوترا في انتظار تحديد مصيره. وقف جاسر بشموخ بين أبنائه الثلاثة وتوجه بالحديث الى ولده حسين قائلا
شوفت يا حسين أخوك الصغير عاوز يتجوز مين
نظر حسين نحو علي نظرة عتاب ثم أعاد النظر إلى والده مرة أخرى ولم يتكلم أستطاع جاسر قراءة نظرات ولده وما خلفها وفهم منها بأنه كان على علم بما يحدث من قبل فتكلم غاضبا.
عارف ومخبى عليا يا حسين. ما تتكلم
قال حسين في ارتباك يا بابا والله انا حاولت معاه كتير. لكن واضح انه متمسك بيها. هعمله أيه طيب
أطرق إبراهيم برأسه قائلا بخفوت أيوا يا بابا
صاح جاسر پغضب هادر و أنا آخر من يعلم يا ولاد جاسر
تدافع حسين وإبراهيم في الكلام وأخيرا صمت إبراهيم وترك لأخيه المجال كما يفعل دائما وسمعه يقول
يا بابا انت عارف علي لما بيحط حاجة في دماغه. وبعدين انا قلت نسيبه يمكن يطلعها من دماغه. مكناش فاكرين انه مصمم عليها أوى كده
زفر علي متأففا وهو يشعر بهم يضيقون الخناق حول رغبته وقال بعناد وتصميم يا بابا بصراحة كده اللى بيحصل ده مالوش لازمة. أنا بحب أحلام وهتجوزها.
قاطعه علي بعصبية لو سمحت يا بابا كفاية. قولتلك أنهم اتغيروا. وبصراحة كده انا بحبها ومش هتجوز غيرها. جيت آخد موافقتك علشان مبقاش عملت حاجة من وراك
أنهى عبارته الأخيرة واستدار مغادرا بنزق وڠضب هوى جاسر فوق الأريكة بيأس وقال بحزن شديد.
هاتسيبوه يعمل اللى في دماغه. هاتسيبوا اخوكم يتجوزها
جلس بجواره ولديه عن يمينه وعن شماله وحاول إبراهيم أن يهدىء الموقف وهو يقول ما يمكن يا بابا زى ما بيقول كده أنهم اتغيروا. محدش عارف.
الټفت إليه جاسر وهو يقول في وهن شديد أمتى يابنى. أمتى اتغيروا هو انت مش لسه فرحك مكملش السنتين. وكلنا شوفنا البت وامها شاكلهم كان عامل ازاى. حضروا من غير دعوة وعملوا فيها اصحاب الفرح. وشوفنا كلنا هدومهم وكانوا عاملين ايه في روحهم. والبت طلعت وقعدت ترقص ولا همها حد ولا همها كسفتنا قدام الناس ولا نظر الرجالة ليها وكأنها رقاصة جايه تحيى الفرح.
وضع حسين كفه برقة على كتف والده قائلا يا بابا احنا خايفين عليك. أنت عارف علي هو الصغير وطول عمره مدلع وراسه ناشفة. وطالما قال عاوزها يبقى هيتجوزها حتى لو احنا رفضنا خلاص نخليها بجميلة بقى ونوافق. واهو يبقى تحت عنينا بدل ما يخرج عن طوعك ويبقى خسر الدنيا والآخرة.
حسين حسين
أنتبه حسين من ذكرياته على صوت زوجته عفاف قائلا بشرود هه بتقولى حاجة يا عفاف
أبتسمت عفاف بدهشة وقالت بقول حاجة! ده انا
بقالى ساعة بنده عليك وانت ولا انت هنا. أيه كل ده سرحان
أرسل حسين تنهيدة طويلة حارة وهو يعتدل في مجلسه ويقول محدثا أياها أفتكرت ابويا الله يرحمه. لما اتصل بينا وجابنا
على ملا وشنا لما علي قاله أنه هيتجوز أحلام.
أرتفع حاجبيها بتعجب وقالت بشجن ياااه. ده انت روحت لبعيد أوى. فوق العشرين سنة
ثم شردت وهي تتابع بحنان كان ساعتها معانا عبد الرحمن ويوسف. ومكنش ساعتها لسه ربنا رزقنا البت فرحة
تنهد حسين بقوة للذكرى ثم قال فاكره يا عفاف. كان نفسى أوى يبقى عندى بنت واسميها فرحة
ابتسمت عفاف بسعادة وهي تقول و ربنا كرمنا بيها بعد يوسف بكام سنة. اللهم لك الحمد والشكر يارب.
ظل حسين يستعيد ذكرياته وهو يتابع قائلا كان ساعتها ابراهيم لسه متجوز بقاله سنتين. وكان وليد ابنه يدوب عنده سنة. وكانت لسه وفاء اخته في علم الغيب
استندت عفاف إلى راحة يدها وهي تتنهد وتقول سبحان الله. كأن الكلام ده كان لسه من كام يوم مش من سنين طويلة
عندما انهت كلمتها الأخيرة لمحت دمعة في عينيه تقاوم لتخرج ولكنه كبح جماحها في صبر فقالت
ادعيله بالرحمة يا حسين.
قال في حزن الله يرحمه. مش لو كان سمع كلامنا من الأول كان زمانه...
قالت عفاف مقاطعة استغفر ربك يا حسين ده قدر ونصيب. ربنا كتبله يتجوزها ويخلف منها تلات عيال
لمعت عينينه في عزيمة وأصرار وهو يقول هلاقيهم يا عفاف لازم الآقيهم. علي الله يرحمه وصانى ادور عليهم واجبهم هنا وسطنا في بيت العيلة. ومن ساعتها وانا بدور عليهم وان شاء الله هلاقيهم قريب. انا خلاص قربت اوصلهم.
2 الفصل الثاني
وقف عبد الرحمن أمام مكتب والده وطرق الباب بخفة ثم دخل وأغلق الباب خلفه نظر إليه والده قائلا
تعالى يا عبد الرحمن
دخل وجلس في مواجهته وقال خير يا حاج حسين بعتلى ليه
تسائل حسين ببساطة وهو يقلب الأوراق بين يديه مروحتش المطار النهاردة ليه
أجاب عبد الرحمن في ضجر يا بابا. يا بابا حرام كده بقالى سنيين بروح المطار وأطلع على كشوفات القدوم والمغادرة من مصر لما صاحبى زهق
مني وقالى أنت بتجيى مع القبض كل شهر ولا أيه
قال حسين بعصبية يعنى ايه زهق هو يعنى بيوريهالك ببلاش. وبعدين مالك مضايق كده. مبقتش عاوز تدور على ولاد عمك ولا أيه. أروح انا بنفسى
أطرق عبد الرحمن متململا في مقعده وهو يقول العفو يا بابا. بس كفاية كده. لو كانوا هينزلوا مصر كانوا نزلوا من زمان لكن طالما بقالهم سنين يبقوا استقروا خلاص
ضړب حسين المكتب أمامه بقبضة يده وهو يهتف في ولده بضيق انت ملكش دعوة. أعمل اللى بقولك عليه. تروح تطلع على الكشوفات بنفسك أنا مبثقش في صاحبك ده
حاول عبد الرحمن تهدئة الموقف قليلا وهو يقول حاضر يا بابا حاضر. هروح بكره الصبح على طول.
ثم نهض واقفا في سرعة وهو يقول بعد أذن حضرتك لازم اروح مكتبى علشان عندى شغل ضرورى
خرج عبد الرحمن في ضيق من مكتب والده وهو يزفر بشدة ألقى نظرة على هند التي تختلس النظر إليه من خلف شاشة الحاسوب ثم تعود وتكمل عملها مرة أخرى وقف في مواجهتها واتكأ على مكتبها وهو يقول
مش نخالينا في شغلنا ولا أيه
نظرت إليه قائلة بتفكه خاليك في حالك
أبتسم وقال طب هتتغدى معايا النهاردة
ضيقت بين حاجبيها قائلة لاء.
ثم تابعت هامسة ماما عامله محشى النهارده يجنن جبتلك معايا
نظر عبد الرحمن حوله وقال محشى! ينهار ابيض ده احنا ممكن نتقفش بيه ونروح في داهية. بصى لما ابويا ينزل رنى عليا اجيلك صاروخ استفرض بالمحشى ده لوحدى
قالت بدلال يعنى هتاكل لوحدك
قال بخفوت لا طبعا.
ثم غمز لها وتابع هبقى أديكى واحدة
أحمرت وجنتيها وقالت عيب كده يا عبدالرحمن أحنا لسه مخطوبين.
قال بخبث أنت فهمتى أيه. أنا قصدى أديكى واحدة محشى يعنى. نيتك وحشة على فكرة
نظرت له بغيظ فضحك وانصرف إلى مكتبه على الفور عندما دلف للداخل وجد يوسف جالس ينتظره وبمجرد أن رآه قال سريعا
أيه يا عم كنت فين بقالى ساعة مستنيك
قال عبد الرحمن ساخرا وهو يجلس خلف مكتبه ساعة أيه أنت هتفشر ده أنا مكلمتش ربع ساعة لخص عاوز أيه سايب مكتبك وجاى ترمى بلاك عليا ليه.
تصنع يوسف الحزن وهو يقول كده يا عبده. ده انا أخوك برضة
زفر عبد الرحمن وهو يهتف به اااه شكلنا مش هنخلص النهاردة. عاوز ايه يابنى خلص بدل فيلم الحرمان ده
سأله يوسف بفضول أبوك كان عاوزك ليه
نظر إليه في دهشة قائلا هو مفيش حاجة بتستخبى في الشركة دى أبدا. يا سيدى بيسألنى مروحتش المطار ليه الشهر ده
هتف يوسف بحنق يوووه هو لسه حاطط أمل في الحكاية دى.
حرك عبد الرحمن رأسه مؤكدا بسخط مش أمل وبس. دى أمل وعمر كمان
أبتسم يوسف وهو يغمز قائلا وطبعا انت مصدقت تروحله لما طلبك علشان تشوف هند
هتف عبد الرحمن على الفور بطلوا قر بقى.
مش احسن ماقعد فردانى زيك كده
قال يوسف بتهكم فردانى. سنجل. اهو احسن من الحريم وخلاص.
أخرج عبد الرحمن بعض الملفات من درج مكتبه وفتحها واحدا منها وهو يقول هتفضل طول عمرك معقد. اللى
يشوفك
كده يقول انك كنت بتحب وخدت بومبة
يوسف حب أية انا ماليش في الكلام ده. انا ماليش خلق على الستات أساسا
أومأ عبد الرحمن برأسه وهو يرفع عينيه عن الأوراق متابعا انت ملكش خلق على أى حاجة مؤنثة أصلا المهم انت كنت جاى ليه
يوسف ولا حاجة وليد ابن عمك كلمنى وعاوزنا نخرج شوية.
عاد عبد الرحمن يقلب أوراقه مجددا وهو يقول أخرج انت يا عم. انت فاضى انا عندى شغل كتير النهاردة
ثم أردف وهو يحرك رأسه متعجبا وهو يقول والله انا مش عارف انت مصاحب وليد ازاى. ده انت من سكه وهو من سكه. هو بېموت في الستات وانت بتكرههم عمى
قال يوسف مداعبا أيه هو من سكه وأنا من سكه دى هو طالب أيدى ولا أيه
قال كلمته وهوينهض ويهم بالأنصراف قائلا يالا سلام. أشوفك بالليل في البيت.
تنهد عبد الرحمن وهو يتناول قلمه قائلا سلام يا رايق
جاءت ساعة الراحة وانصرف العمال والموظفين للغذاء خرج الحاج حسين من مكتبه وهو يقول ل هند
ساعة وراجع يا هند
هند وهي تقف باحترام مع السلامة يا حاج
كاد يهم بالأنصراف ولكنه استدار فجأة وهو يقول وانت يا بنتى مش هتروحى تتغدى ولا أيه. لو وراكى شغل سيبيه لحد ما تتغدى وابقى كمليه بعدين
قالت هند بحرج لا أنا هتغدى بس. بس خمس دقايق كده.
أبتسم الحاج حسين وقد شعر بحرجها وقال طيب يا بنتى. السلام عليكم
وعليكم السلام
أخرجت هاتفها وهاتفت عبد الرحمن وأخبرته أن يأتى للغذاء معها في الحال حضر عبد الرحمن في سرعة فوجدها جالسة أمام الطاولة الموضوعة أمام مكتبها و عليها علبة متوسطة الحجم وتنتظره نظر عبد الرحمن إليها بشهية قائلا
الله الله من قبل ما آكل تسلم أيدك يا قمر
أشارت له بأن يجلس وهي تقول يالا بسرعة زمانه برد.
جلس أمامها مباشرة وأخذ يأكل في نهم شديد وهي تنظر إليه أنتبه عبد الرحمن إليها وأبتسم قائلا
وأنا أقول ليه كل مرة تعزمينى على الأكل بطنى توجعنى أتاريكى عينك فيه
قالت هند بتبرم يعنى ولا قلتلى كلى يا حبيبتى ولا حاجة خالص شفت المحشى نسيت الدنيا
قال عبد الرحمن وهو يأكل بشهية هنعزموكى في بيتك يا شابة. كلى كلى
نظرت إليه للحظات ثم قالت بدلال طب مش هتأكلنى بأيدك.
أطلق عبد الرحمن ضحكة عالية وهو يقول داعبا طب وانا آكل بأيه
نظرت له في حنق وهي تقول أنت مش رومانسى على فكرة
توقف عن الضحك ونظر إليها باهتمام قائلا ليه بس يا حبيبتى
تابعت هند حديثها وهي حائرة مش عارفة يا عبد الرحمن. أنا بحس أنك مش مهتم بيا خالص. يعنى مثلا أحنا لوحدنا دلوقتى المفروض تستغل الفرصة وتقولى كلام حلو لكن أنت نازل أكل كأنى مش موجودة.
ربت عبد الرحمن على معدته وكأنه لم يسمعها وهو يقول الحمد لله. والله الواحد كان جعان أوى
قامت هند في عصبية قائلة وكمان مش معبرنى
تنهد عبد الرحمن وتوجه إليها وقال هامسا متزعليش يا حبيبتى والله ما قصدى حاجة. كل الحكاية بس أنى بحترم أنى موجود في مكتب أبويا مش أكتر من كده
أستدارت هند وهي تقول متبرمة يا سلام هو انا طلبت منك حاجة وحشة.
مط شفتيه بعدم رضا وهو يقول شارحا لاء. بس أنا لو قلتلك الكلام اللى أنت عايزاه وأحنا لوحدنا كده. الموضوع ممكن يتطور
نظرت له بطرف عينيها وقالت بدلال وأنت بقى خاېف على نفسك ولا ايه
تعجب عبد الرحمن بشدة من عبارتها الأخيرة ولم تكن تعنى بالنسبة له إلا معنا واحدا. أنها لا تمانع!
فرحة. يا فرحة.
انتبهت فرحة لنداء والدتها فأغلقت الحاسوب وذهبت إليها مسرعة وهي تهتف بطفولية نعم يا مامتى. بتنادى
عفاف بتعملى أيه لوحدك كل ده
فرحة أبدا يا حبيبتى كنت بتشغل على الكمبيوتر شوية
زفرت عفاف بقوة ثم قالت يادى الكمبيوتر. هو أنت يا بنتى مفيش في حياتك غير الرسم. يأما على الورق يا أما على الكمبيوتر.
أطلقت فرحة تنهيدة ناعمة وهي تقول طب أعمل ايه بس يا ماما. منا ماليش أصحاب كتير ومش بحب أخرج
عمال على بطال وبعدين زهقت من الجنينة لسه كنت تحت الصبح وكمان أنا بلاقى نفسى في الرسم أوى
تابعت عفاف طهيها وهي تقلب الصحن المعدنى بعزيمة و تقول طب مينفعش تلاقى نفسك في المطبخ شوية بدل ما انت سايبانى محتاسة كده.
أقبلت فرحة وهي تقبل والدتها على خديها وقالت يا حبيبتى انت تؤمرينى عاوزانى اعمل ايه تحبى اسخن السلطة
نظرت لها أمها بتعجب وقالت نعم. تسخنى السلطة! الله يكون في عونه
قالت فرحة متسائلة هو مين يا مامتى
ضحكت عفاف مجيبة اللى امه داعيه عليه.
أشاحت فرحة بوجهها بضيق فأردفت عفاف قائلة طب متلويش بوزك كده. تعالى ساعدينى أبوكى واخواتك زمانهم جايين من الشركة.
لوحت
فرحة بيديها في ضجر وهي تقول ماهى لو جات على بابا حبيبى وأخواتى كنا قلنا ماشى لكن انت يا ماما عزمة معاهم عمى ابراهيم ومراته وولاده
قالت عفاف بنفاذ صبر أشتغلى وأنت ساكتة
ثم أستطردت
قائلة وبعدين
فيها أيه لما اعزمهم. أبوكى بيبقى مبسوط والعيلة كلها حواليه
قالت فرحة وهي تقطع الخضار ايوا يا ماما بس طنط فاطمة دى كل ما تشوفنى تقعد تدخل في خصوصياتى بطريقة غريبة.
عفاف معلش يا فرحة دى مرات عمك برضة استحمليها وبعدين ده طبع يا بنتى هنعمل ايه
تابعت فرحة حديثها بحنق وهي تقول انا عارفة ليه كلنا ساكنين في بيت واحد كده أحنا في دور وعمنا في دور لا وكمان سايبين الدور اللى فوقينا فاضى علشان ولاد عمى علي اللى لسه منعرفلهمش طريق أصلا.
وبختها عفاف لتتوقف عن تزمرها قائلة بټهديد كملى كملى. لو أبوكى سمعك هيزعل منك أوى انت عارفة ابوكى وعارفة ازاى يحب العيله كلها تبقى تحت عنيه. وبعدين دى وصية جدك الله يرحمه أومال هو بنى العمارة دى كلها ليه مش علشان نتلم فيها كلنا وتتجوزوا فيها كمان
قالت فرحة بنزق وهي تستكمل عملها عارفة والله. انا سمعت الكلام ده كتير.
قالت عفاف بنفاذ صبر طب لما عارفة كل شوية تكلمى ليه يا لمضة يالا خلصى اللى ف أيدك بسرعة
التف الجميع حول الطاولة بعد أن انتهت عفاف وفاطمة وفرحة ووفاء من وضع الطعام عليها عندها قال الحاج حسين وهو ينظر الى الجميع في بهجة
ربنا يجمعنا دايما يارب كده ونفضل طول عمرنا مع بعض
نظر إليه إبراهيم أخيه في حنان وهو يقول طول عمرك بتحب اللمة يا حسين. الود ودك تجيب ابونا الله يرحمه تقعده معانا على السفرة.
ابتسمت فاطمة زوجة إبراهيم وهي تقول اه والله اللمة دى مش ناقصها غير الحاج جاسر الله يرحمه
نظر لها الحاج حسين معاتبا وقال ونسيتى أخويا علي الله يرحمه يا أم وليد
تنحنحت بحرج وقالت الله يرحم الجميع
تابع حسين حديثه وهو يتنقل بنظراته بين الجميع وهو يقول وولاده
ربت إبراهيم على كتفه بحنان وقال بكره نلاقيهم يا حسين الصبر طيب.
انحنى وليد قليلا إلى أمه فاطمة وعلى وجهه علامات السخرية وقال هامسا قال ولاد عمى قال وأحنا نضمن منين انهم ولاده أصلا
لكزه يوسف الذي كان يجلس عن يساره في جنبه حتى لا يسمعه أبيه وشرع الجميع في الأكل بصمت قطعه حسين بعد أن انتهى من طعامه وقال وهو ينهض من مكانه
متنساش بكره الصبح يا عبد الرحمن تروح المطار
نهض عبد الرحمن هو الآخر وهو يقول بأدب حاضر يا بابا اللى تؤمر بيه.
تكلمت وفاء لأول مرة متسائلة انتوا لسه بتدروا في كشوف المسافرين والعائدين برضة
ردت عليها فرحة قائلة أيوا يا وفاء ربنا يعطرنا فيهم يارب
كان الحاج حسين في طريقه إلى غرفة الصالون هو وإبراهيم وعبد الرحمن عندما سمع تعليق وفاء وهي تقول
طب أنتوا ليه مفكرتوش أنهم يكونوا في مصر أصلا
توقف حسين واستدار اليها وهو يقول ببطء قصدك أيه يا وفاء
تابعت وفاء بحماس يعنى ممكن يكونوا مسافروش أصلا.
ظل واقفا في مكانه وهو يقول بتفكير يعنى أيه الكلام ده أحنا متأكدين انهم سافروا.
ثم تابع في شرود البواب ساعتها قالنا انه سمع أحلام بتقول للتاكسى اطلع على المطار
قالت وفاء بشغف بعد أن نظر الجميع إليها ممكن تكون حركة تمويه زى ما بنشوف في الأفلام
ضربها أخيها وليد على رأسها بخفة وهو يقول بطلى هبل يا بت أنت وخاليكى في الأفلام بتاعتك.
نظر حسين الى أخيه إبراهيم وقال بانتباه أحنا ازاى مفكرناش في الاحتمال ده
قال إبراهيم موضحا ايوه يا حسين يا خويا بس احنا لما سألنا وقتها عرفنا انها فعلا حجزت تذاكر على الكويت
تابع حسين وهو يرى الماضى يمر امام ناظريه وكانه شريط سينمائى ولما روحنا السفارة ومحدش أدانا عقاد نافع. سفرنا هناك ومعرفناش نلاقيهم يعنى ممكن وفاء يكون عندها حق.
قال إبراهيم بتركيز لو كانوا في مصر كانوا اكيد لما يكبروا هيدوروا علينا وأحنا أسمنا مش شوية. يعنى بسهولة هيوصلوا
نظر حسين إلى أولاده وكأنه يتخذ قرارا مصيريا ثم قال ببطء وقد لمعت عينيه بالأمل
من هنا ورايح مش هندور في الكشوفات بس. احنا هندور عليهم في مصر كلها
تبادل عبد الرحمن ويوسف النظرات الساخطة المتخفية وأومأ كل منهما بالإيجاب لأبيهما بينما قال أبراهيم موجها حديثة لإبنه وليد.
وانت كمان يا وليد هتدور معاهم.
نظر له وليد متفاجأ ثم قال ها اه. اه. طبعا يا بابا...
دخل عبد الرحمن غرفته بدل ملابسه وتدثر في فراشه وشرع في النوم وهو تبدو عليه علامات الإرهاق الشديد كاد أن يستغرق في النوم ولكنه فتح عينيه على صوت هاتفه نظر إليه فوجد اسم هند تضىء به شاشته فأجابها سريعا بقلق
الو. ايوه يا هند في حاجة ولا ايه
اجابته هامسة بنعومة وحشتنى. معرفتش انام غير لما اكلمك واسمع صوتك.
تثاءب عبد الرحمن ثم قال ما احنا لسه كنا مع
بعض في الشركة وبعدين انا يدوب كنت هروح في النوم
يعنى مفيش حتى وحشتينى يا حبيبتى
تثاءب مجددا وهو يقول طبعا وحشتينى مفيش كلام. بس مش ملاحظة ان الوقت متأخر على الكلام ده
هند وهي تنظر لأختها
علا التي
أشارت لها أن تستمر هو الحب ليه وقت يا عبده.
لم تسمع اجابة منه فنادته قائلة عبد الرحمن
عبد الرحمن خخخخخخخخخخ.
أتسعت عينيها بعد أن تأكدت أنه ذهب في نوم عميق وهي تحدثه ونادته هاتفة عبد الرحمن
فزع عبد الرحمن وفتح عينيه بصعوبة وهو يصيح ها. مين. فيين. ازاى
صاحت هند پغضب انت نمت وانا بكلمك
عبد الرحمن وهو يفرك عينيه لا ابدا يا حبيبتى معاكى ها وبعدين
معايا! انت نمت وانا بكلمك. هو انا هفضل اشحت منك الكلام الحلو في المكتب وفي التليفون كمان.
قال عبد الرحمن محاولا أنهاء المكالمة بصى يا هند يا حبيبتى أوعدك بكره الصبح هقولك كل اللى انت عايزاه. دلوقتى مش قادر أفتح عينى يا جبارة. أمشى يا بت عايز انام
وألقى الهاتف على الفراش وغطى وجهه مغمغما قبل أن يذهب في نوم عميق البت انحرفت وعاوزه تاخدنى معاها للرذيلة!
3 الفصل الثالث
ألقت هند الهاتف وهي تزفر بشدة قائلة قفل السكة في وشى
ثم نظرت لأختها علا بعتاب وتابعت عجبك كده منظرى دلوقتى بقى ايه قدامه ياريتنى ما سمعت كلامك. أنا كان مخى فين بس
نظرت لها علا متسائلة وهي تقول ليه بس
ضمت هند ركبتيها
نظرت لها علا بطرف عينيها باستخفاف قائلة يابت متبقيش هبلة لو معملتيش كده الخطوبة هتطول. وده واحد ابن ناس وألف واحدة حاطة عينها عليه ونفسها يبصلها. ويمكن يلاقى واحدة أحلى منك ويشبك معاها ويرميكى. لازم تعلقيه بيكى على قد ما تقدرى علشان يعجل بالجواز ويقولك يالا نتجوز بكره. الوقت مش في صالحك يا هند.
أشاحت هند بوجهها وهي تهتف باستنكار لا بس أنا اعرف عبد الرحمن كويس. مالوش في البنات أوى يعنى وبعدين معندوش وقت ليهم كمان وانا متأكده أنه بيحبنى ومش هيسيبنى و خاېفة أسمع كلامك يفكر أنى واحدة مش كويسة ويفسخ الخطوبة.
علا هو أنا قلتلك اعملى حاجه وحشه لا سمح الله أنا بقولك علقيه بيكى بس ده شكله بارد ونفسه طويل وبعدين تقدرى تقوليلى اللى زى ده والفلوس على قلبه هو وعيلته كلها وجاى يعمل خطوبة ليه أيه عاوز وقت يجيب الشقة ولا يعمل جمعية علشان العفش
لا علشان نقرب من بعض ونعرف بعض كويس.
أجابت علا بثقة يا سلام ما أنت معاهم بقالك سنة دلوقتى. كل ده لسه ميعرفكيش. أسمعى كلامى هو مين اللى خالاه يحبك ويخطبك. مش هي نصايحي دى اللى مش عاجباكى دلوقتى!..
عادت وفاء من الجامعة وكانت في طريقها الى بوابة المنزل الداخلية ولكنها لمحت فرحة تجلس في الحديقة وترسم منهمكة في لوحاتها غيرت أتجاهها وذهبت إليها بابتسامة مرحة قائلة
السلام عليكم. بتعملى أيه بترسمى برضة
أجابتها فرحة بمشاكسة أومال شايفانى بطبخ يعنى. أيه اللى جابك بدرى خلصتى محاضرات
جلست وفاء على أحد المقاعد الصغيرة بجوارها وهي تقول لا يا ستى كان عندنا محاضرة جنائى وأتلغت.
زفرت فرحة ثم قالت متعجبة والله أنا مش عارفة أيه حبك في دراستك دى هتطلعى أيه يعنى وكيل نيابة ولا قاضى
وفاء ولا ده ولا ده أنا نفسى أبقى محامية وياسلام بقى لو أتخصص في قضايا القټل يا بنت عمى
ألتفتت إليها فرحة في دهشه هاتفة يخربيت الأفلام الأكشن اللى بتتفرجى عليها دى. أيه هتعملى فيها شارلوك هولمز ولا ايه.
نظرت لها وفاء وقالت باستنكار محدش بيقدر الجميل ابدا. ماهو يا ست علبة ألوان أنت لو مكنش شارلوك هولمز ده مكنش أبوكى وأبويا اكتشفوا أنهم بيدوروا على سراب من سنين ولا ناسية أنى أنا اللى نبهتهم أن ولاد عمى ممكن يكونوا في مصر أساسا ومسافروش
نظرت إليها فرحة في تفكير وقالت بشرود تفتكرى يا وفاء لو هم في مصر ليه مدورش علينا.
وفاء الله أعلم. أحنا لحد دلوقتى منعرفش أصلا هي مرات عمى علي خدتهم ومشيت ليه طب لو قلنا علشان أطلقوا. طب وأيه يعنى هي كل واحدة تطلق تاخد عيالها وتهرب لالالا الموضوع فيه سر!
نظر عبد الرحمن في الكشوفات للمرة الثانية وهو غير مصدق متمتما معقول !
قال صديقه متسائلا أيه الأسم فيه حاجة غلط
قال عبد الرحمن وهو مازال محملقا في الكشوفات لا ده صح جدا. جدا...
ثم نظر إلى صديقه بنظرات لامعة وكأنه عثر على كنز لتوه وقال هات ورقة وقلم بسرعة.
نقل عبد الرحمن بعض البيانات في ورقة خاصة وترك صديقه وأنطلق إلى سيارته في سرعة عائدا إلى الشركة بلهفة وهو
يتخيل سعادة والده بالخبر الذي يحمله إليه وصل إلى مقر الشركة وصعد إلى أبيه في سرعة ودلف إلى مكتب هند وهو يقول في عجلة من أمره
هند بابا جوه مش كده
وقفت وعلى وجهها علامات الاستنكار من أسلوبه فهو لم يلقى حتى عليها السلام وقبل أن تتفوه بكلمة تركها وتوجه للمكتب وطرق ودخل.
كان يتوقع أن يجد أبيه بمفرده ولكنه وجد عمه إبراهيم وولده وليد وشاهد أخيه يوسف يقف بجوار أبيه الذي نظر إليه وقال
كويس أنك جيت يا عبد الرحمن تعالى
قال عبد الرحمن بشغف
أنا لسه واصل
من المطار حالا يا بابا ومش هتصدق عندى ليك مفاجأة بمليون جنية
عقب يوسف ساخرا أحنا اللى عندنا مفاجأة بعشرة مليون مش مليون واحدة
نظر له عبد الرحمن بتساءل فشاهد والده يتناول خطاب مفتوح أمامه ومد يده به وهو يقول.
مرات عمك علي بعتتلنا جواب
أخذ عبد الرحمن الظرف ونظر إليه بتمعن وقال ده مفيش عنوان ولا ختم ولا حاجة. الجواب ده وصل هنا ازاى
قال حسين شارحا هند جبتهولى مع البوسطة وقالتلى أنها لقيته في صندوق البريد اللى في مدخل الشركة وطبعا بما أنه مكتوب عليه خاص وأسمى فمحدش فتحه غيرى
صمت عبد الرحمن وقال بتفكير يبقى أكيد هي اللى حطت الجواب في الصندوق
قال إبراهيم متسائلا يعنى أيه يابنى الكلام ده.
قال عبد الرحمن على الفور ماهى دى المفاجأة بتاعتى. أنا لقيت اسمها في الكشوف. جات أول امبارح ومشيت امبارح بالليل. يعنى باتت ليلة واحدة. وأكيد هي أو حد تبعها اللى حط الجواب ده في الصندوق
ألتفت الحاج حسين إليه قائلا بنفاذ صبر يعنى مقرتش الجواب يا عبد الرحمن!
أنتبه عبد الرحمن وفتح الخطاب وقرأ ما فيه بصوت مسموع قليلا أزيك يا حسين. أنا أحلام مرات أخوك علي الله يرحمه. قصدى طليقته. أنا عارفة انك هتستغرب وعارفة انك مكنتش متوقع انى ابعتلك بعد السنين دى كلها. ومعرفش اذا كنت هتفرح بالجواب ده ولا هتقطعه وترميه في الژبالة. أنا مش هفتح في القديم يا ابو عبد الرحمن انا بعتلك الجواب ده مخصوص علشان ولاد أخوك. إيمان وإيهاب ومريم. يا ترى فاكرهم ولا لاء. بلاش تخلى القديم يقف بينك وبين ولاد اخوك اللى من لحمكم ودمكم.
ماهو مش معقول تبقوا انتوا عايشين في العز وولاد أخوك بيشتغلوا علشان يعرفوا يأكلوا نفسهم علشان مش عايزين جوز امهم يصرف عليهم. الولاد في مصر ومبقاش في داعى انى اخبيهم تانى هما خلاص كبروا ويقدروا يحددوا هما عاوزين ايه انا هديك عنوانهم وانا متأكدة انك لما تروح وتشوفهم عايشين ازاى ضميرك مش هيسمحلك تتخلى عنهم.
رفع عبد الرحمن نظره من الخطاب متعجبا وهو يقول في السيدة زينب! ولاد عمى في السيدة زينب السنين دى كلها واحنا منعرفش
قال وليد بسرعة يا جماعه مش عاوزين نتسربع لازم نتأكد الأول ان الجواب ده مش لعبة من حد. ولازم نتأكد هما فعلا هما دول ولاد عمنا ولا نصبه ما يمكن حد بيشتغلنا.
نظر إليه والده معاتبا تفتكر يابنى بعد الكلام اللى مكتوب ده هنقدر نصبر.
وليد يا بابا ماهو اى حد يقدر يكتب اى كلام علشان يصعب علينا. مش اى حد كده نصدقه
عبد الرحمن وكأنه لم يسمع شيئا توجه بالحديث إلى أبيه قائلا ها يا بابا تحب نعمل ايه
كان الحاج حسين واضعا رأسه بين كفيه غارقا في ذكرياته عائدا بها للخلف سنوات وسنوات
ياريتنى سمعت كلام ابويا الله يرحمه. الشك مالى قلبى يا حسين مش عارف اعمل ايه
حسين أهدى يا علي بس وصلى على
النبى كده.
علي بصوت اقرب للبكاء عليه الصلاة والسلام. انا عارف انى استاهل اكتر من كده كمان لانى عصيت ابويا وماټ وهو ڠضبان عليا
حسين متقولش كده يا علي يا اخويا ابوك عمره ما ڠضب عليك بالعكس ده كان بيدعيلك ليل نهار ووصانى عليك قبل ما ېموت وقالى افضل جنبك ومسيبكش لحظة
قال علي في لوعة الله يرحمك يا ياابويا كنت حاسس باللى هيحصلى ونبهتنى وانا كنت اعمى القلب.
ربت حسين على كتفه في حنان وقال على فكره بقى الوساوس دى وساوس شيطان مراتك ست كويسة وبتحبك
على في حسرة شوف انت بتقول عليها ايه وهي بتقول عليك ايه. وانا من غبائى سمعت كلامها وخدت منك ورثى من ابويا كله وعملت المشاريع الفاشلة اللى كانت عايزاها وخسړت كل حاجة. خلاص خلاص بقيت عاله عليكوا يا حسين انت وابراهيم.
حسين متقولش كده يا علي فلوسنا هي فلوسك اهدى بس متعملش في نفسك كده ده انت صاحب مرض وعيالك محتاجينك يا اخويا.
أفاق حسين من شروده وعاد من ذكرياته على صوت ولده يوسف وهو يهتف به ويهزه برفق بابا. بابا أنت كويس
رفع حسين رأسه إليهم مرة أخرى وقال بشرود ايوا يا يوسف يابنى انا كويس متقلقش
يوسف في قلق اصلك مردتش على عبد الرحمن يعنى. بيقولك هنعمل ايه. هنروح
الله الله. بتلبسى كده ورايحة على فين.
مش قلتى عندك أجازة النهاردة
كانت مريم تلف حجابها أمام المرآه وهي تجيب أختها إيمان خلصتى صلاة حرما.
ثم تابعت مردفة أنا خارجه مع سلمى صاحبتى هنتمشى شويه يا إيمان مخڼوقة أوى من قاعدة البيت
قالت إيمان وهي تبتسم اه خلصت صلاة. وقلتلك مية مرة قبل كده اسمها تقبل الله. حرما دى ملهاش اصل في السنة.
وتابعت حديثها قائلة أخوكى جاى بدرى النهاردة. أستنى نتغدى مع بعض
ضحكت مريم وقالت بمرح أتغدوا انتوا بقى انتوا مشايخ زى بعض. انا هتغدى مع سلمى بره
زفرت إيمان بضيق ثم قالت
متسائلة رايحين فين انا
مبحبش صاحبتك دى ابدا مش بستريحلها خالص
قالت مريم وهي تثبت حجابها وايه الجديد على طول بتقولى كده
قالت إيمان بقلق من ساعة ما عرفتى البنت دى وانت طريقة لبسك اتغيرت حتى طريقة كلامك مبقتش زى زمان.
قالت مريم بغرور مصطنع غلطانة يا إيمان. مش سلمى هي السبب انت ناسيه انا في كلية سياحه وفنادق يعنى لازم لبسى يبقى شيك زى صحباتى هناك وإلا هيقولوا عليا معقدة. وبعدين انا مش أى حد انا مريم علي جاسر عارفة عيلة جاسر ولا مبتسمعيش عنهم
رفعت إيمان حاجبيها متعجبة وهي تقول من أمتى النغمة دى. واحنا من أمتى بنقول احنا من عيلة جاسر خدنا منها ايه يعنى غير الغربة في بلدنا.
أخذت مريم حقيبتها واتجهت لباب الشقة وهي تقول بكره هناخد وهناخد كتير وهتقولى مريم قالت
أستوقفتها إيمان بأشارة من يدها قائلة تقصدى ايه يا مريم
تحركت مريم تجاه الباب وهي تقول ولا حاجة يالا سلام
خرجت مريم وتركت إيمان مندهشة من طريقة حديثها عن عائلة أبيها بعد دقائق طرق الباب فظنت إيمان أن مريم قد عادت مرة أخرى فتحت الباب وهي تقول
نسيتى أي.
وتوقفت فجأه عن الكلام وبترت عبارتها متسائلة بتوجس مين حضرتك
4 الفصل الرابع
توقفت إيمان عن الكلام وبترت عبارتها وهي تنظر إلى ذلك الرجل الذي يبدو عليه علامات الوقار وتعلو وجهه ابتسامة حانية وأخيرا خرجت من صمتها وقالت متسائلة
مين حضرتك
كان يتفرس في ملامحها بحنان ثم قال بهدوء أنت ايمان مش كده
أومأت براسها وهي تقول ايوا. مين حضرتك
أرتسمت على وجهه ابتسامة كبيرة ولمعت عيناه وقال انا عمك يابنتى
نظرت له بذهول ودهشة وقالت عمى مين
قال في حنان عمك حسين يابنتى. حسين جاسر
وجدها تنظر إليه صامتة تكسوها علامات الدهشة والوجوم فقال ايه مش هتقوليلى اتفضل يا عمى
أشارت إليه بصمت وأفسحت له الطريق وهي مازالت واجمة دخل وأغلق الباب خلفه وجال بنظره في أنحاء الشقة كانت شقة بسيطة ومتواضعة جدا حتى عاد بنظره إليها عندما قالت بعتاب
عجبتك شقتنا يا عمى.
ابتسم لها وقال أى حاجه تخصكم ومن ريحتكم تبقى حلوه يا بنتى. كفاية كلمة عمى دى اللى كان نفسى أسمعها منكم من زمان
توترت إيمان بشدة وترددت كثيرا ولكنها أكتفت بأن تمد يدها بالمصافحة فقط فهو بالنسبة لها رجل غريب لا تذكره وليس لديه ذكريات في عقلها كل ما كانت تحمله له هو حديث أمها عنه أستطاع أن يستوعب مشاعرها ويفهم ما يدور بخلدها فاحتضنها بعينيه ومد يده يصافحها وهي تقول
اهلا وسهلا يا عمى اتفضل اقعد حضرتك تشرب ايه.
قال بحنان وهو يتفرس فيها انا مش عايز اشرب حاجة يا ستى. كفاية انى شوفتك اومال فين اخواتك هما مش هنا ولا ايه
قالت بتردد ايهاب في الشغل ومريم لسه نازلة من شوية
قال حسين بابتسامة ماشاء الله. وهيرجعوا على أمتى كده بالسلامة
إيهاب زمانه جاى يتغدى. بس مريم يمكن تتأخر.
رآها متوترة وتعامله كالأغراب وهو أيضا كان متوتر فهو لا يعلم ماذا يعرفون عنه وماذا حكت لهم أمهم عنه وعن أخيه إبراهيم فحاول أن يخفف من وقع الموقف فقال بمرح
طب وأنا ينفع أتغدى معاكوا ولا انتوا بخلا
حاولت إيمان رسم ابتسامة على شفتيها وقالت تنورنا يا عمى ده يشرفنا.
سمعت إيمان صوت مفتاح المنزل يدور في الباب فتح الباب ودخل شاب في منتصف العقد الثانى من عمره يحمل نفس ملامح أباه ووسامته مع فارق العمر وقف إيهاب ينظر إلى الرجل الغريب الذي وجده في منزله في دهشة وقبل ان يتكلم وقف الحاج حسين ولمعت عيناه بالدموع وهو يتقدم نحو إيهاب فاتح له ذراعيه ويقول
إيهاب
أحتضنه في حنان وهو يقول ماشاء الله. كبرت يابنى وبقيت نسخة من ابوك الله يرحمه.
نظر إيهاب لأخته التي ما لبثت ان قالت عمى حسين يا إيهاب
زادت دهشته وهو يمعن النظر في حسين وقال مرددا عمى حسين!
حسين ايوا يابنى انا عمكم حسين
ثم تابع بقالى سنين بدور عليكم وادينى لقيتكم الحمد لله
أغلق إيهاب الباب وقال باستنكار ليه حضرتك كنت بتدور علينا في بلد تانية ولا ايه
أشارت له أخته أن يهدأ وقبل أن يشرع في الكلام بانفعال مرة أخرى قاطعه حسين قائلا.
ايوا يابنى كنت بدور عليكم في بلد تانية انت مغلطش
قال
إيهاب بضيق وهو يشيح بوجهه بعيدا مش فاهم حضرتك
ربت حسين على كتف إيهاب وأشار إلى إيمان وقال تعالوا اقعدوا وانا هحكلكم كل حاجة.
شايف عمايل عمى يا بابا. أول ما عرف مكانهم جرى عليهم من غير حتى ما يتأكد ومرضيش ياخد حد من ولاده معاه
عيب كده يا وليد لما تتكلم عن عمك اتكلم بأدب
صاح وليد بانفعال أدب ايه بقى يا بابا.
وضړب جبينه براحة يده وهو يقول بعصبية أنا عارف عمى كويس. حنين زيادة عن اللزوم وطبعا هيجيبهم معاه ويقعدهم وسطينا ومش بعيد يجبهم الشركة هنا وتبقى هيصة بقى.
قطب إبراهيم حاجبيه بضيق قائلا اه يعنى انت بقى كل اللى هامك الشركة.
قولتلى
يا بابا مش مسألة
الشركة وبس. عمى هيدخلهم
في عبنا. والله أعلم هما ناويين على أيه. ماهى حاجة بالعقل كده. أيه اللى يخلى امهم تقول على مكانهم فجأه كده أكيد بيخططوا لحاجة.
هتف إبراهيم بعصبية أسمع يا وليد انا عارفك كويس وعارف انت عاوز ايه وعارف أمك بتحط في دماغك ايه لكن لازم تعرف ان دول ولاد اخويا علي اللى اتحرمنا منه وهو لسه في عز شبابه ومش هنفرط في ولاده أنت فاهمنى ولا لاء
قال وليد بسخرية مش لما تتأكدوا أنهم ولادوا فعلا مش ولاد راجل تانى.
قام والده في انفعال وقد احمر وجهه غاضبا وصاح في وجهه والله لو كررتها تانى لقطعلك لسانك. أنت فاهم ولا لاء. أنت مين يابنى اللى دخل في مخك الكلام الفارغ ده
أطرق وليد برأسه بينما اتجه إبراهيم إلى الإريكة ليجلس عليها محاولا تهدئة الموقف ثم قال بثقة
قالتلك انت وبس ولا قالت لاختك كمان الكلام الفارغ ده
وقف وليد مدافعا وقال في سرعة لا يا بابا ماما مالهاش دعوة بالموضوع.
ابتسم إبراهيم وهو يقول بهدوء هو أنا جبت سيرة أمك دلوقتى.
جلس وليد بعصبية فلقد استطاع والده أن يعرف منه كل شىء بدون مجهود وشعر بيد والده توضع على كتفه قائلا له بتفهم
أسمع يا وليد يابنى مالوش داعى كل اللى بتعمله ده. اللى انت خاېف منه مالوش اساس من الصحة وجلس خلف مكتبه وهو يتابع حديثه قائلا.
عمك علي الله يرحمه أخد ورثه من جدك كله وخرج من الشركة ومضى ورق على كده يعنى الشركة والمشاريع بتاعتنا دى بينى وبين عمك حسين بس. ريح نفسك وطمن أمك. ده اللى ليك تعرفه لكن تجيب سيرة عمك علي وولاده بالشكل ده تانى مش هسكتلك. فاهم.
خرج وليد حانقا من مكتب والده وخرج من الشركة متوجها إلى سيارته ولكنه تصادم مع يوسف ابن عمه الذي قال
ايه يابنى واخد في وشك كده ليه. رايح فين دلوقتى
هتف وليد بعصبية سبنى في حالى يا يوسف انا مش طايق نفسى
ضحك يوسف وقال شكلك واخد دش بارد
أشاح وليد بوجهه وهو يفتح باب سيارته أيوا أتسلى عليا بقى لا يا حبيبى مش هديلك الفرصة دى عن أذنك.
ركب سيارته ولكن يوسف فتح الباب الآخر وركب بجواره وأغلق الباب وقال ايه يابنى بس روق كده وقولى مالك
ولا حاجة مخڼوق شوية ورايح اتمشى بالعربية
يوسف طب انا جاى معاك
أنطلق وليد بالسيارة حتى وصل إلى طريق كورنيش النيل ومنه دخلا إلى أحدى السفن العائمة الكبيرة سارع يوسف إلى أحدى الطاولات وهو يقول بفكاهة
انا حجزت ده الأول. بحب اقعد جنب الشباك.
لم يستطع وليد أن يتمالك نفسه من طريقة ابن عمه الطفولية وضحك بصوت مرتفع وهو يقول
هتفضل طول عمرك عيل يابنى كلها على بعضها شباك منك لربنا على طول
ضحكا سويا بشكل طفولى ألتفتت لهما فتاة في أوائل العشرينيات وتفحصتهما قليلا ثم التفتت إلى صديقتها التي تجلس معها على نفس الطاولة وقالت
شايفة ولاد العز شكلهم أيه يا مريم
قالت مريم بصوت هامس بصى قدامك يا سلمى كده هياخدوا بالهم انك باصة عليهم ميصحش كده.
همست سلمى بميوعة طب ماهو ده اللى أنا عايزاه. حد لاقى يابنتى
قالت مريم بتوتر انا مبحبش أخرج معاكى علشان كده. علشان طريقتك دى
ولما انت ياختى مبتحبيش طريقتى بتخرجى معايا ليه. أقولك انا ليه. علشان انا اللى بظبطك وبوديكى الأماكن النضيفة دى
هتفت مريم معترضة ياسلام هو انا يعنى معرفش آجى هنا من غيرك.
قالت سلمى بثقة لا تعرفى بس معندكيش الجرأة. أنت كده على طول عين في الشرق وعين في الغرب تبقى عينك هتطلع على الحاجة وعاوزه اللى يجبهالك لحد عندك لكن انت متتحركيش ناحيتها أبدا
همست مريم بحنق ماشاء الله وحللتينى نفسيا كمان
هزت سلمى رأسها موافقة وقالت اه حللتك وعارفاكى. حتى الحجاب اللى انت لابساه ده مصره تلبسيه علشان اخواتك بس ميزعلوش منك لكن انت نفسك في اللى يقلعهولك.
وقفت مريم بعصبية وقالت بحنق كده يا سلمى طب انا غلطانة انى خرجت معاكى أصلا. انا ماشية
وأخذت حقيبتها وانصرفت كانت سلمى ستتركها ولكنها في لحظة لمعت فكرة في عقلها ووجدتها فرصة لا تعوض حتى تلفت نظر الشابين إليها نهضت على الفور ولحقت
بمريم وتكلمت بصوت مرتفع قليلا
تعالى بس يا مريم متبقيش عيله بقى عيب كده هنخسر بعض علشان ايه يعنى
ألتفتت إليها مريم بدهشة وقالت وطى صوتك يا سلمى الناس بتبص علينا.
نجحت سلمى في لفت انتباه وليد ويوسف لهما ولمحت وليد ينظر إليها ويتفحصها بنظرة تعرفها جيدا ولكنها تجاهلت ذلك وقالت لمريم
تعالى بس يا مريم استهدى بالله تعالى يا ستى انا آسفة
جذبتها وعادت بها إلى الطاولة مرة أخرى جلست سلمى وهي مازالت ممسكة بيد مريم قائلة
خلاص بقى متبقيش حماقية. ها تشربى ايه انا عازماكى
أجابتها مريم بضيق مش عاوزة حاجة
لا والله لازم تشربى هجبلك ليمون يروق دمك.
مازال وليد ينظر إلى سلمى ويتابع حركتها الملفته
للأنظار وهو يوجه حديثه ليوسف
قائلا
شايف يا يوسف يابن عمى الطلقتين دول
ثم تابع بنظرات شيطانية بس فيهم بصراحة طلقة أرض جو
ألقى يوسف إليهما نظرة عابرة والټفت في الاتجاه الآخر ناظرا لمياه النيل وهو يبتسم بسخرية ويقول
مفيش فايدة فيك. متعصب ومضايق وفي لحظة قلبت وبص الطلقتين دول. قولى صحيح يا وليد هو انت ابن عمى بجد ولا ابن عمى لحد ما تفرج بس.
أطلق وليد ضحكة عالية التفتت لها سلمى ونظرت له بدلال ثم عادت ونظرت إلى مريم مرة أخرى وأكملت حديثها معها ولكن مريم لاحظت ما تقوم به سلمى من نظرات متوالية فقالت
سلمى لو ملمتيش نفسك همشى و اسيبك
زفرت سلمى في ضيق خلاص يا ست خضرة الشريفة خلاص. أشربى وانت ساكتة
تناول وليد قهوته ومازال يرمق سلمى بنظرات جريئة وهي تختلس النظر إليه من وقت لآخر وكأنها تراسله فقال ليوسف
شكلى دخلت دماغها يا يوسف.
مط يوسف شفته بازدراء قائلا يابنى انضف بقى. انت عمرك ما تبص لواحدة نضيفة أبدا
ضحك وليد وقال ماهى لو نضيفة مش هبصلها يا عم يوسف ولا ايه
أومأ يوسف برأسه موافقا وقال البنات زمان كان لما واحد يبصلها تتكسف وتدور وشها دلوقتى بقى البنت هي اللى بتعمل فيلم زى اللى اتعمل من شوية ده علشان نبصلها
قال وليد بخبث ما انت واعى اهو وعرفت انه فيلم أومال عامل قطة مغمضة ليه.
تنهد يوسف بقوة وهو يقول البنات المحترمة بقت تتعد على الصوابع
داعبه وليد بمرح حتى الصوابع دى هقليها في الزيت واعملها صوابع زينب واكلها
وضع يوسف حساب مشروباتهم على الطاولة وهو يقول والله أنت مسخرة. يالا بينا نشوف ورانا ايه يا دنجوان عصرك
قال وليد بتصميم وهو ينظر لسلمى لا مش همشى إلا لما آخد نمرتها. حرام عليك عنيها هتطلع عليا شكلها حبتنى زى اخوها أوعى تفهمها صح يا يوسف.
نهض يوسف وهو يدفعه من كتفه قائلا قوم يابنى انت حرمت عليك عشتك قوم. والله عال مش ناقص غير الأشكال دى كمان
قال وليد بأسف وهو يأخذ مفاتيح سيارته لالا بس البت اللى معاها حطه حجاب على شعرها وشكلها كده يدى على واحده كان
نفسها تبقى محترمه بس قفلوا عليها الفرن بدرى شوية
ألقى عليها يوسف نظرة سريعة قبل أن يغادر وقد احتلت وجهه علامات الازدراء والتقزز.
في أيه يا جماعة مالكوا قاعدين مبلمين كده ليه
نظر لها إيهاب بعصبية وقال أتأخرتى ليه يا مريم. أعملى حسابك مفيش خروج تانى انت فاهمه ولا لاء
هتفت بحنق إيه يا إيهاب بتزعقلى ليه. ده هما ساعتين
تدخلت إيمان محاولة تهدئته قائلة لوسمحت أهدى يا إيهاب مش كده. هي مالهاش ذنب
صاح بانفعال سبونى لوحدى دلوقتى.
لمعت عيني مريم بالدموع وأسرعت إلى غرفتها لحقت بها إيمان وقالت مهدئة إياها معلش يا مريم أخوكى متعصب شوية وجات فيكى
قالت مريم وهي تبكى بشدة أول مره يزعقلى كده. وكمان معملتش حاجة
ربتت إيمان على ذراعها وهي تقول معلش يا حبيبتى أنت عارفه إيهاب بيحبك قد أيه بس اعذريه ڠصب عنه
جففت مريم دموعها وهي تتسائل يعنى أيه ڠصب عنه. في حاجة حصلت
قالت إيمان بارتباك عمك حسين جالنا النهاردة.
تسرعت مريم قائلة طب وفيها أيه
نظرت إليها إيمان بشك متسائلة ومالك كده كأنك كنتى متوقعة الخبر
نظرت لها مريم بتماسك وهي تقول بتلعثم عادى يعنى مش ده عمنا برضة
أمسكتها إيمان من ذراعيها وقالت پغضب مكتوم تعرفى أيه يا مريم ومخبياه عنى. أنت كنتى عارفة أنه جاى مش كده
همست مريم برجاء هقولك بس متقوليش لإيهاب
رمقتها إيمان بنظرات ثاقبة وقالت قولى.
أبتلعت مريم ريقها وقالت ماما لما جات من السفر وباتت معانا هنا قالتلى انها هتبعت لعمى حسين جواب وتعرفه مكانا وقالتلى انه احتمال كبير يجيلنا هنا
ضيقت إيمان حدقتاها بتفكير ثم قالت والجواب ده بعتته قبل ما تنزل مصر
هزت مريم رأسها نفيا وهي تقول لا من مصر
قالت إيمان بدهشة أمتى! دى جات باتت معانا ومشيت الصبح وإيهاب وصلها المطار.
نظرت إليها مريم وقالت بتردد لا أصلها مش زى ما فهمتكوا كده انها لسه وصله المغرب لا. دى كانت وصلت من بعد الظهر وبعتت الجواب ده لعمى قبل ما تجيلنا هنا البيت وتبات معانا
نظرت لها إيمان بعدم تصديق وقالت ازاى
الكلام ده. عمى قال في كلامه ان الصندوق كان فاضى امبارح وهما نازلين من الشركة بالليل و انه لقى الجواب في صندوق البريد بتاع الشركه النهاردة الصبح.
قالت مريم بضجر معرفش بقى هي قالتلى انها اتصرفت وشافت حد تثق فيه
نظرت لها إيمان محذرة وقالت مريم
هتفت مريم مدافعة عن نفسها والله ما اعرف اكتر من اللى قلته. ومش انا اللى بعت الجواب والدليل على كده انى كنت معاكى في البيت الصبح ومخرجتش غير بعد الضهر.
5 الفصل الخامس
جمع حسين عائلته وعائلة أخيه إبراهيم وقص عليهم ما حدث في مقابلته مع أولاد أخيه علي إيهاب وإيمان ورد فعلهما تجاه عرضه الذي عرضهم عليهما وبمجرد أن
انتهى من حديثة قال عبد الرحمن
ورفضوا
ليه يا بابا
والله يابنى ده شىء طبيعى بعد الفكرة الغلط اللى كانوا واخدينها عننا
قال عبد الرحمن باهتمام أيوه بس المفروض أنك حكتلهم الحقيقة.
أجابته والدته عفاف قائلة الحقيقة دى من وجهة نظرنا احنا. لكن أكيد هما مش هيكدبوا أمهم ويصدقونا. خصوصا أنهم متربوش وسطينا وميعرفوناش أصلا
تنهد الحاج إبراهيم قائلا طب ووصلتوا لأيه في الآخر
قال حسين وهو يحرك برأسه بوقار بعد محاولات كتيرة أوى قالوا عاوزين فرصة نفكر ونستخير ربنا
نظر وليد إلى أمه فاطمة التي بادلته النظرات الساخرة وهي تمصمص شفتاها بتبرم مما يحدث بينما تكلمت وفاء قائلة.
طب أيه رأيك يا عمى نروحلهم أنا وفرحة ونتعرف عليهم ونتقرب منهم
قاطعها وليد بسخط تروحى فين وفيه راجل معاهم في البيت
قال الحاج حسين وقد استحسن الفكرة بسيطة ياخدوا معاهم يوسف أو عبد الرحمن أو انت تروح معاهم
قال وليد باستنكار أنا لالا انا مش فاضى يا عمى معلش
نظر حسين لى ولديه قائلا خلاص حد فيكم يروح معاهم
نهض إبراهيم قائلا بهدوء أنا هروح معاهم يا حسين. نفسى أشوف ولاد أخويا.
وفى اليوم التالى مساءا كانت أحلام تتكلم مع أولادها في الهاتف بانفعال شديد يعنى أيه مش عاوزين تروحوا تقعدوا هناك. أيه لعب العيال ده. شوية عيال زيكوا هيمشوا كلامهم عليا ولا ايه
زفر إيهاب بنفاذ صبر وقال يا ماما أهدى شوية مش كده. أنت حتى مش عاوزة تسمعينا
صاحت پغضب أنا سمعت كتير وياريتنى ما سمعت. أسمع يا واد منك ليها. هتروحوا يعنى هتروحوا ومش عاوزة كلمة تانية.
رد إيهاب بانفعال أكبر ولو قلنا لا
شعرت أحلام أنها لو انفعلت مرة أخرى ستفقد تأييد أولادها لها فقررت تغير طريقة معاملتها معهم بدلت نبرة صوتها ونسجتها بالشجن والحزن وقالت.
وأنا اللى قلت أنكم بتحبونى وبتسمعوا كلامى وأكيد مش هترفضولى طلب يا إيهاب. وبعدين يابنى دول عمامكم برضة. يعنى مش هتقعدوا عند حد غريب. يابنى انتوا ليكوا حق عندهم يعنى مش هتقعدوا عاله عليهم. ده كله من خير أبوك. يعنى هتعيشوا في ملككم زيهم بالظبط
هدأ إيهاب قليلا ثم قال أيوا يا ماما بس حقنا ده محدش هيعترف بيه أبدا. يعنى هنفضل في نظرهم عاله.
قالت بهدوء شديد لا يا حبيبى أنا متأكدة ان عمك أتغير. ولو مكنش اتغير مكنش جالكم بعد ما قرا الجواب وطلب تعيشوا معاه. وطالما اتغير يبقى لما تعيشوا معاه ويعرفكم كويس ويحبكم ضميره هيصحى وهيرجعلكم فلوس ابوكم الله يرحمه.
قالت كلمتها الأخيرة وهي تغلفها پبكاء مصطنع مما جعل حنقه يتراجع وهو يسألها أنا نفسى أعرف يا ماما أيه اللى خلاكى تبعتى الجواب ده بعد السنين دى كلها. ليه فجأة كده عاوزانا نرجعلهم. مش انت اللى كنتى بتنبهى علينا ان محدش منهم يعرف طريقنا واننا نبعد عن أى حاجة اسمهم عليها حتى.
قالت ببعض الحماس ده كان زمان يابنى. اه كنت خاېفة عليكم من أذاهم احسن يطلكوا زى ما طالنى لما كنت عايشه وسطهم. لكن من فترة كده سمعت انهم رجعوا لربنا وبقوا يعملوا خير كبير وبقيت اسمع عن أعمالهم الخيرية. قلت يبقى خير اعرفهم طريق ولاد اخوهم يمكن ضميرهم يصحى ويرجعوا مال اليتمه اللى نهبوه زمان وأهو برضة نبقى خدنا ثواب صلة الرحم.
لم يشعر إيهاب بالصدق في حديث والدته ولكنه لم يتجرأ على القول بهذا نظر إلى أختيه إيمان ومريم التي كانت تتابع الحديث بشغف ثم ألقى سماعة الهاتف إلى إيمان قائلا
خدى كلميها
أعادت أحلام عليها نفس الكلام بشجن أكبر حتى قالت إيمان خلاص يا ماما هنستخير ربنا ونرد عليكى.
أشاحت أحلام بوجهها بعيدا عن سماعة الهاتف حتى لا تسمع إيمان صوت زفرتها التي زفرتها في ضيق ثم رسمت ابتسامة على شفتيها لتخرج كلمات مناسبة من بينهما وقالت
طبعا يا حبيبتى لازم نستخير ربنا قبل أى حاجة وإن شاء الله ربنا هيدلكوا على الخير
أعطت السماعة لمريم التي اكتفت بالسلام والتحية فقط
وقبل أن تغلق الخط قالت لها أمها
مش هوصيكى بقى يا
مريم. ماشى
قالت مريم بتوتر ربنا يسهل يا ماما.
جلس الثلاثة في حلقة نقاش وتشاور حول الأمر حتى سمعوا طرق على باب الشقة أرتدت إيمان أسدال الصلاة وتوجه إيهاب ليرى من الطارق كانت مفاجأة أخرى له ولأختيه عندما علموا أن الزائر هو عمهم إبراهيم وفي صحبته عبد الرحمن وفرحة ووفاء. أخذ الحاج إبراهيم إيهاب بين ذراعيه وربت على كتفه وهو يقول
ماشاء الله اللى يشوفك يقول عليك أبوك وهو صغير الله يرحمه.
تراجع إيهاب ليفسح المجال ل إيمان ومريم ثم أبتسم ل عبد الرحمن وصافحه أستدارت إيمان بعد مصافحة عمها والسلام على فرحة ووفاء وفوجدت بعبد الرحمن يمد يده إليها بالسلام وهو يقول مبتسما
أنت إيمان توأم إيهاب مش كده
أبتسمت أبتسامة خفيفة وقالت أيوا انا
ثم نظرت إلى يده الممدودة وقالت بنفس الأبتسامة الخفيفة آسفه مبسلمش.
كانت تتوقع منه رد فعل متوتر أو غاضب ولكنها وجدته يبتسم ويهز
رأسه متفهما وقال ولا يهمك
ثم ألقى التحية
إلى مريم ولم يمد يده بالسلام فلقد توقع نفس الرد أدخلهم إيهاب للصالون المتواضع القابع في أحدى الغرف الصغيرة وقدمت لهم إيمان الشاى وحاولت وفاء بشخصيتها الأجتماعية كسر الحواجز المرتفعة بينهم فقالت
وأنت بقى يا إيمان خريجة ايه
أجابتها إيمان بصوت منخفض كلية شريعة.
نظر إليها عمها أبراهيم مبتسما وقال بفخر ماشاء الله يابنتى ربنا يزيدك
قال إيهاب مؤكدا إيمان أصلها من صغرها وهي مدارس أزهرى. طول عمرها حابة الطريق ده
أبتسم الحاج إبراهيم مجددا لثناء إيهاب على أخته وشعر بمدى الترابط بينهما وقال وأكيد بقى إيهاب كان معاكى ما أنتوا توأم
تكلم ايهاب قائلا لا يا عمى أنا مهندس ديكور.
اتسعت ابتسامة إبراهيم وهو ينر له بإعجاب وهو يشير إلى مريم قائلا بحماس ومريم كلية سياحة وفنادق
قالت وفاء بمرح انا بقى حقوق
وأشارت الى فرحة وقالت وفرحة فنون جميلة
أبتسمت فرحة بخجل فطرى وقالت لمريم أحنا من سن بعض تقريبا ياريت نبقى أصحاب
ردت مريم بنفس الأبتسامة طبعا يا فرحة
بعد ساعة تقريبا انتهت الجلسة العائلية الدافئة وانصرف الجميع على وعد باللقاء مرة أخرى جلست مريم وقالت بتسائل.
ها نويتم على أيه
نظرت أيمان إلى إيهاب وقالت رأيك ايه يا إيهاب
تدخلت مريم بالكلام هي دى محتاجة رأى. الناس باين عليهم محترمين ومستوى. ولو رحنا نعيش معاهم هنتنقل لمستوى تانى خالص
قاطعها إيهاب هي كل حاجة مظاهر عندك يا مريم. مستوى ايه بس
ثم نظر إلى إيمان وقال انت ارتحتلهم يا ايمان
ايمان بصراحه معاملتهم معانا محيرانى جدا. شكلهم ناس كويسه وطريقتهم محترمه مش زى الفكره اللى كنا واخدنها عنهم خالص. بس الموضوع محتاج تأنى مش لازم نحكم بسرعه كده
ايهاب موافقا صح. خلاص يومين كده نكون استخرنا ربنا.
جلست فرحة بجوار أمها وقالت بشغف وهي تنظر إلى والدها أنا حبيتهم أوى يا بابا. شكلهم محترمين ودمهم خفيف كمان
ثم ضحكت بمشاكسة وهي تنظر إلى عبد الرحمن وقالت أسكت يا بابا أما عبد الرحمن أتحرج بشكل مش معقول
قال والدها بابتسامة متسائلة ازاى
عبد الرحمن مد أيده يسلم على إيمان. قالتله مبسلمش بالأيد
مدعبد الرحمن يده وعبث بشعرها وهو يقول هاهاها محدش قالك ان دمك خفيف قبل كده.
قال بزهو مصطنع كتير قالولى كده
ضحكوا عليكى صدقينى.
مر ثلاثة أيام لم تنقطع فيهم اتصالات الحاج حسين بأبناء أخيه واستمرت أيضا اتصالات من فرحة ووفاء ل مريم وإيمان لوصل حلقات الود بينهم وزاد إعجاب عبد الرحمن بإيهاب وهو يتعرف عليه أكثر وأكثر ويراه رجل يعتمد عليه ولم لا وهو يراعى أختيه ويحرص عليهما قدر المستطاع كانت مشاعر إيهاب وإيمان متوترة بعض الشىء فهما مقدمان على شىء مجهول لا يعرفونه سيعيشون في كنف أسرة لم يألفوها ولا يعرفوا عنها الكثير نعم ستكون لهم خصوصية ولهم طابق بمفردهم ولكن سيكون هناك احتكاك كبير ومعايشة ليس هذا فقط ولكنهم أيضا متخبطون بين ما يعرفون من أمهم عن هذه العائلة وبين ما رأوه من ألفه واهتمام وود وحرص وطيبة تظهر بتلقائية في عيون عمهما حسين و إبراهيم لا يعرفون الحقيقه ويشعرون أن هناك حلقة مفقودة لا يستطيعون أن يجدوها إلا بالموافقة على الأنتقال للعيش معهم. أما مشاعر مريم لم تكن تختلف كثيرا ولكن مع كثير من النشوة لانتقالها للمستوى التي كانت ترنوا إليه منذ زمن ولم يكن له سبيل أخيرا سيتحقق حلمها ولكن.
بمراجعة بسيطة كيف سيتحقق هذا الحلم نعم سينتقلون لمنزل آل جاسر ولكن بدون حقوق لن تمتلك سيارة لن تتجرأ على طلب شراء الملابس التي تحبها إذن سيكون الانتقال ماهو إلا تغير العنوان فقط ولكن مهلا هناك سبيل آخر إنه والدتها وما حاولت أقناعها به إن فعلت هذا سيكون لها نصيب كبير في هذه العائلة بل وتستطيع أن تعيد أملاك والدها مرة أخرى وقفت أمام المرآه و شردت في كلام أمها.
صدقينى يا مريم هي دى الطريقة الوحيدة اللى هنقدر نرجع بيها
أملاك أبوكى اللى أخدوها منه بالڼصب والاحتيال. الڼصب ميرجعش غير بالڼصب يا بنتى. وأنا لو كنت مالية أيدى من أختك كنت هقولها كده برضة. بس أنت عارفة إيمان هتقعد تقولى حرام وحلال. علشان كده أنا معتمدة عليكى أنت يا مريم. أنت اللى هترجعلنا جزء من حقنا. واسمعى سيبك من ولاد عمك إبراهيم ركزى على ولاد عمك حسين هو الكل في الكل وأكيد ولاده برضه هيبقوا الكل في الكل وده اللى أحنا عايزينه. وبما أن عبد الرحمن طلع خاطب يبقى مفيش غير يوسف. أنا جبتلك كل المعلومات اللى هتحتاجيها. الكلام ده ميطلعش برانا أحنا الاتنين فاهمانى يا مريم.
وفى اليوم التالى مباشرة أتصل إيهاب على عمه حسين وأخبره أنهم موافقون على عرضه بالأنتقال للعيش معهم لتبدأ حياة جديدة وعلاقات جديدة ومعاملات لم تكن في الحسبان.
البت الصغيرة دى شكلها مش مريحنى أبدا. شبه أمها كده
قالت عفاف وهي تعد الطعام بنشاط بقولك أيه يا أم وليد
دول مش جايين يومين وماشين. لا دول
جايين يعيشوا هنا يعنى أنسى بقى أنك بتكرهى أمهم الله يسامحها أفتكرى بس انهم يبقوا ولاد علي الله يرحمه
ابتسمت فاطمة بسخرية وقالت أنا عارفة انك علانياتك يا عفاف. حتى لو أحنا نسينا أمهم هما مش هينسوا والله اعلم ناوين على أيه وأبقى أفتكرى كلامى ده كويس.
دخلت فرحة مقاطعة حديثهما
ماما خلصنا خلاص كله تمام
قالت فاطمة بحنق واحنا كمان خلصنا روحى نادى وفاء علشان نجهز السفرة
وفى غرفة المكتب كان يوسف يداعب إيهاب قائلا بما أنك بقى مهندس ديكور عاوز اعرف ينفع اعمل شقتى كلها مرايات
ضحك الجميع وقال إيهاب اه طبعا ينفع أهو بالنهار تبقى شقة وبالليل ممكن نقلبها ملاهى.
ضحك عبد الرحمن وقال أصل يوسف تقريبا كان ناوى يحط كاميرات مراقبة لمراته لما يتجوز. شكله كده غير رأيه وقال المرايات أرخص
كان وليد متجهما بعض الشىء فلم يشاركهم داعاباتهم بينما نظر الحاج إبراهيم لأخيه وقال
شكلنا كده مش هنخلص منهم يا حسين أنا جعت أيه مفيش أكل النهاردة ولا ايه
قال حسين موجها حديثه ل يوسف لو سمحت يا يوسف روح شوف جهزوا السفرة ولا لسه.
خرج يوسف متجها إلى المطبخ وكانت فرحة آتية بصحبة إيمان ومريم
نادت فرحه على يوسف قائلة يوسف. تعالى انت لسه مشوفتش إيمان ومريم ولاد عمى
وأشارت إلى إيمان وقالت دى إيمان الكبيرة أما دى بقى مريم
تلاقت نظرات يوسف بمريم عرفها وعرفته فقال باقتضاب أهلا وسهلا وحمد الله على السلامة
ثم الټفت إلى أخته وقال بجمود لو سمحتى يا فرحة جهزوا الأكل بسرعة.
اجابته فرحة ببهجة خلاص الأكل جاهز. خمس دقايق وتلاقوا السفرة بقت تمام
عاد يوسف أدراجه إلى المكتب مصډوما ومتعجبا كيف تكون هذه أخت إيهاب الذي أعجب برجولته الواضحة في أقواله وتصرفاته منذ لحظات بعد عشرة دقائق خرج الرجال إلى حجرة الطعام لم تقل صدمة وليد عن صدمة يوسف حينما رأى مريم وتعرف إليها وتعرفت إليه هي الأخرى وجلس الجميع حول المائدة حيث نظر الحاج حسين إلى الجميع في سعادة وقال.
انا كده بقى مش محتاج حاجة خالص من الدنيا
رد إبراهيم مؤكدا أى والله يا حسين صدقت
أبتسم الجميع برغم مما يعانيه كل منهم مشاعر مختلطة متضاربة بداخلهم مختلفة ما بين سعادة ونشوة وحذر وخجل وبغض!
لم تحتمل أم وليد أن تكمل هذه الجلسة بخير فقالت موجهة كلامها نحو إيمان بس انا مستغربة يا إيمان. أزاى أمك دخلتك مدارس أزهرى مع أن أحلام مالهاش في الحاجات دى خالص.
نظر لها إبراهيم بصرامة محذرا فقالت بتوتر أنا مقصدش حاجة. أنا قصدى يعنى ان اخوتها كلهم تعليم عادى يعنى
وهنا تدخل إيهاب قائلا وأحنا في الروضة كانت دايما مدرسة القرآن تقول إيمان ليها مستقبل في العلم الشرعى لأنها كانت متفوقة في الحفظ جدا. وكانت دايما تقولها أنت لازم تدخلى أزهرى. لدرجة أن إيمان كانت بتحلم بالمدرسة من قبل ما تبدأ.
نظرت لها إيمان وقد فهمت ما تقصده من كلام عن والدتها فقالت وماما مكنش عندها مانع أبدا يا طنط بالعكس
فى نهاية اليوم توجهوا إلى طابقهم الخاص حيث شقتهم الجديدة ذهب
إيهاب للنوم ليستسقظ لعمله صباحا وجلست إيمان ومريم في الشرفة يحتسيان الشاى ويتحدثان كان عبد الرحمن في شرفة غرفته يتحدث في الهاتف بانفعال شديد مع هند هاتفا
بقولك مكنش ينفع آجى النهاردة. هفضل أكررها كتير يا هند.
خلاص مبقتش فاضيلى يا عبد الرحمن شفت بنات عمك نسيتنى
زفرعبد الرحمن بضيق ثم قال أستغفر الله العظيم هنبدأ بقى الكلام الفارغ.
تنفس قليلا ليهدأ ثم قال يا حبيبتى أنا عارف أنى مقصر معاكى بس عاوزك تعذرينى أنا الكبير ولازم أبقى جنب أبويا دايما
كويس أنك أعترفت أنك مقصر معايا علشان تعرف بس أنى مستحمله.
حاول أن يسترضيها قائلا بمزاح هو حد قال حاجة تانية يا قمر. بصى ليكى عندى حتة تعويض بكرة هيعجبك أوى. هنتغدى مع بعض في المكان اللى تختاريه
أبتسمت وقالت موافقة
قال بخفوت بحبك
كانت مريم تتابع بشغف وتستمع لبعض الكلمات الأولى في الحديث ثم التفتت نحو إيمان قائلة
تعرفى أنه خاطب السكرتيرة بتاعتهم
قالت إيمان بلا مبالاة وهي تحتسى الشاى وفيها ايه.
قالت مريم بغرور أزاى واحد زى ده يتجوز السكرتيرة بتاعته. وأزاى عمى يوافق على كده أصلا
قالت إيمان بابتسامة اهلا يا مريم. أنت لسه ما كملتيش يوم وليلة هنا. هتبدأى تتكبرى على الناس من أولها
وبعدين الأنسان مش بفلوسه الأنسان بدينه وأخلاقه
تابعت مريم وكأنها لم تسمعها تعرفى أنكم لايقين على بعض أوى يا إيمان
نظرت لها إيمان بدهشة وقالت متسائلة مين
قالت مريم ببساطة أنت وعبد الرحمن.
ضحكت إيمان قائلة أنت بتهزرى ولا أيه يا مريم أنا مش هتجوز إلا راجل ملتزم ولا يمكن أرضى بديلا يا أمورة
أبتسمت لها مريم مداعبة طول عمرك فقرية يا إيمان ربنا يكملك بعقلك يامجنونة!
فى الصباح كانت مريم تقف أمام البوابة الخارجية بجوار سيارة يوسف وتتحدث في الهاتف خرج يوسف ليركب سيارته فوجدها تتحدث
بعصبية ناعمة.
يعنى أيه مش هتيجى تاخدينى. أروح أنا
الكلية أزاى دلوقتى. المكان هنا غريب عليا ولسه مش عارفه المواصلات. خلاص خلاص أنا هتصرف
أستدارت وهي تضع الهاتف بحقيبتها فوجدته يقف خلفها فقالت بحرج أنا آسفه عطلتلك ولا حاجة
قال بتجهم لا ابدا.
ثم تنحنح بحرج وقال باقتضاب أنا آسف مكنتش أقصد أسمعك وأنت بتتكلمى بس صوتك كان عالى شوية. على فكرة أنا ممكن أوصلك.
تصنعت مريم الحرج وقالت بخفوت لالا مفيش داعى أنا هتصرف. هشوف أى مواصلات هنا
قال بعملية وهو يخرج هاتفه لا طبعا ميصحش بس ثوانى.
ثم وضع الهاتف على أذنه قائلا أنت مش رايحة الكلية يا فرحة طيب انا مستنيكى تحت علشان اوصلك انت ومريم.
أستقلت مريم السيارة بجوار فرحة وهي تشعر بالهزيمة من أول جولة توقف يوسف بالسيارة أمام كلية مريم عندما شاهدتهم سلمى صدمت وهي ترى مريم تهبط من سيارة يوسف فهى لم تنسى ملامحه الجذابة منذ يوم السفينة العائمة أقبلت سلمى عليها قائلة
يابنت اللذين. أتلميتى على الواد ده ازاى
قالت مريم بزهو هو اللى عرض عليا يوصلنى. وبعدين ده شىء طبيعى مش ابن عمى.
وضعت سلمى يدها في خصرها وقالت باستنكار نعم ياختى. بقى ده ابن عمك انت
قالت مريم بغرور وهي تخطو وتترك سلمى خلفها أنت ناسيه انا من عيلة مين ولا أيه وعلى فكرة مش هو لوحده. اللى كان قاعد معاه كمان ابن عمى إبراهيم
جلست مريم في الكافتريا مع سلمى وقصت عليها ما حدث وأنهم قد انتقلوا للعيش مع أعمامهم كانت سلمى تستمع لها باهتمام ثم قالت بمكر
أنا شكلى كده هبقى ازورك كتير يا مريم.
دخل يوسف مكتب والده الذي نظر له متسائلا أتأخرت ليه
كنت بوصل فرحة ومريم لكليتهم
قال حسين بتلقائية طب خدت رقم مريم علشان تبقى تعرف هتخلص أمتى وتروح تجيبها
نظر له يوسف بدهشة واستنكار قائلا ايه يا بابا هو انا هشتغل موصلاتى على آخر الزمن. مترجع البيت بتاكسى ايه المشكلة
أبتسم حسين وهو يقول بابتسامة مغيظة طب ومتعصب ليه كده
زفر يوسف وهو يجلس قائلا بعد أذنك يا بابا حضرتك أنا اتبرعت بس النهاردة كده جدعنة. لكن بعد كده حضرتك ممكن تبعت معاهم السواق للمكان اللى عاوزينه
قال حسين بابتسامة أخرى معلش يا يوسف علشان خاطرى. هاتهم النهاردة ومن بكرة السواق يوصلهم. كلم فرحة أكيد خدت رقم بنت عمها خاليها تكلمها وتشوفها هتروح أمتى.
خرجت مريم بصحبة سلمى من الكلية فوجدت يوسف ينتظرها مع فرحة داخل السيارة على حسب أتفاقها مع
فرحة سابقا أتجهت إليهما بينما القت سلمى التحية على يوسف وفرحة التي قالت بشغف
أنت صاحبة مريم الأنتيم مش كده
قالت سلمى وهي مصوبة نظرها إلى يوسف جدا يا فرحة. أنا ومريم أخوات من زمان.
أشاح يوسف بوجهه بعيدا عنها بتقزز وهو يزفر بقوة وفي الطريق كانت مريم تجلس في الخلف وتنظر من الحين لأخر نظره خاطفه ل يوسف الذي تكلم بدون سابق أنذار قائلا
هي صاحبتك من زمان
قالت مريم بانتباه لا مش من زمان أوى. من ساعة ما دخلت الكلية بس
هز يوسف رأسه في صمت فقالت مريم ليه في حاجة
قال بلا
مبالاة لا أبدا. مجرد سؤال
ها يا ستى خلاص صافى يا لبن
نظرت له هند بحب وقالت خلاص سماح المرة دى.
رفع يديه للسماء هاتفا بمزاح اللهم لك الحمد
نظرت له وكأنها تدرسه وقالت ببطء أنت بتحبنى بجد يا عبد الرحمن
تانى يا هند. أرحمينى بقى. قلتلك بحبك والله بحبك ولو مش بحبك خطبتك ليه يعنى. كنت فاضى ومش لاقى حاجة اعملها قلت أخطب شوية ولا أيه
مطت شفتيها بعذوبة متسائلة طب ليه مش عاوز تحدد معاد كتب الكتاب
قال بنفاذ صبر قلتلك أصبرى شوية لما موضوع ولاد عمى ده يستقر كده. وبعدين هفاتح بابا في الموضوع.
نظرت إليه نظرة جريئة كما تعلمتها من أختها علا وقالت لا يبقى أنا بقى موحشتكش
صرف نظره عنها وأكمل طعامه في صمت وكأنه لم يسمعها مما استفزها فقالت يبقى أنا فعلا موحشتكش ولا هوحشك
ألقى عبد الرحمن الملعقة على المائدة بعصبية وقال هند. أنت كده هتخلينى أغير رأيى فيك. أنت أيه اللى حصلك! بقيتى تعملى حركات غريبة كده. أنت مكنتيش كده يا هند!
قالت مدافعة بحراج أنا كان قصدى يعنى أنك تهتم بيا شوية مش أكتر
قال عبد الرحمن دون أن ينظر إليها كلى يا هند خالينا نرجع الشركة
فى المساء التف الجميع للعشاء حول المائدة الكبيرة ونظرت عفاف إلى زوجها قائلة عارف يا حاج حسين. إيمان صممت تنزل شغلها النهاردة
نظرحسين إلى إيمان قائلا بتساؤل أنت بتشتغلى يا إيمان
أومأت إيمان برأسها وقالت أيوا يا عمى بشتغل في مدرسة قريبة من شقتنا القديمة.
رفع حاجبيه بتعجب قائلا روحتى المشوار ده كله ورجعتى لوحدك
قالت إيمان بابتسامة وفيها أيه يا عمى أنا بركب مواصلات عامة متقلقش عليا
أظن يابنتى خلاص مفيش داعى للشغل بعد كده
ابتسمت مجددا وهي تقول بثقة وهدوء ياعمى أنا مش بشتغل علشان الفلوس مع أن
ده سبب من أسباب الشغل لكن الأساس انى بحب
مهنة التدريس للبنات أوى وبحس أنى بعمل حاجة مفيدة. مبحبش ابقى قاعدة كده.
تابع حسين تناول طعامه بعد أن قال عاوز أتكلم معاكى شوية يا إيمان ابقى تعاليلى أوضة المكتب بعد العشا
وبعد العشاء دخلت إيمان خلف عمها وأغلقت الباب أشار لها أن تجلس بالمقعد المقابل لمكتبه فقالت
خير يا عمى
أستند إلى سطح مكتبه وقال بهدوء إيمان. أنت دلوقتى بقيتى زى فرحة بالظبط عندى. أنا عاوزك تكلمينى زى أبوكى متكسفيش من حاجة
أومأت إيمان برأسها وأنتظرته يتحدث فقال أنت ليه مصممة على الشغل يابنتى.
رفعت كتفيها واخفضتهما وهي تقول ببساطة زى ما قلتلك ياعمى انا بحب شغلى
بس انا متأكد أن ده مش السبب الرئيسى
صمتت إيمان فاستكمل حديثه قائلا أم عبد الرحمن قالتلى انك صممتى تتغدى في شقتك فوق ليه كده يابنتى
أجابته بخجل قائلة بصراحة ياعمى انا مبحبش أتقل على حد. ده طبعى وبعدين يا عمى بعد أذنك أحنا وافقنا نعيش هنا لكن هنفضل نشتغل وتبقى لينا مصاريفنا الخاصة زى ما كنا.
نظر لها بتركيز وقال للدرجة دى شايفانى غريب عنكوا يابنتى
مش قصدى والله يا عمى لكن معلش سبنا على راحتنا
هز رأسه متفهما وقال وطبعا ده رأى إيهاب كمان. علشان كده رفض يجى يشتغل معايا في الشركة
صمتت إيمان فقال متابعا عموما يابنتى أنا مش عاوز اضغط عليكم في حاجة. بس أنا مش مستريح كده ولو على الشغل وأنك عاوزة تحسى أنك بتعملى حاجة تعالى اشتغلى معانا.
استشعرت حنانه ودفء حديثه فقالت بتفهم ياعمى اشتغل معاكوا أيه بس. انا مليش في شغلكوا خالص وبعدين انا بحب شغلى ومش ناوية اسيبه
أنهت كلمتها ونهضت واقفة تستأذنه في الإنصراف سمح لها بالمغادرة وجلس شاردا في غرفة مكتبه يبحث عن مخرج مناسب.
فى صباح اليوم التالى دخلت هند مكتب الحاج حسين وعرضت عليه ملف أحدى الموظفات في الشركة وهي مديرة مكتب يوسف نظر الحاج حسين إلى الملف وقال لهند
عملت أيه الموظفة دى
قالت هند بحنق ضيعت ملف مهم جدا يا فندم. والأستاذ يوسف اضايق أوى وبيستأذن حضرتك في نقلها مكان تانى
أمسك قلمه الخاص وذيل الملف بتوقيعه ليتم نقلها مكان آخر ثم وضع القلم قائلا في حد هيمسك مكانها
انا هقوم بشغلها لحد ما نعمل أعلان.
تقومى بشغلها ازاى ده هيبقى مجهود كبير أوى. كده مش هتبقى مركزة كفاية في شغلك هنا
قالت هند باستسلام مفيش حل تانى يا فندم.
ثم استدركت ببطء قائلة ياريتنى كنت اعرف حد ثقة كانت هتوفر علينا الأعلان والوقت الطويل اللى هيضيع ده كله
نظر إليها حسين في تفكير فلقد وجدها الفرصة المناسبة التي كان يبحث عنها ثم قال طيب سيبى الأعلان ده لحد بكرة.
وفى المساء جلس إلى إيمان ومريم في شرفة شقتهما وعرض الأمر على إيمان فرفضت قائلة
ما انا قلت لحضرتك قبل كده يا عمى انا ماليش في شغلكم
ردت مريم بسرعة قائلة ينفع انا ياعمى
نظر لها بدهشة وقال بس انت لسه بتدرسى يا مريم هتوفقى ازاى بين الشغل والدراسة
قالت مريم بشغف أنا هعرف اوفق يا عمى سبنى اجرب علشان
خاطرى
هز كتفيه قائلا باستسلام خلاص زى ما تحبى. تحبى تبدأى من بكره
هتفت بسعادة أتفقنا.
الفصل السابع
دلف إيهاب من بوابة الحديقة عائدا إلى المنزل بعد صلاة الفجر وأثناء سيره شاهد فرحة أعدت أدوات الرسم الخاصة بها وبدأت في رسم منظر شروق الشمس
أتخذت فرحة موقعا مميزا وهي تضع لماستها الفنية لأشعة الشمس وهي تنتشر وتتخلل بين أغصان الشجر وبين أحواض الزهور وبتناغم بين الألوان وباستخدام دقيق لدرجاتها جسدت خيوط الضوء وهي تتسلل غير مبالية من خلف خيوط الظلام لتتكون لوحة فنية رائعة تشعر معها بالدفىء.
لم يشعر إيهاب بنفسه إلا وهو واقف يتأمل هذه اللوحة المعبرة قائلا الله
تفاجأت فرحة بوجوده في هذا الوقت واستدارت في سرعة كادت أن توقعها هي وأدواتها تراجع هو خطوة إلى الوراء وهو يشير لها أن تهدأ قليلا وهو يقول
أنا آسف والله مقصدش أخضك كده
وضعت فرحة يدها على قلبها من أثر انتفاضتها وقالت أنا اللى آسفه معلش أصلى كنت مركزة أوى.
تمعن إيهاب في اللوحة مرة أخرى عن قرب قائلا حقيقى أنت موهوبة يا آنسه فرحة
أبتسمت فرحة بسعادة وقالت بجد. حقيقى والله
أومأ إيهاب برأسه مؤكدا حديثه وهو يقول إلا حقيقى ده أنا حسيت بالدفىء وأنا ببص على اللوحة كأن أشعة الشمس وصلانى منها
راقب خجلها وهي تقول متشكره أوى. الحقيقة دى شهادة أعتز بيها جدا
ثم رفعت رأسها متسائلة هو انت كنت فين دلوقتى
كنت بصلى الفجر وقعدت شوية في المسجد أقرأ الورد بتاعى بعد الصلاة
أبتسمت وقالت تعرف
أنك شبه إيمان أوى. انتوا حقيقى توأم
أبتسم وهو يقول بمزاح أيوا توأم بس مش شبه بعض. وعلى فكرة انا نزلت قبلها بخمس دقايق
كانت مريم تقف في الشرفة تراقب هذا الحديث بابتسامة مرسومة على شفتيها حين دخلت إيمان الشرفة وهي تقول
أيه ده أيه اللى مصحيكى
بدرى كده أيه النشاط ده كله!
أشارت مريم بعينيها إلى إيهاب
وفرحة قائلة شايفة منسجمين أزاى
ضحكت إيمان ضحكة رقيقة ثم قالت والله أنت دماغك مريحاكى. مرة تقوليلى أنت وعبد الرحمن لايقين على بعض. ومرة تقوليلى إيهاب وفرحة منسجمين. أيه ناوية تسيبى السياحة وتشتغلى خاطبة!
التفتت مريم إليها وأمسكتها من ذقنها بخفة وقالت لا يا أموره. ناوية أشتغل في شركة عمى. أنت ناسية ولا أيه.
خطت مريم أول خطواتها داخل مكتب الحاج حسين وهي منبهرة بما ترى من أمكانيات فلم تكن تتوقع أن تكون الشركة بكل هذه الضخامة وخصيصا أنها علمت أنها تعمل في أكثر من أتجاه وليس في أتجاه المقاولات فقط.
رحبت بها هند بشدة وأدخلتها داخل مكتب الحاج حسين الذي ارتسمت علامات السرور على وجهه وأشار لها بالجلوس قائلا بترحاب
تعالى يا مريم نورتى شركتك يا بنتى ها تشربى أيه.
قالت بخجل شكرا يا عمى أفضل نبدأ في الشغل على طول
رفع حاجبيه متعجبا وقال لالا ده أنا كنت فاكرك دلوعة طلعتى بتاعة شغل أهو
قالت بمرح طبعا يا عمى ده أنا أعجبك برضة
ضحك لداعباتها واتصل على يوسف وطلب منه أن يأتى إليه في الحال
بعد لحظات طرق يوسف الباب ودخل وأغلق الباب خلفه وهو ينظر إلى مريم متعجبا من وجودها في هذا التوقيت المبكر أشار له والده ليجلس ثم قال له وهو يشير إلى مريم.
أحب أقدملك مديرة مكتبك الجديدة
نظر إليها يوسف غير مصدق ثم نظر إلى أبيه وأخيرا تكلم قائلا أزاى يعنى يا بابا مش فاهم
حسين مش أنت مديرة مكتبك أتنقلت مكان تانى. أنا بقى قلت بدل ما نضيع وقت في الأعلانات ونطلب مديرة مكتب جديدة أهو عندنا مديرة مكتب نشيطة وزى القمر.
نهض يوسف معترضا وقال أيوا يا بابا بس أنا مبحبش أشتغل مع حريم. أنا مصدقت البنت اللى كانت شغالة مشيت أنا بصراحة عاوز راجل يمسكلى السكرتارية
قام حسين من مكانه وأتكأ على مكتبه ونظر إلى يوسف نظرة جعلته يشعر أنه يخترق تلافيف عقله ليحذره من الرفض مجددا وقال
بس مريم هتفهم الشغل بسرعة ومش هتضايقك. انا متأكد
كان يوسف يشعر بالحنق والڠضب ولكنه لم يستطع الرفض بعد تلك النظرة من أبيه فقال زى ما تحب يا بابا.
ثم نظر لها وقال تحبى تبدأى شغلك أمتى
نهضت مريم في نشاط وانتصار وقالت دلوقتى لو حضرتك معندكش مانع
أومأ برأسه وأشار إليها أن تسبقه وذهب خلفها وهو يشير ل هند أن تتبعهما
قضت معها هند بعض الوقت تشرح لها طبيعة العمل التي فهمته مريم في سرعة ثم تركتها هند وانصرفت إلى مكتبها وبدأت مريم تضع أول لمساتها في مكتبها الخاص.
بذلت مريم مجهودا شاقا من أول يوم عمل لها حتى تكون دقيقة وسريعة وحتى تستوعب كل شىء في أقل وقت ممكن جاء وقت الراحة في منتصف اليوم وخرج يوسف من مكتبه ولكنه فتح الباب بقوة فأصدر صوتها عاليا مما جعل مريم تنتفض وتصرخ صړخة خفيفة.
لم يكن الموقف يحتمل أى مداعبات ولكنه وجد نفسه يبتسم رغما عنه فلقد صړخت صړخة طفولية جدا وهي تغطى فمها بيدها وضعت يدها
على رأسها وقد شعرت بالدوار نتيجة ما حدث وجلست على مقعدها بوجه شاحب أقترب منها بضع خطوات وقال
أنت كويسة أجيبلك مية
قالت مريم بإعياء لالا شكرا أنا دلوقتى هبقى كويسة
طيب الحمد لله. أنا هروح أتغدى مش عاوزة حاجة.
وقفت وهي تبحث عن حقيبتها قائلة لا شكرا أنا هروح أشوف أى مطعم أتغدى فيه
دخل وليد مقاطعا وكأنه كان يستمع لهذا الحوار من بدايته وأحنا روحنا فين تعالى أتغدى معانا
قالت مريم بخجل لا شكرا أتفضلوا أنتوا
وليد بتصميم لا والله ما ينفع. تبقى بنت عمنا وتروحى تدورى على مطعم
تدخل يوسف موجها حديثه نحو وليد سيبها على راحتها يا وليد يمكن هتروح تتغدى مع هند
وليد يا عم هند قالتلى أنها بتتغدى مع خطيبها.
ثم تابع قائلا وعمى بيروح البيت يتغدى هناك
نظرت مريم إلى يوسف وكأنها تنتظر قراره فقال بضجر طيب أتفضلى معانا
قالت مريم بصوت خفيض طيب ثوانى أتصل بعمى أسأله
وأخرجت هاتفها وتحدثت إلى الحاج حسين تستأذنه بينما اقترب وليد من يوسف وغمز له هامسا
هتصل بعمى أستأذنه. يا سلام على الأفلام.
جلست مريم معهما على أحدى الطاولات في المطعم وهي تشعر بالحرج الشديد ولكنها لا تعلم سبب هذا الحرج فلقد حققت خطوتين نحو هدفها في يوم واحد فمن المفروض أن تشعر بالأنتصار ولكنها بدلا من ذلك تشعر بالحرج والخجل أنتهت مريم من تناول طعامها فقال لها وليد على الفور
أيه مكلتيش ليه
لا كلت والله الحمد لله
أنت مكسوفة مننا ولا أيه. لالا بكرة هناخد على بعض. ده أحنا ولاد عم يا مريم.
قاطع يوسف حديث وليد قائلا تشربى أيه يا مريم شاى ولا عصير
قالت بخفوت لو ممكن يعنى قهوة مظبوط
قال وليد باندهاش وهو ينظر إلى يوسف نظرة خاصة أيه ده. بتشربى قهوة مظبوط بعد الأكل زى يوسف. يا محاسن الصدف
رفع النادل
الطعام وآتى بالمشروبات بينما نظر وليد إلى مريم قائلا مباشرة
هي صاحبتك اللى كانت معاكى في المركب اسمها أيه
شعرت مريم بالأرتباك من ذكر هذا الموقف في حين قال يوسف مالناش دعوة يا وليد متدخلش في خصوصياتها
وليد وفيها أيه يا يوسف متحبكهاش كده. دى بنت عمنا عادى يعنى
قالت مريم بارتباك هي مش صاحبتى أوى يعنى دى زميلتى في الكلية
قال وليد وهو يتصنع الدهشة لا. بجد. أنا قلت كده برضة
نهض يوسف حانقا وهو ينهى هذا الحوار العقيم قائلا أظن يالا بقى ساعة الراحة خلصت.
أنتهى اليوم وعادت مريم بصحبة عمها في سيارته ولم تستطع أن تتناول العشاء من شدة الأرهاق ودخلت لتنام على الفور.
فى صباح اليوم التالى أستيقظ يوسف مبكرا وخرج بدون تناول طعام فطوره كان يخشى أن يطلب منه والده أن يأخذ مريم معه إلى العمل و ذهبت مريم في ميعاد عملها تماما وطرقت الباب ودخلت وهي مبتسمة قائلة
صباح الخير يا يوسف
يوسف باقتضاب ودون أن ينظر إليها صباح النور
كانت تحمل في يديها صينية عليها فنجان شاى وبعض قطع الكيك
وضعتهم على المكتب وهي تقول أنت نزلت من غير ما تفطر.
نظر إلى الكيك وأبتسم قائلا متشكر أوى يا مريم
أبتسمت وهي تغادر الحجرة ولكنها أصطدمت ب وليد الذي قال مبتسما وأنا ماليش فطار أنا كمان ولا أيه
أبتسمت أبتسامة خفيفة وخرجت دون أن تجبه جلس وليد أمام مكتب يوسف وقال وهو يمسك بأحد قطع الكيك
ناس ليها كيك وناس ليها وش خشب
يوسف عاوز أيه يابنى على الصبح كده سايب شغلك ليه
وليد اه طبعا بقيت تضايق من وجودى منا اللى بحجب عنك الرؤية.
ثم غمز ليوسف وقال بس حلو الجو ده. قهوة مظبوط وفطار وحركات
زفر يوسف وقال بضيق أنا مش فاضى للكلام ده يا وليد.
وانت عارف أنى مش بتاع الحاجات دى
قال وليد بمكر أنت مش بتاع الحاجات دى. لكن هي بتاعتها. وحطاك في دماغها ولا أنت دخلت عليك الافلام دى
وضع يوسف الأوراق التي كانت بيده على المكتب بانفعال وقال عيب كده يا وليد. دى برضة بنت عمنا.
قال وليد ساخرا ونسيت صاحبتها. ونسيت الفيلم اللى اتعمل في المركب. ونسيت رأيك فيهم
هتف يوسف بعصبية لا منستش ومش هنسى. بس انت كمان متنساش أنها بنت عمنا يعنى سمعتها من سمعتنا وقفل بقى على السيرة دى فورت دمى يا أخى.
فوجىء حسين باتصال إيمان به وصوتها كأنها تبكى وهي تقول معلش يا عمى لو ممكن تبعتلى حد ياخدنى أصل. أصل شنطتى أتسرقت مني في المواصلات
أعتدل حسين في جلسته بانفعال قائلا أوصفيلى أنت فين بالظبط وخاليكى عندك
أنتظرت إيمان ما يقرب عن النصف ساعة حتى وجدت سيارة تقف أمامها ويخرج منها عبد الرحمن ويدور حولها بسرعة ليقف أمامها متسائلا بقلق
إيمان أنت بخير
أومأت برأسها بحرج شديد وهي تقول الحمد لله.
أشار لها أن تركب السيارة ولكنها تسمرت مكانها فأعاد كلماته مرة أخرى أركبى يالا
صمتت مرة أخرى وبعد لحظات قالت مش هينفع أركب معاك لوحدى
مينفعش أركب معاك لوحدى
أبتسم وقال بتفحص هو أنت لما بتركبى تاكسى مش بتبقى أنت والسواق
لوحدكم خلاص يا ستى أعتبرينى السواق
هزت رأسها نفيا وهي تقول أنا مش بركب تاكسى علشان كده. أنا بركب مواصلات عادية.
وضع عبد الرحمن يده في خصره وأستند بالأخرى على باب السيارة المفتوح وقال اممم طب والعمل أيه دلوقتى. تحبى نركب العربية ونسيب الأبواب مفتوحة
ورغم صعوبة الموقف ولكنها أبتسمت ثم أختفتها سريعا وقالت طب ممكن التليفون أكلم إيهاب تانى. أصلى كلمته قبل ما أكلم عمى وتليفونه كان مقفول
ثم تابعت بأحراج لو سمحت ممكن تدفع لصاحب الكشك ده تمن المكالمة.
أعطاها عبد الرحمن هاتفه لتتصل بأخيها وذهب ليدفع ثمن المكالمة وعاد سريعا فوجدها واضعة الهاتف على أذنها وتنقر على السيارة بتوتر بالغ وبعد لحظات قالت
شوية يدى مشغول وشوية يقول خارج الخدمة
قال وهو مازال محتفظا بابتسامته المتعجبة والعمل.
أشارت إلى المقعد الخلفى قائلا بخجل من موقفها طب ممكن أركب هنا
أبتسم وفتح لها الباب الخلفى وفي الطريق نظر لها في المرآة قائلا أنا مكنتش أعرف أنك بتتكسفى أوى كده. لو كنت أعرف كنت جبت هند معايا
قالت إيمان بصوت يشبه الهمس من شدة خجلها مش موضوع بتكسف. بس مينفعش أركب عربية مع راجل مش محرم ليا
ثم أكملت و
حتى خطيبتك مينفعش تركب معاك لوحدها
أومأ برأسه وهو يقول في نفسه مينفعش تركب معايا لوحدها! دى بتقولى كلام بيخلى وشى يحمر.
وفى المساء جلس عبد الرحمن يقص على الجميع ما حدث وهم يضحكون ماعدا إيهاب الذي كان ينظر إلى أخته بأعجاب لأنها أحسنت التصرف نظرت عفاف إلى إيمان بحب وقالت
والله يا إيمان لو البنات كلها زيك كان الشباب حالهم أتصلح
ألتقت الحاج حسين طرف الخيط من كلام زوجته ونظر إلى عبد الرحمن وقال صحيح يا عبده أخبار هند معاك ايه
أنتبه عبد الرحمن على سؤال والده وقال هند. اه الحمد لله كويسين.
كان عبد الرحمن
في داخله يتمنى أن تتصرف هند مثل إيمان وتتعامل بنفس طريقتها
ولكن عزاؤه أنه يعلم أنها لا تفعل ذلك إلا معه لأنها تحبه وهو أيضا يحبها ولكنه بداخله صراع. وضع رأسه على الوسادة وقد اشټعل الصراع داخله طبيعته الشرقية وطبيعة تربيته تجعله يريد أن تكون خطيبته متحفظة معه أكثر من هذا فهذه ستكون أم أولاده ومن تحمل أسمه في المستقبل لقد لفتت إيمان انتباهه دون قصد منها أنه توجد حدود بين الخاطب والمخطوبة حتى أنها لا تحل له أن تركب معه سيارته وحدها لم يكن أمام عبد الرحمن بعد هذا الصراع إلا شىء واحد. هو أن يتكلم مع هند ويشرح لها طبيعة مشاعره ويضع بينهما الحدود المفروضة بينهما حتى يتم تحديد ميعاد كتب الكتاب وكان يتوقع أن ترحب هند بهذه الفكرة بل وكان يتمنى أن تساعده عليها فهو يحبها بصدق.
جاءت سلمى لزيارة مريم يوم الجمعة بحجة أن تعطيها تفريغ المحاضرات التي غابت عنها رحبت بها مريم وأجلستها في الحديقة تحت المظلة ظلت سلمى تجول بنظرها في أركان الحديقة وهي تقول لمريم
أيه ده كله. أومال البيت من جوه شكله أيه. يا بختك يا مريم
مريم أنت جاية تزورينى ولا جاية تقرى عليا أشربى العصير بتاعك
أخذت سلمى كأس العصير ورشفت منه وهي تقول قوليلى أخبار ولاد عمك أيه.
نظرت لها مريم باستفهام تقصدى مين فيهم
رفعت سلمى حاجبيها وهي تقول بمكر يعنى مش عارفة أقصد مين
رفعت مريم رأسها من أوراق المحاضرات تنظر إليها قائلة سلمى أبعدى عن وليد. ده مش سهل أبدا. مش بتاع خروجة وفسحة زى ما أنت فاكرة ده أنا بنت عمه وبخاف منه ومن نظراته
ضحكت سلمى وقالت أنت تخافى علشان أنت قطة يا ماما. لكن أنا لا. أنا أعرف أخليه يدوخ حوالين نفسه وفي الآخر يرجع أيده فاضيه.
ثم وضعت كأس العصير من يدها وأكملت حديثها قائلة بقولك أيه مش هتفرجينى على بيتكوا من جوا ولا أيه
أخذتها مريم للداخل ولكن وهما في طريقهما استوقفتها سلمى وهي تشير إلى ركن ما في الحديقة وتسائلت قائلة
أيه ده يا مريم
نظرت مريم إلى حيث أشارت سلمى فوجدت ما يشبه حلبة الملاكمة وقالت مش عارفة أول مرة أشوفها.
الفصل الثامن
مش عارفة. أول مره أشوفها
أستكملا طريقهما إلى البوابة الداخلية للمنزل ووقفت مريم تطلب المصعد فتح الباب وخرج منه وليد ويوسف وهما يرتديان حلة رياضية في طريقهما للخارج وقف وليد بابتسامة كبيرة أمام باب المصعد وهو يرحب بسلمى صافحها وضغط على كفها وهو يقول
أنا أعرف ان القمر بيطلع في السما مش في الأسانسير
ضحكت سلمى بميوعة وقالت ميرسي أوى لذوقك.
تحرك يوسف وهو يجذب وليد من يده قائلا بضيق يالا يا وليد
أستوقفته سلمى قائلة أزيك يا أستاذ يوسف
أشاح بوجهه بعيدا وهو يجيبها قائلا كويس.
ثم خطى بعيدا عنهم وهو يقول لوليد أنا هسبقك يا وليد
تبعته مريم بعينيها بينما قالت سلمى لوليد أنتوا رايحين فين كده
نظر لها وليد بجرأة مكشوفة وهو يقول عندنا ماتش ملاكمة تيجى تتفرجى
قالت مريم بتعجب ملاكمة أنتوا بتلعبوا ملاكمة مع بعض.
ضحك
وقال يعنى حاجة كده خفيفة كل شهر مرة علشان مننساش
ثم أقترب من سلمى وقال بنظرات تفهمها جيدا لازم الواحد يحتفظ بلياقته دايما
أبتسمت سلمى وقد فهمت تلميحاته بينما قالت مريم طب يالا نطلع احنا يا سلمى
أقتربت سلمى خطوة أخرى من وليد وقالت لا أنا عايزة أتفرج
وهنا عاد يوسف مرة أخرى وصاح في تأفف موجها حديثة لوليد هتيجى ولا أيه يا وليد
ذهبت إليه مريم وقالت برجاء ممكن نتفرج يا يوسف
قال بنزق وهو يذهب ودون أن ينظر إليها تتفرجوا على أيه. هي سيما.
شعرت مريم بأحراج شديد أحمر له وجهها وعادت للداخل ولم تنتظر المصعد بل توجهت للدرج مسرعة وهي تقول بعصبية
حصلينى يا سلمى
وقفت أمام باب شقتها وهي تكاد تبكى مما فعل بها في الأسفل كانت تشعر بالحنق الشديد حتى أنها
لم تسمع فرحة وهي تلقى عليها السلام أثناء صعودها صعدت خلفها فرحة ووجدتها على حالتها تلك فقالت وهي تربت على كتفها.
مالك يا مريم عنيكى مالها. كنت بتعيطى ولا ايه
أجابتها مريم حانقة مفيش حاجة يا فرحة
أزاى أنا شفتك وأنت طالعة واخده في وشك. سلمت عليكى مردتيش عليا. قوليلى مين زعلك وانا أخلى بابا ياخدلك حقك منه
ثم قالت بتردد أخوكى بس أحرجنى شوية
أرتفع حاجبي فرحة وتسائلة مين فيهم
مريم يوسف قلتله ممكن آجى أتفرج على الماتش بتاعهم كلمنى بطريقة وحشه أوى
هتفت فرحة بسعادة أيه ده. هما هيبدأوا دلوقتى مشوفتوش وهو نازل يعنى
خرجت سلمى من المصعد وأتجهت إلى مريم وقالت كده برضه تسيبينى وتمشى. مالك في أيه
نظرت لها مريم بضيق لسه فاكرة تيجى تشوفينى مالى
أقبلت فرحة على سلمى وصافحتها ورحبت بها ثم أستدارت إلى مريم وقالت ولا يهمك تعالوا نتفرج.
بترت عبارتها لأصطدامها بإيهاب على باب الشقة شعرت بالخجل الشديد واحمرت وجنتاها بينما قال بابتسامة خفيفة
أنا آسف يا فرحة
مكنتش عارف أنك داخله
قاطعتهما سلمى مرحبة به فقال إيهاب باقتضاب كويس الحمد
لله. عن أذنكم
تركهم ونزل إلى الأسفل بينما تابعت فرحة عبارتها التي كانت قد بترتها وقالت تعالوا نتفرج من البلكونة.
أستقبلتهم إيمان بالداخل وصافحت سلمى التي انبهرت بالشقة الكبيرة وأثاثها الفخم ودخل الأربعة إلى الشرفة ليشاهدا هذه المباراة الصاخبة بين وليد ويوسف وتشجيع إيهاب وعبد الرحمن المستمر مما زاد جو الألفة بين إيهاب وأولاد أعمامه.
أستأذنت إيمان وتوجهت إلى عفاف زوجة عمها لتساعدها في تحضير طعام الغذاء فاليوم هو الجمعة والحاج حسين لا يرضى بديلا إلا أن تجتمع الأسرة كلها على مائدة واحدة طرقت إيمان باب شقة عمها ففتحت لها فاطمة زوجة عمها أبراهيم وعندما رأتها قالت ببرود
اهلا يا إيمان في حاجة
قالت إيمان ببشاشة أزيك يا طنط أخبارك ايه. ممكن لو سمحتى أدخل لطنط عفاف.
أشارت لها فاطمة بالدخول دخلت ايمان ولكنها تفاجأت بوجود هند التي تعرفت عليها ببساطة و ساد جو من البهجة في المطبخ وخصوصا بعد تواجد وفاء وأصبحت تتجاذب المداعبات مع إيمان التي تتمتع بشخصية مرحة عكس ماكان يوقع الجميع بعد ساعة أنصرفت سلمى وكانت معها مريم التي أوصلتها إلى باب الحديقة الخارجى وودعتها وهي تستقل سيارتها الصغيرة وتنطلق بها ثم عادت مريم وقطعت الحديقة وهي تشاهدهم وهم يجمعون أحبال حلبة الملاكمة نظرت إلى يوسف وهو يجمع الأحبال بصحبة إيهاب ويتمازحان وكأنهم أصدقاء منذ زمن ظلت واقفة لبرهة تنظر إليهم في حيرة وضيق لا تعلم لماذا يتعامل معها هكذا إذا كان غير مرحب بوجودهم فلماذا إذن يحب إيهاب ويصادقه ويتعامل مع إيمان باحترام أما هي فدائما يعاملها باقتضاب ونادرا ما ينظر إليها وهي تحدثه نفضت أفكارها جانبا وأكملت طريقها للداخل.
وأخيرا التف الجميع حول المائدة الكبيرة وجلست هند بجوار خطيبها عبد الرحمن حيث قال الحاج حسين بترحاب
منوره يا هند بقالك كتير مجتيش عندنا
قالت هند بابتسامة كبيرة ربنا يخاليك لينا يا حاج.
ثم التفتت إلى عبد الرحمن وقالت أصل عبد الرحمن بقاله فترة مشغول عنى
أكمل حسين طعامه وهو يقول معلش أنت عارفة بقى مشغولياته هو أنا اللى هقولك.
والټفت إلى يوسف قائلا صحيح يا يوسف أخبار العمارة الجديدة أيه. والمقاول ده مريحك ولا منتعاملش معاه تانى
قال يوسف بنزق بصراحة يا بابا هو متعب وعاوز حد يبقى على دماغه دايما. مبيجيش غير بالدق على دماغه
نظرت له مريم وفي نفسها مندهشة من تصرفاته فهو أحيانا رقيق ومهذب وأحيانا أخرى لا يحتمل بل لا يطاق!
تابع حسين وهو ينظر إلى إيهاب قائلا بقولك أيه يا إيهاب يابنى. ايه رأيك تاخد الشغلانة دى.
أبتسم ايهاب وقال معتذرا يا حاج ده شغل مهندس مدنى. أنا مهندس ديكور
قال حسين بعملية طبعا في مهندس مدنى مسؤل بس طبعا قلبه مش هيبقى على الشغل. ده مجرد موظف عامل الوقت ميفرقش معاه. بالعكس الوقت لصالحه وزى ما أنت شايف عبد الرحمن ووليد ويوسف مش فاضين. أيه رأيك انا محتاجلك بجد وبعد العمارة ما
تخلص تمسك انت تشطيبها ها قولت أيه
نظر له إيهاب وقد شعر بالصدق في كلماته وأنه بالفعل يحتاج مساعدته ولكنه ملتزم بالعمل في مكان آخر فقال
طيب وشغلى يا عمى
أبتهج الحاج حسين وقال يا سيدى خد أجازة. ولو الشغل معانا تعبك أرجعله تانى
صمت إيهاب لبرهة ثم أبتسم وقال لعمه خلاص يا عمى هرد عليك بكرة بأذن الله
وهنا نظر الحاج إبراهيم إلى يوسف وقال ها يا يوسف مريم عامله معاك ايه في الشغل
قال يوسف وهو يتناول طعامه الحمد لله.
تابع إبراهيم وهو يوجه حديثه إلى مريم وأنت يا مريم مستريحة في شغلك ولا معطلك. أنا أصلى عارف يوسف طلباته كتيرة ومتعب في شغله
ألقت مريم نظرة سريعة إلى يوسف وهي تقول هو أصلا مبيكلمنيش كتير علشان تبقى طلباته كتير
أرتفع حاجبي إبراهيم وهو يتابع قائلا أزاى الكلام ده. ده انتوا ولاد عم
نظر لها يوسف بحدة وقال أيه المطلوب يعنى نسيب الشغل ونقعد نتساير.
لمعت عيناها وكادت أن تبكى من حدته.
فقال إيهاب بعصبية أيه يا يوسف بتكلمها كده ليه
تدخل حسين على الفور قائلا پغضب يحسبه بتكلموا بعض كده وانا قاعد. والله عال
ثم نظر إلى يوسف بحدة وقال بعد الأكل نقعد في المكتب نشوف ايه الحكاية.
حاولت وفاء كعادتها تغير مسار الحديث المحتقن فقالت بشغف تعرف يا بابا أمبارح كان عندنا محاضرة والدكتور كان بيشرحلنا في قانون العقوبات وجابلنا قضية حقيقية من قضايا الژنا. بس القضية كانت صعبة أوى تقريبا محدش فينا عرف يكتب فيها مرافعة تمام زى ما الدكتور عاوز. تخيل الراجل لبس مراته قضية ژنا وكمان ساومها يا أما تتنازل عن كل حاجة يا أما يحرك دعوى الژنا ضدها وتتحبس ويتعملها ملف كمان.
قطب إبراهيم حاجبيه قائلا أعوذ بالله. معقول في راجل يعمل كده. وازاى اصلا يبقى حاجة زى كده في القانون
كانت إيمان هي الأخرى ترغب في تغير مجرى الحديث فقالت
طبعا يا عمى هو ده القانون الوضعى. چريمة الژنا الزوج هو بس
اللى يقدر في أى وقت يوقف الحكم عليها ويتنازل وساعتها بتطلع براءة
قالت عفاف متسائلة وده حلال بقى ولا أيه.
قالت إيمان بأريحية لا يا طنط الأحكام الشرعية في الموضوع ده لو في أربع شهداء كلهم أقروا بالچريمة دى وكلهم عدول وموثوق فيهم بيتنفذ فيها الحكم حتى لو الزوج اتنازل. أما لو كان الزوج هو اللى أدعى على مراته الژنا ومعندوش شهود يبقى ساعتها القاضى بيطبق عليهم آية اللعان
قالت عفاف متعجبة ياه أربعة. بس دى لو أربعة بحالهم شهدوا عليها وهي كده تبقى لامؤاخذة بقى.
أومأت إيمان برأسها مؤكدة وهي تقول ماهو ده علشان أحكام الدين في الأصل بتدعو للستر. اللى غلط وربنا ستره من غير ما حد يشوفه يتوب ويستر على نفسه. لكن لو وصلت لدرجة أن أربعة يشوفوها تبقى تستحق الرجم. يعنى مش زى ما الناس فاكرة أن تطبيق الحدود يعنى قتل ومۏت وتقطيع ورجم
عمال على بطال.
قالت وفاء بتركيز تعرفى يا إيمان أنت خلتينى آخد بالى من حاجات كتير وأنا بقى كده نويت أعمل دراسة بالمقارنة بين القوانين الوضعية وأحكام الشريعة
أبتسمت إيمان وقالت بحبور يالا توكلى على الله. وأنا مستعدة اساعدك بكل جهدى والكتب اللى عندى
نظرت هند إلى عبد الرحمن فوجدته يتابع الحديث باهتمام فقالت أيه يا عبد الرحمن مش بتاكل ليه مركز أوى يعنى.
قال بنظرات مبهورة بصراحه أنا أول مرة أسمع الكلام ده. أيه الجهل اللى الواحد فيه ده
قال حسين موجها حديثه ل إيمان تعرفى يا إيمان أنا كل يوم بيزيد أعجابى بيكى أكتر من اليوم اللى قبله
قالت له مداعبة لا معلش يا عمى أنا أصلى مش ناوية أرتبط دلوقتى. يعنى هيبقى حب من طرف واحد
ضحك الجميع وشرعوا في أتمام طعامهم حتى نهض حسين من مكانه وأشار إلى يوسف ومريم قائلا
يوسف ومريم. تعالوا ورايا على المكتب حالا.
نهض وليد من مكانه فاستدار إليه حسين وقال بقول يوسف ومريم بس. أظن الكلام واضح للكل
نهضت مريم بعد يوسف بلحظات ورغم مشاعر الحنق التي توجد بداخل كل منهما تجاه الآخر إلا أنهما عندما وصلا لباب المكتب تبادلا النظرات وكأنهما طفلين تم أستدعائهما لمكتب الناظر لينالا عقابهما الرادع!
9 الفصل التاسع
نهضت مريم بعد يوسف بلحظات ورغم مشاعر الحنق التي توجد بداخل كل منهم الا انهم عندما وصلوا لباب المكتب تبادلا النظرات وكأنهما طفلين تم أستدعائما إلى مكتب الناظر لينالا عقابهما.
تنهد يوسف بعمق وطرق الباب فتقدمت مريم خطوة ونظرت له بتحدى وكأنها تقول النساء أولا
زفر بقوة وتراجع خطوة ليسمح لها بالدخول قبله.
دخلت مريم ودلف بعدها وهما وجلان للغاية أشار لهما حسين بالجلوس أمام المكتب وهو ينظر لهما نظرات صامتة صارمة ثم قال
في أيه بقى عاوز أفهم
وفجأة انقلب الصمت إلى معركة تدافع الإثنان في الحديث وكأنهما يتسابقان من يتكلم أكثر من الآخر
من ساعة ما شافنى وهو مش طايقنى
مش طايقك أزاى يعنى مش فاهم
بتكشر
في وشى وبتعاملنى وحش
المفروض أعمل أيه يعنى أفرشلك الأرض رمله لما أشوفك
لا بس تعاملنى معاملة كويسة.
والله ده شىء زاد عن حده. هتعلمينى أتعامل أزاى
هتف الحاج حسين ليوقف هذه المعركة الدائرة قائلا بصرامة بس. والله عال أومال لو كنت مش موجود معاكوا كنتوا هتعملوا أيه
أطرقت مريم برأسها خجلا وهي تقول أنا آسفه يا عمى
قال يوسف معتذرا آسف يا بابا بس هي اللى نرفزتنى
نظرت له بحدة هاتفة أنا اللى نرفزتك...
ثم التفتت إلى عمها وقالت باندفاع بص بقى يا عمى علشان تعرف بيتعامل ازاى. النهاردة كسفنى قدام صاحبتى لما طلبت منه أتفرج عليه هو ووليد. واتريق عليا وقالى هي سيما ده غير طبعا طريقة معاملته ليا دايما سواء هنا ولا في الشركة
هتف يوسف صائحا صاحبتك! يا بابا صاحبتها دى والله لو شفتها لتحكم عليها متكلمهاش تانى. أنا مش عارف مصاحباها ازاى دى
هتفت مريم معترضة هو أنت كمان هتتحكم في اصحابى.
ضړب الحاج حسين المكتب بقبضة يده ونهض بحدة موجها حديثه لكلاهما لتانى مرة صوتكوا يعلى قدامى
وقف يوسف وقال بضجر بابا. أنا قلتلك من زمان أنا ماليش في معاملة الحريم أنا آسف يعنى
هدأت العاصفة قليلا بينما قال حسين بهدوء براحة كده ومحدش يقاطع التانى علشان أفهم.
ثم نظر إلى يوسف وقال متفهما أيه اللى مضايقك يا يوسف بالظبط
يوسف أنا عاوز راجل يمسك مكتبى بعد أذنك.
وقفت هي الأخرى وقالت مندفعة وأنا مش عاوزة اشتغل معاك
نظر لها عمها وقال بحدة هو انا مش قلت محدش يقاطع التانى
أنكمشت وجلست مكانها في صمت ألتفت إليه مرة أخرى قائلا أيه اللى مش عاجبك في شغلها
نظر لها يوسف قائلا شوف حضرتك طريقة لبسها. أنا محبش العملاء اللى داخل واللى خارج يقعد يتفرج على بنت عمى وهي لابسة كده
أبتسم حسين وهو يومىء برأسه وقد لمعت عينيه قائلا ده بس اللى مضايقك
ايوا.
ربت على كتفه وقال آمرا طيب
أقعد
ثم الټفت إلى مريم قائلا بهدوء بصراحة يا بنتى أنا كمان مش عاجبنى
اللبس ده. وكنت هكلمك عليه من بدرى بس محبتش تضايقى مني وتفتكرى أنى عاوز أتحكم فيكى
قالت بتماسك ياعمى أنا بلبس كده من زمان. ومحدش بيبصلى. عادى يعنى لبسى مش أوفر
تدخل يوسف مقاطعا وعرفتى منين أن محدش بيبصلك.
نظرت له پغضب وقالت يعنى أيه عرفت منين. كل البنات اللى حواليا بيلبسوا كده وزمايلى في الكلية كلهم لبسهم كده
لوح يوسف بيده وهو يقول لا يا بابا مش حقيقى. أنا لما وصلتها الكلية شفت البنات داخله وخارجه من كليتها. فيهم بنات أه لابسين زيها وأكتر لكن برضة شفت بنات كتيرة لابسين لبس محترم زى أى كلية في الدنيا فيها كده وفيها كده
قالت مريم بانفعال يعنى أنا مش محترمة وبعدين هما حرين كل واحد حر.
نظر إلى والده قائلا شايف الرد يا بابا
أرسل حسين تنهيدة طويلة ثم قال بصراحة أنتوا الاتنين غلطانين. أنت يا مريم لازم تاخدى بالك من طريقة لبسك ومفيهاش حاجه لو لبستى حاجة شكلها حلو برضة بس مش مجسماكى أوى كده. ده أنت حتى يا بنتى محجبة!
قالت بعناد زى ما حضرتك قلت ياعمى. أنا محجبة أعمل أيه تانى.
قال حسين متعجبا تعملى أيه! الحجاب يابنتى يعنى زى ما غطيتى شعرك تغطى جسمك. شروط الحجاب أنه ميجسمش الجسم ولا يبقى شفاف. هنعمل أيه بطرحة على الشعر والجسم ملامحه واضحة. ده ميبقاش حجاب يابنتى ده يبقى موضة
أطرقت برأسها وقالت بخفوت حاضر يا عمى هحاول أغير لبسى شوية
هتف يوسف معترضا شوية!
هتفت مريم مؤكدة أيوه شوية. وده علشان خاطر عمى بس.
أبتسم الحاج حسين قائلا ربنا يكرمك يا بنتى. متتصوريش فرحتينى أزاى علشان عملتيلى خاطر.
وأكمل هو ينظر إلى يوسف وأنت يا يوسف طريقة النصح مش كده. أهدى. بطل تتحمق كده علشان الناس تفهمك
وتابع بابتسامة وهو ينظر لمريم لو مكنش بېخاف عليكى مكنش زعل منك. ها خلاص صافى يا لبن
قال يوسف بتبرم اللى تؤمر بيه يا بابا
قال آمرا طب يالا أعتذر لبنت عمك علشان أحرجتها قدام صاحبتها.
رمقها يوسف بنظرة ڼارية والټفت الى أبيه بدهشة وهو يقول أنا اللى اعتذر يا حاج
أومأ له والده برأسه وقال مؤكدا ولو معتذرتش هخاليك تبوس راسها
أحمر وجهه وهو ينظر لها بضيق ثم قال بسرعة آسف
رمقته بنظرة مستفزة فانفعل مرة أخرى هاتفا شايف يا بابا بتبصلى ازاى
وقف حسين بجانبها ووضع يده على كتفها وقال بهدوء وانت اعتذرى لابن عمك علشان رفعتى صوتك عليه
قالت بنزق ياعمى هو اللى بدء.
نظر لها الحاج حسين وقال آمرا مريم. أعتذرى
نظرت له فرمقها بنفس النظرة المستفزة التي نظرتها له من قبل وزاد عليها ابتسامة ساخرة ألقت نظرة إلى عمها الذي كان مصوبا نظراته إليها ينتظر أعتذارها ثم عادت بعينيها إلى يوسف وقالت بشموخ
سوري
قال يوسف وهو يعقد ذراعيه أمام صدره ببرود ساخر لا سوري أيه. أنا مبعرفش لغات
ألقت عليه نظراتها الحاړقة وقالت بسرعة آسفه. عن أذنك يا
عمى.
وخرجت مسرعة وهي تستشيط ڠضبا منه وحده!
خرجت مندفعة إلى باب الشقة ومنه إلى الدرج لتصعد شقتها فاصطدمت بوليد الذي قال
بدهشة
أيه. واخده في وشك كده ورايحة فين
قالت بعصبية أبعد عنى دلوقتى لو سمحت أنا مش طايقة روحى
وليد مالك بس مين اللى زعلك ياقمر
نظرت له وكأنها لا تراه وقالت باندفاع أنا لبسى وحش
تصنع وليد نظرات الدهشة وقال مين اللى قال كده ده. أنت آخر شياكة وحلاوة
قالت بمرارة يوسف.
قال وليد پغضب زائف ولا ابن عمى ولا اعرفه. يا شيخه ده راجل معقد سيبك منه
تركته وأكملت طريقها حاول أن يوقفها مرة أخرى ولكنها لم تعره اهتماما دخلت غرفتها و ارتمت على فراشها وأخذت تبكى بعد لحظات وجدت إيهاب وإيمان واقفان أمامها في وجوههما نظرات تساؤل ثم قال إيهاب
أيه اللى حصل مع عمك. قالك حاجة زعلتك
حركت رأسها نفيا وهي تجفف دموعها جلست إيمان بقربها وقالت طيب بتعيطى ليه يا حبيبتى.
قال إيهاب بانفعال لو حد زعلك قوليلى. أحنا مش بنشتغل عند حد. نمشى فورا
قالت إيمان بترو أهدى يا إيهاب لما نعرف في أيه
أعتدلت مريم في جلستها وقصت عليهم ما دار في حجرة المكتب.
أنفعل إيهاب أكثر وصاح بعصبية شايفه يا هانم. ياما قلتلك. ياما اتخانقت معاكى على لبسك شوية وعلى البت اللى ماشية معاها شوية. وأنت ولا أنت هنا. وادي النتيجة. الناس بقت تبصلك زيك زيها. وأكيد طبعا بيقولوا عليا مش راجل. ما انا سايبك بقى تلبسى اللى تلبسيه
بكت مريم بشدة وقالت خلاص بقيتوا كلكوا عليا دلوقتى.
حاولت إيمان تلطيف الجو بينهما ولكنها فشلت خرج إيهاب مندفعا في ڠضب قطع الحديقة بخطوات واسعة وسريعة رأته فرحة فحاولت أن توقفه لكنه لم يسمعها وقفت حائرة لا تعلم ما ألم به فصعدت تبحث عن إيمان وجدتها تهبط الدرج إلى الحديقة فاستوقفتها والقلق بادى على وجهها وقالت متسائلة
هو إيهاب ماله. كان ماشى وشكله زعلان
أوى حاولت أنده عليه مردش ومشى بسرعة هو حصل حاجة يا إيمان.
نظرت لها إيمان
بتمعن ثم وضعت يدها خلف ظهرها وصمتت زاد قلق فرحة وقالت أيه يا إيمان بتصيلى كده ليه
مطت إيمان شفتيها بمكر وقالت ببطء وأنت مالك قلقانة كده ليه
أرتبكت فرحة وقالت أبدا عادى يعنى بسأل بس
وجهت إيمان سبابتها إلى وجه فرحة وقالت تداعبها أعترفى يا فرحة الأنكار مش هيفيدك
أحمرت وجنتاها وقالت بخجل أعترف بأيه مالك كده عاملة زى المحققين اللى بيطلعوا في الأفلام.
أبتسمت إيمان لها وقالت بحنان بالغ هو كمان مهتم بيكى على فكرة. ده أخويا وأنا عارفاه
أبتسمت في خجل وقالت هو اللى قالك أنه مهتم بيا
لا مش ممكن. مش مصدق عنيه. أختى وبنت عمى. وفين. على السلم. رحمتك يارب
ضحكت فرحة ضحكة عالية بينما استدارت إيمان لتخفى ضحكتها الخجولة بيدها.
اليوم التالى كان يوم الصدام الحقيقى في الشركة بين يوسف ومريم وهند وعبد الرحمن
كان عبد الرحمن قد قرر أن يتكلم مع هند في طبيعة علاقتهما وأن يضع لها حدود حتى يتم عقد القران وكانت مريم تنوى أن ټنتقم من يوسف شړ اڼتقام.
دخلت عليه مكتبه وهي معها بعض الملفات وجدته واضعا سماعات الهاتف في أذنيه ومغمض العينين في استرخاء شديد خطت نحوه ببطء وتناولت مج النسكافية الفارغ من أمامه ثم قذفته على الأرض بقوة فزع يوسف ونزع السماعات من أذنيه وصړخ فيها
في ايه!
قالت ببرود ولا حاجة. الملف خبط في المج وقعه على الأرض
وابتسمت باستفزاز وأكملت طب أجيلك بعدين بقى تكون الخضة راحت.
خرجت وأغلقت الباب خلفها بينما جلس يوسف ومازال وجهه عليه أثر المفاجأة ثم ابتسم وهو يضرب كفا بآخر ويقول
البت دى مش هتجيبها لبر معايا. بس اظاهر أنها متعرفنيش كويس. ماشى يا مريم واحدة بواحدة والبادى أظلم.
أنتظر عبد الرحمن وقت الراحة وذهب إلى هند ليتحدث معها عندما رأته تهلل وجهها وقالت
كنت متأكدة أنك جاى وحشتنى
أبتسم بارتباك وقال هند عاوز اتكلم معاكى في موضوع مهم
لاحظت الأرتباك على وجهه فقالت بقلق خير يا عبده مالك
عبد الرحمن هند. عاوزك تفهمينى كويس أوى. أنا والله بحبك وهفضل احبك ونفسى تبقى مراتى النهاردة قبل بكرة. لكن لحد ما نكتب الكتاب لازم علاقتنا تبقى بحدود.
أقفهر وجهها وقالت يعنى أيه بحدود
عبد الرحمن يعنى مش هينفع نخرج مع بعض لوحدنا وبرضة يعنى الكلام بينا هيبقى بحدود...
نظر لها ليراقب تأثير كلماته عليها فوجدها تنظر إليه بدهشة وتعجب وترقب فأكمل اللى بقلهولك ده لمصلحتك أنت قبل مصلحتى. علشان عاوز أشوفك في أحسن صورة
ضيقت عينيها وقالت بشك من أمتى الكلام ده يا عبد الرحمن.
قال بتصميم من زمان يا هند وأنا بضايق من بعض تصرفاتك معايا. لكن كنت بتغاضى عنها لكن أخيرا عرفت أن في حاجات حرام في علاقتنا لازم نتجنبها والحرام مش هينفع نغالط فيه
قالت بسخرية وأنت
من أمتى بتقول حرام وحلال
نظر لها بانزعاج وقال يعنى أيه.
أومأت برأسها وقالت بانفعال بس بس أنا دلوقتى فهمت
نظر لها بتمعن قائلا فهمتى ايه
هند فهمت أنك بتتهرب من الجواز. عاوز تطفشنى يعنى.
زفر عبد الرحمن بقوة ثم قال لا يا هند متقوليش كده أنا ناوى أكتب الكتاب قريب لكن لحد ما نكتب الكتاب لازم نراعى النقطة دى
هند وايه اللى مانعك ما نكتب الكتاب
عبد الرحمن مستنى بابا يحدد معاد. كل ما أفاتحه في الموضوع يقولى أستنى شوية
قالت بانفعال وأنا بقى هستنى لما أبوك يحن عليا
هتف پغضب أتكملى عن أبويا كويس يا هند أحسنلك.
هوت إلى مقعدها وظلت تبكى في صمت وقف بجوارها وأستند إلى مكتبها وقال بحنان أنا مش عارف أنت قلقانة من أيه. هنتجوز والله بس اصبرى عليا شوية. أبويا مبيجيش بالضغط. بالعكس
قالت وهي تبكى مش ملاحظ أن الحاج حسين أبتدى يأخر معاد الجواز من ساعة ما ولاد عمك رجعوا
قال عبد الرحمن بعدم فهم طب وولاد عمى مالهم بالموضوع ده
قالت وكأنها لم تسمعه وأنت كمان أهو أبتديت تقولى حرام وحلال.
نظر لها متعجبا وهو يقول طب وفيها أيه
هزت رأسها بحنق وهي تجفف دمعها قائلة لا فيها كتير وأنا اللى غلطانة
قطب حاجبيه وهو يقول مش فاهم
نظرت بعيدا في شرود وهي تقول مش لازم تفهم دلوقتى. لو سمحت سبنى لوحدى عاوزة أقعد مع نفسى شوية قبل ما والدك يرجع المكتب تانى.
نظر لها بأسى فهى لم تفهمه كما كان يتوقع وتركها وغادر إلى مكتبه وقف أمام المصعد لبرهة ثم شعر أنه أخطأ بحقها وقلبه أمره بأن يعود إليها ويسترضيها فلم يكن يجب أن يتركها في هذه الحالة لابد أن يثبت لها أنه يحبها وشغوف بها ولن يتزوج غيرها أبدا.
عاد إليها ولكنه وجد باب مكتبها مغلق فظن أنها أغلقته لتبكى وحدها دون أن يسمعها أحد وحتى لا يفاجأها والده بدخوله عليها وهي تبكى فتح الباب ببطء ليطمئن عليها ولكنه سمعها تتحدث في الهاتف والتقتت أذناه حديثها الذي جعل عينه تكاد أن تخرج من
مكانهما وكاد وجهه أن ينفجر ڠضبا وبغضا من هول ما يسمع. اول منشور على
صفحتى
الفصل العاشر
رواية اڠتصاب ولكن تحت سقف واحد للكاتبة دعاء عبد الرحمن الفصل
العاشر
وقف دقائق يستمع ويستمع وعندما انهت مكالمتها عاد ببطء وجمود إلى المصعد مرة أخرى وهبط إلى الأسفل واستقل سيارته دون أن يتحرك بها أستند برأسه إلى ظهر المقعد وأغلق عينيه وهو لا يكاد يصدق ما سمع كلمات زلزلت كيانه وفطرت قلبه لا يعلم كم مر عليه من الوقت وهو في هذا الوضع خلف المقود فلم يعد يشعر بشىء غير الجمود وفي النهاية سمع طرقات على زجاج سيارته فتح عينيه والټفت فوجد والده قد عاد ووقف منحنيا ينظر إليه بدهشة قلق الحاج حسين بشدة وهو يرى ابنه في هذا الوضع فهو يعلم أنه لا يجلس هكذا إلا إذا كان يشعر پألم حقيقى فتح الباب وجلس بجواره قائلا بلهفة.
مالك يا عبد الرحمن قاعد كده ليه يابنى
أرسل تنهيدة قوية وهو يقول تعبان يا بابا
ظهر التوتر أكثر على ملامح حسين وهو يقول متسائلا تعبان ازاى يعنى. فهمنى
أغمض عبد الرحمن عينيه پألم وهو يقول هحكيلك كل حاجة يا بابا...
وقص عليه كل ما دار بينه وبين هند وكيف عاد حتى لا يتركها بمفردها مټألمة منه وماذا سمع منها وهي تتحدث في الهاتف أنهى حديثه قائلا بأسى
أنا آسف يا بابا. مكنتش أعرف أنها كده.
ربت والده على كتفه بقوة وقال بعزم أجمد يا عبد الرحمن الدنيا فيها ناس كتير بالشكل ده يابنى. وانت مش صغير. واللى حصل ده يعلمك مش يزعلك كده يابنى
أومأ عبد الرحمن برأسه في صمت حزين قاطعه والده قائلا تعالى معايا
لا يا بابا. مش عاوز أشوفها تانى بعد النهاردة
أمسك والده ذراعه قائلا بتصميم لا هتيجى معايا. عاوزك تسمع بس متعلقش على حاجة. تعالى.
قطع حسين الممر الطويل المؤدى إلى ردهة مكتبه الخاص بصحبة عبد الرحمن نهضت هند عندما رأتهما فأشار لها أن تلحقهما إلى المكتب
جلس حسين خلف مكتبه وأشار إلى عبد الرحمن أن يجلس في المقعد المقابل له ودخلت هند لتقف أمامه وكانت تتوقع أمرا من أمور العمل طلبها لأجله ولكنها تفاجأت به يقول
لو سمحتى روحى هاتى شنطتك
نظرت له في دهشة واستنكار فأعاد أمره مرة أخرى هاتى شنطتك يا هند.
خرجت بخطوات بطيئة يدور بخلدها ألف سؤال وسؤال أحضرت حقيبتها وعادت إليهما فمد يده أمامه قائلا بلهجة آمره
هاتى تليفونك
أخرجت هاتفها وأعطته أياه ضغط عدة ضغطات على لوحة المفاتيح ثم أدار شاشته لها وقال بجدية رقم مين ده اللى كنتى بتكلميه من شوية
أرتبكت بشدة وزاغت نظراتها وهي تقول دى واحدة صاحبتى.
نظرت إلى عبد الرحمن فوجدته يشيح بوجهه عنها ويكسو وجهه الحزن والڠضب والجمود.
فقالت في أيه يا حاج حسين!
نظر لها حسين وقال بثقة كدبتى ليه عليا وقولتى أن
الجواب كان في صندوق البريد بتاع الشركة
هوى قلبها إلى قدميها واحمر وجهها خوفا لا تعلم ماذا تقول وكيف تفعل فلجأت إلى الكذب مرة أخرى وقالت
ماهى هي دى الحقيقة يا حاج. أنا فعلا لقيته في الصندوق
خبط على المكتب فأنتفض جسدها وقال محذرا هتكدبى تانى الجواب ده وصلك يدا بيد يا هند صح.
ظهر الړعب على وجهها وقالت مدافعة عن نفسها مين اللى وصلك الكلام ده يا حاج اللى قالك كده كداب
أشار إلى عبد الرحمن الذي کسى الحزن وجهه أكثر وأكثر وقال عبد الرحمن هو اللى قالى
صمتت في دهشة وخوف لا تدرى ولا تفهم كيف عرف عبد الرحمن بالأمر
تابع الحاج حسين كلامه عبد الرحمن سمعك وأنت بتتكلمى في التليفون يا هند. ده أجابة السؤال اللى بيدور في دماغك دلوقتى.
أستندت إلى أقرب مقعد لها فلقد تخلت عنها قوتها واصفرت الدنيا أمامها وكادت أن يغشى عليها من الصدمة. وبدأت في البكاء
نهض عبد الرحمن قائلا أنا مروح يا بابا عن أذنك
أومأ له والده بالموافقة فانصرف دون أن يلتفت وراءه ليخفى ألمه وندمه ويداوى جرحه العميق
نهض حسين من مقعده ووقف بالقرب منها وقال معقوله يا هند. ده أنا كنت بعتبرك زى بنتى بالظبط تقومى تخونينى كده.
بكت بشدة أكبر وقالت بمرارة والله يا حاج أنا مكنت أقصد انى اخونك. أنا قلت يعنى ده مجرد جواب هوصلهولك وخلاص وبعدين هي فهمتنى أن الجواب ده في معلومات حضرتك بتدور عليها بقالك سنين وقالتلى أن ده عمل خير
أبتسم في سخرية مريرة قائلا وهو عمل الخير اليومين دول بياخدوا له مقابل...
هتفت پبكاء والله يا حاج أنا مطلبتش منها فلوس هي اللى عرضت عليا الفلوس علشان تتأكد أنى ههتم وأوصلك الجواب بنفسى لأنها كانت خاېفة حد تانى يشوفه وميوصلهوش وأنا كنت محتاجة مبلغ كده في الوقت ده وكنت مكسوفة أطلب سلفه من حضرتك. وهو ده كل غلطى. أنا آسفه يا حاج أنا آسفه.
أنفعل عليها قائلا أنت لسه بتكدبى يا هند. أنت خدتى منها رقمها علشان تقوليلها أخبارى أول بأول.
صح. أنا مش عارف أنت مستمرة في الكدب ازاى وانا بقولك عبد الرحمن سمعك وانت
بتكلميها
أمتقع وجهها وقالت بارتباك لا والله يا حاج أنا منقلتش أخبارك لحد. هي لما أدتنى الرقم قالتلى علشان لو حصل وحضرتك مقرتش الجواب لأى سبب أبلغها.
وبعد كده كانت بتتصل عادى تقولى أزى الحاج عامل أيه وأزى عبد الرحمن ويوسف وأنا كنت بتعامل معاها على أساس أنها قريبتكوا يعنى فبقولها كويسين وخلاص
كاد أن ينفعل مرة أخرى وهو يستمع إلى كذبها المفضوح ولكنه صمت قليلا ثم قال فجأة
خلاص يا هند أنا مصدقك. بس أنت عارفة طبعا أنك غلطتى. والغلط ده مينفعش يعدى كده
قالت بلهفة الله يخاليك يا حاج مترفدنيش أنا محتاجة الشغل ده اوى.
نظر لها بتفكير وقال أنا مش هرفدك. بس أبنى مجروح منك أوى ومش هيستحمل يشوفك هنا تانى. أنا هنقلك مكان تانى تكونى بعيدة شوية عنه. مش عاوزه يضايق كل ما يشوفك
قالت بحيرة يعنى يا حاج هو قرر...
قاطعها الحاج حسين قائلا سيبيه شويه كده لما يفوق من صډمته شهرين كده ولا حاجة. يكون نسى وهدى وبعدين أبقى أتكلمى معاه يمكن وقتها يسامحك. يالا دلوقتى خدى شنطتك وروحى وبكره إن شاء الله تيجى على شغلك الجديد.
معقوله يا حاج اللى أنت بتقوله ده. أزاى تسيبها في الشركة بعد اللى عملته.
أعتدل حسين في جلسته وهو يجيب زوجته عفاف قائلا أهدى بس يا أم عبد الرحمن. أنا عارف بعمل أيه كويس هند بتشتغل معانا من زمن ومعاها أسرار كتير عن شغلنا متنسيش أنها مديرة مكتبى ومسؤولة عن ملفات كتيرة. لو طردتها وقطعت عيشها هتقول عليا وعليا أعدائى. إذا كانت خانتنى وهي شغاله معايا ومخطوبة لأبنى يبقى هتعمل أيه لما الخطوبة تتفسخ وكمان أطردها من الشغل
قالت عفاف بتفكير طب وبعدين.
ولا قابلين. أنا قلتلها تسيب عبد الرحمن شهرين كده على ما يهدى. أكون أنا غيرت تفاصيل وحاجات كتير في الشغل وساعتها تبقى المعلومات اللى هي تعرفها قديمة ومالهاش لازمة وضررها هيبقى قليل أوى إذا مكنش معډوم يعنى. والمكان اللى نقلتها فيه مفيهوش حاجة تعرف تضرنا بيها ولا تستعملها مع شركات معندهمش ذمة عاوزه تضربنا في السوق.
قالت عفاف بتعجب والله يا حسين أنا مش عارفة أنت بتعرف تمسك
أعصابك كده ازاى مع واحده خانتك بالشكل ده
ضحك وقال أصلها بصراحة خدمتنى مرتين تلاتة كده من غير ما تحس
نظرت له بتعجب فأومأ برأسه قائلا زى ما بقولك كده خدمتنى وضرت نفسها.
تنهد بقوة وتابع كلامه أحلام كانت بتستخدمها علشان تعرف أخبارنا وأخبار يوسف علشان تعرف تقربه من مريم وأبتسم قائلا
وأنا معنديش مانع. أنا نفسى في كده أنا كمان.
بس هند بقى بغبائها لما لاقت عبد الرحمن معجب بكلام إيمان وكمان راح قالها حلال وحرام أفتكرت أنه بيطفشها علشان خاطر إيمان
فاتصلت بأحلام وجابت اللى عندها كله
قالتلها أنا أقدملك يوسف على طبق من دهب وأنت عاوزه تطلعينى من المولد بلا حمص
تنهدت عفاف پألم وقالت ياعينى عليك يا عبد الرحمن. ده كان بيحبها اوى. علشان كده يا عين أمه مخرجش من أوضته من ساعة ما رجع وقاعد في البلكونة من ساعتها حتى مرضيش يتعشا.
ثم نظرت له فجأة بانتباه وكأنها انتهبت لحديثه في التو وقالت يعنى أيه أنت كمان عاوز كده يا حاج
قال مبتسما يعنى هي خططت علشان تقرب مريم من يوسف وتشغلها معاه وأنت عارفة يا عفاف أنى عاوز ولاد أخويا ع. المهم عندى أن مريم تحب يوسف مش تبقى عاوزه تتجوزوا علشان تنفذ خطت أمها وخلاص
أستندت عفاف إلى قبضتها وهي تقول بتفكير وتفتكر مريم متفقة مع أمها يعنى.
قال بشرود مش متأكد يا عفاف لما كانت متحمسة في الأول علشان تشتغل معاه كان ممكن أقول اه عارفة. لكن بعد المشاكل اللى حصلت بينها وبين يوسف مبقتش متأكد. لأنها لو كانت بتنفذ كلام أمها كان زمانها بتسمع كلامه وأنت عارفة يوسف بيتبسط من الست اللى بتسمع الكلام وأكيد أحلام وصلت المعلومة دى لمريم. وطالما مريم منفذتهاش يبقى اللى أنا حسيته أمبارح في المكتب وهما بيتخانقوا قدامى كان صح.
ألتفتت إليه عفاف بتسائل وقالت أيه اللى أنت حسيته وهي أحلام يعنى بتعمل كل ده ليه
قال حسين بلا مبالاة مش مهم دلوقتى. أهم حاجة عندى دلوقتى عبد الرحمن. عاوزه يخرج من الحالة دى قلبى وجعنى أوى عليه. الله يكون في عونه. مش سهل عليه اللى حصل ده.
كانت هند تجلس في فراشها وتبكى بشدة وقد تورمت عيناها من كثرة البكاء بينما جلست أختها علا بجوارها ومسحت على ذراعها وحاولت أن تهدئها لكن هند نفضت يد أختها في قوة هاتفة اول منشور فى صفحتى
أبعدى عنى. أنت السبب. أنت السبب.
وقفت علا ووضعت يديها في خصرها قائلة نعم يا ماما أنا السبب ازاى يعنى. أنا بس شجعتك أنك توصلى الجواب وتاخدى الفلوس لكن مقلولتلكيش تقوليلها أخبار أخو
خطيبك يا هانم. وأنت أصلا غبية. لو كنتى قلتيلى كنت هقولك لاء. لأن اللى ترسم
على واحد ممكن أوى ترسم على أخوه وتطلعى أنت من المولد بلا حمص وأهو ده اللى حصل يا ناصحة.
قالت هند برجاء لا لا عبد الرحمن مضعش مني. هو بس مصډوم وعاوز فرصة يهدى وبعدين مش هيقدر يبعد عني أنا متأكدة. متأكدة
علا وأنت فاكرة أن أبوه هيسمحلك تدخلى عيلتهم بعد اللى عرفه. والله أنا لو منك انتقم منه ده أنت تعرفى عنهم بلاوى
قالت هند بشرود لا الحاج حسين نقلنى بس علشان ميحصلش صدام بينى وبين عبد الرحمن لكن أنا متأكدة أنه مش هيعارض لو عبد الرحمن عاوزنى. ليه أروح أعاديه وأخسره للأبد.
علا وتفتكرى يعنى اللى أسمها أحلام دى وبنتها هيفوتوا الفرصة. دى أكيد هيستغلوا بعدك عنه ويفضلوا وراه لحد ما يتجوزها
نظرت لها هند نظرات شاردة وقالت خاليها بس تحاول تاخده مني. وأنا هوريكى هند ممكن تعمل ايه في شركتهم دى.
كان عبد الرحمن يجلس على مقعده الخاص به في الشرفة مغمض العينين يستعيد كل ذكرياته مع هند كل كلمة حب قالها لها وكل نبضة قفز بها قلبه لأجلها فتح عينيه ببطء لينظر إلى الحديقة المظلمة وكأنه ينظر إلى الظلام المحيط بقلبه فلقد انطفأت شمس حبه فجأة وبدون رجعة!
رأى الرياح تعبث ببعض أوراق الشجر فتقاوم بعضها ويستسلم البعض الآخر فتسقطها أرضا نعم من يستسلم للرياح يسقط فيصبح جزءا من الأرض ليداس بالأقدام كما تداس الأرض التي سقط إليها راضيا لمعت عيناه وقاتلت الدموع بضراوة من أجل أن تهبط إلى مجراها لتروى ظمأ محنته ولكنها وجدته مقاتل من الدرجة الأولى لم يسمح لها وسجنها في محبسها ليحتفظ بها ويجعلها مدادا لحياته القادمة والتي قرر أن تكون بلا حب وبلا مشاعر وبلا قلب. المعنى الحقيقى للجمود.
11 الفصل الحادي عشر إلى التاسع عشر
دخلت مريم صباحا إلى مكتبها فوجدت حركة غير طبيعية في مكتب يوسف ثم سمعته ېصرخ في بعضهم من الداخل قائلا
الملف ده لو ضاع هتبقى کاړثة
أطلت برأسها إلى الداخل لترى ما يحدث فوجدت أثنين من الموظفين يقفان أمامه وهو منفعل بشدة في الحديث و عندما رآها فجأة نظر لها نظرة حادة وقال بعصبية
تعالى هنا يا هانم في ملف ضايع وحضرتك لسه واصله
قال الموظف الأول يافندم حضرتك مضيت الملف ده أمبارح.
قال الاخر وقلت حضرتك هتبعته للحاج إبراهيم يمضيه ويراجعه
قال في عصبية أتفضلوا انتوا دلوقتى
ثم استدار لها وهي تقول ملف أيه بس وأحنا ندور عليه
هتف يوسف بعصبية لسه بتسألى. الملف اللى أخدتيه امبارح قبل ما نمشى وقلتى هتبعتيه للحاج إبراهيم
ارتبكت مريم وهي تفكر بصوت عالى فاكرة. طيب استنى أفتكر.
أنفعل أكثر قائلا الملف ضاع وأنت لسه هتفكرى. أكيد نسيتى تبعتيه اتفضلى يالا دورى عليه في مكتبك وفي الدولاب. أقلبى الدنيامش عليه
خرجت مريم في اضطراب شديد تبحث بتوتر وسرعة لم تجد شيئا ولا تذكر أيضا شكل الملف خرج إليها بعد دقائق وهو مازال يهتف بصوته الجهورى
systemcode ad autoadsأيه لسه مش لاقيه حاجة. أنت عارفة لو الملف ده ضاع هيحصل ايه.
حاولت مريم أن تركز تفكيرها لعلها تتذكر أين هو ولكنه لم يعطيها فرصة صوته العالى أربكها جدا وشتت تفكيرها ظلت تبحث أكثر من نصف ساعة وهو واقف ينظر إليها ويشتت تفكيرها بصوته ويربكها حتى جلست خلف مكتبها وهي تتنفس بصعوبة ولفت يدها إلى ظهرها لتمسك بجزعها وهي تقول پألم
خلاص مش قادرة. ضهرى أتكسر
قال يوسف بانفعال يعنى أيه مش قادرة. قومى دورى تانى.
كادت مريم أن تبكى وهي تقول خلاص مش قادره ضهرى ھيموتنى. مش هدور تانى وأعمل اللى تعمله يارب حتى ترفدنى
تركها ودخل مكتبه ثم عاد بعد لحظة وفي يده الملف الضائع وقف أمامها وقال مبتسما
الملف أهو.
ثم وضعه أمامها وقال بانتصار فاكره المج اللى وقع أتكسر لوحده...
واستدار لينصرف وهو يقلد طريقتها المستفزة في الكلام طب عن أذنك أنا بقى لحد ما ضهرك يرتاح ثم أطلق ضحكات عالية مستفزة وعاد يستدير إليها وهي تنظر له بدهشة وحنق وقال
متلعبيش مع الأسد تانى يا قطة. أتفقنا...
وأنصرف لمكتبه وصدى ضحكاته المنتصرة يدوى في أذنها بصخب نظرت إلى المكان الذي كان يقف فيه بذهول ثم ضړبت المكتب بقدمها في غيظ شديد فآلمتها قدمها فجلست تبكى وهي تشعر بالضيق والحنق
منه ها هو قد وفي بوعده ولم يتركها تنعم بما فعلته به في المرة الأخيرة ورد لها فعلها أضعاف مضاعفة بكت أكثر وهي تقول في ضيق
systemcode ad autoadsوالله لوريك يا يوسف. والله لوريك
قالت كلمتها الأخيرة واجهشت في البكاء كالأطفال.
عادت إيمان من عملها وقت الظهيرة وعبرت الحديقة بخطوات واسعة وقبل أن تصل للداخل لفت نظرها وجود عبد الرحمن في ركن بعيد نسبيا يقف أمام حوض معين من أحواض الزهور كان يحبه ويرويه دائما بنفسه تعجبت إيمان فهى لم تعتاد على وجود عبد الرحمن
في البيت في مثل هذا الوقت فمن المفترض أن
يكون في العمل وقفت متأملة للحوض الذي يتأمله كان أجمل حوض للزهور في الحديقة كلها وكان يحوى زهرة بيضاء ملفتة للأنتباه ومميزة جدا عن بقية الزهور كان عبد الرحمن يقف أمام تلك الزهرة الرائعة نعم هذه الزهرة كانت هند معجبة بها وهمت أن تقطفها ولكنه طلب منها أن تتركها على أن يسميها باسمها وبالفعل كان يسمى تلك الزهرة هند.
وضع أطراف أصابعه على تلك الزهرة فظنت إيمان أنه يتحسسها ويلامس شذاها ولكنها تفاجأت به يقطفها في عڼف ويرمى بها پغضب خلف ظهره بقوة وڠضب سقطت الزهرة فاقتربت منها خطوات وجعلت تنظر إليها وهي ملقاة على الأرض وتنظر له باستنكار كيف يفعل هذا كيف يرمى تلك الزهرة الرائعة المميزة بهذا الڠضب ماذا فعلت له تلك المسكينة!
أستدار لينظر إلى موقع السقوط فلم يلاحظ وجود إيمان رغم اقترابها منها فنظر إلى الزهرة پغضب أكبر وخطى إليها بسرعة وڠضب ليدهسها بقدميه وقبل أن يقوم بدهسها بلحظة ألتقطتها في سرعة ووقفت تنظر له بصمت متسائل. فقال في ڠضب
أرمى الوردة دى على الأرض. حالا
قالت له بتعجب ليه حرام عليك. عاوز تدوسها ليه
هتف عبد الرحمن في عصبية بقولك أرميها.
فتحت حقيبتها في سرعة ووضعتها بداخلها وقالت له بتحدى مش هرميها. لو أنت مش عاوزها أنا عاوزاها
تطايرت شرارات الڠضب من عينيه وصړخ في وجهها وأنت مالك أنت. بتدخلى في اللى ملكيش فيه ليه. عاوزها ولا مش عاوزها يخصك أيه أنت. لما أقولك أرميها تسمعى الكلام وأنت ساكتة فاهمه ولا لاء. أياكى تدخلى في حاجة تخصنى تانى ولا حتى تقفى في مكان أنا فيه.
كانت نظراته حادة جدا والڠضب يطل من عينيه فعلمت أنه ليس في حالته الطبيعية وتراجعت
للخلف خوفا من أى تطاول من الممكن أن يحدث ثم استدارت وخطت خطوات سريعة أقرب إلى الجرى للداخل لم تنتظر المصعد ولم تفكر به وصعدت الدرج في سرعة ومنه إلى شقتها و دخلت غرفتها وألقت نفسها على الفراش وظلت تبكى وقلبها يخفق بشدة.
كانت أول مرة في حياتها تستشعر الخۏف من أحد وتتراجع أمامه خوفا من بطشه. شعرت بمهانة كبيرة وبأنها شخص غير مرغوب فيه وأنها في بيت غريب عنها من السهل أن تطرد منه في أى وقت نهضت وكفكفت دموعها وجمعت ملابسها في حقيبة صغيرة هبطت إلى الأسفل وخرجت للخارج في سرعة دون أن يلاحظها أحد وعادت من حيث أتت.
ظلت أم عبد الرحمن تطرق الباب ولكن لم يستجيب لها أحد قلقت بشدة وعادت إلى شقتها ووقفت تفكر في حيرة ألتقطت الهاتف وحاولت الأتصال بإيمان عدة مرات ولكنها لم تلقى أى أجابة زاد قلقها وتحدثت إلى زوجها هاتفيا وأخبرته بقلقها على إيمان وأنها لا تستجيب لطرقاتها فطلب منها أن تدخل لعبد الرحمن ليحاول فتح باب الشقة لعلها حدث لها شىء في الداخل وهي بمفردها.
ذهبت إليه مسرعة وطلبت منه ذلك حاول عبد الرحمن أن يتملص من أمه فهو لا يريد ان يحتك بها بعد ما فعله معها ولكن أمه أصرت فصعد معها وطرق الباب عدة مرات دون فائدة ثم اضطروا في النهاية إلى فتح الباب عنوة وقف في الخارج ودخلت هي تبحث عن إيمان فلم تجدها دخلت غرفة نومها فوجدت خزانة ملابسها خاوية فخرجت في سرعة وهي تهتف به
إيمان خدت هدومها ومشيت يا عبد الرحمن. ياترى أيه اللى حصل خلاها تعمل كده.
طأطأ رأسه أرضا بأسف وقال بخفوت أنا السبب
قص عليها ما حدث بينهما في الحديقة فنظرت له مؤنبة وقالت ليه كده يا عبد الرحمن. ملقتش غير إيمان وتعمل معاها كده. دى أمانة عندنا يابنى حرام عليك
قال بارتباك وإحساس بالذنب أهو اللى حصل بقى. أعصابى فلتت مني ڠصب عنى مكنش قصدى.
هاتفت زوجها مرة أخرى وأخبرته بما حدث فثار في ڠضب وتوقع أن تكون عادت إلى شقتهم في السيدة زينب خرج من مكتبه دون أن يخبر أحدا وتوجه إليها.
فتحت الباب فوجدته أمامها. أخذها بين ذراعيه فبكت. ربت على ظهرها في حنان وجلس بجوارها وقال
حقك عليا يابنتى متزعليش
قالت وهي تبكى لا يا عمى أنت مغلطش فيا بالعكس أنت كان نفسك تلمنا حواليك لكن أظاهر أن أحنا مش مرغوب فينا.
قال مشفقا لا يا إيمان متقوليش كده. ده انتوا عندى أحسن من عيالى. ده البيت ده ليكوا قبل ما يبقى لولادى يا بنتى
قالت بصوت باكى معلش يا عمى أنا مش هقدر أرجع هناك تانى. أنا أقعد في جحر بس بكرامتى
عقد حاجبيه وزاد سخطه على ولده وقال بانفعال وكرامتك متصانة يابنتى وأنا هجبهولك لحد عندك يعتذرلك واعملى فيه اللى أنت عاوزاه.
حركت رأسها نفيا وقالت مش عاوزه حد يعتذرلى. معلش يا عمى سبنى هنا كام يوم أريح أعصابى وبعدين نبقى نتكلم
حاول ترضيتها قائلا حتى لو أنا أتأسفتلك يابنتى بالنيابة عنه.
قالت إيمان بحرج بالغ لا
يا عمى أرجوك متعملش كده وبعد
أذنك متقولش حاجة لإيهاب. حضرتك عارف أنه حمقى وممكن يكبر الموضوع. أنا هقوله أن المشوار من المدرسة للبيت عند حضرتك متعب شوية خصوصا أننا عندنا أمتحانات شهر وبنروح بدرى وبنمشى متأخر وهقوله أنى هقعد هنا لحد ما الامتحانات دى تخلص
أسند رأسه إلى راحة يده وهو يقول بضيق يعنى كمان عاوزه تقعدى لوحدك هنا.
أمسكت بيده وقالت برجاء معلش يا عمى سبنى على راحتى. وبعدين شغل إيهاب ومريم مش هيسمحلهم يخبطوا المشوار ده كل يوم لكن أنا سهله. المدرسة قريبه من هنا
حاول معها كثيرا ولكنها لم تتراجع فاضطر أن يسمح لها بالبقاء يومين لا أكثر
فى المساء ذهب إليها إيهاب ومريم كان إيهاب غير مقتنع بما تقول فنظر لها بتمعن قائلا
يا إيمان أنا مش مقتنع باللى بتقوليه ده أمتحانات شهر أيه اللى تقعدك هنا لوحدك.
حاولت أن تخفى تعابير وجهها وهي تقول معلش يا إيهاب سبنى براحتى. أنا كده هبقى مرتاحة أكتر. ولما الامتحانات تخلص هرجع تانى ان شاء الله
جلس بجوارها قائلا وفجأه كده من غير ما تقوليلى
أبتسمت أبتسامة زائفة وقالت منا قلت أهرب بقى قبل ما تمنعنى
نظر لها بعمق محاولا سبر أغوارها والله! وفكرانى هصدقك. ده أنت توأمى يا إيمان يعنى أحس بيكى من قبل ما تتكلمى.
لمعت عيناها فقاطعتهما مريم قائلة لو مصممة يبقى هنقعد معاكى ماهو مش معقول نسيبك هنا لوحدك
أبتسمت لها ايمان وقالت ياسلام بقى الست البرنسيسة هترجع تقعد هنا تانى
بادلتها مريم الأبتسامة
وقالت يالا بقى معلش كلوا بثوابه
إيمان طب والشغل يا مريم
شعرت مريم بحيرة وقالت بحزن لا أنا مش هروح الشغل ده تانى
قال إيهاب متعجبا ليه أنت كمان. حد زعلك ولا ايه.
تكلمت مريم وهي تستشعر مشاعر
أكمل والده بانفعال متجاهلا حديثه عارف البنت قالت لاخوتها أيه. قالتلهم أنها قاعدة هناك علشان أمتحانات الشهر بتاعة مدرستها. مجابتش سيرتك خالص طلعت أحسن منك يا عبد الرحمن
جلس عبد الرحمن إلى فراشه وډفن رأسه بين كفيه في حزن عميق نظر له والده في شفقة ولان صوته قائلا .
كل ده ليه يابنى. الدنيا مبتوقفش على حد. أنت لسه في عز شبابك ولسه ياما هتشوف يابنى أنت عاقل ولازم توزن الأمور أحسن من كده. ولا زم تعرف تفرق بين الغث والثمين ووضع كفه على رأسه في حب وقال
أنا عارفك يا عبد الرحمن. أنت راجل يابنى وهتعدى أى محڼة قدامك وهتبقى أقوى من الأول مليون مرة يابنى الضړبة اللى متكسركش هتقويك. وانت عضمك ناشف. ده انت اللى هتشيل الشيلة كلها من بعدى يابنى.
تناول كف أبيه وقبله وقال ربنا يديك طولت العمر يا بابا. ده احنا من غيرك منسواش حاجة. أرجوك متزعلش مني أوعدك أنى أرجع لحياتى تانى أقوى من الأول
وعد يا عبد الرحمن
وعد يا بابا
وقف والده وهو يقول ربنا يبارك فيك يابنى. أنا كنت عارف أنك راجل وأنك مش هتعمل غير كده
أنتبه عبد الرحمن فجأة وكأنه قد تذكر شيئا فنظر إلى والده وقال متعرفش يا بابا المدرسة اللى إيمان بتشتغل فيها أسمها ايه
فى الصباح دخل يوسف مكتبه ولكنه لم يجد مريم فظن أنها ستأتى متأخرة وبعد حوالى الساعة أتصل به والده وطلب منه الحضور إليه قطع يوسف الممر إلى مكتب والده ودخل إليه فأشار له بالجلوس وهو يقول
أقعد يا يوسف
وبدون مقدمات قال ها قولى بقى عملت أيه في بنت عمك انت كمان
قطب جبينه وقال يعنى أيه يا بابا مش فاهم قصد حضرتك
قصدى مريم يا يوسف. زعلتها تانى ليه هو انا مش هخلص من مشاكلكوا دى.
وأكمل بانفعال مريم كلمتنى وقالتلى انها مش هتشتغل معاك تانى. ولما سألتها ليه قالتلى على اللى عملته فيها وصممت مترجعش تانى وأتحججت بمذاكرتها والمحاضرات
يا بابا هي اللى ابتدت وأنت عارفنى مبحبش أسيب حقى
حاول يوسف أضافة بعض المرح مع الأعتذار فقال أنا آسف يا بابا خلاص أوعدك مش هضايقها تانى. ولو عملتلى حاجة هبعت جواب لولى أمرها اللى هو حضرتك طبعا ولو هي أشتكتلك مني أبقى ذنبنى على السبورة
أبتسم الحاج حسين لمزاحه وقال مش لما ترضى ترجع تشتغل معاك تانى يا فالح...
قال يوسف بأسلوب استعراضى أطمن يا بابا انا هعرف اخليها ترجع الشغل تانى.
أشاح حسين بوجهه وقال بمكر دى مش طايقة تشوفك. ومهما عملت مش هتصفالك. انا متأكد انك مش هتقدر
نهض يوسف بشغف وقال بتحدى ماشى يا حاج أفتكر بس الكلام ده علشان لما تلاقيها رجعت تتأكد انى أقدر ولما بحط حاجة في دماغى بعملها. ماشى
قال حسين بعدم اكتراث مدروس طب يالا روح شوف شغلك. لما نشوف.
أنصرف يوسف وبمجرد أن أغلق الباب خلفه ابتسم والده. فهو يعلم جيدا أبناءه ويعلم الطريق إلى قلب كل منهم ويسلك هذا الطريق في ذكاء شديد.
جلست إيمان في المساء على فراشها وهي تنظر إلى الزهرة المسكينة التي ألقى بها على الأرض وتناولت الكوب الذي
وضعتها به وجعلت تنظر
إليها في شفقة وهي تتخيل شكلها وهي تدهس بالأقدام. مررت عليها أطراف أصابعها في رقة وتهمس لها همسا
متزعليش مش كل الناس معندهاش رحمه زيه.
رفعت مريم الوسادة من فوق رأسها وهي تقول بتثاءب بتقولى حاجة يا إيمان
ألتفتت إيمان إليها قائلة لالا نامى انت
نظرت لها مريم بشك قائلة ازاى بقى انا سمعتك بتقولى حاجة
أجابتها ايمان بضجر أوف. أنت يابنتى ودانك دى ايه. ده أنت ينفع تشتغلى مقياس للزلازل. كنت بكلم الوردة خلاص
ارتحتى
مريم وهي تفتح عين وتغمض الأخرى قائلة والنبى أنت أتهبلتى. بتكلمى الوردة!
ألتفتت إليها إيمان باستنكار قائلة أيه والنبى دى لما تحلفى احلفى بالله. قولى لا اله الا الله
رددت مريم بصوت ناعس لا اله الا الله...
قامت إيمان وأطفأت المصباح واستسلمت للنوم نامت الفتاتان وهما لا يعلمان ماذا ينتظرهما في الغد.!
الفصل الثاني عشر
أنهى يوسف بعض أعماله ونظر إلى ساعة معصمه فوجد الوقت وقد قارب على الظهيرة. تناول هاتفه واتصل بأخته فرحة وطلب منها أن تحادث مريم وتسألها على ميعاد انتهاء محاضراتها في الكلية دون أن تخبرها أن يوسف هو من يسأل عنها أغلق الخط وانتظر حوالى عشرة دقائق ثم عاود الأتصال بأخته مرة أخرى
يوسف أيوه يا فرحة ها قالتلك أيه
قالتلى هتخلص على الساعة 3 كده
ماشى يا فرحة متشكر أوى
يوسف ممكن أسألك سؤال.
لا طبعا مش ممكن هو أنا فاضيلك
متشكرة أوى ياخويا يا حبيبى أنك وافقت. قولى بقى أنت عاوز تعرف معاد خروجها ليه ومش عاوزها تعرف أن أنت اللى بتسأل ليه
كده سؤالين يا فرحة مش سؤال واحد
مش انت وافقت على تلات أسئلة
طب انا هجاوبك قبل ما يبقوا أربعة. بصى يا ستى بنت عمك زعلت شوية بسبب هزارى الخفيف اللى أنت مجرباه وطلعت عيله وسابت الشغل ومشيت وأنت عارفة أبوكى بقى واللى عمله فيا.
امممممممم وانا اقول مريم مشيت من البيت ليه اتاريك انت اللى طفشتها
والله منا عارف يا فرحة. عموما ابوكى صمم انى اكلمها واخاليها ترجع الشغل علشان كده عاوز اقابلها على باب الكلية واكلمها وخصوصا انها مقالتش لاخواتها على حاجة
والله بت جدعة
جدعه! طب اقفلى بقى مش فاضيلك
يعنى انا اللى فاضية كويس اصلا انك لحقتنى قبل ما ادخل المحاضرة.
كانت مريم تقف بجوار سلمى أمام بوابة الكلية وهي ترى الأخيرة تنظر إلى ساعتها ما بين الحين والآخر فقالت باهتمام
ايه يا سلمى انت وراكى معاد ولا ايه
ضحكت
سلمى في خبث وقالت ومش وأى معاد يا مريم
مريم مين المره دى
اصطنعت سلمى الدهشة وقالت معقوله متعرفيش ايه هو مش باين عليه الغرام ولا ايه. أومال لو مكنتوش ساكنين في بيت واحد وبتشتغلوا مع بعض
تسمرت مريم مكانها وقالت بذهول تقصدى مين يوسف.
أطلقت سلمى ضحكة عابثة وقالت ومالك اتخضيتى كده ليه استنى دلوقتى هتعرفيه زمانه جاى
ثم أشارت إلى ثلاث شباب مقبلين عليهما ونادتهم تقدم الشباب منهما بشغف وقال أحدهم
أزيك يا سلمى ازيك يا مريم بقالك كتير مبتجيش كنتى تعبانة ولا ايه
قالت مريم باقتضاب لا ابدا مشغولة بس شوية
قال آخر مالك يا مريم مضايقة ولا ايه
لا مفيش حاجة. كويسه.
قال ثالثهم موجها حديثه إلى سلمى ايه يا قمر ماشيه بسرعة ليه كده النهاردة
سلمى أصلى عندى معاد مهم
رد قائلا بخبث أنا عارف مواعيدك يا سلمى وطبعا مريم رايحة معاكى ما أنتوا مبتفارقوش بعض أبدا
قالت مريم بعصبية قصدك ايه يعنى
غمز بعينه عابثا وهو يقول أبدا يا ستى وانا مالى الله يسهلوا
ثم غمز لصديقه فضحكا وضحكت معهم سلمى وهي ټضرب أحدهم بخفة على كتفه جاء من خلفها وقال بمزاح .
يا صباح الفرفشة. ايه الضحك اللى جايب لآخر الدنيا ده
أستدارت له وقالت بميوعة وليد أتأخرت كده ليه زعلانة منك
صافحها بحرارة وهو يقول مقدرش أتأخر على القمر أبدا معادى مظبوط 3 بالثانية
ثم نظر إلى مريم وصافحها بابتسامة قائلا وحشانا يا مريم ازيك عامله ايه
لانت ملامحها كثيرا فهى كانت تظن أن الآتى لسلمى هو يوسف فتنهدت في راحة وقالت الحمد لله تمام. ايه بقى رايحين فين.
وليد ولا حاجة هنتمشى شوية تحبى تيجى معانا
أجابت سريعا لا شكرا انا هروح على طول علشان ايمان زمانها راجعة من شغلها
سلمى طب عن اذنك بقى يا مريومة. سلام يا حبيبتى
غادرت سلمى مع وليد واستقلت معه سيارته وانطلقا ألتفتت مريم فوجدت زملائها الثلاثة مازالوا وافقين يتابعون ما يحدث فقال أحدهم
أخص عليه الخاېن كده ميجيبش صاحبه معاه
قالت مريم بعدم فهم صاحبه مين. هو انت تعرفه.
قال لا معرفوش. بقولك ايه ماتيجى معانا مادام خروجتك باظت كده
مريم آجى فين. هو ده وقت كافتريات
ضحك هو وصديقيه وقال معقوله كل السنين دى مصاحبة سلمى ولسه أخرك الكافتريا
نظرت لهم بدهشة وقالت مش فاهمة حاجة. أنا مصدعة مش نقصاكوا يالا سلام.
كان هناك من يراقب ما يحدث في ضيق وهو يرى مريم تقف بصحبة سلمى وثلاثة من الشباب ثم تنصرف سلمى مع وليد وتظل مريم تتحدث معهم وهم يضحكون
وينظرون
إليها بطريقة لا يفهمها إلا الرجال إذا فهو لم يظلمها عندما شاهدها في المرة الأولى هي إذن معتادة على الوقوف معهم وتتباسط معهم في الحديث وهي أيضا تعلم أن هناك علاقة ما بين سلمى ووليد وتوافق على تصرفات صديقتها المقربة.
شعر پغضب شديد تجاهها. استقل سيارته وغادر المكان والظنون تحتل عقله وتفرض عليه اليقين بسلوكها فرضا.
أما هناك وأمام مدرسة البنات كانت إيمان تخرج من بوابة المدرسة بصحبة صديقاتها وماهى إلا
خطوات قليلة حتى تفاجأت بعبد الرحمن يقف أمام باب المدرسة مستندا إلى سيارته ينتظرها وقفت للحظة ثم صرفت نظرها عنه في ضيق وهمت أن تذهب في الاتجاه الآخرولكنه خطى نحوها خطوات سريعة ووقف أمامها قائلا بحرج
ممكن كلمه يا ايمان لو سمحتى
نظرت له صديقاتها وقالت أحداهن مين حضرتك وازاى تقف قدامنا كده.
أرتبكت إيمان وقالت لهن ده ابن عمى
تبادلت الصديقات نظرات مبتسمة وقالت أحداهن طيب يا ايمان هنمشى احنا بقى
أستوقفتهن ايمان وقالت لا متمشوش استنوا.
قال عبد الرحمن برجاء ممكن دقيقة واحدة بس يا ايمان وبعدين أبقى أمشى براحتك مع أصحابك...
ثم تابع برجاء أكبر من فضلك
قالت صديقتها طيب يا إيمان هنعدى السكة وهنستناكى هناك علشان نركب مع بعض.
أومأت لها إيمان موافقة في أحراج بالغ فابتسم عبد الرحمن وقال واضح أنك بتعرفى تختارى أصحابك كويس. ماشاء الله كلهم تقريبا شبهك في اللبس وباين عليهم بنات محترمة
قالت باقتضاب شكرا خير حضرتك جاى هنا ليه
قال عبد الرحمن بارتباك أنا والله حاولت أجيب فرحة معايا بس اتفلقت اتصالات عليها وتليفونها مقفول...
قالت بضيق برضة حضرتك مقولتش جاى ليه
أبتلع ريقه في صعوبة وقال إيمان بدون مقدمات كده أنا آسف.
نظرت له في صمت فأكمل والله ما أنت المقصودة. ڠصب عنى كنت ڠضبان أوى ومشوفتش قدامى. جات فيكى يا بنت عمى. سامحينى
قالت دون أن تنظر اليه لا أنت مش غلطان أنت معاك حق دى خصوصياتك وده بيتك وأنت حر فيه وأنا وضعى كضيفة المفروض مكنتش أدخل في اللى ماليش فيه.
قال بأسف لا يا إيمان أنت مش ضيفة ده بيتك قبل ما يبقى بيتى يعنى انا لما ازعلك تقوليلى أمشى أطلع بره مش عاوزه أشوفك هنا تانى. مش تاخدى هدومك وتمشى. كده ينفع
شعرت بارتباك شديد وقالت مضطربة لو سمحت سيبنى امشى أصحابى وافقين لوحدهم في الشارع وكده مينفعش. وأصلا واقفتنا دى غلط
قال باصرار مش هسيبك تمشى غير لما تسامحينى. سامحينى بقى ده المسامح كريم. أو مهند على حسب.
نظرت له بتسائل فقال بسرعة متخديش في بالك. ها قوليلى بقى هترجعى البيت أمتى
قالت بسأم يومين كده أريح أعصابى من اللى حصل
قال بسرعة بسيطة اليومين عدوا خلاص
إيمان لا يومين كمان كده.
قال مداعبا لا مينفعش أنت قلتى يومين وخلصوا خلاص. وبعدين يرضيكى يعنى ماما طول النهار مش مركزة في شغل البيت وعماله تقول إيمان إيمان إيمان. تيجى تطبخ الملوخية تطلع بامية. يرضيكى أبويا يطلق أمى ونتشرد بسببك أنا ويوسف وفرحة وأنت عارفة فرحة تنفع تبقى متشردة أساسا
أخفت ابتسامتها التي زينت ثغرها رغما عنها وقالت مقاطعة خلاص خلاص كل ده
قال بجدية وأكتر والله. البيت وحش أوى من غيركوا.
صمتت قليلا وترددت هل تقبل أم ترفض ثم وجدت نفسها تقول مش قلت دقيقة. والدقيقة بتاعتك خلصت. عن أذنك
فوقف أمامها مرة أخرى يعوق طريقها وأخرج جنية معدنيا من جيبه وقدمه لها وقال طب ممكن تدينى مدة تانية أصل الخط تقريبا أتقطع وأنا في نص المكالمة
حاولت أن تخفى ابتسامتها ثانية وهي تقول بجدية لو سمحت يا عبد الرحمن مينفعش كده سبنى أمشى بقى.
قال بتصميم خلاص هاجى بالليل تكونوا جهزتوا نفسكوا علشان اخدكوا على البيت
قالت بسرعة لا مش هينفع النهاردة
تابع باصرار طب أمتى حضرتك
إيمان مش عارفة قلتلك يومين كده
حاول أن يعتذر مرة أخرى فقال بصدق يعنى خلاص مش زعلانة مني صافى يا لبن
أحمرت وجنتاها خجلا وهي تذهب من أمامه قائلة خلاص
نظر لها وهي تعبر الطريق وتلحق بصديقاتها ثم قال وهو يستقل سيارته بتكسف أوى.!
جلست إيمان بجوار صديقتها في سيارة الأجرة فمالت عليها قائلة بخفوت بقى الواد القمر ده ابن عمك حسين. أنا لو منك مخرجش من البيت خااااالص
نظرت لها إيمان وقالت بصوت هامس الراجل لسه بيقول عليكى شكلك محترم. مغشوش يعينى
وضعت صديقتها كفها على فمها لتكتم ضحكتها بينما نظرت إيمان إلى الطريق من خلال نافذة السيارة وصدى كلماته لا يزال يجوب عقلها ويرتع به كيفما يشاء.
جلست فاطمة إلى زوجها وهو يقرأ الجريدة وتسائلت في فضول متعرفش يا
إبراهيم الواد عبد الرحمن فسخ خطوبته ليه
نظر لها إبراهيم في دهشة وقال لحقتى تعرفى يا فاطمة
قالت بثقة طبعا ما أنت عارف عفاف مبتخبيش عليا حاجة
أبتسم في سخرية قائلا ولما هي مبتخبيش عنك حاجة جاية تسألينى ليه
قالت في عتاب كده برضة يا أبو وليد بتتريق عليا. وأنا اللى قلت أنك انت اللى هتقولى المفيد.
زفر في ضيق وقال
عاوزه
أيه يا فاطمة هاتى من الآخر
فاطمة بشغف عاوزه أعرف ساب البت هند ليه. أكيد اخوك حكالك
نظر لها بضيق قائلا معرفش يا فاطمة كل اللى حسين قاله أنهم مش متفقين. وعبد الرحمن كمان قال نفس الكلام
عاد ليكمل قراءته مرة أخرى وهو يقول في نفسه ده أنت لو آخر واحدة في الدنيا مش ممكن أقولك أبدا همت أن تنهض واقفة ولكنها جلست مرة أخرى ووضعت يدها على الجريدة لتمنعه
من القراءة وقالت .
بقولك أيه يا ابو وليد المثل بيقول أخطب لبنتك ومتخطبش لأبنك وأنت وأخوك روحكوا في بعض وأكيد مش هيرفضلك طلب
ألتفت إليها بدهشة قائلا قصدك إيه يا فاطمه شكلك اتجننتى على المسا
قالت معترضة ليه بس ياخويا هما لو لفوا البلد كلها هيلاقوا أحلى من بنتى وفاء.
أشار لها محذرا وقال بانفعال شوفى يا فاطمة يلفوا ميلفوش هما حرين لو عاوزين بنتك هما اللى يطلبوها مش أنا اللى أروح أعرضها عليهم وأياكى تفتحى الموضوع ده تانى ولا تلمحى ليه حتى فاهمانى.
مضى اليومان بشكل معتاد إلا أنه لم تنقطع العلاقات الطيبة بين إيهاب وعبد الرحمن ويوسف وبين فرحة وإيمان ومريم وكانت وفاء تطمئن عليهما بين الحين والآخر وفي مساء اليوم الثانى كانت إيمان تضع الطعام على المائدة أصدر هاتفها صوتا معلنا عن رسالة جديدة فتحتها فوجدتها رسالة من عبد الرحمن كتب فيها اليومين خلصوا. أكتر من كده هضطر آجى بنفسى. تعبنا من أكل البامية أبتسمت وأتممت وضع الطعام ونادت على مريم لتأكل معهم وأثناء قيام إيهاب بتناول طعامه قال .
مش خلصتى أمتحاناتك يا إيمان عمامك كل شوية يكلمونى
أستدارت له إيمان وقالت بجدية هما بجد عاوزنا نرجع يا إيهاب ولا بيجاملونا بس
أشار لها بالنفى وقال لا يا إيمان والله كلهم بيتصلوا بجد كل شوية يسألوا ده حتى عبد الرحمن لسه مكلمنى قبل ما آجى وقالى آجى أخدكوا دلوقتى وكان مصمم أوى قلتله استنى لما اشوف البنات خلصوا اللى وراهم ولا لاء.
صمتت إيمان وفي داخلها تشعر بسعادة لتصميم عبد الرحمن على عودتهم ثم قطعت صمتها مريم وهي تسألها
ها يا إيمان مردتيش يعنى
أبتسمت وقالت خلاص ماشى نرجع بكره بعد ما إيهاب يرجع من شغله
دخلت مريم غرفتها لترد على هاتفها المحمول أغلقت باب الغرفة خلفها وهي تتحدث إلى والدتها كانت مريم تجيبها بفتور وعدم حماس كعادتها شعرت والدتها أنها ليست على طبيعتها فسألتها مباشرة .
مالك يا مريم بتكلمينى كده كأنك مضايقة أنى بكلمك
مريم لا يا ماما مفيش حاجة والله بس مرهقة شوية
طب مش هتقوليلى سبتى الشغل ليه
يا ماما المحاضرات. مينفعش أغيب أكتر من كده ده أحنا خلاص على أبواب أمتحانات
قالت احلام بعصبية يابنتى أمتحانات أيه وزفت أيه اللى أنت بتعمليه أهم من مليون شهادة وكلية. ويا ستى لما تبقى تتجوزيه أبقى أرجعى كملى دراستك تانى.
أجابتها مريم بضيق شديد يا ماما من فضلك كفاية بقى الموضوع ده بقى يتعبلى أعصابى. مين ده اللى يتجوزنى ده حتى مش طايق يشوف وشى
قالت أحلام معاتبة ماهو علشان أنت مبتنفذيش اللى بقولك عليه بتتصرفى من دماغك...
هتفت بصوت يشبه البكاء مش عاوزه أنفذ حاجة أرجوكى يا ماما كفاية
صاحت أحلام بشدة أنتى أتجننتى يا بت ولا أيه مش عاوزه ترجعى حقك وحق أخواتك.
أنهارت مريم في البكاء وهي تهتف بوالدتها مش عاوزه حاجة. نفسيتى تعبانة يا ماما أرجوكى كفاية
قطعت الاتصال وجلست على فراشها وهي تبكى بشدة دخلت إيمان الغرفة فوجدتها في هذه الحالة من البكاء المتواصل هرولت إليها في جزع قائلة
مالك يا مريم فيكى أيه. كنتى بتكلمى مين.
أرتمت مريم في حضڼ أختها في أنهيار شديد وظلت تبكى وهي تقص عليها مادار بينها وبين أمها وماذا كانت تريد منها فعله أتسعت عيني إيمان في ذهول وهي تقول
معقوله يا مريم. معقوله ماما تطلب منك كده.
وتابعت في صدمة معقوله معقوله أم ترمى بنتها في الڼار بأديها بقى بدل ما تقولك خدى بالك من نفسك واتعاملى مع الرجالة بحدود تقوم تقولك علقيه بيكى وخاليه يتجوزك. طب ازاى. ازاى.
حاولت مريم أن تخفف من بكائها وهي تقول هي فاكرة أن مفيش غير الطريقة دى علشان نرجع بيها حقنا من عمامنا
هتفت إيمان حق أيه. ده أحنا لسه مش متأكدين من كلام ماما مش متأكدين لينا حق ولا لا
وحتى لو لينا حق مش دى الطريقة اللى نرجعه بيها. ده ميرضيش ربنا يا مريم.
وضعت إيمان رأسها بين كفيها وقد أغمضت عينيها وهي تشعر بدوار شديد من أثر الصدمة مش قادرة أصدق اللى بسمعه أنت يا مريم تعملى كده وتخبى عليه كل ده
قالت مريم برجاء وهي تمسك بكفى أختها لا يا إيمان أنا معملتش حاجة. أنا أه صحيح حاولت في الأول بس بعد كده لما اتعاملت مع عمى حسين وولاده ومراته بصراحة حبيتهم ونسيت اللى ماما طلبته مني كله وبقيت اتعامل عادى والدليل على
كده انى
سبت الشغل مع يوسف.
أردفت إيمان بخفوت أنا كمان يا مريم حبيت عمامى أوى ومش عارفة الحقيقة فين دماغى ھتنفجر
يعنى أيه هنفضل كده مش عارفين حاجة والحقيقة ضايعة ما بينهم
لا يا مريم الحقيقة هتبان ومفيش غير طريق واحد بس
ايه هو
قالت ايمان في تصميم مفيش غير المواجهة لما نرجع لازم أقعد مع عمى حسين وأواجهه وأعرف الحقيقة بالظبط مفيش حل غير كده.
فى اليوم التالى عاد إيهاب
من عمله مساءا دخل الشقة فوجد إيمان تتابع برامج أحدى القنوات الأسلامية ومريم تلعب على الحاسوب بلا مبالاة فهتف فيهما
يا صلاة العيد. واحدة بتتفرج على التلفزيون والتانية بتلعب على الكمبيوتر ومفيش حاجة أتلمت. أنتوا مش ناويين تمشوا ولا ايه
قالت إيمان دون أن تلتفت أحضرلك الأكل
بينما قالت مريم ببرود خلاص بقى خاليها بكره.
عقد إيهاب ذراعيه أمام صدره وهو ينظر إليهما بتعجب مالكم في أيه مش متحمسين ولا مكسلين ولا أيه بالظبط
قالت إيمان وهي تقلب في القنوات خلاص يا ايهاب خاليها يوم الجمعة
هتف إيهاب منفعلا واللى جايين في السكة دول أقولهم أيه روحوا وتعالوا يوم الجمعة
أستدارت إيمان بانتباه في حين قالت مريم مين اللى جايين.
رد ايهاب قائلا بحماس عبد الرحمن ويوسف فلقونى اتصالات من الصبح ومسبونيش إلا لما وافقت يجوا ياخدونا بعربياتهم دلوقتى. ده على أساس أن حضارتكم جهزتوا الشنط
ووقف أمام التلفاز وقال لإيمان وهو يغلقه يالا بقى قوموا ألبسوا واجهزوا على ما ادخل آخد دش أحسن مرهق أوى. زمانهم على وصول.
أطفأت مريم الحاسوب ونهضت وهي تنظر إلى إيمان تبادلت معها إيمان نظرات القلق والحيرة نعم مشاعرهما متضاربة ففى القادم مواجهة للماضى بكل آلامه وأحزانه وتاريخه الذي لا يعلمون عنه إلا كلمات أمهم
التي كانت تحاول بكل جهدها أن تجمل صورتها وتقبح صورة أعمامها بكل الطرق الممكنة أرتدت إيمان ملابسها وشرعت في تجهيز حقيبتها وكادت أن تنتهى لولا أن سمعت طرقات على باب المنزل فقالت لها مريم .
منتظركم فى جروبى اول منشور على صفحتى
.
أفتحى انت يا إيمان لو سمحتى أنا لسه ملبستش
ذهبت إيمان وفتحت الباب فوجدته أمامها بابتسامته العذبة أقترب من الباب واستند إلى حافته المفتوحة وهو واضع يديه في جيبه وقال
كده ينفع في يوم زيادة على فكرة
كادت أن تبتسم ولكنها رأت يوسف يضربه على كتفه من الخلف ويهتف به مالك سادد الباب كده ليه زى الحيطة. عدينى
ألتفت له عبد الرحمن وبادله الهتاف قائلا لما أنا حيطه أومال أنت تبقى ايه.
قال يوسف بمزاح أنا الحيطة اللى قدامها. خلاص وسعلى بقى
جاء إيهاب فور سماعه أصواتهما وقال بابتسامة كبيرة مفيش فايدة عمركوا ما هتكبروا أبدا
وضع عبد الرحمن يده على كتف إيهاب وقال أحنا بنكبر خمس أيام في الأسبوع النهاردة أجازة.
كانت إيمان قد تراجعت للخلف وهي تنظر لمزاحهم وقد ترددت ألف مرة عن ذى قبل خاڤت أكثر من المواجهة كانت تتمنى أن تبقى هذه العلاقات الطيبة إلى الأبد ولا يعكرها ماضى ربما يكون مؤلم لهم جميعا.
13 الفصل الثالث عشر
كانت فرحة تقف مع والدتها في شرفة غرفتها المطلة على الحديقة في انتظار إيهاب فلقد مضت عليها الأيام السابقة كئيبة ويكفى أنها كانت خالية من وجود إيهاب معها في نفس المكان لمعت عيناها بفرحة حقيقية وهي ترى أضواء سيارتا عبد الرحمن ويوسف تقترب من بوابة الحديقة الخارجية أشارت إلى البوابة بسعادة وهي تمسك بكف والدتها وتقول بلهفة
أهم يا مامتى. وصلوا.
وقفت عفاف في بهجة وارتسمت علامات السعادة على وجهها وقالت لفرحة يالا ندخل نقول لأبوكى بسرعة
دلفت عفاف للداخل وتوجهت إلى حيث زوجها وقالت وصلوا يا حسين أنا هروح افتح الباب
أبتسم في سعادة وقال أومال فرحة فين مش كانت معاكى
عفاف بتلبس الحجاب وجاية
وقف عبد الرحمن أمام المصعد وقال بابتسامة كبيرة أطلعوا انتوا بقى بالشنط وانا ويوسف هناخدها سلالم
أعترض إيهاب قائلا لا أنا هطلع معاكوا...
ثم أشار إلى مريم وإيمان وقال أطلعوا انتوا يابنات بالشنط في الأسانسير
ألقت مريم نظرة على يوسف فوجدته ينظر إليها بعتاب شديد دون أن ينتبه لا تعلم سر هذه النظرة المتواصلة منذ أن خرجت من غرفتها وهي تحمل حقيبتها وألقت عليه السلام هو وأخوه وهو ينظر لها بعتاب دائما هل بسبب أنها تركت العمل لديه أم غير ذلك لا تعلم
استيقظت من شرودها على صوت إيهاب وهو يكلمها بقلق مالك يا مريم واقفة كده ليه.
قالت مريم بانتباه نعم. لا مفيش حاجة أنا داخله اهو
وكادت أن تدخل المصعد ولكنها اصطدمت بإيمان التي خرجت منه مرة أخرى في سرعة وقالت ل يوسف بلهفة
معلش يا يوسف ممكن تدينى مفتاح عربيتك
نظر لها بتسائل في حين قال ايهاب ليه يا إيمان نسيتى حاجة
أومأت برأسها قائلة معلش نسيت حاجة مهمة ومينفعش أسيبها للصبح
قال يوسف بمزاح أكيد حلة محشى صح
ضحك عبد الرحمن قائلا يابنى انت مبتفكرش غير في الأكل. هات مفاتيح عربيتك يالا
وأخذ مفاتيح سيارة
يوسف وقال أطلعوا انتوا وأنا هروح أجيبها
وآجى بسرعة
ثم وجه حديث لإيمان قائلا ها نسيتى أيه وفين
طأطأت رأسها بخجل وقالت مج لونه أبيض فيه وردة بيضا على تابلوه العربية
تذكر إيهاب وقال اه صحيح نسيت أخدها في أيدى وأنا نازل معلش يا إيمان.
أبتسم يوسف وقال مداعبا إيهاب أيه ده الوردة طلعت بتاعة اختك وانا اللى كنت فاكر انك جايبهالى علشان تعبرلى بيها عن اعجابك بسواقتى
ضحك
كل من يوسف وإيهاب في حين نظر لها عبد الرحمن بخجل وقد تذكر ما فعله من حماقة معها من أجل أنقاذها تلك الزهرة ذهب إلى الجراج الخاص في صمت في حين صعد الجميع إلى شقة الحاج حسين الذي ما أن وقعت عينيه عليهم حتى ابتسم بترحاب وضمت عفاف مريم وإيمان ورحبت بإيهاب كثيرا.
وما أن أخذ الجميع أماكنهم حتى دخل عبد الرحمن وفي يده الكوب الذي يحوى الزهرة وقدمه لإيمان قائلا بنبرة اعتذار
أتفضلى. والله خدت بالى منها جدا وانا جايبها حتى اسأليها
رفع نظره فوجد والدته ووالده ينظران إليه بتسائل وعلى وجوهيهما ابتسامة فقال شارحا .
دى إيمان نسيتها في عربية يوسف
وقفت فرحة بفضول وقالت أيه ده معقول الوردة دى شبه اللى عندنا تحت أوى
وضع عبد الرحمن كفه على وجهها ودفعها لتجلس مرة أخرى على مقعدها ثم يلتلفت إلى الجميع وهو يقول بضحكة بلهاء
ههههههه. منورين يا جماعة والله
نهضت عفاف وقالت يالا يا جماعة العشا جاهز
وقفت مريم وقالت بحزن معلش يا طنط أعفينى. أنا هطلع أستريح اصلى تعبانة شويه.
اقتربت منها عفاف بلهفة قائلة مالك يا مريم حاسة بأيه
مريم أبدا مش تعب يعنى. أنا بس مرهقة وعاوزه أنام
ألقت إيمان نظرة إلى عمها ثم قالت وأنا كمان هطلع
وقف حسين أخيرا وقال بلهجة آمره مفيش نوم قبل العشا يالا على السفرة.
خطت إيمان بخطوات بطيئة تنظر إلى مبنى الشركة الضخم أنه يفوق ما كانت تتصور أوقفها الأمن على البوابة ثم سمحوا لها بالدخول فور رؤيتهم لبطاقة هويتها الشخصية ظلت تنظر حولها في انبهار أثناء اتجاهها في الطريق الذي يشير إليه موظف الأستقبال الذي يصاحبها فيه حتى وصلت إلى مكتب السكرتارية الخاصة بعمها كانت تتوقع أن تنتظر برهة ليسمحوا لها بالدخول ولكنها تفاجأت بتواجد عمها شخصيا في استقبالها أمام باب مكتبه الخاص وعلى وجهه ابتسامة كبيرة و مرحبة بها وقال .
نورتى الشركة يا إيمان. طب مش كنتى تقولى انك جاية كنت بعتلك العربية
جلست على استحياء مقابلة له قائلة معلش يا عمى محبتش اتعبك
نظر لها الحاج حسين بعتاب قائلا تتعبينى أيه بس أنت مش هتبطلى الحساسية الزايدة دى
ثم أردف بود ها تحبى تشربى أيه
قالت بحرج شكرا يا عمى أنا مش هطول
لا مينفعش لازم تشربى...
ثم أجرى أتصالا وأمر لها بكأس عصير طازج ثم أجرى أتصالا آخر بأخيه إبراهيم وتحدث معه في بهجة واضحة .
مش هتصدق يا ابراهيم مين عندنا في الشركة دلوقتى
ثم نظر لها مبتسما فبادلته الأبتسامة فقال إيمان في مكتبى دلوقتى
أنهى الاتصال والټفت لها قائلا عمك مش مصدق قالى اقبض عليها لحد ما آجى أشوفها بنفسى
أبتسمت إيمان وهي تقول بخجل ربنا يخاليكوا يا عمى انتوا بتعاملونا معاملة مكناش نتوقعها أبدا
دخل الساعى ووضع كأس العصير وقبل أن يخرج دخل إبراهيم متهللا وجهه عندما وقع نظره على إيمان سلم عليها وقال .
أزيك يا إيمان عامله ايه
الحمد لله يا عمى بخير
حمدلله على السلامة يابنتى نورتى البيت والشركة
منوره بيكم يا عمى
شردت قليلا وهي تنظر إليهما لا تعلم كيف تبدأ حديثها بعد هذا الترحيب الكبير ماذا ستقول هل تبدأ بكلام أمها أم تسأل هي وكأنها لم تعلم ماذا حدث وأخيرا حسمت أمرها قائلة .
عمى أنا عارفة أن
الموضوع اللى أنا جايه فيه مينفعش اتكلم فيه في الشغل لكن مكنتش عاوزه حد من البيت يسمعنا.
تبادل حسين وإبراهيم النظرات المتسائلة فتابعت في تردد بعد أذن حضرتك يا عمى أنا عاوزه أعرف الحقيقة منكم أيه اللى حصل زمان خلى أمى تطلق وتهرب بينا وتختفى عنكم وهل فعلا بابا الله يرحمه كان ليه فلوس عندكم ولا لاء
تبادلا النظرات مرة أخرى ولكن هذه المرة كانت النظرات لها معنى آخر وساد الصمت لبرهة
قطعته إيمان وهي تنظر إليهما وكأنها قد استشعرت الحرج في نظراتهما فقالت وأنا هقبل الحقيقة دى مهما كانت.
إبراهيم هو أنت يا بنتى أمكوا محكتلكوش على حاجة
إيمان حكتلنا حاجات كتير وكنا مصدقنها لكن لما عشنا معاكوا وشوفناكوا مبقناش متأكدين من أى حاجة
حسين قالتكوا أيه يا بنتى.
ايمان ياعمى من فضلك أنا لو كنت واثقة أن اللى اعرفه صح مكنتش جيت النهاردة. أنا زى ما يكون كان بيتحكيلى على ناس تانية غيركوا. من فضلك يا عمى ريحنى ولعلم حضرتك مريم عارفة أنى جايالكم النهاردة لأن هي كمان عاوزه تعرف الحقيقة ومرضتش أقول لإيهاب لإنى لو قلتله كان هيصمم يجى معايا وأنا عارفة إيهاب حمقى ومش هيستحمل كلمة على
ماما وأنا لسه مش عارفة االماضى كان شكله
أيه.
أومأ ابراهيم برأسه موافقا لها وقال عين العقل يابنتى
تنهد حسين تنهيدة قوية وهو يقول أنا كنت عارف أن مسيركم تسألوا. وكنت خاېف من اللحظة دى
ثم نظر إلى إبراهيم
وكأنه يستشيره ماذا يقول وماذا يخفى فقرر إبراهيم أن يرفع عنه الحرج فبدأ بالحديث قائلا
شوفى يا بنتى...
قاطعه حسين قائلا أستنى يا ابراهيم. قبل أى كلام لازم نبعت نجيب كل الدفاتر والمستندات علشان يبقى الكلام بالدليل.
أجرى حسين أتصالا بالموظف المسؤول عن حسابات الشركة بعد دقائق قليلة أتى الموظف بالمستندات المطلوبة ووضعها على الطاولة أمام إيمان كما أمره الحاج حسين وانصرف.
أشار لها حسين قائلا دى كل المستندات ومتأرخه. بصى على التواريخ وراجعى الحسابات وده العقد اللى أبوكى الله يرحمه مضاه بأنه أخد كل فلوسه وعمل تخارج من الشركة لما كانت لسه صغيرة وأخد نصيبه منها كله. وده أعلام الوراثة بتاع أملاك جدك الله يرحمه علشان ينورك أكتر. خدى كل دول معاكى وأعرضيهم على أى محاسب ومحامى تثقى فيه وساعتها هتعرفى الحقيقة.
أردف إبراهيم متابعا مفيش غير حاجة واحدة بس مش موجودة على ورق جدك الله يرحمه اشترى الأرض اللى مبنى عليها دلوقتى البيت الكبير لكن ملحقش هو اللى يبنيه بعدها على طول توفاه الله واكتشفنا أن الأرض خرجت من الميراث لأن جدك كتبها بأسمى انا وحسين قبل ما ېموت.
أكمل حسين وأوعى تفتكرى يا بنتى أن جدك ظالم علشان كتب الأرض بأسمى انا وابراهيم بس وأبوكى لاء. جدك ساعتها كان عنده بعد نظر وكان متأكد ان ابوكى هيسحب ورثه كله ومش هيتبقاله حاجة تعيشه وساعتها وصانى قبل ما ېموت اننا نبنى البيت ويبقى ده بيت العيلة الكبير ويبقى لاخويا علي الله وولاده نصيب في البيت بنصيبهم في الأرض. يعنى انتوا يابنتى عايشين في ملككوا مش ضيوف عندنا.
كانت إيمان تسمع وكأنها تشاهد فيلم أبيض وأسود وترى المشاهد أمامها فقالت بخفوت بس الأرض باسم حضرتك وعمى بس يعنى قانونا احنا مالناش حاجة فيها
أبتسم حسين قائلا أديكى قولتى قانونا. لكن ضميرنا عارف أن جدك كان نيتوا أن الأرض تبقى لينا أحنا التلاتة وجدك مربينا ومتأكد أننا مش هنخالفه حتى بعد ما ېموت جدك كان عاوز يجمعنا مع بعض بعد مماته زى ما كان جمعنا في حياته.
قالت ايمان وقد لمعت عينيها بالدموع بس ده مخالف للشرع
أومأ حسين برأسه موافقا صح يا بنتى الميراث بالذات لازم يبقى قانونى ومكتوب لأن النفوس والضماير بتتغير.
لكن جدك كان ده تفكيره ساعتها علشان يحافظ على الحاجة الوحيدة اللى هتبقى مجمعانا في بيت واحد ومكان واحد. وبصراحة هو كان عنده بعد نظر وكلامه اتحقق فعلا. أبوكى الله يرحمه أخد ورثه كله ودخل في مشاريع بعيد عننا وكلها خسړت ولو كان عارف أنه ليه حق في الأرض كان باعه هو كمان.
توترت إيمان وشعرت أن عقلها غير قادر على فهم كل هذه المفاجآت في آن واحد أنا مش فاهمة يا عمى ايه اللى يخلى بابا يبعد عنكم كده وياخد ورثه ويشتغل لوحده
تردد حسين فقال ابراهيم أمك هي السبب
وقعت الكلمة على أذنيها ثقيلة رغم أنها كانت تتوقع الكثير فقالت أزاى يا عمى أمى هي السبب
حسين ده تاريخ طويل يابنتى ملوش لازمة نفتح فيه دلوقتى...
ثم أردف ومعلش يابنتى ليا عندك طلب
إيمان أتفضل.
قال محذرا مش عاوز حد يعرف دلوقتى بحكاية حقكوا اللى في الأرض أنا هقولهم بنفسى بس مستنى الوقت المناسب.
أومأت برأسها موافقة وقالت حاضر يا عمى بس حضرتك وعدتنى تجاوبنى على أسألتى لكن جاوبتنى على سؤال الورث والفلوس بس ورافض تجاوبنى على الباقى
وأردفت في رجاء أرجوك يا عمى ريحنى. أنا عاوزه أعرف ليه أمى بتكرهكوا أوى كده. ايه اللى حصل بينكوا زمان ايه اللى يخلى واحدة تطلق تاخد عيالها وتهرب.
ثم أستدارت له بجسدها كله قائلة ياعمى احنا اتعذبنا أوى. أحنا عشنا في بلدنا زى الغرب بنخاف نقول أسمنها بالكامل بنخاف نجيب أسم عيلة جاسر على لسانا ماما كانت محسسانا أنكوا لو عرفتوا طريقنا هتقتلونا. وكانت مفهمانا أن أنتوا السبب في طلاقها من بابا الله يرحمه وكل ده علشان الورث اللى هو مالوش وجود أصلا. كنا عايشين مع جوز أم بنكرهه ومكنش لينا مكان تانى نروحه علشان كده أنا وأخواتى مكنش لنا غير بعض. كنا بنتحاما في بعض لحد ما ربنا من علينا وأحنا في ثانوى وجالهم شغل بره ومحدش فينا رضى يسافر معاهم وقعدنا هنا مع بعض نذاكر ونعتمد على نفسنا ونشتغل كمان علشان مكناش عاوزين قرش من جوز أمنا. ليه يا عمى أمى تشوفنا كده وتفضل تكرهنا فيكوا وتبعدنا عنكوا إلا اذا كان في سبب قوى. فهمنى يا عمى يمكن قلبى يهدى شوية.
ثم بدأت في البكاء وقد عادت إليها آلام السنين والذكريات السيئة نهض إليها حسين وبدأ في تهدئتها فأشار له
إبراهيم أشاره وكأن يقول دع الأمر لى جلس إبراهيم
أمامها مباشرة وقال
أنا هريحك يابنتى
رفعت إيمان رأسها وقالت برجاء ياريت ياعمى.
ابراهيم يابنتى الحكاية قديمة اوى. من ساعة ما كانت جدتك في مشاكل بينها وبين اختها
سميحة أم أمك لدرجة أنهم قطعوا بعض. المشاكل دى كانت بتكبر لدرجة أنها وصت أن محدش من ولادها يتجوز بنتها أحلام. أمك يعنى
لكن بقى أبوكى حبها وصمم يتجوزها بدون رغبة جدك. جدك ساعتها ڠضب عليه وقاطعه لانه خالف وصية أمه الله يرحمها.
وفضلت العلاقات مقطوعة بين أبوكى وجدك لكن احنا كنا بنسأل عنه وبنعرف أخباره وبعد جدك ما ماټ دخلنا شركة مع بعض. أبوكى فضل معانا لحد ما أمك فضلت وراه لحد ما سحب نصيبه من الشركة وكانت بتفهمه اننا بنسرقه ومع الأسف كان بيصدقها من كتر ما كان بيحبها. بعد ما خد نصيبه ابتدت
أمك تدخله في مشاريع خسرانه وهو ماشى وراها لحد ما خسر كل فلوسه وأبوكى كان مريض من وهو صغير كان عنده مشكله كده في القلب.
قالت ايمان وهي مازالت مشدوهة مما تسمع ايوا بس ماما مسافرتش طيران خالص حتى لما سافرت مع جوزها سافرت برى
ابراهيم وهي دى غلطتنا يابنتى أننا كنا بندور في الاتجاه اللى هي رسمته لينا ومدورناش في اتجاه تانى لحد ما وفاء بنتى لفتت انتباهنا لأنكم ممكن تكونوا في مصر من الأساس وان كل ده كان وهم امك عيشتنا فيه. بس طبعا ده جه متأخر أوى لأن أمك كانت قررت تعرفنا طريقكوا وبعتتلنا الجواب.
نظرت ايمان الى عمها حسين فوجدت في عينيه نظرة امتنان لأخيه ابراهيم تفرست في ملامحه جيدا فشعرت أن عمها ابراهيم لم يقل كل الحقيقة قالت موجهة حديثها إلى حسين
عمى هي دى كل الحقيقة هو ده كل اللى حصل
نظر لها في ارتياح قائلا ايوا يا بنتى عمك قالك كل حاجة
شعرت أنهما لن يبوحا بأكثر مما قالا لها وتأكدت بأن هناك شىء ما ولكن مع الأسف سكوتهما عنه يؤكد أنه شىء مخجل نهضت لتنصرف ولكن حسين قال مسرعا .
أستنى يا ايمان نسيتى الملفات والورق ده
هزت رأسها نفيا وقالت بابتسامة مکسورة ملهمش لازمة يا عمى أنا مصدقة كل كلمة قلتها
قال بتصميم مفيش حاجه أسمها ملهمش لازمة
وأمسكها من يدها وأدخلها غرفة الأجتماعات الملحقة بمكتبه وقال لإبراهيم لو سمحت يا ابراهيم اتصل بالمحامى والمحاسب وخاليهم يجوا حالا.
حاولت إيمان أن تذهب ولكنه كان أشد تصميما من ذى قبل على أن تجلس مع المحاسب والمحامى ليشرحوا لها الأوراق ويطلعوها على الأمر برمته.
خرجت ايمان من الشركة بين مشاعرها المتخبطة المختلطة وكأن مشاعرها ريشه في مهب الريح نعم هي سعيدة بأنها علمت أنها تعيش في ملك أبيها وليست كضيفة عند أعمامها ونعم قد شعرت بصدق مشاعر الحنان من أعمامها رغم تأكدها أنهما لم يصرحا بكل شىء ونعم قد عرفت حكاية زواج أمها بأبيها وطبيعة هذا الزواج رغم علمها بانه كان زواج قائم على الطمع من أمها والثقه العمياء المفرطة من أبيها رغم علمها أن تلك الحقيقة منقوصة وتفتقد حلقة مهمة لوصلها ولكنها ارتاحت قليلا كانت تود أن تصر على معرفة كل شىء كانت تود أن تصرح بشكوكها تجاه والدتها ولكنها تذكرت قول الله تبارك وتعالى يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم فأبت إلا الصمت لأن بصيرتها تؤكد لها أن ما خفى عنها سوف يسوئها كثيرا سوف تؤجل هذا فيما بعد والزمن كفيل بأن يكشف الكثير.
أنت عارفة يا طنط أنى كنت عند عمى دلوقتى في الشركة
أرتفع حاجبى عفاف بدهشة وقالت بابتسامة بجد. ده تلاقى عمك طار من الفرحة. ده كان نفسه أوى تزوريه أنت بالذات يا إيمان عمك بيقدرك أوى.
أبتسمت ايمان في حب وقالت وأنا كمان بقدره وبحبه جدا...
ثم أردفت وهي تنظر إلى عفاف وكمان عرفت كل حاجة
ثم تنهدت تنهيدة طويلة وقالت عمى حكالى كل حاجة.
مكنتش أتصور أبدا أن ماما تعمل كده.
ظنت عفاف أن إيمان تتحدث عن عبد الرحمن وهند وسبب فسخ الخطبة فقالت بسرعة أوعى تزعلى يا إيمان. والله عبد الرحمن عارف أنك ملكيش دعوة لا أنت ولا أخواتك. وان أمك بتتصرف كده من دماغها. وارجع واقول العيب مش عليها لوحدها العيب على خطيبته اللى كانت عاملة نفسها بتحبه وفي الآخر تطلع بتتجسس وبتنقل لامك الأخبار. بس عمل خير أنه رمى دبلتها. وابوه مسكتلوش على اللى عمله معاكى وعرفه غلطه وحسسه بالذنب.
تفاجأت إيمان بكلمات عفاف ووقعت عليها كالصاعقة إلى هذا الحد أمها بهذا السوء نعم الآن قد عرفت سر عبوس عبد الرحمن وقسوته لماذا أطاحت بها كلماته في الحديقة لماذا كان ينظر لها پغضب شديد وأخيرا عرفت السبب الحقيقى وراء اهتمام عبد الرحمن برجوعها المنزل مرة أخرى ولماذا ذهب إليها عند المدرسة ليعتذر لها ولماذا أرسل لها الرسالة وجاء هو
وأخيه وأعادهم إلى البيت الكبير ولماذا نظراته كلها أعتذار وأسف
فقط يشعر بالذنب!
جلست مع نفسها طويلا وشعرت بمدى الألم الذي يعتمل بداخل عبد الرحمن خطيبته التي يحبها وكان يتصور أنها تحبه تظهر على حقيقتها بهذا الشكل المؤسف تنقل أخباره هو وعائلته ولمن لصالح أمها هى! يا الله كيف تتحمل ذلك كيف تستطيع أن تنظر إليه كانت تجلس في الشرفة ورأته يروح ويغدو في الحديقة ذهابا وأيابا نعم هو ألم الفراق هي لا تستحق ولكن قلبه مازال متعلق بها لا يزال يتذكرها نظرت في الكتاب الذي تحمله فوجدت بعض الكلمات وكأنها كتبت له فتناولت هاتفها وكتبتها في رسالة وأرسلتها إليه لعلها تداويه كان يدور في الحديقة بلا هدف وفجأة سمع صوت هاتفه معلنا عن رسالة جديدة تناوله وفتحها وقرأ فيها.
سيفتح باب إذا سد باب نعم وتهون الأمور الصعاب
ويتسع الحال من بعد ما تضيق المذاهب فيها الرحاب
مع العسر يسران هون عليك فلا الهم يجدي ولا الاكتئاب.
14 الفصل الرابع عشر
أستيقظت إيمان صباح يوم الجمعة أكثر راحة عن أيامها السابقة وأسرعت لتوقظ إيهاب ليلحق بصلاة الجمعة كالعادة استيقظ وأغتسل وذهب للصلاة كانت إيمان قد دخلت غرفة مريم لتوقظها ولكنها لم تجدها بحثت عنها في جميع الغرف ولكن لا أثر لها إرتدت إسدال الصلاة وخرجت إلى الشرفة وظلت تبحث عنها بنظرها حتى رأتها تجلس على الأرجوحة الكبيرة في جانب من جوانب الحديقة بالقرب من أحواض الزهور.
كانت مريم يظهر عليها علامات الأسى الواضحة وهي تستعيد ما قصته عليها إيمان ليلة أمس عن مادار بينها وبين أعمامها في الشركة هي لا تكذب ما سمعته من إيمان لحظة واحدة فلقد عاشت مع أمها وخبرت ذلك جيدا منها وعاشت أيضا مع أعمامها وتعاملت معهم فترة كافية تجعلها تجيد الحكم عليهم
وبمقارنة بسيطة تخسر أمها دائما نعم فالإنسان يستطيع أن يغير فكرة الناس عنه بمعاملته وحسن عشرته أكثر من دفاعه عن نفسه بالكلام.
كانت مريم غارقة في بحر من الأفكار تتصارع في عقلها كالأمواج المتلاطمة لدرجة أنها لم تشعر باقتراب أحدهم منها من الخلف ووضع كفيه على عينيها في صمت أختلج قلبها بشدة تصورت أنه يوسف لا تعلم لماذا تمنت هذا مع علمها أن يوسف مستحيل أن يفعل ذلك معها وخصوصا أن العلاقة بينهما متوترة هذه الأيام تحطمت أمنيتها على صخرة الواقع عند سماعها صوت وليد وهو يقول بمزاح
أنا ميييين.
أستدارت فجأة وقالت پغضب لو سمحت متعملش الحركات دى تانى أنا مابحبهاش
وشرعت في النهوض ولكنها تعثرت في الأرجوحة وكادت أن تقع ولكن وليد ساعدها بيديه وأمسكها من ذراعها بقوة إعتدلت مريم لتوبخه ولكنها تفاجأت بيوسف يقف خلفه وينظر لها پغضب ويقول لوليد
إيه اللى بيحصل ده.
لاحظ وليد ڠضب يوسف مما يرى فقرر أن يستثيره أكثر فقال له غائظا ولا حاجة إنت عارف ابن عمك دايما بيجى في الوقت المناسب علشان يلحق العرض الأول
قالت مريم بانفعال عرض إيه...
ثم تابعت مدافعة عن نفسها أنا كنت هقع
قال وليد بإستفزاز آه طبعا ميضرش أبدا...
ثم نظر إليهما وقد حقق مراده وقال طب ألحق أنا بقى الصلاة عن إذنكم.
حاولت مريم شرح موقفها مرة أخرى وهي ترى علامات الڠضب مازالت ترتسم على وجه يوسف قالت
أنا كنت قاعدة على المرجيحة وبعدين.
قاطعها قائلا پغضب مايخصنيش أنا اللى عاوز أنبهك ليه. إنك هنا مش في الجامعة يعنى لازم تحافظى على شكلك قدام عيلتك ولو أتماديتى مع وليد إنت اللى هتبقى الخسرانة الوحيدة في اللعبة دي.
قالت بنبره تشبه البكاء إيه الكلام اللي بتقوله ده. هو أنا يعنى باعمل إيه في الجامعة علشان تقولى كده. وبعدين هو اللى مسك إيدى لما كنت هقع يعنى أنا ماتماديتش معاه فحاجة خالص
قال بسخرية صح أصل لو واحدة بتصد واحد هيجيله جرأة ويحط إيده على عينيها ويهزر معاها
هتفت بلوعة وأنا مالى هو اللى دايما بيطلعلى من تحت الأرض وبيتصرف كده
وبيغلس عليا من غير سبب
تابع بنفس اللهجة الساخرة من غير سبب متأكدة
قالت هاتفة طبعا متأكدة
رفع حاجبيه وقال بسخرية غريبة أومال يعنى مش بيغلس ليه على إيمان اختك
قالت بحنق شديد معرفش وانا مالى ماتسأله هو
هز رأسه بعصبية وقال إنت اللى مش عاوزه تعرفى
قاطعهما صوت عمها إبراهيم وهو يلقى التحية من بعيد ويشير ليوسف أن يلحق بالصلاة فتركها وانصرف سريعا .
كانت إيمان تتابع ما يحدث من شرفتها فنادت على مريم التي نظرت للأعلى فأشارت لها بالصعود. صعدت مريم إليها قائلة بتسائل
خير يا إيمان في حاجة.
إيمان أنا كنت واقفة وشفت اللى وليد عمله ولاحظت وشك وإنت بتكلمى يوسف. هو قالك حاجة زعلتك وبعدين يا مريم إنت خليتي وليد ياخد عليكي للدرجة دى ليه
شعرت مريم أن الجميع يتكلم عنها بنفس الطريقة ويتهمها في تصرفاتها فقالت بانفعال .
هو في إيه كلكوا بتتهمونى إنى أنا السبب وأنا اللى باسمحله يضايقنى ويغلس عليا. انت
تقوليلى مأخداه عليكى. ويوسف يقولى إنى بتمادى معاه. هو انتوا شايفنى إيه بالظبط.
مسحت
إيمان على شعرها وهدأتها وجلست بجوارها وقالت في حنان مريم يا حبيبتى انا قلتلك قبل كده الناس مش بتدخل جوانا وتشوف نيتنا إذا كانت طيبة ولا لاء الناس بتحكم بالتصرفات الظاهرية لينا. يعنى مثلا إنت وقفتى قدام فاترينة خمور في الشارع. أى حد معدى هيقول بتتفرج على الخمړة ليه أو نفسها تشترى منها لكن انت ممكن تكونى وافقة ترتاحى من مشوار طويل ووقفتى تاخدي نفسك شوية.
لمعت عيون مريم بدموعها وقالت يعنى إيه يا إيمان يعنى أنا هيبقى ذنبى إنى واقفة أرتاح.
إبتسمت إيمان وقالت لا يا مريم مش ذنبك أنك بترتاحى. لكن ذنبك إنك إختارتى المكان الغلط اللى ترتاحى قدامه يعنى ماشية مشوار طويل ومستحمله. كان ممكن تستحملى أكتر وتمشى خطوتين كمان لكن إنت إستقربتى ووقفتى في حتة ممكن تشبهك وإنت مش حاسة إن الناس هاتحكم عليكى من خلال المكان اللى وقفتى قدامه...
إتسعت إبتسامة إيمان وقالت بهدوء قوليلى يا مريم لما بتحبى تقرأي قصة. إيه أول حاجة بتلفت نظرك ليها
مريم العنوان وبعدين بشوف مضمونها
حصلت إيمان على ما تريد فقالت بالظبط كده...
العنوان الأول وبعدين المضمون علشان كده لازم تخلى عنوانك مظبوط أوى
نظرت لها مريم بعدم فهم يعنى إيه عنوانى
قالت ايمان موضحة وجهة نظرها عنوانك يعنى لبسك ومظهرك الخارجي. يعنى صحابك اللى ماشية معاهم ومصحباهم. يعنى وقفتك ومشيتك وطريقة كلامك وهزارك. يعنى الأماكن اللى وافقة فيها أو جواها أو خارجة منها
قالت مريم بتأفف فاهمة تقصدى سلمى مش كده.
.... منتظركم فى جروبى عشق الكلمات اول منشور فى صفحتى الشخصية
قالت إيمان بصبر مش سلمى وبس لا. وكل سلمى ممكن تشبهك وتخلى الناس يفتكروكى زيها. يابنتى الرسول عليه الصلاة والسلام قال المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل
يعنى مافيش حاجة إسمها أصاحب واحدة تصرفاتها مش كويسة وانا واثقة من نفسى إنى مش هاعمل زيها فهمتى والدليل على كده إنك قبل ما تصاحبيها كان لبسك جميل ومحتشم ولا نسيتي...
قالت مريم بعناد طيب يا إيمان سيبينى مع نفسى شوية لو سمحت أنا مخڼوقة دلوقتى
نهضت إيمان واقفة وقالت ماشى هاسيبك بس عاوزاكى تعرفى إن أنا بحبك أوي وإنك أغلى واحدة عندي. لكن ماتنسيش إنك مالكيش حجة أنا روحتلك كليتك كتير قبل كده وشفت بنات محترمة كتير يعنى ماتجيش تقوليلى مش هلاقى أصحاب والكلام بتاع كل مرة ده.
وإلتفتت إليها وأردفت ماتنسيش تنزلى بعد الصلاة علشان الغدا.
زفرت مريم بقوة وقالت مش طايقة أشوف حد مش نازلة
ضحكت إيمان وهي تفتح الباب قائلة يبقى إنت لسه معرفتيش عمك لحد دلوقتى
وحشتينى يا إيمى
أبتسمت إيمان بسعادة وقالت وإنت كمان والله. أخبار المذاكرة إيه
وفاء إسكتى ياختى مش أنا اتخانقت مع المعيد بتاعنا
منتظركم فى جروبى عشق الكلمات اول منشور فى صفحتى الشخصية
قالت إيمان بتسائل ليه يا وفاء.
وفاء عرضت عليه فكرة الرسالة بتاعته إنها تبقى مقارنة بين القانون الوضعي والشريعة
إيمان وبعدين
وفاء ولا قابلين ده طلع معيد فيونكة ولا فاهم أي حاجة في الشريعة
ضحكت إيمان وقالت وانت بقى شرحتيله بطريقتك قام كرهها من غير ما يعرفها
نظرت لها وفاء بتعجب وقالت عرفتى منين
تابعت والدتها إعداد الطعام وقالت يابت خاليكى في مذاكرتك وسيبك من الجنان ده متخليهوش يستقصدك.
قالت وفاء بتحدى وهي ترفع السکين أنا وراه والزمن طويل
وفى إحدى المشاهد المتكررة كثيرا ولكنها محببة للنفس إلتف الجميع حول مائدة واحدة كبيرة تناولت إيمان طعامها سريعا وقالت وهي تقوم
بعد إذنك يا عمى انا نازلة
الحاج حسين رايحة فين يا بنتى
النهاردة الجمعة
إيهاب أكيد عندك مقرأة...
ثم تابع قائلا الله.
هو انت مش خدتى الإجازة بتاعتك
أومأت برأسها قائلة فعلا بس هاستلم شهادة الإجازة النهاردة.
نظرت لها فرحة بتساؤل وقالت يعنى إيه شهادة الإجازة دى يا إيمان
أبتسمت إيمان بخجل وقالت يعنى شهادة معتمدة إنى ختمت القرآن وأقدر أدرسه في أى مكان
قال الحاج حسين بإعجاب ماشاء الله ربنا يبارك فيكى يابنتى
قالت فرحة في شغف إحنا لازم نعملك حفلة يا إيمان لازم نحتفل بيكى
قال يوسف وهو يخطف نظرة سريعة إلى مريم آه طبعا لازم نحتفل بيها ياريت كل البنات كده.
منتظركم فى جروبى عشق الكلمات اول منشور فى صفحتى الشخصية
أشاحت مريم بوجهها فهى تعلم أن الكلام موجه لها وقالت بخفوت مبروك يا إيمان
قالت ايمان بحياء لا حفلة إيه وبتاع إيه كفاية الكلمتين الحلوين دول. ده أحسن تشجيع
نظرت وفاء إلى فرحة وقالت لها وأنا معاكى يا فرحة
وتابعت وهي تنظر إلى إيمان إنت تروحى مشوارك ترجعى تلاقى الحفلة جاهزة ومستنياكى وهتلاقى الهدايا نازلة عليكى زى المطر
أبتسم عبد الرحمن قائلا ومش أى مطر.
وفت وفاء بوعدها وقامت مع فرحة بتنظيم الحفلة السريعة ذهبت إليهما مريم وإيهاب الذي قال ممازحا
أنا قولت أساعدكم يعنى بصفتى بفهم في الديكور.
ثم تابع على فكرة اللى اختار الركن ده فنان بجد
قالت فرحة في
خجل أنا اللى اخترته. حلو
نظر في عينيها قائلا إلا حلو. ده تحفة. حلو خالص
ضړبته مريم على كتفه قائلة
إيه ياعم انت أومال فين دروس غض البصر اللى كنت بتقولنا عليها.
فغض بصره وهو يستغفر وقال طب انا هستناكوا هناك لو احتاجتوا تنقلوا ولا تشيلوا حاجة عرفونى
قالت مريم ماشى يا عم هركليز
ضحكت الفتيات وبدأت كل واحدة تقوم بالعمل المخصص لها نظرت مريم إلى فرحة وهي تختلس النظر إلى إيهاب الذي يجلس بعيدا وقد لحق به يوسف ووليد
فاقتربت منها قائلة بجرأة بصراحة الواد يتحب
إحمر وجه فرحة لكلمة مريم وقالت بصوت لا يكاد يسمع قصدك إيه يا مريم.
رفعت مريم كتفيها مشاكسة قصدى إيه! لا ولا حاجة إشتغلى ياختى إشتغلى ربنا يوفقك
عادت إيمان بعد صلاة المغرب فوجدت الحديقة قد أعدت على أكمل وجه بعض الزينة البسيطة والورود المنثورة حول طاولتين كبيرتين عليهما بعض أنواع الحلوى المختلفة وبعض المشروبات الملونة تحت المظلة الخارجية الكبيرة التي وضع عليها الأنوار الملونة فكان المنظر رغم بساطته إلا أنه بديع ويحمل معانى الدفىء التي افتقدتها منذ زمن.
إجتمعت العائلة الكبيرة في الحديقة حيث قال الحاج حسين لو كانت الحفلة دى بكرة كنت جبتلك الهدية اللى تستحقيها لكن ملحوقة إن شاء الله
وهنا قال عبد الرحمن بهدوء أنا بقى عندى لإيمان هدية هاتخليها ټعيط
قال ايهاب بمزاح طب احتفظ بيها لنفسك
ضحك عبد الرحمن قائلا إستنى بس يا أخى
ثم توجه بالكلام لإيمان قائلا قوليلى بقى عندك جواز سفر
أجابت إيمان بحيرة لا ليه.
قال عبد الرحمن طب إلحقى بقى طلعيه بسرعة علشان تلحقى الفوج السياحى
قالت بحيرة أكبر فوج إيه!
قال بود ياستى الفوج اللى طالع بعد عشرين يوم إيه مش عاوزه تعملى عمره ولا إيه
نظرت له بامتنان بالغ وقد برقت عينيها بدموع الفرح وكادت أن تبكى ولكنها قاومت دموعها بصعوبة وهي تقول
جزاك الله خيرا يا عبد الرحمن بس مفيش داعى تكلف نفسك.
تدخل الحاج حسين قائلا تصدق والله فكرة يابنى أنا كمان بقالى فترة نفسى أطلع عمرة
ثم إلتفت إلى زوجته قائلا ها يا عفاف تيجى معانا
قالت بسرعة ولهفة إلا آجى طبعا هآجى
خلاص جهزى جواز السفر من بكرة يا إيمان
ثم أشار إلى إيهاب وقال وانت بقى تاخد أجازة وتلف معاها على حكاية جواز السفر دى. عاوزينه يطلع بسرعة علشان نلحق نسافر.
لم تستطيع إيمان أن تتمالك نفسها أكثر من هذا فانسابت دموعها على وجنتيها وهي تتمتم
الحمد لله كان نفسى فيها من زمان...
فقبلتها أختها واحتضنتها وقالت ده عنده حق بقى لما قال هدية هتخاليها ټعيط.
أقبل الجميع يهنىء إيمان في بهجة ومن وسطهم انسحبت مريم بهدوء إلى مكان بعيد نسبيا ووقفت تتأمل الأبواب الحديدية التي تحيط بالحديقة في صمت وحزن وهي تشعر أن هذه الأبواب القاسېة بداخلها تحيط بقلبها وتعتصره في قسۏة تريد أن تتحرر تريد أن تتقرب إلى الله مثل أختها لعلها تنال إحترام الجميع مثلها ولكن هناك شىء يصدها دائما لا تعلمه.
شعرت أن أحدا يقترب من المكان التي تقف فيه فاستدارت مجفلة فوجدت يوسف يقف خلفها قائلا ببرود
بابا بيسأل عليكى وقفة هنا لوحدك ليه
أشاحت بوجهها عنه وقالت حاضر جاية حالا...
مرت بجواره لتعود أدراجها ولكنه استوقفها بإشارة من يده وقال بهدوء هسألك سؤال وعاوز إجابة ب آه أو لاء ممكن
قالت بضجر إتفضل
يوسف في حاجة بينك وبين وليد
نظرت له باستنكار وقالت لاء طبعا وعلشان تتأكد وليد بيقابل سلمى صاحبتى.
وضع يديه في جيبه وركل حصى صغيرة أمامه بخفة وقال ساخرا ده دليل ميشرفكيش على فكرة بالعكس
نظرت له پغضب وغيظ شديد ثم تركته ومضت
في طريقها حيث الإجتماع العائلى المبهج تحت مظلة الحديقة.
مضت الأيام سريعا وإيمان تستعد للسفر لأداء العمرة بصحبة الحاج حسين وزوجته عفاف.
وكانت المفاجأة أن عبد الرحمن أيضا سيذهب معهم لأداء العمرة فلقد كان يحتاج إلى مثل هذا الجو الروحانى ليخفف عنه ما يشعر به وليتقرب أكثر إلى الله بطاعة مثل هذه تخرجه من حالة الحزن الداخلى الذي يشعر به باستمرار ويخفيه بمزاحه ومداعباته دائما مع الجميع.
وبعد السفر بعدة أيام جاءت سلمى لزيارة مريم مرة أخرى ولكنها كانت على حريتها في المنزل أكثر من المرة السابقة فكانت تتحرك بحرية ولكن مريم لم تكن على طبيعتها معها فلقد بدأت تشعر بأن سلمى تسبب لها الكثير من الأڈى دون أن تعلم وخصوصا نظرات الڠضب التي تراها في عيون يوسف كلما رآها بصحبتها كانت بداخلها تعلم أنه على حق ولكنها كانت تكابر دائما بعناد شديد.
وعندما حان وقت انصراف سلمى وقفت عند باب الشقة وصافحت مريم لتذهب فعرضت عليها مريم أن تهبط معها ولكنها أبت ذلك فتركتها مريم وشأنها فهى أصلا لم تكن مرحبة بوجودها معها هذه المرة.
إستقلت سلمى المصعد وبعد أن استقر وخرجت منه وجدت من يجذبها لداخل الشقة الموجودة بالدور الأرضى بجوار المصعد والتي يستخدمونها في تخزين الأشياء المهملة إلتفتت لتجده وليد حاولت
أن تتملص منه بصوت هامس حتى لا يسمعها أحد وهي تنظر حولها وتقول
بس يا وليد مينفعش كده سيبنى
ولكنه جذبها إلى الداخل
وأغلق الباب بهدوء وبعد ساعة كانت تعدل من مظهرها وتعيد شعرها إلى هيئته وتقول بدلال وهي تنظر إلى وليد .
على فكرة بقى انت متوحش. دى طريقة برضة. إنت مبتسمعش عن التفاهم أبدا
قال وليد بخبث لا مبسمعش. وبعدين ما احنا متفاهمين أهو. ولا إيه
إنتهت من تعديل مظهرها وقالت له يالا بقى عاوزه أمشى
كادت أن تفتح باب الشقة ولكنه أوقفها قائلا إستنى هنا لما أشوف حد بره ولا لاء.
فتح الباب ببطء ونظر حوله بحذر فلم يجد أحد فأشار لها بالخروج وبمجرد خروجها كان يوسف عائد من الحديقة وفي طريقه إلى المصعد فتفاجأ بها تخرج مع وليد من الشقة وهي تهندم شعرها وهو يلمسها بطريقة معينة بمزاح
خاص بمجرد أن رأته احتقن وجهها وشحب وقالت في خوف
يوسف.
لم يستطع يوسف أن يتحمل كل هذه القذارة التي رآها فلم يتمالك نفسه فصفعها على وجهها وطردها من المنزل فأسرعت تركض للخارج تشاجر مع وليد وهدده أنه سيبلغ والده وعمه عن أفعاله هذه وأنه ينجس المنزل بتلك الأساليب الحقېرة رأي وليد في عيون يوسف أنه سيوفى بتهديده فأراد أن يقطع عليه الطريق فتوجه له قائلا بتحذير .
إنت لو قلت حاجة يبقى مش هتفضحنى أنا وبس لا ده انت كمان هتفضح بنت عمك أمسكه يوسف من ملابسه پغضب قائلا
تقصد إيه
نظر له وليد نظرة الواثق قائلا أقصد إن سلمى مش أول واحدة تدخل الشقة دى يا يوسف وخلينى ساكت أحسن.
ثم تابع بانفعال زائف يعنى انت تسكت أنا هدارى على صمعتها وأسكت لكن لو عملتلى فيها بطل ونضيف يبقى عليا وعلى أعدائى وھفضحها قدام العيلة كلها وانت عارف بقى أنا في الأول والآخر راجل ومفيش عليا لوم بالكتير هاخدلى كلمتين وخلاص...
ثم دفع يدى يوسف بحدة وتركه وصعد في سرعة إلى شقته وقف يوسف غاضبا حائرا لا يدري ماذا يفعل هل وليد صادق أم كاذب ألم تخبره مريم أنه ليس بينهما أي علاقة!
ماذا يفعل! كاد أن يصعد إليها ويجذبها من شعرها ويسألها عن الحقيقة ولكن خاف من الڤضيحة ومن إيهاب.
قضى ليلته في الحديقة لم يذق طعم النوم وكلمات وليد تتردد في عقله يريد أن يبرئ مريم بأي شكل ولكن المشاهد المخزية التي رآها فيها تتصرف بأسلوب لا يليق بفتاة محترمة تتوالى أمام عينيه تمنعه من ذلك تغلي دماؤه في عروقه. غيرة على ابنة عمه وفي نفس الوقت لا يستطيع أن يلتمس لها عذرا كل الشواهد ضدها من وجهة نظره! لقد نجح وليد في زرع بذور الشك في أعماق قلبه قطع أحبال أفكاره آذان الفجر يطرق مسامعه فانتبه من جلسته ثم قام لأداء الصلاة لعله يرتاح مما يجيش به صدره وبعد أن أدى الصلاة. خرج منها بقرار حاسم. قرر أن ينتظر والده حتى يعود من أداء العمرة ثم يخبره بما رآه وسمعه من وليد نعم لا يوجد حل آخر.
الفصل الخامس عشر
توجهت مريم في الصباح الباكر وقبل ميعاد ذهابها إلى الجامعة إلى الحديقة لفتح رشاشات المياة الأتوماتيكية التي ترش المسطحات الخضراء في الحديقة وقفت تنظر إليها وتتأمل المياه المتصاعدة فاقتربت منها حتى تصلها بعض رزازها المنعش شعرت بنشوة طفولية فاقتربت أكثر من الرزاز ثناثرت قطرات المياة على وجهها وابتلت ملابسها وكأنها تقف تحت قطرات مطر خفيف مما جعل وليد يغير طريقه وهو ذاهب إلى الجراج الخاص بهم ويقترب منها وهو
ينظر إلى جسدها الواضحة معالمه من بعد أن التصقت به ملابسها على أثر المياة في تفحص وبنظرة ذات مغزى قال لها .
صباح الخير. أيه الروقان ده كله
ألتفتت إليه قائلة صباح الخير يا وليد
تصنع وليد الجدية قائلا مريم. انا كنت عاوز اقولك حاجة ونفسى متكسفنيش
مريم خير يا وليد
قال باهتمام مصطنع انا كنت عاوز أتأسفلك على أى حاجة ضايقتك في تصرفاتى حقيقى انا بعاملك زى وفاء بالظبط علشان كده يمكن بتعامل بعشم شوية. وده اللى بيضايقك مني لكن اوعدك معاملتى هتتغير.
أومأت مريم برأسها وهي تقول خلاص يا وليد وانت برضة أبن عمى وزى اخويا
قال وليد بابتسامة خفيفة يعنى خلاص مش زعلانه مني
ابتسمت مريم قائلة خلاص مش زعلانه
حاول أن يتكلم ببراءة وهو يقول لا يا ستى الأبتسامة دى متنفعش. انت كده لسه زعلانه
أبتسمت مريم بشكل أوضح وهي تقول خلاص والله مفيش حاجة
وليد لا برضه متنفعش. انت بتخمينى.
ضحكت مريم لطريقته الطفولية ضحكة عالية واستجابت لكف وليد المدود لها فضړبت كفها بكفه بخفة فقال
خلاص أنا كده أتأكدت أنك مش زعلانه. يالا بقى سلام احسن هتأخر على الشغل.
ابتسمت وهي تشير له بالتحية وهو يبادلها الأشارة ثم أطبق كفه وهو يضعه على أذنه أشارة إلى أنه سينتظر منها مكالمة كانت تفعل ذلك لظنها أن وليد يعتذر فعلا
عن أفعاله معها ويريد أن يفتح معها صفحة جديدة ولكنها لم تكن تعلم أن وليد يعرف أن يوسف في طريقه للحديقة هو الآخر وكان
يريد أن يجعله يرى هذا الموقف وكيف هما منسجمان في المزاح والمداعبة كما لم تلاحظ مريم أن كثرة رزاز المياة جعل ملابسها تلتصق بجسدها لتبرز معالمه ونسيت مريم كلمات إيمان عندما قالت لها انت بتختارى المكان الغلط واللى بيجبلك شبهه وبتقفى فيه.
شاهد يوسف ما حدث كما أراد وليد تماما رآها تبتسم وتضحك وتداعبه بضړب كفها بكفه وتشير إليه بالسلام وهو يرحل ويقول لها بالأشارة بأنه سينتظر منها مكالمة وكل هذا وهي لا تخجل من شكلها وهي تقف أمامه هكذا بمعالم جسدها الواضحة صرف وجهه عنها في ڠضب وانصرف إلى عمله.
كان يوسف يجلس في مكتب أبيه يقوم بأعماله إلى حين عودته حين دخل عليه وليد يرسم على وجهه علامات الإعتذار نظر له يوسف پغضب ثم تابع عمله وكأنه لم يره جلس وليد أمامه قائلا
جرى أيه يا صاحبى هتفضل مخاصمنى كده ومتكلمنيش أول مره يحصل بينا كده
قال يوسف دون أن ينظر إليه علشان أول مرة أعرف أنك كده يا وليد انا مش عارف انت ابن عمى ازاى.
تصنع وليد الخجل قائلا معاك حق يا يوسف انا فعلا غلطت جامد وجاى اعتذرلك
قال يوسف بجمود لا وفر اعتذارك لما عمك وابوك يعرفوا. ساعتها هتعتذر كتير أوى
قال وليد وهو يضغط أحد أزرار هاتفه النقال في راحته في الخفاء خلاص براحتك يا يوسف لو ده هيريحك من ناحيتى...
رن هاتف وليد فقام للرد على الفور وهو يخرج من مكتب يوسف ببطء شديد قائلا أيوا يا حبيبتى أنا جاى أهو. كله تمام نص ساعة هكون عندك. لا لا مينفعش لو مش دلوقتى يبقى مش هينفع النهاردة خالص.
خرج وليد من مكتب يوسف وقد حقق مراده بهذه المكالمة المزيفة بالفعل شك يوسف في الأمر فالمسافة بين الشركة والبيت نصف ساعة تماما كان من الممكن أن يفكر يوسف بشكل مختلف أو كان من الممكن أن لا يفكر بالأمر أبدا فوليد علاقاته متعددة ولكن وليد غير معتاد على ترك الشركة في هذا الوقت المزدحم بالعمل لأى ميعاد مهما كان وقد ربط ذلك بآخر جملة قالها وهو يخرج من المكتب وبين أشارته لها في الصباح بأنه ينتظر منها مكالمة.
تناول الهاتف واتصل على الخادمة التي أتت بها والدته للطبخ لحين عودتها من العمرة وسألها كأنه يسأل عن أهل البيت بشكل طبيعى
فرحة رجعت من كليتها
ايوا يا فندم. اتغدت ونامت من ساعة
يوسف الآنسه مريم اتغدت معاها
ايوا اتغدت وطلعت شقتها يا فندم.
كان يريد أن يتأكد أن مريم في المنزل وهل هي وحدها في شقتها أم مع فرحة ظل يطرق بالقلم على سطح المكتب في توتر وهو يتخيل وليد وهو يدلف إلى شقة مريم بحرص دون أن ينتبه إليه أحد ويتخيلها وهي تغلق الباب وتتلفت حولها لتتأكد انه لا أحد يراهم.
زادت طرقاته بعصبية
حتى كسر القلم في يده ونهض وهو يدفع مقعده بعيدا كاد أن ينطلق خارج المكتب ولكنه تفاجأ بدخول السكرتيرة تخبره بأن هناك عميل ينتظره والمسأله عاجلة أضطر يوسف أن يستقبل العميل لم يستطع يوسف أن يركز ذهنه مع الرجل فلقد كان مشتتا في خيالاته أنهى حديثه مع الرجل بوعد بلقاء آخر خرج العميل وخرج يوسف خلفه مباشرة من المكتب كالسهم ومنه إلى الأسفل استقل سيارته وانطلق مسرعا عائدا إلى المنزل.
كان وليد يعلم ماذا يفعل جيدا فلقد كان يوسف صديقه
قبل أن تدخل مريم حياتهم ويعلم كيف يثيره وكيف يستفزه وكيف يحركه في الطريق الذي يريد وبالفعل خطط لكل شىء لكى يؤكد ليوسف أن هناك علاقة حقيقية بينه وبين مريم كان يعلم أن هناك شىء ينبت في قلب يوسف تجاه مريم فأراد وئده في المهد فلقد تشرب الكره الشديد لأولاد عمه علي من أمه فاطمة كما أنه يعلم أن يوسف لن يفضح ابنت عمه وبالتالى لن يفضح علاقته بسلمى.
أقترب يوسف من جراج البيت الكبير وتأكدت ظنونه عندما رأى سيارة وليد ترك يوسف سيارته بعيدا حتى لا يراها وليد عند عودته ودخل إلى الباب الخلفى للحديقة ومنه إلى الدرج المؤدى إلى الطابق الثالث حيث شقة مريم ولكنه تفاجأ بهبوط المصعد منه إلى الطابق الأرضى عاد يوسف أدراجه بهدوء على الدرج ووقف على آخر سلمتين في الطابق الأرضى بجوار المصعد خرج وليد من المصعد وهو يطلق صفيرا من بين شفتيه بطريقة منغمة تدل على الأنسجام الشديد خرج وليد الذي كان يعلم أن يوسف يتابعه فهو قد أعد كل شىء بدقة فبمجرد أن رأى سيارة يوسف تقترب أسرع إلى المصعد واستقله إلى الطابق الثالث وانتظر قليلا ثم استقله مرة أخرى عائدا إلى الدور الأرضى.
خرج وليد من المصعد واتجه إلى الجراج مرة أخرى واستقل سيارته وهو مبتسما
ابتسامة عريضة وعاد إلى الشركة مرة أخرى.
الشك أصبح يقين في قلب يوسف تأكد من وجود علاقة آثمة بينهما تأكد أنها ليست فقط فتاة تتصرف بطريقة
غير لائقة لا أنها تعدت كل الحدود أشتعلت ڼار الغيرة في قلبه أكثر وأكثر الآن تأكد بأنه يغار عليها ولكن هي لاتستحق سوى السحق بالأقدام.
تعلن الخطوط الجوية السعودية عن أقلاع رحلتها رقم المتوجهة إلى جمهورية مصر العربية نرجو من جميع الركاب ربط الأحزمة والأمتناع عن الټدخين. شكرا
نظرت إيمان إلى عفاف التي تجلس بجوارها بابتسامة وهي تقول لها الحمد لله عرفت أربطه لوحدى
ضحكت عفاف وهي تقول كده أحسن برضه. بدل ما نحتاس زى المرة اللى فاتت
أبتسمت إيمان قائلة ها حفظتى دعاء الركوب
عفاف ايوا حفظته أسكتى بقى لما اقوله متلخبطنيش.
نظر الحاج حسين إلى عبد الرحمن الذي يجلس على المقعد بجواره قائلا بابتسامة عمره مقبوله يابنى ان شاء الله
قبل عبد الرحمن يده وقال ربنا يتقبل يا حاج وميحرمناش منك ابدا
صمت الحاج حسين قليلا ثم الټفت إلى عبد الرحمن وقال بصوت خفيض وبنبره جدية بقولك أيه يا عبد الرحمن أنت مش ناوى بقى تفرحنا بيك ولا ايه
أبتسم عبد الرحمن بحزن قائلا إن شاء الله يا بابا. أدعيلى أنت بس ربنا يرزقنى ببنت الحلال.
أقترب منه وهمس وهو يشير إلى المقعد الخلفى طب ماهى بنت الحلال موجودة أهى
الټفت عبد الرحمن للخلف ثم نظر إلى أبيه باستنكار وقال حضرتك بتتكلم جد
نظر له والده يتفرس في وجهه يحاول أن يقرأ انفعالاته وقال طبعا بتكلم جد وجد الجد كمان. لو فيها عيب طلعهولى
أرتبك عبد الرحمن وقال مش مسألة فيها عيب يا بابا. بس بس انا بحس انها عندى زى فرحة كده. مش أكتر.
ده بس علشان مفيش بينكم معاملة. لكن لما تبقى خطيبتك المسافة بينكم هتقرب اكتر
قال عبد الرحمن باعتراض خطيبتى ايه بس. انا يا بابا مبفكرش في الموضوع ده خالص دلوقتى
شرد حسين وقال بخفوت أول مرة تعارضنى يا عبد الرحمن
قال عبد الرحمن مسرعا أعوذ بالله أنا مقدرش اعارضك يا بابا بس ده جواز وحياة يعنى مينفعش أتجوز واحدة بحبها زى أختى.
قال والده بحزن أول مرة تاخد قرار من غير تفكير يا عبد الرحمن. انت شكلك كده لسه قلبك مشغول باللى خانتك
أعتصر كلام أبيه قلبه فقال پألم لا يا بابا حضرتك فهمتنى غلط أنا مبفكرش فيها خالص بالعكس
قال حسين متسائلا أومال ليه رفضت من غير تفكير بنت زى دى. مؤدبة ومحترمة ومتدينة وبنت عمك يعنى دمك ولحمك
شعر عبد الرحمن أن أباه يكاد يكون يحاصره ويضغط عليه فقال محاولا التخلص من هذا المأزق .
خلاص يا بابا أوعدك هفكر في الموضوع ده وأرد على حضرتك قريب
مال حسين بجسده قليلا تجاهه قائلا بخفوت أسمع يا عبد الرحمن انا عمرى ما ضغطت عليك فحاجة. لكن اعرف يابنى ان الموضوع ده مهم عندى فوق ما تتصور. قدامك يومين وترد عليا علشان افاتح البنت في الموضوع
كاد أن ينفعل من وقع كلمات أبيه ولكنه تذكر أنها وأمه يجلسان خلفهما فحاول ضبط أعصابه وأخفض صوته قائلا .
بس حضرتك يا بابا نسيت أنا سبت هند ليه. لو اللى حضرتك عاوزه ده حصل يبقى كده هنفذ لامها اللى هي عايزاه
أبتسم حسين قائلا ومين قالك انى مش هنفذلها اللى هي عايزاه
قال عبد الرحمن بتعجب أول مرة مفهمش حضرتك بتفكر ازاى.
أبتسم والده في هدوء وثقة قائلا شوف يابنى. أنا وأحلام واقفين على أول طريق. والطريق ده آخره اتجاهين. أنا عاوز آخر الطريق أحود يمين
وهي عاوزه تحود شمال. يعنى انا وهي لازم نمشى في الطريق نفسه مع بعض لكن العبرة في آخر الطريق يابنى فهمتنى
عبد الرحمن طب هي عارفة هي عاوزه أيه. عاوزه فلوسنا وخلاص. لكن حضرتك بقى عاوزنى اتجوزها ليه
شعر عبد الرحمن بالحرج من والده بشدة وهو يقول طب ليه حضرتك معرضتش الموضوع ده على يوسف اشمعنى انا
أبتسم مرة أخرى قائلا علشان مينفعش أعرض عليه واحدة هو بيحب اختها
تفاجأ عبد الرحمن بكلمات أبيه وقال باندهاش يوسف بيحب لالا مش معقول هما الاتنين غير بعض خالص يا بابا
قال والده بثقة معاك حق. انا كمان مستغرب بس انت عارف أبوك مبيقولش حاجة غير لما يكون متاكد منها.
ثم أردف قائلا بجدية قدامك يومين تفكر وترد عليا. اتفقنا
زفر عبد الرحمن بحنق وهو يشيح بوجهه بعيدا قائلا بضيق حاضر
16الفصل السادس عشر
عل إيهاب الحديقة في أبهى صورة لاستقبال أخته وعمه وزوجة عمه بمساعدة فرحة ومريم ووفاء بشكل بسيط بعيدا عن التكلف بما يليق بالمناسبة فجعل من فروع الشجر الرفيعة على بوابة الحديقة بشكل متقابل بحيث تصبح كالسهم يتدلى منه بعض أضواء الزينة البسيطة وكذلك غطى علية المظلة الداخلية بأوراق الشجر والورود البيضاء.
عاونته فرحة برسم بعض الزخارف الاسلامية على أطباق الحلوى المصنوعة من الخوص واستخدام بعض الزهور الجافة كانا يشعران بمتعة حقيقية أثناء عملهما
في الحديقة لم تخلو هذه المتعة من بعض المنغصات التي تسببت بها وفاء ومريم بسبب تخبطهم في الألوان وأختلافهم فيها وأثناء عراكهم كفتيات صغيرات لمحت
وفاء يوسف ووالدها يخرجان
من المنزل ويتوجهان للخارج فاستوقفتهما بندآتها المتكررة وهي تتجه إليهما بخطوات واسعة وقفت أمامهما تسألهما أن يأخذوها معهما لاستقبالهم في المطار ولكن والدها رفض قائلا .
خليكى يا وفاء. العربية يدوب ده حتى أنا مش هروح معاه. كانت مريم قد لحقت بها فقالت هي الأخرى
عاوزه أروح معاكم
وهنا هتف يوسف بحدة تيجى معانا فين. أنت عاوزه تتنططى في أى حتة وخلاص
أضاءت عيناها بدموعها وقفزت على الفور إلى وجنتيها تعلن ڠضبها من نفوره الدائم منها بلا سبب تفهمه رمقه عمه بنظرة صارمة قائلا
بتكلمها كده ليه يا يوسف هي قالت حاجة غريبة يعنى مش كده يا يابنى.
يوسف انا آسف يا عمى عن اذنك علشان كده يدوب ألحق معاد الطيارة
أستدارت مريم وتراجعت خطوات بطيئة وهي تضع يديها على فمها وتبكى بمرارة لحقت بها وفاء وأخذتها بعيدا حتى لا يراها إيهاب على حالتها هذه وحاولت أن تخفف عنها
متزعليش يا مريم. هو يوسف كده بيطلع فجأة زى القطر.
بكت مريم بحرارة وهي تقول انا مش عارفة بيعاملنى كده ليه. من ساعة ما شافنى وهو واخد مني موقف حتى لما تحصل حاجة بالغلط يفتكرها حاجة وحشة أو انا قصداها
قالت وفاء مستفهمة حاجة وحشة ازاى يعنى
تابعت مريم قائلة أى حاجة تتخيلها. أقع يقوم وليد يمسك أيدى فيفتكرنى موافقة انه يمسكنى كده. يشوف واحدة صاحبتى بتعمل حاجة غلط يقوم يفتكرنى موافقة على تصرفاتها. وكل مرة أحاول اثبتله أنى مبعملش حاجة غلط ميدنيش فرصة ويسيبنى ويمشى. وبعد كل ده يهزأنى قدامك انت وعمى ويشخط فيا انت متعرفيش الپهدلة اللى كنت بشوفها وانا بشتغل معاه
صممت وفاء في تفكير ثم قالت وانت بتفسرى التصرفات دى بأيه
أشاحت بيدها قائلة بحنق مش طايقنى طبعا. ومش عارفة ليه. انا عملتله أيه علشان يعاملنى كده
قالت وفاء وهي تمط شفتيها ياعينى يا يوسف. هو انت وقعت ولا الهوا اللى رماك
رفعت مريم رأسها بعينين دامعتين قائلة تقصدى ايه
ضحكت وفاء بصخب وقالت وأنت كمان يا مسكينة. الله يرحمكم ويحسن إليكم
حاولت مريم جاهدة مقاطعت ضحكات وفاء وهي تهتف بها بطلى ضحك وفاهمينى قصدك ايه.
قامت وفاء من مكانها وجلست قريبا من مريم وقالت بخفوت قصدى أنه بيحبك يا عبيطة وبيغير عليكى
تحجرت عيني مريم وهي تنظر إلى وفاء بعدم تصديق فأومأت لها وفاء برأسها مؤكدة وهي تقول
وانت كمان بتحبيه
نهضت مريم وكأنها لدغت وهي تصيح في وفاء أنت شكلك اټهبلتى يا بت أنت والقضايا اللى بتذاكريها لحست مخك.
ثم انصرفت وهي تتابعها ضحكات وفاء المتواصلة في شغف وقلبها يرتجف مع ارتجافة ابتسامة شاحبة غير مصدقة على شفتيها.
وبعد ثلاث ساعات كان الجميع يتجهز ويتم وضع اللمسات الأخيرة على ديكور الحديقة الجديد حتى سمعوا صوت أبواق سيارة يوسف تنطلق متتالية وكأنه في زفاف ذهب الجميع إلى بوابة الحديقة في سعادة وقد كانت سعادة مريم لا توصف حينما رأت اختها إيمان تهبط من السيارة وقد زاد نور وجهها أكثر وأكثر وزاد جمالها دون وضع أى من أدوات الزينة عليه نعم إنه نور الطاعة يزداد بها أسرعت إليها بخطوات قريبة إلى العدو ولم تنتظر إيمان حتى يستطيع يوسف أن يدخل بالسيارة بشكل كامل خرجت مسرعة إلى اختها التي تعدو إليها وسكنت مريم في حضڼ أختها وكأنها أمها عادت إليها بعد غياب مسحت إيمان
على رأس مريم وهي تنظر إلى إيهاب بشوق كبير أقبل عليها إيهاب وحاول انتزاعها من مريم ولكنه لم يستطع كانت متشبثة بها بقوة فاضطر لاحتضانهما معا وقبل رأس أخته بحنان وشوق بالغ وهو يقول بابتسامة عذبة .
وحشتينا يا حجة. خلاص بقيتى حجة رسمى ها
ضحكت ايمان ضحكة أشرق بها وجهها فزاده بهاء وقالت لا برده لسه مش رسمى أوى. دى عمره مش حج
طبعا انت صاحب الأفكار البديعة دى
أشار إيهاب إلى فرحة قائلا وهو يغمز لها مش لوحدى.
لم تفارق مريم إيمان ظلت ممسكة بيدها وهما جالسين في الحديقة كأنها تقول لها أحتاجك بشدة وأفتقدك نهضت أم وليد تصيح في الخادمة
يالا يا بت هاتى الأكل بسرعة
قالت عفاف بطيبة طب ما نطلع فوق احسن. بدل ما البنت تقعد طالعه نازله تجيب في الأكل
قالت وفاء على الفور لا يا طنط احنا عاملين حفلة باربكيو كلوا مشويات
ثم أشارت إلى مريم وهي تقول يالا يا مريم نساعد البنت الغلبانة دى.
منعتها أمها وقالت تساعديها ليه. هي بتاخد شوية. دى بتاخد على قلبها قد كده
تحدثت إيمان قائلة بهدوء وفيها أيه يا طنط. الرسول عليه الصلاة والسلام لما كان بيجيله ضيف كان بيخدمه بنفسه
رمقتها فاطمة بنظرة جانبية وهي تقول عليه الصلاة والسلام ياختى
عانقها أخاها مرة اخرى وهو يقول وحشنا كلامك والله يا إيمان.
بعد الانتهاء من
تناول الطعام قالت وفاء موجهة حديثها لإيمان قوليلى بقى يا إيمان لما روحتوا المدينة المنورة ووقفتى قدام قبر النبى عليه الصلاة والسلام حسيتى بأيه
أشرق وجهها وهي تقول بعيون لامعة
ياه يا وفاء مقدرش أوصفلك أحساسى أبدا. حسيت پسكينة وراحة في قلبى. وخصوصا وانا بقول السلام عليك يا رسول الله. قلبى ارتجف كأنى واقفة قدامه عليه الصلاة والسلام.
ثم تابعت وكأنها انتبهت لشىء وقالت بس تعرفى يا وفاء حجرة النبى اللى كان عايش فيها وادفن فيها كانت صغيرة أوى. يمكن المظلة دى أكبر منها في الحجم. مع أن النبى أكرم خلق الله على الله وحبيب الرحمن ورغم كده كان بيته بالحجم ده وبالتواضع ده. واحنا بيوتنا كبيرة أوضتين وتلاتة ويمكن اكتر ورغم كده نقعد نشتكى ضيق الحال وضيق الرزق واللى ساكنة في شقة عاوزه فيلا واللى عندها فيلا عاوزه قصر. سبحان الله.
نظر حسين إلى عبد الرحمن نظرة ذات معنى وكأنه يقول له شوفت بقى انا اخترتلك ايه.
جلست مريم مع إيهاب في غرفة المعيشة بجوار إيمان في شقتهم وهي تحكى لهم تفاصيل رحلتها الروحانية الجميلة وهما يستمعان في انتباه والأبتسامة مرسومة على شفتيهما إلى أن قال إيهاب
الله يا إيمان. شوقتينى اروح عمره. إن شاء الله اروح قريب أول ما اخلص تشطيب العمارة اللى عمى ادانى شغلها ويبقى معايا مبلغ محترم هسافر على طول
قالت مريم ده مبلغ يابنى يطلعك حج مش عمره انت والعيلة كلها.
رمقته ايمان بنظرة متفحصة وهي تقول طب أيه رأيك طالما المبلغ حلو كده قبل ما تطلع العمرة تخطب فرحة
أبتسمت مريم وهي تنظر إلى إيهاب الذي ابتسم بدوره ولكن ظهرت عليه علامات الحيرة وهو يقول لها
تفتكرى يا إيمان تفتكرى عمى يوافق
ثم نهض مترددا وقال وبعدين هي نفسها ممكن متوافقش
قالت إيمان بثقة انا متأكدة انها هتوافق
لمعت عيناه بشغف قائلا وعرفتى ازاى هي قالتلك حاجة
أشارت له بأصبعها نافية وقالت بابتسامة مداعبة لا طبعا هي دى حاجة تتقال. انا اللى عندى الحاسة السادسة والسابعة والعشرة كمان
صمت مفكرا إلى أن قال ببطء تفتكرى كده. يعنى أتوكل على الله وأكلم عمى.
بس لو قالى هتعيشها فين اقوله ايه. في بيتك لا مينفعش استنوا لما يبقى معايا مبلغ تانى اجيب بيه شقة بره تليق بيها.
صاحت مريم بمرح ليه بس يا هوبه. انت ناسى الأعتراف اللى عمامى قالوا لإيمان. اننا لينا نصيب في البيت هنا. يعنى الشقة اللى هتجوز فيها بتاعتك من ورث بابا الله يرحمه يعنى ملكك
قالت ايمان مؤكدة أنا مع مريم يا إيهاب وعلى فكرة عمى عاوز يكتبلنا نصيبنا بيع وشړا بس مش عاوز ماما تعرف حاجة زى كده
ثم نظرت لمريم موجهة الحديث إليها سامعانى يا مريم
مريم انا وعدتك يا إيمان خلاص.
تابعت ايمان وهي تنظر لإيهاب وافق يا إيهاب علشان خاطرى. أنا نفسى تتجوز بقى وكمان هتسكن معانا في نفس الدور في الشقة اللى قدامنا على طول يالا توكل على الله واستخير ربنا
أومأ ايهاب برأسه موافقا وقال بسعادة غامرة طول عمرك بتفتحيلى الأبواب يا ايمان وبتحفزينى دايما.
مضى اليومان المهلة التي طلبها عبد الرحمن من أبيه ليفكر فيهما في موضوع زواجه من إيمان كان يجلس في مقعده الخاص في شرفته المطلة على الحديقة شاردا حتى أتاه صوت أخته تناديه ألتفت
إليها قائلا
ايوا يا فرحة في حاجة
قالت فرحة تداعبه أيوا يا رومانسى. بابا عاوزك في أوضة المكتب حالا بالا
قال عبد الرحمن وهو ينهض طب روحى انت يا غلباوية.
دخل عبد الرحمن غرفة والده بعد أن طرق الباب وأغلقه خلفه وهو يقول السلام عليكم. حضرتك بعتلى يا بابا
أشار له والده أن يجلس وهو يقول اقعد يا عبد الرحمن...
ثم تابع أيه يعنى مردتش عليا اليومين عدوا
قال بعدم فهم أرد على أيه
رمقه والده بنظرة صارمة وقال وانا اللى قلت انك بتستخير ربنا. أتاريك الموضوع مش في دماغك أصلا.
تذكر عبد الرحمن الحديث الذي دار بينهما على متن الطائرة بالفعل لقد نسيه لا لعدم أهيمته ولكن لعلمه أن والده مصر على هذه الزيجة وفي كل الأحوال سوف يضطر للموافقة انتزعه والده من بين أفكاره قائلا
يعنى مردتش
عبد الرحمن بابا هو حضرتك لسه مصمم على الموضوع ده
قال حسين بإصرار أنت شايف أيه
أجاب عبد الرحمن باستسلام خلاص يا بابا حضرتك اعمل اللى شايفه صح.
تنهد حسين وهو ينظر لولده يحاول أن يستشف ما بداخله في صمت ثم قال بهدوء يابنى انت عارف قيمتك عندى كويس. وانا مش عايز اجبرك على حاجة وكمان إيمان زى بنتى ومرضاش أبدا انها تجوز واحد مجبور عليها.
أستند عبد الرحمن بظهره إلى مقعده وهو يقول يا بابا والله إيمان بنت زى الفل. وزوجة رائعة لأى حد في الدنيا. وانا مش مجبور ولا حاجة. كل الحكاية انى كان نفسى أحب البنت اللى هتجوزها الأول لكن خلاص اللى فيه الخير يقدمه ربنا
ابتسم والده برضا
وقال عظيم. كده مفضلش غير إيمان يارب بقى هي متخجلنيش
ألتفت إليه عبد الرحمن بتسائل تفتكر ممكن ترفض.
قال حسين بتفكير والله يابنى مش متأكد من موافقتها. انا هقعد معاها واكلمها ولو وافقت هكلم
إيهاب على طول على كتب كتاب. بلاش خطوبة وتضيع وقت
نهض عبد الرحمن وهو يهتف جواز كده على طول. طب ناخد على بعض الأول
أبتسم حسين وقال لما انت بتقول كده وانت الراجل. أومال البنت بقى هتقول أيه
قال برجاء يا بابا واحدة واحدة. الحكاية مبتتاخدش قفش كده.
أشار له والده منبها واعمل حسابك كتب الكتاب هيبقى شهر واحد بس. وبعدين الفرح على طول
صمت عبد الرحمن ولم يرد عليه فصاح فيه فجأة مااااالك....
أنتفض عبد الرحمن لصيحة أبيه وقال بتلعثم حاضر يا بابا حاضر. لو عاوز الډخلة كمان ساعة انا جاهز
ضحك حسين بصوت مرتفع ثم نادى على زوجته بصوت مرتفع دخلت والدته ولحقت بها فرحة التي قالت
ايه ده بابا بيضحك بصوت عالى. أكيد في حاجة كبيرة.
نهض حسين من مكانه وتوجه إليها واحتضنها وهو يقول عقبالك لما افرح بيكى انت كمان
نظرت له زوجته بتسائل وقالت هي كمان
أومأ برأسه قائلا أيوه يا عفاف هي كمان. أصل خلاص عبد الرحمن لقيناله عروسة
أبتسمت في حيرة وهي تقول عروسة مين يا حاج
قال بابتسامة مشرقة إيمان...
ثم تابع بحنين بالغ بنت اخويا الله يرحمه
أنتفض عبد الرحمن للمرة الثانية على صوت الزغاريد الذي أطلقتها والدته فجأة.
أصفر وجهه وقال دى تانى مرة أتخض في نفس القاعدة على فكرة انا كده مش هشرفكوا خالص
قبلته والدته واحتضنته وانقضت عليه فرحة بسعادة هاتفة مبروك يا بودى مبروك مبروك.
قال بسخرية كل ده ولسه العروسة متعرفش أصلا. وعلى فكرة احتمال كبير ترفضنى
قالت عفاف بلهفة انا هطلعلها دلوقتى.
أوقفها حسين قائلا لا محدش هيكلم إيمان غيرى. انا عمها وعارفها كويس. أطلعى يا فرحة ناديهالى واوعى تلمحيلها بأى حاجة. مفهوووم
هتفت فرحة وهي تعدو مفهوم يا باباااا.
طرقت فرحة على الباب وعندما فتح أطرقت برأسها في حياء وقالت أزيك يا بشمهندس. ممكن تناديلى إيمان لو سمحت
أبتسم قائلا في حب طب وانا منفعش
تضرج وجهها بحمرة الخجل وقالت لا الصراحة مينفعش خالص
جاءت إيمان وهي تقول مداعبة مينفعش أيه
قالت فرحة بسرعة إيمان بابا عاوزك تحت ضرورى جدا خالص
أبتسم ايهاب وقال بتفكه ضرورى جدا خالص. كل أدوات التأكيد اللى في اللغة
طب ثوانى يا فرحة هروح البس الأسدال وجاية على طول
أرتدت ايمان إسدال الصلاة وهبطت بصحبة فرحة الى شقة عمها أشارت فرحة إلى غرفة المكتب وقالت
بابا مستنيكى في أوضة المكتب
طرقت إيمان ثلاث طرقات خفيفة ودخلت قال حسين بابتسامة عندما رآها أدخلى يا ايمان واقفلى الباب وراكى.
ثم اشار لها بالجلوس فقالت خير يا عمى
أبتسم بحنان وقال قوليلى يا إيمان انت بتثقى فيا
طبعا يا عمى
يعنى متأكدة انى عاوز مصلحتك وانك عندى زى ولادى بالظبط
أرتفع حاجبها بابتسامة حائرة وقالت أكيد يا عمى مفيش عندى شك في كده. بس حضرتك بتسألنى ليه
هقولك بعد ما تردى عليا...
نظرت له متعجبة وقالت ما انا رديت يا عمى
صمت للحظات ثم قال ببطء أيه رأيك في ولادى. يعنى شخصيتهم. تربيتهم. اخلاقهم.
زادت حيرة إيمان أكثر وأكثر لا تعلم سر هذه الأسئلة ولكنها مضطرة للرد عليها قالت
ماشاء الله يا عمى ولاد حضرتك أحسنت تربيتهم. وأخلاقهم فوق الوصف ربنا
يخاليهوملك
أتسعت ابتسامته وقال ريحتى قلبى يابنتى. كده بقى ندخل في الموضوع على طول
صمتت إيمان وتركت له المجال لمتابعة حديثه فقال بشكل مباشر أيه رأيك في عبد الرحمن ابنى
أرتبكت وقالت بتردد من ناحية أيه
قال مباشرة لو اتقدملك تقبليه
وقفت إيمان في خجل وأطرقت برأسها ولم ترد نهض عمها ووقف إلى جانبها ولف ذراعه حول كتفها قائلا
يابنتى انا عاوز رأيك بصراحة. متكسفيش مني. لو شايفاه ميصلحش قوليلى لاء. ليكى مطلق الحرية ده جواز مش لعبة طال صمتها مما جعله يشعر بالقلق فقال
أنا بس عاوز اقولك ان عبد الرحمن متربى ومواظب على صلاته وبيقوم بكل الفروض اللى عليه. وعمره لا مسك سېجارة ولا غيره. وطبعا انت عيشتى معانا فترة وشوفتى تصرفاته.
ثم تابع بتنهيدة قلقه ولو وافقتى هتريحى قلبى يا إيمان. أنا عاوز اطمن عليكى انت واختك قبل ما اموت
قالت بلهفة بعد الشړ عليك يا عمى. ربنا يديك طولت العمر وحسن العمل يارب.
تابع حديثه
قائلا عاوز اطمن عليكى مع راجل عارف انه هيصونك لانك في الآخر لحمه ودمه. وتفضلى وسط عيلتك الكبيرة دى ومتسبيناش أبدا. نبقى حواليكى دايما وانت عارفة عفاف بتحبك ازاى وهتراعيكى وهتبقى غلاوتك عندها من غلاوة فرحة وانت عارفاها طيبة ازاى
زاد شعوره بالقلق لطول صمتها مرة أخرى فقال ها يابنتى مردتيش عليا ايه رأيك
قطعت صمتها وقالت بحياء طيب حضرتك ادينى فرصة أفكر واستخير وآخد رأى اخويا.
ابتسم لها قائلا يومين كويس
قالت على الفور لا يومين قليل أوى. يعنى. مش أقل من أسبوع كده
خلاص نقسم البلد نصين نخاليهم أربعة. خلاص اتفقنا
مش عاوز مقاوحة تانى يالا اتفضلى
خرجت إيمان من غرفة المكتب تنظرت حولها بحذر ثم هرولت سريعا إلى الأعلى حيث شقتها وقلبها يخفق بشدة نظر لها إيهاب وهي تغلق الباب خلفها وتحاول أن تتنفس بصعوبة قلق عليها
واقترب منها مطمئنا
مالك يا إيمان في حد ضايقك.
تضرج وجهها بحمرة الخجل أكثر وهي تقول لا أبدا
اومال مالك كده وشك أحمر وزى ما يكون حد بيجرى وراكى
صمتت وذهبت لتجلس حتى تستطيع تنظيم طريقة تنفسها ذهب خلفها في حيرة وجلس بجوارها ونظر إليها ينتظر أجابتها خرجت مريم من غرفتها فوجدتهما هكذا فاقتربت وجلست بجوار أختها وهي تقول
مالكوا في أيه
قال إيهاب بنفاذ صبر ما تكلمى يا إيمان ساكتة ليه.
ارتبكت بشدة وهي تقول بخجل عمى. عمى بيقولى أيه رأيك في عبد الرحمن
قال إيهاب بعدم فهم مش فاهم يعنى أيه. رأيك فيه ازاى يعنى
أطرقت برأسها تحاول أن تجد كلمات مناسبة وفجأة صفقت مريم بيديها بابتسامة كبيرة وهي تقول
يا إيمان يا جامد. معقوله يا إيهاب مفهمتش ده انا فهمت.
واكملت بشغف عبد الرحمن عاوز يتجوز ايمان ها فهمت ولا نقول كمااان
قطب جبينه في تفكير وقال صحيح الكلام ده يا إيمان.
أومأت برأسها مؤكده كلام مريم فقال بنزق وعمى ليه مكلمنيش انا الأول
قاطعته مريم قائلة ازاى يعنى يقولك انت الأول. مش لما يعرف رأيها الأول يبقى يكلمك ويتفق معاك
أومأت ايمان مرة أخرى وقالت بخفوت أيوه هو برضة قالى كده
قالت مريم بسعادة وانت قولتيله أيه يا إيمان موافقة طبعا مش كده
قالت إيمان بنفس الخفوت قلتله عاوزه وقت افكر واستخير ربنا.
نهض إيهاب وهو يقول خلاص اللى فيه الخير يقدمه ربنا. استخيرى. بس لما توصلى لنتيجة تقوليلى وانا هبلغه بالرد
وافقته إيمان بإماءة من رأسها وقالت مريم بطل تحبكها يا إيهاب ده عمنا. يعنى في مقام ابونا الله يرحمه. مش راجل غريب وناس غريبة عننا نتعامل معاهم بالشكليات دى
قال إيهاب متعجبا يا سلام. من أمتى بقى العقل ده
ثم أردف وهو يتجه للباب أنا ماشى دلوقتى علشان عندى مشوار شغل مهم أوى.
بمجرد أن أغلق إيهاب الباب خلفه أمسكت مريم ذراع إيمان واجلستها في مواجتها وقالت وهي تصطنع الجدية
أعترفى بسرعة...
قالت إيمان بدهشة أعترف بأيه يا مجنونه
نظرت لها مريم بعين مفتوحة والأخرى مغمضة وقالت بمكر أيه اللى خلاكى تغيرى رأيك. مش قلتى انا عاوزه اتجوز واحد ملتزم
سعلت إيمان وانشغلت بطرحت اسدالها حتى تتحاشى النظر لمريم وقالت أنا لسه موافقتش يا مريم. انا لسه هستخير.
أمسكت مريم وجهها بيدها وقالت اومال ليه كده خير اللهم اجعله خير شكلك زى ما تكونى موافقة. وبعدين عبد الرحمن مش ملتزم زى ما انت عاوزه.
كانت إيمان تردد على
نفسها هذه الكلمات دائما حتى تقنع نفسها بها وهي تتقلب على فراشها ليلا وكأنها تجد مخرجا أو تبريرا يجعلها توافق على الزواج من عبد الرحمن فلقد كانت تطلعاتها أكبر من هذا في الزوج الذي تريد.
طوال الأربع أيام لم يحدث أى احتكاك بين مريم ويوسف ولقد ساعد على ذلك البعد أختبارات آخر العام بالنسبه لمريم وفرحة ووفاء وبعد انقضاء المهلة المحددة واستخارة يومية أخبرت إيمان أخيها برأيها. فقال بحيرة
مش عارف يا إيمان يعنى اقول لعمك أيه دلوقتى
ايمان زى ما قلتلك يا ايهاب قوله انى عاوزه اتكلم مع عبد الرحمن مرة واحدة وبعدين هقول رأيى.
نهض إيهاب ليذهب لعمه ولكن إيمان استوقفته قائلة إيهاب أيه رأيك تطلب أيد فرحة بالمرة
ألتفت إليها في تفكير وقال تفتكرى ده وقت مناسب
قالت إيمان بحماس طبعا افتكر ونص. وانا عارفة النتيجة من الكنترول مقدما
قال بتردد مش عارف يا إيمان. قلقان أوى من الحكاية دى
ربتت على كتفه وقالت صدقنى عمك بيحبك جدا وهيفرح أوى بطلبك ده. وفرحة كمان مياله ليك
شرد قليلا وقال بس دى بتمتحن دلوقتى.
ابتسمت له قائلة خلاص فاضل أسبوع وتخلص امتحانات. وبعدين يا باشا انا لو كنت عارفة انها هتقعد تفكر وتنشغل كنت قلتلك استنى لما تخلص امتحانات لكن انا متأكدة انها هتطير من الفرح وهتتحمس للمذاكرة أكتر
وضع إيهاب يديه في جيبه وقد تبدل حاله في لحظة وهو يقول بغرور مصطنع طبعا يابنتى. أخوكى لا يقاوم
كانت سعادة حسين بالغة وهو يرى على وجه ابنته علامات الرضا بطلب إيهاب للزواج منها وهي تقول بخجل .
اللى تشوفه حضرتك يا بابا
فى حين قال عبد الرحمن مداعبا يا سلام على الأدب. أيه يابنت الأدب ده كله اللى نزل عليكى مرة واحدة
نظرت له نظرة جانبية وهي تقول مھددة طول عمرى مؤدبة على فكرة بس انت كنت في البلكونة. هو محدش قالك ولا
أيه
ضحك والدها من مداعباتها لأخيها وهو يقول مش لسه كنت مكسوفة من شوية لحقتى تقلبى.
ثم الټفت إلى عبد الرحمن وقال ها يا عبد الرحمن وانت فاضى أمتى علشان القاعدة اللى إيمان عاوزه تقعدها معاك
قال عبد الرحمن بعدم أهتمام أى وقت يا بابا وياريت لو
النهاردة علشان بكرة عندى شغل كتير مش هبقى فاضى
تابع وهو ينظر لوالده في تساؤل قائلا بس هي مقالتش هي عاوزانى فإيه بالظبط
ألفتت إليه والده متعجبا وقال البنت من حقها تقعد معاك قبل ما توافق عليك. وانا الحقيقة مستغرب المفروض ان انت كمان تبقى عندك نفس الرغبة
عانقت عفاف ابنتها عناق طويل وهي تبكى وتقول ألف مبروك يا حبيبتى مش مصدقة انى هشوفك عروسة أخيرا
أعتدلت فرحة وهي تقول باستنكار أيه أخيرا دى يا ماما هو انا عندى خمسين سنة ولا أيه
ثم نظرت إلى يوسف الذي كان يتابع التلفاز واجما وقالت ولا أيه رأيك يا يوسف
قال دون أن يلتفت اللى انتوا شايفنه اعملوا
جلست والدته بجواره قائلة أزاى يابنى. أنت أخوها ولازم يكون ليك رأى
أبتسم ابتسامة باهتة وقال إيهاب مفيش عليه غبار ولا هو ولا إيمان وانا أتشرف بيهم بصراحة
نظرت له فرحة بتساؤل وقالت ومريم كمان
بنت كويسة
أبتسم في سخرية وهو يقول لا ومش أى بنت. ونعم البنات.
17 الفصل السابع عشر
كان اللقاء المرتقب في الحديقة جلست إيمان على مسافة مناسبة من عبد الرحمن وهي تحاول استعادة أى شىء مما كانت تريد قوله ولكن عقلها وكأنه قد أغلق للصيانة ظلت تحاول أن تبدو متماسكة حتى لا تبدو بلهاء فهى من طلبت الجلوس إليه ولكن الحياء كان سيد الموقف شعر عبد الرحمن بما تعانيه فقرر أن يبدء هو قائلا بأبتسامته المعهودة
أخبار الوردة أيه.
أبتلعت ريقها بصعوبة وقالت أعتنيت بيها على قد ما اقدر بس في الآخر دبلت
أومأ برأسه قائلا أكيد طبعا طالما اتقطفت خلاص
ثم استدرج مداعبا منه لله الۏحش اللى قطفها
أبتسمت رغما عنها فقال على الفور إيمان أنا عاوزك تبقى على راحتك خالص وتكلمينى في اللى أنت عاوزاه.
قالت بتماسك أنا كل اللى كنت عاوزاه أنى اقولك على شوية حاجات كده أحب تبقى موجودة في بيتى واحب الأنسان اللى هعيش معاه يعملها. وكنت عاوزه أعرف رأيك فيها
حك ذقنه بتفكير وقال أتفضلى قولى أنا سامعك
أنطلقت في الحديث مسرعة حتى لا تتوقف فتتراجع وقالت أول حاجه أنا مش عاوزه في بيتى معاصى علشان ربنا يباركلنا في حياتنا يعنى أنا مش بتفرج إلا على القنوات الاسلامية بس. وأحب أن زوجى هو كمان يغض بصره.
قال عبد الرحمن بابتسامة ها وأيه كمان
تابعت مسترسلة تانى حاجة أنا مبسمعش أغانى. الرسول عليه الصلاة والسلام قال ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف وأنا مش عاوزه يبقى في حد في بيتنا بيستحل المعازف
أبتسم أبتسامة واسعة وقد أعجب بالحديث وقال يعنى التحريم في الأغانى ولا في الموسيقى.
قالت بسرعة لا أنا ممكن أكون أخطأت التعبير. التحريم في المعازف نفسها لكن
بالنسبة للأغانى وكلماتها فده على حسب الكلمات يعنى لو كلمات جميلة بتدعو لحاجة كويسة ومحترمة هتبقى حلال لكن لو كلمات بتثير الفتن والشهوات في النفوس فطبعا دى تبقى حرام وأعتقد هوده المنتشر وخصوصا في الزمن ده.
أبتسم مرة أخرى وقطب جبينه مداعبا وقال طب بالنسبة للنوع التانى. بتاع الشهوات ده. ينفع الست تغنيه لجوزها بصوتها كده من غير موسيقى
أطرقت برأسها خجلا من مقصد سؤاله ولم ترد حاول عبد الرحمن تغير مسار الحديث وقال
ها خلاص كده ولا في حاجة تانية.
إيمان حاجة واحدة بس بالنسبه للصور أنا مش هعلق صور على الحيطان مهما كانت الصورة دى عزيزة عليا لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال أن البيت اللى فيه صورة متعلقة مش بتدخله الملائكة. وطبعا البيت اللى مش بتدخله ملائكة هيبقى فيه أيه غير الشياطين ويمكن ده سبب محدش واخد باله منه للمشاكل الكتير اللى بتحصل في البيوت
نظرت إليه فوجدته يستمع لها بتركيز فقالت هو كلامى ده مضايقك.
قال عبد الرحمن بجدية لا طبعا يضايقنى أيه ده أنا مسلم زيى زيك يعنى دى أوامر دينى أنا كمان
أبتهجت إيمان وقالت أفهم من كده انك موافق على الكلام ده
أشرق وجهه بابتسامة عذبة قائلا تصورى البنات دلوقتى لما تقول عايزة أقعد مع الراجل اللى متقدملى الواحد يتخيل أنها هتقعد تتشرط عليه وتطلب بقى اللى هي عايزاه.
ثم تابع وهو ينظر لها باحترام حقيقى يا إيمان أنا كل يوم باحترمك أكتر. ياريت كل البنات يبقى هو ده شغلها الشاغل في جوازها مش الدهب والجهاز والمؤخر والقايمة وعايزة زى فلانة وهاتلى زى علانة
كان ينتظر منها ردا ولكنه وجدها صمتت في خجل من أطراءه عليها فقال متابعا أنت قولتى هتدى رأيك النهائى بعد ما تقعدى معايا. ها رأيك النهائى أيه
نهضت وهي تبتسم في راحة وقالت هبلغ رأيى لإيهاب عن أذنك.
عادت إلى الداخل في سرعة بخطوات
مرتبكة بعد أن تركت جلستها تلك أثرها البالغ في نفس عبد الرحمن كلماتها جعلته يتأكد من حسن اختيار أبيه أنه بالفعل اختار له الزوجة الصالحة التي ستحمل أسمه وتحافظ عليه خجلها والملامح التي كست وجهها وهي تحدثه جعله يشعر بأنه له مكان ما في قلبها كل هذا جعله راضيا أكثر عن هذه الزيجة ولكن مازالت مشاعره تجاهها كما هى!
أطلقت أصوات الزغاريد في بيت آل جاسر بعد تحديد ميعاد العقدين معا في آن واحد ويوم واحد بعد عشرة أيام.
كانت العائلة كلها في سعادة غامرة إلا أثنين فقط وليد ووالدته التي كانت تأكل الغيرة قلبها لكرهها لأولاد أحلام كما تقول دائما ولانها كانت تريد عبد الرحمن لابنتها وفاء أما وليد فقد أظهر عكس ما يبطن تماما فهو بارع في هذا.
وكانت هناك من تستمع للخبر وتقفز فرحا وسعادة وهي تقول في الهاتف ألف مبروك يا حبيبتى ليكى أنت واخوكى. أنت عارفه يا إيمان أنا الود ودى أنزلك مخصوص بس اعمامك واخدين مني موقف وخاېفة حضورى يبوظ الفرح وابقى أنا سبب تعاستكم يا بنتى. أنا هتصل على إيهاب واباركله بنفسى مع السلامة يا نور عينى.
وضعت سماعة الهاتف واستدارت لزوجها بانتصار قائلة شوفت تخطيطى يا عصام. علشان كنت مش مصدقنى لما قلتلك فلوس العيلة دى هترجعلى أضعاف مضاعفة ولحد عندى
صفق لها زوجها عصام بأعجاب وقال كده أبصملك بالعشرة. أنت معلمة
وضعت قدم فوق أخرى وهي تقول باستعلاء ولسه. مفضلش غير مريم وتبقى العيلة كلها في جيبى.
كانت الأيام تمضى بطيئة على البعض وسريعة على البعض الآخر بل كانت أول مرة تتمنى فرحة أن تأتى الأختبارات تباعا وتنتهى في سرعة أخيرا ستتكلم معه وتنظر له وينظر لها دون محاذير لم يكن حال إيهاب مختلفا كثيرا عنها فهو يحدث نفسه دائما بأنها ستصبح حلاله يبثها حبه وقتما شاء لن يغض بصره عنها بعد الآن أخيرا ستكون هذه الطفلة المدللة طفلته وزوجته إلى الأبد.
وعلى النقيض كانت مشاعر عبد الرحمن باردة لا يشعر بسعادة ولا بحزن كلاهما سواء ولكن لم يكن كلاهما سواء بالنسبة لإيمان على العكس كانت تشعر بالسعادة المخلوطة بالخجل ولكنها لا تستحث الأيام كما تفعل فرحة بل كلما مضى يوما تزداد له اضطرابات قلبها.
تم تحديد أقامة العرس في الحديقة وتكفل إيهاب بها لمدة خمسة أيام قبل العرس وبالفعل خرجت من تحت يده زاهية لأقصى حد كان يعمل بها بقلبه قبل يده وخبرته كان عرس عائلى بسيط لم يكن به صخب كثير فقد كانت رغبة الجميع أن يكون الحفل الحقيقي هو يوم الزفاف.
أرتدت إيمان فستان بسيط ورقيق من اللون الفضى المطعم بالخرز والكريستالات الملونة الصغيرة وضعت القليل من الزينة وكان حجابها من نفس لون الفستان والتي تتميز ببساطتها في حين أصرت فرحة على ارتداء فستان منفوش من اللون الذهبى الفاتح يغلب عليه الخرز اللآمع كانت تريد أن تبدو كسندريلا في فستانها ولفت حجاب صغير ووضعت
زينتها تتماشى مع لون بشرتها الخمرية.
تم عقد قران فرحة وإيهاب أولا ثم تولى الحاج إبراهيم الولاية عن إيمان وتم عقد قرانها على عبد الرحمن وقف إيهاب في مزاح وقال
يالا يا جماعة كله يقولنا في نفس واحد بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير. يالا واحد اتنين تلاتة.
ضحك الجميع مع
اختلاف الأصوات وأطلقت أم عبد الرحمن الزغاريد الواحدة تلو الأخرى حتى كادت أن يغشى عليها من الفرحة والمجهود لا تعلم مريم لماذا كلما نظرت إليه تشعر بغصة في حلقها وكأنها تريد البكاء تلاقت نظراتهما في صمت قطعه يوسف بالحديث مع والده. كان من المقرر أن يجلس كل عريس إلى عروسه بعض الوقت بعد انتهاء الحفل في مكان مخصص لكل منهما قد أعده إيهاب من قبل أنصرف الجميع كل إلى شقته وظل الأربعة تحت مظلة واحدة نظر إيهاب إلى عبد الرحمن قائلا .
أيه
عبد الرحمن أيه!
لوح إيهاب بيده قائلا أحنا هنستهبل من أولها. متاخد مراتك وترح تقعد هناك
قال عبد الرحمن بتصنع عدم الفهم ليه ما احنا قاعدين مع بعض أحسن
نهض إيهاب وهتف به ليه هي جمعية تعاونية ولا أيه. ما تمشى يابنى انت هي الجوازه دى منظورة ولا أيه يا جدعان
نهض عبد الرحمن وهو يضحك ضحكات مستفزة وأمسك بيد إيمان وقال يالا يا إيمان لو استنينا أكتر من كده هنقضى الليلة في التخشيبة.
رغم أن تصرفات عبد الرحمن كانت للمداعبة إلا أن إيمان شعرت بقشعريرة في جسدها جراء لمس عبد الرحمن ليدها ربما لأنها أول مرة تسمح برجل أن يلمسها!
أخذها عبد الرحمن إلى مظلة صغيرة أخرى كان إيهاب قد زينها بقماش التل تزينها المصابيح الكهربائية الملونة جلس وهو يقول بمزاح
شفتى الواد اخوكى طردنا أزاى.
أبتسمت إيمان في خجل قائلة معلش بقى أصله بيحب فرحة أوى ونفسه يقعد يتكلم معاها براحته.
على فكرة أنت النهاردة زى القمر
أنتبهت على كلماته ونظرت
إليه وكأنها لا تصدق أنه تحدث أخيرا وقالت بحزن بتقول حاجة
لمس عبد الرحمن حزنها فشعر بالأسى وقال بقولك انت النهاردة زى القمر
أبتسمت ابتسامة صغيرة لمجاملته وقالت شكرا على المجاملة اللطيفة
قال بسرعة لا مش بجاملك. أنت فعلا زى القمر. أول مرة اشوفك بميكب
حتى ولو خفيف.
أبتسمت في صمت حزين وأطرقت برأسها ولأول مرة تشعر أنها قد تسرعت بالموافقة على الزواج منه هو لا يحبها كانت لابد أن تتاكد من مشاعره تجاهها قبل أن توافق
كان يطرق على الطاولة بأنامله ويحاول أن يتكلم أو يقول أى شىء ولكنه كلما وجد جملة معينه يشعر أنها جوفاء ستخرج منه بلا معنى أو أحساس شعرت بتوتره للمرة الأولى تراه متوترا هكذا فرأت رفع الحرج عنه فقالت
تحب نقوم
ألتفت إليها قائلا ليه بتقولى كده
كادت أن تبكى ولكنها تماسكت وقالت يعنى شايفاك مرهق والظاهر أن الأرهاق خلاك متوتر
زفر بقوة وقال فعلا انا مرهق شوية
طب خلاص لو تحب نقوم علشان تنام مفيش مشكلة
قالت هذه الجملة وهي تنظر إلى أخيها وفرحة وهما غارقان في بحر العشق وتقول في نفسها ماشاء الله لا قوة الا بالله اللهم بارك كانت تخاف أن تصيبه بالعين فتؤذيه أوتقلل من فرحته فنهضت قائلة
طيب يالا بجد مفيش مشكلة.
شعر عبد الرحمن أنه لا يملك إلا الصمت لا يعرف ماذا يقول وماذا يفعل فاتجه معها إلى مدخل المنزل ومنه إلى المصعد دلف الأثنان إلى المصعد وأوصلها حتى باب شقتها وقال
تصبحى على خير
قالت بخفوت وأنت من أهله.
تفاجأت مريم بعودة إيمان بهذه السرعة ولكنها كانت غارقة في أحزانها هي الأخرى فلم ترفع رأسها من تحت وسادتها وظلت تتصنع النوم أبدلت إيمان ملابسها وخرجت إلى الشرفة تنظر إلى أخيها وفرحته فوجدتها تقف ثم يمسك يديها ويجبرها على الجلوس مرة أخرى فأبتسمت لشغف أخيها بحبيبته وعادت مرة أخرى إلى غرفتها أطفاءت المصباح ولأول مرة تفعل كما تفعل مريم دائما تضع الوسادة على وجهها وتبكى بصمت.
سمع يوسف صوت غرفة عبد الرحمن وهو يغلق الباب بعد دخوله فخرج من غرفته وتوجه إلى غرفة أخيه دخل خلفه وقال متعجبا
أنت لحقت يابنى ده أنت مكملتش نص ساعة
جلس يوسف بجواره وقال متسائلا أنت مبتحبهاش يا عبد الرحمن
زفر عبد الرحمن بضيق وقال يا أخى حتى لو مبحبهاش كنت المفروض أتكلم معاها أنت مشوفتش وشها وهي بتبص على إيهاب وفرحة كان عامل ازاى وهما منسجمين وبيتكلموا وأنا قاعد جمبها زى خيبتها
ربت يوسف على كتفه وقال أنت كده يا عبد الرحمن مبتعرفش تقول اللى مش حاسس بيه. معلش بكرة تحبها وتعرف تتكلم معاها
شعر عبد الرحمن پاختناق صوته وهو يقول طب هي ذنبها أيه تنام يوم كتب كتابها حزينة كده وقلبها مكسور.
نهض يوسف بشرود قائلا ناس كتير أوى قلبها مكسور من غير ما يكون
ليهم ذنب في حاجة يا عبد الرحمن
كان ضميره يؤنبه بشدة حتى أنه لم ينم جيدا وفي الصباح انتبهت إيمان على صوت هاتفها قفز قلبها بشكل تلقائى عندما وجدت أسمه على شاشة الهاتف أجابت في تماسك على سؤاله عنها
الحمد لله. اه أنا صاحية. بره فين. على باب مين!
ثم قالت وهي تنهض في سرعة على باب شقتنا احنا.
وفتحت الباب فوجدته أمامها ملامحه يكسوها الأعتذار قال في أسف عملتلك قلق ولا حاجة
أغلقت الهاتف وهي تقول لا أبدا أنا كنت صاحية
نظر لها متفحصا أياها كانت أول مرة يراها بملابس البيت العادية بدون حجابها شعرت بالحرج من نظراته وقالت
في حاجة ولا أيه
أبتسم قائلا أنا جاى أتأسف على اللى عملته امبارح. أنا بجد مش عارف أيه اللى جرالى
أطرقت رأسها في خجل وقالت أنا مش زعلانة. أنا عارفة انك.
قاطعها في سرعة لا زعلانة ومعاكى حق لو زعلتى. أنا بجد مضايق أوى من نفسى ومش عارف اعتذرلك ازاى
أستشعرت الحرج وقالت حتى لو كنت زعلانة خلاص. كونك تيجى علشان تصالحنى ده في حد ذاته شال الزعل كله من قلبى
شعر بالأمتنان لها وقال أنا كنت متأكد أن قلبك كبير
مضى أسابيع أخرى و إيهاب يعمل بجد لينهى ديكورات شقته وشقة أخته إيمان لم يكن هناك الكثير من العمل الشاق فقط ينقصها بعض اللمسات الفنية وكان إيهاب بارعا في هذا وكانت أحيانا فرحة تتصل به لتؤنبه بأنه قد مضت عليه أربع ساعات لم تسمع فيهم صوته وهو منشغل في عمله ووقت الأستراحة من العمل يتقابلان في الحديقة ليسبح في بحور شوقه وهو يبثها حبه.
بينما كانت إيمان تحاول دائما أن تتقرب لزوجها وتبحث عن الأشياء التي يحبها وتفعلها من أجل أن تسكن قلبه كما سكن هو قلبها فلقد أصبح زوجها شاءت أم أبت ولابد أن تبذل أقصى جهد لأنجاح زواجهما رغم ما تقابله من مشاعر باردة لم تعتاد إيمان على الهزيمة أبدا كان من الممكن أن تطلب الطلاق ولكن رغبتها في أن تصبح زوجته فاقت كل شىء لقد أحبته بكل جوارحها حقا.
كانت
عفاف تخصص وقتها كله من أجل شراء كل ما يلزم فرحة وإيمان من تجهيزات الزواج وظهرت نتيجة الأختبارات. كانت النتيجة مبهرة للجميع حقا فهذه أول سنة تحقق فيها مريم تقدير مرتفع أما بالنسبة لفرحة فلقد كانت
سعادتها بإيهاب تفوق سعادتها بتخرجها من الكلية بتقدير جيد جدا أما وليد فلقد كان يحاول باستماتة أن يعيد علاقته الطيبة بيوسف بكل الطرق
الممكنة حتى استطاع أن يعيدها طبيعية بعض الشىء وخصوصا بعد أن استشف أن يوسف لن يتكلم عن ما رآه منه هو وسلمى ولكنه لا يعلم أن يوسف قرر أن يؤجل الحديث في هذا الأمر إلى ما بعد زفاف أخيه وأخته حتى لا تحدث أزمة في العائلتين.
كانت أستعدادات مهولة تجرى على قدم وساق في البيت الكبير منزل آل جاسر ولقد سخر حسين كل أمكانياته ليخرج حفل الزفاف في أبهى صورة قام عبد الرحمن بحجز قاعة كبيرة في فندق معروف.
وفى يوم الزفاف مساءا كانت قاعة الأفراح مزدحمة بالمدعويين تلتف كل أسرة حول طاولتها الخاصة وكان هناك على أحدى الطاولات الرئيسية تجلس أسرة حسين جاسر وترتسم الأبتسامة على شفتيه في وقار وهو يتحدث إلى زوجته عفاف .
تصدقى يا أم عبد الرحمن أنا حاسس أنى بحلم. خلاص عبد الرحمن بقى عريس و دخلته النهاردة
نظرت إليه زوجته عفاف في سعادة وهي تقول لا ومش أى عريس ده عريس زى القمر
تنهد حسين في ارتياح وهو يقول أنا كده حاسس أنى أبو العريس والعروسة في نفس الوقت
ردت عليه زوجته مؤكدة طبعا يا ابو عبد الرحمن. إيمان زى بنتنا بالظبط.
ثم تابعت يارب عقبال مريم عن قريب يارب.
وفى طاولة أخرى بجوارها كانت تجلس عائلة إبراهيم حيث قالت له زوجته في سرعة شفت الواد وليد ابنك داير في كل حتة ازاى. من ساعة ما دخلنا القاعة وهو داير زى النحلة
ضحك ابراهيم لحديث زوجته وقال يا ستى سيبيه ده راجل هو بنت هتقعديه جنبك
ردت وفاء معترضة يعنى أيه يا سى بابا. يعنى انا بقى علشان بنت ماما تفضل رابطانى جمبها كده
قال موجها حديثه لفاطمة سيبيها يا ام وليد تقوم براحتها.
ثم أشار لها وهو يقول روحى يابنتى
قالت فاطمة ساخطة والله أنت مدلعها
ثم أردفت وهي تجذبه من يده تعال تعال نروح نقعد مع أخوك ومراته
فى هذه الأثناء كانت هناك مناقشة هامسة بين العروسين حيث كان عبد الرحمن يقول مالك يا إيمان شكلك مضايق
نظرت إليه بعتاب وقالت كده برضة. هو ده اللى اتفقنا عليه
عبد الرحمن أيه بس ايه اللى حصل
أشاحت ايمان بوجهها بعيدا عنه وقالت مش عارف حصل ايه.
قال عبد الرحمن في خجل والله يا إيمان ملقتش قاعة منفصلة. الفندق هنا مفيهوش نظام الستات لوحدها والرجالة لوحدها أعمل ايه طيب يعنى كنت احجز قاعة
مناسبات في جامع
نظرة له في ضيق وهي تقول وماله الجامع يا عبد الرحمن. على الأقل مكنش هيبقى في رجاله قاعدة تتفرج على زوجتك. ولا كان هيبقى فيه اختلاط نتحاسب عليه قدام ربنا.
ثم تنهدت في حسرة وهي تقول مش هو ده يوم فرحى اللى كنت بحلم بيه وبعدين انا قلتلك من الأول وانت وعدتنى
كانت مريم تقف بجوارها ولاحظت ما يحدث أقتربت منها وقالت مالك يا ايمان في أيه
تدخل عبد الرحمن في الحديث قائلا كلميها يا مريم. في عروسة تبقى زعلانة كده يوم فرحها.
نظرت له إيمان وهي تقول بخفوت يوم فرحى الحقيقى أن ربنا يبقى راضى عننا لكن لما يبقى ڠضبان علينا من اللى بيحصل ده ميبقاش اسمه يوم فرحى
قال عبد الرحمن معتذرا أنا آسف يا إيمان معلش يا بنت عمى عديها. والله لو كنت لقيت قاعة مفصولة كنت حجزت
قالت مريم باستنكار وهي تحدث ايمان مفصوله! أنت لسه بتفكرى كده. أيه يا بنتى احنا في فرح ولا في جامع.
صمتت ايمان وهي تشعر بالحسړة تملىء قلبها فما كانت أبدا تحلم بهذا كانت تتمنى أن يكون يوم زفافها هو يوم شكر نعمة الله عليها وليس يوم تحمل فيه كل هذه الذنوب التي تراها أمام عينيها ولا تستطيع دفعها ولكن هذا هو قدرها وعزائها الوحيد أنها غير راضية عن ما يحدث وترفضه بقلبها وهذا أضعف الإيمان.
كانت مريم تقف بصفة مستمرة بجوار سلمى التي استطاعت أن تعيد علاقتها بمريم قوية كما كانت و كان يحيط بهما شابين في أواخر العشرينات يتبادل الأربعة الأحاديث والضحكات في ركن ما في قاعة الفرح. عندها قالت سلمى
ايه يا بنتى اختك دى. عمرى ما شفت عروسة مغطية شعرها يوم فرحها. أيه العقد دى
قالت مريم بتافف والله حاولت اقنعها تقلع الحجاب النهاردة لكن هي صممت وقعدت تدينى مواعظ.
أنهت جملتها وضحك الأربعة بشكل ملفت للأنظار كانت هناك عيون تراقبها باهتمام شديد تراقبها جيدا وتراقب ضحكاتها كان يوسف ينظر إليها من بعيد في ڠضب فوجىء بيد تضربه بخفة على كتفه وصوت ساخر يقول
قفشتك...
ثم تابع صاحب الصوت
الساخر أنا مش عارف انت معذب نفسك ليه دى بنت سهلة
ألتفت إليه يوسف في حنق وهو يقول كفاية يا وليد دى برضة بنت عمنا
قال وليد معترضا لالالا مش بنت عمى. دى بنت أحلام.
قال يوسف بدهشة
وهي أحلام دى مين مش تبقى مرات عمك علي الله يرحمه
زفر وليد بحنق قائلا هنعيده تانى. يابنى منا قلتلك قبل كده أحلام دى كانت ايه. ومحدش يعرف إيهاب وإيمان ومريم ولادها من عمك علي ولا لاء.
أتسعت عينيى يوسف ڠضبا ودهشة وقال عيب الكلام ده يا وليد لو كان أبوك وأبويا عارفين كده مكانوش جابوهم يعيشوا وسطنا تانى. كانوا سابوهم يعيشوا مع امهم وجوزها ده اللى اتجوزتوا بعد عمى علي الله يرحمه ومكناش دلوقتى في فرح عبد الرحمن اخويا على إيمان وفرحة وإيهاب
قال وليد باستهزاء ياعم ابوك وابويا علانيتهم أوييييييى وبيدوروا على أى حد من ريحة عمى الله يرحمه.
نظر يوسف إلى العلبة ثم نظر إلى ابن عمه وليد وقال ما انت عارف أنى ماليش في فيها وخصوصا وهي كده
وضعها وليد في كف يوسف وقال وهو يتصنع الجدية علشان تعرف تراقبها كويس. أصل اللى زى دى طالعة لأمها. وعاوزه اللى يبصلها تبقى عنيه في وسط راسه
وأطلق ضحكة عالية وسط صخب الموسيقى وترك يوسف يأكل الشك قلبه وانصرف.
أنتصف الليل وحان وقت السفر لقضاء رحلة شهر العسل خرج الجميع من القاعة ومن ثم من الفندق ركب كل عروسين في سيارتهما الخاصة و همت مريم بالركوب في سيارة إيمان وعبد الرحمن ولكن سلمى جذبتها معها في سيارتها قائلة
تعالى هنا أركبى معايا أنت رايحة فين
مريم هروح معاهم نوصلهم للمطار.
قالت سلمى سريعا وهي تدير محرك سيارتها هتروحى تعملى أيه هتدبى مشوار المطار ده كله علشان توصليها. وبعدين ما عليتكوا كلها رايحين وراهم بعربياتهم هيوصلوها
قالت مريم في استسلام طيب أيه يعنى مش فاهمة. هنروح احنا فين
سلمى أبدا هنتمشى بالعربية شوية واروحك البيت.
وقبل أن تنطلق بالسيارة فتح الباب الخلفى للسيارة شابين وانطلقت سلمى بسارتها مسرعة قبل أن يلاحظها أحد ولكنها لم تغيب عن أعين يوسف ووليد كانا ينظران إلى ما يحدث من بعيد وما لبث وليد أن قال ل يوسف باستفزاز
شفت يا عم. أهى غارت من اختها قالت اشمعنى انا معملش ليلة دخلتى النهاردة
وانطلقت ضحكاته العابثة مرة أخرى وهو يقول له أشر ب اشرب علشان
تنسى.
أستقل يوسف سيارته وعينيه تلاحق سراب سيارة سلمى وتتردد في أذنه عبارة وليد الأخيرة وڠضب شديد يجتاحه وقد أضمر شيئا في نفسه أنطلقت السيارات جميعها ولم يلاحظ أحد غياب مريم ويوسف بعد.
بعد ساعتين كانت سيارة
سلمى تقف أمام حديقة منزل آل جاسر ترجلت مريم من السيارة وهي تودع صديقتها وعندما ألتفتت لتدخل وجدت بوابة الحديقة مفتوحة سارت بداخلها حتى وصلت إلى باب فناء المنزل والذي كان مفتوحا أيضا والمكان مظلم جدا لا يوجد إلا شعاع ضوء بسيط يأتى من أعمدة الإنارة في الحديقة.
تحسست مريم طريقها في قلق وظنت أنهم عادوا من المطار نظرا لوجود البوابة مفتوحة أخرجت هاتفها واتصلت على عمها حسين تسأله
أيوا يا عمى انتوا في البيت ولا فين لا مجتش معاكوا أنا كنت مع سلمى صاحبتى لا انا عند البيت دلوقتى. ها كنت. كنا بنتمشى بعربيتها شوية آسفه يا عمى متزعلش مني. خلاص انا هطلع استناكوا فوق. اه معايا مفتاح شقتنا. مع السلامة.
تحسست الجدران في بطء لعلها تجد طريقها إلى مفتاح الكهرباء وبعد ثوان سمعت صوت باب الشقة الكائنة في الدور الأرضى والتي يستخدمونها كمخزن للأشياء المهملة والمحطمة. توترت وتحركت في سرعة بحثا عن مفتاح الكهرباء وهي تقول پخوف
مين. مين
وأخيرا سمعت صوته وهو يقول تعالى يا مريم مټخافيش. ده أنا
وضعت مريم يدها على صدرها وهي تهدىء روعها وتقول أوف رعبتنى بتعمل أيه عندك
بصلح الكهربا. تعالى نوريلى بالتليفون.
تقدمت نحو مصدر الصوت حتى وجدته وشرعت في أخراج الهاتف مرة أخرى ولكنه جذبها داخل الشقة وأغلق الباب بقدمه في عڼف وبعد لحظات من المقاومة والصړاخ المتقطع والعڼف والاستجداء والإصرار أرتطمت رأسها بأحد قطع الأثاث المركونة ووقعت فوق بعض قطع الزجاج المحطم على الأرض مغشيا عليها. وسالت دمائها في لحظة غدر دون أدنى مقاومة.
18 الفصل الثامن عشر
بعد حوالى ساعة ونصف كانت السيارات قد اقتربت من المنزل عائدة من المطار بعد توديع عبدالرحمن وايمان وإيهاب وفرحة دخلت السيارات إلى الجراج ترجل الحاج إبراهيم من سيارته هو ووفاء وفتح الباب لزوجته فاطمة التي كانت تستقل سيارة وليد وأمسك يديها وساعدها على النزول منها وكذلك فعل الحاج حسين مع زوجته عفاف التي قالت
تلاقى مريم دلوقتى في سابع نومه
قالت وفاء متسائلة أطلع اطمن عليها
قال حسين بإرهاق لا مفيش داعى نقلقها
قاطعتهما عفاف في قلق وهي تقول لسه تليفون يوسف
مقفول يا حسين حاول حسين الأتصال بولده كثيرا ولكن هاتفه غير متاح قال إبراهيم مطمئنا
يمكن كان راكن عربيته بعيد شوية عند المطار وجاى ورانا
عفاف بس انا مشفتوش في المطار خالص يا ابو وليد حتى مشوفتوش بيسلم على عبد الرحمن وايهاب في صالة المطار.
وهنا تدخل وليد قائلا أنا آخر
مرة شوفتوا واحنا بنركب العربيات على باب الفندق بعد كده معرفش راح فين
حاول إبراهيم أن يطمئنهم مرة أخرى قائلا خلاص يبقى أكيد جه ورانا واحنا مشوفناهوش وجراج المطار كان زحمة أكيد ركن بعيد وتلاقيه جاى ورانا دلوقتى
حاول الجميع الإقتناع بهذه الفكرة وينتظروا حتى يعود أدراجه خلفهم نظر حسين حوله قائلا
أظاهر الكهربا بتاعة المدخل بايظة.
أقتربوا من المدخل وهم في حالة أجهاد شديد فقالت وفاء وهي تمعن النظر في مفاتيح الكهرباء الخارجية
في حد نزل الزراير بتاعة المدخل.
ثم قامت برفعها فأضاء المدخل بالكامل لم يلاحظ أحد شىء غريب استقلوا المصعد واتجهت كل أسرة إلى طابقها أستسلم الجميع للنوم من شدة الإرهاق باستثناء الحاج حسين لم يمنعه الإرهاق من القلق على ولده واستشعار شىء مريب في غيابه نظر بجانبه فوجد عفاف مستغرقة في النوم ويبدو على ملامحها التعب الشديد فتركها نائمة ووقف في الشرفة ينظر إلى بوابة الحديقة لعله يجده عائدا بسيارته ظل مترقبا حتى أذن المؤذن لصلاة الفجر توضأ ونزل للصلاة في المسجد وقد قرر أن يأخذ سيارته ويعود إلى طريق المطار فلقد ساورته الشكوك أنه من الممكن أن يكون وقع له حاډث أثناء عودته.
صلى الفجر في المسجد ثم عاد واستقل سيارته وما أن تحرك بها قليلا حتى لاحت له سيارة يوسف مركونة خفية بين بنايتين متقابلتين فأوقف سيارته وهبط منها متجها نحو سيارة ولده دار حولها دورتين في قلق وضع يده على مقدمة السيارة فوجدها باردة لم يكن هذا له معنى آخر سوى أن السيارة هنا منذ وقت ليس بالقصير أشتدت حيرته وهو يدور حول السيارة مرة أخرى بتفكير قطب جبينه في تركيز شديد ما الذي أتى بالسيارة هنا وأين هو يوسف لقد بحث عنه في شقتهم ولم يجده أين يكون قد ذهب لا يعلم لماذا قفزت صورة مريم في ذهنه في هذه اللحظة ووجد لسانه ينطق في وجوم مريم.
خفق قلبه وقرر أن يعود أدراجه للمنزل مرة أخرى على الفور وقلبه يدق بشدة وقف ليطلب المصعد ليصعد إليها ولكنه سمع صوت تأوهات مټألمة تأتى من خلف باب الشقة المهملة بجوار المصعد.
نزلت صڤعة مدوية على وجه يوسف جعلته يرتطم بالجدار بقوة لم يكن يشعر يوسف بقوة الصڤعة بقدر ما كان يشعر بالتجمد والذهول التام وهو يقف بصعوبة و ينظر إلى أبيه الذي
كان يلف عبائته حول جسد مريم وهي متشبثة به بقوة و تبكى وتتأوه پألم صارخ كانت عينى الحاج حسين مشټعلة تفيض بالدموع كالحمم المتأججة من انفجار بركان كان خامدا وهو يزأر فيه هاتفا
حسابك معايا مش دلوقتى يا كلب.
كانت تمشى معه مستندة على يديه وكأنه يحملها حتى أدخلها شقتها ومنها إلى غرفة نومها وضعها في فراشها وهي تتألم بضعف ودثرها بغطائها وظل بجوارها حتى سكنت وهدأت أنفاسها واستغرقت في النوم العميق نظر إليها وقلبه يعتصر عصرا من هول ما رأى لم يكن يتخيل أبدا أنه لن يستطيع حمايتها بل لم يكن يخيل إليه يوما أن ابنه هو من سيبطش بها في يوم من الأيام أنهمرت دموعه وهو يتخيل أخاه يقول له كده ضيعت الأمانة يا حسين أبنك ضيع بنتى.
كانت مشاعره ثائرة لدرجة أنه فكر أن يهبط إليه مرة أخرى وېقتله بيديه ولكن هذا لن يعيد لها ما قد سلب منها لن تجلب الحماقة إلا الڤضيحة قرر في نفسه ما سيفعله ليستطيع رأب هذا الصدع المدوى وهو ينظر لها پألم وحسرة.
دخل حسين شقته بهدوء شديد ودلف إلى غرفة يوسف ولكنه لم يجده ظن أنه ما زال بالأسفل ولكنه سمع صوت مياه جارية بالحمام فاقترب من الباب ليتأكد أنه بالداخل.
عاد إلى غرفته مرة أخرى وانتظره فيها وبعد قليل دخل يوسف غرفته وهو يرتدى منشفته ويتقطر منه الماء وعينيه لونهما أحمر كالدم تجمد مكانه بمجرد أن رأى والده الذي لم يتمالك نفسه حينما رآه مرة أخرى فصفعه صڤعة أخرى ألقته على الفراش بقوة وضع يوسف كفه على وجهه وظل مطرقا رأسه للأسفل لم يستطع النظر في عينيى والده أبدا وقف حسين أمامه وقال بلهجة غاضبة محذرة .
أعمل حسابك. كتب كتابك على بنت عمك بعد يومين. وأياك وحذارى أي مخلوق على وجه الأرض يعرفوا باللى حصل ولا
حتى امك. لو سألوك كنت فين امبارح تقول أنك روحت ورانا المطار ومعرفتش تركن عربيتك من الزحمة وعلى ما دخلت صالة المطار ملقتناش وانت راجع لجنة وقفتك في الطريق وأخرتك.
ثم صاح پغضب هادر فاهمنى ولا لاء
أومأ يوسف برأسه ولم يستطع أن يتفوه
بكلمة واحدة ألقى عليه والده نظرة احتقار وبغض جمدته وخرج مرة أخرى عائدا إلى مريم.
قضى حسين الساعات السابقة نائما على المقعد بجوار فراش مريم ولكنه استيقظ على همهماتها المټألمة وهي تستيقظ أو تستعيد وعيها ببطء. أيهما أصح
وبمجرد أن فتحت عينيها حتى استعادت ذكرى الأمس فصړخت وهي
تمسك بغطائها وتتشبث به اقترب منها حسين مطمئنا ومسح على شعرها واحتضنها وهو يقول
أهدى يا بنتى أنا جنبك وأنت في بيتك اهدى...
نظرت له پألم وحسرة وهي تبكى تأوهاتها مزقت قلبه كما زادت من غضبه على نفسه وعلى ولده وهو يسمعها تقول بهستريا
أنا عاوزه اموت. أنا عاوزه اموت. موتنى يا عمى وريحنى
ظل يمسح على ظهرها بحنان وتنهمر عبراته بسكون وصمت كان كل ما يشغله هو طمئنتها وأخيرا وبعد أن سكنت قليلا قال بحنان
قومى يابنتى أدخلى الحمام. الماية الدافية هتهديكى شوية. قومى ولما تخرجى هنتكلم.
سيبنى يا يوسف ابوس أيدك ده انا بنت عمك. فوق يا يوسف انا مريم يا يوسف فوق.
أستفاقت من ذكرياتها على صوت عمها من الخارج يطرق عليها الباب بصوت قلق مريم انت كويسة يابنتى
قالت بصوت حزين في ضعف أيوا يا عمى.
وبعد قليل خرجت وهي تتسند إلى الجدارن وترتدى منشفتها الكبيرة ساعدها على الوصول
لفراشها وكاد أن يساعدها على الدخول إليه ولكنها صړخت عندما رأت آثار الډماء عليه استدارت بجسدها كى لا تراه فكادت أن يختل توازنها أحتضنها في حنان وهو ينظر إلى ما رأت من آثار دماء طفيفة وأغمض عينيه في ألم وأخذها إلى غرفة إيمان. أدخلها فراشها ودثرها وهي في حالة أنهيار شديد من البكاء ظل بجوارها حتى هدأت وبعد قليل أتى إليها ببعض الحليب وساعدها على تناوله بصعوبة برغم رفضها ولكنه أصر عليها. هدأت قليلا...
فابتدء بالحديث قائلا بصبر أسمعى يا بنتى. أنا معاكى. أنت مش لوحدك وعمرك ما هتبقى لوحدك وانا على وش الدنيا. لازم تبقى متأكدة أنى هجبلك حقك واكتر. لكن قبل كل ده. لازم الأول يكتب كتابك بكت وهي تنتحب وقالت
كمان. كمان عاوز تجوزهولى يا عمى عاوز تجوزنى اللى دبحنى. أبنك دبحنى يا عمى. ابنك دبحنى.
قال بتماسك وهو يحتضن كتفها أنا مش هجوزهولك علشان أكافئه أنا هعمل كده علشان الستر يا بنتى. الأول لازم يسترك وبعدين أنا هوريكى هعمل فيه ايه
صړخت قائلة مش طايقاه لو شفته قدامى هقتله
قال بحنان متقلقيش الجواز ده هيبقى للستر بس. وبعدين يبقى يطلقك في الوقت اللى انت تحدديه.
ثم تابع في بجدية واسمعينى كويس في الكلام اللى هقوله ده. مش عاوز مخلوق يعرف اللى حصل. وانا هعرفهم انك عندك برد جامد وتعبانة. وكلها أسبوع واخواتك يرجعوا ونكتب الكتاب. هو طلبك مني وانا وافقت وانت كمان وافقتى سمعانى يا مريم
أومأت بضعف فنظر لها متفحصا ثم قال لو شايفة يا بنتى ان كده حقك ضاع وعاوزه تبلغى عنه بلغى. وأنا هشهد معاكى.
أشارت برأسها نفيا. فقال وانا أوعدك أنى اخلصلك حقك زى ماانت عاوزه واكتر.
أستيقظت عفاف من نومها وقامت من الفراش وهي تشعر پألم في عظام جسدها قاومت الإجهاد التي مازالت تشعر به منذ ليلة لم تجد زوجها بجوارها خرجت لتطمئن على عودة يوسف فتحت باب غرفته ونظرت إليه باطمئنان وهو نائم في فراشه لاحظت حبات العرق المتزايدة على جبينه فاقتربت منه لتمسحها فانتفضت على أثر حرارته المرتفعة حاولت أن توقظه ولكن لا يستجيب ويتمتم بكلمات غير مفهومة وهو يرتعش خفق قلبها بشدة وخرجت تبحث عن زوجها لم
تجده فقامت بالإتصال به وبعد عدة رنات أجابها فهتفت به .
أنت فين يا ابو عبد الرحمن
انا عند مريم فوق. أصلها كلمتنى الصبح وكانت تعبانة. تقريبا جتلها نزلة برد جامدة
قالت على الفور لا حول ولا قوة الا بالله. هي كمان ده يوسف كمان
تعبان أوى
قال باقتضاب تعبان ماله يعنى
حرارته عالية أوى وبيترعش وعمال يخترف
نهض حسين بعد كلمتها الأخيرة وهو يقول مكررا بيخترف بيقول ايه يعنى
قالت عفاف بتعجب يا حسين هو المهم بيقول ايه المهم انه تعبان ولازم نجيبله دكتور.
طيب أنا نازل دلوقتى
وأغلق الهاتف ثم الټفت إلى مريم قائلا أنا هنزل اشوف الندل اللى تحت ده وهبقى اطلعلك تانى. ولو عوزتى حاجة ولا حسيتى انك تعبانة كلمينى على طول وياريت لو تحاولى تكملى نومك علشان أعصابك ترتاح.
كاد أن يغادر ولكنه قلق أن ترى آثار الډماء عندما تعود إلى غرفتها فيحدث لها اڼهيار مرة أخرى فدخل المطبخ وأخذ حقيبة بلاستيكية كبيرة سوداء ووضع فيها كل ماتبقى عليه من آثار للدماء من ملابس حتى غطاء السرير لم يتركه وهبط إلى الأسفل في هذه الشقة المهملة وجمع ما بها من بقية ملابسهما وألقى الحقيبة في صندوق القمامات الكبير خارج المنزل لتنتهى آثار تلك الذكرى الأليمة تماما.
دخل على زوجته في غرفة يوسف فوجدها تجلس بجواره وتضع على جبينه كمادات باردة وهو يرتجف تحت الغطاء بقوة نظرت إليه عفاف قائلة بتوتر
أتصلت بالدكتور
كان ينظر إلى يوسف بشرود معقول. انت تعمل كده! يخسارة تربيتى فيك
سمع زوجته تكرر عبارتها الأخيرة أتصلت بالدكتور ولا لسه
فأخرج هاتفه واستدعى الطبيب.
وعندما جاء وأجرى بعض الفحوصات القليلة ثم أعاد سماعة الكشف في حقيبته الطبية وهو يقول بعملية
عنده حمى.
أصحى يا عبد الرحمن يالا قوم
تثائب عبد الرحمن وهو مازال نائما ويقول سيبينى شوية يا إيمان
ألتقى
حاجبى إيهاب وهو يقول إيمان مين يابنى. انت معندكش تمييز كمان قوم يالا
رفع عبد الرحمن رأسه من على وسادته وهو يكاد يفتح عينيه بصعوبة وهو ينظر إلى ايهاب الواقف أمامه
أنت ايه اللى جابك هنا. انت ورايا ورايا في كل حتة حتى وانا نايم.
هتف إيهاب مستنكرا أحنا داخلين على العصر ومراتك الغلبانة بتصحى فيك من قبل الظهر. قوم يالا عاوزين نخرج وانت معطلنا
وضع عبد الرحمن الوسادة على رأسه وهو يقول ما تخرجوا وانا مالى
نزع عنه الوساده وهتف به أنت متأكد أنك عريس وفشهر العسل. ماتقوم يابنى آدم خلينا نخرجهم شوية يتفرجوا على البلد.
ثم خفض صوته وقال إيمان شكلها مضايق أوى بتصحى فيك من بدرى وانت ولا انت هنا وقعده لوحدها من ساعة ما صحيت من النوم. قوم بقى متخليهاش
تضايق كده ف شهر العسل يا أخى
نهض عبد الرحمن بكسل وأخذ منشفته ودخل الحمام بتكاسل بينما خرج إيهاب لإيمان وفرحة غرفة المعيشة الملحقة بغرفتهم قائلا بنفاذ صبر
جننى لحد ما قام
قالت ايمان باستياء أومال أنا أعمل أيه ده عذبنى من الصبح وانا قاعدة لوحدى ومش راضى يقوم.
أرتدى عبد الرحمن ملابسه وخرج إليهم معتذرا توجه الجميع إلى ردهة الفندق ومنه إلى الشاطىء كانت فرحة تمشى على الشاطىء بجوار إيهاب وهو ممسك بيدها وتتشابك أصابعهما في حب بينما كان عبد الرحمن يمشى وهو واضع يديه في جيبه وايمان بجواره تنظر للبحر في وجوم فقال وهو ينظر للمياة
الميه هنا صافية أوى...
لم ترد عليه فالټفت إليها فوجدها شاردة فقال الشط هنا فاضى تحبى تقفى في المية شوية.
أشارت برأسها نفيا وقالت لا مش هينفع هدومى لو اتبلت هتبقى لازقة على جسمى وهتفصله.
لفت نظره فرحة وإيهاب وهما يمزحان أمامهما على الشاطىء يتقاذفان الرمال وبعض المياة التي تأتى إليهم مسرعة على الشاطىء وكأنها تشاركهما سعادتهما ومرحهما وشاهد إيهاب وهو ممسك بعصاة ويكتب بها على الرمال بحبك يا فرحة ويرسم حولها قلب كبير أبتسم ونظر إلى ايمان التي مرت بجوار القلب الذي رسمه أخيها ولمعت عيناها بالدموع وأسرعت الخطى أسرع إليها عبد الرحمن بخطوات واسعة قائلا
في حاجة يا ايمان
قالت بتحفظ لا أبدا بس بردت شوية
عبد الرحمن تحبى نرجع الفندق
ايمان لا مش هينفع ايهاب قال هنتغدى مع بعض
قال موافقا زى ما تحبى...
19 الفصل التاسع عشر
صعدت الفتاتان كل منهما إلى حجرتها في الفندق بينما ذهب عبد الرحمن وايهاب لصلاة العشاء دخلت ايمان غرفتها توضأت لصلاة العشاء واختارت جانبا بعيدا نسبيا في غرفتها ووقفت للصلاة وعند أول سجدة انهار تماسكها بشكل كامل ظلت تبكى وتبكى وتدعو الله عزوجل أن يصرف عنها الهم والحزن وأن يقذف حبها في قلب زوجها كانت تبكى وتدعو بمرارة كبيرة حتى انتهت من صلاتها وقامت لتصلى النوافل وأصابها ما أصابها مرة أخرى عند السجود البكاء والألم.
تذكرت ليلتها الماضية كيف كانت مثل أى عروس يكسوها الخجل والحياء تحتاج إلى زوجها ليطمئنها ولكنه تعامل مع خجلها منه بالعزوف عنها هو في الأصل لم يكن مقبلا عليها لم يكن شغوفا بها مثل أى زوج ليلة الزفاف
بل كان الأمر وكأنه استغل حيائها ليبيت ليلته بعيدا عنها.
تذكرت كيف استيقظت باكرا لتوقظه بحجة الخروج مع ايهاب وفرحة كانت تتصور أنه فعل ذلك بالأمس لإجهاده بسبب السفر وحفل الزفاف وسيتغير بمجرد أن ينام ويرتاح ولكنها وجدت
شيئا آخر لم يستجيب لها ورد عليها قائلا
لما يجوا خارجين ابقى صحينى.
أخذتها أفكارها وغفيت وهي ساجدة دخل عبد الرحمن الحجرة بهدوء ووقع عليها نظره وهي ساجدة في سكون بدل ملابسه ودخل إلى فراشه انتظرها ترفع من سجودها ولكنها لم تفعل توقع أنها أخذتها غفوة في سجودها أقترب منها ليوقظها قائلا
إيمان. إيمان أنت نايمة
أنتبهت من غفوتها ونهضت مستنده إلى ذراعه وقالت أظاهر أنى نمت وانا ساجدة
عبد الرحمن شكلك تعبان. تعالى نامى في سريرك.
خلعت أسدال الصلاة واستلقت على الفراش ولم تغمض عينيها نظر إليها قائلا منمتيش ليه
نظرت إليه بانتباه وقالت مش جايلى نوم
قال بجدية لا لازم تنامى بدرى عندنا بكرة فسحة من أول اليوم وايهاب هيصحينا من الفجر. تصبحى على خير...
وأغمض عينيه لينام نظرت إليه بذهول لم تكن تتوقع ردا كهذا ألهذه الدرجة لديه عزوفا عنها ألهذه الدرجة لا يحبها ولا يشعر أنها زوجته لم يكن هناك إلا تفسيرا واحدا لتصرفاته لقد تزوجها رغما عنه لقد أرغمه والده على الزواج منها هو لا يريدها عندما وصلت لهذه النتيجة أغمضت عينيها پألم وقررت أن تزيل عنه الإحراج الذي وقع فيه ستكون هي الرافضة له وليس العكس حفاظا على كرامتها.
كان يتظاهر بالنوم يغمض عينيه ليهرب من نظراتها المتسائلة لا يعلم إلى متى الهروب لقد كان يتصور أنه بمجرد أن تكون زوجته سيعتاد على وضعها الجديد في حياته وسيشعر تجاهها بالحب بل حتى أضعف الإيمان أنه كان سيتصرف بشكل طبيعى فلقد أصبحت زوجته ومن المفترض أن يبدأ حياته معها وهل كل رجل يتزوج امرأة لا يحبها يبتعد عنها هكذا تدور الكلمات في عقله لا يجد لها تفسيرا واضحا قرر انه في الغد وبعد عودتهم من الرحلة البحرية أن يحاول اذابة الحواجز الجليلدية التي تفصله عنها.
وفى الصباح ذهبوا جميعا إلى رحلتهم البحرية كانت فرصة جيدة لإيمان أن تستنشق هواء البحر وتسرح في جمال ألوانه الصافية كانت تحتاج إلى مثل هذا التغيير أنشغلت في عبادة التفكر في خلق الله وهي ترى هذه المناظر الجميلة لأول مرة لم تفارق شفتاها كلمة سبحان الله من جمال ما ترى جلست فرحة بجوارها في سعادة وهي تقول
أيه يا جميل قاعد لوحدك ليه
قالت ايمان بمزاح أنا ياختى مش قاعدة لوحدى السمك قاعد معايا.
ضحكت
فرحة وجاء إيهاب يلف ذراعيه حول كتفيها قائلا وحشتينى الثوانى دول
نظرت لهما إيمان بحنان وقالت ربنا يخليكوا لبعض...
قبل رأسها قائلا ربنا يخاليكى ليا يا ايمان. ولا اقولك يا ستى ربنا يخاليكى لجوزك لحسن يزعل مني
رسمت أبتسامة مصطنعة على شفتيها وهي تقول اه طبعا هيزعل كويس انه مش سامعك
قال إيهاب مازحا أنت بتخوفيني بالحوت بتاعك ماشى يا ايمان.
ثم نادى على عبد الرحمن بصوت مرتفع انت ياعم الحوت. سايب الحوته بتاعتك لوحدها ليه
أقترب عبد الرحمن ضاحكا وهو يقول حوته لغتك العربية فوق الوصف يا إيهاب
قالت فرحة بطفولية وهي تضع يديها في خصرها لو سمحت متتريقش على جوزى
ظل عبد الرحمن يمازحها في حين اقترب إيهاب من إيمان وهمس في أذنها بلاش تتصنعى السعادة تانى قدامى. متنسيش أنى بحس بيكى.
نظرت له في توتر ثم أنزلت نظارتها الشمسية على عينيها وهي تقول بمزاح مصطنع هتعملى فيها كرومبو. يالا يابنى روح شوف مراتك
أمسكها إيهاب من ذراعها بقوة وألقاها في اتجاه عبد الرحمن وهو يقول له خد ياعم مراتك دى من هنا.
تلقى عبد الرحمن إيمان بين ذراعيه وأشار إلى إيهاب أشارة تحذيرية وهو يقول بمزاح حذارى اشوفك في المعركة.
أخذ إيمان وهو يلف ذراعه حول كتفها واتجه إلى سور القارب الكبير أزاحت يده بلطف واستندت إلى السور وهي تنظر
للمياة صمت قليلا ثم الټفت إليها متسائلا
شيلتى أيدى ليه
قالت دون أن تلتفت أبدا كنت عاوزه أسند على السور
سأل وهو يعرف الإجابة أنت زعلانة مني
شعرت بجفاف حلقها وهي تقاوم الدموع قائلة بثبات وهزعل منك ليه.
نظر إلى البحر شاردا لا يعلم هل يعتذر الآن عن ما بدر منه أم ينتظر حتى يعودا إلى الفندق.
أنقضت الرحلة وعادوا إلى الفندق مرة أخرى ولكن بمجرد أن دخلوا حتى وجدوا أتصالا من وليد رد عبد الرحمن في قلق
خير يا وليد في حاجة
وليد لا أبدا كنت بطمن عليكوا بس
ثم تصنع التردد والأرتباك وهو يقول طب اقفل انا بقى
ازداد قلق عبد الرحمن وقال ما تكلم على طول يا وليد في ايه حد جراله حاجة
وليد انا مش عاوز اقلقك واقطع عليكوا شهر العسل بس انا عارف يوسف متعلق بيك قد ايه ووجودك جانبه هيساعده على الشفا
هتف به عبد الرحمن ماله يوسف يا وليد ما تكلم
وليد الدكتور قال عنده حمى جامدة أوى
والمشكله انه بقالوا كام يوم وحالتوا مش بتتحسن خالص بالعكس
أغلق عبد الرحمن الأتصال في وجوم أقتربت منه إيمان وفرحة التي سالته بقلق في حاجة يا عبد الرحمن. أنا سمعت اسم يوسف.
قال في شرود
وقلق وليد بيقول تعبان وعنده حمى
أضطربت فرحة ولمعت عيناها بالدموع وهي تقول يالا نروحله يا عبد الرحمن عاوزه اشوف يوسف
قال خليكى أنت وانا هرجع مصر أطمن عليه وهبقى أكلمك اطمنك
قال إيهاب رافضا لا يا عبد الرحمن مينفعش. أحنا ننزل كلنا نطمن عليه. هروح اشوف في حجز أمتى.
كانت عفاف تجلس بجوار مريم تحاول أن تطعمها شيئا وهي ترفض في ضعف قائلة والله مش قادره آكل حاجة يا طنط. معدتى وجعانى أوى من البرد
قالت عفاف بقلق يابنتى ده انت دبلتى خالص ووشك بقى اصفر من قلة الأكل
تدخلت وفاء قائلة مش معقوله كده يا مريم كل يوم تغلبينا ومترضيش تاكلى حاجة. مش شايفة نفسك أتعدمتى خالص ازاى.
وضعت عفاف الأطباق على الطاولة أمام وفاء وقالت لها خدى حاولى تأكليها أى حاجة على ما انزل أبص على يوسف زمان الدكتور جايله دلوقتى
تنهدت وفاء في قلق وهي تقول انا مش عارفه ايه اللى حصلكوا انتوا الاتنين. هو عنده حمى ومفيش تحسن في صحتوا خالص وانت رافضة تاكلى وتشربى بسبب النازلة المعوية. أنتوا اتحسدتوا ولا ايه يا مريم.
نظرت إليها فوجدتها شاردة وكأنها في عالم آخر تحسست جبينها وقالت مالك يا مريم انت تعبانة
قالت في شرود لا أ بدا بس محتاجة انام شوية
تفحصت وفاء في وجهها وقالت نفسى أعرف وشك اتجرح كده ازاى. ده ربنا ستر على عنيكى
وضعت مريم يدها على الچرح بشكل تلقائى وهي تقول بتلعثم أتخبطت في مراية الحمام وانا بغسل وشى ومكنتش شايفة...
ثم أردفت في سرعة طب أنا هقوم ارتاح شوية يا وفاء.
تركتها وفاء لتنام وهبطت لشقة عمها وعندما رأتها والدتها أخذتها بعيدا وقالت أيه ياوفاء مش قلتى هتحددى معاد مع العريس مجيتيش قولتليلى المعاد ليه
وفاء ياماما عريس أيه في اللى احنا فيه ده دلوقتى. مش لما نطمن على يوسف الأول
ضغطت فاطمة على يدها قائلة يابنتى ماهو مسيره هيخف. النهاردة ولا بكره هيخف. نأجل ليه بقى
حاولت وفاء أن تتخلص من ذراع أمها وهي تقول يا ماما سيبينى دلوقتى مش وقته الكلام ده.
أقتربت عفاف منهما وقالت متسائلة في أيه يا جماعة مالكوا
قالت فاطمه بسرعة شوفتى ياختى البت وفاء متقدملها عريس ومستعجل أوى أوى. والبت يا عين امها رافضة انه يجيى البيت علشان خاطر يوسف. اقولها يا وفاء ده
يوسف راجل انا عارفاه حمال قاسېة وهتلاقيه قام زى الحصان النهاردة ولا بكره بالكتير. تقولى لا يا ماما لما نطمن عليه الأول.
رفعت عفاف حاجبيها بعدم اقتناع وقالت لوفاء ليه يابنتى. لا انا ميرضنيش كده أبدا يا وفاء. كلميه وخليه يجى في أى وقت ومتقلقيش يابنتى إن شاء الله يوسف هيتحسن قريب.
أنهت عبارتها وانصرفت على الفور نظرت فاطمة إلى وفاء فوجدتها تنظر لها باستنكار شديد فقالت
ايه يابت بتبصيلى كده ليه ماهى كانت لازم تعرف ولا يقولوا جوزوا عيالهم وانا بنتى قاعدة كده.
ضغطت وفاء على أسنانها بغيظ وذهبت ولكنها اصطدمت بوالدها الذي قال مالك يا وفاء واخده في وشك كده ليه
وفاء ابدا يا بابا بس رايحة اشوف طنط عفاف لو كانت محتاجة حاجة. عن أذنك
أستغلت فاطمة الموقف واقتربت منه وقالت أصلها زعلانة يا ابو وليد علشان موضوع العريس ده
قطب إبراهيم جبينه متسائلا ليه أيه اللى حصل
فاطمة أبدا أصله كان حدد معاد معاها يجيلك بكرة وهي محرجة ومش عارفة تعمل أيه.
قال إبراهيم في تفكير هيجى ازاى بس في الظروف دى
قالت فاطمة محاولة إقناعه هو يعنى هيجى نلبس دبل ولا نعمل فرح. ده هيجى يقعد معاك تشوفه بس مش أكتر وتتعرف عليه. قاعدة عادية كده زى أى ضيف ما بيجى
صمت إبراهيم يفكر في الأمر ثم قال خلاص متخليهاش تلغى المعاد. يجى ويقعد معايا ساعة زمن كده ويمشى. لما نشوف مېته أيه
أبتسمت فاطمة بانتصار ونادت على وفاء التي جاءت متبرمة أفندم يا ماما.
خلى العريس يجى بكرة. أبوكى حدد المعاد خلاص
أتسعت عيناها في ذهول وقالت ليه كده بس يا ماما. مش هينفع طبعا قولى لبابا يأجل
قالت فاطمة في مكر عموما أبوكى عارف أن المعاد العريس هو اللى حدده. يعنى لو روحتى وقلتيله انه لغى المعاد هيفتكر انه راجل بيرجع في كلامه وهيرفضه من قبل ما يشوفه
زفرت وفاء في ضيق وقالت ليه كده بس يا ماما عملتى كده ليه
بكره تعرفى انى عاوزه مصلحتك. يالا روحى كلميه بسرعة.
وبعد ظهر اليوم التالى تفاجأ الجميع بعودة عبد الرحمن وإيهاب وإيمان وفرحة قبل عبد الرحمن كف أمه وأبيه الذي سأله بدهشة
أيه اللى جابكوا دلوقتى يا عبد الرحمن
عبد الرحمن مقدرناش نستنى لما عرفنا ان يوسف تعبان
قال الحاج حسين باستنكار مين اللى قالكوا انه تعبان
قالت فرحة وليد كلمنا وقالنا
انه تعبان أوى وعنده حمى
هتف حسين بضيق وأيه اللى خلاه يعمل كده. هو خلاص بقى كل واحد يتصرف من دماغه.
قال عبد الرحمن مهدئا أهدى يا بابا. هو عارف ان يوسف هيتحسن
لما يشوفنى. يعنى أكيد قصده خير
ثم تابع قائلا عن أذنك يا بابا ادخله
دخل ثلاثتهم إلى يوسف وانتظرت إيمان في الخارج قليلا ثم قالت أنا هطلع اشوف مريم.
أما في الداخل في غرفة يوسف كان يجلس بصعوبة وهو يضم أخيه بقوة اتسعت ابتسامة عفاف وهي تقول
اللهم لك الحمد ده أول مرة يتحرك دلوقتى لما شافك يا عبد الرحمن
تحسس عبد الرحمن جبين يوسف وقال الحرارة عالية شوية
تحسسته عفاف وهي تقول بسعادة دى كده نزلت شوية الحمد لله. أيدك فيها البركة يا عبد الرحمن.
تقدم إيهاب من يوسف وقال لا بأس طهور ان شاء الله. ربنا يقومك بالسلامة يا يوسف.
لم يستطع يوسف أن ينظر إلى عيني إيهاب وتمتم بضعف متشكر يا إيهاب.
نظر إلى أخيه قائلا بخفوت انتوا ايه اللى جابكوا من شهر العسل
قال إيهاب على الفور شهر عسل أيه وانت تعبان كده
يا يوسف. أنت أهم من أى حاجة تانية
شعر يوسف بكلمات إيهاب تمزق قلبه وتكوى عروقه لعڼ نفسه وهو يستمع لكلماته الصادقة كاد أن يهتف تركتها بيننا لنحميها فغدرت بها في غيابك كأى كلب مسعور يتجول في الطرقات لينهش الأعراض.
طال صمته فشعر إيهاب أنه ربما يود التحدث مع أخيه على انفراد فقال طب استأذن انا بقى. هطلع اشوف مريم
حاول يوسف القيام ولكنه لم يستطع فساعده عبد الرحمن على النوم في الفراش مرة أخرى وهو يهتف بايهاب
أستنى يا إيهاب عاوزك في موضوع مهم
أقبل عليه إيهاب وهو يقول بقلق أستريح بس يا يوسف شكلك تعبان أوى
حاول يوسف الأبتسام وهو يقول الموضوع اللى عاوزك فيه لو وافقت عليه هخف على طول واستريح.
قال إيهاب بأنتباه خير يا يوسف أؤمر انا عنيه ليك
أنا مش عاوز عنيك انا عاوز الأغلى من عنيك عندك. عاوز اتجوز مريم
أبتسم إيهاب في حين قال عبد الرحمن مداعبا تصدق انا غلطان أنى اټخضيت عليك. بقى تعبان كده وعاوز تتجوز
يوسف أصلى بصراحة كنت عاوز أكلم إيهاب في الموضوع ده قبل ما يسافر. بس قلت أأجل لما يرجع من شهر العسل بس طالما جه خلاص نأجل ليه
قال ايهاب بتعاطف طب لما تتحسن كده نبقى نتكلم.
قال يوسف بأصرار لا أنا مش هتحسن إلا لما ترد عليا
ألتفت له عبد الرحمن وهو يقول رد عليه يا عم خلينا نخلص
أبتسم
إيهاب وقال أنا مش هلاقى لاختى أحسن منك يا يوسف. بس لازم آخد رأيها الأول وكمان عمى لازم أسمع رأيه الأول
قال يوسف على الفور أنا كنت اتكلمت معاه قبل كده وهو موافق ومستنى موافقتك انت ومريم.
أندفعت مريم بين أحضان إيمان وبكت بشدة وهي تتشبث بها بقوة شعرت إيمان بالقلق على أختها فربتت على ظهرها ثم أمسكت وجهها بين يديها ونظرت في وجهها متفحصة أياه وقالت بقلق
مالك يا مريم. في حاجة حصلتلك ولا أيه مالك كده لونك مخطۏف وأيه الچرح اللى في وشك ده
قالت مريم من بين دموعها مفيش حاجة يا إيمان متقلقيش. أنت بس وحشينى أوى أنت وإيهاب حسيت من غيركوا انى ضايعة وماليش حد.
مريم مهما كان مش زيكوا برضة يا إيمان
تحسست إيمان الچرح في وجه مريم وقالت من أيه ده
قالت مريم بارتباك ابدا اټجرحت في مراية الحمام
وتابعت وبعدين ده حاجة بسيطة يعنى بكره يخف
أيه ده مالك يا مريم
قالت إيمان على الفور جالها نازلة برد جامدة يوم الفرح. وطنط عفاف قالتلى انها من ساعتها مش عاوزه تاكل
عادا مرمحه تسترخى ثانية وسألها نفس السؤال عن جرحها فقالت مراية الحمام الله يسامحها خدتنى على خوانه وانا مغمضة عنيه.
قال إيهاب مبتسما يوسف طلبك مني دلوقتى
أطرقت مريم برأسها وأغمضت عينيها وأضاءت صورته في عقلها وهو يدفعها للخلف فانتفضت بدون وعى منها نظر لها إيهاب بقلق
مالك
حاولت مريم السيطرة على مشاعرها وهي تقول متصنعة الخجل أبدا يا إيهاب وانت قلتله ايه
قلتله لما اسالك الأول
وقفت إيمان بشكل عڼيف وهي تقول بحسم لاء أنا مش موافقة.
20 الفصل العشرون إلى الخامس والعشرون
لاء. أنا مش موافقة
نظر لها إيهاب مندهشا وقال ليه يا إيمان. أنت تعرفى حاجة عن يوسف تخليكى ترفضى
كانت مريم تنظر إليها بوجه ممتقع وهي تقول لا معرفش حاجة أنا بقول وجهة نظرى وخلاص
ايهاب طب أيه هي وجهة نظرك دى يمكن اقتنع بيها أنا كمان
أرتبكت ايمان وهي تقول أنا بس خاېفة تكون دى رغبة عمى حسين مش رغبة يوسف نفسه
زاد امتقاع وجه مريم وزادت ضربات قلبها بشدة فكل منهما تفكر بشىء مختلف عن الأخرى.
هز رأسه نفيا وقال لا مفتكرش يا ايمان لو كان كده فعلا كان يوسف استنى لما يخف. وبعدين يوسف قالى أنه قال لوالده وهو موافق وبعدين احنا كل ده مسمعناش رأى مريم نفسها
ثم نظر إليها قائلا ها
يا مريم انت أيه رايك
قررت مريم حسم الخلاف فجميعهم لا يعلمون ما حدث وهذه الزيجة لن تكون إلا للستر فقط ويوسف في كل الأحوال مضطر إلى الزواج منها
فوقفت وهي تقول بخفوت
أنا موافقة.
صاحت إيمان وهي تلتفت إليها قائلة أنت هبلة ولا أيه أنتوا شخصيتكوا مختلفة تماما عن بعض ومكانش في بينكوا أى عمار أساسا ولا ناسية. فجأة كده عاوز يتجوزك. مش تشغلى مخك أكيد عمى هواللى ضغط عليه زى ما عمل مع...
وبترت عبارتها وهي تنظر إلى مريم وايهاب ثم قالت بعصبية أنتوا حرين. أنا قلت رأيى وخلاص
ودخلت غرفتها وتركتهما يتبادلان النظرات الحائرة.
طرق وليد باب غرفة يوسف ودخل مبتسما دون أذن وهو يقول أزيك النهاردة يابن عمى
ثم وقع بصره على عبد الرحمن فقال مبتهجا وهو يعانقه وأنا أقول البيت نور ليه أتارى العرسان رجعوا
عانقه عبد الرحمن وهو يقول ما انت السبب ياخويا
وليد طبعا ياعم مين قدك لازم تبقى مضايق أنك رجعت
أقترب وليد من فراش يوسف وجلس على طرفه قائلا ها عامل أيه النهاردة
أشاح يوسف برأسه بعيدا وقال باقتضاب الحمد لله.
نظر لهما عبد الرحمن وقال طب أروح أنا بقى أشوف حالى
قال يوسف رافضا لا أستنى يا عبد الرحمن عاوزك في موضوع مهم
وقف وليد متحرجا وقال طب استأذن انا بقى يا جماعة. حمد لله على سلامتك يا صاحبى
ثم خرج وأغلق الباب خلفه. قال عبد الرحمن بعتاب ليه كده يا يوسف أحرجته جامد
أشاح يوسف بوجهه مبقتش طايقه يا عبد الرحمن بقى عامل زى الکابوس على صدرى
قال عبد الرحمن مستفهما ليه هو عمل حاجة ضايقتك.
قال يوسف باقتضاب تصرفاته كلها بضايقنى. انا مش عارف كنت مصاحبه ازاى
غير عبد الرحمن مسار الحديث وقال بجدية طب قولى بقى انت عاوز تتجوز مريم بجد ولا ابوك هو اللى ضغط عليك
أمتقع وجهه وهو يقول وبابا هيضغط عليا ليه في حاجة زى كده
عبد الرحمن طب الحمد لله. عموما أنا كنت عارف أنك بتحبها بس كنت عاوز أتأكد
نظرله يوسف بانتباه قائلا وعرفت ازاى.
غمز عبد الرحمن له وهو يقول أبوك هو اللى قالى. اه يا ندل بقى ابوك يعرف وانا لاء
قال يوسف مندهشا بابا قالك كده امتى
عبد الرحمن واحنا راجعين من العمره. قالى أنه حاسس أنك بتحبها
صمت يوسف في شرود فقال عبد الرحمن بس انت الحمد لله حاسس أنك بقيت أحسن من أول ما شفتك بكتير. ما تحاول تقوم كده معايا تاخد دش وننزل الجنينة شوية
خرجت فرحة من شرفة غرفة يوسف وهي تقول هو مين اللى خرج دلوقتى.
عبد الرحمن أنت لسه فاكره يا هانم. حبك الكلام في التليفونات دلوقتى
قالت فرحة وهي تجلس بجوار يوسف بكلم صاحباتى بقى مش خلاص اطمنا على يوسف الحمد لله
ربت يوسف على يد فرحة وقال قوليلى ايهاب عامل ايه معاكى
أبتسمت فرحة في خجل وقالت
الحمد لله يا يوسف إيهاب أنسان جميل أوى وبيحبنى جدا
أومأ يوسف في حزن وهو يقول ربنا يسعدكوا.
يا إيمان متخبيش عليا. أنت في حاجة بينك وبين عبد الرحمن يابنتى ده أنا أخوكى وعارفك كويس. أنت من أمتى يعنى عصبية كده
زفرت إيمان بقوة وقالت باقتضاب لو سمحت يا إيهاب كفاية وبعدين حتى لو في حاجة بينى وبين جوزى مش هقولها لأى حد أبدا ولا حتى لاخواتى.
قال ايهاب بقلق يا إيمان يا حبيبتى أكيد اللى زعلك منه حاجة كبيرة. ده أنتوا لسه مكملتوش أسبوع مع بعض. قوليلى أنا ليه طريقة معاه ومتقلقيش مش هتحمق عليه
خوله وجد يوسف يخرج من حجرته وهو متكأ على كتف أخيه ويمشى ببطء قال ايهاب في سعادة
أيوه كده يا راجل قوم ورخم علينا تانى
أبتسما عبد الرحمن ويوسف وقال ايهاب ها كنتوا رايحين فين.
عبد الرحمن يوسف هيدخل ياخد دش وننزل الجنينة شوية يغير جو. تيجى معانا
ايهاب اجى وانا بيهمنى يعنى
قالت عفاف متسائلة أومال فرحة فين
عبد الرحمن في البلكونة جوه بتكلم صاحباتها
أومأ ايهاب قائلا انا قلت كده برضة
دخل يوسف الحمام وجلس عبد الرحمن بجوار إيهاب واستند إلى ظهر مقعده الوثير وأغمض عينيه يحاول الأسترخاء تصنع إيهاب الامبالاة وقال
مش عارف يا اخى ايمان بقت عصبية كده ليه.
أنتبه عبد الرحمن وفتح عينيه والټفت إلى ايهاب قائلا باهتمام ليه حصل ايه
مط ايهاب شفتيه وقال لما قلت لمريم على طلب يوسف لقيتها كده اتعصبت وقالت الاتنين طباعهم مختلفة
ثم نظر إلى عبد الرحمن وتفحص في عينيه وهو يتابع وقالت ان ممكن يكون عمى حسين هو اللى ضغط عليه
هرب عبد الرحمن ببصره وقال بحذر وأيه اللى خلاها تفتكر كده.
عقد إيهاب يديه أمام صدره وتنهد بقوة قائلا مش عارف أنا أول مرة اشوفها منفعلة كده
خرجت فرحة من غرفة يوسف فرأتهما يجلسان بجوار بعضهما والصمت هو سيد الموقف فقالت وحدووه
ألتفت إيهاب إليها ونظر لها نظرة شوق طويلة أخفضت بصرها في خجل وهي تقول أومال فين يوسف
قام ايهاب وهو يقول بياخد دش يا برنسيسة
رفعت حاجبيها
وهو تقول بتتريق حضرتك.
قال بعتاب لا وهتريق ليه. هو لا سمح الله انا بتصل بيكى من بدرى وانت تليفونك مشغول ولا فكرتى تعبرينى من ساعتها. لالالالا محصلش طبعا
قالت بعناد
بكلم أصحابى يا ايهاب بلاش يعنى
لا بلاش ليه كلميهم بس ابقى أفتكرينى بكلمتين انا كمان
قالت بدلال طب خلاص متزعلش هفتكرك بتلات كلمات
أمسكها من يدها وقال لعبد الرحمن طب يا عبد الرحمن عاوز حاجة أحنا ماشين.
رفع عبد الرحمن حاجبيه قائلا أنت مش قلت هتيجى معانا تحت يابنى
قال ايهاب بدهشة مصطنعة أنا قلت كده. مش فاكر أصل انا ساعات بتكلم وانا واقف. أدعيلى ربنا يشفينى
وسار بخطوات سريعة وهو يجر فرحة من يدها وهي تكاد تكون تعدو خلفه لتلحق بخطواته الكبيرة.
و
فى المساء بينما كانت إيمان لاتزال
نائمة انتبهت على صوت مريم وهي توقظها بهدوء أعتدلت وهي تمسح وجهها لتزيل آثار النوم عنه فقالت مريم بخفوت
كل ده نوم. أنت مش هتروحى شقتك ولا ايه
قالت إيمان بجدية لا مش هروح
نظرت لها مريم بحيرة وقالت ازاى يعنى يابنتى مينفعش
ايمان مش هينفع أسيبك وانت تعبانة كده
مريم لا متتلككيش بيا انا بقيت كويسة من ساعة ما شفتكوا. يالا بقى روحى شقتك.
قالت إيمان بسخرية من ساعة ما شوفتينا ولا من ساعة ما عرفتى ان يوسف عاوز يتجوزك
أطرقت مريم رأسها بحزن فرفعت ايمان رأسها بيدها وقالت أنت مخبية عليا حاجة. انت مش مريم اللى اعرفها
صمتت مريم فتابعت ايمان موافقة عليه ليه. بتحبيه ولا ماما أقنعتك
هزت رأسها نفيا وهي تقول ماما مالهاش دعوة بالموضوع ولسه أصلا متعرفش أنه طلبنى للجواز
قالت ايمان برفق طب حبتيه أمتى ده ده أنتوا مكنتوش طايقين بعض.
تابعت ايمان متسائلة هو قالك انه بيحبك
أجابتها مريم بجمود ايوه قالى
ثم شردت وهي تقول قالى يوم فرحك انت وايهاب
رفعت عينيها وهي تقول باجهاد وكانها كانت تحارب لا مفيش أظاهر أن ودنى ملتهبة شوية. أنا هقوم ارتاح في أوضتى.
قضت ايمان ليلتها تصلى وتبكى بين يدى الله عزوجل وقلبها تعتصره الالآم هو حتى لم يسأل عنها ولو لمرة واحدة منذ أن تركته في الأسفل وصعدت إلى أختها شعرت بكبرياء أنوثتها يتحطم على صخرة هذه الزيجة الغير مرغوب فيها وأخذت تدعو و تدعو وظلت على حالها هكذا حتى غفت مرة أخرى وهي ساجدة فرأت رؤية أثلجت قلبها كثيرا.
خرجت إلى الشرفة لتتنسم الهواء الطلق وتستنشقه بقوة حتى امتلأت رئتيها بالهواء النقى فزفرت في بطء شديد وهي تنظر إلى الأسفل وجدته نائما تحت المظلة في الحديقة واضعا يديه تحت رأسه وينظر إلى السماء في شرود.
تلقى الحاج حسين أتصالا من أخيه وهو في مكتبه في الشركة فأجابة السلام عليكم
الحاج ابراهيم عليكم السلام. أيوا يا حسين انا هروح اتغدى في البيت علشان في ضيف جايلى واحتمال مرجعش النهاردة تانى وعموما وليد مش جاى معايا هيفضل هنا في مكتبى لو احتجت حاجة منه
قال حسين بانتباه خير يا ابو وليد مين اللى جايلك.
ابراهيم ده واحد معيد كان في كلية وفاء وجاى يتعرف علينا هو ووالدته وأخوه علشان طالبها للجواز
أبتسم حسين قائلا طب مش كنت تقولى يا ابراهيم واجب ابقى موجود علشان اشوفه انا كمان ولا هي وفاء بنتك لوحدك
ابراهيم أنا مرضتش اعطلك النهاردة انت كنت مشغول من ساعة ما يوسف تعب وفي شغل كتير بقى فوق راسك وخصوصا ان عبد الرحمن هو كمان أجازة
حسين تعطلنى ايه بس يا ابراهيم أسمع انا نص ساعة واحصلك.
أنهى حسين المكالمة ثم اتصل على عبد الرحمن يخبره بأمر الضيف وأمره أن يستعد لاستقباله مع عمه ابراهيم حتى يلحق بهم
صعدت فاطمة إلى
عفاف التي رحبت بها فقالت فاطمة والله يا عفاف أنا تعبت من كتر الناس اللى بتيجى لوفاء يارب بقى توافق على ده وتريحنا
أبتسمت عفاف وقالت طالما جاى عن طريقها يبقى هتوافق...
ثم تابعت هو الحاج حسين وصل عندكوا ولا لسه.
فاطمة ايوا ياختى لسه داخل حالا. يالا بقى هاتى فرحة وإيمان ومريم وتعالوا علشان الست والدته جاية معاه
عفاف طب ثوانى هكلم إيمان ومريم ينزلوا
حاولت إيمان أن تأخذ مريم معها ولكنها رفضت وقالت معلش يا ايمان انزلوا انتوا. أنا أصلى تعبانة شوية
ايمان خلاص وانا كمان مش هنزل
قالت مريم بسرعة لا أنزلى طنط عفاف كلمتنا بنفسها كده هتزعل وبعدين كمان علشان وفاء متزعلش.
توجهت ايمان إلى الطابق الأول حيث شقة عمها إبراهيم التي نادرا ما تتوجه إليها طرقت الباب ففتح عبد الرحمن ووقف ينظر إليها فقالت وهي تتحاشى النظر إليه
السلام عليكم
أبتسم قائلا عليكم السلام. تعالى ادخلى
دخلت وألقت التحية على أعمامها وزوجاتهما وفرحة ووفاء التي جلست بجوارها وقالت مداعبة
مش كنتى بتقولى عليه فيونكة أديكى هتلبسيه.
ضحكت الفتاتان فنظر عبد الرحمن لإيمان مندهشا كان يتوقع أن تكون حزينة ومغلوب على أمرها ولكنه وجدها تتحدث وتمزح وتضحك ظل ينظر إليها بتعجب وهو يحادث نفسه
أنا كنت فاكرها هتبقى زعلانة ومضايقة مالها كده كأنها مصدقت أبعد عنها.
بعد
قليل حضر العريس بصحبة والدته وأخيه وبعد التعارف جلس الجميع في غرفة الصالون الكبيرة ولم يكن يبدو على وفاء أنها هي العروس فكانت كعادتها دائما تمزح وتتكلم بسلاسة مع الجميع.
قال عبد الرحمن للعريس
طبعا أنت بقى يا أستاذ عماد. وفاء كانت مجنناك في الكلية والسكاشن مش كده. مبتسبش حقها أبداااا
قال عماد وهو ينظر لوفاء الآنسه وفاء مثال رائع للطالب اللى بيحب يفهم مش يحفظ وبس.
ثم تابع بمزاح ومن ناحية بتحب تاخد حقها فهى بتاخد حقها تالت ومتلت
وفاء بس بالعدل كده. مش انا أول واحدة فتحت موضوع اننا نعمل مقارنة بين الشريعة والقانون الوضعى في غير وقت السكاشن للطلبة
ضغطت أمها على يديها وقالت لها هامسة وهي تتصنع الأبتسامة هو ده وقته يا بت هتجبيلى نقطة
وفاء ايه يا ماما هو انا قلت حاجه غلط.
عفاف دى كانت يابنى داوشانا بالموضوع ده كل جمعه لازم تاخد وقت الغدا كله كلام على الحكايه دى
قالت وفاء وكأنها قد انتبهت فجأه اه صحيح
ثم أشارت لايمان وقالت دى بقى ايمان اللى كنت قلتلك أنها هتساعدنى في الدراسة دى
نظر لها عماد قائلا ايه ده بجد أتشرفت بيكى جدا هو حضرتك خريجة أيه
قالت ايمان بجدية كلية شريعة جامعة الازهر.
لفتت عبارتها الأخيرة نظر محمد أخو عماد فقال ماشاء الله. انا كمان جامعة الازهر بس أنا كنت قسم تفسير
قالت ايمان بهدوء اهلا وسهلا
محمد اهلا بحضرتك
أقتربت والدة عماد ومحمد بالقرب من إيمان وربتت على ظهرها وهي تقول بابتسامة هو أنت عندك كان سنه يا ايمان
23يا طنط
قالت والدتهما وهي تنظر لابنها محمد ماشاء الله ماشاء الله.
أبتسم محمد وهو يلقى نظرة أخرى على ايمان قائلا بصراحة عماد أخويا كانت ليه وجهة نظر معينة كده في الحكاية دى. ومكنتش عارف أقنعه لحد ما الآنسه وفاء أبتدت تتناقش معاه وتقنعه بالحجة المناسبة لزمانا دلوقتى
قالت وفاء الحق يتقال يا أستاذ محمد كل اللى كنت بقوله في مناقشاتى مجبتوش من عندى ده كلام ايمان بنت عمى هي اللى أقنعتنى وحمستنى أنى أوصله للطلبة
عندنا في حقوق.
قال عماد شارحا وانا كمان أتحمست وقررنا نعمل ندوات ثقافية للطلبة وهيبقى حقوق وغيرها. الندوة هتبقى مفتوحة. ياريت لو تساعدينا في تجميع المادة اللى هتتكبت وتتوزع على الطلبة
تحدثت ايمان بطلاقة وأريحية وقالت انا معنديش مانع خالص. أنا كان نفسى من زمان أساعد في الموضوع ده. هبقى إن شاء الله ابعت الورق مع وفاء وانتوا بقى راجعوه واكتبوه على الكمبيوتر علشان انا بحب اكتب بخط أيدى بحس بالكلام اكتر.
قال محمد وهو ينظر لها بإعجاب وبعد اذنك يعنى لو ممكن حضرتك تحضرى معانا الندوات دى وتشرحى بعض الأجزاء بنفسك ثم قال وهو ينظر إليها
اصلك عندك طلاقة في الكلام ماشاء الله وبتقدرى توصلى المعلومة
نظرة محمد الأخيرة وتصرفات والدته استفزت عبد الرحمن جدا فنهض وأخذ مقعده ووضعه بجوار مقعد ايمان ووضع ذراعه على ظهر مقعدها ومال عليها وقال وهو يضغط حروف كلماته بضيق موجها حديث ل محمد.
ايمان. مراتى. معندهاش وقت تروح تشرح كفاية عليها هتساعد بالكتابة بس يدوب كده علشان وقت بيتها
وأشار إلى صدره وهو يتابع وجوزها
تجهم وجه محمد أخو عماد وهو يقول بتلعثم اه طبعا مفيش مشكلة
تجهم وجه محمد استفز عبد الرحمن أكثر إذن فهو صدم عندما علم أنها متزوجة
لم تغب تلك التصرفات عن عينين الحاج حسين الذي كان يتابع بصمت ويراقب ردود الافعال.
قالت فاطمة بنفاذ صبر منور يا عريس منوره يا ام عماد مش نتكلم في التفاصيل بقى ولا أيه
أنتهت الزيارة بالأتفاق على ميعاد الخطوبة بعد أسبوع وبعد انصراف الضيوف قال الحاج حسين وهو ينهض
خلاص يا جماعة يبقى نتوكل على الله ونعمل الخطوبة مع كتب كتاب يوسف ومريم
تفاجاء الجميع بالأمر ماعدا عبد الرحمن وايمان فقالت فرحة بسعادة ايه ده يوسف ومريم امتى حصل ده
أتسعت أبتسامة عفاف وهي تقول هو كلمك امتى يا حسين.
كلمنى يوم فرح عبد الرحمن وطلبها من أخوها امبارح وإيهاب بلغنى موافقتها
ثم نظر إلى ايمان نظرة ذات معنى وقال وفرحهم الأسبوع اللى جاى مع خطوبة وفاء إن شاء الله
قالت فاطمة وهي مندهشة فرح كده على طول ولا قصدك كتب كتاب يا حاج
تدخلت عفاف قائلة مش هينفع فرح أبدا بعد أسبوع. مريم لسه مشمتش نفسها من نازلة البرد اللى كانت عندها.
وقف إبراهيم وقال خلاص يا جماعة يكتبوا الكتاب مع خطوبة وفاء وبعدين نبقى نحدد معاد الفرح مفيش مشكلة
قاطعتهم وفاء بشغف أنا ماليش دعوة بكل الحوارات دى. أنا اتخطبت يا جماعة انتوا مش واخدين بالكوا مني ليه مسمعتش حد بيزغرت يعنى
أنطلقت زغاريد فاطمة وعفاف مع تصفيق فرحة وضحكات إيمان ووفاء السعيدة
أقترب حسين من ايمان قائلا تعالى معايا عاوزك انت وجوزك.
وانصرف وهو يشير لعبد الرحمن بأن يلحقهما دخل ثلاثتهم غرفة المكتب وأغلق عبد الرحمن الباب خلفه أشار لهما بالجلوس في مقابلته ثم نظر لإيمان بصمت فقال عبد الرحمن
خير
يابابا
ألتفت له والده وقال بهدوء أنا كان ممكن مدخلش. وكان ممكن آخد كل واحد فيكم على جنب واكلمه لوحده. بس انا عارف أنى قاعد قدام اتنين كبار بما فيه الكفاية
ثم نظر إلى ايمان قائلا ولا أيه يا إيمان .
أومأت برأسها موافقة فالټفت إلى عبد الرحمن وقال أنت نمت امبارح في الجنينة ليه لحد صلاة الفجر وبعدين روحت كملت نومك في أوضة اخوك
نظر له عبد الرحمن بدهشة فهو كان يظن أن أحدا لم يره وارتبك وهو يفكر في رد مناسب فقالت ايمان بسرعة.
أصل أنا امبارح يا عمى نمت مع مريم علشان زي ما حضرتك عارف انها لسه مخفتش فمحبتش اسيبها لوحدها وهي كده. وحضرتك عارف بقى عبد الرحمن بيحب يقعد مع حوض الورد بتاعه
كتير فتلاقيه النوم غلبه هناك
أخفض عبد الرحمن نظره ولم يعلق ولكنه في داخله أعجب بكتمانها أسرار حياتهما الشخصية هز الحاج حسين رأسه بابتسامة وقال.
لا برافوا. كان المفروض تدخلى كلية حقوق خلاص طالما انت قلتى كده أنا مش هدخل في اللى بينكوا إلا لو الأمر احتاج لتدخلى
دلوقتى بقى انا عاوزك في موضوع مريم اختك وأعتقد انه مش بعيد عن موضوعك كتير
قالت بصمود موضوع ايه يا عمى
حسين ايهاب قالى أنك رفضتى جوازها من يوسف ولما ضغطت عليه علشان اعرف أسباب رفضك قالى أنك قلقانة أنه يكون يوسف معندوش رغبة حقيقة فيها. وأن دى رغبتى انا بس.
قال جملته الأخيرة وهو ينظر لعبد الرحمن بعتاب وقال أنت أيه رايك يا عبد الرحمن
نهض عبد الرحمن وهو ينظر لايمان وقال بثقة مفيش حد بيتغصب على الجواز دلوقتى يا بابا واعتقد انك غلطانة في حكمك يا ايمان
نهضت وهي تنظر إليه وقالت انت متأكد
بادلها نفس النظرات وقال أيوه متأكد
هذا ما كان يريده الحاج حسين تماما فتح لهما مجال الحديث عن الأمر بدون حرج وبشكل تلقائى. ثم قال.
ها يا ايمان لسه مش موافقة على الجواز ولا غيرتى رأيك
ايمان ياعمى دى حياة مريم وهي اللى تقرر. أنا قلت رأيى وخلاص وهي حرة بعد كده
حسين بس انا عاوزك انت كمان تبقى راضية
ايمان طالما مريم شايفه كده وراضية خلاص. أنا مش عاوزه غير سعادتها
أبتسم قائلا خلاص تقدروا تتفضلوا.
خرجت ايمان من المكتب فتحت باب الشقة في سرعة وتوجهت إلى المصعد دون أن تلتفت لنداءات عبد الرحمن الذي فتح باب المصعد ودخل خلفها ضغط على الأزرار وهو يقول
مش بنادى عليكى مبترديش عليا ليه
صمتت حتى توقف المصعد خرجت منه مسرعة وقبل أن تضغط جرس الباب أمسك يدها ليمنعها قائلا
انت خلاص هتعيشى هنا ولا ايه
قالت دون أن تلتفت إليه أنا مش عاوزه اتكلم دلوقتى لو سمحت.
طريقتها استفزته جدا فشعر بالڠضب وجذبها من يدها إلى شقتهم الخاصة وهو يقول بحنق أشمعنى انا اللى ملكيش نفس تتكلمى معاه. انا جوزك يا هانم ولا نسيتى
فتح بالمفتاح وهي تحاول أن تخلص يدها من يده المطبقة عليها بقوة. فتح الباب وأدخلها وصفع الباب خلفه پعنف.
الفصل الحادي والعشرون
بمجرد أن أغلق الباب أفلتت يدها من قبضته وهي تتأوه وتقول أيه اللى انت بتعمله ده وجايبنى هنا ليه
تغيرت ملامحه في لحظة وعقد يديه أمام صدره قائلا بهدوء أعمل ايه عاوز اتكلم معاكى وانت مش مديانى فرصة
نظرت له باندهاش فلقد كانت تتوقع أن معركة ستبدأ بينهما بعد صفعه للباب بكل هذا العڼف لم تكن تتوقع هذا الهدوء وقد كانت متحفزة ومستعدة للدفاع عن موقفها ولكن طريقته وهدوءه المفاجئ ألجمها وأربكها.
ظلت تنظر له في صمت تحاول استيعاب حديثه الهادىء أستدار وأغلق الباب بالمفتاح ووضع المفتاح في جيبه ثم الټفت إليها مبتسما وقال
من ساعة ما جينا وانت بتهربى مني حاولت اتصل بيكى. مريم قالتلى نايمة ومش راضية تصحى. عرفت أنك مش طايقانى وبصراحة معاكى حق. بس لو كنت أعرف أنك صاحية و شايفانى وانا نايم في الجنينة كنت طلعتلك.
أرتبكت أكثر ومازالت علامات الدهشة على وجهها ووجدت نفسها تقول بس مريم مجبتليش سيرة أنك اتصلت بيا
قال عبد الرحمن مؤكدا لا أتصلت بالأمارة مريم قالتلى انها حاولت تصحيكى وانت شديتى المخدة على راسك ومردتيش عليها
وجدت نفسها تندفع
قائلة لو كنت عاوز تتكلم معايا كنت طلعت وصحتنى بنفسك لكن انت مصدقت.
وضع يديه في جيبه وهو مازال محتفظا بابتسامته وقال يعنى أطلع وادخلك الأوضه وانت نايمة ومريم قاعدة بره. بصراحة حسيت انها ممكن تتحرج وكمان مكنتش أضمن نتيجة كلامنا هتبقى أيه. نفرض بقى صوتنا علي ولا حاجة البنت تتعقد من الجواز يعنى
قالت وهي تحاول استيعاب الموقف طب ومجتش نمت في بيتك ليه لو اللى بتقوله ده حقيقى.
أتسعت ابتسامته وقال محبتش أدخل الشقة من غيرك نزلت الجنينة وقعدت مع نفسى شوية وقعت عينى على حوض الورد وافتكرتك وانت بتنقذى الوردة مني. فضلت قاعد شوية لقيتنى بفتكر كل كلمة دارت بينا وكل موقف عجبتينى فيه. محستش بالوقت لقيت الفجر أذن
صليت وطلعت أنام في أوضتى لقيت يوسف سهران قعدت معاه لحد ما النوم غلبنى جنبه.
كادت أن ټنهار تحت وقع كلماته الهادئة ولكنها تماسكت فهى تعلم جيدا أنه لا يحبها ولكنه
ربما يكون يفعل ذلك من أجل أرضاء والده الذي شعر بالمشكلة التي بينهما فقالت بجدية
خلصت قولت اللى عندك. أفتحلى الباب بقى خلينى أمشى
أقترب منها وهو يقول ومين قالك أنى خلصت كلامى
ثم نظر لها باعتذار قائلا انا آسف سامحينى
ثم لمعت عيناه بمرح قائلا فكرة لما جيت اعتذر لك قدام المدرسة وقلتلك المسامح كريم.
قالت بسخرية اه طبعا فاكرة المسامح كريم أو مهند على حسب يعنى مش كده
ضحك ضحكات عابثة وقال الله. ده انت فاكره كل كلامى أهو حتى هزارى فاكراه
حاولت أن تخفى ابتسامتها بصعوبة وقالت طب سبنى امشى بقى لو سمحت
وقف أمامها قائلا تمشى فين هو ده مش بيتك. وانا جوزك. وبعدين انا اعتذرتلك وانت مردتيش.
قالت بتردد وهي تتمنى أن ېكذب كلماتها انت معملتش حاجة تعتذر وتتأسف عليها. أنت اتصرفت بتلقائية. واحد مبيعرفش يتكلم أو يتعامل مع الناس غير من قلبه. أبوه ڠصب عليه بنت عمه. هتكون أيه النتيجة يعنى غير كده
قطب جبينه بأسى وقال ياه ده انت شايلة في قلبك مني جامد.
قالت بضيق لاء انا مش شايلة في قلبى ولا حاجة بالعكس. أنا تفهمت موقفك وعذراك. أنا بس عتابى الوحيد عليك انك مرفضتش الجوازة اللى أنت مش عايزها دى وآدى النتيجة
حاول الأقتراب منها أكثر وهو يقول يا إيمان انت كده بتأسى عليا وعليكى جامد بالطريقة دى. انا ابويا مغصبنيش عليكى ولا حاجة وبعدين هو في حد بيتغصب على الجواز. دى حتى البنات دلوقتى محدش يقدر يغصبها.
جلست ايمان وهي تقول بحزن الڠصب هنا أنك تسمع كلامه علشان بتحبه ومش عاوز تزعله مش علشان هو جوزك بالعافية. بس أنت باستسلامك ده ظلمتنى معاك
ثم رفعت رأسها إليه وقد تجمعت دموعها في عنيها قائلة كنت قلتلى وانا اللى كنت رفضت نهائى. وساعتها مكنش هيزعل منك
جلس بجوارها وحاول مسح دموعها بأنامله فابتعدت عنه فقال يا ايمان بالله عليكى بلاش كده. أنا والله كنت معجب بيكى وباخلاقك وعلشان كده اتجوزتك.
نهضت وقالت بأصرار مفيش داعى انك تقعد تكدب علشان تجبر خاطرى بالكلام ده. أنا خلاص قررت انى احتفظ بالشوية اللى باقين من كرامتى وعزة نفسى
قطب جبينه بتساؤل وهو يقول مش فاهم
ايمان بثقة هنعيش زى ما احنا كده فترة وبعدين. وبعدين ننفصل
نهض قائلا بحدة ننفصل. انت فاهمة بتقولى ايه
قالت بأصرار أيوه فاهمة بقول أيه. وفاهمة أكتر انى مقدرش أعيش مع راجل قلبه لسه متعلق بخطيبته السابقة.
قال بذهول انت بتقولى أيه! هند دى انا نسيتها من زمان. كرهتها وطلعتها من عقلى وقلبى ورمتها على طول دراعى. حتى الوردة اللى كانت عزيزة عليا قطفتها وكنت هدوس عليها لمجرد انها كانت شايلة أسمها
أبتسمت ايمان پألم وقالت
لو كنت فعلا طلعتها من دماغك ونستها مكنتش قطفت الوردة ورمتها علشان تخفيها من قدامك يا عبد الرحمن. انا قلتلك قرارى الأخير. عن اذنك.
ثم توجهت لغرفتها وأغلقت بابها ووقفت خلفه تبكى بصمت بعد فترة هدأت توضأت وقضت ليلتها في الصلاة والدعاء تشكو بثها وحزنها إلى الله وقضى هو ليلته على الأريكة ينام تارة ويتقلب تارة ويفكر طويلا ويقرر ثم يتردد.
ممكن اقولك على حاجة ملهاش علاقة بقرارك ده.
قالت بتردد اتفضل
عبد الرحمن ممكن متقعديش تانى قدام حد غريب وتتكلمى معاه كده. أنا محبش راجل يقعد يبص لمراتى كده ويتكلم معاها
ثم تابع بنفس الهدوء وبعدين هو مش المفروض انك متقعديش مع رجالة غير أخوكى وجوزك واعمامك ولا انا غلطان.
أنتبهت ايمان لكلماته بالفعل تعايشت مع هذه العائلة الكبيرة واتبعت عاداتهم وتناست أمر الاختلاط بين الرجال والنساء وانها كان من الواجب عليها أن تفعل غير ذلك بحكم معرفتها بأمور دينها
ألتفتت إليه قائلة معاك حق متشكره أوى انك نبهتنى للحكاية دى. حاضر هبقى اخد بالى بعد كده.
أزاح غرتها التي حركها النسيم عن عينيها بأنامله وقال بنبرة حانية أصل انا بصراحة بغير ومحبش حد يعجب بيكى غيرى والواد الفيونكة ده هو واخوه كان فاضلهم شوية ويخطبوكى انت
لم تستطع ايمان أخفاء ابتسامتها عندما استخدم عبد الرحمن نفس تعبير وفاء عن عماد فقالت وكأنها تدافع عن أبتسامتها
هي وفاء نشرت الأسم ده في العيلة كلها
مسح ذراعها بظهر كفه وهو يقول متحاوليش. أنا شفت ابتسامتك خلاص.
شعرت بقشعريرة تسرى بجسدها على أثر لمسته الحانية فقالت بخجل طب لو سمحت انا عاوزه انام ممكن تتفضل بقى
عبد الرحمن أتفضل أيه ماتحددى كلامك. أتفضل اقعد. ولا اتفضل انام
ثم أقترب منها أكثر وقال ولا اتفضل أقفل البلكونة
تحركت من مكانها مبتعدة ووقفت عند باب غرفتها قائلة بخجل تحاول أن تصبغه بنبرة جدية
لا اتفضل امشى
وأشارت للخارج وهي تقول أتفضل روح نام في الأوضة التانية.
أجرى وليد أتصالا داخليا من مكتبه قائلا لو سمحتى يا آنسه
علا هاتى البوسطة وتعالى
علا حاضر يا فندم
طرقت علا الباب ودخلت بخفة وضعت البوسطة أمام وليد على مكتبه وهو يتابعها بنظراته الجريئة وقالت
البوسطة يا فندم خدمة تانية
وليد ومستعجلة ليه تعالى أقعدى شوية.
عاوزك في موضوع مهم
جلست علا أمامه قائلة خير يا وليد بيه
وليد باستنكار مش انا قلتلك قبل كده بلاش وليد بيه دى.
تصنعت علا الخجل وقالت أنا آسفه. مش هقدر أنفذ طلب حضرتك واناديك من غير ألقاب كده
نهض وليد وجلس أمامها وقال بتشجيع مش هتقدرى ليه يا ستى. أنا اللى بقولك. أحنا بنشتغل مع بعض ولازم نرفع التكلفة بينا
ثم مال إلى الأمام قائلا ولا أيه يا علا
نهضت علا وهي تتصنع الأرتباك من اقترابه منها قائلة من فضلك يا أستاذ وليد. أنا محبش كده. عن أذنك.
أستدارت لتخرج من المكتب وعلى شفتيها أبتسامه ماكرة وهو يزفر بقوة من طريقة صدها له دائما.
وفى المساء كانت علا تجلس
بجوار أختها هند التي كانت تسألها بشغف ها وبعدين حصل ايه
نهضت علا وسارت في الغرفة وعلامات الخبث على وجهها وقالت بس ياستى. ونفخ نفخة كان هيطير المكتب باللى عليه
أطلقت هند ضحكات عالية وهي تصفق بيديها وتقول بإعجاب أنت أستاذة ورئيسة قسم يابنتى.
جلست علا بغرور وقالت لأختها طبعا يابنتى. هو احنا بنلعب. ولا انا حاربت الحړب دى كلها علشان اعرف أشبط في الشغل ده بسهولة. وبعدين منا لو عملتله اللى هو عاوزه هيزهق مني ويرمينى بعد شوية الصنف ده علشان يحب ويفكر في الارتباط لازم يتعذب الأول وريقه ينشف
قالت هند بتفكير أومال يعنى كنت بتنصحينى بحاجات تانية اعملها مع عبد الرحمن ليه
أبتسمت علا قائلة علشان عبد الرحمن علنياته مالوش في الستات والحاجات دى كانت هتخليه يقدم معاد الجواز. لكن وليد ده مصېبة. عاوز اللى تديله على دماغه علشان ياخد طريق الجواز. فهمتى
بس تفتكرى وليد ممكن يفكر يتجوزك يا علا
قالت علا بتحدى بكرة تشوفى. هو صحيح هيتعبنى بس في الآخر اللى انا عايزاه هايحصل.
قالت هند بغل واضح من ساعة ما عرفت ان عبد الرحمن اتجوز وانا باكل في نفسى. الراجل الكبير عرف يضحك عليا لكن انا هدخل العيلة دى يعنى هدخلها. سامعانى يا علا
ظهرت ابتسامة ماكرة في عيني علا وهي تقول هتدخليها يا هند. وهتقعدى معاهم على ترابيزة واحدة. وهتبقى خالة ولادهم ڠصب عنهم كلهم.
أستيقظت إيمان بعد أذان الظهر خرجت من غرفتها مترقبة تلتفت يمينا ويسارا بحثا عنه فلم تجده تنهدت بارتياح توضأت وأخذت سجادة الصلاة فوقعت منها ورقة مطوية أخذتها وبتعجب وفتحتها وقرأت فيها متنسيش تدعيلى وانت بتصلى. أدعيلى مراتى تحبنى زى ما بحبها ظلت تقرأها مرات ومرات لا تصدق اهتمامه بها ولا تصدق أنه يحبها بالضرورة هو يفعل ذلك من أجل إنجاح علاقتهما الزوجية فقط وليس من أجلها هى.
ذهبت لتطمئن على مريم التي تركتها وحدها منذ أمس فتحت الباب بهدوء وأغلقته بهدوء حتى لا تزعجها إن كانت مازالت نائمة أقتربت من غرفة نومها فسمعت نحيب وهمهمات لم تشعر بها مريم وهي جالسة على سجادة الصلاة وترتدى الإسدال وهي تقرأ في المصحف وتردد تلك الآيه من سورة مريم فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا وظلت تردد يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا ترددها وتبكى كثيرا حتى بح صوتها.
مالك يا مريم بتعيطى كده ليه
مسحت دموعها وهي تقول بابتسامة واهنة تصدقى يا إيمان. أول مرة احس بالايات كده وانا بقرأها.
ثم تابعت تصدقى برضة انى أول مرة احس بالسيدة مريم كده وباللى مرت بيه.
جلست إيمان بقربها ومسحت على وجنتيها بحنان وقالت هو ده اللى مخليكى بتعيطى يا مريم. ولا في حاجة تانية
هزت مريم رأسها نفيا ثم قالت بتساؤل هو مين اللى سمانى مريم يا إيمان بابا ولا ماما
أبتسمت ايمان وهي تقول عمى كان مرة قالى ان بابا هو اللى كان بيخترلنا أسامينا.
ثم تابعت وهي تنظر لمريم بفرح بس انا مبسوطة أوى انك بدأتى تحسى بالآيات يا مريم. ربنا يفتحها عليكى يارب اكتر واكتر.
دخلت وفاء غرفة وليد واستندت على الباب وهو يتحدث في الهاتف عندما رآها تابع حديث قائلا
طب هكلمك بعدين سلام دلوقتى
أغلق الأتصال والټفت إليها قائلا نعم عاوزه ايه
وفاء مش مكسوف من نفسك. بقى عبد الرحمن ينزل وإيمان وفرحة. يحضروا قاعدة الاتفاق واخويا مش موجود معايا.
ضحك بسخرية وقال وهما كانوا يقدروا ميحضروش. دى كانت امك جرستهم
وقالت عليهم مش عاوزين يشوفوا عريسك علشان بيغيروا منك. وبعدين ما انت عارفة النظام في البيت ده. كله لازم يحضر يعنى هما مجوش من نفسهم من كتر حبهم فيكى
وفاء ولما انت عارف كده مجتش ليه
قال بنفاذ صبر مكنش ينفع انا وابوكى نسيب الشركة فهمتى ولا اقول كمان.
قالت وفاء بحزن انت ليه يا وليد بعيد عنى. مش زى عبد الرحمن ويوسف مع فرحة. مش بحس انك اخويا
كده وهمك مصلحتى
زفر بقوة وقال اطلعى من نفوخى يا وفاء. بلا عبد الرحمن بلا يوسف بلا زفت. أنا مش فاضيلك
قالت بحزن اومال فاضى بس للبنات اللى بتعرفهم. ده انا بحس ان عبد
الرحمن بيقف جنبى اكتر منك
قام وهو يدفعها خارج غرفته طب خاليه ينفعك بقى ياختى.
دخلت عفاف غرفة حسين وهي يبدو عليها الحيرة وجلست بجواره وهي تقول أنا مش فاهمة حاجة يا حسين. مريم مش عاوزه تستعد لكتب الكتاب خالص. اقولها يابنتى ننزل نجيب الفستان تقولى هلبس فستان إيمان. اقولها نتفق مع الكوافيرة تجيلك انت ووفاء تقولى تيجى لوفاء بس انا مش هحط حاجة في وشى. معقول دول كتب كتابهم بعد يومين! لالالا ده في حاجة كبيرة ولازم اعرفها. الحكاية دى مش داخله دماغى أبدا.
شعر الحاج حسين بالقلق فهو يعلم أن زوجته ستظل تضغط على مريم أو يوسف حتى تعلم سبب واحد لما هم فيه الآن نظر لها باهتمام وقال
انا هقولك بس متقوليش لمريم انك عرفتى حاجة. ماشى يا عفاف
أومأت برأسها قائلة طالما عارف قولى وريحنى وانا مش هجيب سيرة
مريم صحيح موافقة على يوسف وصحيح بتحبه وهو كمان. بس اللى عامل فيها كده انها قلقانة لتكون بموافقتها دى بتنفذ خطة امها.
صمتت عفاف بتفكير وقالت بحيرة طب وبعدين. الحال هيفضل كده ولا أيه
هز رأسه نفيا وقال بجدية لا طبعا. انا هطلع اكلمها وهقنعها. واشيل من دماغها أحساسها بالذنب اللى هي حاسة بيه ده. وان شاء الله تبقى كويسة. زيها زى أى عروسة
نهضت عفاف وهي تقول بارتياح ربنا يصلح الحال يارب.
جلس بجوارها في شقتها منفردا بها وهو يربت على يدها قائلا أم عبد الرحمن بتقولى انك مش عاوزه فستان فرح ورافضه الكوافيرة تجيلك زى وفاء
نظرت له پانكسار وقالت معلش ياعمى مش عاوزه فساتين ولا حتى عاوزه فرح
قال بحنان أنا فاهمك يا مريم وحاسس بيكى. بس لازم تاخدى بالك ان انا بس اللى فاهمك. لكن الناس اللى حوالينا مستغربين من اللى بيحصل. وانا مش عاوز حد يقعد ينكش ورا تصرفاتك يابنتى.
قالت بأسى يعنى أيه يا عمى. أعمل ايه يعنى
حاولى تبقى طبيعية وطاوعى مرات عمك. ولو حتى من ورا قلبك يا ستى. أنا مش عاوز حد يقعد يقول ليه ومش ليه. فاهمانى
قالت باستسلام حاضر يا عمى منا خلاص مبقتش املك حاجة غير كده أنا بس ليا عندك رجاء. يوم كتب الكتاب الله يخاليك مش عاوزه اشوفه. إيهاب يبقى يطلعلى الدفتر وأنا همضى عليه وخلاص.
أرسل تنهيدة قوية وقال يابنتى مينفعش. حتى لو المأذون وافق هنقول للناس أيه. العروسة مش عاوزه تشوف العريس ليه!
ثم تابع بتفهم أنا عارف انك مش طايقاه ولا طايقة تشوفى وشه. وانا كمان والله مبقتش طايقه في البيت. بس هنعمل أيه لازم كل واحد فينا ييجى على نفسه شوية علشان الأمور تعدى.
ده انا كمان مش هاطلب منك هتشوفيه وبس لا. ده انا كمان هاطلب منك تضحكى في وشه وترسمى السعادة على وشك ومتنسيش انكم هتقعدوا لوحدكوا شوية بعد كتب الكتاب.
أنتفضت قائلة برجفة سرت ف طول جسدها لا يا عمى. لا انا مش ممكن اقعد معاه لوحدى أبدا. حتى لو قتلتونى
قال مطمئنا هو انت مش بتثقى في عمك ولا أيه
قالت مريم بخفوت العفو يا عمى طبعا بثق في حضرتك بس.
قاطعها مفيش بس. أحنا مش عاوزين فاطمة مرات عمك تاخد بالها من حاجة. حاكم دى لما بتاخد بالها من حاجة بتفضل تحرك وراها لحد ما تجيب قرارها. أنت هتقعدى معاه في الجنينة مش فمكان مقفول. وعلشان تطمنى انا هبقى واقف في بلكونة أوضتى وشايف كل حاجة. ده غير أن وفاء وخطيبها هيبقوا قريبين منكوا. يعنى مفيش حاجة تخليكى تقلقى.
شعرت مريم أن حمل من الجبال وضع على صدرها تكاد تتنفس بصعوبة كلما تخيلت نفسها تجلس معه بمفردها فقالت بصوت أشبه بالبكاء
حاضر يا عمى بس بعد أذنك قول لطنط عفاف انى عاوزه بجد ألبس فستان إيمان. مش هعرف اجيب فستان محترم زيه. إيمان ساعتها لقيته بالعافية
أبتسم قائلا أتفقنا. بس اسمعى كلامها في حكاية الكوافيرة دى. وارسمى الضحكة على وشك يابنتى
قالت مريم باستسلام حاضر.
وفى المساء عادت إيمان إلى شقتها أغتسلت وصلت العشاء ونقلت ملابس عبد الرحمن كاملة إلى الغرفة الأخرى التي نام بها بالأمس جائتها رسالة منه على هاتفها النقال فتحتها وابتسمت رغما عنها وهي تقرأها يا إيمانى انا كلى حيرة. وڼار وغيرة وشوق ليك. نفسى أهرب من عذابى نفسى أرتاح بين أيديك.
أعدت طعام العشاء ل عبد الرحمن وبمجرد أن سمعت صوت سيارته هرولت إلى غرفتها وأغلقتها واطفأت المصباح وتدثرت جيدا وتصنعت النوم.
دخل عبد الرحمن المنزل فوجد الطعام معد على المائدة والجو يسوده الصمت والهدوء بدل ملابسه وطرق باب غرفة ايمان طرقات خفيفة لم ترد عليها فزادها بتصميما نهضت فوقفت خلف الباب وقالت
نعم في حاجة
عبد الرحمن ممكن
تفتحى. في حاجة مهمة عاوز اخدها من جوه.
أنا نقلتلك كل حاجتك في الأوضة التانية
قال وهو يتصنع الجدية لاء في فردة شراب مش لاقيها. أكيد في الدولاب عندك
صدقته وذهبت تنظر في خزانة الملابس
للتأكد ولكنها لم تجد شىء عادت مجددا قائلة ملقتش حاجة
تحدث بنفس النبرة قائلا أزاى يعنى. أنا متأكد انها جوه. أنا محتاجها بكرة ضرورى. لو سمحتى افتحى.
وقفت ايمان مترددة ثم ارتدت إسدال الصلاة وفتحت الباب ببطء رسم على ملامحه علامات الحنق وهو يدخل الغرفة ويقول
مش معقول كده. أقف ساعة برة علشان شراب. أومال لو كانت فانلة كنت وقفتينى قد أيه!
قالت على الفور أنا دورت كويس وملقتش حاجة ولو مش مصدقنى شوف بنفسك
وقف أمام خزانة الملابس ينظر بعبث ثم قال مش موجودة ودتيها فين
قالت بدهشة منا قلتلك مش هنا مصدقتنيش.
عبد الرحمن طبعا مش مصدقك. شكلك كده طمعتى فيها. طب كنت قوليلى وانا كنت هجبلك
شعرت بنبرة المزاح بدأت تتسلل في صوته فعلمت أنه اخترع قصة الجوارب ليدخل ويتحدث معها فقالت بجدية
لو سمحت اتفضل عاوزه انام
كتف ذراعيه فوق صدره وقال بابتسامة على فكرة لو بقيتى على طبيعتك هيبقى احسن. وانا يا ستى مش هادخل الأوضة من غير ما استأذن. لكن تقفلى الباب والحركات دى. مش حلوة. بحس كده انك خاېفة مني.
لم ترد عليه فوقف أمامها قائلا طب بلاش كل ده. دعتيلى زى ما طلبت منك
قالت وهي تشيح بوجهها أيوه دعتلك ربنا يرزقك بزوجة تحبها
أقترب وهو يقول طب ماهو ربنا رزقنى بيها خلاص الحمد لله.
أبتسمت بسخرية مريرة وقالت بجدية كل اللى بتعمله ده مالوش لازمة. وفر على
نفسك مجهود انك تحاول تقنعنى بحاجة مش موجودة أنا قلتلك انى قررت ومش هرجع في قرارى. ولعلمك انا من بكره هلم حاجاتى كلها وارجع اقعد مع مريم. أنا مش هقبل على نفسى ولا على كرامتى اكتر من كده.
وقف ينظر إليها بصمت للحظات قبل أن يقول بهدوء بس انا مش مصدقك. انا متأكد انك بتحبينى وعايزة تعيشى معايا. زى ما انا متأكد أنى عايز اكمل حياتى معاكى
سيطر عليها الإنفعال وهي تقول بعناد أنا قررت وخلاص. وكلامى ده مفيهوش راجعة يا عبد الرحمن
بادلها نفس النبرة العنيدة قائلا قرارك ده تبليه وتشربى مېته
قالت بدهشة يعنى ايه.
أقترب أكثر وأمسك وجهها بين كفيه قائلا يعنى انت مراتى وهتفضلى مراتى لحد ما اموت. أنتيهنا
قالت بانفعال يعنى أيه هو بالعافية
أغلق الباب وهو يقول أيوه بالعافية. أنا مش هصبر عليكى اكتر من كده. انت دماغك ناشفة وبعدين انا عاوز افهم انت ليه بتلبسى اسدال الصلاة قدامى. هو انا مش جوزك ولا أيه.
أتجه إلى خزانة ملابسها واخرج منامة قصيرة تخصها ومده يده به أمامها وهو يقول ده بيعمل أيه في الدولاب. مبشوفش يعنى الحاجات دى.
ثم تابع بلهجة آمره اتفضلى البسى ده حالا
لم تصدق إيمان ما يحدث لم تكن تتوقع بأنه سيثور لهذه الدرجة وينفعل هكذا حتى يخرج عن أطار هدوءه المعتاد بهذه الطريقة ظلت تنظر في ذهول وصمت فوضع المنامة على المقعد وأمسكها من يدها وأوقفها أمام المقعد وأشار إليها محذرا.
أنا هخرج بره خمس دقايق. لو رجعت لقيتك مش لابساه هلبسهولك انا
نظرت له وهو يغلق الباب خلفه ولا تكاد تصدق ما يحدث لم تمضى ثوان حتى طرق الباب بقوة أفزعتها
ها خلصتى ولا آجى اساعدك
قالت پخوف حاضر حاضر. هخلص اهو
تناولت المنامة ونظرت إليها بارتعاش و تقول لا مش ممكن البس ده. مش ممكن أعمل ايه بس ياربى.
هوت إلى المقعد وهي تنظر لصورتها في المرآة بحيرة وخوف حاولت أن تبكى لعله يرأف بحالها ويتركها ولكنها تعجبت من نفسها وهي تقول
هو مفيش دموع بتنزل ليه
أعتصرت عيناها كالأطفال دون جدوى حاولت أن تتذكر اسوء ذكرى في حياتها لعلها تبكى ولكن لا دموع أيضا خفق قلبها على صوت طرقاته القوية وصوته الجهورى من الخارج صائحا
الخمس دقايق خلصوا يا آنسه!
أنتفضت وهي تبدل ملابسها بسرعة وتقول حاضر حاضر.
الفصل الثاني والعشرون
أنتهت في سرعة من أرتداءه ونظرت مرة أخرى في المرآه وقالت ينهار مش فايت. أنا مش ممكن اطلع كده أبدا
مټخافيش انا هتجوزك مش هتخلى عنك أبدا
قالت بحنق دون أن تنظر إليه حرام عليك عامل فيا كل ده وواقف تهزر
تصنع الدهشة قائلا أنت هاتتبلى عليا ولا أيه هو انا لسه عملت حاجة
وأخذ يدور حولها وهو يقول بس انا مكنتش اعرف انك حلوة أوي كده.
خفق قلبها بشدة عندما شعرت بيده توضع على كتفها وهو يقول تعالى
تصورت
انه سيأخذها في اتجاه ولكنه خيب ظنها وأخذها خارج الغرفة حتى وصل للمائدة التي وضعت عليها طعام العشاء وقال بلهجة آمره
اقعدى
جلست وهي تنظر له بدهشة وقالت جايبنى هنا ليه
جلس أمامها على طاولة الطعام وبدأ في تناول طعامه وهو يقول جايبك تاكلى معايا. أصلى نفسى بتتفتح وانت قاعدة قدامى وانا باكل.
تملكتها الدهشة وهي تقول يعنى رعبتنى كل الړعب ده علشان آجى
اقعد معاك وانت بتاكل
قال مداعبا وهو يتناول طعامه وانا اللى فاكرك مؤدبة. اومال انت افتكرتى أيه
تحركت لتنهض في انفعال ولكنه أمسك يدها وهو يضحك وجذبها لتجلس مرة أخرى وهو يحاول السيطرة على ضحكاته
وهى
تشيح بوجهها عنه في ڠضب فوضع كفه على وجنتها وأدار وجهها نحوه وقال بابتسامة واسعة
أسمعى بس. بلاش الانفعال الزايد ده.
جلست وهي تنظر له بعدم فهم فقال وقد استعاد جديته وهدوءه لو كنت عرفتينى كويس كنت هتعرفى انى مش ممكن اجبرك على حاجة زى كده. أنا عملت كده علشان اصفى الجو بينا. وكل اللى انا عملته ده كان هزار. لكن انا عمرى ما المسک ڠصب عنك أبدا
زادت نظرات الحيرة في عينيها فقال برقة شارحا صممت تلبسى كده علشان تاخدى عليا وتقعدى قدامى براحتك وتحسى انى جوزك. متبقيش خاېفة مني ولا خاېفة من دخولى عليك فجأة.
همست بحيرة بس كده
أومأ برأسه في مداعبة قائلا أوعى تفهمينى صح
أرادات إيمان النهوض مرة أخرى ولكنها وجدت نفسها تقول طب اتفضل كل وخلصنى خلينى اقوم انا بردانه
أقترب بمقعده منها وقال بهمس طب ما انا ممكن ادفيك
أبتعدت وهي تقول محذرة عبد الرحمن
قال على الفور أيه يا إيمان في أيه. أنا قصدى اقوم اجيبلك الدفاية. انت كل شوية تفهمينى صح كده.
وضعت يدها على خدها وتصنعت أنها تحرك شعرها بيدها لتخفى ابتسامتها.
مضى اليومين ووقف يوسف أمام مرآته يرتدى حلته السوداء وهو شارد الذهن مشتت الأفكار يشعر برهبة خفية من لقائها كيف سينظر إلى عينيها كيف سيواجهها عندما يخلو بها ماذا سيقول وكيف سيبدأ هل يبدأ بالإعتذار أم يقبل يديها ورأسها لتسامحه نفسه لم تتركه ظلت تحدثه لم تكن أنت المذنب الوحيد. هي التي دفعتك لذلك دفعا. ولم تكن أنت الوحيد. هناك وليد والشابان الذي استقلت سيارة سلمى بصحبتهما والمكان الذي ذهبوا إليه. هل نسيت كل هذا .
جلس على المقعد وهو ينظر لصورته بالمرآة وكأنه يحادثها قائلا بحيرة بس انا اتأكدت. أنا كنت أول واحد
حادثته نفسه مرة أخرى نعم كنت أنت الوحيد. ولكن كنت الوحيد الذي اندفع هكذا. أما البقية فكانوا حذرين. وهي استطاعت أن تفعل كل شىء دون أن تؤذى نفسها
وضع يديه فوق رأسه شعر بأنه سيذهب عقله خرج للشرفة ووقف ينظر للسماء وقد تجمعت الدموع في عينيه قائلا
ياااااارب يارب بصرنى بالحقيقة. هتجنن.
أستعدت وفاء بفستانها المميز الرقيق بلونه الوردى بينما ارتدت مريم فستان العقد الذي ارتدته إيمان في يوم عقد قرانها كان في غاية الروعة علي جسدها وبساطته واحتشامه وبساطة زينتها أعطتها مظهرا ملائكيا تحركت بصحبة إيهاب وهي ممسكة بيده كالطفلة التي تتشبث بأبيها في الزحام مخافة الضياع ألتفت لها إيهاب مداعبا وقد شعر بأصابعها تقبض على يده بقوة وترتعش
مالك مړعوپة كده ليه
هزت رأسها بشكل عشوائى لم تجد كلمات ترد بها على دعابته لأول مرة تستقل المصعد وتشعر أنه يأخذها للچحيم لا إلى الطابق السفلى ارتجف قلبها بشدة عندما توقف المصعد معلنا انتهاء رحلته تحرك إيهاب خطوتين للخارج وهي تتبعه ومازالت ممسكة بيده وبمجرد ان وقع بصرها على الشقة مكان الحاډث تجمدت قدماها واصفر وجهها ومادت بها الأرض أسندها إيهاب ولحقت به إيمان التي كانت تنتظرهما بالأسفل وهو يقول في قلق.
مالك يا مريم
أشاحت
بوجهها بعيدا عن أكثر مكان تكرهه على ظهر هذا الكوكب وهي تقول في اضطراب شديد
مفيش حاجة. بقالى كتير بس منزلتش في الأسانسير. دوخت شوية
تقدم حسين منهم وقال لإيهاب وهو يرسم ابتسامة مبهجة على شفتيه عن اذنك بقى العروسة دى تخصنى.
أخذ يدى مريم وأسندها إلى يديه وربت عليها بحنان كان يعلم أنها المرة الأولى التي تتحرك فيها مريم وتهبط إلى الأسفل كان يعلم بأنها لن تمر على مكان الحاډث مرور الكرام كانت الخطوات بطيئة وهي تتذكر كل صوت وكل حركة مرت بهما في هذا المكان الذي لم يعد يحمل إلا الألم.
أتجه بها حسين إلى حيث ينتظرها المأذون تحت مظلتهم ورأته لأول مرة منذ الحاډث في البداية لم تتعرف عليه لأول وهله كان وجهه شاحب للغاية وكأن الأيام مرت عليه سنوات طويلة تفرست ملامحه بغل واضح وكادت أن تتحرك من مكانها تجاهه دون وعى ولكن حسين قبض على يديها بقوة كانت يدها بارده كالثلج وترتجف من الأنفعال. همس في اذنها
الناس كلها مركزة معاكى اقعدى هنا ومتبصيلوش.
جلست بجانبه وهو مازال ممسك بيدها وبدأ المأذون في إجراء مراسم الزواج نهض يوسف ليمضى على الأوراق فخطڤ نظرة سريعة إليها حتى انتهى ووضع القلم مكانه وأشار لها المأذون أن تأتى لتذيل الأوراق بتوقيعها ففعلت ثم وضعت القلم وعادت بجانب عمها أنتهى المأذون قائلا
زواج مبارك إن شاء الله
أنطلقت الزغاريد معلنة ارتباط جديد في الأسرة ولكنه من نوع خاص جدا.
ربت عبد الرحمن وإيهاب على كتف يوسف وعانقاه واحدا بعد الآخر ومهنئين له زواجه وكذلك فعلت فرحة ووالدته وعمه إبراهيم وهنأته إيمان ووفاء
بابتسامة ثم أقبلوا على مريم يعانقونها ويقبلونها وهي تجاملهم بابتسامة خاوية ضائعة. مرتعشة
أقترب وليد من يوسف ليعانقه ولكنه ابتعد عنه واكتفى بالمصافحة فقط نظر له وليد بحنق ثم اقترب من عبد الرحمن قائلا
هو اخوك
بيعاملنى ناشف كده ليه هو انا دوستله على طرف.
ربت عبد الرحمن على كتفه قائلا بمزاح معلش بقى عريس لازم نستحمله
كان عبد الرحمن يحادثه وعينيه لم تفارق إيمان وهي تجلس بين مريم ووفاء وتداعبهما بينما جلس عماد بجوار وفاء وشرع في وضع خاتم الخطوبة في أصبعها فهمست لها إيمان
مينفعش يمسك أيدك دلوقتى ده لسه خطيب مش زوج
همست لها وفاء طب والعمل
قاطعهم صوت عماد هاتى أيدك يا وفاء علشان البسك شبكتك
نهضت إيمان وهي مبتسمة وقالت له ثانية واحدة يا عريس.
واتجهت إلى والدة عماد وقالت لها تعالى يا طنط لو سمحتى
أخذتها واجلستها بجوار وفاء وتناولت العلبة القطيفة التي تحوى خاتم الخطبة وأعطتها لوالدة عماد وهي تقول لها بمرح
لو سمحتى يا طنط لبسيهالها حضرتك. معلش بقى معندناش بنات بتسيبه يمسكها يا فوزية.
ضحك الجميع ونظر لها محمد أخو عماد بإعجاب شديد يكسوه الحزن وهو لا يشعر بنظرات عبد الرحمن الذي كان يتابعه عن بعد شرعت والدة عماد في وضع الخاتم في أصبع وفاء وانطلقت الزغاريد مرة أخرى.
تقدم عبد الرحمن من إيمان وجذبها بعيدا ولكن برفق وقف بجوارها قائلا بعتاب ممكن تقعدى على جنب وتبطلى تتمشى قدام كل الناس كده
قالت إيمان بتلقائية أنا مش بتمشى انا كنت...
قاطعها بحنق ولا كنت ولا مكنتش. خالى الفرح ده يعدى على خير متخالنيش ارتكب چريمة
ثم نظر إلى محمد بطرف عينيه وقال لها أنت مش شايفة اللى
عمال يبصلك ده
نظرت إيمان إلى حيث ينظر حاولت أن تخفى ابتسامتها وهي تقول بلا مبالاة يبص ولا ميبصش وانا مالى
وقف أمامها ليحجب عنها الرؤية قائلا پغضب متخلنيش أطلعك فوق واقفل عليكى. أنت تفضلى في أيدى لحد ما يغور من هنا.
وضعت يدها في خصرها وقالت بلا مبالاة زى ما تحب
عاد بها مرة أخرى ولكنه لم يترك يدها ظل ممسكا بها بتملك وأجلسها بجواره وهو ينظر ل محمد نظرات حادة جعلته يصرف بصره عنها طوال الحفل.
لم يترك حسين يد مريم أيضا ظل بجوارها يربت على يدها ويطمئنها وكان يوسف يجلس بجوارها من الطرف الآخر ولكن بعيد عنها نسبيا دون أى تلامس لم تنظر له أبدا ومازالت ترسم ابتسامة باردة على شفتيها كأنها صورة مجسمة بلا روح.
تفاجأت مريم بحضور سلمى التي اقتربت منها وقبلتها ببرود قائلة مبروك يا عروسة. زعلانه منك يا وحشة كده متعزمنيش
مبروك يا عريس
نظر لها باحتقار دون أن يمد يده فأعادت يدها مع احتقان وجهها ونظر الناس إليها واتخذت مكانا بجوار وليد الذي أشار لها أن تأتى بجانبه همس لها
متزعليش. بكرة هطلعه على چتته.
قالت ببرود أهو كلام. قلتلى كده المرة اللى فاتت ومعملتش حاجة
قال بخفوت ومين قالك انى معملتش. هي بس مظبطتش معايا بس اوعدك هتتعوض
وقفت فرحة بجوار إيهاب وقالت بطفولية انا متغاظة. عاوزه البس فستان فرح تانى ماليش دعوة عاوزه نتجوز تانى
قال إيهاب موافقا من عنيا يا حبيبتى أوعدك هتجوز تانى واعزمك
ضړبته على كتفه فوضع يده على كتفه مټألما وهو يضحك آآآآآه يا مفترية.
عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت قال يتجوز عليا قال ده انا كنت اډبحك
لف ذراعه حول كتفها وقال ضاحكا بحبك يا مچنونة
أنتهى الحفل وسمح إبراهيم لوفاء أن تجلس بعض الوقت مع خطيبها في الحديقة قريبا من مريم ويوسف بينما كان حسين آخر من ينصرف ويترك مريم ولكنها أطبقت على ذراعه قائلة
ماتمشيش يا عمى
أطرق يوسف برأسه وسمع والده يقول لمريم مطمئنا مټخافيش.
ثم الټفت إلى يوسف ناظرا إليه بحدة وهو لا يزال يوجه حديث لمريم وقال انا واقف في البلكونة وعينيا عليك لحد ما تطلعى شقتك.
ثم انصرف وتركهما بعد أن سمحت له على مضض لم تعد تحتملها قدماها فجلست قبل أن تسقط شعرت بأطرافها متجمدة وألم في معدتها وهو يجلس أمامها و ينظر إلى الفراغ وطال الصمت تملك جسدها قشعريرة فلفت ذراعيها حول جسدها وكأنها تحتضن قلبها وتطمئنه كعصفور طار طويلا تحت زخات المطر ووقع على ذراعيها في أجهاد شديد يخفق في ألم ووحدة.
ظن يوسف أنها تشعر بالبرد فأخذ سترته التي وضعها من قبل على المائدة أمامه ومد يده به إليها قائلا بصوت مرتبك
خدى ألبسى ده. شكلك بردانة
نظرت لسترته ثم نظرت إليه باشمئزاز قائلة بتقرف أخاف المسه ينجسنى
كلمتها كانت ثقيلة على أذنيه ولكنه لم يرد وضع السترة بجواره متمتما أستغفر الله العظيم
قالت على الفور وقد بدا وجهها يشتعل بغل بتعرف ربنا أوى يا ندل
أبتلع ريقه في صعوبة وشعر بجفاف حلقه وضع رأسه بين يديه وهو يزفر بقوة. فقالت ياريت لما تنفخ تانى تودى وشك الناحية التانية علشان متلوثش الهوا اللى بتنفسه
شعر باستفزازها له فقال وهو يضغط على أسنانه الكلام ده
مالوش لزوم
قالت پحقد إن شاء الله ربنا هينتقم لى منك يا حقېر
أشار لها يحذرها قائلا شوفى. أنا كنت ناوى أتأسفلك واستسمحك. بلاش تستفزينى علشان متضطرنيش أرد عليكى رد مش هيعجبك.
قالت باستهزاء كمان ليك عين
تتكلم. أما بجح صحيح.
لم تكن تعلم مريم ما هذه الجرأة التي تملكتها وهي تتحدث معه ولكن كل ما تعلمه أنها
بمجرد ما خلت به شعرت بكمية حقد وغل لا مثيل لهما بل وبحثت بنظرها على الطاولة لعلها تجد سکين أو ماشبه ولكنها لم تجد فقررت ذبحه بكلماتها كانت مطمئنة بأن عمها يراقبهما من بعيد ووفاء وخطيبها بالقرب منهما فشجعها ذلك على الإسترسال في أهانته وأشباع حاجتها في تمزيقه وقټله بعباراتها.
أشاح بوجهه بعيدا عنها وهو يحاول كتم غيظة والسيطرة على انفعالاته فهو يلتمس لها العذر في كل ما تقول وتفعل ما فعله ليس بهينا فما جدوى الإعتذار في مقابل الچريمة التي ارتكبها فقرر أن لا يرد عليها مهما قالت صمته استفزها كثيرا فهى لم تنتهى بعد من أخراج ما بداخلها من لعنات عليه ولم يشفى صدرها مما يعتمل بداخله من حقد وغل تجاهه فقالت بسخرية
لاء واخويا بيباركلك...
ثم نظرت له باحتقار وقالت فاكرك بنى آدم
ضړب المائدة بقبضته في ڠضب والټفت إليها قائلا يابنت الناس بطلى تستفزينى. أنا ماسك أعصابى بالعافية
قالت بسخرية ده على أساس أنك عندك ډم زى البنى آدمين.
قال بلهجة حادة أوعى تفتكرى ان انا علشان ساكت ومش عاوز اتكلم انك هتستضعفينى وتهزئى فيا براحتك لاء. أنا ساكت علشان خاېف عليكي. أنا لو اتكلمت هاجرحك. أنا مش غلطان لوحدى يا هانم. ومتعمليش عليا طاهرة. أنا كنت بشوفك بعينى وانت ة. قدام باب الكلية وفي فرح اختك. كل ده كوم والسڤالة اللى كنت بتعمليها مع وليد كوم تانى.
قالت بانفعال مكتوم أخرس يا ندل. كمان بتشوه سمعتى. مش كفاية اللى عملتوا فيا.
قبض على يدها بقوة قائلا أنا لو كنت ندل كنت مشيت من البيت وسافرت أى مكان ومكنتش اتجوزتك. مكنش هايهمنى ڠضب ابويا عليا مانا ندل بقى. لكن انا ندمت على اللى عملته وتوبت لربنا وكان لازم استر عليكى علشان ربنا يقبل توبتى. الدور والباقى عليكى. شوفى نفسك قبل ما تتهمينى بالحقارة. على الأقل انا عملت كده وانا شارب مخډرات تغيب عقل بلد. لكن انت كنت بتعملى اللى بتعمليه مع وليد ومع غيره وانت عارفة بتعملى أيه كويس لا وطلعتى شاطرة وحافظتى على نفسك لآخر لحظة رغم كل اللى كنت بتعمليه.
قالت بكره شديد منك لله يا. مصمم تشوه سمعتى ماكفاش اللى عملته فيا
نهض وهو يقول اقعدى مع نفسك وانت تعرفى ان سمعتك كانت مټشوهة لوحدها اه صحيح انا نسيت اقولك انى كنت ماشى وراكى بالعربية انت وصاحبتك السفلة وشفتكوا. شفت كنتوا رايحين فين ومع مين
وقبل أن ينصرف سمعها تقول پحقد ربنا ياخدك ويرحنى منك.
عاد مرة أخرى وقال لها پألم أهى دى أحلى دعوة سمعتها من ساعتها. أيوه كده ادعيهالى دايما وان شاء الله ربنا هيستجيب منك ويريحك مني ويرحنى انا كمان.
قبل قليل كانت إيمان تقف في الشرفة تنظر إلى نفس المشهد الذي تكرر من قبل ولكن مع أختها التي ترتدى نفس الفستان وتجلس مع زوجها وكل منهما ينظر في اتجاه تذكرت كيف كانت تجلس هكذا يوم عقدها على عبد الرحمن واسترجعت نفس المشاعر المؤلمة كان عبد الرحمن قد بدل ملابسه ثم دخل إليها غرفتها فوجدها تقف شاردة أمام شرفتها تنظر إلى مريم ويوسف في وجوم شعر فورا بما يعتمل في نفسها وانها تذكرت
يوم عقدهما حاول أن يطفى جو من المرح على الموقف فاقترب منها وهو ينظر إلى منامتها القطنية الوردية قائلا بمرح.
بتعملى أيه عندك يا باربى.
أنتشلتها كلمته من أعماق ذكرياتها فالتفتت إليه ثم نظرت إلى رسوم باربى المطبوعة على ملابسها وقالت ببرود
عاوز حاجة
أقترب منها أكثر ووضع كفه على وجنتها قائلا برقة مش عاوز حاجة غيرك
دفعته بخفة في صدره وابتعدت عنه دخلت الفراش وتدثرت وهي تقول لو سمحت اطفى النور وانت خارج.
جلس بجوارها على طرف الفراش وأزاح الغطاء قليلا وهو يقول بعذوبة طب انا مش خارج. أيه رأيك نفضل في السرير ونجيب حد يطفلنا النور
الله. طب لما هو كده ليه واحنا مسافرين مكنتش حاسس بحاجة ناحيتها ومكنتش عاوز حتى المسها يمكن علشان كنت حاسس أن بابا هو اللى كان عاوزنى اتجوزها!
نهض من فراشه وسار قليلا يتكلم مع نفسه ويتذكر يوم زفافه وكيف تركها ونام وقعت عينيه على صورته في المرآة فوقف أمامها قائلا
ماهو حاجة من الاتنين. أنت يا أما عبيط يا أما اهبل. والاحتمال الأكبر انك الاتنين مع بعض.
أوقف وليد سيارته أمام منزل سلمى وقال بضجر أدينى وصلتك اهو زى ماكنتى عاوزه. يالا اتفضلى
أستدارت بجسدها كله إليه قائلة دلوقتى بقيت توصلنى ڠصب عنك الله يرحم...
ثم تابعت بغيظ مش كفاية الكسفة
اللى اكسفتها في الفرح وهي بتسلم عليا ببرود والناس شايفانا
ياستى قلتلك اصبرى هخدلك حقك.
قالت بعصبية كله بسببك. قعدت توعدنى انك هتاخدلى حقى من القلم اللى يوسف ضربهولى قدامك. وانا صدقتك لما قلتلى هتفضحه في كل
حتة ونفذتلك اللى انت عاوزه. وادى النتيجة مفيش حاجة حصلت. لا وفي الآخر اتجوزها كمان
قال بشرود ومين قالك ان مفيش حاجة حصلت. أنا بس لسه مش متأكد
قالت بسخرية ما انت قلتلى قبل كده الكلام ده واهو راح اتجوزها.
قال بنفاذ صبر يا غبية افهمى. الجواز السريع ده حصل نتيجة لحاجة من الاتنين. يا أما بعد ما شافها طالعة معاكى انت وولاد خالتك وقرر يواجهها وفعلا واجهها وهي قدرت تضحك عليه ودى حاجة بستبعدها لأنه كان شارب مخډرات تخليه تلاجة ماشية على رجلين. يا أما حصل عكس اللى كنت مخططله واضطر يستر عليها.
عقدت سلمى حاجبيها وقالت بعدم فهم عكس اللى كنت مخططله ازاى. أنت مش كان هدفك انه يحاول معاها وهو شارب وهي تروح تفضحه عند ابوك وتبقى كده ردتله اللى عمله معاك لما هددك انه يفضحك. وفي نفس الوقت ابوك ميصدقوش بعد كده لو قال عليك حاجة!
بالظبط. بس واضح ان اللى حصل اكبر من كده. واضح ان الحكاية تعدت المحاولة بمراحل. وإلا مكانش شكلهم بقى زى ما شفتى كده كأنهم بيتجوزوا ڠصب عنهم. ومش طايقين بعض.
أستدار فجأة إليها قائلا بضيق يالا انزلى بقى وجعتيلى دماغى. عاوز اروح امخمخ كده مع نفسى. الحكاية دى لازم اتأكد منها بأى شكل بس مش عارف ازاى.
23 الفصل الثالث والعشرون
دخل يوسف مكتب أبيه مطرقا وقال حضرتك بعتلى يا بابا
نظر له والده في حدة
وهو يقول أنت أيه اللى جابك الشركة النهاردة
نظر له يوسف بدهشة قائلا جاى اشوف شغلى
نهض والده وقال بلهجة صارمة ملكش شغل عندى
ثم تابع بنفس نبرته الحادة تروح دلوقتى تلم حاجتك من مكتبك وتروح بيتكوا ولا تشوفلك مصېبة تانية تروحها
شعر بغصة في حلقة وهو يقول بخفوت يعنى أيه
قال حسين بنفس النبرة الجامدة زى ما سمعت. مشوفش وشك في الشركة تانى وكفاية انى مطردتكش من البيت. واسمع مش عايز اشوف خيالك في البيت طول مانا هناك. تغور في أى حتة من قدامى. فاهم ولا مش فاهم.
خرج يوسف من مكتب والده والدنيا تميد به لماذا لم يدافع عن نفسه ولو بكلمة واحدة! لماذا لايعطيه فرصة ليتحدث لماذا لا يتكلم معه ليعرف لماذا فعل ذلك
أستقل سيارته وقاداها بلا هدف حتى وجد نفسه يمر بكورنيش النيل ركن سيارته جانبا وترجل منها وقف أمام سور الكورنيش ينظر إلى الماء في وجوم يتذكر الليلة المشؤمة.
تذكر عندما قاد سيارته مراقبا لسيارة سلمى ظل خلفها متابعا لها بتركيز والغيرة تفتك بقلبه وبدون سابق أنذار توقفت سلمى تحت أحدى البنايات خرجت سلمى من سيارتها ثم الرجلين وقفا يتحدثان قليلا ثم صعد الرجلين لفترة من الزمن قصيرة وهبطا إليها مرة أخرى ثم خرجت مريم من السيارة وصعدت معهما هي وسلمى توجه إلى حارس العقار وتحجج بأنه يسأل عن شقة مفروشة خالية في البناية فقال له الحارس بتأفف.
بلا مفروش بلا قرف
ثم أشار إلى سيارة سلمى قائلا آدى اللى بناخده من المفروش بلا هم. بنات عايزة قطم رقبتها ملهمش أهل يلموهم
توقفت ذكرياته عند هذه النقطة عندما شعر پألم شديد في عضلات قلبه عاد إلى السيارة وقادها مرة أخرى عائدا إلى المنزل بمجرد أن دخل من بوابة المنزل الداخلية تفاجأ بخروج فرحة ومريم من المصعد وما أن رأته فرحة حتى تعلقت في ذراعه قائلة
جيت في وقتك يا اخويا يا حبيبى.
أضطرت مريم أن تركب بجواره وفرحة في الخلف وطوال الطريق تتحدث في الهاتف مع صديقتها المقربة كعادتها دائما أخرجت مريم مصحف صغير من حقيبتها وظلت تقرأ فيه طوال الطريق كان ېختلس النظر إليها من حين لآخر وهو لا يصدق ما يرى تردد قليلا ثم قال.
رايحين دلوقتى تعملوا أيه. انتوا مش في أجازة
لم تسمعه فرحة وهي تتحدث إلى صديقتها في الهاتف فأعاد السؤال مرة
أخرى وهو ينظر لمريم فقالت ببرود
عندى تدريب صيفى
وجد نفسه يقول هتخلصى أمتى
قالت بصوت أشبه للهمس من بين أسنانها ملكش دعوة
بعد أن انتهت فرحة وأغلقت الهاتف قال يوسف على الفور هتخلصوا أمتى يا فرحة علشان آجى اخدكم
قالت فرحة بسعادة أيه ده بجد! أنا هخلص على 3 كده.
ثم نظرت إلى مريم متسائلة وانت يا مريم هتخلصى أمتى
تصنعت مريم أبتسامة وهي تقول لا متشغلوش بالكوا. أنا لما هخلص هروح
قال يوسف خلصى براحتك. بس قوليلى على أمتى علشان آجى اخدك
صمتت بضيق من محاصرته فكررت فرحة سؤاله قائلة ها يا مريم هتخلصى أمتى
قالت بضجر يعنى على الساعة 2 أو 3 مش عارفة بالظبط
قال يوسف بحسم الساعة أتنين هتلاقينى واقف مستنيكى.
خرج وليد من مكتبه واقترب من مكتب علا التي لا تعيره اهتماما رسم ابتسامة على شفاه قائلا
أنا
هروح اتغدى تحبى تيجى معايا
هزت رأسها نفيا قائلة بجدية متشكرة يا أستاذ وليد. وبعدين لسه معاد الراحة فاضل عليه نص ساعة
أتكأ على المكتب قائلا ياستى انا صاحب الشغل ولا يهمك. وبعدين انا عاوزك في موضوع مهم
ومش هينفع هنا.
نهضت ونظرة له بجدية وقالت انا مفيش مواضيع بينى وبين حضرتك غير الشغل وبس لو في حاجة في الشغل افتكر هنا مكانها مش في حتة تانية
أعتدل وهو يتفحصها ببرود وعقد ذراعيه أمام صدره قائلا أنت بتعاملينى ناشف كده ليه.
جلست وهي تتابع عملها أصل حضرتك متصور انى علشان بشتغل عندك يبقى سهل تاخدنى أى مكان بره الشغل. لا يافندم انا مش كده. وأظن حضرتك تعرف أن ابن عمك كان خاطب اختى يعنى لو كانت أخلاقنا عليها غبار مكنش فكر يرتبط بيها من الأول.
ثم القت عبارتها الأخيرة قاصدة أياها قائلة أحنا مالناش غير في الجد وبس يا فندم. ولو سمحت يا أستاذ وليد سبنى اكمل شغلى.
أخرج وليد علبة من القطيفة من جيبه ورسم على وجهه علامات الحزن قائلا أنت فهمتينى غلط على فكرة. أنا بس كنت عاوزك علشان اقدملك دى
وفتحها وأدارها إليها ألقت عليها نظرة سريعة. كانت تحوى خاتما ذهبيا مرصعا بفصوص للامعة براقة أعادت نظرها إليه ببرود وقالت
ايه دى
وليد دى هدية بسيطة
بمناسبة ايه
قال مغازلا بمناسبة جمالك.
تصنعت الإنفعال وهي تقول حضرتك ليه مصمم تضايقنى. قلت لحضرتك انى ماليش في الحاجات دى انت ليه مبتقدرش تفرق بين البنات وبعضها
وأخذت حقيبتها وهي تتصنع البكاء وهرولت سريعا من أمامه وهي تخفى ابتسامة خبيثة بداخلها لم تتجاوز عقلها!
شعر بحيرة شديدة من تصرفاتها معه فهو لم يعتاد على ذلك من أى فتاة أخرى هاتف صديقا له وواعده على الغذاء والتقى به في أحدى المطاعم القريبة من الشركة.
ايه يا عم مختفى فين بقالى مدة مش شايفك على الشاشة يعنى
زفر وليد قائلا بحنق أسكت يا معتز في بت مطلعة عينى
قال معتز باندهاش أيه ده. بقى وليد باشا مش قادر على حتة بت. لا قول كلام غير ده. مين البت دى.
زفر وليد ثانية بضيق قائلا بتشتغل معايا في مكتبى في السكرتارية. بس رخمة رخامة يا أخى. حتى الابتسامة في وشى بطلوع الروح. أقولها نرفع الألقاب تقولى مينفعش أعزمها على غدا مترضاش وتقولى أنا مش بتاعة الكلام ده. أجيبلها هدية تديهوملى في جنابى وتسيبنى وتمشى. لما خنقتنى
ضحك معتز ضحكات عابثة قائلا لا ده انت حالتك صعبة أوى. قولى هي حلوة تستاهل يعنى.
قال وليد بضجر وانا هعمل أيه بحلاوتها وهي منشفة ريقى كده. لا وقال أيه تقولى أنا ماليش غير في الجد
ضړب معتز جبينه قائلا بفهم اوباااا بس يا باشا انا كده فهمت. البت دى رسمة على جواز
قال وليد بسخرية جواز مين يابا هو انا بتاع جواز. ما انت عارفنى كويس. انا بس
مش متعود ان واحدة تنفضلى كده
أرتشف معتز من القهوة الموضوعة أمامه وقال ببساطة طب انا بقى عندى فكرة تخليك تاخد راحتك معاها على الآخر.
قال وليد ساخرا منكم نستفيد
بص يا باشا. البت اللى تلاقيها معصلجة معاك وماشية في طريق الجواز. أخطبها
وليد باستهزاء لا والله وده من ايه.
أسمع بس لما اكمل كلامى. الحكاية دى ناس اصحابى جربوها كتير قبل كده. الواحد منهم يخطب البت اللى منشفة راسها معاه. يروح ويتقدم بقلب جامد ويعمل خطوبة ويقدم شبكة متوسطة كده. ويقعد سنة بقى داخل خارج معاها عزومات وسهر وسينما والذي منه ولما تحبك معاه أوى ياخدها تتفرج على شقة المستقبل وهي بتتوضب. اه طبعا يعنى تعيش في شقة من غير ما تقول رأيها فيها.
لمعت عينى وليد وهو يقول يابنى اللعيبة. شقة المستقبل. ازاى مخطرتش على بالى الفكرة دى قبل كده.
صمت لثوان في تفكير ثم قال بس يابنى ده كده ممكن يتدبس فيها ويضطر يتجوزها.
قال معتز بسخرية لا ماهو اللى يعمل كده لازم ياخد باله انه ميدبس نفسه. يعنى ياخد راحته من غير ما يدخل في الغريق علشان في الآخر لما يزهق. يقولها معلش يا حبيبتى احنا شكلنا كده متفقناش ومش قادرين نفهم بعض كل شىء نصيب بتمنالك حياة سعيدة
طب ماهى البت ممكن تروح تقول لأهلها.
قال معتز بزهو وهو يرى اللمعة في عينيى صديقه هتقولهم أيه. كنت بروح معاه شقة بيقول اننا هنتجوز فيها! وحتى لو عملت كده هيقولهم محصلش دى كدابة واكشفوا عليها هتلاقوها صاغ سليم. واهو اتبسط وعمل كل حاجة بالدبلة اللى لبسهالها وفي الآخر طلع منها زى الشعرة من العجين ولا حد يقدر يقوله تلت التلاتة كام
قال وليد بمكر يابن الأيه. ده انت حلتهالى على الآخر. ده على كده الدبلة دى بتحل مشاكل كتير وبتقرب البعيد.
خرجت سلمى من الكلية ووقفت تبحث عن سيارتها بين السيارات فرأت فتاة تشبه مريم اقتربت منها ثم قالت بدهشة
أيه ده مريم
ألتفتت لها مريم وقالت ببرود أهلا يا سلمى
أقتربت
سلمى أكثر منها وهي تنظر لملابسها قائلة أيه اللى لابساه ده. من أمتى يعنى
ثم قالت بسخرية أيه هو يوسف غصبك تلبسى كده. من أولها كده هيتحكم فيكى.
نظرت لها مريم بحنق قائلة لا يا سلمى انا اللى غيرت
لبسى علشان أبقى محجبة زى ما ربنا عايز مش زى ما الموضة عاوزه
صفقت سلمى ببطء وهي تقول برافوو. أيه ده ياربى. واقفة قدام ايمان بذات نفسها
نظرت لها مريم بضيق وهمت بالإنصراف تاركة لها المكان ولكن سلمى قبضت على ذراعها وتصنعت التفهم
متزعليش بس استنى هنا انا والله مبسوطة انك مرتاحة انا بهزر معاكى مش اكتر. ده انت حبيبتى يا مريم.
خلاص مفيش حاجة. عن أذنك بقى مش عاوزه اتأخر
استدارت لتذهب فوجدت أحد الشباب مقدم في اتجاههما وهو يشير لسلمى من بعيد بالتحية حاولت أن تذهب ولكن سلمى قبضت على يدها مرة أخرى وهي تقول
استنى بس انت وحشانى أوى ولسه مشبعتش منك
أرتبكت مريم ونزعت يدها من يد سلمى وقالت معلش مش دلوقتى عن اذنك
ألتفتت لتذهب مرة أخرى فوجدت الشاب قد اقترب منهما قائلا وهو يبتسم لمريم ازيك يا مريم وحشتينا.
قطبت جبينها وهي تقول أيه وحشتينا دى لو سمحت اتكلم معايا باحترام
وتركتهم وذهبت مسرعة بعيدا ألتفت
الشاب إلى سلمى وهو يقول بسخرية دى مالها دى
ما أن خطت مريم خطوات قليلة وكأنها تعدو حتى اصطدمت بيوسف توترت وهي تنظر إليه وهو يقول لها
الواد ده ضايقك
هزت رأسها نفيا فقال لها وهو ينظر إلى سلمى وصديقها شذرا طب يلا. كويس انى جيت بدرى
أستقلت معه السيارة وعندما لم تجد فرحة قالت بتوتر فين فرحة
قال بعملية صحابها روحوا بدرى وخدوها في سكتهم
توترت أكثر وشعرت باضطراب في جسدها خفق قلبها بشدة عندما أدار محرك السيارة وهو يقول
كان بيقولك أيه
هو مين
نظر لها نظرة جانبية سريعة وهو يقول الواد اللى ضايقك من شوية
قالت بضيق قلتلك مضايقنيش
أومال انا ليه شفتك بان عليكى ملامح الضيق أول ما شفتيه وسبتيه ومشيتى على طول
نظرت له بدهشة أنت كنت بتراقبنى ولا ايه...
ثم أضافت بحنق وبعدين أنا بطلت أقف مع ولاد
نظر أمامه ولم يرد عليها فقالت باستنكار أظاهر انك نسيت نفسك وافتكرت انك جوزى بصحيح
قال بهدوء متبدأيش في استفزازى تانى من فضلك. كفاية اللى قولتيه قبل كده.
كانت تتمنى أن تستفزه فعلا وأن توجه إليه اللعنات ولكن هذه المرة تختلف كثيرا أنها وحدها معه فمن الأفضل أن تصمت فتحت مصحفها وظلت تقرأ بعينيها في صمت وهو ينظر إليها بين الحين والآخر حتى وصل إلى المنزل وعند البوابة تفاجأ بمرور سيارة والده في طريقه للعبور للداخل لمح والده مريم تجلس بجواره في السيارة. تراجع يوسف بسيارته ليفسح المجال أمام أبيه للعبور توقفت السيارتان وهبطت مريم في سرعة وتوجهت إلى سيارة عمها وهو يترجل منها في هدوء وضع يده على كتفها بترحاب قائلا.
ازيك يا بنتى. كنت فين
كان عندى تدريب في الكلية وكان المفروض ارجع مع فرحة. بس هي روحت بدرى مع اصحابها
نظر حسين إلى يوسف الذي يقف أمام والده باحترام شديد ثم نظر مرة أخرى إلى مريم وقال لها
ضايقك
هزت رأسها نفيا وهي تقول لاء
أعاد حسين نظره إلى يوسف قائلا انا كنت هسحب منك العربية كمان. بس خلاص خليها. أهو تبقى توصلهم بدل ما تقعد عاطل كده.
وأخذ مريم واتجه بها إلى الداخل أستند يوسف إلى سيارته ومسح على شعره وقد احمر وجهه مما سمعه من كلمات لازعة أمام مريم.
توقف بهما المصعد في الطابق الثانى فقال حسين بحنان متيجى تقعدى معايا بدل ما تطلعى تقعدى لوحدك فوق. تلاقى ايمان عندنا دلوقتى
أومأت برأسها موافقة فلمح في عينيها التوتر والحيرة فقال عاوزه تسألى على حاجة
قالت بخفوت أيوه يا عمى عاوزه اعرف معنى الكلام اللى قلته تحت من شوية.
أبتسم وهو يقول متسائلا يهمك تعرفى
زاغت نظراتها ولم ترد فقال وقد اتسعت أبتسامته أكثر طردته من الشركة وقلتلوا مالكش شغل عندى وكنت ناوى اسحب منه العربية بس خلاص طالما ممكن ينفعك بيها خليها معاه
شعرت مريم بشىء من الإرتياح عندما تخيلته وهو يطرد من عمله ويتكلم معه أبيه بهذه الطريقة المهينة وأمامها أيضا طرق الباب وفتحت له إيمان بابتسامتها المشرقة.
حمد لله على السلامة. أيه كان عندكوا راند فو ولا أيه
قال حسين مداعبا هزرى براحتك علشان جايبلك خبر هيفرحك أوى
خبر أيه
قال بلامبالاة عبد الرحمن سافر بور سعيد وهيقعد كام يوم هناك
شعرت إيمان پصدمة وهي تقول سافر امتى. ومقاليش ليه
أبتسم وهو يقول أنا كنت فاكرك هاتفرحى اكمنه كان كابس على نفسك
أنطفأت أشراقتها وقالت مكلمنيش يعنى. للدرجة دى مش فاضى.
كان لازم يسافر بسرعة مع العملاء. في مشكلة في المينا ومفيش حد غيره هيعرف يحلها وتلاقيه مش عارف يكلمك وهو راكب معاهم
قالت بذبول وهي تنصرف للمطبخ طب ياعمى متشكرة انك قولتلى. أروح اكمل الغدا مع طنط عفاف
جلس بجوار مريم بعد انصراف إيمان وقال لها بقولك أيه يا
مريم انا شايف ان مفيش داعى نستنى كتير. أيه
رأيك نعمل الفرح أول ما عبد الرحمن يرجع
أنتفضت وهي تلتفت إليه قائلة لا يا عمى كده بدرى أوى.
قال بجدية بدرى على أيه انت ناسية انتوا هتعيشوا مع بعض ازاى
يعنى مش هتفرق بقى نعمل الفرح دلوقتى ولا بعدين. كده ولا كده مش هيبقى في بينكوا تعاملات
قالت مريم بتوتر بس انا اخاڤ اقعد معاه في مكان واحد. ده انا كنت مړعوپة وانا راكبة معاه العربية لوحدى
قال بثقة مټخافيش. ميقدرش ېأذيكى بأى شكل من الأشكال. هو عارفنى كويس وعارف انا ممكن اعمل فيه أيه.
حاولت أن تعترض بكلمات مبعثرة متلعثمة ولكنه قاطعها قائلا خلاص بقى يا مريم خلينا نخلص من الحكاية دى بدل مانتى كده على ذمة واحد پتكرهية. خليكى تدخلى وتقعدى معاه شوية وبعدين تطلقى وتبدأى حياتك من جديد. عاوز أطمئن عليكى يا بنتى. ها قولتى أيه
قالت بخفوت معاك حق يا عمى التأجيل مالوش لازمة. خلينا نخلص
جلس وليد أمام أبيه وهو يقول يابابا الكلام ده مالوش لازمة. البنت عاجبانى وهاخطبها خلاص.
قال إبراهيم بانفعال أنت ناسى دى تبقى مين. دى اخت هند اللى ابن عمك فسخ خطوبته منها والله أعلم عمل كده ليه
قال وليد ببرود ميهمنيش. وبعدين انا قلت هاخطبها هو انا قلت هتجوزها
نظر له والده بتسائل نعم يعنى ايه
قال وليد بارتباك لا انا قصدى يعنى انى هخطبها واشوف أخلاقها. لو طلعت كويسة نكمل. طلعت غير كده يبقى خلاص.
يابنى مش عاوزين حاجة تفرق بينا وبين عمك وولاده. ازاى بس هتيجى بينا كده هي واختها اللى كانت مخطوبة لابن عمك
قال وليد في تصميم يابابا انت مكبر الموضوع أوى. دى مجرد خطوبة وخلاص وبعدين يعنى هو عبد الرحمن ومشاعره أهم عندك مني انا
قال إبراهيم في استنكار لله الأمر من قبل ومن بعد. أنا عارفك لما بتحط حاجة في دماغك. خلينى اقول لعمك واشوف هيتصرف ازاى.
وليد بلا مبالاة يتصرف في ايه بس. أنا خلاص دخلت بيتهم وقعدت مع امها وحددنا معاد كمان يومين. ولا يرضيك ابنك يخلف وعده ويطلع عيل.
ربت حسين على كتف أخيه إبراهيم وقال بابتسامة هدى نفسك يا إبراهيم خلاص سيبه يعمل اللى هو عاوزه
ازاى بس. الواد ده مخه طول عمره تاعبنى يا حسين ومش قادر عليه
قال حسين مهدئا خلاص يا ابراهيم يخطبها هو حر. هو اللى اختار. سيبه على راحته علشان ميجيش بعد كده يقولك انت غصبت عليا
هتدخل العيله ازاى دى هي واختها طب وعبد الرحمن.
أبتسم حسين وقال بتفهم عبد الرحمن بيحب مراته يا ابراهيم. ووجود هند من عدمه مش هيفرق معاه. بلاش نعاند مع وليد وانا متأكد انه هيسيبها لوحده.
جلس وليد بجوار علا وأمسك يدها وألبسها خاتم الخطبة الذهبى والذي حرصت علا على أن تنتقيه بسيط لتعطى انطباع لوليد عنها أنها قنوعة ولا تطمع في أمواله وانما وافقت على الخطبة من أجل مشاعرها تجاهه. فقط لا غير!
ابنك اټجنن باين عليه. بقى دول ناس نناسبهم
وخزها بلطف قائلا مالناش دعوة يا فاطمة. أحنا
جينا بس علشان منسيبوش لوحده. لكن كده ولا كده كان هينفذ اللى في دماغه
مالت وفاء عليها قائلة بس يا ماما. الناس بتبص اسكتى.
نظرت علا لوليد بدلال وقالت اومال عمك مجاش ليه هو وولاده. هما مش موافقين على خطوبتنا
نظر لها نظرة جانبية وقال مفيش. هو بس غلط غلطة كبيرة أوى في شغله. حملنا بيها خساير كتيرة وكان لازم يتعاقب. أصله مش صغير يعنى علشان يغلط غلطة زى دى ميغلطهاش موظف لسه جديد
قالت بصوت أشبه بالبكاء تعاطفا مع ولدها كلنا بنغلط يا ابو يوسف. مش معقول علشان حاجة حصلت ڠصب عنه يتعامل بالشكل ده. ده بقى لا بياكل ولا يشرب لحد ما خس وعدم.
رسم ابتسامة رضا على محياه قائلا خلاص يا عفاف. علشان خاطرك انت هسامحه. علشان تعرفى بس غلاوتك عندى ولو انى مبسامحش في الشغل أبدا
أبتسمت برضا قائلة ربنا يخاليك لينا يا حسين.
وخرجت بغير الوجه الذي دخلت به منذ قليل.
كانت مريم تمسك بجهاز التحكم وهي تشاهد التلفاز وتتقلب بين قنواته في ملل شديد أطفأته ونهضت لتذهب للشرفة لتجلس فيها قليلا رأته يتجول في الحديقة ويدور حول نفسه يدور كالنمر المحبوس بين قضبانه لا يجد مخرجا ظلت تنظر إليه بشرود وهي تتذكر كلماته اقعدى مع نفسك وانت تعرفى ان سمعتك كانت مټشوهة لوحدها. اه صحيح انا نسيت اقولك انى كنت ماشى وراكى بالعربية انت وصاحبتك السفلة وشفتكوا وشفت كنتوا رايحين فين ومع مين.
جلست على المقعد في وجوم وهي تقول كنت ماشى ورايا ليه يا يوسف. ولما شفتنى وانا طالعة معاهم ليه مجتش تاخدنى. كنت همشى معاك والله.
فى نفس اللحظة كانت إيمان تتقلب في فراشها يجافيها النوم لقد تعودت على وجوده في المنزل كيف تنام بدونه نهضت ودخلت الغرفة التي ينام فيها دست جسدها تحت غطاءه
وتدثرت به وأغمضت عينيها وهي تستنشق عبيره الذي يملاء فراشه ووسادته وبدأت بالفعل في الاسترخاء حتى سمعت صوت هاتفها ألتقتت الهاتف ونظرت فيه وابتسمت عندما وجدت أسمه تضىء به شاشته ردت بلهفة
السلام عليكم.
أتاها صوته عبر الهاتف بشوق كبير
وعليكم السلام. وحشتينى يا حبيبتى. وحشتينى أوى
لم تستطع كلماتها أن تعبر عما يحمله قلبها فصمتت في خجل وشوق أتاها صوته مرة أخرى بشوق أكبر
هو انا كل ما اقولك حاجة تتكسفى كده. أنا قلت وحشتينى يا حبيبى. يعنى مش قصدى حاجة عيب. انت دايما كده تفهمينى صح
أبتسمت ابتسامة كبيرة فتابع وكأنه قد رآها أبتسامتك وحشتنى أوى
نظرت للهاتف في دهشة ثم قالت بصوت هادىء هتيجى أمتى
قال مشاكسا وحشتك
حاولت أن تصبغ صوتها بصبغة جدية وهي تقول أخبارك أيه
قال مداعبا لا يا شيخة. عليا انا الحركات دى
أحمر وجهها بشدة وهو يتابع حديثه أنا دلوقتى في الفندق ولسه قدامى يومين. مش عارف هبات يومين كمان بعيد عنك ازاى
يا حبيبتى
وأكمل مداعبا كل ما اتقلب على السرير اشوف صورتك على الوسادة الخالية اللى جانبى
أبتسمت رغما عنها وهي تقول هو انت مبتتكلمش جد أبدا.
ظهر الشوق في صوته بوضوح وهو يقول ماهو انا لو اتكلمت جد معاكى دلوقتى مش عارف هيحصلى أيه. مش بعيد أقوم انط في أى عربية واجيلك
قالت محاولة أن تغيير مجرى الحديث عمى حدد معاد فرح مريم ويوسف
قال عبد الرحمن وهو يضع ذراعه خلف رأسه ويتمدد على الفراش باسترخاء قديمة. عارفها من ساعة. كنت بكلم بابا وقالى احاول اخلص واجى في اقرب وقت.
ثم همس لها وهو يقول ميعرفش انى عاوز اطير وآجى بسرعة.
قالت معاتبة يعنى كنت فاضى اهو من ساعة وبتكلم عمى اومال مكلمتنيش ليه
تنهد بقوة قائلا كنت بكلمه وانا بره مع الناس وكنت مستنى لما اقعد لوحدى علشان اكلمك. أول ما دخلت اوضتى في الفندق كلمتك على طول
ثم قال مداعبا مرة أخرى بصراحة باربى وحشتنى أوى
ضحكت برقة وهي تقول مكنتش اعرف انك بتحبها أوى كده
فقال بخفوت أعمل ايه بس من ساعة ما شفتها وانا نفسى اروح معاها للرذيلة وهي اللى مش موافقة.
أسمع صوتك أشهد وجهك. أشعر أنك بين جفوني
وأذوب حنان وحنينا. للقائك يا ضوء عيوني.
24 الفصل الرابع والعشرون
قال وليد بنظرة انتصار علشان تعرفى بس أن مفيش حاجة تستخبى عليا
قالت فاطمة بتفكير الموضوع ده لازم ولاد حسين يعرفوه حالا مش لازم يستخبى أبدا
ضحك وليد بسخرية وهو يقول عبد الرحمن هو اللى سمعها ومفتكرش انه قال ليوسف أو فرحة
ألتفتت له بتصميم قائلة لازم تقول ليوسف.
حرك رأسه نفيا قائلا يوسف مش طايقنى اليومين دول أنت قولى لفرحة بصنعة لطافة كده وهي أكيد هتقول ليوسف
نظرت له أمه بتساؤل ويوسف مش طايقك ليه يا واد
وليد أبدا يا ستى كله من تحت راس البت اللى اسمها مريم دى. كل ده علشان نبهته ان مشيها مش كويس. طلع فيا ومن يومها وهو زعلان
قالت بتفكير وانت عرفت عنها حاجة. متأكد يعنى يا وليد
قال بمكر هو انا لو مكنتش متأكد كنت اتكلمت يا ماما.
شردت فاطمة في تفكير وهو تقول سيبلى الحكاية دى
صعدت فاطمة إلى شقة فرحة وطرقت الباب فتحت لها فرحة مرحبة بها وأدخلتها وهي متعجبة جلست فاطمة وبدأت في سرد ما جاءت لأجله وعندما وجدت علامات الذهول على وجه فرحة قالت
ايه ده هو انت مكنتيش تعرفى. ده انا فاكراكى عارفة.
نهضت فرحة وهي مصډومة وقالت حضرتك متأكدة يا مرات عمى
تصنعت فاطمة الأرتباك وهي تقول لالا يا بنتى مش متأكدة. بصى كأنك مسمعتيش حاجة.
وذهبت سريعا وهي تقول بصوت مسموع يقطعنى ياريتنى ما كنت اتكلمت
هوت فرحة إلى مقعدها مرة أخرى وجلست تفكر في كلام زوجة عمها معقوله. معقوله إيهاب اتجوزنى علشان أمه هي اللى خططت
لكده مش علشان بيحبنى. يعنى ايهاب مبيحبنيش وبيخدعنى
تناولت الهاتف وهي مازالت مصډومة وقالت ايهاب لو سمحت تعالى دلوقتى
طب قوليلى وحشتنى وانا اجى
جاءه صوتها متجمدا وهي تقول لو سمحت تعالى حالا متتأخرش.
لم تكن صدمة ايهاب أقل من صدمة فرحة حينما قصت عليه حديث فاطمة زوجة عمها وقال أنت بتقولى أيه يا فرحة. أنا أمى خططت لكل ده
وألتفت لها بحنق وأنت مصدقة انى اتجوزتك علشان أمى هي اللى قالتلى اعمل كده
زاغ نظرها اضطرابا ولم ترد فأومأ برأسه قائلا بعصبية أجابتك وصلت يا هانم. وعلشان اثبتلك بقى انك لسه معرفتنيش. جوازت مريم ويوسف مش هتكمل وكده ولا كده إيمان مش مبسوطة مع اخوكى وهاخد اخواتى وامشى من هنا وورقتك هتوصلك قريب
تعلقت فرحة بذراعه وهي تبكى أرجوك يا إيهاب استنى أنا مش قصدى انا.
قاطعها بانفعال خلاص يافرحة عنيكى جاوبت قبل لسانك مفيش داعى تقولى اكتر من كده.
ونزع ذراعه منها وانطلق مغادرا كالسهم والڠضب يتآكله ويلتهم حلمه عليها وشغفه بها
تناولت فرحة الهاتف واتصلت على أخيها يوسف تستنجد به في بكاء ألحقنى يا يوسف إيهاب هيطلقنى وهياخد اخواته ويمشى
من البيت
أنتفض يوسف فزعا وهو يهتف بها ليه ايه اللى حصل. انطقى
سردت له ما حدث في عجالة أغلق الهاتف وصعد إليها في سرعة ولكنه تفاجأ بزوجة عمه في طريقها للحديقة أوقفته وهي تقطع الطريق أمامه.
مالك يا يوسف بتجرى كده
ليه ياخويا
يوسف وهو يحاول أن يتخطاها معلش عن اذنك بس علشان فرحة عاوزانى ضرورى
وضعت يدها على فمها وهي تقول يلهوى هي قالتلك ولا ايه
أستدار لها قائلا قالتلى على ايه
قالت بحزن مصطنع أبدا ياخويا أنا أصلى حكتلها على سبب فسخ خطوبة عبد الرحمن لخطبته هند
نظر إليها ساخرا وقال كتر خيرك يا مرات عمى.
تركها وصعد الدرج في سرعة كانت فرحة قد لحقت بمريم في شقتها وأخذت تبكى ومريم تحاول تهدئتها سمع يوسف ضجيج يخرج من شقة إيمان وعبد الرحمن ومن الواضح أن إيهاب يتكلم مع إيمان بشكل أنفعالى
طرق الباب وتراجع خطوات للخلف فتح الباب وأطل منه وجه إيهاب غاضبا. فقال بسرعة عاوزك شوية لو سمحت يا إيهاب
قال إيهاب في ڠضب أنا اللى كنت عاوزك.
خرجت إيمان بعد أن ارتدت حجابها وهي تقول لإيهاب بترجى أرجوك يا ايهاب أهدى شوية
فى نفس اللحظه فتحت مريم الباب ووقفت تنظر لهم بتسائل فقال يوسف لو سمحت يا ايهاب نقعد نتكلم طيب.
وبعد عدة محاولات دخل الأربعة عند مريم
جلس إيهاب في حنق وتعمد عدم النظر إلى زوجته التي كانت تبكى بشدة وجلس بجواره يوسف قائلا بهدوء
ممكن نسمع بعض علشان نعرف نفهم.
أستشاط إيهاب ڠضبا وهو يصيح خلاص كل حاجة بانت نسمع أيه ونفهم أيه
ونهض قائلا پغضب أسمع يا يوسف. أحنا من هنا ورايح ولاد عم وبس وأنا هاخد اخواتى ونمشى من هنا
نهض يوسف ووقف أمامه قائلا إيهاب الطريقة دى متنفعش. نتكلم طيب
قالت إيمان على الفور وبعدين فرحة مقالتش حاجة غلط. الكلام ده حصل فعلا. ماما كانت بتكلم هند وعلشان كده عبد الرحمن فسخ الخطوبة
قاطعها يوسف عبد الرحمن هو اللى قالك.
هزت رأسها نفيا وقالت لا طنط عفاف قالتلى وهي فاكرانى عارفة. لأنى كنت في اليوم ده راجعة من عند عمى في الشركة. كنت بسألها على موضوع يخص ماما فهى افتكرت أنى قصدى موضوع هند
أبتسم يوسف بهدوء وقال لإيهاب ماهو بالعقل كده. عبد الرحمن هو اللى سمع هند وهو اللى فسخ الخطوبة. لو كان بقى متأكد أن حد فيكوا موافق على الكلام ده. أيه اللى هيخليه يتجوز إيمان.
قال ايهاب بعصبية ما انت لو كنت شوفته بيتعامل مع إيمان ازاى بعد يوم واحد جواز. مكنتش قلت غير أنه مكنش عاوز الجوازه دى
أشاحت إيمان وجهها
بضيق ولمعت عيونها بالدموع ثم قالت پألم لا يا إيهاب الحكاية مش زى ما انت فاكر. عبد الرحمن بيحبنى وانا الوحيدة اللى اقدر احكم عليه اذا كان اتجوزنى ڠصب عنه ولا بأرادته.
تابع يوسف ولو كان كده حتى. أيه اللى يخليه يوافق على جوازتك من فرحة هو وبابا وبعدين لو بابا عرف ان انتوا موافقين على كده أيه اللى هيخليه يوافق على ده ويكمل. مفيش حاجة تخلى بابا يوافق إلا اذا أتأكد انكوا مالكوش دعوة بالحكاية دى وأظن انت اتعاملت معاه وعرفته.
وألقى نظرة على مريم واقترب منها ووقف بجوارها ثم تناول يدها بين يديه وهو ينظر لإيهاب قائلا بتفكه.
وبعدين يا جدع انت ايه اللى خلاك تفتكر انى هوافق تاخد مراتى وتمشى. هي سايبة ولا أيه
حاولت مريم سحب يدها بهدوء من بين يديه ولكنه قبض عليها بقوة وهو يتابع حديثه مع إيهاب
فرحة بتحبك يا إيهاب. تلاقيها بس اټصدمت من الكلام اللى سمعته. معلش اعذرها لسه صغيرة
قالت فرحة پبكاء والله هو كده يا يوسف.
زفر إيهاب بضيق وهو يقول لا مش صغيرة يا يوسف بس هي معاها حق. أمى هي اللى حطتنا في الموقف ده وخلت الناس تبصلنا على أننا طمعانين فيهم وبنعمل عليهم خطط علشان نوصل لفلوسهم ونظر إلى ايمان بضيق وقال
وانت غلطك أكبر أنك عرفتى حاجة زى دى ومقولتليش في ساعتها. أنا ماشى رايح شقتنا القديمة
خرج إيهاب مسرعا هرولت إيمان وفرحة خلفه وهي تناديه أستنى بس يا ايهاب أستنى...
كان يوسف يستعد للنزول خلفهم ولكنه وقف على الباب واستدار على صوت هاتف مريم وجدها تأخذه وتدخل غرفتها وهي تتكلم بعصبية واضحة
أيوا يا ماما. خير عاوزه أيه مني تانى
تتبعها يوسف إلى غرفتها في فضول ووقف يستمع لها من خلف الباب المفتوح لم يبذل جهدا ليستمع لأنها كانت تصيح وهي تتحدث.
أدب أيه اللى أكلمك بيه. مش كفاية اللى عملتيه فينا. إيهاب هيطلق مراته. فاطمة مرات عمى قالتلها على اللى عملتيه مع هند. وإيمان مش مرتاحة مع جوزها وقاعدة معايا على طول. وانا جوازتى مش هتكمل إيهاب ساب البيت وانا أول واحدة همشى وراه. أيوه اټجننت. حرام عليكى بقى. ولعلمك حتى لو يوسف قبل يكمل الجوازه أنا مش هكملها. تخطيطك كله حطم حياتى. عارفة يعنى أيه
حطم حياتى. أوعى تتبسطى وتفتكرى أن الجوازات دى كلها جات على هواكى لا يا مدام أحلام. يوسف قبل يتجوزنى علشان يتستر عليا عارفة معنى الكلمة دى ولا مش عارفاها.
قالت آخر كلمة وهي تصرخ ثم سقطت مغشيا عليها وقع الهاتف من
فتحت عفاف باب شقتها على صوت فرحة وهي تهرول خلف إيهاب وتناديه وتبعتها ايمان أوقفت عفاف إيمان في خوف وقلق
في أيه يا إيمان مال فرحة وإيهاب
يعنى هو ممكن كمان يكون متصور انى بنفذ تخطيط أمى. ده غير أنه كان مڠصوب عليا أومال ليه قالى انه بيحبنى وليه معاملته اتغيرت وكلامه اتغير.
أستمعت عفاف لرواية فرحة كاملة وكان رد فعلها بالنسبة لهم عجيب لم تتفوه بكلمة وإنما دخلت غرفتها بدلت ملابسها وخرجت بعد ثوانى وفي عينيها صرامة غريبة عليها
قالت إيمان بصوت لم يخلو من البكاء رايحة فين يا طنط.
لم ترد عليها وهي في طريقها للخارج وقفت فرحة مكانها وهي تنظر إلى أمها بدهشة وهي تقول بخفوت
رايحة فين يا ماما دلوقتى
لم ترد أيضا وأنما تابعت طريقها خرجت وأغلقت الباب خلفها.
نهضت مريم فزعة عندما فتحت عينيها ببطء ووجدته يجلس على طرف فراشها وقف في سرعة وابتعد خطوات عندما رآها تلف ذراعيها حول قدماها وتنظر له في خوف وفزع وقال
مټخافيش. أنا مكنتش لسه نزلت لما مامتك اتصلت بيكى وسمعتك وانت بتصرخى وبعدين وقعتى على الأرض مكانش ينفع اسيبك وامشى
نهضت پخوف وهي تهرول نحو باب الغرفة ومنه إلى باب الشقة التي وقفت عنده وقالت باضطراب
أتفضل أطلع بره.
أقترب منها ووقف ينظر إليها في صمت فقالت مرة أخرى بقولك اطلع بره
ظل ينظر إليها بصمت وأخيرا تكلم وكأن صوته يأتى من بعيد قائلا مروحتيش ليه توصلى اختك واخوكى المطار يوم فرحهم
قالت بحنق وتوتر ملكش دعوة بيا مفيش بينى وبينك كلام
أعاد سؤاله بنفس الطريقة وقال أتكلمى. كنت طالعة الشقة المفروشة ليه.
حاولت أن تصبغ صوتها بنبرة تحذير قائلا أنا بحذرك تستمر في اللى بتعمله. أنت مصمم تشوه سمعتى علشان تبرر عملتك السودة. أتفضل أطلع بره بقولك
أمسكها من ذراعيها بقوة قائلا پغضب أنا شفتك بعنيه وانت طالعة معاها والشابين اللى كانوا معاكوا وروحت سألت البواب وقالى أنها شقة مفروشة وانكوا بنات مش محترمة
نفضت ذراعيها بقوة وهي تهتف به كداب. كداب أنا كنت طالعة شقة سلمى ودول ولاد خالتها.
أمسك ذراعيها مرة أخرى وقال حانقا أنت هتستعبطى. عاوزه تفهمينى انك سبتى اختك واخوكى ورايحة معاها شقتها ولما هي شقتها البواب ليه قالى كده
تملصت منه وخرجت خارج الشقة وقالت بصوت مكتوم من البكاء علشان تعرف انك كداب وبتفترى عليا.
نظر إليها نظرة باردة وتركها وذهب.
وقفت فاطمة في ذهول أمام عفاف التي يطل الڠضب من عينيها وتتحدث وكأنها امرأة أخرى امرأة غير التي كانت تتعامل بطيبة وصبر وكأنها قطة برية تدافع عن صغارها في شراسة
أنا صبرت عليكى كتير يا فاطمة وكنت بقول معلش دى عشرة عمر. معلش دى سلفتى قبل ما تكون جارتى وليها حق عليا. لكن يوصل كرهك ليا ولولادى انك عاوزه تخربى عليهم كلهم كده مرة واحدة لا انا مش هسكتلك تانى يا فاطمة وهوقفك عند حدك.
لأول مرة تشعر فاطمة بالقلق من كلمات عفاف وقالت بتوتر أنا مكنش قصدى يا عفاف انا كنت بكلم فرحة والكلام جاب بعضه.
ضحكت عفاف بسخرية لازعة وقالت بصرامة أنا عارفاكى كويس وعارفة أنك عمرك ماكنتى هتزورى بنتى إلا لما
تكونى عاوزه حاجة أوعى تكونى فاكرة أنى ساكتة عليكى ضعف. لا. أنا ساكتة رأفة بحالك علشان عارفة الغل اللى جواكى واللى مخليكى تاكلى في نفسك. طلعتى الغل ده زمان وخليتى أحلام تاخد عيالها وتهرب ودلوقتى جاية تكملى في ولادى يا فاطمة لا أنا مش هقف ساكتة تانى واسيبك تهدى بيوتهم زى ما هديتى زمان.
صړخت فيها فاطمة أومال كنت عاوزانى اعمل أيه. كنت عاوزانى اعمل أيه وانا شايفة جوزى بيحب مرات أخوه وعنيه هتطلع عليها. كنت عاوزانى اعمل أيه وانا شايفة نظراتها كلها احتقار ليا وتريقة عليا في الرايحة والجاية. طبعا منا مش مالية عين جوزى
هتفت بها عفاف وعلشان انت حاسة بالنقص من ناحية جوزك تقومى تدمرى عيلة بحالها وجاية دلوقتى تكملى يا فاطمة على ولادى.
قالت فاطمة باڼهيار مفاجىء ولادك. ولادك اللى طول عمرهم بيتعاملوا أحسن معاملة. حتى إبراهيم كان حاططهم فوق ولادوا وبيقدمهم على ولادوا. أنا حقى مش هيفضل طول عمره مهضوم بينك شوية وبين أحلام شوية.
هوت إلى
المقعد وقالت وكأنها مغيبة عن الواقع طول عمرى بسمع جوزى بيشكر فيكى وبيقولى اتعلمى من عفاف طول عمرى حاسة انى أقل منك. أطلع عندك اشوف جوزك بيدلعك ولحد ما كبر في السن وهو بيحبك وطلباتك أوامر وعيالك مدلعين على الآخر وواخدين
حقهم تالت ومتلت. أبص على نفسى الاقينى مش عاجبة جوزى ابدا مهما عملت. وحتى ولادوا مش عاجبينوا وعلى طول يقولهم عاوزكوا تبقوا زى ولاد حسين. ليه انتوا أحسن مننا فأيه لاء انا وولادى مش هنفضل ملطشة ليكى انت وولاد أحلام. ولو جوزى حطنى تحت رجيلكم ابنى هيحطنى فوق رأسكم وبكره تشوفوا.
قالت عفاف بحسم وكأنها لم تسمعها أنا مش هعيد كلامى يا فاطمة. أياكى تقربى من ولادى ولا من حياتهم. ولو حصل ده ساعتها متلوميش غير نفسك.
خرجت عفاف وصفعت الباب خلفها بقوة أسندت فاطمة ظهرها للمقعد وهي تغمض عينيها بقوة وتتنفس بصعوبة و لم تكن هي الوحيدة التي تتنفس بصعوبة بل كانت وفاء أيضا التي استمعت إلى الحوار بكاملة وهي تقف خلف باب غرفتها جلست على فراشها وبدأت دموعها بالإنهمار.
أنت أيه اللى خلاكى تحكيلوا يا غبية
هتفت علا بهذه العبارة وهي تجلس بجوار هند مؤنبة لها فقالت هند في ارتباك معرفش بقى. أنا لما ملقتكيش وهو عزمنى على حاجة في مكتبه قعد يجرجرنى في الكلام واتكلم بطريقة كأنه عارف كل حاجة. وبعدين يعنى أيه المشكلة انه يعرف
زفرت علا في ضيق وقالت أنت هتفضلى طول عمرك كده. ماتشغلى عقلك شوية. دلوقتى أحنا استفدنا أيه لما هو عرف
هو احنا لازم نستفيد يعنى.
زفرت مجددا بنفاذ صبر قائلة هفضل أفهم فيكى لحد أمتى. لما تكونى عارفة معلومة تخليكى محتفظة بيها. متطلعيهاش إلا اذا كنت هتستفيدى. لو مش هتستفيدى يبقى تخاليها معاكى لحد ما تلاقى فرصة تخليكى تتقدمى خطوة ساعتها تقوليها
واستدارت في شرود قائلة وبعدين احنا لازم نلحق الموقف لازم نستفيد من اللى حصل
قالت هند متسائلة أزاى يعنى. ما خلاص ده خد المعلومة مني وطار.
ألتفتت إليها علا أنا متأكدة انه زمانه قال لامه. الفترة اللى عرفته فيها عرفت انه بتاع امه. وانه مبيخبيش عليها حاجة. لازم نشوف حاجة نطلع بيها من الحكاية دى بسرعة
ثم
لمعت عينيها بقوة وقالت ل هند أسمعى اللى هقولك عليه ده ونفذيه بالحرف الواحد
لو عملتيه صح هترجعى مهمة تانى عند الحاج حسين وهيثق فيكى وهتبقى خطوة مهمة أوى علشان ترجعى ثقتهم فيكى تانى.
وقفت هند على باب مكتب الحاج حسين تنتظر الإذن بالدخول خرجت إليها السكرتيرة قائلة
أتفضلى
دخلت في ارتباك مصطنع وقالت بصوت خفيض أنا آسفة يا حاج انى هعطل حضرتك
أشار لها بالجلوس أمامه قائلا خير يا هند ايه الحاجة المهمة اللى عاوزانى فيها
قالت في توتر أنا آسفه بس في حاجة حصلت ڠصب عنى وانا قلت آجى ألحق اقول لحضرتك قبل ما حاجة تحصل من تحت راسى.
أستمع لها الحاج حسين في اهتمام ثم تصنع الا مبالاة وهو يقول خلاص يا هند متشكر أوى تقدرى تتفضلى.
وقفت وهي تطرق برأسها للأسفل وقالت أنا آسفه تانى مرة يا حاج حقيقى كنت فاكرة انه عارف لكن لما بان علي وشه انه أول مرة يسمع الكلام ده اټخضيت وافتكرت انى كده ممكن أتسبب في مشكلة تانية. أصل انا اتعلمت من اللى حصلى أول مرة لما افتكرت يعنى انكوا قرايب مع بعض ومفيش ضرر هيحصل لحد من تحت راسى. علشان كده جيت بسرعة المرة دى علشان اقول لحضرتك.
ثم نظرت له بضعف قائلة أنا اتعلمت من غلطى يا حاج حسين واخدت عهد على نفسى انى مكرروش تانى والله
أومأ برأسه متفهما وقال خلاص يا هند. وعموما مفيش مشكلة ولا حاجة متقلقيش يالا اتفضلى على شغلك
خرجت من مكتبه وعلى ثغرها ابتسامة نصر وأغلقت الباب خلفها بهدوء. بمجرد أن أغلقت الباب تناول حسين الهاتف وأجرى أتصالا بالمنزل. في البداية لم يتم الرد في المرة الثانية أجابته فرحة وهي تبكى
ألحقنى يا بابا...
روت له ما حدث وظل يستمع حتى قال ومريم وإيمان فين دلوقتى
بكت مرة أخرى وهي تقول لسه ماشين رايحين يقعدوا مع ايهاب
تناولت عفاف سماعة الهاتف وقالت متقلقش يا حسين أنا هاخدها هي ويوسف دلوقتى ونروحلهم
قاطعها قائلا لا خليكى انت. خالى يوسف ياخد فرحة ويروح وانا هحصلهم
بمجرد أن أنهى الاتصال وجد عبد الرحمن يتصل به رد قائلا السلام عليكم. أزيك يا عبد الرحمن يابنى.
أتاه صوت عبد الرحمن قلقا وهو يقول وعليكم السلام يابابا الحمد لله انا كويس. بس انا بتصل بإيمان بقالى كتير أوى وتليفونها مقفول ومش بترد على تليفون البيت. وبكلم البيت عند ماما تليفونهم يا أما مش بيرد يا أما مشغول طمنى يا بابا في حاجة عندنا في البيت
قال حسين بهدوء انت جاى أمتى
بكره بالليل ان شاء الله.
25 الفصل الخامس والعشرون
جلس الحاج حسين بجوار زوجته وهو يعاتبها ليه كده يا عفاف. أنا مش قلت
محدش يفتح في القديم تانى
حاولت أن تسيطر على انفعالها وهي تقول يعنى أقف اتفرج عليها وهي بتهد بيوت عيالى يا حاج لا والله ده لايمكن يمر بسهولة أبدا. كله إلا ولادى. أنا صبرت عليها كتير لكن توصل لخړاب البيوت
تابع حسين حديثه
معاتبا من أمتى يا عفاف وانت بترديلى كلمة.
قالت عفاف بلوم يا حاج انا سمعت كلامك كتير واتعاملت بالحسنى مع فاطمة. ياما كنت بتقولى معلش غيرانه خديها على قد عقلها لكن الغيرة توصل لكده ومع ولادك وتقولى مفتحش القديم.
نظر لها بحدة قائلا واستفدنا ايه بقى كل اللى اتقال مش هايصلح حاجة وادينى اتصلت بإيهاب ومريم قالتلى مش عاوز يتكلم ونايم من ساعة ما رجعوا البيت. وايمان كمان شيطانها هيألها ان عبد الرحمن كان مصدق الكلام ده. وأنا كمان قلت نأجل زيارتهم لبكرة. أهو يكون عبد الرحمن رجع وتكون النفوس هديت شوية.
ثم الټفت وكأنه تذكر شيئا وقال أومال يعنى مشوفتش يوسف من ساعة ما رجعت.
أنتبهت هي الأخرى وقالت والله ما اعرف راح فين
فجأة كده اختفى
قالت وقد بدا عليها القلق طب والفرح والناس اللى عزمناهم. دى شقة مريم خلاص خلصت وهدومها اترصت فيها هي ويوسف
قال في حسم كل كوم والفرح ده كوم تانى. الفرح هيتعمل في معاده مش هيتأجل يوم واحد
طرقت إيمان باب غرفة إيهاب وهي تقول إيهاب يالا علشان تتغدى
أتاها صوته الحزين ماليش نفس يا ايمان اتغدوا انتوا.
فتحت الباب ودخلت إليه فوجدته يجلس على طرف الفراش واضعا رأسه بين يديه عندما شعر بها قال دون أن يرفع رأسه
لو سمحتى يا ايمان سيبينى لوحدى دلوقتى.
جلست بجواره وربتت على كتفه وهي تنتزع ابتسامتها انتزاعا وقالت يا ايهاب انت قاعد لوحدك من امبارح. لازم تخرج من الحالة دى دلوقتى لازم نتكلم. يوسف عاوز يتكلم معاك كلمتين
رفع رأسه تجاه الباب فوجد يوسف يقف مستندا إلى حافته وقال ممكن أدخل يا باشمهندس.
قال دون أن ينهض أتفضل يا يوسف
قال يوسف متفهما أنا حاسس بيك. بس الحكاية متتاخدش قفش كده. بطل الحمقة بتاعتك دى. ده انت مدتهاش فرصة تنطق.
قالت إيمان على الفور والله فرحة بتحبك أوى يا إيهاب
قال دون أن يتلفت اليها صدمتنى يا إيمان. آخر واحدة كان ممكن اتخيل انها تعمل كده. كنت فاكرها حافظانى وفاهمانى وأى حد هيجيب سيرتى في غيابى هتدافع عنى من غير حتى ما تسألنى.
حاولت أن تداويه وهي المچروحة وقالت متظلمهاش يا إيهاب. أى واحدة في مكانها هاتتلخبط ومتعرفش تفكر.
لم يأتيها منه ردا فقالت بترجى أديها فرصة تدافع عن نفسها يا ايهاب. ده ربنا سبحانه وتعالى بعزته وجلاله مش هيدخلنا الجنة أو الڼار يوم القيامة إلا لما يخلينا نقرأ كتاب أعمالنا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا. حتى العبد المؤمن ربنا سبحانه وتعالى هايعاتبه زى ما الرسول عليه الصلاة والسلام قال اما العبد المؤمن يدنيه ربه فيضع عليه كنفه فيقرره بذنوبه فيقول أتذكر ذنب كذا وكذا أتذكر ذنب كذا وكذا قال حتى إذا ظن أنه قد هلك قال أنا سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم فيعطى كتاب حسناته بيمينه.
أومأ برأسه وقد هدأ قليلا وهو يقول عليه الصلاة والسلام. ربنا يبارك فيكى يا ايمان
أخترقت هذه الكلمات قلب وعقل يوسف الذي كان جالسا في شرود ويستمع لها وهي تتحدث
انا كمان مدتش فرصة لمريم انها تدافع عن نفسها. كنت القاضى والجلاد من غير ما اسمع دفاعها. كنت بسمع عنها أسوء شىء في الدنيا وفي نفس الوقت ماكنتش بديها فرصه تتكلم. أزاى احكم من غير ما اسمع من الطرفين ده انا كده ابقى سفيه واستاهل كل اللى جرالى.
أنتبه الجميع على صوت رنين باب المنزل ارتدت مريم أسدال الصلاة وخرجت من غرفتها التي دخلتها بمجرد أن علمت أن يوسف بالخارج فتحت الباب وسمعها الجميع وهي تهتف بدهشة
ماما!
خرجت إيمان وتبعها إيهاب ثم يوسف ليجدوا والدتهم تقف على باب المنزل ويظهر عليها القلق والإضطراب وهي تخطو داخل المنزل وتتجه لتعانق أولادها قال ايهاب وهو يشير إلى يوسف
يوسف ابن عمى يا ماما
ثم الټفت إليها بتسائل هو حضرتك جيتى أمتى.
قالت وبصرها معلق بمريم لسه واصله
وقالت موجهة حديثها لمريم خدت أول طيارة نازلة مصر بعد مكالمتك امبارح
قال يوسف بارتباك طيب استأذن انا بقى
خرج يوسف وجلست أحلام
بين أولادها الثلاثة نظر ايهاب إلى مريم قائلا بحنق طبعا كلمتيها وحكتلها التفاصيل
قالت أحلام پغضب لا مكالمتنيش يا باشمهندس. أنا اللى كلمتها ومعرفتش تفاصيل ولا زفت وبعدين يعنى هي چريمة انها تكلم أمها.
نهض بعصبية قائلا لا مش چريمة. لكن الچريمة اننا نقعد نتجسس على ناس ونخطط علشان في الآخر ناخد فلوس مش من حقنا أصلا
وقفت أمامه وقالت پغضب أتكلم مع أمك كويس يا ولد. أنت نسيت نفسك ولا أيه. وبعدين مين قال أن الفلوس دى مش من حقكم أوعى تكونوا صدقتوهم ونسيتوا كلامى
قالت إيمان
بمرارة لا يا ماما أحنا مصدقانهمش أحنا صدقنا الورق اللى شفناه بعنينا.
قالت في تهكم وايه يعنى. هما يعنى هيطلعوا الورق الحقيقى أكيد ورق مزور
وقفت إيمان ونظرت في عينيها وقالت وأعلان الوراثة كمان مزور. والورق اللى بابا مضاه بخط أيده على أنه استلم
ميراثه كله يا ماما كل ده مزور مفيش داعى للكلام ده يا ماما أنا اتأكدت من كل حاجة بنفسى. ظهر الإضطراب والتوتر على ملامح أحلام تابع ايهاب بحنق.
طبعا حضرتك مكنتيش متخيلة أنهم هيورونا الورق ده أبدا. مش عارف ليه. يمكن علشان مكنتيش متخيلة أن حد فينا يسأل عن الحقيقة. علشان زرعتى جوانا الخۏف منهم من واحنا صغيرين أفتكرتى أن محدش فينا هتجيله الجرأة ويروح يسأل ويدور ويطلع المستخبى. مش كده
نظرت له أحلام بارتباك وقالت وقالولكوا أيه كمان عنى
قالت ايمان بخفوت الشهادة لله محدش چرح سيرتك قدامنا أبدا.
تنهدت بارتياح ثم قالت بغطرسة ومحدش أصلا يقدر يجيب سيرتى بحاجة
وبدون مقدمات توجه إيهاب لباب المنزل وفتحه وهو يقول بضيق أنا خارج شوية
جلست أحلام بين مريم وايمان وقالت لمريم أنا عاوزه افهم أيه الكلام اللى قلتيهولى في التليفون ده
زاغت نظرات مريم بين والدتها وأختها ففهمت أحلام أنها لا تريد أن تتحدث في وجود ايمان.
ألتفتت إلى إيمان وهي تربت على يدها وهي تقول بغض النظر عن مقابلتك الباردة دى. لكن وحشنى طبيخك هتأكلينى ولا ايه
أبتسمت إيمان أبتسامة باردة ونهضت وهي تقول أنا أصلا كنت بخلص في الأكل قبل ما يوسف يجى. عن أذنكم
وذهبت للمطبخ. تناولت أحلام يد مريم وقالت تعالى نقعد في أوضتك...
دخلت وأغلقت الباب واستدارت لمريم بجسدها كله وقالت بحسم فهمينى معنى الكلام اللى سمعته في التليفون ده. يعنى أيه يوسف وافق يستر عليكى. أنت أيه اللى حصلك بالظبط. عمل فيكى أيه ابن حسين
جلست على طرف الفراش وهي تبكى وقالت بصوت متقطع مش هو اللى عمل يا ماما. أنت اللى عملتى
نظرت لها بحدة وقالت بتقولى أيه يا مريم.
مريم بقولك الحقيقة يا ماما. أنت معلمتنيش ازاى احافظ على نفسى فكان من السهل أى حد ينهشنى. من صغرى وانت بتجبيلى لبس مكشوف لما بقى كشف جسمى شىء عادى.
عملته. ولا بمقياس الحړام اللى لو كنت مشيت وراه زى ايمان كان زمانى محترمة...
أنهارت أحلام على المقعد وهي تقول أنا كنت بحبك وعاوزاكى تبقى مبسوطة وزيك زى اصحابك
قالت مريم بأنفاس متلاحقة من كثرة بكائها لو كنت بتحبينى كنت سترتى جسمى ولو ڠصب عنى. كنت خفتى عليا اموت وانا كده وادخل قبرى اتحاسب. كنت منعتينى أكلم ولاد وعلمتينى ان ده حرام. كنت علمتينى ازاى أنقى اصحابى وعرفتينى أن مفيش حاجة اسمها ابقى كويسة وصاحبتى وحشة وماليش دعوة وادى النتيجة سمعتى اټشوهت ولحمى اتنهش.
أمسكت أحلام ذراعها بقوة وأوقفتها أمامها وهي تحاول خفض صوتها قوليلى مين اللى عمل فيكى كده. يوسف ولا مين
هزت رأسها نفيا وقالت يوسف معملش حاجة. يوسف هو اللى ستر عليا ووافق يتجوزنى.
ونظرت لها بتهكم قائلة شفتى بقى الناس اللى كنت بعتانى انتقم منهم وألعب على ابنهم وقلتى عليهم انهم سرقوا ابويا وخدوا ميراثنا. هما دلوقتى اللى ستروا بنتك. وعمى ضغط على يوسف لحد ما وافق انه يتجوزنى وماعرفش أى حد أى حاجة ولا حتى اخواتى. مفيش غيرى أنا وهو ويوسف بس. حتى مراته طنط عفاف مقلهاش حاجة وسترنى وستر سيرتى عن كل الناس.
قالت أحلام بذهول أنت بتقولى أيه واللى عمل كده متجوزكيش ليه وراح فين فهمينى
قالت مريم بسخرية لازعة هو اللى عاوز الحلال بيروح للحرام برضة يا ماما ولا حتى بيفضل لحد ما حد يجيبه يصلح غلطته. طبعا بيختفى ومحدش بيعرفله طريق مش ده المهم. المهم انك تعرفى عمى حسين وقف جنبى ازاى هو وابنه علشان تعيشى بقية عمرك تشكريهم وتحمدى ربنا انه رزقنا بناس زى دول يستروا عرضنا.
بكت أحلام لأول مرة بحياتها بمرارة شديدة وهي تتذكر ماكانت تنوى فعله وما كانت تخطط له لتأخذ مال ليس من حقها وفي نفس الوقت يستر هو ابنتها بكل شهامة ورجولة ويخفى الامر عن الجميع ويضغط على ولده ليتزوجها. ظلت تبكى وتبكى بمرارة حتى دخلت عليهم إيمان التي وقفت تنظر إليهما بتساؤل وقالت
بتعيطى كده ليه يا ماما
قالت أحلام بضعف مفيش يابنتى مفيش.
والتفتت إليها قائلة أحكيلى ومټخافيش أخوكى عاوز يطلق مراته ليه
نظرت إيمان إلى مريم التي كانت تنظر إلى امها ودموعها تنهمر في صمت شديد ثم أعادت النظر إلى والدتها وهي تقول
هي مريم محكتلكيش حاجة
ربتت أحلام على ظهرها وهي تقول يابنتى قلتلك قوليلى ومتقلقيش مني. أنا خلاص مبقاش مني قلق. مش عاوزه حاجة من الدنيا غير سعادتكوا وستركوا وبس.
أختلت أحلام بنفسها في غرفة إيهاب وهي تبكى على حالها وماوصلت إليه مريم بسبب سوء تربيتها وبسبب أهمالها لهم جميعا لماذا ظلت تلك السنين العجاف تكذب وتنمى فيهم كره أعمامهم بالباطل
وهي تعلم أن كلامها غير صحيح هل هو داعى الأنتقام الذي كان يسيطر عليها أم هو غبائها الذي أوقف عقلها في لحظة من اللحظات وصدقت كلام فاطمة وهربت بالأولاد.
عادت بذاكرتها سنوات طويلة وتذكرت لحظة دخول فاطمة عليها هي وعفاف ويظهر على وجههما علامات
الفزع الذي كان مسيطر بشكل أكبر على وجه عفاف التي أخبرتها بأن فاطمة سمعت حوارا بين إبراهيم وحسين وعاملين عندهما في المصنع يخبروهما بأنهما يعلما أن علاقاتها بعصام قائمة من قبل أن يتوفى زوجها علي
بسنوات.
وأنه كان يراه بصفة مستمرة يصعد شقتها في وقت غياب زوجها ولا ينزل إلا بعد ساعات وانه كان عندها بالأمس وغادر بعد حلول الظلام وأكدت فاطمة على أن حسين وإبراهيم صدقا العاملين وبدءا يتشاوران بأمر الأولاد هل هم أولاد علي أم لا. وقالت فاطمة بړعب عندنا في الصعيد اللى بيشكوا فيها بېقتلوها هي وولادها ومحدش بيعرفلهم طريق ومتنسيش ان علي كان بيشك فيكى في حياته وكان بيقول كده لحسين علشان كده كان سهل ان حسين وابراهيم يصدقوا العمال دول.
تذكرت وجه عفاف الذي كان يحمل كل معانى الخۏف والذعر على زوجها وهي تقول انا مش عاوزه جوزى يروح في داهية. انا ماليش غيره في الدنيا. أرجوكى يا أحلام خدى الفلوس دى واختفى شوية زى ما فاطمة اقترحت لحد بس ما براءتك تبان وبعدين ابقى ارجعى هنا تانى.
لو لم تكن فاطمة أعطتها أمارة بأن عصام كان عندها بالأمس فلم تكن لتصدق ولكنه بالفعل كان عندها بالأمس وغادر بعد حلول الظلام معنى هذا انها مراقبة ولكن هي بريئة لم تكن هذه العلاقة قائمة قبل ۏفاة زوجها كان مجرد شك من زوجها فقط ربما كانت هي التي زرعت الشك بتصرفاتها لتجعله متعلق بها دائما ولتشعل ڼار غيرته بشكل دائم كانت تظن انه بذلك سيظل يحبها وسيظل بقربها ولكنها لم تخنه أبدا تعرفت على عصام قبل ۏفاة علي ولكن كانت علاقتهما عادية نعم هو صارحها بحبه ولكنها كانت تصده بطريقتها التي تجعله يتشبث بالأمر اكثر نعم لو كانت بريئة مائة بالمائة لكانت دافعت عن نفسها بكل ما تأتى لها من أدلة فهى بطبيعتها ليست ضعيفة ولا مستكينة ولكنها هي نفسها تشك ببراءتها الكاملة فكيف هم سيصدقونها.
وفى الحال جمعت ما لديها من متاع وأموال وهربت مع عصام الذي أخبرته الأمر في عجالة وخاف هو ايضا على حياته وهرب معها قالت أمام البواب بصوت مسموع اطلع على المطار يا اسطى وحجز لها عصام التذاكر على بلد لم يفكرا بالذهاب إليها أبدا في يوم من الأيام وكان كل هذا تدبير الخۏف لا تدبيرهم هم.
أستفاقت من ذكرياتها وهي ټضرب الفراش بقبضتها وتقول لو كنت سليمة ساعتها وواثقة من تصرفاتى ومن أنى ست محترمة بجد مكنتش صدقتها بغبائى.
كانت واجمة وهي تقول مكفاكيش يا فاطمة اللى عملتيه. كمان جاية تخربى بيت ولادى لا ده انت حسابك تقل اوى.
هى التي دفعته دفعا إليها واتخذت نفس سبيل والدتها التي اتخذته منذ سنوات لجأت إلى أشعال الغيرة في قلبه وحرثت قلبه بعناية وبذرت فيه بذور الشك وروتها بطريقتها الخاصة حتى نبتت فكانت هي أول من أكلت حصاده المر.
وفى المساء وبعد صلاة العشاء بقليل طرق حسين بابهم وبصحبته أبناؤه جميعا عبد الرحمن. يوسف و فرحة لم يكن إيهاب قد عاد من الخارج بعد أستقبلتهم إيمان ومريم وكاد عبد الرحمن أن يعانق زوجته ولكنه تماسك أمام أبيه وأخوته وصافحها بحرارة ولكنه لم يستطع أن يترك يدها طواعية ولكنها سحبت يدها بهدوء وأقبلت على فرحة وعمها خرجت أحلام إليهم وقف حسين وهو ينظر إليها
وكأنه قد عادت به السنوات في لحظة واحدة وكأن تلك اللحظات لم يمر عليها سوى شهور قليلة قطعت هي صمته قائلة بترحاب.
اهلا وسهلا يا حاج نورت.
أومأ برأسه في وقار اهلا وسهلا. حمد لله على السلامة
أشارت لهم وهي تقول أتفضلوا يا جماعة البيت بيتكم
لم يتحدث حسين معها كثيرا ولكنه شعر بتغير قد طرأ عليها نظرتها بها الكثير من الأمتنان
هذه ليست أحلام المتجبرة وكأنها قد كسرت غطرستها فجأة هل هو تقدم العمر أم شيئا آخر!
لم يكن عبد الرحمن يجلس بينهم بل كان يغوص في عيون زوجته وكأنه يتحدث معها بلغة العيون وهنا قالت فرحة بلهفة
اومال فين ايهاب
قالت إيمان وهي تحاول تحاشي نظرات زوجها خرج ولسه مرجعش
نهضت فرحة وقالت لمريم عاوزاكى شوية يا مريم وهمست لها ممكن تودينى أوضة ايهاب
أومأت لها مريم موافقة وأخذتها وأدخلتها غرفته طلبت منها فرحة أن تتركها في غرفته قليلا وحدها وأغلقت الباب خلفها.
تحدث الحاج حسين إلى أحلام قائلا أخبارك ايه يا أم ايهاب
أحلام الحمد لله يا حاج أحنا كويسين طول ما انتوا كويسين
ثم نظرت إلى يوسف وقالت پانكسار وكانها ترجوه إن شاء الله الفرح في معاده
قال يوسف بحسم إن شاء الله في معاده
نهضت إيمان
وهي تقول ثوانى هعمل الشاى يا عمى
وتوجهت إلى المطبخ تبعتها نظرات عبد الرحمن وتحرك في مكانه في لهفة ولكنه لم يقم بعد لاحظت أحلام ذلك فقالت له بأبتسامة.
أدخل لمراتك يابنىه
أقترب منها مرة أخرى قائلا يعنى ينفع تسبينى انا.
أبتعدت مرة أخرى وهي تقول بعتاب وبعدين
يا عبد الرحمن. ممكن مريم أو ماما يدخلوا فجأة
نظر في عينيها في تمعن قائلا لا الحكاية مش كده. أنت اللى مش عاوزانى أقرب منك. طب انا عملت أيه مزعلك مني قوليلى
شعرت إيمان بالإحراج من أن تتحدث في الموضوع مرة أخرى فقالت صدقنى مفيش حاجة. أنا بس مش هينفع أسيب اخواتى لوحدهم
قال عبد الرحمن بضيق يعنى مش هترجعى معايا إلا بيهم.
أومأت برأسها قائلة متزعلش بس كمان ماما لسه واصلة النهاردة مينفعش أمشى واسيبها
أطرق برأسه وقال بحنق براحتك يا ايمان
تملكت الدهشة من يوسف عندما سمع مريم تناديه وتقول له بارتباك لو سمحت يا يوسف عاوزاك لحظة
خرج إليها ووقف أمامها متسائلا فقالت في خفوت وبملامح هادئة أنا بعفيك من جوازك مني.
الفصل السادس والعشرون
أنا بعفيك من جوازك مني ..
تفحص ملامحها الهادئة فى سكون يحاول أن يستشف ما خلفها وقال
مش فاهمك
أحتفظت بملامحها الهادئة وهى تقول له
زى ما سمعت .. أنت عملت اللى عليك وكتبت كتابى مش مطلوب منك اكتر من كده .. أنا خلاص بقى معايا قسيمة جواز ولما تطلقنى هيبقى معايا قسيمة طلاق وكل واحد فينا يبدأ حياته صح .. أعتقد انك فهمتنى
مسح على رأسه وقال فى توتر بالغ
بس انا مش هطلق
نظرت له بدهشة وتساؤل فأردف على الفور بارتباك
قصدى يعنى مش هطلق دلوقتى.. المفروض اننا نعمل فرح ونعيش مع بعض قدام الناس وبعدين نبقى نطلق .. وبعدين فى حاجة مهمة عرفتها عن سلمى والبيت اللى قلتى انه بيتها لازم اقولك عليها
قاطعته رافضة لحديثه
لو سمحت ده مش موضوعنا دلوقتى .. ومن فضلك توافق علشان ...
فى هذه اللحظة فتح إيهاب بمفتاحه ودخل تفاجأ بيوسف ومريم فى ردهة المنزل حاول يوسف أن يبتسم وهو يصافحه بحرارة
أيه يابنى فينك من بدرى ...
إيهاب
معلش كنت مع واحد صاحبى ... أنت هنا من أمتى
قالت مريم بسرعة
عمى حسين هنا.. وقاعد جوه مع ماما
طرق الباب المفتوح ودخل إليهما رحب به عمه وعانقه وعاتبه قائلا
أنا زعلان منك أوى يا إيهاب.. كده برضة متعمليش اعتبار وتاخد اخواتك وتمشى
خجل إيهاب وهو يقول
معاك حق يا عمى انا غلطان .. معلش انا أصلى كنت ڠضبان جدا ساعتها مقدرتش استنى وبعدين انا مشيت لوحدى وهما جم ورايا
ربت حسين على كتفه قائلا
أنا عذرك يابنى بس مراتك ملهاش ذنب دى برضة لسه صغيرة واتفاجأت زى ما يوسف قالك كان لازم تديها فرصة تتكلم مش تمشى كده وتسيبها
توتر ايهاب قليلا فهو مخطأ فعلا ولكن هذا لا يغير شىء فى الأمر فقال
ياعمى انا غلطان .. لكن ده مش معناه انها مش غلطانة .. أزاى تصدق كده عليا دى عاشت معايا وعرفتنى كويس
وهنا نهضت أحلام واقفة قبالته وقالت
لا يا ايهاب لو اللى بتحكيلها صورتلها الموضوع على أنكم عارفين وعارفة كويس أوى هى بتعمل أيه.. الكلام هيخيل على بنت صغيرة ملهاش خبرة زى فرحة مراتك
نظر لها حسين متعجبا منها لقد كان يتوقع أن تدافع عن هذه الزيجة بكل ما تملك ولكن طريقة حديثها هى التى أدهشته كانت تتكلم كما لو كانت امرأه عاقلة تريد أن تحافظ على بيت ولدها لا لشىء إلا لرأب صدع حياته الزوجية فقط
قال إيهاب بحنق
الكلام ده لو هى متعرفش طنط فاطمة كويس لكن هى عارفاها
قالت والدته بثقة
لا يابنى.. إذا كنت انا كنت كبيرة وواعية وعندى خبرة كفاية فى الدنيا وصدقت فاطمة من أكتر من عشرين سنة
وأشارت للحاج حسين وقالت
واسأل عمك
نظر لها إيهاب بدهشة قائلا
أنت مقلتلناش حاجة عن الموضوع ده
نظر لها حسين بحدة قائلا
من فضلك يا ام ايهاب مش عاوز كلام فى أى حاجة فاتت .. ده لا من صالحك ولا من صالح أى حد فينا ولا هيحقق أى نتيجة
قالت فى سرعة
لاء يا حاج هيحقق .. وانا متأكدة ان إيهاب هيعذر فرحة لما يعرف ان اللى ضحكت عليها هى نفسها اللى ضحكت على امه من سنين
ألتفتت إلى إيهاب وقالت بحسم
من غير دخول فى تفاصيل مالهاش لازمة .. فاطمة حطت السم فى ودن مراتك وخلتها متلخبطة زى ما حطت السم فى ودانى من سنين وخلتنى اخدكوا واهرب
قال فى حيرة
مش فاهم
كادت نظرات حسين أن تخترقها محذرة إياها من الدخول فى تفاصيل فقالت
ولا حاجة.. فهمتنى ان اعمامك هيخدوا ولادى مني ومش هيخلونى اشوفكم مدى الحياة وادتنى فلوس اهرب بيها منهم وانا صدقتها بمنتهى الغباء
ربت حسين على كتفه بحنان قائلا
مراتك بتحبك يا إيهاب .. حتى يا سيدى لو غلطت سامحها ده ربنا بيسامح مش من أول غلطة كده تسيب البيت وتمشى
أطرق برأسه متفهما هو يعلم أنها تحبه بل تعشقه لاحظت أحلام بوادر
الأقتناع على وجهه فقالت بهدوء
مراتك فى اوضتك جوه ادخلها .. عاوزه تتكلم معاك أديها فرصة تتكلم براحتها
خرج ايهاب ونظر إلى يوسف ومريم يقفان أمام بعضهما وكأن على رؤوسهما الطير .. صمت مطبق
تركهما وتوجه إلى غرفته وقف مترددا بعض الشىء
ثم فتح الباب ودخل تعلق بصره بفرحة وهى نائمة على فراشه كانت ترتدى ملابس نومه فوق ملابسها وتلف ذراعيها حول نفسها وكأنها تتخيله يعانقها تبدو كمهرجين السيرك بالملابس الكبيرة التى تتدلى منها لفرق الطول بينهما ووجنتيها وأنفها حمراء للغاية من
زعلانه منك أوى .. زعلانه .. زعلانه زعلانه...
وهو يضحك
كان الحاج حسين يقول لأحلام بثقهة فى تلك اللحظة
عارفة لو كنت كلمتينى وقولتيلى على مكانهم وقولتيلى جوزهم لولادى كنت هقولك وانا كمان ناوى على كده من غير ما تتعبى نفسى وتدفعى فلوس لهند وتقعدى تتجسى علينا عن طريقها
أشاحت أحلام بوجهها وقالت
معلش يا حاج تفكيرى كان مختلف ساعتها مكنتش اعرف انك هتستقبلهم كده ولا هتعاملهم المعاملة دى
ضړب حسين الأريكة بجواره بخفة وهو يقول بسخرية
ومخفتيش بقى لما تقوليلى على مكانهم انى أقتلهم .. ولا قلتى الراجل كبر وعجز
قالت فى شرود
لا يا حاج أنا متابعة أخبارك كويس متنساش انى كنت عايشة فى مصر لحد ما ايهاب وإيمان خلصوا ثانوى .. وكنت متابعه كل حاجة من بعيد بس مكنتش عارفة أوصل للى كنت بتفكر فيه من ناحية ولادى.. حتى لما اتأكدت انك مش هتفكر تأذيهم مقدرتش اقولك على مكانهم .. ولما جوزى جاتله سفرية وأضطرينا نسافر والولاد مرضيوش يسافروا معايا كنت مطمنة انك حتى لو لقيتهم مش هتأذيهم .. كل اللى كنت خاېفة منه ساعتها انك تشوه سمعتى قدامهم وتحكيلهم على عصام ..
تابع هو بتهكم
وكنت عاملة حسابك ساعتها انى حتى لو شوهت صورتك فانت من قبليها وانت مشوها صورتنا وقايله علينا اننا سرقنا ميراث ابوهم .. يعنى شىء طبيعى اننا نفترى عليك .. مش كده يا أحلام
أومأت برأسها وقالت
مش هكدب... الكلام ده حصل لكن دلوقتى الوضع اختلف
حسين
وأيه اللى خلاه اختلف
قالت فى امتنان
موقفك مع مريم انت وابنك يوسف وشهامتكوا معانا
قال فى شك وحذر
موقف أيه
قالت فى ضعف
انا عارفة انك مبتحبش تفتح كلام فى الحكايات اللى زى دى ..
علشان كده انا مش هتكلم أكتر من انى اشكرك انت وابنك .. اللى عملتوه مع بنتى محدش يعمله
قاطعهم دخول يوسف وهو يقول حائرا
عبد الرحمن نزل من غير ما يقول لحد.. وبكلمه مبيردش
خطى الحاج حسين خطوات للخارج وهو يبحث بعينيه عن إيمان قائلا
اومال فين إيمان
قالت مريم وهى تستدير
هشوفها فى المطبخ
دخلت مريم على اختها فوجدتها تبكى وقد أغرورقت عيناها بالدموع فقالت فى قلق
كفاية بقى يا ايمان كفاية.. تعالى عمك عايزك ضرورى
جففت دموعها وخرجت بجوار مريم وقفت أمام عمها وقالت
نعم ياعمى حضرتك عاوزنى
قال فى حنان
انت كنت بتعيطى ..بس خلاص انا كده عرفت
رفعت رأسها إليه بتسائل فقال
عبد الرحمن خلص كلامه معاكى ومشى .. مش كده
أومأت برأسها وهى تمنع نفسها من البكاء مرة أخرى فقال
خلاص هو تلاقيه روح البيت أصله جاى من سفر وزمانه هلكان عاوز يرتاح
قالت أحلام فى حسم
طيب يالا يا إيمان روحى بيتك مع عمك
والتفتت إلى مريم قائلة
ولو عاوزه تروحى معاهم يا مريم روحى
حركت رأسها نفيا وقالت
لا يا ماما انا هقعد معاكى شوية .. لو إيمان عاوزه تروح تروح هى
ايمان
لا انا كمان عاوزه اقعد مع ماما شوية .. انا هدخل اشوف ايهاب
تحركت ايمان ودخلت إلى غرفة أخيها ونسيت أمر فرحة تماما فتحت الباب فجأة ثم أشاحت بوجهها وهى تبتسم فى خجل فدفع إيهاب فرحة بعيدا عنه وهو يقول بمرح
أبتسمت إيمان رغم ما تعانيه وقالت بمكر
ها هتروح مع عمى وفرحة
تصنع ايهاب التفكير وهو يقول
بصى يا ايمان أنت اختى وكل حاجة بس بصراحة يعنى.. هروح طبعا..
أوقفته فرحة وهى تضحك وتقول
طب استنى لما اقلع الهدوم دى بدل ما انا عاملة زى البلياتشو كده
بعد دقائق خرج إليهم إيهاب وفرحة ويظهر على وجوهيهما البهجة نظر حسين إلى أحلام قائلا
خلاص يا ام ايهاب زى ما اتفقنا الفرح فى معاده يوم الخميس ان شاء الله
تدخلت مريم قائلة
عمى .. يمكن بس يوسف ملحقش يجهز نفسه فمحتاج يأجل شوية
قاطعها يوسف بوضوح
انا مش محتاج أأجل حاجة .. أحنا شقتنا هناك جاهزة من كله
أرتبكت وهى تنظر إليه قائلة
مش أحنا كنا بنتكلم من شوية وقلتلى ان الفرح ممكن يتأجل
قاطعها بثقة
لا يا مريم تلاقيكى فهمتى غلط ...
ونظر لها بعمق مؤكدا على كلماته وهو يقول
الفرح فى معاده ان شاء الله
قالت أحلام
طالما كل حاجة جاهزة يبقى خليها معايا اليومين دول
أنهى حسين الحوار قائلا
خلاص يا مريم خليكى مع والدتك بس ليلة الفرح لازم تباتيها هناك على الأقل.. أتقفنا
قالت أحلام بتردد
تسمحلى يا حاج احضر فرح مريم
قال على الفور
طبعا يا ام ايهاب ده فرح بنتك
والټفت إلى ايمان
ها يا ايمان لسه مصممة متروحيش بيتك
أطرقت برأسها وقالت
معلش ياعمى سبنى على راحتى .. انا عاوزه اقعد
مع ماما اليومين دول قبل ما تسافر
كان عبد الرحمن يدور فى غرفته حول الأريكة مرة وحول المقعد مرة حتى سمع صوت رنين باب المنزل خرج فى سرعة على أمل
أن يجدها قد عادت معهم ولكنه أطرق فى حزن ..لم تعد
ما الذى يشقيها مني .. لماذا كلما اقتربت تبتعد ..لماذا كلما غصت فى عالمها تنسلخ هى من عالمى.. لماذا أنت كتومة إلى هذه الدرجة.. ليس من السهل أن تبيح بمكنون قلبها ..لماذا يا عذابى
أقبلت عفاف على ايهاب وفرحة فى سعادة لم تكن تتوقع أن يعود ايهاب ولكنه عاد .
أخذ ايهاب زوجته وصعدا إلى شقتهم الخاصة ودخل يوسف غرفة أخيه ليطمئن عليه
ايه يا عبد الرحمن اللى خلاك تسيبنا وتمشى ومكنتش بترد ليه على مكالماتى.. أنت عارف كلمتك كام مرة
أستقبله عبد الرحمن بابتسامة باهتة وقال
خلاص يا يوسف معلش سبنى لو سمحت دلوقتى
جلس بجوار أخيه قائلا
مالك يا عبد الرحمن فى ايه
واستدرك قائلا
مراتك كان شكلها مضايق أوى ايه اللى حصل بينكوا
قال عبد الرحمن پألم
مقالتش حاجة بس شكلها مضايق من اللى حصل ومن اللى قالته مرات عمى ..هى حساسة زى ايهاب وبتحب تحافظ على كرامتها
قال يوسف
بس ايهاب رجع مع فرحة .. يبقى أكيد بقى عاوزه تقعد مع والدتها زى ما قالت لبابا
ألتفت له عبد الرحمن قائلا
هى قالت كده
أومأ برأسه قائلا
ايوه بابا قالها تعالى معانا قالتلوا عاوزه اقعد مع ماما يومين قبل ما تسافر
خرج يوسف من غرفة عبد الرحمن متوجها إلى غرفته فسمع والده يناديه
يوسف
ألتفت اليه وأقبل عليه فى اهتمام ولهفة وهو غير مصدق أنه سمع أسمه من فم والده اخيرا فقال
نعم يا بابا
وقف حسين ينظر إليه وقد لانت ملامحه كثيرا وقال
مريم كانت عاوزه تأجل الفرح ليه
نظر له بدهشة قائلا
وحضرتك عرفت ازاى
أعاد حسين سؤاله وكأنه لم يسمع تعليقه
مريم كانت عاوزه تأجل ليه
يوسف
كانت بتقولى أنا بعفيك من الجواز مني .. وكانت مصممة ومش عاوزه
توضح السبب يمكن علشان كنا واقفين فى الصالة مش عاوزه حد يسمعنا .. وبعدين ايهاب دخل ومعرفتش اكمل كلامى معاها.
أخرج حسين هاتفه وأعطاه ليوسف قائلا
الرساله دى مريم بعتتهالى واحنا راجعين فى السكة.. أقراها
أخذ هاتف والده وقرأ رسالتها أنا فهمت ماما اللى حصلى .. بس مقولتلهاش مين اللى عمل كده فيا .. وفهمتها انك ضغط على يوسف علشان يستر عليا ويتجوزنى وهو وافق شهامة منه
ظل يوسف يقرأها مرات ومرات وهو غير مصدق ما فعلته نظر إلى أبيه متسائلا وقال
طب ليه
قال حسين بخفوت وثقة
ده فسرلى سبب تغير أمها وكسرت نفسها قدامى
وقال وهو يستدير وكأن الأمر ليس ذو أهمية
بس انت اتصرفت كويس
ودخل غرفته وأغلق الباب أبتسم يوسف وقد شعر ببداية لين والده تجاهه ولكنه يعرف والده جيدا ليس من السهل أن يظهر مشاعره بسهولة
دفعت علا وليد بعيدا عنها بجدية وهى تقول
عيب كده يا وليد
قال وهو يحاول جذبها مرة أخرى
ليه بس يا حبيبتى.. أنت خطيبتى
قالت وهى تدفعه مجددا
أديك قلت خطيبتك مش مراتك...
أصطنع وليد الحزن ورسمه على ملامحه ببراعة وهو يقول
خلاص يا علا براحتك .. خليكى كده بعيده عنى .. أنا بصراحة مش قادر اتأكد من مشاعرك وانت بعيده عنى بالشكل ده..
ونظر لها نظرة جانبية وهو يقول
نتجوز ازاى وانا لسه مش متأكد من مشاعرك ناحيتى
جلست بجواره وقالت برقة
يعنى ماما تدخل ولا هند هيبقى المنظر مش لطيف .. وبعدين يعنى هو انت لسه هتتأكد من مشاعرى ما انت عارف انى بحبك
أطرق برأسه ثم نظر إليها بعتاب قائلا
الحب من غير ثقة مالوش لازمة.. وانت مع الأسف مش بتثقى فيا أبدا ... حتى لما بنخرج مع بعض وبمسك ايدك بتحسسينى انك بتمنى عليا وانك مش موافقة
ونهض واقفا وقال بتبرم
بصراحة بقى يا علا انا راجل حامى ومحبش الست
اللى مشاعرها باردة.. كده مش هنفهم بعض ... لو انت يابنت الناس هتفضلى كده يبقى مفيش داعى نضيع وقت مع بعض اكتر من كده
اقتربت منه وامسكت يده قائلة
بس انت عارف انى بثق فيك ليه بتقول كده
اومأ برأسه بسخرية قائلا
اه صح بأمارة لما قلتلك تعالى اتفرجى على شقتك علشان تقوليلى هتتوضب ازاى رفضتى وقلتيلى لا ميصحش
قالت علا بهدوء ظاهرى
يعنى ينفع يا وليد اروح معاك شقة واحنا لسه مخطوبين
قال بسرعة
هو انت هتروحى تعملى ايه .. خلاص بقى متجيش تقوليلى خلصت الشقة ولا لسه وهتحدد معاد الجواز امتى والكلام بتاعك ده.. وبعدين للدرجادى خاېفة مني وبعدين الشقة دى فى بيت عيلة يعنى مش هتبقى لوحدك معايا
ثم قال بنفاذ صبر
بصى يا علا انا كده اتأكدت ان درجة مشاعرنا مش زى ما انا كنت متخيل.. أنت كده مش هتفهمينى .. لما بتعملى كده وبتردى كلامى وانت لسه خطيبتى اومال هتعملى أيه لما نتجوز
تناول مفاتيح سيارته وهم بالإنصراف وهو يقول
مستنى ردك ...
تركته يذهب وجلست تفكر وتدور كلماته فى عقلها .. أنا كده عرفت انك مش ناوى على جواز وانك خطبتنى علشان ابقى
سهلة معاك .. ولمعت عينيها بخبث وهى تقول
ماشى يا وليد يابن الأكابرلما نشوف انا ولا انت.
اليوم التالى تقابلت مريم بسلمى فى الكلية صافحتها
سلمى وهى تنظر لها بسخرية وتقول
أزيك يا حجة مريم
قابلت مريم سخريتها بهدوء وقالت
يارب ...أدعيلى أبقى حجة بجد دى حاجة تشرف ان الواحد يزور بيت ربنا
شعرت سلمى بغصة فى حلقها من وقع كلمات مريم عليها وقالت
اه اه طبعا هو حد يطول
وتابعت
وأخبار العريس ايه
الحمد لله تمام
أقبلت صديقة أخرى لمريم وعانقتها بحرارة وهى تقول
وحشتينى أوى يا مريم
نظرت سلمى لصديقتها الأخرى بتهكم فقد كانت هى الأخرى محتشمة فى ملابسها فقالت سلمى للفتاة
أنت بقى صاحبتها الجديدة
نظرت لها صديقتها بنظرة هادئة وقالت
ودى حاجة تزعلك يا سلمى
نظرت لها سلمى بدهشة وقالت
ايه ده انت تعرفينى
قالت
الكلية كلها عارفاكى شباب وبنات ... ده انت اشهر من الڼار على العلم
ثم نظرت لمريم بابتسامة مشاغبة وقالت
ربنا يبعدنا عن الڼار ويجعلنا من أهل الجنه
نظرت لهما سلمى شذرا وقالت
ربنا يهنى سعيد بسعيدة
ضحكت الفتاة مرة أخرى وقالت لها
لا يا ستى ربنا يهنى يوسف بمريم
والتفتت إلى مريم قائلة
فى عروسة تيجى الكلية قبل فرحها بيوم
قالت سلمى متفاجأة
أيه د انت فرحك بكره يا مريم..كده متعزمنيش يا وحشة
قالت مريم ببرود
لا ازاى انت معزومة طبعا
كعادة سلمى دائما ما أن يراها الشباب من الصنف الذى ينجذب للحلوى المكشوفة يقبل عليها وعلى من بجوارها دون تردد أقبل عليهن فجأة أحد الشباب صافح سلمى وقال لمريم وصديقتها
هاى يابنات ازيكم
نظرت مريم لصديقتها وقالت
يلا نمشى
أخذتها صديقتها وذهبت لمكان آخر بعيد عن سلمى تابعهما الشاب بعينيه ثم الفتت إلى سلمى قائلا بتعجب
هى البت دى بقت محترمة كده ازاى
ضړبته سلمى على كتفه قائلة پغضب
قصدك ايه يعنى هو انا مش محترمة
غمز لها وهو يقول
أنت باشا يا باشا ...هو أنت فى زيك يا قمر !
مال الحاج حسين للأمام وقال بتركيز
زى ما فهمتك كده يا عفاف أحلام هتيجى الفرح ولازم تحجزى بينها وبين فاطمة بأى شكل.. أحنا مش عاوزين مشاكل ولا عاوزين حد يعرف عننا حاجة.. الفرح هيبقى فيه ناس غرب كتير
قالت عفاف بتوتر
والله ده انا قلقانة من دلوقتى يا حسين.. حتى لو زى ما قلتلى كده ان أحلام فيها حاجات كتيره اتغيرت .. برضة عمرها ما هتتغير من ناحية فاطمة.. ده اللى بينهم كبير أوى
قال بهدوء
إن شاء الله ميحصلش حاجة .. انا كمان هبقى حاطط عينى عليهم .. و كلمت إبراهيم وبلغته علشان يبقى واخد باله وميتفاجأش ونبهت عليه ميجيبش سيرة لمراته
تنهدت عفاف وقالت باضطراب
ربنا يستر
الفصل السابع والعشرون
وحشتنى أوى
استغفر الله العظيم ...
وأمسك بساق يوسف التى ركتله ودفعها بعيدا وهو يوقظه ويهتف به
أيه يا أخى ده.. صحتنى من أحلها نومة كنت عاوز أكمل الحلم..
أعتدل يوسف فزعا وهو يقول
أيه فى أيه!
قال عبد الرحمن بسخط
الله يقلق منامك يا أخى .. أنت أيه اللى منيمك جانبى
قال يوسف وهو يتثائب
مش عارف.. أنا آخر حاجه فاكرها اننا كنا بنرغى مع بعض
دفعه عبد الرحمن بعيدا لينهض من فراشه قائلا
طب امشى روح نام فى أوضتك الله يكون فى عون مراتك اكيد مش هتستحمل تنام جنبك ليلة واحدة
خرج يوسف من غرفة أخيه وهو يتمتم بشجن
ولا حتى ليلة يا عبد الرحمن
وفى الصباح كانت أحلام تنادى مريم وإيمان
يالا يا بنات ..إيهاب قال جاى ياخدكوا بعد ربع ساعة خلصتوا ولا لسه
خرجت ايمان وهى
تجر حقيبتها الصغيرة قائلة
خلاص يا ماما مريم فاضلها حاجات بسيطة
جلست بجوار أمها حول مائدة الأفطار وهى تقول باهتمام
هو حضرتك مش هتيجى معانا فعلا
ألفتت إليها أحلام قائلة
آجى فين... أنا هاجى على معاد الفرح على طول بالليل
خرجت مريم ووضعت حقيبتها بجوار حقيبة ايمان وهى تقول
ليه يا ماما ما تيجى معايا
أبتسمت أحلام وهى تقول
مينفعش يابنتى البيت الكبير ميتحملنيش انا وفاطمة اليوم كله
ردت إيمان بتفكير
والله يا ماما انا مش مصدقة ان طنط فاطمة يطلع منها كل ده..هى اه صحيح مش ودودة معانا زى طنط عفاف بس مكنتش اتخيل انها تطلع كده
ألتفتت لها أحلام وقالت محذرة اياها
أسمعى يا ايمان الست دى لازم تخلى بالك منها كويس اوى ومتخطلتيش بيها إلا فى المناسبات بس .. دى ست مش سهلة واوعى يخيل عليكى حركات الطيبة اللى بتعملها ..دى ممثلة درجة أولى.. أسرار بيتك أوعى تطلعيها بره أبدا.. وأوعى تصدقى حاجة على جوزك إلا لما تسأليه وتسمعى منه كويس .. أنت فاهمانى انت واختك ولا لاء
أومات برأسها وقالت مريم
أنت كده خوفتينا اكتر
هزت رأسها نفيا وقالت بثقة
لا متخافوش طول ما عمكم حسين موجود وفى صفكم متخافوش منها ...لكن محدش فيكوا يرميلها ودنه أبدا ولا يسمع منها نصيحة
تنهدت ايمان وقالت
عموما احنا كده كده مش بنختلط بيها حتى وفاء مفيش بينا وبينها علاقات قوية
زى فرحة
أبتسمت وهى تربت على يدها قائلة
أديكى شوفتى وجربتيها بنفسك
قالت مريم متسائلة
أنت صحيح يا ماما هتسافرى بكره الصبح
أومأت برأسها وهى تقول
ايوا مش هينفع اقعد اكتر من كده.. وادينى اهو اطمنت عليكوا
أعلن هاتف أحلام
عن اتصال من إيهاب وأخبرها أنه ينتظرهما بالأسفل ودعت أحلام كل منهما
وانطلقتا عائدين إلى البيت الكبير مرة أخرى
وقفت سيارة إيهاب الصغيرة أمام المنزل قائلا بعجلة من أمره
يالا انزلوا عندى شغل لازم اخلصه قبل العصر
قالت إيمان بتعجب
كمان مش هتدخلنا الشنط ..مش كفاية نزلتنا بيهم من عند ماما لوحدنا
أشار ايهاب إلى باب المنزل قائلا
أومال ده واقف بيعمل ايه
ألفتت إيمان فوجدت عبد الرحمن واقفا ينتظرهم عند البوابة الخارجية عندما رآهم اقترب من السيارة وفتح الباب الخلفى وأخرج الحقائب ترجلت إيمان من السيارة وبعدها مريم بخطوات متثاقلة حين قال إيهاب لعبد الرحمن
أنا راجع العصر ان شاء الله
أومأ له عبد الرحمن برأسه والټفت إلى إيمان ومريم قائلا بابتسامة
حمد لله على السلامة
ظهر يوسف وهو يمر بالبوابة ويتجه إليهم بابتسامة صغيرة اقترب منهم وقال مرحبا وهو يهم بحمل أحدى الحقائب
حمدلله على السلامة.. أتأخرتوا أوى
أوقفته يد عبد الرحمن تقطع عليه الطريق قائلا بحزم
معلش دى شنطة مراتى شيل التانية
نظر له يوسف بدهشة قائلا
وفيها أيه
قال بجدية
لا معلش محبش حد يمسك شنطة مراتى
أختلج قلب إيمان مرة أخرى ودق بقوة أكثر فهومن الأساس يطرق بشدة منذ أن رأته قادما نحوهم حمل عبد الرحمن حقيبة إيمان التى سارت خلفه واتجه إلى الداخل نظر يوسف إلى مريم وهو يحمل حقيبتها قائلا
أنا عاوز اتكلم معاكى ضرورى
لم ترد ولم تنظر إليه بل أشاحت بوجهها واستبقته للداخل وقف عبد الرحمن أمام المصعد والټفت إلى إيمان قائلا بهدوء وهو ينظر لعينيها
طبعا الشنطة هتطلع شقتنا مش كده
خفضت بصرها وهى تقول
أيوه .. بس هفضل مع مريم علشان الكوافيرة زمانها جاية
أمسك كفها بحنان قائلا
على فكرة أنا منمتش غير ساعة واحدة بس .. من ساعة ما كنت عندكم وانا بافكر فيكى وحتى الساعة دى حلمت بيكى فيها ..مش قادر استحمل الدنيا ولا ليا نفس لحاجة وانت زعلانة مني.
قاطعه اقتراب مريم ووقوفها بجوارهما صعدوا إلى الطابق الثانى أولا حيث كانت عفاف تنتظرهم تهلل وجهها بسعادة غامرة حين رأتهما وعانقتهما بحب كبير وحنان بالغ
ثم قالت فى سرعة
يالا يابنات أطلعوا بسرعة جهزوا نفسكم .. فرحة بتقولى الكوافيرة جاية كمان ساعة
ثم التفتت إلى مريم قائلة
وانت يا مريم بصى كده فى شقتك ولو لقيتى حاجة ناقصة قوليلى على طول
أبتسمت مريم أبتسامة باهته وهى تقول
حاضر .
كان عبد الرحمن ويوسف قد صعدا بالحقائب للطابق العلوى وهبط يوسف إليهم وترك عبد الرحمن أستقلت الفتاتان المصعد وعندما توقف توجهتا إلى شقة مريم ولكنهما وجدا عبد الرحمن ينتظر إيمان عند باب شقتهما وقال لها على الفور
ايمان عاوزك خمس دقايق بس
توترت إيمان وهى تنظر إلى مريم ثم تنظر إليه معاتبة
معلش أصل يدوب نلحق ..مفيش وقت
مالت مريم على أذنها قائلة بهمس
روحى شوفيه انا لسه هدخل آخد دوش .. على ما اطلع من الحمام تكونى جيتى
أومأت برأسها موافقة فى اضطراب وذهبت إليه دخلت شقتها ودخل خلفها وأغلق بابها بهدوء نظر إليها نظرة طويلة معاتبة ولكنها مشتاقة نظرة محبة شغوفة ولكن تغلفها الحيرة وأخيرا تكلم قائلا
ممكن اعرف انا عملت أيه علشان تتغيرى كده معايا
أطرقت برأسها وقالت فى خفوت
مش وقت الكلام ده دلوقتى لازم أروح أجهز مريم
أقترب منها يتفحصها بعمق وقال
يا ايمان متسبينيش كده قوليلى حاجة .. ريحينى.. أنا معرفش غير موضوع كلام مرات عمى لكن أيه علاقة كلامها بيا أنا وأنت
قالت بابتسامة شاحبة
أوعدك بعد الفرح ما يخلص هقعد معاك ونتكلم زى ما انت عايز
قال بحب
طب ينفع اقولك وحشتينى
قالت بدون تفكير
ليه
أبتسم ابتسامة حائرة وقال
ليه .. علشان بحبك
قالت دون أن تنظر إليه
متأكد
أقترب منها ومسح على وجنتها قائلا
طبعا متأكد معقول مش حاسة بيا كل ده
أغمض عينيه مرة أخرى وتنهد تنهيدة طويلة وكأنه يطبع صورتها داخل مقلتيه حتى لا تفارقهما أبدا تناول منها الهاتف وهو يتلمس أطراف أناملها مداعبا وضع الهاتف على أذنه قائلا
السلام عليكم ..
أستمع إلى والده قليلا بتركيز وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة عابثة ثم قال
حاضر يا بابا ثوانى واكون عندك
رفع رإسها إليه لتلتقى عينيهما
مرة أخرى قائلا
كنا بنقول أيه
أبتعدت وهى تخطو باتجاه الباب وتفتحه قائلة
يلا انزل شوف عمى وانا رايحة لمريم
توجهت إلى شقة مريم وأخرجت مفتاحها ودلفت بسرعة للداخل وأغلقت الباب ببطء وهى تعلو وجهها ابتسامة خجلة أتجهت إلى غرفة مريم التى كانت انتهت من الإغتسال للتو وتجفف جسدها بالمنشفة فتحت إيمان الباب فانتفضت مريم وهى تحتضن منشفتها وعندما وقعت عينيها على اختها فزفرت بقوة وهى تقول
ېخرب عقلك يا ايمان رعبتينى
تبادلت الفتاتان الضحكات ولكن نظر إيمان وقع على چرح غائر أعلى ساق مريم فاقتربت منها وهى تنظر إليه فى تفحص وتقول
أيه الچرح ده يا مريم
نظرت مريم إلى حيث تنظر إيمان ووضعت أطراف أناملها على الچرح تتحسسه فتذكرت لحظة سقوطها وهى يغشى عليها تذكرت قطع الزجاج التى سقطت على أطرافه المهشمة
قطع ذكرياتها صوت إيمان وهى تقول
أنت وقعتى على أيه ولا اتخبطتى فأيه .. أرتجفت مريم مع تذكرها
الحاډث وشعرت بالألم وكأن الچرح
مازال حديثا
وقالت بارتباك
مش فاكرة .
قالت ايمان وهى تضغطه قليلا
مش فاكرة ازاى ... مش بيوجعك طيب
حركت مريم رأسها نفيا وقالت
لا ..
ثم لفت المنشفة جيدا لتخفيه وهى تتصنع المرح
يالا بقى الست زمانها جاية أدخلى خدى دش انت كمان
أستسلمت مريم للمزينة تمشط شعرها وتزينها بينما جلست إيمان وفرحة يتجاذبان أطراف الحديث ويتضاحكان .. قالت إيمان بتساؤل
فين وفاء مطلعتش ليه ولا حتى سلمت علينا لما رجعنا
مطت فرحة شفتيها وقالت
مش عارفة بس شكلها محرجة من اللى امها عملته
قالت إيمان بتعجب
سبحان الله وفاء غيرهم خالص
أومأت فرحة موافقة
ده حقيقى.. بس أكيد اللى أمها بتعمله هى مش راضية عنه علشان كده تلاقيها مكسوفة تطلع
تناولت إيمان هاتفها وطلبت رقم وفاء وانتظرت ثوان إلى أن أتاها صوتها بخفوت
السلام عليكم ..ازيك يا إيمان
وعليكم السلام .. أيه يابنتى مطلعتيش ليه.. الكوافيرة هنا
قالت وفاء بخجل
معلش يا إيمان انا هبقى احط حاجة خفيفة كده
قالت إيمان بإصرار
لا مينفعش .. لازم تطلعى حتى لو مش هتعملى حاجة .. كفاية انك تقعدى فى وسطينا
سيطرت وفاء على دموعها وقالت بتماسك
ربنا يخاليكى يا إيمان بس بجد مش هقدر
زاد إصرار إيمان وهى تقول
لو مطلعتيش هنزل اخدك بنفسى ..ها قلتى ايه
أبتسمت وفاء من بين دموعها وهى تقول
لالا خلاص خليكى انا طالعة اهو
أغلقت إيمان الهاتف فى حين قالت لها فرحة
والله انت طيبة أوى يا إيمان.. يابخت عبد الرحمن بيكى
وفى المساء كانت الحديقة تتلألأ فى زينتها الجديدة بلمسات جمالية وضعها إيهاب وفرحة بذوق عالى وأحساس فنان كان الجو العام يبعث على البهجة وشاركت الطبيعة فى تزينه بنسمات عليلة وعبير الورود المتسلل إليها ليجعل النسمات تتحول إلى شذى رائع يأخذ بالألباب ويبعث على الإسترخاء فيحلو استنشاقه ببطء وكأنه سحر.
ومرة أخرى يتكرر نفس المشهد ويوسف يقف أمام مراته يرتدى حلته الأنيقة السوداء ولكن كانت تعلو شفتيه ابتسامة لا يستطيع تفسيرها قطع ابتسامته صوت عبد الرحمن الساخر وهو يقول
اضحك اضحك ما انت مش عارف أيه اللى مستنيك
ألتفت إليه يوسف قائلا
أيه ده انت لحقت تتعقد من الجواز
وقف عبد الرحمن بجواره فى المرآة وهو يهندم سترته وقال
ياعم مش لما اتجوز الأول ابقى اتعقد
نظر له يوسف متعجبا من كلماته وقال
نعم .. اومال إيمان دى تبقى أيه خطيبتك
دفعه عبد الرحمن ليلتفت مرة أخرى إلى المرآة وهو يقول
خليك فى حالك..
خرج يوسف إلى شرفته ينظر إلى الحديقة التى تزينت كالعروس وهو متعجبا من السعادة التى يشعر بها برغم من أنه يعلم أن هذا الزواج ماهو إلا غطاء شرعى لما حدث بينهما
بدأ المدعوين بالحضور وكان أول من حضر هى علا بصحبة والدتها وأختها هند التى وقفت تنظر حولها وهى تقول لأختها
شايفة اللى اتحرمت منه اختك
قالت علا بصوت هامس
ممكن ترجعيله انت وشطارتك
ألقت مريم النظرة الأخيرة فى مرآتها بينما قالت إيمان
ماشاء الله.. أنت قمر والله يا مريم اللهم بارك
عانقتها فرحة ووفاء ألتفتت إليهم مريم قائلة
أنتوا كمان قمرات
قالت وفاء بمشاكسة وهى تقول
أنتوا بقى غيرانين منها ولابسين فساتين كتب الكتاب بتاعتكوا
ضحكت فرحة قائلة
والله ياختى مش بمزاجنا .. كل واحدة فينا جوزها صمم تلبس كده
أقتربت إيمان من مريم وقالت مداعبة
بس أيه ده يا مريم .. فى عروسة تلبس الحجاب يوم فرحها ده ايه العقد دى
تلون وجهها خجلا وقالت
خلاص بقى بطلى .. مكنتش فاهمة وادينى فهمت ياستى
طرقت عفاف الباب فالټفت الجميع إليها وقالت مريم فى سعادة متفاجأة
ماما !
كانت أحلام بصحبة عفاف فهرولت مريم إليها وعانقتها نظرت أحلام إليها وإلى فستانها الأبيض وحجابها الحريرى الذى زاد جمالها وقالت
عروسة زى القمر يا مريم .. كان حلمى اشوفك انت واختك واخوكى يوم فرحكوا
قالت إيمان مداعبة
ما انا لابسه فستان كتب كتابى اهو يعنى كأنك حضرتى فرحى برضة
عانقتها والدتها وقالت
ربنا يسعدكوا يا ولاد
ربتت عفاف على ظهرها قائلة
ربنا يديكى طولة العمر وتشوفى ولادهم
نظرت إليها أحلام بمودة وامتنان وقالت
متشكرة يا عفاف .. طول عمرك طيبة وانا مطمنة على ولادى معاكى
أدمعت عينيى إيمان ومريم وهما يتبادلان النظرات بينما قالت فرحة
وبعدين .. الميكب هيبوظ كده
نظرت إليهم عفاف قائلة
هو فين الميكب ده انا مش شايفة غير زبدة كاكاو
ضحك الجميع .. وفجاة عم الصمت حينما ارتفع صوت فاطمة پغضب وقسۏة وهى تقف على باب الغرفة وتستند إلى حافته بيد ومتخصرة باليد الأخرى وذبذبات الشړ تتقاف من حولها وتقول
أنت أيه اللى جابك يا أحلام
نظر الجميع إليها بينما استدارت أحلام نحو عفاف وقالت بابتسامة هادئة
يالا يا ام عبد الرحمن العريس مستنى تحت خدى البنات وانزلى
قالت عفاف باضطراب
انا هتصل بإيهاب يطلع ياخدهم
ساد الصمت للحظات وصعد إيهاب فى الحال وتناول كف مريم وقال لوالدته
يالا يا ماما
أومأت برأسها وقالت
انزلوا انتوا وانا جاية وراكوا
زاغت نظرات الجميع بين أحلام وفاطمة فى صمت قطعته أحلام
يالا اتحركوا الناس تحت
بدأوا فى الهبوط للأسفل وتأخرت عفاف عنهم فقالت لها أحلام
انزلى انت يا عفاف
حركت رأسها نفيا وقالت بإصرار
مينفعش .. والمفروض ننزل كلنا .. مش
وقته الكلام ده
احنا فى فرح ولادنا
أوقفتها فاطمة وهى تصيح بها
بقيتى حبيبتها يا عفاف .. اه ما انتوا بقيتوا نسايب
أقتربت منها أحلام بعينين حادتين قائلة
أنت عاوزه أيه يا فاطمة
قالت فاطمة بنظرات تشع حقدا
تطلعى حالا من البيت ده ومتوريناش وشك تانى
ضحكت أحلام بطريقة استفزازاية وقالت
تانى يا فاطمة .. تانى عاوزانى امشى .. مكفكيش أول مرة مشيت فيها من عشرين سنة
قالت فاطمة بحدة وبغض
وياريت المرة دى مترجعيش تانى لحد ما حد فينا ېموت ماهى الدنيا متستحملناش سوا
أحتفظت أحلام بابتسامتها وقالت
لسه بتغيرى مني يا فاطمة معقول .. مع انى كبرت اهو زى ما انت شايفة ..واللى بتغيرى عليه كبر هو كمان وقرب هيبقى جد.
واقتربت أكثر وهى تحدق بعينيها قائلة
ولا انت لسه بتكرهينى علشان علي الله يرحمه فضلنى عليكى
كادت فاطمة أن ټصفعها على وجهها ولكن أحلام أحكمت قبضتها على يدها ونظرت لها بتحدى اكبر تدخلت عفاف هاتفة بحنق
لا انا كده هتصل بالحاج حسين يجى مينفعش كده يا جماعة .. يالا يا أحلام انزلى لولادك
فى هذه اللحظة كان يوسف ينظر إلى مريم بإعجاب شديد وهو يراها بفستان زفافها الأبيض وحجابها الذى زادها إشراقا تناول يدها من
إيهاب وهى تتحاشى النظر إليه وسار بها إلى المكان المخصص لهما بالجلوس بينما أمسك عبد الرحمن يدي زوجته وطبع قبلتين على كل واحدة منهما وعينيه لم تفارق عيناها الخجلتين وكذلك كان حال إيهاب وفرحة
سار الأربعة خلف العروسين كل منهما يتأبط ذراع عروسه فى سعادة
أما فى الطابق العلوى فلا تزال المعركة مستمرة وكانت فاطمة تصفق پغضب وتقول
مبروك يا أحلام برافو عليكى.. حققتى كل اللى كنت بتتمنيه وخدتى حسين وولاده ومراته
زفرت عفاف بضيق هاتفة
انتيهنا بقى يا فاطمة ...
ثم نظرت إلى الهاتف وتقول
يارب يسمع الجرس فى الدوشة دى
وقفت أحلام أمام فاطمة وقالت بصرامة
أنا بحذرك يا فاطمة لو اتعرضتى لحد من ولادى انا ممكن ادمرك
ضحكت فاطمة پجنون قائلة
هتعملى أيه يعنى .. انت اللى المفروض تخافى على نفسك يا أحلام .. سمعتك مش متسحملة
بادلتها أحلام الضحكات وقالت بهدوء
هعمل كتير يا فاطمة.. يعنى مثلا هقول لكل الناس وأولهم ولادك وجوزك انك كنت بتحبى علي الله يرحمه وبتجرى وراه بالمشوار وهو كان مطنشك وكنت بتسوقى عليه ناس كتير وهو ولا هو هنا لأنه كان بيحبنى ساعتها .. وفى الآخر يا مسكينة لما رضيتى بالأمر الواقع
ووقع فيك ابراهيم الراجل الغلبان وهو ميعرفش انك كنت بتحبى اخوه الصغير ..اكتشفت برضة انه بيبصلى من تحت لتحت .. نارك قادت مني وخصوصا لما علي ماټ خفتى لجوزك يعملها ويتجوزنى بحجة انه يربى ولاد اخوه..علشان كده اتجننتى وعملتى عليا فيلم انهم هيقتلوا ولادى ويقتلونى وادتينى فلوس وأشارت إلى عفاف قائلة
وضحكتى على الغلبانة دى وخوفتيها ان جوزها هيروح فى داهية وجبتيها معاكى علشان اصدق .. لأنك عارفة انى بصدق عفاف صړخت بها فاطمة
أخرسى يا أحلام.. أنا عمرى ما جريت ورا حد.. أنا مش زيك .. أنت اللى كنت بتجرى ورا ابراهيم ولما لقيتيه شخصيته ضعيفة ومش هيقدر يقف قدام ابوه سبتيه وادورتى على علي الله يرحمه
ضحكت أحلام قائلة وقد أعجبها اشتعال الڼار بقلب فاطمة وقالت
وهو ده اللى غيظك مني.. أن الاتنين كانوا بيحبونى
كادت فاطمة أن تهم بصفعها ولكن عفاف صړخت
كفاية.. كفاية.. حرام عليكوا .. ده الزمن بينسى المۏت ورغم كده معرفش ينسيكوا كرهكوا لبعض
وفجأة دخل إبراهيم وحسين واقترب حسين من عفاف وامسك يدها بقلق قائلا
مالك يا عفاف بتصرخى ليه ايه اللى حصل
نظر إبراهيم لزوجته قائلا
انتوا ايه اللى مقعدكوا هنا سايبين الناس والمعازيم وقاعدين هنا ليه
قالت فاطمة بغل واضح
أبدا كنا بنصفى حساب قديم
أشار حسين إلى أحلام وقال بحسم
لو سمحتى يا ام ايهاب انزلى دلوقتى اقعدى جنب بنتك متسيبهاش فى لحظة زى دى
أما فى الأسفل فكانت عينيى هند تراقب عبد الرحمن وتتبعه كظله وكان وليد يهمس لعلا أن تصعد معه الآن ليريها شقتهما ولم يكن يلحظ العين التى تراقبه بابتسامة غاضبة كريهة بينما لم تكن تعلم إيمان وفرحة المفاجأة التى أعدها لهما عبد الرحمن وإيهاب
الفصل الثامن والعشرون
أسمعى بس .. أنت هتطلعى تشوفيها وننزل على طول
أبتسمت علا وهى تضغط على يد هند الجالسة بجوارها وقالت
أوك مفيش مشكلة علشان تتأكد بس انى بثق فيك
أنتبهت هند لضغطة علا وكما اتفقت معها سابقا بأن هذه الضغطة معناها أن تتدخل فورا
أفلتت علا يد هند وهى تنهض واقفة مع وليد فنهضت هند هى الأخرى ووقفت أمامهما قائلة
أيه يا علا رايحة فين .
قالت علا بتلقائية مدروسة
طالعين نبص على الشقة بتاعتنا علشان نشوف هتتشطب ازاى
أدت هند دور الشغوفة بإمتياز وهى تقول
ايه د بجد طب انا جاية معاكوا
تدخل وليد وهو يلف كتف علا بذراعه قائلا
خليكى مع ماما يا هند لحس تضايق .. أحنا مش هنتأخر
أدت دورها جيدا مرة أخرى وهى تقول
اه صحيح طب ما نجيب ماما تشوفها معانا ..
دى برضة ام العروسة
عادت هند خطوتين للخلف
لتخبر والدتها فى حين قال وليد بضيق
أيه بقى الخنقة دى
نظرت له علا وتظاهرت بعدم الفهم وهى تقول
مالك يا حبيبى فى حاجة
عادت هند ومعها والدتهما وقد أبدت موافقتها للصعود معهم لرؤية منزل الزوجية
أبتسم لها وليد ابتسامة حانقة وهو يقول
اه طبعا يا طنط اتفضلى
أستبقهم للداخل وهو يزفر بقوة فى ڠضب بينما هند وعلا يتبادلان نظرات مكر وانتصار
لم يمكثوا كثيرا فى الداخل بمجرد أن فتح لهم باب الشقة المخصصة لزواجة ودخلوا وطالعوها فى دقائق وخرجوا سريعا وما إن خرجوا إلى الحديقة حيث حفل الزفاف حتى وقعت عيناه على سلمى التى تنتظرهم عند المدخل وعينيها يتطاير منها الشرر لم تنتظر كثيرا بل أسرعت إليه وصاحت فى حدة
بقى دى أخرتها يا وليد.. بقى أعمل علشانك كل ده وفى الآخر تروح تخطب واحدة تانية.. أما وريتك ..أما فضحتك.. أنا هاروح اقول ليوسف كل خططك
أمسك ذراعها بقوة وهو ينظر إليها پغضب ويضغط أسنانه بقوة وقال
عارفة لو ماتخرستيش هاعمل فيكى أيه
تقدمت علا منهما بينما وقفت هند ووالدتها يشاهدان ما يحدث فى دهشة أقتربت علا قائلة
فى حاجة يا آنسه
هتفت سلمى پغضب
وانت مالك انت بتدخلى ليه بين واحدة وجوزها
نظرت له علا بدهشة وقالت
نعم..جوزها
ألتفت إلى سلمى پغضب وحنق
أنت بتخرفى ولا أيه.. أنا اتجوزتك امتى ان شاء الله ..فى الحلم
قاطعته وهى تصيح بوجهه وتشير إلى الشقة المشئومة بجوار المصعد
لا يا خويا فى الشقة دى
جذبها من يدها وحثها على الخطى السريع خلفه مرغمة حتى وصل بها إلى جراج السيارات
والټفت إليها وصفعها بقوة حتى ارتدت إلى أحدى السيارات وسال الډم من بين شفاها
فصړخت فى ڠضب
ماشى يا وليد والله لاروح أحكى ليوسف واقوله أنك كنت بتفترى على مريم وانك مطلعتش شقتها ولا حاجة وانك كنت مستنيه وكنت عارف انه هيجى وراك وهقوله انك قصدت تديله حبوب علشان يتخدر وميحسش هو بيعمل ايه وانك اتفقت معايا انى اخد مريم شقة مفروشة وافهمها ان ده بيتى وكنت عارف انه هيراقبها وكان كل هدفك انك تفضحه والرؤوس تتساوى وميقدرش يفتح بقه معاك تانى
أحكم قبضته على ذراعها حتى آلمتها وصړخ فيها
اسمعى يابت انت... مش انا اللى تهددينى
لو عاوزه تروحى تحكى روحى .. ميهمنيش .. أنا كده ولا كده شريك فى البيت وشريك فى الشركة يعنى اللى هتقوليه مش هيأثر عليا لا حد هيرفدنى ولا حد هيقدر يطردنى... ديتها ابويا يزعل منى يومين وخلاص .. وانت مش هتطلعى بحاجة من ورا كده إلا انى عمرى ما هبص فى وشك تانى ومش هتشوفى مني اللى كنت بتشوفيه.. لكن لو طلعتى عاقلة وحلوة كده ... هنفضل مع بعض .. فلوس وفسح وكل اللى انت عرفتينى علشانه ..ها قولتى ايه
بكت وهى تحاول أن تخلص ذراعها من يده وهى تقول
سيبنى بقى أيدى حرام عليك
تركها وهو يدفعها للخلف مجددا ويشير إلى رأسه قائلا
عقلك فى راسك تعرفى خلاصك دورى على مصلحتك احسنلك
أشتد بكاؤها وهى تقول
كده برضة يا وليد تعمل فيا كده .. يعنى اللى خطبتها وهتتجوزها دى فيها أيه احسن مني
أقترب منها ومسح على شعرها وكأنه لم يفعل شىء وقال
يا عبيطة ده انت اللى فى القلب ..وبعدين جواز أيه هو انا بتاع جواز
نظرت له بدهشة وقالت
يعنى ايه.. اومال خطبت ليه
أقترب منها ولف ذراعيه
حول خصرها قائلا
هما وحياتك يومين وهخلع منها وهرجعلك صاغ سليم
قالت وهى تبتعد عنه
انت بتضحك عليا بكلمتين.. فاكرنى هبلة فى حد بيخطب يومين ويخلع
قال وليد ضاحكا
أنا
قالت بدهشة
وقد تغيرت ملامحه تماما
أنت بتضحك عليا
قال بنفاذ صبر
من الآخر كده.. البت دى منشفة دماغها وانا حبيت ألينها بالدبلة اللى لبستهالها .. فهمتى بقى
يعنى انت بقى عينك فارغة
أومأ برأسه مؤكدا بعبث قائلا
بالظبط كده أديكى عرفتى... يالا بقى خديها عن قصيره وامشى دلوقتى
قالت باستفزاز
انا لسه مباركتش لمريم
هتف بحنق
قال يعنى بتحبيها أوى ... يالا اطلعى من باب الجراج وهنتقابل بكرة وهقضى معاكى يا ستى طول اليوم
خطت هند وعلا خطوات سريعة بخفة ليعودا أدراجهما إلى مكانهما قبل أن يعود وليد جلستا وهما يلتقطان أنفاسهما بصعوبة وقالت هند
سمعتى يا علا
أومأت برأسها ووضعت أصبعها على فمها وهى تقول لهند
ولا كأنك سمعتى حاجة
قالت هند باستنكار
يعنى ايه يا علا .. هى دى كمان فيها مصالح
قالت علا مؤكدة
بالظبط كده زى ما اتفقنا قبل كده أى معلومة تعرفيها تحوشيها لحد ما يجى وقتها
ونظرت بعيدا فى شرود وهى تقول
أما بقى بخصوص هدفه من خطوبتنا ... انا هخاليه يندم ويقع فى شړ أعماله
أستقلت سلمى سيارتها الصغيرة وقادتها فى شرود والأفكار تتزاحم فى عقلها
صح .. أنا هستفاد أيه لما افضح كل حاجة ... كل اللى هيحصل انى هخسره للأبد ومريم سمعتها هتتصلح عند يوسف
وأبتسمت فى سخرية وهى تقول
متضحكيش على نفسك يا سلمى انت كده ولا كده كنت متأكدة انه مش هيتجوزك ومكنش هامك حاجة متعمليش فيها مصډومة طالما بيصرف عليكى يبقى خلاص خالى
الفايدة تكمل للآخر
عاد وليد إليها قائلا بلهفة مصطنعة
متزعليش
يا حبيبتى دى واحدة مچنونة كانت بتشتغل معايا زمان ومشيتها .. وانا طردتها خلاص
أبتسمت برقة وقالت
تصدق فعلا شكلها مش طبيعى خالص .. وبعدين دخلت هنا ازاى دى
رفع كتفيه وقال
انا عارف .. اهو كل فرح ولا مناسبة فى بيتنا لازم تحصل فيه بلوى شكل.. أسترها علينا يارب
وقفت فاطمة بجوار زوجها تراقب نظراته جيدا فالټفت إليها وقال بحدة
أنت وبعدين معاكى هتفضلى تراقبينى كده لحد امتى
قالت فاطمة بحنق
لحد ما زفته دى تمشى من هنا وتغور
قال متأففا
لاحول ولا قوة إلا بالله .. يافاطمة عيب كده احنا مش صغيرين على العمايل دى.. روحى طيب سلمي على خطيب بنتك ووالدته
تأبطت ذراعه رغما عنه وقالت
اه وماله يالا نروح سوا
شعر حسين ببعض الهدوء عندما وجد ملامح السعادة عادت مرة أخرى إلى وجه عفاف بعد أن كانت يغلب عليها الحزن مما سمعت من أحلام وفاطمة وهى تجلس بجوار يوسف بسرور وتربت على يده وتبتسم له بحب هو ومريم أما احلام فكانت تجلس بين مريم وإيمان... حتى جاء عبد الرحمن وبسط كفه أمامها قائلا
تعالى يا إيمان لحظة لو سمحتى
وضعت يدها فى يده فتناولها وسار بها خطوات ووقف أمامها قائلا بحب
أيه رأيك فى شهر عسل جديد بدل اللى راح مننا
نظرت له بدهشة يغلفها الخجل وقالت
ازاى يعنى
أشار لإيهاب الذى كان يقف بعيدا عنهما بخطوات يتكلم مع فرحة وهى تبدو فى كامل سعادتها أقبل إيهاب وفرحة التى تعلقت بذراع عبد الرحمن بابتسامة واسعة وهى تقول
متشكرة يا عبد الرحمن حقيقى مفاجأة تجنن
نظر لها إيهاب باستنكار
ياسلام.. على أساس ان انا ماليش دور فى المفاجأة يعنى
قالت إيمان بابتسامة حائرة
مفاجأة ايه
لف إيهاب ذراعه حول كتفها وقال بمرح
هنروح مع يوسف ومريم نقضى شهر العسل معاهم
دفع عبد الرحمن ذراع إيهاب ولف ذراعه هو على كتفها قائلا
لو سمحت متحطش أيدك على مراتى تانى
والټفت إليها قائلا
ها أيه رأيك فى المفاجأة دى
أرتبكت إيمان واقتربت فرحة منها قائلة
هى دى عاوزه رأى.. طبعا موافقة
قالت إيمان بتردد
بس احنا مجهزناش هدومنا ومش معقول نطلع نجهزها دلوقتى
قالت فرحة بحماس
لا يا ستى مش هنوضب حاجة .. دول كانوا متفقين مع ماما على كل حاجة وهى قامت بالواجب وزيادة
أكد عبد الرحمن على كلام فرحة وقال
الحقيقة دى كانت فكرة بابا .. هو اللى اقترح وخطط واحنا نفذنا
داعبته إيمان وقالت وهى تضع يدها على خصرها
ده انتوا عصابة بقى
أومأت فرحة وقالت
بالظبط كده.. عصابة بودى وهوبة
أقتربت هند منهم وهى تتهادى بدلال ووقفت أمام عبد الرحمن وهى تنظر إليه بشوق وتمد يدها لتصافحه وتقول
أزيك يا عبد الرحمن ليك وحشه والله
ارتبك عبد الرحمن بسبب نظرات إيمان الحاړقة لهما وقال
الحمد لله تمام
قالت وهى مازالت باسطة كفها ليصافحها
مش هتسلم عليا ولا ايه ...
شعرت إيمان أن عبد الرحمن سيصافحها لشعوره بالحرج من يدها الممدودة فأسرعت واخذت يدها وصافحتها هى وقالت بابتسامة باردة
معلش بقى .. أصله مش بيسلم على ستات
أبتسمت لها هند ابتسامة صفراء وهى تقول
ليه ده حتى عبد الرحمن مثقف ومتعلم
بادلتها إيمان نفس الإبتسامة وقالت
شرع ربنا مالوش علاقة بالثقافة أو الجهل
وتابعت
المثقف الحقيقى هو اللى يبقى عارف امور دينه وبيقوم بيها أما الجاهل هو اللى مهما اتعلم وخد شهادات يفضل برضة مش عارف دينه بيأمره بأيه وبينهاه عن أيه
أختفت الأبتسامة وقالت فى حنق
فرصة سعيدة يا مدام
وغادرت فى سرعة بخطوات حانقة فقالت فرحة موجهة حديثها لإيمان
البت ياعينى ڠرقت فى شبر ميه حرام عليكى يا إيمان
نظرت إيمان إلى عبد الرحمن الذى كان ينظر إلى الأسفل وكانه يتأمل حشائش الأرض التى يقف عليها وقالت له
بتبص على الأرض كده ليه
قال وكأنه يفكر بعمق
لا ابدا بفتكر انا صليت العشاء ولا لاء ...
نظر إيهاب إليه بدهشة ثم اڼفجرا فى الضحك لم تستطيع فرحة كتم ضحكاتها وهى تحتضن إيمان وتقول
أخويا شجاع أوى قدامك على فكرة
لم تتمالك إيمان نفسها وضحكت رغما عنها.
مالت أحلام على أذن مريم قائلة
مالك يا مريم مكشرة كده ليه
انتبهت مريم لحديث والدتها وقالت بخفوت
أبدا ياماما.. تلاقينى سرحت ولا حاجة
قالت أحلام بتنبيه
لا أبتسمى الناس بتبص عليكى وبعدين جوزك بيبص عليكى هو كمان
ألتفتت مريم بحركة تلقائية ليوسف الذى يجلس بجوارها فأشاح بوجهه عنها والټفت إلى والدته التى تجلس بجواره فقالت له
ايه يا حبيبى عاوز حاجة
يوسف
مش كفاية كده مش نمشى بقى لسه ورانا سفر
أومأت برأسها وهى تبتسم له موافقة وقالت
طيب استنى اروح اقول لابوك
ذهبت عفاف إلى زوجها وأبلغته بالأمر فذهب إلى عبد الرحمن وإيهاب وقال
يالا بقى علشان تلحقوا وقتكوا لسه الطريق طويل
بعد ساعات مرهقة دخل أخيرا كل زوجين إلى جناحهما الخاص أسرعت إيمان إلى شرفة جناحها الكبيرة لتنظر إلى المنظر البديع فلحقها عبد الرحمن ولف ذراعه حولها قائلا
هنا بقى تقدرى تستمتعى بجد .. البلد هنا مش زحمة خالص والشواطىء تقريبا فاضية
تنهدت فى أرهاق قائلة
طبعا دى بعيدة جدا
لازم تبقى رايقة
قال بابتسامة عذبة
أنا جبتك هنا مخصوص علشان تعرفى تستمعى براحتك.. علشان المرة اللى فاتت مكنتيش عاوزه حتى تنزلى
تبلى رجلك
فى المية وكنت خاېفة الهدوم تلزق عليكى.. هنا الحياة بسيطة أوى وعلى طبيعتها والشط بين الجبال ووراه نخيل كتير .
نظرت إليه وقالت فى اهتمام
مصر فيها أماكن حلوة جدا المصريين نفسهم عمرهم ما شافوها طب احنا ليه دايما مركزين على السياح اللى جايين من بره ومهملين فى
السياحة الداخلية جدا... تقريبا معظم المصريين ميعرفوش ان بلدهم فى اماكن ساحرة كده
قال بتركيز
فكرة برضة.. سيبينى افكر فى الحكاية دى بس لما نشوف الأول السياحة الزوجية
لم تفهم معنى كلماته فقالت بتسائل
يعنى أيه السياحة الزوجية
تصنع عبد الرحمن أنه يهم بشرح معنى كلماته وقال بجدية
تعالى وانا اشرحلك بالتفصيل
ثم توقف فجأة قائلا
ولا اقولك غيرى هدومك وانا هدخل اخد دش .. ولما اطلع اشرحلك كل حاجة بالتفصيل الممل
كانت مريم جالسة على طرف فراشها تنظر حولها وتدور عينيها فى الجناح الخاص بهما حتى دخل يوسف وأغلق بابه ووقف ينظر إليها ويتأملها حتى شعرت بالإضطراب أكثر وراودها شعورها بالخۏف تجاهه مرة أخرى فأغلقت عينيها وهى تحاول أن تهدئ من روعها فقال
طبعا تعبانة من السفر ومحتاجة تنامى
اشار إلى الحمام الملحق بالغرفة الداخلية قائلا
ادخلى غيرى لو تحبى وانا هدخل البلكونة لحد ما تخلصى علشان نصلى ركعتين مع بعض
نهضت فى سرعة واقفة مكانها وقالت بسخرية
نصلى ركعتين ليه.. ده لما يبقى جواز حقيقى مش زينا كده
شعر بالتوتر وصمت قليلا ثم قال
خلاص زى ما تحبى
تركها وخرج إلى الشرفة يستنشق الهواء العليل ويحاول أن يركز تفكيره فى طريقة التعامل التى ستكون بينهما فى الأيام القادمة اخذت مريم ملابسها ودخلت الحمام أغتسلت فى سرعة وبدلت ملابسها وخرجت من الحمام إلى الفراش مباشرة وتدثرت جيدا عندما شعر بها قد انتهت دخل هو الآخر وأخذ ملابسه من حقيبته الشخصية ودخل إلى الحمام أغتسل وخرج سريعا مر أمام فراشها فوجدها متدثرة جيدا وتلف الغطاء حولها بعناية وتنظر إليه وتتابع تحركاته بقلق وخوف آلمه كثيرا ذلك الشعور وتلك النظرة الخائڤة من عينيها فوقف أمام باب الغرفة الداخلية قائلا
الأوضه دى ليها مفتاح لو حابة تقفلى على نفسك وانا هنام على الكنبة بره قدام التلفزيون لو احتاجتى حاجة نادى عليا.
لم يتلقى منها أى أجابه فخرج واغلق الباب خلفه وبعد ثوان شعر بها توصد الباب بالمفتاح جيدا من الداخل لم تتمالك نفسها كثيرا فلقد كان الأرهاق أكبر من أى مقاومة فاستسلمت للنوم سريعا وكذلك هو استسلم للنوم على الأريكة فى الخارج
خرج عبد الرحمن من الحمام وهو يدندن بسعادة رغم الأرهاق الواضح على عينيه
ولكن سعادته لم تكتمل فلقد وقع بصره على إيمان التى استسلمت للنوم سريعا هى الأخرى حاول إيقاظها ولكنها لم تستجيب حاول مجددا وهو يكاد أن يبكى
إيمان أصحى بقى عاوز اشرحلك السياحة الزوجية
تمتمت وهى تغط فى النوم
بعدين ابقى اشرحلى السياحة النيلية
أعتدل وهو يمسح رأسه بحنق وهو يردد
نيلية ... النيلية دى على دماغى انا دلوقتى ياختى
وأخذ الوساده وقڈفها بها وهو يقول
نامى ياختى نامى ..
تحسست الفراش بجوارها حتى وصلت لتلك الوسادة أخذتها ووضعتها على رأسها ثم فتحت عينيها ببطىء وابتسمت ثم عادت للنوم مرة أخرى
أستيقظت فرحة فى الصباح ونظرت إلى ملابسها قائلة
ياه ده انا نمت بهدومى من كتر التعب
نظرت بجوارها فوجدت حال إيهاب ليس افضل من حالها هو أيضا نام بملابسه
حاولت ان توقظه مرارا حتى استيقظ وقال وهو مازال مغمض العينين
ده مش سفر دى علقة سخنة .. اخوكى ده مچنون ملقاش غير آخر بلاد المسلمين
أبتسمت فرحة بإرهاق قائلة
بس المكان هنا هادى أوى ومش زحمة زى باقى المصايف .. وبعدين أول مرة آجى نويبع .. المنظر تحفة
قام بصعوبة قائلا
طب انا هدخل اخد دش و اخرج اطلب الفطار ..
ثم نظر إليها وهى مازالت بفستان العقد فقال ضاحكا
فى عروسة تنام بفستان الفرح.. لو حد شافك دلوقتى يقول عليا ايه ... فسيخة!
ضحكت فرحة وهو يأخذ ملابسه ويتجه للحمام ثم تناولت الهاتف وأجرت اتصال بإيمان التى أجابتها بعد مدة قصيرة وقالت بصوت ناعس
السلام عليكم
وعليكم السلام .. انت لسه نايمة
اه يابنتى المشوار كان صعب أوى حتى اخوكى لسه نايم فوجأت به يأخذ الهاتف من يدها وأستند برأسه على ذراعها وهو يتحدث إلى فرحة
عاوزه ايه يا رخامة بتتصلى ليه على الصبح كده
ايه ده مالك طلعت فيا كده ليه.. طب الحق عليا انى بطمن عليكوا
حاولت إيمان أن تسحب يدها من تحت رأسه وهو يتحدث ولكنه لم يسمح لها بذلك وهو يقول لفرحة
لا متشكرين متطمنيش تانى ومش عاوز اسمع صوتك انت ولا جوزك النهاردة يلا سلام
أنهى الأتصال ثم أغلق الهاتف تماما وهى مازالت تحاول عبثا أن تنهض من جواره ولكنه لف ذراعيه حولها وقال بابتسامة مشرقة
متحاوليش دخول الحمام مش زى خروجه.. انت وقعتى يا قطة
نهضت مسرعة واتجهت إلى الحمام بخطوات واسعة
وهى تقول
طب والله جعانة أوى لو سمحت اطلب الفطار على ما اطلع
تناول الهاتف وطلب الرقم الداخلى للفندق وهو يقول
لما نشوف هتتحججى بأيه
تانى
جلست إيمان وعبد الرحمن يتناولان طعام الأفطار فى الشرفة تناولت إيمان أول رشفة من كوب الشاى وهو تقول باستمتاع
الله كان نفسى فيها أوى الكوبايه دى من امبارح
أمسك كفها وخلل أصابعها بين أصابعه وقبض عليها برقة ونظر إليها بحب قائلا
طب وبالنسبة للى قاعد جمبك ده .. طب يارب ابقى كوباية شاى علشان تحبينى أوى كده
ضحكت إيمان على طريقته وقالت برقة
ربنا يخاليك ليا
ألقى نظرة على كوب الشاى فى يدها قائلا
هى الكوباية دى مبتخلصش ولا أيه
أخذت عدة رشفات وقالت متسائلة
بتسأل ليه
أخذها منها ووضعها على الطاولة الصغيرة أمامهما وهو ينهض قائلا
انا بقول كفاية كده الشاى مضر بالصحة
نهضت معترضة وقالت
لا لسه مخلصتش
جذبها للداخل وهو يقول
ده انا اللى خلصت خلاص ارحمينى شوية
فتحت مريم باب غرفتها ببطء بعد أن ارتدت ملابسها ونظرت إلى الأريكة تبحث عن يوسف ولكنها لم تجده تقدمت خطوتين ونظرت داخل الشرفة فوجدته متكأ إلى السور وغارق بعمق فى تأمل المنظر البديع على مد بصره أتجهت نحو باب الغرفة الخارجى وفتحته وهمت بالخروج ولكنها سمعت صوته آتى من خلفها قائلا
رايحة فين
أستدارت ببطء وهى تتجنب النظر إليه وقالت
خارجة اتمشى على البحر شوية
تحرك من مكانه واتجه إليها ووقف بمسافة ليست بعيدة منها وقال بهدوء
مينفعش تخرجى دلوقتى
قالت بحنق
ليه ان شاء الله
حافظ على هدوءه قائلا
أولا الفطار جاى حالا .. ثانيا المفروض اننا عرسان جداد .. على الأقل قدام اخواتك واخواتى ومينفعش حد فيهم يشوفك طالعة دلوقتى وكمان لوحدك
أبتعدت عن الباب بضيق
وجلست إلى الأريكة بعصبية قائلة
يعنى هتحبس معاك هنا ولا أيه
طرق الباب كانت خدمة الغرف أخذ يوسف طعام الأفطار ووضعه أمامها على الطاولة وقال
طب افطرى الأول وبعدين نتكلم
قالت بضجر
مش عاوزه آكل معاك
أومأ برأسه وقال
زى ما تحبى
ثم أخذ أحد الأطباق الفارغة ووضع لنفسه بعض الطعام فيه ودخل الشرفة جلس فيها وتناول طعامه أنتهت مريم من طعامها ودخلت غرفتها وأوصدت الباب مرة أخرى بدلت ملابسها وجلست على فراشها تفكر
وفى أمواج الأفكار التى تعصف بعقلها سمعت طرقات خفيفة على الباب فقالت
بضيق
افندم
من فضلك عاوز اتكلم معاكى شوية
مش عاوزه اتكلم معاك سيبنى فى حالى
أتاها صوته باصرار أكبر وهو يقول
من فضلك افتحى الباب لازم نتكلم
نهضت على مضض تنفست بعمق وفتحت الباب وقالت بتأفف
افندم ..خير
قال بهدوء
تحبى نقعد فين.. هنا ولا بره
نظرت خلفها ثم عادت برأسها إليه وقالت
هتقعد فين هنا.. بره طبعا
تنحى عن طريقها وتابعها بعينيه حتى جلست على الأريكه فجذب أحد المقاعد ووضعه امامها وبطريقة تلقائية مال للأمام فابتعدت حتى الصقت ظهرها بمسند الأريكة فى قلق وهى تقول
لو سمحت ابعد انت عاوز ايه بالظبط
وأشارت محذرة
انا بحذرك لو قربت مني
قاطعها
متكمليش انا اللى مش هقرب من غير ما انت تقولى
عقدت ذراعيها أمام صدرها وحاولت أن تتظاهر بالشجاعة وقالت
عاوز تقول أيه خلصنى
تكلم بهدوء وهو ينظر إليها بعمق
معلش انا مش قصدى اضايقك .. لكن فى حاجة مهمة عاوزك تعرفيها.. صحيح هى مش هتغير من وضعنا شىء لكن برضة لازم تعرفيها
أشاحت بوجهها فى صمت ولم ترد فتابع حديثه
لما كنت فى شقتك فوق وسألتك على الشقة اللى طلعتيها مع سلمى قولتيلى انها شقتهم بيتهم يعنى... أنا روحت تانى واتاكدت أن دى مش شقة عادية دى شقة مفروشة وكمان سمعتها مش ولابد.. والبواب أكدلى كده زى ما أكدلى يوم ...
صمت لعله يجد تعبير مناسب فقال
يوم الفرح
زفرت بقوة وقالت
تانى ..عاوز تشوه سمعتى تانى ..أنت أيه يا أخى انت ....
قاطعها بحسم قائلا
أنا مش عاوز غير انك تسمعينى للآخر.. أشوه سمعتك ازاى وانت بقيتى مراتى
اومال بتقول كده ليه
قال وهو ينظر إليها پألم
لو سمعتينى للآخر هتفهمى.. لكن انت مش عاوزه تسمعى مني حاجة
صمتت مرة أخرى ثم قالت
اتفضل قول اللى عندك
أردف قائلا
انا راقبت البت اللى اسمها سلمى دى وعرفت عنوانها .. والبيت اللى عايشة فيه مع امها مش هو اللى خدتك فيه يوم الفرح
نظرت له بحدة وقالت
وأيه المطلوب مني
قالت بتأن
تحكيلى اللى حصل بالظبط من ساعة ما ركبتى معاها لحد ما وصلتك البيت
نهضت من أمامه وحاولت أن تتخطاه وهى تقول پغضب
انت عاوز تدور على أى مبرر للى عملته
قال ببعض الإنفعال
انا قلتلك من الأول ان مفيش شىء هيتغير .. لكن لو سمحتى جاوبينى انا مش عاوز الآقى مبرر لنفسى.. أنا عارف انى مچرم وانى استحق الأعدام مش أنى اتكافىء واتجوزك.. جاوبينى.. أنا حاسس ان الحكاية دى وراها سر .. مش هيحصل حاجة لما تحكى اللى حصل
ردت إنفعاله بانفعال مماثل وهى تقول
حاضر هحكيلك اللى حصل علشان متفتحش الموضوع ده تانى
وتابعت وكأنها تتذكر
لما ركبت معاها قالتلى هنروح نتمشى بالعربية شوية.. قلتلها لا هنروح
نوصلهم للمطار قالتلى هتدبى المشوار ده كله ليه واقنعتنى ..المهم.. بمجرد ما ركبت وقبل ما تطلع بالعربية لقيت ولاد خالتها ركبوا معانا وقبل ما اعترض كانت هى طلعت
ولما عاتبتها قالتلى انها هتوصلهم البيت علشان مامتها طلبت من خالتها تبعتلها أمانه معاهم وبعدين نروح انا وهى نتمشى بالعربية زى ما كنا متفقين.. روحنا البيت واتصلت بمامتها مردتش مرة والتانية مردتش ... ولاد خالتها قالولها هنطلع نشوفها .. طلعوا واحنا استنينا فى العربية وبعد شوية نزلوا .. قالولها ان مامتها عاوزاها ضرورى وتقريبا كده كانت تعبانة
أتحايلت عليا اطلع معاها خمس دقايق تشوف مامتها وتنزل توصلنى تانى... طلعنا ودخلت هى لمامتها أوضتها هى وولاد خالتها وخرجت قعدت معايا وسابتهم جوه معاها وقالتلى ان مامتها مكنتش لاقيه الدوا بتاعها وهى ادتهولها.. وطلبت مني استنى شوية لحد ماتطمن على مامتها وتوصلنى البيت... بس هو ده اللى حصل..ازاى بقى دى شقة مفروشة وبيتهم فى مكان تانى
كان يستمع بإنصات شديد ويتفحصها وهى تقص عليه ما حدث وعندما انتهت قال
ومشوفتيش مامتها طبعا
حركت رأسها نفيا وقالت
لا مدخلتش عندها
أوما برأسه وقال
أنت عمرك ما روحتى بيتهم قبل كده
أجابته قائلة بنفاذ صبر
لا روحت طبعا وقعدت مع مامتها بس هما كانوا ساكنين فى مكان تانى.. بس هما عزلوا قبل فرح إيمان بأسبوع تقريبا
قطب جبينه وقال بتركيز
أسبوع..
ثم نظر إليها وقال
لا يا مريم سلمى معزلتش ولا حاجة ولو حابة تتأكدى روحيلها لما نرجع هتلاقيها معزلتش ...
وتابع فى تفكير
قالت بعصبية
ألتفت إليها وقد ترابطت الأفكار فى ذهنه وقال فى شرود
أنت كده جاوبتى على سؤالى
الفصل التاسع والعشرون
هتعمل ايه يا مچنون ..!
أخذ عبد الرحمن عصى ملقاة عند الشاطىء قائلا
أستنى وانت تعرفى
وبدأ فى حفر صورة لقلب كبير على الشط وكتب بداخله بحبك يا إيمان
أبتسمت إيمان وهى تنظر إلى ما يفعل وترقرقت عيناها بالدموع وعندما انتهى ألقى العصاة جانبا والټفت إليها وهو يقول بسعادة
أيه رأيك فى خطى
أيه ده وكمان بقيت شاعر
همس لها
عمرى ما عرفت اقول شعر .. أنا لقيته طالع كده من قلبى معرفش ازاى
خلاص ياباشا مكنتش اعرف انك مباحث
دفعه عبد الرحمن إلى المياة وهو يقول
والله ما انا سايبك
وقفتا إيمان وفرحة تضحكان على مزاحهما وتراشقهما بمياة البحر حتى جلس عبد الرحمن على الشاطىء بجوار إيهاب وهو يتنفس بصعوبة قائلا
هاخد نفسى واقوم اقطعك
أقبلت فرحة وإيمان عليهما فقال إيهاب لإيمان بأنفاس متلاحقة
ضړبته لحد ما مت من الضړب
أومأت برأسها قائلة
اه طبعا ماهو واضح
بينما هتفت فرحة
أنا ھموت من الجوع لسه متغدتش لحد دلوقتى
نهض عبد الرحمن وأخذ يد إيمان فى يده قائلا
لا اتغدوا انتوا احنا هنروح الفندق نتغدى هناك
هتفت فرحة مرة أخرى
ليه ما نتغدى مع بعض
حرك رأسه نفيا وقال بجدية
لا مش هينفع أصل كنت بشرح لإيمان موضوع كده عن السياحة ولازم اكمله
نظرت له إيمان بعتاب وحاولت أن تخفى تلون وجهها خجلا من إيهاب الذى لم ينتبه لها وقال
سياحة أيه
تابع عبد الرحمن بنفس الجدية وهو يشرح بكلتا يديه لإيهاب وفرحة اللذان يتابعان شرح عبد الرحمن باهتمام وهو يقول
فى سياحة داخلية .. وفى سياحة خارجية فى النص بقى فى سياحة زوجية
قالت فرحة وهى تحاول فهم ما يقول
يعنى أيه سياحة زوجية
أردف عبد الرحمن بتركيز
أفهمى .. ده
مشروع جديد
والټفت إلى إيمان التى تقف خلفه وغمز لها قائلا
مبقالوش يومين
ثم استدار إليهما مرة أخرى وهو يتابع
يعنى يدوب قصينا الشريط
كانت فرحة تحاول استيعاب ما يقول حين قال إيهاب
هو انتوا هتدخلوا نشاط السياحة فى الشركة بتاعتكوا
استدارت إيمان تجاه البحر وهى تحاول كتمان ضحكاتها واستمرعبد الرحمن فى الشرح
هو الموضوع كبير لما نرجع مصر هبقى اشرحلك
أشار لهما وهو يضع يده على كتف إيمان
يالا بقى كفاية عليكوا كده سلام
بمجرد أن ابتعدوا قليلا ضړبته على كتفه وهى تقول
ماشى يا عبد الرحمن
قال وكأنه لم يفهم
ليه هو انا عملت حاجة .. ده انا كنت بشرح لهم بس
لالا متفهمنيش صح.. أنا قصدى انى كنت بشرحلهم كويس يعنى
استبقته بخطوات واسعه فلحقها وأمسك يدها أفلتت يدها منه وأسرعت تجرى فأسرع خلفها يناديها
أستنى بس.. يا إيمان.. أستنى.. ده انا يدوب شرحت المميزات.. لسه هناخد الأهداف.. هدف ..هدف
كانت مريم تقف فى الشرفة تتابع أصوات البحر المختلطة بحفيف النخيل وقد جلس يوسف يشاهد التلفاز ويلقى عليها نظرة من حين للآخر حتى سمع طرقات خفيفة على الباب أستدارت مريم فى مكانها واتجهت للداخل فى سعادة وهى تسمع صوت إيهاب وفرحة التى أقبلت وعانقتها وقبلتها على وجنتها وهى تقول
وحشتينى أوى يا مريم بقالى يومين مشوفتكيش.
ثم همست لها
ها أخبار الجواز ايه
أرتبكت مريم ثم قالت
تعالى لما اشوف إيهاب لحسن واحشنى اوى
ألف مبروك يا حبيبتى.. بصى جبتلك ايه
نظرت مريم إلى العقد المجمع من القواقع البحرية مختلفة الألوان وقالت بانبهار
ده جميل أوى جبته منين ده
قالت فرحة
نزلنا نتسوق شوية وجبنا الحاجات دى من هناك.. إيهاب اول ما شاف العقد قال هيعجب مريم
أوى
اخذت تتأمله بين يديها بإعجاب وتقول
ده حلو اوى أوى.. متشكره اوى يا إيهاب
تدخل يوسف قائلا وهو يمسك بالهاتف
ها بسرعة تشربوا ايه
تقدم إيهاب نحوه وهو يقول
لالا مفيش داعى احنا ماشين على طول
طلب يوسف بعض العصائر وأغلق الهاتف وقال لإيهاب
اقعدوا
معانا شوية
مالت فرحة على اذن مريم قائلة بخفوت
أيه ده يا بنتى فى عروسة تلبس عباية بعد يومين من فرحها
توترت مريم ورسمت ابتسامة على شفتيها قائلة
أصلى كنت واقفة فى البلكون زى ما شوفتينى كده ويوسف بيزعل لما بقف فيها بهدوم خفيفة
وانت بقى يا معزة أخبارك أيه
عقدت فرحة يدها أمام صدرها پغضب طفولى وهى تهتف
مش هتبطل تقولى يا معزة ماشى يا يوسف
أنتصر لها إيهاب قائلا
متزعليش يا حبيبتى هو يقصد المعزة اللى قعدة جنبه
صاح به يوسف
نعم يا خويا .. انا مراتى دى قمر منور الدنيا كلها.. انا أصلا مش عارف انت اخوها ازاى
تدخلت فرحة
بقى كده ..عموما إيهاب أحلى من مريم بكتير
ونظرت إلى إيهاب قائلة
مش كده يا هوبة
أومأ برأسه ممازحا
طبعا يا حياتى
يالا بقى كفاية كده.. اخوكى خلاص قرب يطردنا
هتف يوسف مداعبا
بصراحة اه .. ولااقولك أعتبرنى طردتك خلاص
بعد أن خرجا وأغلق الباب خلفهما واستدار إليها وجدها مازالت جالسة فى مكانها وشاردة فى أفكارها المتصارعة وفجأة هبت العاصفة وقفت مريم فى اضطراب وانفعال وقالت بارتباك
هه ازاى.. أنت بتستغل انهم قاعدين يعنى وعارف انى مش هقدر اتكلم
حاول أن يتحدث قائلا
أنا مكنش قصدى حاجة ..
قاطعته وهى تصيح به
لا انت كان قصدك .. لازم تعرف انى مش طايقاك
وتلعثمت أكثر وهى تهتف
مش طايقاك انت فاهم ولا لاء
مريم.. أفتحى
صاحت من الداخل
مش هفتح أبعد عنى
قال مهدئا للموقف
طب خلاص أهدى شوية بس وحاولى تنامى
صاحت مرة أخرى
ملكش دعوة بيا.. مفيش كلام بينا
أصلا
طب انا آسف طيب لو كنت ضايقتك
لم ترد عليه ودخلت فراشها وضمت ساقيها بيديها وأرخت رأسها عليهما وهى تقول بهمس
فوقى يا مريم فوقى متنسيش هو عمل فيكى أيه
ما هذا الشعور الغريب الذى يدور بين الكره والحنين !
جلست علا أمام وليد فى مكتبه وهى تقول
ياحبيبى ما انا أثبتلك انى بثق فيك عاوز ايه تانى
قال باستنكار
بأمارة أيه.. بأمارة ما جبتى معاكى أختك وامك
مطت شفتيها وهى تقول
طب وانا اعمل ايه.. هند هى اللى شبطت فينا وبعدين راحت قالت لماما
قال بلامبالاة
خلاص تعالى معايا النهاردة
قالت على الفور
ليه مش انا شفتها خلاص .. وبعدين يا حبيبى ذوقك عاجبنى.. أعمل فيها اللى انت عاوزه وانا موافقة
ألتفت إليها بحنق قائلا
شفتى بقى .. شفتى خاېفة مني ازاى
نهضت علا باضطراب وقد شعرت بأنه وضعها بين المطرقة والسندان وقالت
انت عاوز ايه مني بالظبط .. قلتلى تعالى شوفى الشقة علشان تقولى رأيك وافقت وشفتها خلاص وأى تعديل هتعمله انا موافقة عليه ..عاوز ايه تانى
شعر وليد بالضيق فهو أصلا لايحبها وإنما خطبها لهدف معين فى رأسه وهى لا تعطيه فرصة لتحقيق هذا الهدف فنظر لها وقال بجمود
خلاص براحتك وكويس انى عرفت اننا مش متفقين من دلوقتى بدل ما كنا نتجوز وبعدين نطلق
أستدارت له بجسدها كله وحاولت تدارك الموقف قائلة
وليد انت عارف معنى كلامك ده ايه
نظر لها وهو محتفظ بنظرته الباردة وقال
أسمى وليد بيه.. واعتبرى الخطوبة اتفسخت
تجمدت مكانها فهى لم تهزم طيلة حياتها فلقد كانت الأذكى دائما الشعور بالهزيمة مؤلم فلم تجد مفر من
أن تقول
يعنى انت مبتحبنيش يا وليد
شعر باللين فى صوتها بعض الشىء فقال
طبعا بحبك أومال خطبتك ليه.. لكن انت مش فاهمانى واحنا مش متفقين فى حاجات كتير يبقى الأحسن ننفصل من دلوقتى
صمتت لبرهة ثم قالت ببطء
خلاص يا حبيبى انا موافقة
ألتفت إليها يتفحصها قائلا
موافقة على ايه
نظرت له بحب وابتسمت قائلة
موافقة آجى معاك..علشان تعرف بس انى واثقة فيك واننا مش مختلفين ولا حاجة
أرتسمت ابتسامة نصر على شفتيه وأخذ مفاتيح سيارته وأمسك يدها قائلا
طب يالا
أخذت حقيبتها وسارت معه أستقلت سيارته وظلت طوال الطريق صامتة تحاول أن تجمع شتات نفسها لتجد مخرجا مناسبا للموقف فهى لا تريد فسخ الخطبة وتريد أن تتم هذه الزيجة بأى ثمن ولكنها تعلم أنه سيتركها فى كل الأحوال لذلك لابد من أن تبحث عن مخرج مربح حتى لا تخرج منهزمة وخاسرة من جميع النواحى وضع سيارته بهدوء فى الجراج وأخذها وصعد بها شقته بحذر فهو يعلم أن البيت لا يتواجد فيه فى هذا الوقت سوى أمه وزوجة عمه فقط.
فتح الباب بهدوء وبدون أن يصدر جلبة ولكنها أسقطت حقيبتها المفتوحة فوقعت على الأرض وأصدرت المفاتيح والهاتف صوتا مرتفعا على أثر ارتطامهما بالأرض جذبها إلى الداخل وهى تقول بصوت مرتفع
فى أيه بتشدنى كده ليه..
نجحت فى أن تشتت انتباهه فلا يلتفت إلى حقيبتها التى مازالت على الأرض فى الخارج كانت أمه قد سمعت صوت الأرتطام فشعرت بالقلق فهذا ليس وقت عودة أى منهم من العمل فتحت الباب بحذر فوقعت عيناها على حقيبة علا المبعثرة أمام شقة وليد وقفت تنظر إليها
بتعجب
وفى هذه الأثناء كانت علا تحاول أن تتكلم بصوت مرتفع وهى تقول
فى أيه مالك بتعمل كده ليه كأننا بنسرق
حاول كتم فمها وقال بخفوت
وطى صوتك أمى بتسمع دبة النملة
دفعته بعيدا وهى تقول
المفروض انى خطيبتك وانى جاية اشوف شقتنا .. فيها أيه دى بتوطى صوتى ليه
كتم فمها مرة
أخرى وجذبها لحجرة بعيدة عن الباب وحاول أن ينهى ما أراده سريعا وقال
أنت عارفة الناس الكبيرة دقة قديمة ومبيفهموش فى الحاجات دى.
ثم اقترب منها بابتسامة قائلا
بس انت فعلا أثبتيلى انك بتحبينى زى ما بحبك
خرجت وفاء من غرفتها لتجد باب شقتهم مفتوحا وأمها تقف فى الخارج وتقلب محتويات الحقيبة بين يديها فقالت
أيه الحاجات دى يا ماما
نظرت لها فاطمة بدهشة قائلة
مش عارفة يا وفاء.. سمعت صوت حاجة بتخبط على السيراميك خرجت لقيت الشنطة دى واقعة ومفتوحة كده
أمسكت وفاء محتويات الحقيبة وفتحت الحافظة الشخصية وبسهولة علمت لمن تنتمى هذه الحقيبة ولكنها تعجبت من وجودها هنا فى هذا الوقت فقالت
دى شنطة علا خطيبة وليد
عرفتى منين
بطاقتها اهي
شايفة يا طنط ابنك بهدلنى ازاى.. شايفة اخوكى يا وفاء
انت هتستعبطى يابت .. انت جاية معايا بمزاجك وعارفة انا عاوز منك ايه
أخذته أمه للخارج ودفعته قائلة
كده يا وليد عاوز تشمت فيا الأعادى .. لو كانت مرات عمك شافتك كان زمانها ڤضحتنا
قال مدافعا
ياماما انت بيخيل عليكى الأفلام دى ..دى جاية معايا بمزاجها
دفعته أمه مرة أخرى وهى تقول
كتك القرف .. أهى دى آخرة المستوى الزفت اللى رايح تخطب منه
قال بضجر
خلاص بقى مالوش لازمة انا خلاص فسخت الخطوبة
عندما استمعت علا لهذه العبارة نهضت وخرجت لهم فى انفعال ولحقت بها وفاء التى سمعتها تصرخ فيه
يعنى أيه تفسخ الخطوبة
ثم نظرت إلى فاطمة وقالت
يرضيكى يا طنط ابنك يبهدلنى كده وفى الآخر يسيبنى
قالت وفاء على الفور
لاء طبعا
نظرت لها أمها شذرا وقالت بصرامة
بس يابت انت متدخليش
ثم أشارت لعلا وقالت
أنت اللى جيتى معاه برجليكى يبقى انت اللى غلطانة يا روحى.. أنا ابنى راجل
أنهارت مخططات علا بالكامل وهوت إلى أقرب مقعد وتقول بذهول
ده انت عندك بنات ازاى تقولى كده
فاطمة
أنا بنتى محترمة مبتروحش شقق .. يالا يا حبيبتى بطلى تمثيل وخدى بعضك عن قصيروا وروحى بيتكوا
صاحت وفاء پغضب
بس ده ميرضيش ربنا انت كده بتساعديه على الغلط
صڤعتها أمها وصاحت بها
أمشى ادخلى اوضتك
والتفتت إلى علا وقالت ببرود
انت طالعالنا بهدومك يا حبيبتى يعنى الواد معملكيش حاجة وزى ما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف .. وهنسيبلك الشبكة صدقة
وفتحت الباب وأشارت وهى تقول
أطلعى بره وما اشوفش وشك هنا تانى
سارت علا فى الطرقات متخبطة
أنهارت أحلامها وآمالها أنهار ما خططت له وحاولت أن تستفيد من وراءه كانت دائما تبحث عن المصلحة وفقط
كانت تتوقع أن تنتصر لها فاطمة وتجبره على الزواج بها ولكنها وجدتها امرأة بلا قلب وجدت نفسها تعود أدراجها إلى الشركة وهى تريد الأنتقام من وليد وأمه ولأول مرة تتصرف وبدون تفكير عكس عادتها دائما.
دخلت مكتب الحاج حسين بدون استأذان كأنها مغيبة وبدأت فى سرد كل ما رأته وسمعته يوم زفاف مريم ويوسف وكل ما دار بين سلمى ووليد فى الجراج.
مسحت هند على ظهر علا وهى تقول
عيطى يا علا متكتميش فى نفسك كده انا خاېفة عليكى
نظرت لها علا بحدة قائلة
أول مرة أخرج من معركة خسرانة يا هند
قالت هند بذبول
اأومال انت كنت فاكرة أيه .. أم وليد ميفرقش معاها حاجة.. وحتى لو كان ابنها عمل فيك حاجة مكنتش هتضغط عليه علشان يتجوزك
أكملت علا بشرود وكأنها لا تسمعها
مكنش قدامى حل تانى ومكنش ينفع ارميله الدبلة واقوله لاء.. ومكنش ينفع اضيع نفسى معاه .. كل حاجة كانت ماشية صح لو كانت امه زى منا كنت فاكرة.. لكن دى طلعت ست واطية أوى
أبتسمت هند بسخرية قائلة
أومال يعنى كنت فاكرة وليد جايبه من بره
ثم تابعت
بس كويس ان الحاج حسين سمعك وصدقك وكمان مهنش عليه انك يتقطع عيشك وشغلك معايا
قالت علا بنظرة تحدى
متقلقيش عليا.. بكره هتلاقينى رجعت اقوى من الأول .
أنا معرفتش اربى الواد ده يا حسين هاين عليا أروح أموته واخلص منه
أنا مش بحكيلك علشان تعمل فى نفسك كده يا ابراهيم
وضع ابراهيم رأسه بين يديه واستند إليهما وهو يقول بحزن
دى غلطتى من الأول .. أنا مخترتش أم تعرف تربي ولادى
ثم نظر إلى حسين متابعا
لا وأيه فاطمة واقفة تبجح فى وشى وتقولى محصلش .. البت دى كدابة .. لولا وفاء حكتلى على كل حاجة
ربت حسين على كتفه وهو يقف بجواره قائلا
خلاص يا ابراهيم استهدى
بالله .. المهم دلوقتى تسحب منه مفاتيحه حتى مفتاح شقتكوا ميبقاش معاه.. وتخليه تحت عينك لحد ما يعرف غلطه ويتربى بما أن الكلام والنصايح مش نافعة معاه
هتف إبراهيم فى دهشة
أنا اللى هيجننى ليه بيشوه سمعت بنت عمه .. وليه كان عاوز يوسف يقتنع أنها بنت مش كويسة وليه أدى ليوسف مخډرات وازاى يوسف ياخدها منه
شرد حسين فى
وجوم وقال
متنساش ان امه مفهماه انهم مش ولاد علي الله يرحمه.. وانهم ولاد حرام علشان كده مش حاسس انهم ولاد عمه اللى المفروض ېخاف عليهم
نهض إبراهيم وقال پغضب
الست دى مش هتقعد فى البيت ده تانى.. أنا هطلقها يا حسين وارجعها بيت أهلها
قال حسين فى أسى
أستهدى بالله بس.. ومتنساش وفاء.. هى ذنبها أيه
تشوف امها مطلقة فى السن ده.. كفاية اللى البنت فيه من ساعتها..
وتابع وقلبه يعتصر من الألم
وبعدين يعنى ماهو يوسف مصدقش حاجة من اللى اتقالت واهو أتجوز مريم برضة وبيحبها .. متحملش همهم فكر بس ازاى تحاول ترجع مراتك وابنك لصوابهم بهدوء كده ومن غير انفعال.
شعر يوسف بالقلق عندما أعلن هاتفه عن اتصالا من أبيه أخذ الهاتف فى سرعة وأجاب والده
السلام عليكم
وعليكم السلام..مراتك فين
عقد يوسف حاجبيه قلقا وهو يقول
نايمة
طب اسمعنى كويس .. فى حاجة حصلت وعاوز احكيهالك بس متقاطعنيش
زاد قلقه وهو يقول
أتفضل يا بابا خير ايه اللى حصل
قص عليه والده ما حدث بالتفاصيل فاتسعت عيناه فى دهشة وذهول وهو يردد
أنا مش قادر استوعب
ولا انا .. فى بعض التفاصيل مش قادر الم بيها برضة.. وعلشان كده كلمتك .. أكيد انت عندك حاجة اللى اسمها علا دى متعرفهاش
قال يوسف بشرود
أيوا يا بابا حكاية ان سلمى خدتها معاها بعد الفرح دى مريم حكتلى تفاصيلها وانا استنتجت منها أن الحكاية كانت مترتبة علشان اظن فى مريم انها بتروح شقق مفروشة
أردف والده بجدية
طب وحكاية انه طلع عند مريم وكان عارف انك ماشى وراه
قال يوسف وكأنه يتذكر
اليوم ده الصبح وقف وليد يكلمها فى الجنينة وبعدين عمل حركة كده وهو ماشى كأنه بيقولها مستنى تليفونك .. واحنا فى المكتب جالى وبعدين جاله اتصال وحسيت من طريقة كلامه أن مريم هى اللى كانت بتكلمه .. خرجت بعديه بنص ساعة ورجعت البيت وشفته نازل من عندها بيصفر وخد عربيته ورجع الشركة تانى
قال والده بحدة
وعرفت منين انه نازل من عندها
أجاب يوسف بتردد
شفت الأسانسير نازل من الدور بتاعها
هتف والده بحدة وانفعال
علشان انت غبى.. وهو أى حد يعمل الحركة دى خلاص نقول نازل من عندها ...عمرك ماعدت عليك كلام ربنا يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين .. أهو كان مرتب كل حاجة وكان عارف انك غبى وهتصدق وهتروح وراه والبنت المسكينة اتظلمت
صمت يوسف وهو يعلم أن والده محق بكل كلمة قالها وشعر بحرارة الڠضب تغلى وترتفع بداخله ضغط أسنانه وهو يقول
أحنا هنرجع بكرا ان شاء الله وساعتها مش هرحمه .. لاهو ولا الحقېرة اللى اشتركت معاه فى كده
قال والده بسخرية لاذعة
ده على أساس انك معذور يعنى وانك انت كمان مشتركتش معاهم.. مع أن انت يا أخى كنت اللى هما اعتمدوا عليه علشان ينفذ حكم الأعدام فيها
أغمض يوسف عينيه فى ألم وحزن فاستدرك والده قائلا
بس فأيدك تصلح علاقتك بمراتك وتخليها تسامحك.. خصوصا لما تعرف اللى حصل
قال يوسف بأسى
مفتكرش يا بابا انها ممكن تسامحنى ومعاها حق .. دى لسه پتخاف مني لحد دلوقتى ونايمة فى الأوضة اللى جوى وقافلة على نفسها بالمفتاح.. أنا والله مش زعلان منها.. أنا بس مش عاوزها تبقى خاېفة مني كده
قال حسين بهدوء ووقار
طب انا هكلمها دلوقتى واحكيلها اللى حصل بالكلام اللى انت قلته دلوقتى
كاد والده ان ينهى الأتصال لولا انه سمع يوسف يقول
بابا... قولها اننا بعد ما ننزل مصر هاخدلها حقها من كل اللى ظلمها .. كل واحد فينا لازم ياخد جزاءه بما فيهم أنا
وضعت مريم هاتفها جانبا وهى غير مصدقة لما سمعت من عمها تمتمت فى خفوت
ليه يا سلمى.. أنا أذيتك فأيه علشان تشوهى صورتى وتتفقى مع وليد عليا .. ده انت كنت صاحبتى الوحيدة وكنت بثق فيكى وماشية وراكى وانا مغمضة.. ليه تعملى فيا كده
فتحت الباب وخرجت فى اندفاع كان يوسف يجلس على الأريكة الخارجية وقفت أمامه فى ذهول وصړخت به
ليه عملتوا فيا كده ..أنا عملت فيكوا ايه .. صاحبتى وابن عمى يشوهوا سمعتى وانت تصدقهم ويخططوا علشان يخلوك تستفرد بيا وانت مټخدر.. وتعملهم اللى هما عاوزينه وتدبحنى .. ليه عملتوا فيا كده ليه
قال بصوت بعيد كأنه يخرج من أعماقه وهو ينهض فى مواجهتها
أنا هاخدلك حقك مننا كلنا.. أوعدك
صړخت به پبكاء وهستيرية
علشان كده كنت بتقولى انت
متستهليش الحب اللى حبتهولك يا حقېرة.. كنت شايفنى حقېرة يا يوسف .. كنت شايفنى ازاى قولى .. مدفعتش عنى ليه يا يوسف .. مخدتنيش ليه من اللى كنت فيه وضربتنى قلمين فوقتنى من اللى بعمله بسذاجة وانا ماشية وراها وفاكراها صاحبتى ... مفهمتنيش ليه حقيقة وليد.. بلاش كل ده .. مجتش ليه تسألنى هو كان عندى ولا لاء.. لو كنت طلعتلى كنت لقيتنى نايمة ومش درايانا باللى بيحصل .. لو كنت مسكت تليفونى مكنتش هتلاقى ولا
مكالمة واحدة لوليد.. لو كنت طلعت ورايا كنت هتلاقينى قاعدة بره مع سلمى لوحدنا وهما جوى .. مواجهتنيش ليه باللى بتسمعه عني ... وحتى لو كنت اتأكدت انى مش محترمة.. أيه اللى يديك الحق انك تعمل فيا كده.. انت أيه الفرق بينك وبين وليد وسلمى ..انتوا التلاتة أحقر من بعض
ظلت تتكلم وكأنها تهزى ودموعها تنهمر
على وجنتيها وتطلق لنفسها العنان فى رحلة بلا عودة
ده انا لما دخلت البيت ولقيت الدنيا ضلمة كنت مړعوپة.. وكنت عماله افكر أرجع استناهم فى الشارع لحد ما سمعت صوتك حسيت بالأمان .. من كتر الأمان اللى حسيت بيه مقدرتش احس بالتغيير اللى كان فنبرة صوتك .. حسيت ان صوتك مش طبيعى كأنك نايم لكن كان يكفينى انه صوتك علشان احس انى كويسة وانى فى حمايتك ..
ألتفتت إليه من بين دموعها وهى تهتف پغضب
حتى لما شدتنى ليك.. انت عارف انا فكرت انك عاوز تتخانق معايا علشان كنت بهزر مع ولاد خالتها فى الفرح وانى مشيت معاها.. أتصورت انى نجحت اخاليك تظهرغيرتك عليا.. كنت فاكراك هتشدنى وتدينى بالقلم وتزعقلى وفى الآخر تعترفلى بحبك .. وفعلا اعترفت بحبك لكن وانت بتدبحنى يا يوسف .. مصعبتش عليك طيب بعد ما أغمى عليا وبقيت من غير اراده مصعبتش عليك...
ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا 27
يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا 28لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا 29
أستيقظت مريم على صوت بكاءه وشهقاته المتلاحقة أعتدلت على فراشها وضمت ساقاها إليها وهى تنظر له وتسمعه يرتل نفس الآيات ويبكى لمست الآيات قلبها وشعرت وكأنها أنزلت من أجلها وجدت الدموع طريقها إلى عينيها مجددا وسقطت على وجنتيها فى صمت حتى انتهى يوسف من صلاته.
ألتفت إليها فوجدها قد استيقظت وتجلس مصوبة نظرها إليه ودموعها تنهمر فى سكون أقترب منها وحاول أن يجفف دمعها ولكنها دفعته بعيدا جلس بجوارها على الفراش قائلا
أنت معاكى حق فى كل كلمة قلتيها .. وماليش أى عذر ولو عندى عذر هيبقى أقبح من ذنبى .. بس انا الغيرة كانت هتقتلنى يا مريم .. يا مريم انت كنت أول حب فى حياتى وانا ماليش خبرة غير فى شغلى وبس .. ولا اعرف حاجة عن الحريم ولا كنت احب اتعامل معاهم غير من بعيد لبعيد ... فجأة لقيت نفسى بحبك وفى نفس الوقت مش راضى عن تصرفاتك ولا عن لبسك .. مكنتيش بتحسى بيا وانا بتخانق معاكى على لبسك وتصرفاتك .. كنت حاسة انى غيران وبرضة كنت بتتمادى كأنك مش هامك الڼار اللى جوايا.. كنت حاسس انك ملكى ومينفعش أى حد تانى يشوفك ولا يلمسك بس مكنتش قادر اتكلم .. وليد نفسه حس باللى جوايا وعلشان كده استغله لصالحه علشان يشككنى فيكى أكتر واكتر.. يوم ما كان واقف يهزر معاكى فى الجنينة وتضربتى كفك بكفه وهدومك لازقة عليكى من الميه كنت حاسس انى ممكن اقټلك واقتله.. عقلى طار مكنتش عارف افكر.. كل اللى مسيطر عليا الغيرة.. أحساسى انك پتخونينى فضل يكبر جوايا لحد يوم الحاډثة.. كنت واقفة فى الفرح مع الشباب بطريقة خلتنى كنت هروح اشدك من ايدك قدام كل الناس واضربك انت وهما.. فضلت ماسك نفسى وكل ما تيجى عينك فى عينى تبصيلى باستفزاز تجننينى اكتر.. مكنتش قادر افكر فى حاجة خالص لدرجة انى أخدت منه الحبوب دى وانا عمرى ما شربتها من غير وعى .. ولا فكرت انى بدمر نفسى ولا ان ممكن ده يحصل ..كل اللى كنت عاوزه انى اطفى الڼار اللى جوايا بأى حاجة تغيبنى عن الوعى.. طلعت وراكوا بالعربية وانا كان كل هدفى انى أراقبك واعرف انت رايحة فين.. ولما كلمت البواب اټجننت اكتر لما عرفت انها شقة مفروشة.. ساعتها قررت انى اطلعك من حياتى تماما وانساكى بس بعد ما انتقم لقلبى منك .. لكن صدقينى عمرى ما فكرت انى هعمل فيكى كده.. أكبر حاجة فكرت فيها انى أطفى النور وارعبك وبالكتير أوى اقولك اللى قلتهولك ساعتها وخلاص.. فجأة لقيت نفسى خارج سيطرتى وابتدت دماغى تلف أكتر وافقد تركيزى واحدة واحدة.. حسيت انى مېت و أعصابى كلها متجمدة كأنى لا شايفك ولا سامعك لكن حاسس بيكى بين ايدى وبس ..
كانت تستمع له بدموعها المنهمرة على وجنتها وتشيح بوجهها بعيدا عنه وهى ضامة ساقيها كأنه فصل قلبها شطرين پسكين كلماته التى كانت تشعر بصدقها شطر يصدقه ويشعر به وشطر يكرهه ولا يجد له مبررا وكأن الشاعر عبد الله الفيصل يجلس بينهما قائلا
على أني أغالط فيك سمعي وتبصر فيك غير الشك عيني
وما أنا بالمصدق فيك قولا ولكني شقيت بحسن ظني
الفصل الثلاثون
نهض يوسف مهزوما أمام والده الذى وقف بعصبية شديدة وهو يهتف بانفعال
ازاى تعمل كده.. ازاى
تطلقها من غير ما تقولى
تابع يوسف بحزن شديد
هى اللى أصرت يا بابا.. كانت حالتها صعبة ومكنش ينفع اقولها لاء.. لو كنت قلت لاء كانت اڼهارت أكتر ..لكن انا اشترطت عليها ان محدش يعرف بحكاية الطلاق دى لحد ما نرجع ونقولك الأول وهى وافقت
زفر والده وهو يستعيد جلسته الأولى خلف مكتبه وهو يقول
أستغفر
الله العظيم يارب ..كل
ما احلها تتعقد
ثم نظر إلى يوسف وتابع
وهنقول ايه للناس .. اخواتك واخواتها .. هنقولهم ايه سبب الطلاق بعد كام يوم .. كده هيفتكروا أنك لقيتها فيها حاجة
نهض يوسف وافقا وقال دون أن ينظر إليه
صدقنى يا بابا مكنش قدامى حل تانى
أسند والده ظهره إلى المقعد وأغمض عينيه وهو يستغفر وفجأة فتح عينيه قائلا
الحمد لله ربنا ألهمنى الحل
ألتفت له يوسف بنظرة متسائلة فأردف والده
أنتوا هتعيشوا مع بعض زى ما انتوا كده فشقتكوا عادى .. كأنكوا لسه متجوزين ومحدش هيعرف حكاية الطلاق دى دلوقتى خالص
زادت حيرة يوسف وهو ينظر لوالده قائلا
أزاى يابابا نعيش مع بعض وانا مطلقها
أبتسم والده وهو ينهض وافقا ويشير إليه أن يتبعه خرج حسين من غرفة مكتبه وصعد هو ويوسف إلى مريم.
طرق الباب ففتحت لم تكن قد أبدلت ملابسها بعد رغم الأرهاق الذى تشعر به من آثر السفر زاغت نظراتها بينهما فقال حسين مبتسما
مش هتقوليلنا أتفضلوا ولا ايه يا مريم
أفسحت الطريق أمامهما وهى تقول بخفوت
اتفضلوا
جلس حسين وهو يقول
أزاى تصممى على الطلاق كده يامريم من غير ما ترجعيلى .. فى بنت تطلب الطلاق من غير ما تاخد رأى ابوها
صمتت مريم وهى تتحاشى النظر ليوسف ثم قالت
سامحنى يا عمى بس انا مش هقدر استحمل اكتر من كده
نهض وافقا امامها وقال وهو ينظر لعينيها
طب واخواتك والناس كلها هيقولوا ايه دلوقتى
أشاحت بوجهها بعيدا وهى تقول بانفعال
اللى عاوز يقول حاجة يقولها .. أنا أصلا كده كده سمعتى متشوهه لوحدها
أطرق يوسف إلى الأرض فى ألم فقد فهم ما ترمى إليه فتابع حسين حديثه إليها
تفتكرى إيهاب هيسكت لما يعرف ان أخته اطلقت بعد دخلتها بكام يوم.. أنت يابنتى كده هتقوملنا حريقة فى البيت
صاحت وهى تستند إلى أقرب مقعد أمامها وهى تقول
كفاية ضغط عليا يا عمى .. أنا مش هقدر استحمل اكتر من كده.. مش عاوزه ابقى على ذمته يوم واحد بعد كده.. وعمرى ما هوافق ارجعله أبدا مهما حصل
لف حسين ذراعه حول كتفها مهدئا أياها وقال بهدوء
ومين قال انك هترجعيله .. أنا مقلتش كده
قالت وهى تلتفت إليه
أومال حضرتك بتقولى كده ليه
ربت على كتفها وقال بحنان
بقولك كده علشان تتقبلى الحل الوحيد اللى هيرضيكى.. وفى نفس الوقت هيمنع المشاكل اللى ممكن تحصل لو حد عرف بالطلاق دلوقتى
حل أيه
قال حسين بهدوء
شرع
ربنا يابنتى بيقول ان الست اللى بتطلق طلاق رجعى تفضل قاعدة فى بيت جوزها لحد فترة العدة ما تخلص
وقف يوسف قائلا
يابابا طب ماهي هي .. منا هنزل أعيش معاكوا تحت وبرضة الكل هيسأل ليه
ألتفت إليه والده قائلا
ومين قالك انك هتعيش معانا تحت.. انت هتعيش فى بيتك برضة معاها.. لحد فترة العدة ما تخلص
نظرت له مريم بذهول وهتفت
وانت يا عمى ترضى كده لفرحة
أومأ برأسه قائلا
أيوا ارضاه.. علشان ده شرع ربنا مش حاجة جايبها من عندى
تدخل يوسف مستفهما
ازاى يابابا
جلس حسين وبدأ فى شرح الأمر قائلا
الآية الكريمه فى سورة الطلاق بتقول
يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا
يعنى يابنتى شرع ربنا اللى ناس كتير نسيته دلوقتى بيقول ان الست اللى تطلق طلاق رجعى تفضل قاعدة مع جوزها فى بيتها زى ما كانت بتقعد معاه بالظبط وهما متجوزين .. يعنى تقعد بلبس البيت عادى .. وتكلمه ويكلمها وكأنه زوجها لكن بدون جماع .. عرفتى بقى ليه بقولك اه ارضاه لبنتى .. لأن ده شرع ربنا وأمر من ربنا انها متخرجش من بيتها بعد الطلاق الرجعى لاء دى كمان لو خرجت تأثم
صمتا يوسف ومريم وهما يستمعان لأول مرة لهذا الحكم الشرعى الذى لم يكونا يعلما عنه شيئا من قبل أردف حسين قائلا
علشان كده بقولك الحل ده هو أفضل حل هيمنع الخلافات .. وفى نفس الوقت هيريحك لأنه هيفضل مطلقك زى ما انت عايزة .. ولما العدة تقرب تخلص نبقى نشوف ساعتها هنعمل أيه بس يكون عدى وقت .. مش الناس تعرف انكوا اطلقتوا بعد دخلتكوا بكام يوم
تنحنح يوسف بحرج وقال بتردد وهو يتحاشى النظر إليهما
بس يا بابا أنا مدخلتش بيها يبقى مالهاش عدة أصلا
أشاحت بوجهها بعيدا بينما قال حسين بنفاذ صبر
فى حاجة اسمها عدة احترازية ودى بتطبق على الحالات اللى زى حالتكوا كدة .. لما بيحصل فرح
ويتقفل عليهم باب واحد والناس كلها بتبقى عارفة انها دخلة .. لما بيحصل طلاق بعدها حتى لو مدخلش بيها بيطبق عليها العدة الاحترازية اللى بقولكم عليها دى
قالت مريم فى شرود
بس يا عمى انا طلبت الطلاق علشان مش عاوزه اعيش معاه فى مكان واحد.. يبقى انا كده عملت ايه
أومأ برأسه متفهما وقال
انا فاهمك يا مريم.. بس ده دلوقتى حكم ربنا مش حكمى انا.. وإذا
كان فى أيدك تنفذيه .. وإذا كان فى أيدك توافقى عليه وتمنعى مشاكل ممكن تحصل .. يبقى ليه متجيش على نفسك شوية وبعدين دى فترة العدة يعنى بعدها هتبقى حرة خلاص .
تدخل يوسف بشكل حاسم قائلا
متقلقيش يا مريم.. أنت فكل الأحوال مش هتشوفينى تانى.. أنا وعدتك انى اخدلك حقك من اللى ظلمك وأولهم انا.. وأنا هوفى بوعدى ليكى والنهاردة مش بكره
تركهم يوسف وفتح الباب وخرج مسرعا هبط الدرج بسرعة كبيرة وهو ينوى الوفاء بوعده .
وفى الصباح وأثناء متابعته لأعماله فى انهماك شديد جاء أتصال داخلى من مديرة مكتبه الذى أجابها دون أن يرفع عينيه عن الأوراق التى بين يديه فقالت
فى واحد على التليفون عاوز حضرتك وبيقول انه من النيابة
قطب حسين جبينه وقال بقلق
وصلينى بيه
وبعد دقائق خرج حسين ملهوفا من مكتبه وهو يقول للسكرتيرة
أجلى أى شغل دلوقتى لحد ما ارجع
جلس أمام يوسف بلوعة شديدة وقال
أيه يابنى اللى خلاك تعمل كده
تدخل وكيل النيابة فى الحديث قائلا
والله يا حاج حسين لولا سمعتك الطيبة وسمعت شركاتك اللى مفيش عليها غبار مكنتش اتدخلت فى الموضوع بشكل ودى .. وكنت مشيت فى المحضر بشكل رسمى .. لكن انا قلت أديك خبر الأول لعل وعسى
ألتفت إليه حسين بامتنان قائلا
جميلك فوق راسى
نهض يوسف فى انفعال قائلا
وانا مش عاوز الجميل ده.. أنا عاوز المحضر يمشى بشكل رسمى وانا معترف على نفسى والټفت إلى وكيل النيابة قائلا
ولو سمحت يا فندم والدى شاهد أثبات فى القضية دى
حاول والده أقصاءه عما يريد ولكنه هتفت بتصميم
لو سمحت يا بابا أنا عاوز آخد جزائى علشان ابقى عبرة .. وعلشان ربنا يتقبل توبتى
أعتدل وكيل النيابة فى جلسته وقال
انا قدام التصميم ده مفيش
صاح حسين بوجل
دى تبقى ڤضيحة يا فندم.. دى بنت عمه .. وكلنا ساكنين فى بيت واحد.. ازاى عسكرى يدخل البيت ويجيبها ويجى هنا ازاى
طرق وكيل النيابة بأصابعه على حافة المكتب فى تفكير ثم قال
خلاص مفيش مشكلة.. حضرتك ممكن تروح تجيبها بشكل ودى ولما تيجى وتدلى بشهادتها نبقى نشوف هنعمل ايه ساعتها
هاتف حسين مريم وهو فى طريقه إليها وأمرها أن تبدل ملابسها بسرعة وتهبط للأسفل وتنتظره فى الجراج حاولت أن تعرف مريم ماذا حدث ولماذا يريدها ولكنه قال باقتضاب
لما اشوفك هقولك
أبدلت مريم ملابسها فى عجلة وذهبت لتنتظر عمها بالجراج ولم يتأخر كثيرا استقلت سيارته وبمجرد أن اتخذت مكانها بجواره حتى قالت
خير يا عمى فى ايه
أنطلق بسيارته وهو يقول
يوسف راح النيابة قدم بلاغ فى نفسه واعترف
شهقت مريم وهى تضع يدها على فمها وتنظر له بذهول وقالت
وحبسوه
هز رأسه نفيا وهو يقول
لا .. وكيل النيابة مرضيش يقفل المحضر إلا لما اتصل بيا.. ولما روحت لقيته هناك مصمم ان المحضر يكمل بشكل رسمى .. ووكيل النيابة كتر خيره مرضيش يبعتلك عسكرى ولا أمين شرطة يستدعيكى علشان تقولى أقوالك وسابنى آجى اخدك بشكل ودى
أنا مريم يا فندم
مد يده إليها قائلا
بطاقتك لو سمحتى يا مريم
نظر إليها ثم وضعها على المكتب أمامه وهو يشير لهما بالجلوس قائلا
اتفضلى يا مريم.. اتفضل يا حاج حسين
ثم أشار ليوسف أن يأتى ويقف فى مواجهتها وقال
نهضت مريم واقفة فى سرعة وقالت
محصلش يا فندم
هتف يوسف صائحا
لاء حصل وانا معترف ومش هتنازل عن البلاغ وأقوالها مالهاش أى لازمة
نظر له وكيل النيابة بحدة قائلا
أنت هتعرفنى شغلى ولا أيه
ثم الټفت إلى مريم قائلا
يعنى انت بتنفى الواقعة
أومأت برأسها بجدية وثبات وهى تقول بثقة
أيوا يا فندم بنفيها.. الكلام ده محصلش
هتف بها يوسف
حرام عليك .. أنت كده بتضيعى حقك.. أنا عاوز اتعاقب واخد جزائى حتى لو أعدام هبقى مرتاح انى رجعتلك جزء من حقك
أشاحت بوجهها عنه ونظرت إلى وكيل النيابة قائلة
اقدر امشى يا فندم
شبك وكيل النيابة اصابعه قائلا
طبعا تقدرى تمشى
ثم نظر إلى يوسف قائلا
وانت
كمان تقدر تمشى كده مفيش قضية من الأساس
وقف حسين أمام سيارته وهو يقول ليوسف بحدة
أركب
هز يوسف رأسه نفيا قائلا
سيبنى لو سمحت يا بابا
فتح حسين باب المقعد الخلفى للسيارة ودفعه داخلها پغضب شديد أضطر يوسف أن يمتثل لأمر والده استقل حسين سيارته وجلس خلف المقود ومريم بجواره نظر له فى المرآة التى أمامه قائلا پغضب
انت هتفضل متهور ومتسرع كده لحد امتى .. رايح تبلغ فى نفسك .. عارف لو القضية
دى راحت المحكمة هيحصل أيه.. هتبقى ڤضيحة للعيلة كلها واللى ميعرفش يعرف
قال يوسف بحزن
يا بابا انا كل اللى عاوزه انى ارجعلها حقها وبس
وضعت مريم يديها على وجهها وظلت تبكى بحزن شديد ومرارة بينما انطلق حسين بسيارته عائدا إلى المنزل
كفاية يا يوسف.. كفاية ھيموت فى أيدك
حاول يوسف أن يتخلص من ذراعى أبيه ولكنه أحكم ذراعيه حوله بقوة و دفعه للمدخل الداخلى للمنزل ثم داخل المصعد الذى صعد
بثلاثتهم إلى الطابق حيث شقة يوسف ومريم
حاول وليد أن ينهض ولكن لكمات يوسف القوية جعلته يفقد توازنه فترة من الزمن فلم يستطع القيام إلا بعد وقت ليس بالقصير لجأ إلى صنبور صغير فى جانب الحديقة وجعل يغسل انفه من أثر الډماء وما إن انتهى حتى جلس إلى الأرض ثانية يحاول التقاط أنفاسه
كانت مريم مشدوهه لا تصدق ما يحدث منذ أن عادوا من سفرهم نيابة وتحقيق ثم مشاجرة انتهت بدماء ينزفها وليد من وجهه ألفتت إلى حسين الذى كان يصيح فى ولده پغضب
أنت ايه اللى حصلك.. أتجننت ولا أيه.. أياك تتحرك من هنا النهاردة .. أنت فاهم ولا لاء
وتركهم وغادرمغلقا الباب خلفه بقوة جلست على المقعد المجاور له ووضعت رأسها بين يديها وأغمضت عينيها تحاول استيعاب ما يحدث حولها ألقى عليها نظرة سريعة ودخل غرفة النوم أخرج حقيبة سفر كبيرة وفتح الخزانة أخرج ملابسه منها ووضعها فى الحقيبة بغير ترتيب وخرج من الغرفة واتجه إلى غرفة أخرى صغيرة وضع ملابسه وأشيائه بها ثم ألقى بجسده على الفراش وراح فى نوم عميق
بعد دقائق ليست بالقليلة تقدمت خطوات من غرفته ونظرت نظرة جانبية من خلف الباب الذى لم يوصده فوجدته غارقا فى النوم من الواضح بأنه لم ينم منذ ليلة أمس ظلت تنظر اليه وهى تتذكر صياحه بها أمام وكيل النيابة لتقول الحقيقة وتتهمه بما فعل
كانت الفرصة سانحة لها أن تفعل لټنتقم منه ولكنها لم تفعل وهذا ما زاد عڈابه وحزنه وحنقه على نفسه ومنها ومن والده عادت لغرفتها وأوصدتها وجلست تفكر فى الوضع الجديد التى اضطرت أن تتعايش معه ولكن شيئا ما فى نفسها كان يشعر بالإرتياح بعد الموقف الذى اتخذه يوسف من نفسه وبعد تصميمه على إعادة حقها المسلوب من نفسه أولا
أستقلت سلمى السيارة بجوار وليد وقالت فى لهفة
مالك يا حبيبى فى أيه.. وأيه الچرح اللى تحت عينك ده
تحسس وليد عينيه وهو يقول بحنق
ده الزفت اللى اسمه يوسف.. خدنى على خوانة وهو عامل زى الطور كده
هتفت سلمى بدهشة
ويوسف عمل فيك كده ليه
تحسس أنفه پألم وهو يقول
ما انت نايمة على ودانك .. الحكاية اتكشفت يا سلمى.. يوسف ومريم عرفوا كل حاجة
أتسعت عيناها وهى تقول
ومريم عرفت انى معاك
قال بسخرية
طبعا ياختى
ثم تابع وهو ينظر أمامه ببغض
ومش كده وبس .. النهاردة ابويا طردنى من البيت ومن الشركة وامى بجلالة قدرها مقتدرتش تقف قدامه.. وفى الآخر سبتله البيت ومشيت
وانت دلوقتى هتعمل ايه هتروح تقعد مع والدتك
قال پغضب
نعم ياختى أومال الشقة اللى انا
مأجرهالك دى راحت فين
أرتبكت وهى تقول
موجودة طبعا .. موجودة هتروح فين.. بس هو انت يعنى هتيجى تعيش فيها
نظر إليها بتفحص قائلا
ومالك اتخضيتى كده ليه .. مالها الشقة
أرتبكت أكثر واصفر وجهها عندما انطلق بالسيارة قائلا
وانا اقعد اسالك ليه انا هروح اشوف بنفسى
وفى الطريق أطلق ضحكة عالية وهو يقول لها
يابنت اللذين.. قال وانا اللى كنت فاكر انى انا السبب فى انحرافك.. أتاريكى كان عندك استعداد اصلا بس محتاجة حد يوجهك
أشاحت بوجهها وهى تقول
أنا مكنش قصدى على فكرة .. دى الحكاية كلها جات صدفة وعموما دى صاحبتى واللى بيجى معاها ده جوزها بس عرفى يعنى
نظر لها نظرة جانبية وقال باستهزاء
عرفى...
ثم أردف بخبث
وبتاخدى منهم كام فى الليلة تمن بياتهم فى الشقة
قالت بسرعة
مبخدش حاجة .. بقولك صاحبتى والراجل يبقى جوزها
قال بمكر
عاوزه تفهمينى انك بتبيتيهم عندك لوجه الله
تلعثمت وهى تقول
هما مش بيباتوا كل يوم.. ده هو يدوب تلات أو أربع أيام فى الأسبوع
حرك رأسه وهو يقول
يابنت الأيه.. بتعرفى تستخدمى كل الأمكانيات اللى تحت أديك بكل الطرق
لمعت الفكرة برأسه وقال
وماله.. فكرة برضة .. أهو الواحد يلاقى شغلانة بدل ما انا بقيت عاطل كده
قالت على الفور
يعنى هتستسلم كده ومش هترجع البيت تانى
قال بغل
لا يا أموره مش انا اللى استسلم.. مسيرى هرجع واللى هلاقيه قدامى هتبقى امه داعية عليه
لم يكن عبد الرحمن يصدق ما يسمع وهو ينظر إلى فرحة وإيمان ووالدته ووفاء فهتف بدهشة قائلا
معقول اللى بسمعه ده.. ووليد يعمل كل ده ليه.. أيه اللى بينه وبين يوسف ومريم علشان يخطط كل التخطيط ده
قالت وفاء پانكسار
وليد اضايق لما حس ان يوسف بيحب مريم.. وماما بقى الله يسامحها كانت مكرهاه فى ولاد عمى من زمان ومكنش عاوز أى حاجة بينهم تتم
ألتفت لها عبد الرحمن متسائلا
واشمعنى مريم ويوسف يعنى.. طب ما انا اتجوزت إيمان وإيهاب
اتجوز فرحة
قالت
أنا كنت حاسة من زمان ان مريم عجباه.. لكن مكنتش افتكر أبدا انه هيعمل كده لما ترفضه
زاغت نظرات فرحة بينهم ثم قالت برجاء
أرجوكوا محدش يجيب سيرة لإيهاب عن اللى حصل .. إيهاب متهور وممكن يعمل حاجة فى وليد واخسره للأبد .. والحمد لله هو شغله بعيد ومبيرجعش غير متأخر أوى يعنى مش هيحس بحاجة
نظرت وفاء نحو إيمان وقالت
أنا آسفه يا إيمان.. مش عارفة أودى وشى منكوا فين .. لكن انا
خلصت ضميرى وحكتلكوا على اللى عرفته
ربتت عفاف على ظهرها قائلة
مكنش فى داعى يابنتى
قالت بحزن
لاء فى يا طنط عفاف .. لما بابا طرد وليد سمعته بيتوعد مريم ويوسف .. خفت عليهم وانا عارفة وليد شرانى .. كان لازم تعرفوا علشان تخلوا بالكم منهم وخصوصا من مريم
وضعت إيمان كفها على صدرها قائلة بأسى ممتزج بالخۏف
هو فى كده فى الدنيا معقول
أطرقت وفاء رأسها وقالت بخفوت
أنا اتصلت على عماد وقلتله يعجل بالجواز .. أحنا المفروض مكناش هنتجوز قبل شهرين لكن انا خلاص مبقتش قادرة اقعد فى البيت ده.. وهو قدر الظروف ووعدنى انه هيكمل اللى ناقص بسرعة
ونتجوز بالكتير بعد أسبوعين وقلت لبابا وهو وافق
نهض عبد الرحمن بحدة قائلا
متعرفيش وليد ممكن يروح فين بعد ما مشى من البيت يا وفاء
وقفت إيمان بقلق وصوبت والتفتت نحوه وقالت بلهفة
عبد الرحمن أرجوك .. ملكش دعوه بيه
أعاد سؤاله مرة أخرى على وفاء وكأنه لم يسمعها فلمعت عيناها بالدمع قائلة
أرجوك يا عبد الرحمن انا ماليش غيرك...
بينما قالت وفاء
لا معرفش
نظرت إليه والدته قائلة
أسمع كلام مراتك يا عبد الرحمن .. وبعدين الحكاية خلصت وابوه طرده
قال بجدية
وانت فاكره انه هيسكت يا ماما
قالت
خلاص ناخد بالنا وخلاص .. لكن مش نروحله احنا لحد عنده يابنى
هتف قائلا بانفعال
اللى حصل ده مش حل يا ماما.. كده الموضوع هيفضل متعلق ..لازم نحسمه علشان نخلص .. وبعدين يعنى انتوا شايفنى هروح اقتله
تعلقت إيمان بذراعه قائلة
أرجوك اسمع كلامنا ..
نظر إلى عينيها فوجدها ترجوه بشدة فربت على وجنتها بحب قائلا
مټخافيش يا حبيبتى.. انت عارفة انى مش متسرع.. وبعدين انا معرفش مكانه لحد دلوقتى
قالت وقد أفلتت دمعة من عينيها
مر الأسبوعين وأضطرت فاطمة إلى العودة للمنزل لحضور حفل زفاف ابنتها فى هذه الفترة كانت مريم لا ترى يوسف تقريبا كان يخرج باكرا جدا ولا يعود قبل منتصف الليل فيدخل غرفته ولا يخرج منها إلا وقت أذان الفجر لم تكن تسمع صوته إلا مرة واحدة عندما يطرق باب غرفتها قائلا
الفجر يا مريم قومى صلى
ولم تكن تراه إلا حين عودته من صلاة الفجر وهو يلقى عليها السلام ذاهبا إلى غرفته مرة أخرى حتى أيام العطلات لم يكن ليبقى فى المنزل حتى لا يضايقها بل كان يتطوع مكان عبد الرحمن ليسافر فى عمليات التخليص الجمركى
كان حفل الزفاف فى أضيق الحدود لم يحضرها سوى المقربين فقط من العائلتين واضطر حسين إلى الضغط على أولاده وأزواجهم لحضور الحفل من أجل وفاء ووالدها فقط جلست فاطمة بالقرب من ابنتها ولم تتحرك إلا لمصافحة المدعوين ببرود.
ضغطت إيمان على يد زوجها قائلة يعتاب
انت مش هتبطل تبصله بقى.. الراجل مش عارف يودى وشه منك فين.. شيله من دماغك بقى
ألتفت إليها وقال بجدية
وهو يهمك فى حاجة يا هانم
أبتسمت بحب قائلة
اه يهمنى .. يهمنى انك تعرف انى بحبك انت وبس
لانت ملامحه كثيرا وقال بخفوت
من ساعة ما شفته بيبصلك أول مرة لما اخوه جه يتقدم لوفاء وانا بكرهه لله فى لله ومبطيقهوش
قالت مداعبة
بس انا بقى بتبسط لما بشوفه
ضغط على يدها بقوة وقطب جبينه قائلا
نعم بتتبسطى لما بتشوفيه
أبتسمت پألم وهمست تشاغبه قائلة
أصله بصراحة لى عليا فضل كبير أوى.. من ساعة ما شوفته بيبصلى وانت بقيت تغير عليا وتحبنى
نظر لها بتأمل وعمق يتفرس فى ملامحها عن قرب وقال
لا انا كنت بحبك من قبلها بكتير بس انا مكنتش عارف
أسندت رأسها إلى قبضتها برقة قائلة
وأيه بقى اللى خلاك تاخد بالك
تنهد بارتياح وقال بثقة
ربنا..
نظرت له بعينين حائرتين فتابع قائلا
ربنا رزقنى حبك يا إيمان وأنا مكنتش لاقى تفسير لده .. لحد ما قربت منك اكتر واكتر وعرفت انت قد أيه قريبة من ربنا وانك بتلجأى له سبحانه وتعالى فى كل شىء كبير أو صغير ومبتشتكيش لحد غيره .. وساعتها عرفت معنى الحديث اللى بيقولمن كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله وأتته الدنيا وهي راغمة
ساعتها بس عرفت ليه ربنا طوعلك قلبى وبقيت احس بيكى فى دمى وان ربنا حط حبك
فى قلبى ومن غير مقدمات لقيت نفسى بعشقك ومبقتش اقدر استغنى عنك زى ما اكون بحبك من سنين
كانت ايمان تستمع إليه وعيونها تنطق بالحب والهيام تعلقت عينيهما ببعضهما البعض لفترة طويلة وهما تبوحان بالكثير قطع صمتهم المتحدث هذا زفرته القوية وهو مازال يتفحصها وقال بعذوبة
هو مش احنا حضرنا وعملنا الواجب ماتيجى
نمشى بقى
ضحكت وقال برقة
أحنا لحقنا !
قال بنظرة تعرفها جيدا
أنا بقول نروح بقى.. أصل احنا مخلصناش موضوع السياحة بتاعنا
أبتسمت وقد احمرت وجنتاها وقالت
هو الموضوع ده مش هيخلص ولا ايه دى مكانتش كلمة دى
مالك يا مريم
ظهرت علامات الألم على وجهها وقالت بصوت متقطع
مغص بيقطع فى بطنى يا يوسف الحقنى
ساعدها على النهوض ولف خصرها بزراعه وأسندها إليه برفق وهو يحاول أن لا يلاحظ أحد ما يحدث وبمجرد أن خرجت إلى الهواء استنشقته بقوة شديدة ثم بدأت فى التقيأ إلى
أن أفرغت ما فى معدتها حتى شعرت بالإعياء الشديد وخارت قواها كانت متشبثة به وهى تسير بجواره حتى وصلا إلى السيارة ثم سقطت مغشيا عليها.
هتف بها يوسف يحاول أن يعيدها إلى وعيها ولكنها لم تستجب له أزداد قلقه عليها ووقف حائرا هل يدخل لينادى أختها أو والدته أم يذهب بها إلى أى مشفى قريبة وأخيرا قرر أن يأخذها إلى أقرب مشفى منهم
حملها وأدخلها برفق فى المقعد الخلفى وانطلق بها وقلبه ينتفض خوفا عليها ظل يبحث بعينيه وهو يقود سيارته عن مشفى يمينا ويسارا تارة وينظر إليها فى مرأته تارة أخرى وكلما ابتعد ولم يجد شيئا ضړب المقود بقوة وأخيرا لاحت له من بعيد لوحة مضاءة كتب عليها اسم طبيبة لم ينتظر حتى يعرف تخصصها وإنما أوقف سيارته فى سرعة وخرج منها فتح الباب الخلفى وأخرجها بحذر حتى لا تصطدم رأسها وأغلق الباب بقدمه بأهمال وصعد بها بمجرد أن خرج من المصعد ووقع بصر بعض النساء اللآتى كن يجلسن بجوار باب العيادة حتى أسرعن إليه بتلقائية وأسندوها حتى غرفة الكشف الداخلية ألقت الطبيبة نظرة عليها وقالت بشك
حصلها أيه
قال بقلق
أحنا كنا معزومين فى فرح قريب من هنا وفجأة بطنها وجعتها أوى وبعدين بدأت ترجع جامد وأغمى عليها
فتحت الطبيبة جفنيها ونظرت فيهما وشرعت فى فحصها ثم التفتت إلى يوسف قائلة
هو حضرتك تبقلها ايه
تلعثم فهل يقول زوجها أم طليقها فحسم الأمر قائلا
أنا جوزها
أرتباكه لفت نظرها فنظرت له بريبة وقالت ببطء
طب اتفضل حضرتك استنى بره لحد ما اكشف عليها
خرج مسرعا وأغلق الباب خلفه أستند برأسه إلى الحائط والقلق ينهش قلبه نهشا أخرج هاتفه واتصل على والده وأخبره بالأمر وبعد دقائق وجد حسين يخرج من المصعد ويقبل عليه بلهفة قائلا
خير يابنى
قال يوسف بلوعة
لسه الدكتورة بتفوقها
نظر حسين إلى اللوحة على باب العيادة وقال بدهشة
وجايبها عند دكتورة نسا ليه.. مودتهاش مستشفى ليه
نظر يوسف إلى اللوحة ثم عاد بنظره إلى والده وقال بضيق
هو انا لقيت حتة تانية يابابا ومودتهاش .. ده انا كل ما اسأل حد يقعد يبصلى ويبص عليها وهى نايمة ورا وبعدين يقولى معرفش.. وبعدين أكيد يعنى هتعرف مالها ماهى دكتورة برضة
وبعد دقائق أخرى خرجت
الحمد لله يابنتى انك فوقتى
قالت مساعدة الطبيبة بابتسامة
الحمد لله كانت أغماءه عادية متتخضوش كده...
ثم ربتت على ظهر مريم قائلة بعطف
نفسى اعرف بتعيطى ليه دلوقتى
قالت مريم من بين دموعها وهى تشيح بوجهها
مفيش ... لسه بطنى بتوجعنى شوية
ربتت على ظهرها مرة أخرى وقالت بابتسامة
طيب ماهو ده عادى ... مش الدكتورة فهمتك كل حاجة !!
الفصل الحادى و الثلاثون
حمد لله على سلامتك يا بنتى ده انا اټخضيت أوى لما يوسف كلمنى وقالى أنك أغمى عليكى
ربنا يخاليك ليا يا عمى متقلقش عليا .. الدكتورة قالتلى ان يمكن اكون أكلت حاجة ملوثة و الحمد لله أنى رجعتها بسرعة
مسح حسين على رأسها قائلا
الحمد لله يابنتى .. يالا اركبى علشان اوديكى البيت وارجع آخد عفاف والولاد من الفرح شكلك تعبانة
تدخل يوسف قائلا
أرجعلهم حضرتك يا بابا علشان محدش يقلق .. وانا هوصلها
نظر لها حسين وكان يتوقع أن ترفض ولكنها قالت
خلاص ياعمى يوسف هيوصلنى
طيب يابنتى الحمد لله انى اطمنت عليكى .. يالا مع السلامة.. فى رعاية الله
أنتظرها يوسف حتى استقلت السيارة بجواره وانطلق بها عائدا إلى البيت كان يخطف النظرات إليها بين الحين والآخر كانت تبدو مختلفة عن كل مره رآها فيها نعم مازالت شاردة واجمة وكأنها فى دنيا أخرى ولكنها مختلفة لم يستطع أن يقاوم فضوله الذى ألح عليه بشدة ليتحدث إليها
مريم
ألتفتت إليه وكأنه قد انتشلها من بئر عميق دفعة واحدة وقالت
ها .. قلت حاجة
قال مسرعا قبل أن تهرب منه شجاعته
الدكتورة كانت قلقانة مني وطلعتنى بره علشان تكشف عليكى.. مقالتلكيش حاجة.. بعد ما فوقتك
ألتفتت مرة أخرى تنظر أمامها وقالت بإقتضاب
سألتنى تقربلى أيه
قال وهو يخطف النظرات السريعة إليها
وقلتلها أيه
نظرت أمامها ولم ترد فشعر بسخافة سؤاله صمت مرة أخرى طال الصمت بينهما كثيرا حاول الحديث مرة أخرى قائلا
أقولك على حاجة حصلت امبارح ومحدش يعرفها لغاية دلوقتى
أنتبهت لحديثه مرة أخرى وقالت
حاجة أيه
لا حول ولا قوة الا بالله
ثم نظرت إليه بدهشة قائلة
وانت عرفت ازاى
أتسعت ابتسامتة وهو يقول
ماهو انا اللى عملت الواجب ده معاها
لم تكد تصدق ما تسمع وهى تنظر إليه بحيرة قطبت جبينها وقالت بضيق
وانت
عرفت ازاى حاجة زى كده علشان تبلغ عنها أصلا
شرد وهو يقول ببغض
زى ما وليد عارف مداخلى وطريقة تفكيرى وعرف ازاى يقنعنى بكل اللى كان عاوزه .. أنا كمان عارف مداخله كويس أوى.. علشان كده عرفت اوصله بسهولة واعرف هو راح فين بعد ما ابوه طرده .. وساعتها كان سهل عليا اعرف انه عايش مع سلمى فى شقة مأجرها .. فضلت وراهم لحد ما عرفت انهم بيشغلوا الشقة دى فى أعمال منافية للأداب.. وفرصتى جات لحد عندى علشان أوفى بوعدى ليكى
واخدلك حقك
كانت تنظر أمامها بذهول وهى تستمع إليه وقالت ببطء
يعنى وليد كمان اتقبض عليه
مط شفتيه وقال بحنق
مع الأسف نفد
منها.. الشقة طلعت متأجرة باسم سلمى وهى اللى لبست الليلة كلها
أسندت رأسها إلى زجاج النافذة وأخذت تنظر إلى الطريق من خلاله فى حسرة وهى تشعر بالحزن لأجلها ... نعم هى ظلمتها وساعدت فيما حدث لها ولكن.. ليس من السهل أبدا أن لا تشعر بالشفقة عليها .. أغمضت عينيها وهى تستغفر وتهمس بخفوت
للدرجة دى.. توصل بيهم لكده
تمتم قائلا وكانه لم يسمعها
بس مش هيفلت مني برضة
قالت دون أن تفتح عينيها
سيبه لربنا... ربنا هو المنتقم الجبار
كاد أن يتكلم ولكن رنين الهاتف قاطعه نظر سريعا إلى شاشة هاتفه قائلا
ده بابا... لو سمحتى ردى يا مريم ..
نظرت إليه فقال
معلش نسيت السماعة فى البيت
تناولت الهاتف وأجابته
السلام عليكم.. أيوا يا عمى ..لا أحنا لسه فى الطريق.. أنتوا لسه طالعين دلوقتى.. لاء أحنا قربنا نوصل .. اه الحمد لله بخير.. ماشى يا عمى مع السلامة
وضعت الهاتف مكانة مرة أخرى فقال
هما طلعوا من الفندق
أومأت برأسها قائلة
أيوا.. عمى بيقولى راح خدهم ومشى على طول وجايين ورانا
أبتسم بحزن قائلا
طبعا هو بيتصل علشان يطمنك انه جاى ورانا ومش هتروحى معايا البيت لوحدك
نظرت له ببرود ولم تجبه فتابع حديثه بسخرية حزينة قائلا
أبويا خاېف عليكى مني
قالت بجفاء
لو سمحت متكلمش فى الموضوع ده تانى
صمتت لثوانى ثم قالت وهى ترفع أحدى حاجبيها بتفكير
لا.. ولا اقولك .. أتكلم
نظر إليها متعجبا فتابعت ببرود وجرأة
أحكيلى عملت فيا أيه بعد ما أغمى عليا يوم الحاډثة
ضغط مكابح السيارة حتى كادت أن ترتطم بزجاجها الأمامى لولا حزام الأمان التى كانت تلفه حولها بمجرد أن توقفت السيارة پعنف حتى استدار إليها فى ڠضب
أنت ليه بتحاولى تستفزينى وتخرجينى من شعورى كل شوية .. ليه كل ما احس ان ربنا قبل توبتى تفكرينى بذنبى تانى .
ثم عاد لجلسته الأولى وهدأ قليلا ثم انطلق بالسيارة مرة أخرى ظلا فى صمت مطبق إلى أن وصلا إلى المنزل دخل يوسف بالسيارة فى هدوء وهو ينظر يمنة ويسرة و يقول
هو نور الجراج مطفى ليه
شعرت مريم پخوف يدب فى أوصالها ويقشعر له بدنها وهى تتذكر يوم الحاډثة والظلام الذى كان يحيط بها فقالت فى فزع
مش عارفة
شعر يوسف بها وبصوتها المرتجف خوفا فحاول طمئنتها قائلا
خليكى فى العربية لحد ما انزل اشوف فى أيه
تشبثت بذراعه قائلة
لا متسبنيش لوحدى
فى هذه اللحظة لعڼ يوسف الظلام لعنات طوال فلولاه لكان ينظر الآن لعينيها ليرى هذا الشعور الذى تمنى أن يراه فيهما كثيرا شعورها بالأمان بجواره ربت على يدها بحنان قائلا
مټخافيش .
قالت على الفور
لاء ارجع بالعربية نستناهم .. زمانهم جايين
ضغط على يدها برفق وقال
طيب تعالى أدخلك من باب الجنينة اللى قدام وابقى ارجع انا اشوف ايه اللى قاطع النور فى الجراج واركن العربية واحصلك
تشبث به مرة أخرى وهى تقول بتوتر
لا ..هتسيبنى لوحدى وتروح لوحدك مينفعش
خفق قلبه بشدة للمستها وقال بهدوء
يعنى يرضيكى يرجعوا يلاقونى واقف مستنيهم علشان النور بايظ .. هيبقى شكلى وحش أوى
أضطربت كثيرا وترددت وهى تقول
خلاص هاجى معاك
كان يتمنى أن تتطول هذه اللحظة أكثر من هذا ولكنه أحب طمئنتها أكثرمن حبه لبقائه معها فقال بخفوت
طيب خلاص اطمنى عموما كلهم طالعين بعربياتهم يعنى الجراج فاضى ..هنور كشافات العربيه لحد ما اركن وبعدين انزل اشوف سکينة الكهربا
قالت وهى تبتلع ريقها الجاف
طيب
زحف بالسيارة قليلا داخل الجراج إلى أن وضعها جانبا ثم ترجل من السيارة وماهى إلا ثوان حتى سمعت مريم صيحة مكتومة لا تحمل سوى الألم
آآآآآآآه
أرتدعت بقوة وهى تصرخ
يوسف
لم تلقى جوابا وهى ترى على ضوء السيارة ظلا يركد خارج الجراج ويعدو نحو الباب الذى يفصل الحديقة الداخلية عن باب المرآب ظلت تصرخ باسمه
يوسف .. يوسف رد عليا ..
لم تستطع أن تنتظر أكثر من هذا خۏفها عليه غلب فزعها من الظلام ترجلت من السيارة
ببطء شديد وتعلو شهقاتها من شدة البكاء خوفا وفزعا وترقبا وعندما دارت حول السيارة سمعت صوت تأوهاته المكتومة رأته يزحف بجوار السيارة فى اتجاهها وخيل لها أن قميصه قد تلطخ بالډماء أقتربت منه وجلست إلى الأرض بجواره وهى تهتف بلوعة
يوسف .. مالك
تمتم بأنفاس متقطعة
أنت كويسة
حاولت أن تساعده على النهوض ولكنها لم تستطع وفجأة أقتربت أضواء كثيرة
فى طريقها للدخول إلى الجراج وقفت تنظر إلى السيارات القادمة فتبين لها انها سيارات أخوتها وعمها فأخرجت كل ما فى صدرها من خوف وفزع كانت تكتمه فى صرخاتها وهى تصيح بهم
ألحقونا...ألحقونا
توقفت السيارات وترجل منها الجميع فى فزع باتجاه الصوت أول من وصلا إليها كان إيهاب وعبد الرحمن صړخت عفاف وهى تسرع باتجاه يوسف المسجى على الأرض مدرج فى دماءه وبجواره مريم تسند رأسه على ركبتيها صاحت بها
مين عمل فيه كده يا مريم ...
أسرع عبد الرحمن بالأتصال بسيارات الأسعاف بين صرخات وشهقات النساء وإيهاب يهتف به
مش هينفع نستنى لما الأسعاف تيجى تعال
شيله معايا نوديه أقرب مستشفى
وماهى إلا ثوان وسمع الجميع صوت ارتطام شديد اهتزت له الأرض التى يقفون عليها وكأن المنزل انهار بأكمله أو ضربه زلزال شديد وبعد ساعة كانت سيارات النجدة والأسعاف تحيط بمنزل آل جاسر
وقف الجميع فى الممر المؤدى إلى غرفة العمليات التى يرقد يوسف داخلها أخطلطت مشاعرهم بين الحيرة والتسائل والفزع والخۏف والألم والحزن تحركت إيمان باتجاه عفاف التى كانت تبكى بين ذراعى زوجها وتتمتم بالدعاء وقالت هى تربط على ظهرها
أنت مكانك مش هنا دلوقتى يا طنط .. تعالى نروح نصلى وندعيله لحد ما الدكتور يخرج يطمنا
نظر حسين إلى إيمان ثم نظر إلى عفاف وقال وهو يجفف دموعه
أسمعى كلامها يا عفاف .. روحى صلى وادعيله احسن من وقفتك هنا مية مرة ولما الدكتور يخرج هاجى اندهلك على طول
أومأت برأسها وقالت وهى تبتعد عنه وهى تبكى
أول ما يخرج تعالى على طول
حاضر
ذهب عبد الرحمن إلى والده قائلا
بابا تعالى اقعد شوية انت واقف على رجلك من بدرى
أستند حسين إلى ذراعه قائلا
أرتاح ازاى بس مش لما نطمن على اخوك
قبض عبد الرحمن قبضته فى ڠضب وعينيه تحدق بالفراغ قائلا
أنا غلطان اللى سمعت كلام ماما وإيمان وسيبته.. كان المفروض اعلمه الأدب .. وادى النتيجة.. يضرب اخويا پسكينة فى الضلمة ... الجبان
شد حسين على ذراعه وقال
أمسك نفسك يا عبد الرحمن .. أهو ربنا اداله جزاءه.. فى ساعتها
ثم انتبه متسائلا
عمك لسه ما اتصلش
حرك عبد الرحمن نفيا قائلا
آخر مره كلمنى كان من ساعة ولسه واقفين قدام العمليات .. ربنا ياخده ونرتاح من شره
قال حسين على الفور بضعف
متدعيش عليه يا عبد الرحمن.. ده عمك ممكن يروح فيها .. روح يالا شوف اختك.. جوزها مش عارف يسكتها ..
وقبل أن يذهب عبد الرحمن ألتفت إليه قائلا بانتباه
فين مريم
تلفت
حسين حوله وقال
كانت هنا من شوية .. روح انت حاول تهدى اختك وانا هادور عليها
كانت تجلس على الأرض بجوار غرفة العمليات وهى ضامة ساقيها إلى صدرها وتستند رأسها إلى الحائط للخلف وقلبها ېتمزق لوعة عليه تسكب دمعها وهى تتمتم بتضرع إلى الله سبحانه وتعالى فى خفوت
يارب نجيه.. يارب انا مسمحاه على أى حاجة يارب نجيه يارب ... يارب علشان خاطرى
انا قصدى على الحاډثة يابنتى...
ثم تركها واستند إلى الجدار بكفه وأطرق برأسه بحزن قائلا
أنا عارف ان اللى عمله صعب تسامحيه عليه .. وعارف انك عمرك ما هتنسى أبدا .. لكن ده دلوقتى بين إيدين ربنا ومحدش عارف هايطلع منها ولا لاء
تقدمت منه ووضعت كفها على كتفه قائلة
أرفع راسك يا عمى متعملش كده فى نفسك.. مفيش حاډثة من الأساس يا عمى .. يوسف ملمسنيش
الفصل الأخير
ألتف الجميع حول فراش يوسف فى غرفته بداخل المشفى وهم يستمعون إلى الطبيب الذى يتكلم بابتسامة مطمئنة
الحمد لله .. الچرح مكنش عميق بدرجة خطېرة .. مش محتاجين العناية المركزة
فتح يوسف عينيه بضعف كانت الصورة مشوشة أمامه غير واضحة المعالم بعد وبعد دقائق استطاع الكلام بوهن فقال وكأنه يهزى
مريم.. أنت هنا
أقتربت منه وربتت على كفه بهدوء قائلة بخفوت
حمد لله على السلامة
حاول أن يستوضح ملامحها بصعوبة وأعاد سؤاله مرة أخرى
حصلك حاجة
قالت بصوت مبحوح
الحمد لله انا كويسة.. المهم انت
أبتسم بضعف وهو يغمض عينيه پألم فأقبلت والدته فى لهفة وهى تقبل رأسه وتقول
ألف حمد لله على سلامتك يابنى .. أنا مش عارفة ده كان مستخبلنا فين
بدأت الصورة تتضح أمام عينيه وهو ينظر لوالدته وقال بضعف يحاول أن يداعبها
كان مستخبلنا فى الجراج
قالت فرحة التى تجلس عند قدمه على طرف الفراش
انت فيك حيل تهزر يا أخى موتنا من الخۏف عليك
تابع عبد الرحمن قائلا
ياستى سبيه يهزر الحمد لله انه كويس
بحث يوسف عن وجه أبيه بين الوجوه الدامعة
فوجده مصوبا بصره إليه بلهفة وابتسامة حزينة تعلقت أنظارهما ببعضهما البعض شعر يوسف أنه أحب تلك الطعڼة لما رآه أخيرا من عطف أبيه الذى كان يفتقده فلقد كانت لها الفضل عليه أن يسترجع نظرة حنان فى عينيى أبيه كان ينظرإلى عينيه ينتظر كلماته الحنونة لم يبخل عليه والده ولم يجعله ينتظر قليلا فقال
حمد لله على سلامتك يابنى
تنهد يوسف بارتياح وقال وهوينظر إليه بحب
الله يسلمك يا بابا
قبض على كف مريم بوهن وهو يوجه حديثه لعبد الرحمن
وليد
هو اللى عمل كده صح
قالت فرحة على الفور
والحمد لله ربنا انتقملك منه فى ساعتها والأسانسير وقع بيه
أتسعت عيناه بذهول وقال بدهشة كبيرة
أيه ... أسانسير أيه.. وحصله أيه!
أجابه عبد الرحمن بهدوء
أسانسير البيت عندنا يا يوسف
تدخل إيهاب قائلا
نفسى أعرف كان طالع البيت يعمل ايه.. اللى يعمل عملته دى كان المفروض يهرب طالما محدش شافه.. ايه اللى خلاه يطلع البيت مش عارف
قالت ايمان بثقة
أكيد ربنا ليه حكمة فكده
تنهدت عفاف وهى تقول
ونعم بالله يابنتى
اكتسى وجه يوسف حزنا وهو يتسائل
وحصله ايه لما الاسانسير وقع بيه
قال عبد الرحمن
الأسعاف نقلته المستشفى بعد ما عرفوا يفتحوا باب الاسانسير بصعوبة.. لكن انا مش عارف ده حصل
ازاى .. أحنا لسه كنا عاملين صيانة وكانت حالة الأسانسير ممتازة.. ازاى يقع فجأة كده
وجه له والده الحديث قائلا
أتصلت بالشركة بتاعة المصاعد
أومأ عبد الرحمن برأسه قائلا
أتصلت بعد ما يوسف خرج على طول.. وأصلا كده المفروض النيابة هتبدأ تحقيق فى الموضوع .. وكانوا مستنين يوسف لما يفوق علشان ياخدوا أقواله ..
وبعد ساعتين وهم جلوس حول يوسف طرق إبراهيم الباب ودخل وهو يتوجه ليوسف مباشرة
حمد لله على سلامتك يا يوسف يابنى
نظر إليه الجميع
ربنا خدلك حقك يابنى
ونظر إلى مريم وقال
وانت كمان يابنتى .. ربنا خدلكوا حقكوا انتوا الاتنين
طأطأ رأسه وقال پألم
الخبطة كانت شديدة أوى .. جاله شلل نصفى
تسمر الجميع وكأن عقارب الساعة قد توقفت فجأة أتسعت عيونهم فى ذهول وعدم تصديق وهو يتابع بحزن
من ساعة ما فاق وعرف اللى جراله وهو پيصرخ من الحسړة والندم .. ده غير الألم اللى حاسس بيه
ثم الټفت إليهم مقرا بذنوب ولده قائلا
كان موصى امه تنقله الأخبار.. ولما قالتله ان مريم تعبت ويوسف خادها البيت لوحدهم .. سبقنا على هناك وعمل اللى عمله .. لا وطلع علشان يسرقنى كمان
اقترب منه حسين وأمسك كتفه قائلا
انت راجل مؤمن يا ابراهيم .. وان شاء الله ابنك يقوم منها .. أصبر وأحتسب
فى الصباح حضر وكيل النيابة ليأخذ أقواله قائلا
أنت شفت اللى ضړبك يا يوسف
نظر له يوسف بصمت ثم قال بحسم وهو يهز رأسه نفيا
لاء... الدنيا كانت ضلمة مشوفتش حد
خرج وكيل النيابة من غرفته ودخل الجميع إليه متسائلين قال حسين
قلت ايه يا يوسف
أبتسم يوسف وهو يقول
هقول ايه يا بابا ..هو انا شفت حد علشان اقول عليه
أبتسم والده وهو يربت على كتفه قائلا باعتزاز
راجل يابنى ..
يالا يا جماعة الحمد لله اننا اطمنا عليه
ثم نظر إلى عبد الرحمن وايهاب قائلا
يالا روحوا ده محدش فيكم نام من امبارح .. أنا هقعد معاه
قال عبد الرحمن على الفور
معلش حضرتك يا بابا.. روحهم انت وانا هستنى
تدخلت عفاف قائلة
محدش هيفضل مع ابنى غيرى .. روحوا انتوا
قاطعهم يوسف بأشارة منه وقال مبتسما
ياجماعة روحوا كلكوا .. أنا لو احتاجت حاجة هبقى انده على الممرضة
ألتفتت مريم إليه لتتكلم أخيرا قائلة
وتنده على ممرضة ليه.. أنا هفضل معاك
خفق قلبه مع ابتسامته فلم يعلم أيهما سبقت الآخرى كل ما كان يدركه هو الدهشة فلم يكن يتوقع أن تفصح عن رغبتها فى البقاء معه بل لم يكن يحلم وهو يلمح الغيرة فى عينيها من أمرأة أخرى
قالت عفاف بإرهاق
يابنتى روحى انت.. شكلك تعبانة أوى ..
قاطعها حسين بابتسامة لامعة
لا يا عفاف .. مريم معاها حق ..هى
اللى المفروض تقعد معاه .. يالا احنا نروح البيت نريح شوية ونشوف هنعمل ايه ونبقى نرجعلهم تانى
ودعه الجميع بعد أن اطمئنوا عليه أما هو فقد نام طويلا بعد تناوله الدواء وعندما استيقظ وجدها تغفو على مقعدها بجوار فراشه الأبيض ألتفت إليها وناداها بلهفة وعندما استيقظت قال بهدوء
قربى الكرسى بتاعك من السرير
نهضت واقفة وتمطت بتكاسل ثم وضعت مقعدها بجواره وجلست فقال وهو ينظر لعينيها بعمق
مروحتيش ليه
تجنبت النظر إليه وهى تقول
المفروض انى اكون معاك
قال على الفور
الكلام ده لو لسه مراتى.. لكن انت اللى صممتى على الطلاق
نظرت له بتحدى قائلة
وانت مصدقت وطلقتنى
أبتسم من طريقتها الطفولية فى الحديث نظرلها قائلا
أنا كنت متمسك بيك لآخر لحظة ومقدرش الومك.. واهو ربنا خدلك حقك .. وفنفس الظروف .. يوم فرح .. وبالليل والدنيا ضلمة
تنهد فى ارتياح وقال
الحمد لله ان ربنا خلص مني فى الدنيا .. مش ناقص غير حاجة واحدة بس...
لمس يدها وهو يقول
أنك تسامحينى من قلبك
رفعت رأسها إليه قائلة بتلعثم
أنا سامحتك من قلبى فعلا
قبض على يدها بضعف وهو يتأملها وقال ببطء
مريم.. لو رديتك .. هتحسي انى رجعتك ڠصب عنك
حاولت سحب يدها ولكنه تمسك بها وقال برجاء
أنا مش قادر اضغط .. متسحبيش ايدك ...كده هتتعبينى
قالت بصوت يسمعه بالكاد
طيب سيب أيدى
تمسك بها أكثر قائلا بحب
لما تردى عليا الأول.. انت عندك استعداد تكملى حياتك معايا وتنسى اللى فات
صمتت ولم تجبه كانت تشعر بأن قلبها سيقفز من صدرها من فرط الإنفعال والإضطراب والخجل حاولت أن تهرب من حصار عينيه ولكنها لم تستطع كانت نظراته تحيط بها من كل اتجاه تحتويها بل
وتفصلها عمن حولها
قاطعتهم طرقات خفيفة على الباب يتبعه دخول الطبيب الذى أخذ يفحص يوسف الذى لم يرفع بصره عن مريم وبعد أن انتهى الفحص وخرج الطبيب توجهت مريم إلى ركن من أركان الغرفة لتصلى
تعمدت أن لا تنظر إليه وهى تتوجه إلى الفراش المقابل له صعدت إليه واسندت بظهرها وهى تغمض عينيها بأرهاق يبدو على ملامحها بشكل واضح فقال يوسف
شكلك مرهق أوى.. نامى انت ارتاحى شوية
قالت وهى تسحب الغطاء وتتدثر به جيدا
هنام ساعة بس .. لو احتاجت حاجة صحينى بسرعة متترددش
قال مداعبا وهو لا ينظر إليها
لالا نامى انت ولو احتجت حاجة هبقى اقول للممرضة
أعتدلت لتجلس مرة أخرى فقال وهو يشير لها أن تعود
كما كانت
بهزر والله .. نامى .. أنا كمان محتاج ارتاح شوية
فى اليوم التالى صباحا كان حسين هو أول من طرق باب غرفة وليد فى المشفى ودخل بعد سماع الأذن بالدخول لم يكن هناك أحد بالغرفة سوى وليد المسجى على الفراش ووالدته تجلس بجواره تبكيه فقال بحرج
السلام عليكم
فتح وليد عينيه على صوت عمه فلم يستطع مواجهته كانت آلامه رهيبة ولكن رؤيته لعمه جعلته يشعر وكأن الهواء انقطع من الغرفة فجأة وأخيرا تكلم حسين قائلا بجمود
حمد لله على السلامة
وقفت فاطمة فى حرج وهى تتمتم
الله يسلمك يا حاج حسين ..أتفضل
قال بهدوء
لا متشكر مفيش داعى .. أنا جيت بس أطمئن على وليد واقوله ان ابن عمه قال فى التحقيق انه ماشفش اللى ضربه وكان هيموته.. ياريت لو حد سألكوا تقولوا نفس الكلام سواء من النيابة ولا من غيرها...
أطرقت فاطمة برأسها ولم ترد فقال حسين
حمد لله على السلامة مرة تانية.. سلام عليكم
خرج حسين من الغرفة وقبل أن يصل للمصعد وجد إبراهيم مقبل عليه من بعيد فوقف ينتظره سبقته عينيه ونظراته المتسائلة قبل أن يصل إليه بجسده وما إن وقف أمام أخيه قال
انت كنت بتزور وليد
أومأ حسين برأسه قائلا
ده واجب مهما كان .. وبرضة كنت باعرفه يوسف قال أيه فى التحقيق.. علشان تحت أى ظرف يبقى عارف انه مش متوجهله أى تهمة
زفر إبراهيم بارتياح وقال بامتنان
أنا مش عارف اقولك ايه يا حسين.. بس انت عارف ان يوسف احسن عندى من ابنى
ربت حسين على يده قائلا
المهم دلوقتى أخبار فريق العمال اللى جايين علشان الأسانسير أيه.. وصلوا للسبب
قال إبراهيم بحيرة
هما خلاص بيخلصوا ومعاهم كمان ناس من الحكومة بيطلعوا على التقارير النهائية
قال حسين فى قلق
والنتيجة ايه
قال إبراهيم وقد خلا وجهه من كل تعبير
قضاء وقدر
نظر له حسين بتمعن وقال بدهشة
معقول .. يعنى مفيش سبب معين
حرك إبراهيم رأسه نفيا وقال
بكرة المحرك فلتت من غير أى سبب واضح .. ومنقدرش نتهم الشركة بأى حاجة لأن مفيش أى عيب يخص الصيانة أو التركيب
ثم نظر إلى أخيه نظرات مضطربة حزينة فقال حسين
عاوز تقول حاجة يا ابراهيم
فقال على الفور پانكسار
سامح وليد يا حسين .. اللى وصله ده غلطتى انا وامه مش غلطته هو لوحده .. سامحه وخلى يوسف يسامحه... يوسف راجل وكفاية انه
قال انه ميعرفش مين اللى ضربه
وضع حسين يده على كتف أخيه قائلا
ربنا يسامحنا كلنا يا ابراهيم.. احنا محتاجين نسامح بعض علشان ربنا يسامحنا.. يلا استأذن انا بقى علشان اروح أطل عليه.. سلام عليكم
ذهب حسين بينما دخل إبراهيم حجرة وليد فوجد الطبيب يتمم فحصه وعندما انتهى سأله فى رجاء
أيه الأخبار يا دكتور.. هيقدر يمشى تانى ولا لا
أومأ الطبيب برأسه وهو يدون ملاحظاته عن حالة وليد وقال
يا حاج انت بتسأل عن حاجة لسه بعيدة أوى احنا لسه يدوب فى البداية ..والحالات اللى زى دى بتاخد وقت طويل لحد الشفا الكامل وده محتاج جهد وصبر واستعانه بالله
خفض إبراهيم رأسه وهو يقول
ونعم بالله يا دكتور..
ربت الطبيب على كتفه وخرج من الحجرة وتركهم جلس إبراهيم بجوار زوجته وهو ينظر لولده الممدد أمامه على فراش المړض حالته غير مستقرة آلامه متواصلة قلبه يعتصره الألم حزنا وندما فلم يكن له الأب الناصح المربي الحنون وإنما انشغل وتركه هو وأخته وتصور أن جمع المال هو أقصى جهد يمكن بذله من أجلهم نسى دوره الأصلى حتى زوجته لم يعاملها كما يجب ليصلح أخطائها وعيوبها وإنما كان يتركها ويهرب منغمسا فى عمله شعر أنه المسؤل الأول والرئيسى عن ما وصلوا إليه جميعا أخذ يستغفر ويسترجع ويدعو الله أن يساعده ويقويه فى طريق أصلاح ما تركه يفسد طيلة السنوات الماضية
طرق حسين باب حجرة ولده فى المشفى ودخل إليه مبتسما أقترب من فراشه وقال بابتسامة حانية
أزيك النهاردة يا يوسف
حاول يوسف النهوض أو الأعتدال فى فراشه ولكن والده ساعده فى العودة كما كان فى وضع الأستلقاء وهو يقول
خليك يابنى متتعبش نفسك
قال يوسف بسعادة لرؤية أبيه
الله يسلمك يا بابا ..انا بخير طول ما حضرتك راضى عنى
وضع المقعد بجوار فراشه وجلس عليه وهو يقول
ربنا يرضى عنك وعنا يابنى ...
ثم قال وهو
ينظر إلى الفراش الآخر
مريم فين
قال يوسف بابتسامة
فى الحمام بتتوضا
وهى عامله ايه دلوقتى كان شكلها تعبان أوى امبارح
خرجت مريم من الحمام وهى تجفف
يدها من أثر ماء الوضوء أبتسمت وهى تنظر إلى عمها وذهبت إليه تصافحه فقبل جبينها وهو يقول
عاملة أيه النهاردة.. شكلك اتحسنتى عن امبارح كتير الحمد لله
قالت بابتسامة رضا
انتوا سابينى هنا وواقفين تتكلموا.. المفروض ان انا المړيض على فكرة
قال حسين وهو يتجه إلى مقعده مرة أخرى ويجلس عليه
متستعجلش دلوقتى تلاقى اخواتك وامك طابين عليك
ذهبت مريم إلى ركنها الذى اتخذته مصلى فى الحجرة ووقفت تصلى فنظر يوسف لأبيه وقال بصوت منخفض بعض الشىء
بابا لو سمحت انا عاوز ارد مريم بس مش عاوز يبقى ڠصب عنها ومش عارف
اعمل أيه
تفحصه أبيه وقال بنفس النبرة الخفيضة
ومسألتهاش ليه
مط يوسف شفتيه فى تبرم قائلا
سألتها مردتش عليا.. مرضتش أحاول معاها كتير علشان متحسش انى بضغط عليها بتعبى واللى حصلى ده..
وأستدرك قائلا برجاء خجل
ممكن حضرتك تكلمها وتحاول تقنعها
حسين
أنا رأيى انك تستنى لما ربنا يتم شفاك وتخرج من المستشفى وترجع البيت .. ساعتها تكلم معاها تانى وهيبقى ليها وقتها حرية الرفض أو الموافقة.. لكن انا لو كلمتها هتفتكر ان دى رغبتى وممكن توافق علشان متزعلنيش
أنتهت مريم من صلاتها وجلست تتلو الأذكار طرق الباب ودخلت عفاف مسرعة إلى ولدها جلست جواره تتحسسه بلهفة
عامل ايه يا حبيبى النهاردة.. أنا كنت ھموت واجيلك من بدرى بس ابوك منعنى
أخذ يد أمه وقبلها قائلا
الحمد لله يا ماما متقلقيش انا بقيت زى الحصان
أطل إيهاب برأسه إلى الداخل قائلا بابتسامة مرحة
صباح الخير يا مطعون
ضحك يوسف وهو يتحسس جرحه قائلا
بطل تضحكنى يا جدع انت حرام عليك .. الچرح بيألمنى لما بضحك
تبعته فرحة التى لحقت بأمها بجواره تطمئن عليه وقالت
ايمان وعبد الرحمن بره ومعاهم وفاء وجوزها
نظر حسين إلى إيهاب قائلا
خليهم يدخلوا يابنى
وقفت وفاء أمامه بعينين دامعتين وقالت بخجل
حمدلله على السلامة يا يوسف ربنا يقومك بالسلامة
قال بابتسامة صافية
الحمد لله يا وفاء انا كويس ..
بينما قال عماد بدهشة
أنا مش عارف ايه اللى حصلكوا ده .. انت ووليد فى يوم واحد حاجة غريبة فعلا
قال عبد الرحمن مقاطعا
قدر الله وماشاء فعل ربنا يقومهم بالسلامة هما الاتنين
واستدرك قائلا
تعال معايا نجيب للچماعة دول حاجة يشربوها بدل ما يدعوا علينا ولا حاجة
نهضت وفاء قائلة
لا مفيش داعى يا عبد الرحمن احنا ماشين على طول
قال عبد الرحمن بتصميم
لا مينفعش .. يالا يا أستاذ عماد
خرج عماد وعبد الرحمن وأغلق الأخير الباب خلفه فقالت وفاء
أنا عرفت اللى عملته مع وليد فى التحقيق يا يوسف.. حقيقى انت راجل أوى.. وطول عمرك شهم ... وانا عارفة انى موقفى صعب لأنى أخته لكن انت عارفنى كويس ..
ولم تستطع أن تتحدث أكثر وبدأت دموعها فى الحديث عنها فقالت عفاف
متعيطيش يابنتى .. انت طول عمرك قريبة مننا وعارفينك كويس واخوكى ربنا يسامحه ويسامحنا كلنا
قال يوسف مستكملا لحديث والدته
متعيطيش يا وفاء دموعك غالية عندى.. وانت عارفة مكانتك عندى كويس مش محتاجة تتكلمى الكلام ده ..
نظرت له مريم نظرة ذات معنى وجلست بعيدا وهى تشعر بالحنق من كلماته لها بينما قالت إيمان
الحمد لله الدكتور طمنا قبل ما ندخلك وقالنا بالكتير يومين تلاتة وتخرج بالسلامة
ذهبت وفاء وزوجها وانصرف الجميع عند انتهاء الأوقات الرسمية للزيارة وبقيت مريم مرافقة له جلست على الفراش الآخر بجواره وفتحت المصحف وبدأت بالقراءة فى همس
جعل ينظر إليها وهى تقرأ وكلما واتته الفرصة ليقاطعها ويطلب منها العودة ټخونه شجاعته ويصمت فى تردد حتى انتهت ووضعت المصحف وقامت لصلاة العشاء وبعد أن انتهت من أذكار الصلاة ونهضت متجهة إلى فراشها مرة أخرى قال سريعا
مريم..
ألتفتت له فقال
ممكن تحطيلى المخدة ورا ظهرى ..عاوز اتعدل علشان اصلى انا كمان
ترددت لحظات فقال
خلاص لو هضايقك...
قالت متلعثمة
لا.. مفيش مضايقة ولا حاجة
كان لابد أن تتخذ وضعا معينا لكى تستطيع أن تساعده على الإتكاء قليلا لتضع الوسادة خلف ظهره فابتعدت مرة أخرى مترددة فى ارتباك وخجل فقال لها
طيب خلاص ارفعى السرير مش لازم مخدة
وعندما انتهى من صلاته التفتت إليه وقالت
تحب انزلك السرير شوية
أبتسم وهو يحرك رأسه نفيا قائلا
لا متشكر.. انا اصلى مش جايلى نوم دلوقتى
تنحنحت فى حرج وهى تقول بارتباك
طبعا انت مش زعلان من وفاء .. صح
نظر إليها قائلا
وهزعل منها ليه وهى ذنبها أيه.. وفاء طول عمرها بنت كويسة أوى
شعرت بالحنق مرة أخرى وظهر ذلك على نبرة صوتها وهى تقول
اه ما انت قلتلها كده
ونظرت له نظرة جانبية وهى تستدرك قائلة
وأكتر من كده كمان
راوده أحساس بالسعادة عندما لمح الغيرة فى صوتها ونظر إليها بعمق يتأملها ويتفحص معالم وجهها المضطرب وقال بخفوت
قلتلها أيه مش فاكر
قالت باندفاع وهى تلوح بضجر
قلتلها دموعك غالية عليا أوى وانت عارفة مكانتك عندى كويس
منع الأبتسامة التى كانت تريد القفز على شفتيه حتى لا يقطع عليها استرسالها الحانق على كلماته لوفاء وقال بهدوء
ماهى فعلا طول عمرها
ليها مكانة عندى
لم تلحظ استدراكه لها فقالت بضيق
ومتجوزتهاش ليه بقى لما بتحبها أوى كده
لم تستطع الأبتسامة الصبر أكثر
من هذا خدعته وقفزت على شفتيه رغما عنه وهو يقول
أنا قلت برضة أنى بحبها.. جبتى الكلام ده منين
رأت ابتسامته وشعرت بمراوغته فى الحديث فأشاحت بوجهها بعيدا ولم تجبه فأردف قائلا وهو يتفحصها بابتسامته العذبة
أنا محبتش غير واحدة بس ... وبدعى ربنا فى كل وقت انها تسامحنى وترضى ترجعلى تانى
سحبت غطاءها وهى تنظر بعيدا عنه وقالت باقتضاب
تصبح على خير
قال ببراءة مصطنعة
يعنى هتسبينى متعلق كده .. طب نزليلى السرير الأول كده ظهرى هيوجعنى
نهضت مرة أخرى واتجهت إلى فراشه فقال مشاكسا
طب ممكن تظبطيلى المخدة دى تحت راسى.. مش مرتاح خالص
قالت وهى ترفع رأسه بيد وتحرك الوسادة
باليد الأخرى
أنت شكلك بتدلع على فكرة
أمسك يدها وجذبها إليه برفق فشعرت بأنفاسه تلفح وجهها وهى تحاول الأعتدال ولكنه لم يسمح لها واستنشق عبيرها وقال بصوت رخيم
أنا رجعتك لعصمتى يا مريم
ثم فك أسر يدها فاعتدلت وقد شعرت بسخونة تسرى فى اوصالها اقشعر لها بدنها وكأن نبضات قلبها أخذت تبطئ شيئا فشيئا مما أشعرها بالدوار لكنها لم تغضب ولم تستنكر ما قاله خطت نحو فراشها وصعدت بصعوبة وتدثرت جملة واحدة منه جعلتها تذوب بعضها فى بعضها ونامت فى ثوان معدودة كأنها غابت عن الوعى
فى اليوم التالى فحصه الطبيب وقال بابتسامة
والله أنت بطل يا يوسف .. ماشاء الله عليك
قال يوسف على الفور
هخرج أمتى طيب يا دكتور
أبتسم الطبيب وقال
مستعجل أوى كده ليه
قال يوسف بشغف
الله يخاليك يا دكتور أنا أصلى بكره القاعدة الطويلة دى وعاوز اروح بيتنا بقى
دون الطبيب ملاحظاته قائلا
خلاص خاليك النهاردة بس وروح
بكره الصبح لو عايز.. وقوم اتمشى لوالراقدة مزهقاك اوى كده
زم شفتيه تبرما ثم قال
طب مينفعش اروح اتمشى فى بيتنا .. أنا والله حاسس انى بقيت كويس
زفر الطبيب بنفاذ صبر ثم ابتسم له قائلا
أنت ملكش حل بجد.. لكن عموما هكتبلك على خروج اخر النهار ...
حاول يوسف الكلام ولكنه قاطعه قائلا
ومفيش خروج قبل كده... فاهم
ثم نظر إلى مريم وقال
تعالى يا مدام لو سمحتى علشان افهمك هتتعاملى مع الچرح ازاى بعد ما يخرج وربنا يقدرك عليه... بصراحة جوزك ده لا يحتمل
أبتسم يوسف وشعر بالبهجة أخيرا سيعود لمنزله بصحبة زوجته ليبدأ معها حياة جديدة لن يشوبها إلا ما حدث فى الماضى فهل من الممكن أن يرأب هذا الصدع فى يوم من الأيام!
وفى المساء كان يخطو خطواته الواهنة بعض الشىء داخل بيته وعبد الرحمن يساعده إلى الصعود إلى فراشه والجميع ملتف حوله فى سعادة مرحبين بعودته لمنزله سليما معافى.
بعد أن اطمأنت مريم لأستغراقه فى النوم فتحت خزانتها بهدوء وأخذت ملابسها وأغلقتها بهدوء دخلت الحمام واغتسلت وبدلت ملابسها وخرجت وهى تجفف شعرها بالمنشفة فوجئت به يجلس على طرف الفراش ينتظرها تعثرت قليلا فى خطواتها ثم استعادت توازنها بسرعة واتجهت إلى المرآة لتمشط شعرها فقال وهو ينظر لصورتها المنعكسة فى المرآة
مريم .. لو سمحتى تعالى غيريلى على الچرح
ألفتت إليه بدهشة وقالت
الدكتور لسه مغيرك عليه الصبح!
قال بعناد مشاكسا
لا مش مرتاح حاسس ان فى حاجة مش طبيعية.. لو سمحتى تعالى شيليه حاسس ان فى نملة بتقرصنى
تنهدت بتعجب قائلة
نملة !! ..أظاهر الدكتور كان عنده حق لما قالى ربنا يصبرك عليه
وضعت المنشفة وأحضرت الأدوات الطبية وضعتها بجوارها على طاولة صغيرة بجوار الفراش وقالت
طيب فك زراير القميص لو سمحت
تصنع الألم وهو يقول
مش قادر يا مريم .. ممكن تفكيهالى انت
ونظر لها برجاء وقال
من فضلك
جلست أمامه وشرعت فى فك الأزرار بارتباك حاولت أن تسرع ولكن سرعتها جعلتها ترتبك أكثر وتتعثر كان فى قمة سعادته من قربها منه إلى هذه الدرجة وأخذ يتأمل شعرها الندى الذى مازال تعلق به قطرات الماء ود لو أنها تعثرت أكثر لتبقى قال بعبث ليربكها أكثر وهو يتأملها
كل ده بتفكى كام زرار
قالت بارتباك وقد أحمرت وجنتاها
أهو خلاص خلصت
أنتهت وقامت بمساعدته فى خلع قميصه فى حرج شديد وجلست تزيل أثار اللآصق الذى وضعه الطبيب حاولت أن تنتهى سريعا كما علمها الطبيب تهرب من نظراته المخترقة لها وكأنه يغوص بداخلها من عمق النظرات المتفحصة محتفظا بابتسامته العذبة الحانية مرت اللحظات القليلة عليها وكأنها ساعات طويلة وأخيرا انتهت وهى تقول بتلعثم
يعنى لا كان فى نملة ولا حاجة
تتبعها ببصره وهى تلملم أشيائها وتضعها فى صيدلية صغيرة فى الغرفة أتممت تمشيط شعرها وعقصته للخلف بطوق بنفس لون ملابسها وقالت وهى تخرج من الغرفة
أنا هروح انام بقى تصبح على خير
فقال ببطء وهو ينهض متجها إليها بخطوات ضعيفة
مريم... أنت لسه بتخافى مني
أشاحت بوجهها وهى تستدير لتنصرف قائلة بخفوت
مش وقته الكلام ده .. أنا مرهقة وعاوزه انام
وضع يده أمامها ليمنعها من المرور وقال بحزن
أنت لسه مسامحتنيش يا مريم.. مش كده
قالت دون أن تنظر إليه
أنا قلتلك قبل كده انى مسامحاك
قال بتلكأ
طب انا
راجعتك ڠصب عنك .. يعنى مكنتيش عايزة ترجعيلى
تابعت وهى مازالت تنظر بعيدا عنه
ده حقك اللى ربنا ادهولك... أنت ممكن ترجعنى لعصمتك حتى من غير ما تقولى
حرك رأسه نفيا قائلا
بس انا مش عايزك تعملى حاجة ڠصب عنك ... أنا راجعتك تانى علشان حسيت انك بتحبينى وبتغيرى عليا .. لكن لو الأحساس ده غلط وانت مش عايزانى قوليلى
لم تستطع أن تجبه أنما اكتفت بنظرة لوم وعتاب طويلة ودفعت يده بلطف ومرت من أمامه للخارج ثم إلى غرفتها الأخرى لتنام بها جلس على طرف فراشه وهويشعر بالحيرة أهذه النظرة المعاتبة من أجل كلماتى أم من أجل أنى راجعتها رغما عنها أم ماذا ! لكن أحساسى يقول غير ذلك أشعر بنبض قلبها لا أخطىء هذه النظرة أبدا أستجيبي حبيبتى ..أستجيبي .. فأنا
وإن كنت شتاء ففى قلبى ربيع نابض لك بالأزهار .
دخلت فراشها وتدثرت جيدا وكالعادة عندما تواجهها أزمة وضعت الوسادة فوق رأسها وحاولت أن تنام لكن هيهات تشعر بالضجر الشديد
غلبهما النوم وفى الصباح كانت والدته أول من تطرق بابهم أبتسمت لها مريم مرحبة بها قالت عفاف
هو يوسف لسه نايم
مريم
ثوانى اشوفه لحضرتك
صباح الخير
قالت على الفور وكأنها تدفع تهمة وجودها فى غرفته
صباح النور.. مامتك بره يلا قوم
أستنى طيب قومينى
نظرت له وقالت بعناد
أنت بقيت كويس.. بلاش دلع يلا قوم بقى
تصنع يوسف الضعف وهو يقول
بطلى ظلم بقى يا مفترية حرام عليكى تعالى ساعدينى
تسائلت مريم بضجر
أساعدك ازاى يعنى
قال ببراءة مصطنعة
أمسكى أيدى بس
أستدارت مندهشة وقالت
افندم
ترك يده تسقط على الفراش بضعف قائلا
حرام عليكى انا تعبان قومينى بقى زمان ماما مضايقة بره
زمت شفتاها بحنق وقالت رافضة
طيب خاليك بقى وانا
هروح أنده مامتك تقومك بطريقتها
وخرجت سريعا وهو يهتف متوسلا
لا بلاش ماما الله يخاليكى يا مريم.. معندهاش هزار فى الصحيان
وفى اليوم التالي وبعد يوم طويل دخلت مريم الشرفة ووضعت أكواب الشاى أمام يوسف على الطاولة الصغيرة وجلست بجواره وقد بدى الإرهاق على وجهها وهى تقول
أنت فعلا بتدلع أوى.. مع انك بقيت كويس يعنى ماشاء الله
نظر لها وداعبها قائلا
هو أنا عملتلك حاجة.. ده أنا غلبان
قالت بحنق
اه غلبان أوى ..عاوزنى أقومك واقعدك وافصصلك واحطلك الأكل فى بؤك واغسلك ايدك وانشفها
قال بحزن مصطنع
زهقتى مني قوام كده .. ده انا مريض
قالت ساخرة
اه مريض أوى .. شكلك كده هتخف وانا هرقد مكانك
قال بنظرة حانية
بعد الشړ عليكى يا حبيبتى .. خلاص مش هتعبك تانى.. أنا فعلا بدلع بس ببقى مبسوط وانت مهتمة بيا كده .. وبعدين الأكل ليه طعم تانى من أيدك
بدأت مريم بارتشاف بعضا من الشاى وهى تنظر إليه نظرة جانبية وقد بدا أنه سيهم بقول شىء ما ولكنه يقاوم التردد بصعوبة لحظات صامتة منه ومترقبة منها حتى قال ببطء
مريم انا عاوز اسألك سؤال كده بس متردد
واستدرك قائلا
وبصى لو ضايقك خلاص مش مهم
أومأت برأسها موافقة فقال
هو
احنا لما كنا فى الجراج ... والدنيا ضلمة .. مكنتيش خاېفة مني
حركت كتفيها للأعلى وقالت بلامبالاة
واخاڤ منك ليه
أردف قائلا وهو يبتلع ريقه بشرود
يعنى بقيتى تحسى بالأمان معايا
نظرت له بجانب عينيها وقالت
أنت ليه مهتم أوى بالسؤال ده .. سألتهولى أكتر من مرة
زفر بحزن قائلا
لما كنا مسافرين قولتيلى وانت بتعيطى انك لما سمعتى صوتى فى الضلمة حسيتى بالأمان...
ثم الټفت إليها متابعا
نفسى ترجعى تحسى بالأمان معايا تانى
أجابته بخفوت وهى تضع عينيها فى الكوب الذى بين يديها
لو مكنتش حسيت معاك بالأمان مكنتش فضلت ماسكة فيك واحنا فى الجراج والدنيا ضلمة ومفيش حد غيرنا زى ما كنا فاكرين
تنهد بارتياح وهو ينظر إلى الحديقة قائلا
الحمد لله ... دى أقصى حاجة كنت بتمناها
سمعت صوت رنين هاتفها فقالت
هروح اشوف مين
أخذت الهاتف وابعتدت عنه لتتحدث إلى عمها دون أن يسمعها فتحت الأتصال واستمعت إليه ثم أجابته قائلة
النهاردة أحسن كتير الحمد لله
قال باهتمام
هو جانبك دلوقتى
لا فى البلكونة
قولتيله ولا لسه
أبتسمت ابتسامة خفيفة وقالت
لاء لسه .. بصراحة يا عمى عاوزه اربيه شوية
ضحك بسعادة قائلا
يبقى ردك لعصمته تانى مش كده
قالت مريم بحرج
أيوه ردنى قبل ما يخرج من المستشفى
ضحك مرة أخرى وقال
خلاص ربيه براحتك انا موافق
دخل يوسف من الشرفة إلى الغرفة التى تتحدث بها فوجدها تغلق الهاتف وتضعه مكانه فقال وابتسامة مشاكسة مازالت عالقة بشفتيها
كنت بتكلمى مين
قالت بعدم اهتمام
ده عمى حسين .. كان بيطمن عليك
كادت أن تتركه وتخرج من الغرفة لولا أن وقف أمامها يسد عليها الطريق تلاقت عينيهما فقال بهمس
بحبك
كان يتوقع أن تشيح بوجهها وتتركه وتذهب كالعادة كلما قالها ولكن هذه المرة وقفت تنظر إليه ثم قالت بنظرة لم يفهم معناها
من أمتى
تفاجأ بالسؤال فقال
يعنى أيه
تابعت
يعنى بتحبنى من أمتى .. أحنا من ساعة ما اتقابلنا واحنا پنتخانق زى القط والفار
قال يوسف بخفوت
والله ما انا عارف من أمتى.. أنا فجأة كده لقيتنى بغير عليكى من كل حاجة وكان نفسى أوى تسمعى كلامى وتغيرى تصرفاتك
بدت على وجهها ملامح ساخرة وهى تقول
ليه مكلمتنيش بود وقولتلى
انك مش راضى عن تصرفاتى بدل ما كنت بتتخانق وتزعق وتتريق أحيانا
أرسل تنهيدة حارة وقال بوجوم
زى ما قلتلك واحنا فى نويبع.. أنا عمرى ما حبيت قبلك.. ومكنتش عارف أعمل ايه.. كل اللى كنت بحس بيه انك لازم تسمعى كلامى ومجاش على بالى ساعتها طريقة نصحى ليكى خالص .. كل اللى كنت بفكر فيه انك مبتسمعيش الكلام وبتعاندى وخلاص
أستعاد نظرته العذبة وهو يتابع
وبعدين يا مريم انا كنت حاسس انك حاسة بيا.. وكنت متوقع انك لما تحسى بمشاعرى وتلاقينى بغير هتحترمى ده وهتسمعى كلامى من أول مرة.. لكن انا لقيتك بتعاندى أكتر من الأول مش عارف ليه
نظرت له نظرة طويلة وقالت بهدوء
مكنتش متأكدة .. وتصرفاتك العصبية كانت مشككانى .. لو كنت اتعاملت بطريقة مختلفة ونصحتنى بهدوء ولمحتلى انك غيران من كلامى مع وليد مكنتش عمرك
هتشوفنى بكلمه .. لو كنت فى الفرح جيت قلتلى مين اللى واقفة معاهم دول ومتقفيش معاهم كنت هاسمع كلامك.. لو كنت لما مشيت ورايا بالعربية نزلت وشدتنى قدام الناس ڠصب عنى علشان مطلعش مع سلمى كنت هسمع كلامك .. صدقنى كنت هسمع كلامك.. وكنت هتأكد من اللى كنت بعمل كل ده علشان أتأكد منه.. أنك بتغير
لكن انت كنت دايما تكتم فى نفسك .. وتكتفى بالتصرفات العصبية.. وحتى لما كنت بتكلمنى كنت بتحسسنى انك بتأمرنى لمجرد أنى بنت عمك وبس
نظرت له مرة أخرى بنفس النظرة المبهمة قائلة
فاكر لما سألتك فى العربية واحنا راجعين من فرح وفاء وانت اضايقت من سؤالى وقلتلى أنى باستفزك .. أنا عاوزه اسألك نفس السؤال تانى ولو سمحت جاوبنى
أشاح بوجهه بعيدا وأغمض عينيه وهو لا يريد التذكر وقال ببطء وقد شعر بغصة فى حلقه صدقينى لو قلتلك انى مش فاكر حاجة خالص .. وقلتلك الكلام اللى قلته وانت بتقاومينى .. وفجأة لقيتك اتخبطى فى الحيطة ووقعتى على الأرض
صمت فقالت
وبعدين أيه اللى حصل
مسح وجهه بيديه وقال لها
أنا مش عاوزك تفتكرى التفاصيل دى .. انا ماصدقت انك بقيتى كويسة معايا
فتابعت وكأنها لم تسمعه
وبعدين يا يوسف حصل أيه
رضخ لرغبتها وقال بشرود
صدقينى مش فاكر.. كل اللى فاكره ساعتها لما وقعتى على الأرض وانا قربت منك ..
بدأ جبينه يتعرق وهو يستحضر تلك اللحظات بصعوبة شديدة وهو يقول
كنت بحاول اشيل عنك الهدوم وانا دماغى بتلف .. وبعدين بدأت اشيل هدومى وفجأة حسيت أنى صنم ..عقلى أتجمد وقلبى ابتدى ينبض ببطء شديد .. حاولت بعدها افتكر أى تفاصيل مافتكرتش حاجة أبدا.. مش فاكر غير أبويا وهو بيشدنى يقومنى من جنبك وأديه بتنزل على وشى و ورجليك كلها ډم فتوقعت انا عملت أيه .. صدقينى ده كل اللى فاكره
تركها وخرج من الغرفة إلى حجرة المعيشة هوى إلى الأريكة وبدأت دموعه تنهمر بصمت وهو يتصور كل مشهد مر أمام عينيه وهو يعصى الله فيها وهو يتذكر كلماتها وهى تصرخ فيه فوق يا يوسف انا مريم
خرجت إليه ورأته يدفن رأسه بين كفيه ويبكى وشهقاته تعلو وهو يستغفر الله أطرقت برأسها ولم تعد تتحمل كتمان الأمر أكثر من هذا فهو يتعذب بما لم يفعله يوما بعد يوم ويأكله الندم ويلوكه بين فكيه بكل قوة شعرت أن عقلها
ينبض فى قلبها ويحثها على أخباره بما حدث فهو قد تربى بما فيه الكفاية لم تتردد أكثر من هذا وقالت وهى تجلس بجواره
مصدقاك يا يوسف .. عارف ليه.. لأنك ملمستنيش .. معملتليش حاجة أبدا بعد كده
توقفت الدموع فجأة وكأن الدنيا قد توقفت فجأة عن الدوران وسكت الكون ألتفت إليها بذهول وقطب جبينه قائلا
يعنى ايه
أفلتت دمعتين من عينيها وقالت
فاكر لما ودتنى لدكتورة النسا لما أغمى عليا والدكتورة طلعتك بره
أومأ برأسه وهو ينظر إليها بصمت مخلوطا بذهول فقالت
الدكتورة فوقتنى وسألتنى عليك وقلتلها انك جوزى.. قالتلى طب احتمال يكون القىء والدوخة بسبب الحمل نتأكد .. طبعا انا كنت ھموت .. وافقت على طول وبعد الفحص بصتلى باستغراب وقالتلى أومال بتقولى عليه جوزك أزاى ووافقتى أعمل فحوصاتى ليه لما انت لسه بنت بنوت ! ..
ساعتها روحت فى
دنيا تانية .. مبقتش عارفة أضحك ولا اعيط .. أصرخ ولا اعمل أيه مش عارفة .. لقيت دموعى نازلة زى المطر.. ولما خرجت من عندها والبنت الممرضة شافتنى بعيط سألتنى مالك لقيت نفسى بقولها الدكتورة كانت فاكرانى حامل .. طبعا هى افتكرت ساعتها انى بعيط علشان مطلعتش حامل وفضلت تواسينى.
توقفت الساعات والعقارب حتى أنه شعر بأن الهواء أيضا توقف فلا يستطيع التنفس ولا الحركة وكأن قلبه رفض نبضه وكأن عقله تمرد عليه ورفض التصديق لا يستطيع شيئا سوى الذهول ... الذهول وفقط فقال فى هذيان
يعنى أيه .. والدم.. أومال ده حصل ازاى ..ازاى ..!
قالت من بين دموعها
أكيد أغمى عليك .. وإلا مكانش عمى لما دخل بعد الفجر لقاك جمبى.. وطبعا كانت رجلى
غرقانة ډم علشان لما وقعت على الأزاز اټجرحت جامد والموقف مكنش يحتمل تفسير تانى
قفز المشهد فى عقله مرة أخرى بقوة لقد تذكر فجاة لحظة سقوطه وكأنها حلم بعيد من مشهد قديم نعم لقد سقط وهو ينزع ملابسه عندها كان يترنح بقوة لابد وأنه قد سقط غائبا عن الوعى بعده
أستدار إليها بجسده كله دفعة واحدة وكأن روحه التى غادرت سقطت فجأة بداخل جسده من جديد وهتف بها
ومقولتيش ليه من ساعتها .. ليه يا مريم
ثم وقف ناهضا وقال بعينين زائغتين مشدوهتين
يعنى ايه يعنى انا مش زانى ... يعنى ... يعنى انا لسه يوسف .. أنا مضعتش من نفسى .. أنا ربنا حصنى وحمانى من الچريمة دى
نهضت لتقف أمامه وقالت ودمعها تنهمر كالشلال وتمد أناملها تمسح الدموع عن وجهه وتقول
وأنا لسه مريم .. أنا كمان لسه مريم يا يوسف .. لسه بعفتى وطهارتى وربنا حمانى وحصنى رغم كل الافترا اللي اتقال عنى
نسي ألمه وجرحه الذى لم يندمل بعد وحملها بين ذراعيه وطاف بها وهو يهتف تارة وېصرخ تارة أخرى ويبكى بضحكات ويضحك بدموع واختلطت دموعه بدمعها وهو مازال يهتف
مش مصدق .. مش مصدق يا مريم.. مش مصدق
أنزلها إلى الأرض فجأة هاتفا بسعادة
بابا .. بابا لازم يعرف
عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت بمكر
وانت فاكر انه لسه مايعرفش .. أنا قلتله وانت فى العمليات .. وهو كمان مكنش مصدق زيك كده
أحتضن وجهها بكفيه بقوة قائلا
ومقولتليش ليه من ساعتها
قالت وهى تنظر لعينيه وتمسك بقبضتيه
كنت عاوزه اربيك شوية
تصدقى بقى ده انا اللى هربيكى
قرأتها فى عينيه فابتعدت وهرولت سريعا إلى غرفتها وأغلقتها من الداخل لحق بها و طرق الباب بقوة هاتفا
أفتحى يا مريم احسنلك
وقفت خلف الباب وقلبها يخفق بشدة هاتفة
مش هفتح
طرقه مرة أخرى صائحا
بقولك افتحى بدل ما اكسر الباب
بقولك مش هفتح مهما عملت .. مش هفتح يعنى مش هفتح
وبعد مرور شهرين وفى يوم الجمعة تحديدا كان موعد اللقاء الأسرى المعتاد حول مائدة الطعام الكبيرة جلس حسين على رأس المائدة كالعادة وهو يقول
أومال يوسف ومريم منزلوش ليه لحد دلوقتى
قالت عفاف بنفاذ صبر
والله زهقت يا
حاج .. بقالى ساعة كل شويه اتصل ويقولوا نازلين ومفيش فايدة
ضحك حسين
ضحكات جعلت الجميع يبتسم ثم قال
وباقى البنات فين .. إيمان وفرحة ووفاء مش كانوا هنا من شوية
تدخل عبد الرحمن قائلا
أصل يا بابا إيمان عملت حركة تمرد عليك وقالت الستات لوحدها والرجالة لوحدها .. طبعا حضرتك عارف انا جاى اهدى النفوس مش أكتر
ضحك والده مرة أخرى وقال
خلاص طالما هى حابة كده والبنات موافقين خاليهم على راحتهم
طرق يوسف ومريم الباب ففتح إيهاب باب المنزل وهو يمسك معدته قائلا
حرام عليكوا موتنا من الجوع
دخل يوسف
وهو يلف كتف مريم بذراعه ويقول
معلش يابنى انا عارف ان اختى مجوعاك .. قدرك ونصيبك بقى
خرجت فرحة قائلة بشغف
أنا سامعة حد بيجيب سيرتى
تلقاها يوسف بذراعين مفتحتين قائلا بمرح
أهلا يا ام العيال وحشانا يا غالية
ضړبت يده وهى تقول هاتفة باعتراض
أم العيال فى عينك .. ده انا لسه يدوب فى الشهور الأولى.. سابقة إيمان بشهر واحد .
نهض عبد الرحمن واقفا وهو يقول باعتراض
لا بقولك أيه.. ولا سابقاها ولا حاجة.. دى الحكاية كلها فرق التوقيت مش أكتر
علت الضحكات بينهم مجددا وقالت مريم
طب ادخل انا بقى للبنات قبل ما حد فيكوا يصطادنى
ربت يوسف على كتفها وقال مشجعا
أدخلى يا حبيبتى بس على مهلك ..
ثم نادها برجاء
الله يخليكى يا مريم كفاية ترجيع بقى.. كده على ما تيجى تولدى مش هنلاقى حاجة جوه أصلا
وأثناء الغذاء ألتفت عبد الرحمن إلى والده قائلا
عمى مجاش النهاردة ليه يا بابا
بيحضروا نفسهم علشان هيسافروا يعرضوا وليد على دكتور بره مصر
ألتفت إليه يوسف قائلا
هوأبتدى يتحرك ولا لسه
تدخل إيهاب قائلا
على كرسى متحرك كده جوى البيت
تمتم يوسف قائلا بعدم اهتمام
ربنا يشفيه
ربت والده على يده قائلا
لا يابنى أدعيله من قلبك إن ربنا يشفيه.. وليد عرف غلطته وندم على اللى عمله وعرف ان اللى هو فيه ده عقاپ من ربنا
تدخلت عفاف قائلة
ومش هو وبس والله يا حاج .. دى فاطمة كمان كأنها اتبدلت لواحدة تانية خالص.. الحزن على ابنها كسرها أوى وخلاها فى دنيا تانية.. ربنا يرفع عنهم ويسامحهم
يوسف
نعم يا حبيبتى
ناولنى البسكوت المملح اللى جانبك ده
مريم.. مكنش حمل ده.. كل شوية بسكوت بسكوت .. أنت حامل فى عيل فى الحضانة ولا أيه
كده يا يوسف .. مش كفاية امبارح زعلتنى ومرضتش تشيلنى
أولدى انت بالسلامة يا حبيبتى وانا اشيلك زى ما انت عايزة.. أصل بصراحة معنديش غير عمود فقرى واحد
قصدك أيه.. أنا تخنت يعنى
لا يا حبيبتى هو انا أجرؤ اقول كده
طب هات البسكوت بقى
بقولك أيه يا
مريم
نعم يا حبيبى
عبد الرحمن كان بيحكيلى على سياحة جديدة كده.. أسمها السياحة الزوجية
يعنى أيه.. الناس بتسافر مجوز
مجوز!
مجوز ايه بس هو انا بكلمك على جوز حمام
طب فهمنى انت
طب تعالى جوه.. الدنيا برد هنا
طب شيلنى
ليه !
علشان تحكيلى جوه على السياحة !
سياحة أيه
السياحة الزوجية اللى عبد الرحمن قالك عليها !
عبد الرحمن مين
أخوك !!
أخويا مين انا ماليش أخوات ... قال شيلنى قااال !